المجموع : 34
وجِّهِ الصرفَ في وجوه الصُّروف
وجِّهِ الصرفَ في وجوه الصُّروف / آلفاً من صباكَ خيرَ أليفِ
إنها دولة الرياحين والرا / حِ ومستقبلُ الزمان الظريف
ما قضى في الربيع حقَّ الفتوّا / تِ مُضيعٌ لحقها في الخريف
نحن فيه على تلقي شتاءٍ / يوجبُ القصفَ أو وداع مصيف
في قميصٍ من الزمان رقيقٍ / ورداءٍ من الهواء خفيف
يُرْعَدُ الماءُ فيه خوفاً إذا ما / لمسته يدُ النسيمِ الضعيف
دَهْرُنا في فواكهٍ وفكاها / تٍ حِسانِ الصُّنوفِ والتصنيف
سَكَنَتْ فَوْرَةُ الهواجرِ عنَّا / وَكُفينا عُنْفَ الزمانِ العنيف
وتحلَّى الفضاء من سُوسَنِ البَ / رِّ بلونٍ من الحليِّ طريف
في ليالٍ نجومُها كالعذارى / يتراءَينَ منْ خلالِ السُّجوف
أيُّهذا الصاحي من الوجد / والناظرُ من غنجه بعين النَّزيف
ما لأقداحِنا كرَجْلٍ حيارى / وأباريقنا كركبٍ وقوف
أَوفِ كاساتنا ألستَ ترى العُو / دَ يلومُ السقاةَ في التطفيف
هذه المنيةُ التي وقف الحس / ن بها عند مُنيَة الملهوف
بِرَكٌ تُرْصَفُ الجواشنُ فيها / وسواقٍ تًسَلُّ سلَّ السيوف
وغصونُ يخفقن فوق رياضٍ / خفقانَ الأعلامِ فوق الصفوف
منظرٌ يحجب النواظرَ عنه / حُجُبٌ من تألُّقٍ ولصيف
ولِشَاهَسْفَرٍ بها مِنْ نداه / نُقَطٌ قُمْنَ في مَقام الشنوف
والمقاصيرُ قد أَنافَتْ ذُراها / في فضاءٍ على الفضاءِ مُنيف
ترجعُ الشمسُ حين تلحظها الشم / سُ بطرفٍ من نورها مطروف
آهلاتٌ من سادةٍ من بني الع / باس غرِّ الوجوه شمِّ الأنوف
من بحورٍ ما أُترعَتْ لنضوبٍ / وبدورٍ ما أُطلِعَت لكسوف
أحمدُ الله كم تحفُّ بيَ الأن / عُمُ في مجلسٍ بهم محفوف
نلتُ ما أبتغي بيُمنِ أبي ت / مامٍ المرتجى لكلِّ مَخوف
أيها السيدُ الشريفُ الذي أَو / فى على كلِّ سيدٍ وشريف
ما كفى إن عجزتُ عن شكر نُعما / ك فأتبعتَها بنعمى نظيف
بغنيٍّ عن التطوُّل والطَّوْ / لِ مليٍّ بالعُرف والمعروف
بسريعٍ إلى الجميل طروبٍ / وبطيءٍ عن القبيح عَزُوف
سابقٍ في تُقاه كلَّ تقيٍّ / فائتٍ في العفاف كلَّ عفيف
إن يُقَلْ مَنظَرٌ فبدرٌ تمام / أو يُقلْ مَخْبَرٌ فليثُ غريف
وجليلُ المكان في العين مأوا / هُ من القلب في المكان اللطيف
عالمٌ منتهى رضاكَ ولم يع / لم به عارفٌ بلا تعريف
حاز في نصحه كهولَ موالي / كَ وما كان حاز سنَّ الوصيف
واستملَّ الآدابَ منك فمن بي / ن تليدٍ أملَلْتَه وطريف
واكتسى الحلمَ والحصافة بل زا / د على رُتَبِه الحليم الحصيف
فَهِمٌ مُفهمٌ يصرِّف بالقو / لِ لساناً مُستعذَبَ التصريف
في محلٍّ من الأمانةِ يُلفى / وحده منه في محلِّ ألوف
واقفٌ الفكر بين أمرك ما م / لّ ولمّا يملَّ طولَ الوقوف
طاعةٌ أَعجَلَتهُ عن أن تراه / سالكَ العزم مَسلَك التسويف
فرعاه الإله فيك وراعا / كَ طويلاً فيه بعين رؤوف
يا لها من معارفِ
يا لها من معارفِ / يا لها من مآلفِ
لو قضينا حقوقها / بالدموع الذوارف
لمحتْ آيَها المدا / معُ مَحْوَ الصَّحائف
لا تَسُمني الوقوف في / بعض تلك المواقف
واجن صفوَ المدام من / ريقِ صافي السوالف
من خفيف الخُطى على / ثِقَلٍ في الروادف
في جنانٍ مزخرفا / تٍ بِحَليِ الزَّخارف
ورياضٍ موشّحا / تٍ بِخُضر المطارف
نُقِّطتْ بالبنفسج ال / أرضُ نَقْطَ المصاحف
ولنا نرجسٌ تَعا / ظمَ عن حدِّ واصف
كعيونٍ نواظرٍ / وعيونٍ طوارف
لو تراهُ يميد مَيْ / دَ الغواني الظرائف
حِرتَ في أصفرٍ على / أبيضٍ منه واقف
مثل أحداق عسجدٍ / في أكف الوصائف
بينَ سروٍ مكلَّلٍ / بالحمام الهواتف
كالجواري إذا لتحف / ن قصارَ الملاحف
وسواقٍ خريرها / كاصطخاب المعازف
أَبدعت نَقشَها أك / ففُّ الرياح الضعائف
رب خرقٍ خرَقتُ والل / سيلُ مُلقى الرفارف
تتمشَّى نعامُهُ / كتمشِّي الأساقف
مُلْقياتٍ من الجوا / نبِ خَمْلَ القطائف
بإمامٍ أمامَ ص / فِّ الرياح العواصف
بِلَعوبِ اليدينِ في ال / سَّير لُعب المُثاقِف
كالمرامي بل كالمَطا / عنِ بل كالمُسايف
لَبِقٌ عند طيِّهِ / بُسْطَ تلك الصَّفاصف
ظلَّ يَطْوي بيَ التنا / ئفَ بعد التنائف
عارفاً من أبي الحسي / نِ مكانَ العوارف
من فتىً عودُهُ مُنا / سبُ عُودِ الخلائف
ملك الجود ماله / من تليد وطارف
فتراه يجود بال / مالِ جُوْدَ المجازِف
ذو إِباءٍ على الأب / يِّ وطوعُ الملاطِف
فهو خوفٌ لآمن / وهو أَمنٌ لخائف
كوكبٌ عير آفلٍ / قمرٌ غير كاسف
أَمِنْكَ البرقُ إذ يسري
أَمِنْكَ البرقُ إذ يسري / وَعِيرُ الليلِ مَوقُوفَهْ
كليلاً مثل ما تَطْر / فُ عينٌ جدُّ مَطْروفه
قلاصاً أَلَّفَتْهُ المز / ن إذ أَزْمَعْنَ تأليفه
سطوراً كسطور الق / لم استوفيتَ تَحْريفَه
كأنْ قضبانُ تبرٍ في / نواحي الجوِّ مَرْصُوفَه
وللمشعوفِ نفسٌ ب / وميضِ البرقِ مَشْعُوفَه
ألا يا عرِّفي للص / بِّ إِن حاولتِ تعريفه
فما أَبْعَدَ صرفي هم / ةً في اللهوِ مصروفه
وكائنْ عَنَّف الدهرُ / فما استَشْعَرْتُ تَعْنيفَه
قدي من دمعكِ المذرو / فِ لا كفكفتِ مَذْرُوفَه
أَإِنْ لاحتْ برأسي غُ / رةٌ للشَّيْبِ معروفَه
كأنْ ما لاح منها قط / نةٌ في الرأسِ مَنْدُوفه
عطفتِ من شباةٍ لم / تكنْ من قبلُ مَعْطُوفَه
وما إِلْف الفتى من شي / مةٍ ليستْ بمألوفَه
وما أَبعدَتِ التوب / ةُ والصَّبوةُ تسويفَه
عذيري مِن مَخُوف العذ / ل لا أَرهَبُ تخويفه
ورعيي غِرَّةَ السِّربِ / يراعي غيدُهُ هيفَهْ
فمهما خفّف الجؤجُ / ؤَ أو حاولَ تَخْفيفَه
تَسَرَّى الزِفُّ عن مكنو / نةٍ بالزِفِّ مَحفوفَه
وساقٍ قد كَفَتهُ حُم / رةُ الكأسِ تطاريفه
حوى التتريف حتى ل / شكا عطفاهُ تَتَريفه
فلاقانا وكفُّ الصب / حِ دونَ الليل مَكفوفه
فخلنا كأسَهُ من ور / دتَيْ خَدَّيه مَقطوفه
وروضٍ أَبدَعَتْ تنمي / قَهُ المُزنُ وتَفويفَه
تدانت فَوقه متأ / قَةُ الأطباءِ مصفوفه
فأضحكنَ الأقاحي عن / ثغورٍ غير مَرشوفه
إذا ألَّفَ شذراً أح / كَم الناظمُ تأليفه
عكفنا منهُ في أوط / فَ فيه الوحشُ مَعكوفه
بخاظٍ يتظنَّى مت / نَهُ الناظرُ زُحْلُوفَه
مُمَرٍّ ترتضي تَحْني / بَهُ العينُ وتجويفَه
إذا استُقْبِلَ هَيْقٌ و / إذا استُعْرِضَ سُرْعُوفَه
يَرَى بالسَّوطِ رَقْشَاءَ / على الأقرابِ مَلْفُوفَه
كخذروفِ الوليد اعت / ورتْ كَفَّاه خُذْرُوفه
ومنّي كلّ ملهوفٍ / على الحُضرِ ومَلهوفه
ترى صورتَه مخلو / سةَ الجُثْمانِ مَخطوفه
كأنْ أُظفورُه في الحُضْ / رِ إذ يَطعنُ غُضروفه
سنانٌ لم يُضِع تذلي / قَهُ القَينُ وتأنيفه
إذا أَنحى على الوحش / فمَجؤوفٌ ومَجؤوفه
لأسرع ما كفانا عَفْ / وُ ذيّالِكَ تَكليفَه
أنا ابن الدهر قد أبلى / بيَ الدهرُ تصاريفه
فما إِن غضَّ من عرضِ / يَ قطميراً ولا فُوقه
إذا أعسَفني في مط / لبٍ سهَّلْتُ تَعسيفه
بمن شَرَّفه اللهُ / فقد أحسنَ تَشريفه
بغيثٍ إِنْ عرى جَدْبٌ / وأمنٍ إن عرت خِيفه
سأستكفي أَباطيلَ / زماني وأَراجِيفَه
واستدفعُ جُهْدي بَخْ / سَهُ حظِّي وتَطْفِيفَه
عليَّ بنَ سليمانَ / كريمَ المجدِ غطريفه
كرعنا منه في أَبحُ / رِ علمٍ غيرِ منزوفه
وطالعنا رياضَ العل / م بالآدابِ محفوفه
وأسرارُ المعاني دو / نها الأستارُ مَكْشُوفَه
وأعباءُ الضلالاتِ / عن الأفهامِ مَقْذُوفَه
به نَاطَتْ عُرى آدا / بها البصرةُ والكوفَه
وَعَنهُ صُنِّفَ العِلْمُ / الذي تَحمدُ تَصْنِيفَه
إلى ما لم أصفْ مِنْ ش / يمٍ بالفضلِ مَوْصُوفَه
مألفٌ موحشٌ من الألاف
مألفٌ موحشٌ من الألاف / هاج عافيه لي جوىً غيرَ عافِ
أَحَرامٌ صَفْوُ الليالي لصبٍّ / ذكَّرَتْهُ الطلولُ عهدَ التصافي
عاد يَمْحُو بعضَ الصَّبابةِ ما بي / ن مغانٍ ممْحُوَّةٍ وأثافي
سحبت فوقها السحابُ ذيولاً / وسَفَتْ تُرْبَها أكفُّ السوافي
أَيُرى شَملُ أَهلِها في افتراقٍ / وَيُرى شملُ أدمعي في ائتلاف
لا وما اهتزَّ من ذُرى أفنانٍ / فوق ما ارتجَّ من نقا أَحقاف
لا صَرَفنا عنهُ التشوقَ أو تؤ / ذنَنا غُربةُ النوى بانصراف
وفلاةٍ كأنما نشر اللي / لُ على ركبها جُناحَيْ غُداف
قست سيرها المطايا بنا شط / رين بين الإرقال والإيجاف
مهدياتٍ حَلْيَ القريض إلى مَن / ألبسته الأيامُ حَلْيَ العفاف
بحرُ جودٍ تضحي البحارُ إذا قي / ست به كالثِّمادِ أو كالنطاف
قُلَّبيُّ الآراءِ يُفرَجُ عن تد / بيره بابُ كلِّ خطبٍ مُجاف
رابطُ الجأش ليس يصبو إلى وص / ل الغزال المخضَّب الأطراف
كلَّ يومٍ يظلُّ للوفرِ منه / وقعةٌ مثلُ وقعةِ الجحَّاف
لو أمال الأقلامَ في فَيْلَقٍ قا / مَتْ مقامَ الأرماحِ والأسياف
مشرباتٍ منها الطروسُ لُعاباً / بين أريٍ وبين سمٍّ ذُعاف
في معانٍ مفصَّلاتٍ بلفظٍ / عَجَزَتْ عنه أَلْسُنُ الوُصّاف
ونظامٍ كأنما اشتقّ منْ نُوْ / رِ رياض مُخْضَرَّةِ الأكناف
قل لِتِربِ النَّدى أبي الحسن العا / رفِ فَضَل الأرفاد والإسعاف
مذ رأيناك بيننا كعبةَ الجو / دِ صَرفنا إليك حجَّ القوافي
قد صَفَتْ لي مشاربُ اللهوِ مذ ألقي / تَ عن منكبيَّ ثقلَ الصوافي
ذدتَ عنيِّ طوارقَ الهمِّ لمّا / حُلْنَ بين الحشا وبين الشِّغاف
منجزاً ما وعدت لا كأناسٍ / أَلْبسوا الوعدَ حُلَّةَ الإخلاف
وأراني شَرُفتُ مذ صيّ / رتُ شعري وقفاً على الأشراف
سَلَفٌ كان فيهمُ من ملوكٍ / ورثوا مُلْكَهم عن الأسلاف
ما عدا أن أناف فضلُهُمُ لم / ا أقرُّوا لفضل عبد مناف
سل بهم إن سألتَ ذا الحَضْرِ إذ سا / ر إليه سابورُ ذو الأكتاف
في حُماةٍ خفَّت بهم أَعوجيا / تٌ تجوبُ الملا بِعوجِ خِفاف
وتميماً إِذ أعطتِ القوسَ كسرى / إِبتغاءً للعدل والإنصاف
وكذاك النعمان ما زال حتى / تركوه زادَ النسور العوافي
وقديماً ما قُطِّعت لبني الأص / فرِ أيدٍ وأرجلٌ من خِلاف
ليَ فيكم خؤولةٌ أوجَبَتْ لي / إِنتياشي بمجدكم واكتنافي
إن شكري إِياكَ شُكرُ بني ضبَّ / ة من ناعل هناك وحافي
هبْ ليَ الآن منك حظاً كحظِّي / من أخيك البَرِّ الودود المصافي
أنتما في السماح والجود شكلا / نِ وليس الأشكالُ بالأخياف
قَلَّ قدرُ الدنيا لديك فما تنف / كُّ بين الإِنفاق والإتلاف
غير أنَّ الإسرافَ يُكرَهُ والإس / رافُ في المجدِ ليس بالإسراف
عليُّ يا مَنْ عُلاهُ فَوْقَ ما أَصِفُ
عليُّ يا مَنْ عُلاهُ فَوْقَ ما أَصِفُ / لا تعتذرْ إِنني بالعُذْرِ مُعتَرِفُ
أنت الذي صِحَّةُ الآدابِ صِحَّتُهُ / فإن تَشَكَّى تشكَّى المجدُ والشَّرف
إذا اشتكيتَ فما الشكوى بضائرةٍ / تأتي فَتُعْقِبُ أَجراً ثم تَنْصَرِف
وأنجمُ الليل ما تنفكُّ يسترُها / سِتْرُ الغمامِ قليلاً ثم تَنْكَشِف
والبدرُ يلمسُهُ كفُّ المحاقِ فلا / يضرُّهُ لَمْسُها والشمسُ تنكف
لله قافِيةٌ أَهْدَيْتَها كلفاً / بودِّ ذي كَلَفٍ ما بَعْدَهُ كَلَف
فائيةٌ صَغُرَتْ في قلْب سامعها / استقبلَ الحيُّ بطنَ البِشْرِ أم عسفوا
أَحْبِبْ بها تُحْفَةً لو لم تكن ضَمِنَتْ / شكوى عواقِبُها للمشتكي تُحَف
قَصَفْتَ ظهري ببيتٍ قلت آخرَه / تكادُ مني قناةُ الظَّهْرِ تَنْقَصِف
بل يرْفُقُ اللهُ بالآمالِ فيك فلا / ينالُها بكَ لا عَسْفٌ ولا عُنُف
ويُنْصِفُ الدهرُ حتى لا تزال تُرى / كالبدر ليلةَ كاد الشهرُ يَنْتَصِف
مجدٌ أبوك أبو إِسحاق أَوَّلُهُ / والمجدُ سيَّانِ فيه الأصْلُ والطَّرَف
تصفو خلائقُ أيامِ الزمان بكم / إذ الخلائقُ فيها التمرُ والحَشَف
ويكتسي الدهرُ من عُجْبٍ بكمْ صَلَفاً / وليس من شأنه عُجْبٌ ولا صَلَف
ماذا أقولُ لمن شخصُ العلى بهمُ / بالحلمِ مؤتزرٌ بالحلمِ مُلْتَحِف
مَن حُبُّ أل رسولِ الله دينُهُمُ / دينٌ به عُرفوا في الناس مذ عُرفوا
وكلُّ وصفٍ جميلٍ ظلَّ مفترقاً / في الناس متَّفِقٌ فيهم ومؤتلف
أبا محمدٍ الماضي إلى أمَدٍ / من المكارم كلٌّ دونه يَقف
إن عُروَتي من بني بُسطامٍ انفصَمت / فأنت لي من بني بُسطامٍ الخَلَف
أَكرم بعمٍّ وخالٍ قمتَ بينهما / كما تقومُ على تَعديلها الألِف
أَهلُ الرياسة بل أهلُ السياسة لم / يخِلطْ سياسَتَهم زَيغٌ ولا جنف
كأن أقلامَهم فيمن يخالِفُهُم / سُمرٌ وبيضٌ خلالَ النَّقع تختلف
بلغتَ أقصى العلى قبل البلوغ لقد / أسرفْتَ حيث لعمري يُحمَد السَّرف
أعتدُّ إحدى وعشرٍ من سنيك مَضت / أدركتَ في الفخر ما لا يُدرِك السلف
أنشأَتَ تنظمُ شعراً لا تزال تعي ال / أسماعُ من درِّه ما لا تعي الصَّدَف
في كلَّ يوم لنا من روضه زَهَرٌ / لكنه زَهَرٌ بالفهم يُقتطَف
إذا تُصُفِّحَ لم نَملُلْ تصفُّحَه / لا كالذي صحَّفتْ ألفاظه الصحف
لله أنت صغيرٌ عقلهُ جَبلٌ / لله أنت صبيّاً حلُمه نَصَف
في كلِّ حبل من الآداب محتطِبٌ / من كل بحر من الآداب تَغترف
فاسلم فليس على شيء سواك إذا / سلمتَ نفديك لا غمٌّ ولا أَسف
وَجْهُ عهدي على الذي كنتَ تَعْرِفْ
وَجْهُ عهدي على الذي كنتَ تَعْرِفْ / غيرُ ما منزوٍ ولا مُتَحرِّفْ
وهواي الذي طُبِعْتُ عليه / كالذي كان لا هوى مُتَكَلف
غيرَ ناسٍ ذاك التآلف بالرّقَّ / ةِ إذ شَمْلُنَا بها مُتألِّف
لم يُغَيِّرْنيَ التنائي ولك / نّ الليالي وصَرْفَها المتصرّف
وُدِّيَ الدهرَ أَمردٌ يا أبا القا / سمِ في حينِ وُدُّ غيريَ مُسْلِف
لستُ استحسن الرِّبا في سوى الو / د فأجزي مِثلاً بمثلٍ وأُضعِف
ولئن كان في كتابي تراخٍ / وتراخي الكتاب بالودِّ مُجحِف
فالتماسُ الجواب ضرب من التث / قيلِ عندي وعادتي أن أُخفِّف
يا أبا القاسم الذي ناظرُ الشو / قَ إليه مُحَدَّدٌ ليس يَطرِف
يا شهابَ الكتّاب أستشهدُ الخل / قَ على ما أَقولُ فيك وأَحلف
أَمنَ الصخر أنت تَنحتُ ألفا / ظَكَ في الكتب أم من البحر تغرف
كُلنا الدرَّ من كلامك نَستخ / رجٌ والزهرَ من كلامك نَقطِف
قد ألفتَ الإسراف في الجود حتى / خلتَ من كان مُسرفاً غيرَ مُسرف
فلذا أنت في الكلام رفيقٌ / فإذا جُدتَ جدت كالمتعجرف
مُتلفٌ مُخلفٌ وما اتصل الأت / لافُ من متلفٍ فليس بمخلِف
الأديبُ اللبيبُ أنت وأنت ال / متأتّي الملاطفُ المتلطِّف
السخيُّ الطباعِ لا المتساخي / والظريفُ النِّجارِ لا المتظرِّف
جارَ دهرٌ نأى بشخصِكَ عنّي / وعسى الدهرُ بعدما جارَ يُنْصِف
وأخي مدركٌ فنفسي التي أح / نو عليها وأَنحني وأرفرف
زار مصراً وهاتفٌ باسمِ مصرٍ / من أقاصي البلادِ باسمكَ يَهْتِف
وهو يرجو الإِسعافَ عندك والعط / فَ وما زلتَ مسعفاً متعطف
وإذا ما أَسعفتَ مستسعِفاً بي / قلتُ أم لم أَقل فإنِّيَ تُسعِف
أنا إِما خَلَفتني فيه بالح / نى ولم أَجْزِ عاجزٌ متخلِّف
وانتظاري لما يؤوبُ به عن / ك انتظارُ المستشرف المتشوِّف
قد جرى الشكرُ قبل أن تجريَ النع / مةُ يا من إليه ذو الشكر يُوجِف
وسبيلي أن لا أُكافئَ بالش / كر على نعمة ولكن أُسلِّف
نزعتَ عن المودة والتصافي
نزعتَ عن المودة والتصافي / ومِلتَ إلى القطيعة والخِلافِ
وأوطأك العَشا ذو الجهل حتى / لكاد يَحُلُّ عقدَ الإئتلاف
أعرضي للذي ترميه ضاحٍ / وعرضُ سوايَ في ذمَمِ الغلاف
فهل أخلَلْتُ بعدكَ بالمعالي / أم استعجمتُ عن نظم القوافي
ثنائي عن عتابِكَ في أمور / حذارُ تعجرُفٍ بك أو تجافي
وكم من صعدةٍ ذاتِ اعوجاجٍ / أقام كعوبها غَمْزُ الثقاف
ولي خُلُقانِ ذا أرْيٌ مَشُورٌ / وذا في هيئة السّمِ الذُّعاف
جديرٌ إن أُجازيَ كل قومٍ / بما اجترموا إِليَّ وأن أُكافي
إليكَ فكم فتىً قد رام ثلبي / فأضحى وهو يَرضى بالكفاف
فلا تجمع إلى الحَلْفاءِ ناراً / فإن النارَ تُسرعُ في الحلافي
بعثتُ إلى دعيِّ عقيلَ هَجْواً / يُشَبّه وَقْعُهُ وَقْعَ الأشافي
فلم تُبْقِ القصائدُ منه إلا / كما أَبْقَتْ من التُّرْبِ السوافي
أبنْ لي كيفَ ينهضُ ذو جناحٍ / وَهَتْ منه القوادمُ والخوافي
علامَ وفيمَ أُصفي الودَّ جهلاً / أُناساً وُدُّهُمْ ليَ غيرُ صافي
وما ضرَّ البحارَ إذا علاها / قذى زَبَدٍ على الحافاتِ طافي
ومن قاس الرؤوس إلى الذُّنَابَى / فقد قاس السيولَ إلى النطاف
متى تكُ ذا انحرافٍ عن وصالي / تَجِدْني عن وصالِكَ ذا انحراف
وَمَنْ هذا الذي يجفو خليلاً / فلا يَلْقَى الخليلَ له بِجَاف
مهما وَصَفتَ فَدَتك النفسُ من حسنٍ
مهما وَصَفتَ فَدَتك النفسُ من حسنٍ / فأنت أولى أبا عمروٍ بما تَصِفُ
يا فيلسوفاً يُقرُّ الفيلسوفُ له / ولابساً شرفاً ما مثلُه شرَف
ما بحرُ بقراطَ إلا غَرفةٌ بيدٍ / من بحركَ الصَّخِبِ التيار يُغتَرف
لا تصرفنَّ إلى الداءِ الدواءَ بلى / أَشِر إليه فإن الداءَ يَنصرف
كم مُدنَفٍ جُلْتَ في أوهامِه فغدا / كأنه ما درى مذ كان ما الدَّنَف
وخائفٍ تلَفاً ما زلتَ توسِعُهُ / نصراً فأمّته من خوفه التلف
أنت امرؤٌ شيمةُ الإنسان شيمتُهُ / لم تعدُهُ تُحَفُ الإحسان والطرف
في كلِّ يوم هدايا منك تُسرفُ في / إِهادئها هكذا يُستحسَن السَّرف
وبعد هذا فقد أَلْبَسْتَني نعماً / فلا تزد قد كفاني ذلك السَّلَف
كتبتُ إِليكَ ما إِنْ أُغبُّهُما
كتبتُ إِليكَ ما إِنْ أُغبُّهُما / من السَّيْرِ العنيفِ
فإن رُمْتَ الجوابَ إِليَّ فاكتبْ / على العنوانِ يُدْفَعُ في الكنيف
أبا يوسفٍ يا أبا يوسفِ
أبا يوسفٍ يا أبا يوسفِ / دعاءَ صديقٍ شفيقٍ وفي
ألست ترى الجوَّ في مُطرَفٍ / من الغيم أَبهى من المطرف
وعينُ السماءِ كعين المَشوقِ / إِن يَدْعُها شوقُها تَذرف
وقد قلتَ هل لكَ في قَرْقَفٍ / وكيف أكونُ بلا قَرْقَفِ
وجوه شقائقٍ تبدو وتَخْفى
وجوه شقائقٍ تبدو وتَخْفى / على قُضُبٍ تميدُ بهنَّ ضَعْفا
تراها كالعذارى مُسبِلاتٍ / عليها من جميمِ النبت سَجفا
تنازعتِ الخدودِ الحمرَ حُسناً / فما إِن أخطأت منهنَّ حرفا
إذا طَلَعتْ أَرَتْكَ السُّرجَ تُذكى / وإن غَرَبتْ أرتك السُّرجَ تطفا
تُخالُ إذا هي اعتدلت قياماً / زجاجاتٍ مُلِئن الخمرَ صِرْفا
إذا ما جمَّشتْها الريحُ أومَتْ / لتقبيل الخدود حياً وظرفا
يُجَنُّ بهنَّ زهرُ الرَّوض عُجباً / إذا ما زهرهُنَّ بهنَّ حَفَّا
فما تألو أقاحيهنَّ ضِحْكاً / وليس يُغضُّ نرجسهنَّ طَرْفا
وما ينفكُّ سُوسنُهنَّ يُصغي / بآذانٍ جَفَت قُرطاً وَشِنْفا
أَبيتُ فما أكفُّ عن التصابي / بهنَّ وكيف يَحسُننُ أن أَكفّا
جاريةٌ شعرُها ملاحِفُها
جاريةٌ شعرُها ملاحِفُها / تعجزُ عن حمله وصائفُها
تنالُ أطرافُهُ إذا سقطت / في المشي ما لم تنلْ مطارفُها
مفترقُ الشَّمْل هاهنا وهنا / قد فَرَّقت شملَه روادفها
للَّيل فجرٌ يَسُرُّ منظرُهُ / وليلُها فجرُهُ سوالفها
خَودٌ لها من شعرها ملاحفُ
خَودٌ لها من شعرها ملاحفُ / كأنه ليلٌ عليها عاكفُ
تقصرُ عن أطرافه المطارف / إذا مَشت ترفعه الروادف
يا لكَ ليلاً فجرُه السوالِف / خَوْدٌ لها من حُسنِها طرائف
فلحظها مُطاعنٌ مُسايف / ولفظُها العيدانُ والمعازف
بدرُ دجىً أَنجمُها الوصائف / لا شكّ أني في هواها تالف
سَكرَتُها في كفِّها
سَكرَتُها في كفِّها / وسكرتي في طرفها
وخدُّها تفاحةٌ / لو سامحتْ بقطفِها
وشعرها منتصرٌ / لخصرها من رِدفها
به أُديلَ نصفُها / في مشيها من نصفها
منْ رأى خِسْفاً
منْ رأى خِسْفاً / بابلياً طَرْفا
كسروياً شكلاً / قيصرياً ظَرفا
خيزراناً عِطْفاً / أرجواناً عِطْفا
لابساً في كفّ / يا فَدَيْنا الكفَّا
خاتماً مسلولاً / كاد سَلاًّ يخفى
في نحولي حذواً / ما عداني حرفا
قلت ماذا يُدْعَى / المحلَّى لُطْفَا
قال هذا يدعى / ضُمَّني لا أُطْفَا
ما حلَّ بي منكَ وَقْتَ مُنْصَرَفي
ما حلَّ بي منكَ وَقْتَ مُنْصَرَفي / ما كنتُ إلا فريسةَ التلفِ
كم قال لي الشوقُ قفْ لتلثمَهُ / فقال خوفُ الرقيبِ لم أَقِف
بسطتُ خطوي كَرْهاً وقد قبَضَتْ / رجلي عن الخطو شِدَّةُ الكَلَف
فكان جسمي في زيِّ منطلِقٍ / وكان قلبي في زيِّ منعطف
أُحِبُّ نحافةَ الرشأ النحيف
أُحِبُّ نحافةَ الرشأ النحيف / وهل يهوى اللطيفَ سوى اللطيفِ
قليلُ المسكِ أكثرُ من كثيرٍ / من الطيبِ انقياداً في الأنوف
كذاك نحولُ جسمِ الراح مما / يُزَيِّنها إلى قلبِ الظريف
أتُنْكِرُ أنَّ الهلالَ يخافُ يوماً / كخوفِ البدرِ من قُبْحِ الكسوف
وَوَصْفُهمُ لِغُصنِ البانِ ممّا / يدلُّ على السمين أم القضيف
إليك فَعُظْمُ جِرْمَ البَمِّ جاءت / فضيلته أم الزيرِ الرهيف
إذا كان الأليفُ كذا دقيقاً / رشيقاً كان ريحانَ الأليف
ينوبُ عن النديم وإن أردنا / وصيفاً قام نابَ عن الوصيف
وما أَرَبُ الخفيفِ الرُّوحِ إلا / خفيفُ الروحِ ذو جسمٍ خفيف
يُميلُهُمَا العناقُ إذا استكانا / له مَيْلَ النزيف إلى النزيف
للسبت عندي يُدٌ سأشكرُها
للسبت عندي يُدٌ سأشكرُها / شُكْرَ مقرٍّ له ومعترفِ
اصطدتُ ظبيَ الفلاة في طَرفٍ / منه وظبيَ الأنيسِ في طرف
قَلَّدَني الفألُ إذ ظفرتُ بداً / بأنَّ هذا منِّي على شَرَف
عاديتُ ذا أوّلاً ورحتُ إلى / هذا أخيراً في وقتِ منصرفي
وكان ما بين ذين من تُحَف ال / قَصْفِ كما أَشتهي من التُّحَف
يا طيبَ حمّامنا وخَلْوَته
يا طيبَ حمّامنا وخَلْوَته / لي ولضيفٍ أفديه من ضيفِ
بدا بوجهِ المرآة حين بدا / ثُمَّتَ أبدى مجَرَّد السيف
تحيفُ في مَشيِه أَسافلُهُ / على أعاليه أيَّما حَيف
وددتُ أن الحمام لي وطنٌ / مُدَّة عمر الشتاءِ والصيف
هذا بلا مأثمٍ أُحاذرُهُ / أيْ والصفا والحجون والخيف
ما زارَ إِلا مثلَ زَوْره طيفه
ما زارَ إِلا مثلَ زَوْره طيفه / عجلاً يخافُ مُحبَّهُ مِنْ خوْفِهِ
رَخُصَتْ لعلَّ وسوف منه وإِنما / رَخُصَ الأسى بلعلِّه وبِسَوْفِه
حَرَمُ الجمالِ بوجهه الحَرَم الذي / يسري الحجيجُ إلى مِناهُ وخَيْفِه
مُتَقلِّدٌ سَيْفاً متى عايَنْتَهُ / فجفونُ عَيْنَيْهِ حمائلُ سيفِه
يا ذا الذي أضحى فؤادي ضَيْفَهُ / ما عُذْرُ من لم يرْعَ حُرْمَة ضيْفِه
هل حظُّ خدِّك من ربيعِ زمانِنا / إِلا كَحظِّ قلوبنا من صيفه
كم قائلٍ ودمي يُدافُ بأدمعي / لمَّا رأى وَلَعَ الجفونِ بدَوْفِه
أَبَكى على عَدْلِ الحبيب إذا انقضى / أسفاً عليه أمْ بكى مِنْ حَيْفِه