القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 7
هلّم نبكِ النهى والعلم والشرفا
هلّم نبكِ النهى والعلم والشرفا / فقد قضى من بهذا كان متّصفا
هلّم نبك الذي كانت شمائله / كمثل قطر الغوادي رقّةً وصفا
هلّم نبك امرأً لم يغلُ واصفه / بالخير إلا رآه فوق ما وصفا
عطا الخطيب الذي آل الخطيب به / فتّت مصيبتهم أكبادنا أسفا
نبكي لمبكاهم حزناً بحيث نرى / بدر التّمام بأعلى أفقهم خسفا
قد فاجأته المنايا وهو معتدل / كالرمح دقّ على الصفواء فانقصفا
قامت بحسّاده الأطماع هائجةً / لمّا رأوه مجدّاً يطلب الترفا
فمارضوه بسيل من مكايدهم / قد سال فاكتسح الآمال واجترفا
وعرقلوا بدعاويهم مساعيه / ومدّدوا من دواهيهم له كففا
فظلّ يرسف في مسعاه مرتطماً / فيما يكيدون حتى خالط التلفا
كانوا يمدّون سيل الكيد مندفقاً / وكان يبني له من سعيه رصفا
حتى قضى راسباً في مكرهم غرقاً / إذ عطّل الموت منه الكفّ والكتفا
وبعدما قتلوه هكذا علموا / بأنهم قد أصابوا المجد والشرفا
والمرء تظهر بعد الموت قيمته / كمغرق اليمّ بعد الانتفاخ طفا
لو عجّل الله للحسّاد لعنته / لكان أسقط منها فوقهم كسفا
لكن يؤخرها عنهم إلى أجل / يخزي به كلّ من قد جار واعتسفا
هم جاوزوا العدل والأنصاف في رجلٍ / ما كان قطّ عن الأنصاف منحرفا
فتىّ رزئناه بالأخطار مضطلعاً / بالمجد مشتملاً بالفضل ملتحفا
لما رمى عن قسّي الرأي مجتهداً / لم يتخذ غير أسباب العلا هدفا
ما شبّ إلاّ على التقوى وكان له / قلب سليم بحبّ الخير قد شغفا
مهذّب الطبع عفّ النفس ذو خلق / قد شابه الورد مشموماً ومقتطفا
إذا تصّورت في يوم خلائقه / فقد تصوّرت منها روضة أنفا
وإن نظرت بإمعان مساعيه / فقد نظرت بعيني رأسك الشرفا
بيناه يدرك من دنياه زهرتها / إذ جاءه الموت يمشي نحوه الخطفى
أعظم به طود مجد طال طائله / فكيف في ساعة بالموت فد نسفا
قد شرّفت بقعة الجيليّ حفرته / كما ضريح علي شرّف النجفا
أدب العلم وعلم الأدب
أدب العلم وعلم الأدب / شرف النفس ونفس الشرف
بهما يبلغ أعلى الرتب / كل رام منهما في هدف
أيها السابح في بحر الفنون / غائصاً في لُجّها الملتطِم
أنت واللَّه على رغم المنون / ذو وجود قاتل للعَدَم
قرنك الحاضر من أرقى القرون / خضع السيف به للقلم
فإذا شئت بلوغ الأرَب / فأغترف من بحره وأرتشف
فالمعالي أودعت في الكتب / كاللآلي أودعت في الصَدَف
أنت يا جاهل من قبل الممات / ميّت يمرح ما بين البُيوت
أوَ ما تعلم في هذي الحياة / أن رب العلم حيٌّ لا يموت
إذ قضى للعلم ربُّ الكائنات / بالعلا فهو زمام الملكوت
وعلى الجهل قضى بالعَطَب / فهو في الناس دليل التَلَف
فأفتكر أن شئت علم السبب / هل يكون النور مثلَ السَدَف
يا رعى الله زماناً لو يدوم / كان للدهر كأيام الصبا
أشرقت فيه من العلم نُجوم / ظنّ كل الناسِ أن لن تغرُبا
زمن قد ضحكت فيه العلوم / ونراها اليوم تبكي العَربَا
حيث منهم فَقَدَت خير أب / وأغتذت من يُتمها في شَظَف
يا عهود العلم ما شئت اندُبي / يا عيون المجد ما شئت اذرفي
هل أتاك الدهر فيما قد أتى / بحديث العُرب في الأندلس
حيث بالعزم أماطوا العَنَتا / وبنور العلم ليل الهَوَس
فأسألَنّ الغرب عمّا ثَبَتا / في ربوعٍ خَلَّفوها دُرُس
هل ترى ثَمّة من لم يُجِب / عن معاليهم ولم يعترف
آه لو يرجع ماضي الحُقُب / آه لو عاد زمان الشرف
سل رُبا بغداد عما قد مضى / لبني العباس في تلك الديار
وأسألنّ الشام عمّا قد أضا / للمُعاويّين فيها من فَخار
كم ترى للمجد سيفاً مُنْتضى / كم ترى للعلم فيها من مَنار
عجبي يا قوم كلَّ العجب / هذه الآثارَ لِمْ لا نقتفي
آهِ من رقدتنا وأحَرَبي / آهِ من من غفلتنا وا أسفي
يا أباةَ الضَيم من عُليا نِزار / أين منكم ذهبت تلك الطباع
كنتمُ كالسيف مشحوذ الغرار / والذي حلَّ حماكم لن يراع
كم إلى العلم أقمتم من مَنار / بعقول هي أسَنى من شُعاع
قَطفت أبواعكم عن كَثَب / كل مجد شاهق المُقتطَف
تلك واللَّه مزايا العرب / أورثوها خَلَفاً عن سَلَف
أنت يا شمس على كرّ السنين / قد تَقَلّبتِ طلوعاً في الورى
حدّثينا بحديث الأوّلين / فلقد شاهدت تلك الأعصرا
أفكانوا مثلَنا مختلفين / لا يغيثون إذا خطب عرا
أننا يا شمس في مُضطَرَب / قد ألِفْناه فلم نأتلف
أن بقينا هكذا فأحتجبي / عن بني الغبراء أو فانكسفي
يا بني يعرُب ما هذا المنام / أو ما أسفر صبح النُوَّم
أين من كان بكم يرعى الذِمام / ويُلّبي دعوة المُهْتَضَم
أفلا يَلذَعكم مني الملام / فلقد ألُفِظ جمراً من فمي
خارجاً في نَفَسِ كاللهب / مُحرقاً مهجة قلبي الدَنِفِ
أنا لولا فيض دمعي السَكِب / لتَحرّقت بنار الأسف
يا شباب القوم لولاكم لما / ساغ لي العذب وما أن لذّ لي
أنني أُبصر منكم أنجُما / لامعاتٍ في ظلام الأمل
فأصبروا اليوم على حرّ الظما / كي تنالوا الرِيّ في المستقبل
وأتعبوا اليوم فعُقبي التعب / راحةٌ مُشبَعة بالتَرَف
لتَقُونا أسوأ المنقلَب / إذ بناء القوم هاري الجُرُف
يا شباب القوم هُبّوا للبِراز / فبِكم يَبسم ثغر الوطن
وأرفُلوا أما بثوب الاعتزاز / أو بثوبٍ هو ثوب الكفن
وأعدّوا العلم لا السيف الجُراز / أنه عُدّة هذا الزمن
بسواه العزّ لم يُكتسَب / وهو المُنصف للمنتَصِف
أنه واللَّه لا عن كذِب / شرف النفس ونفس الشرف
سقَتنا المعالي من سُلافتها صِرفا
سقَتنا المعالي من سُلافتها صِرفا / وغَنَت لنا الدنيا تُهنّئنا عزفا
وزَفّت لنا الدستور أحرارُ جيشنا / فأهلاً بما زفّت وشكراً لمن زقّا
فأصبح هذا الشعب للسيف شاكراً / وقد كان قبل اليوم لا يشكر السيفا
ورُحنا نَشاوىَ العِزّ يَهتف بعضنا / ببعضٍ هتافاً يُصعِق الظلم والحَيْفا
ولاحت لنا حريّةُ العيش عندما / أماطت لنا الأحرار عن وجهها السَجْفا
أتت عاطلاً لا يعرف الحلي جيدُها / ولا كَحَلت عيناً ولا خَضَبت كفّا
فجاءت بمطبوع من الحُسن قد قضى / على الشعر أن لا يستطيع له وصفا
فلم نَرضَ غير العلم تاجاً لرأسها / ولا غير شَنْف العدل في أذنها شَنفا
ولم نكْسُها إلا من العُرف حُلّة / وهل يكتسي الديباج من يكتسى العرفا
نشرنا لها من لفيف اشتياقنا / ونحن إناس نُحس النشر واللفّا
حَللنا الحُبا لما أتتنا كرامة / وقمنا على الأقدام صفّا لها صفا
عَقَدنا لها عقد الوَلاء تعشُّقاً / فكنّا لها إِلفاً وكانت لنا الفا
رَفَعنا لواء النّصر يهفو أمامها / ورحنا على صرف الزمان لها حِلْفا
فلم تَرَ غير الرفق فينا سجيّة / وإن كان بعض القوم أبدى لها عنُفا
تَحَّمل أعباء الصدارة كامل / فَناءَ به ما لم يَخِفّ وما خَفّا
طَوى كَشحه منها على غير لُطفها / وأظهر من وجه الخداع بها اللطفا
نَحا أن يَتِمّ الدَست فيها لحزبه / علينا وظن الأمر فيما نحا يَخْفى
وقد فاته أنّا أولو ألْمَعِيّة / بها نخطُف الأسرار من قلبه خطفا
وأنا نرى من قد تأبّط شَره / بعين تَقُدّ الإبط أو تَخلع الكَتْفا
لنا فِطنةٌ نّرمى الزمان بنورها / فيبدو حجاب الغيب منه وقد شَفّا
رمانا بشَزر اللحظ مُزْوَرّ طرفه / فصحنا به أن غُضّ يا كامل الطرفا
فما نحن بعد اليوم مهما تنوّعت / عناصرنا من أمةٍ تَحمل الخَسفا
مددنا إلى كفّ الإخاء أكُفّنا / نصافحه شوقاً فمدّ لنا الكفّا
فطاب لنا منه العِناق وضمَّنا / إليه فقّبلناه من عينه ألفا
أذُلاً وهذا العزّ صرّح سابغاً / علينا إِذن فالعز أن نُدرك الحَتفا
إِذا نحن قُمنا محنَقين رأيتنا / نَدُكّ جبال الظلم نَنسفها نسفا
ونحن إِذا ما الحرب أفنت جِيادنا / قتالاً ركبنا الموت في حربنا طِرفا
تَرَبع في صدر الوزارة كامل / فخَطّ من النُقصان في وجهها حرفا
وأنحى عليها بالجَفاء مشِّتتاً / نجاحاً بركنَيْها الركينين ملتفا
لقد أغضب الدستور فِعلاً ونِيَّة / ومن أعلنوا الدستور والشعب والصحفا
قد استَوْ ضحوه الأمر والأمر واضح / فأعياه إيضاح الحقيقة فاستعفى
ولم يَطُلبِ الإمهال إِلاّ لأّنه / رأى عذره إِن لم يُطل سبكه زيفا
كذلك مَن صاغ الكلام مُلَفَّقاً / تمّهل حِيناً يُكثِر الخَطّ والحذفا
ومن قال حقاً قاله عن بديهة / ويحتاج للتفكير مّن مّوَّه الخُلفا
فيا أيها الصدر الجديد اتَّعِظ به / فإيّاك تَطْغَى وأن تَثنيَ العطفا
ويا مجلس النواب سر غير عاثر / إلى المجد لا تلقى كلاّلا ولا ضَعفا
ودَع عنك مذموم التجافي فإنما / لغير التجافي اختارك الشعب واستصفى
ألم تَرَ أرجاء البلاد مَحُولة / من العلم فاستمطر لها الدَيم الوطفا
بلاد جفاها الأمن فهي مريضة / فحقق لها من طب رأيك أن تشفى
فإنّ لأهليها عليك لذِمّةً / ومثلك من راعى الذمام ومّن وفّى
وما أنت إلا أمة قد تقدّمت / أماماً وقد خلّت تقهقُرها خلفا
ولا تنسَ مُغبَّر العراق وأهله / فإن البلاء الجمّ من حوله احتفّا
فدجلة أمست مالدُجيل شحيحةً / فلا أنبتت زرعاً ولا أشبعت ظِلفا
وإن الفرات العَذب مُرنقاً / به الماء يجفو أو به الماء قد جَفا
سل الحِلة الفيحاء عنه فإنها / حَكَت شهداء الطف إذ نزلوا الطفا
فيا ويل قوم في العراق قد انطَوَوْا / على الذُل إذ أمست قلوبهم غُلفْا
ولم يذكروا مجداً لهم كان صارباً / رِواقاً على هام الكواكب قد أوفى
وكانوا به شُمّ العَرانين فاغتدَوْا / يُقاسون أهوالاً به تَجْدع الأنفا
يُرَجّوُن من أهل القبور رجاءهم / ومن يحمل الدبوس أو يضرب الدنا
متى نرجو لغُمتّنا انكسَافاً
متى نرجو لغُمتّنا انكسَافاً / وقد أمسى الشقاق لنا مَطافا
ملأنا الجوّ بالجدل اصطخاباً / وكنّا قبلُ نملؤه هُتافاً
وما زلنا نَهيم بكلّ وادٍ / من الأقوال نُرسلها جُزافا
ونُرجف في البلاد بكل رُعبٍ / يهُزّ فرائص الأمن ارتجافا
ونتّهم الحكومة باعتسافٍ / ونحن أشدّ ظلماً واعتسافا
وكم من ناعب في القوم يدعو / بوَشك البين تحسبه الغدافا
تباكينا على الوطن اختداعاً / فأنبتنا بأدمعنا الخلافا
أجاعتنا المطامع فاختلفنا / لنملأ في موائدنا الصِحافا
ولكنّا من الوطن المُفدى / نَخيط على مطامعنا غلافا
أرى أنف الحوادث مشمخرّاً / غداً يتشمّم الحدث الجُرافا
ويُوشِك أن يُمزّق منخرَيه / عطاس يملأ الدنيا رُعافا
فهل لوزارة الغازي اقتدار / تردّ به الهزاهز والنِقافا
أقول ولو يَسوء القومَ قولي / بياناً للحقيقة واعترافا
قد اختلف البريّة واختلفنا / فكنّا نحن أسوأها اختلافا
فلا تغُررك أحزاب شداد / بأنّ لهم أقاويلاً لِطافا
فإن بواطن القوم احتراص / وإن أبدت ظواهرهم عَفافا
وما اختلفوا لمصلحة ولكن / ليأكل أقوياؤهم الضعافا
هو الدينار مُنية كل راج / وبغية كل من دَأب احترافا
نحِجّ لأجله بيت المخازي / ونكثر حول كعبته الطوافا
ترى كل الأنام به سُكارى / وغيرَ هواه ما ارتشفوا سلافا
فحبّ سواه في الأفواه جارٍ / ولكن حبّه بلغ الشغافا
هو الحرب التي زحفت إليها / كتائب كل من طلب الزحافا
وكم قد رَنّ في أمل مُخاف / فأمن صوته الأمل المُخافا
إذا خطب الوضيعُ به المعالي / أقام له بنو الشرف الزِفافا
أرى الأحزاب من طمع وحِرص / قد اخترقوا إلى الفتن السجافا
يُجانف بعضهم في الرأي بعضاً / وبئس الرأي ما التزم الجنافا
لئن خطَأت من راموا اتحاداً / فما صَوّبت من راموا ائتلافا
فإن مشارب العُدوان منها / كلا الحزبين يرتشف ارتشافا
وهم كأُولي الديانة كل حزب / يراه أحقّ بالحق اتصافا
وماذا نفع أقوال سِمان / إذا أفعالهم كانت عِجافا
وأنّى يُصلح الأوطان قوم / بها أشتى تدابُرهم وصافا
فكُن منهم على طرف بعيداً / وحاذر أن تكون لهم مُضافا
فهم كالبحر يهلك راكبوه / ويسلم منه من لزم الضفافا
أرى الأتراك في دار الخلافه
أرى الأتراك في دار الخلافه / تمادَوا في الخصومة والسخافه
غَدْوا يتطاعنون بكل هُجر / من القول المخالف الصحافه
فما عمِلت رماح الخَط فيهم / كما عملته أقلام الصحافه
ترى كلاً تهيّأ للترامي / وشمّر عن سواعده لحِافه
وأترع كفّه حَمَأ نَتيناً / ليلطخ وجه من يُبدي خلافه
تراهم مُزبدين لهم شُدوق / كشِدقّيْ حالبٍ النُشافه
لهم صخب كعربدة السكارى / وقد شِربوا المطامع كالسُلافه
على حين العدوّ بهم محيط / يُذيقهم المَذَلّة والمَخافه
سفينة ملكهم فيها خُروق / وهم لا يُحسِنون لها القِلافه
وقد وقفت بُدر دُورٍ شديد / ولم تأمن من الموج انقذافه
وليس لها هنالك من عريف / يُقَوّمها بسُكّان العَرافه
عجبت لهم إذِ اختلفوا بمُلك / يكون الاختلاف عليه آفه
كأنّي إِذ أراهم في احتراب / بمُلك يطلب الغرب انتسافه
أرى كَبشَين ينتطحان جهلاً / لدى الجزار في دار الضيافه
خصام يضحك السُفهاءُ منه / ويبكي منه أرباب الحَصافه
وإن تدابُر الأقوام شيءٌ / يؤول إلى الندامة والأسافه
أنا بالحكومة والسياسة أعرف
أنا بالحكومة والسياسة أعرف / أأُلام في تفنيدها وأعنَّف
سأقول فيها ما أقول ولم أخف / من أن يقولوا شاعر متطرِّف
هذي حكومتنا وكل شُموخها / كَذِب وكل صنيعها متكلَّف
غُشَّت مظاهرها ومُوِّه وجهها / فجميع ما فيها بهارج زُيَّف
وجهان فيها باطن متستِّر / للأجنبيّ وظاهر متكشِّف
والباطن المستور فيه تحكّم / والظاهر المكشوف فيه تصلُّف
عَلَم ودستور ومجلس أمة / كل عن المعنى الصحيح محرف
أسماء ليس لنا سوى ألفاظها / أما معانيها فليست تعرف
مَن يقرأ الدستور يعلمْ أنه / وَفقاً لصكّ الانتداب مصنَّف
من ينظرِ العَلم المرفوف يلقَه / في عزّ غير بني البلاد يرفرف
من يأتِ مجلسنا يصدّق أنه / لمُراد غير الناخبين مؤلَّف
من يأتِ مُطّرَد الوزارة يُلفِها / بقيود أهل الاستشارة ترسف
أفهكذا تبقى الحكومة عندنا / كلماً تموَّه للورى وتُزخرَف
كثرت دوائرها وقلّ فَعالها / كالطبل يكبُر وهو خال أجوف
كم ساءنا منها ومن وزرائها / عمل بمنفعة المواطن مُجحِف
تشكو البلاد سياسة مالية / تجتاح أموال البلاد وتُتلف
تُجبى ضرائبها الثقال وإنما / في غير مصلحة الرعيّة تُصرف
حكمت مُشدِّدة علينا حكمها / أما على الدخلاء فهي تخفِّف
يا قوم خَلُّوا الفاشية إنها / في السائسين فظاظة وتعجرُف
للإنكَليز مطامع ببلادكم / لا تنتهي إلاّ بأن تتبلشفُوا
بالله يا وزراءنا ما بالكم / إن نحن جادلناكم لم تُنصِفوا
وكأنّ واحدكم لفَرط غروره / ثمِل تَميل بجانبَيْه القرقَف
أفتقنعون من الحكومة باسمها / ويفوتكم في الأمر أن تتصرّفوا
هذي كراسيّ الوزارة تحتكم / كادت لفرط حيائها تتقصَّف
أنتم عليها والأجانب فوقكم / كلّ بسلطته عليكم مُشرِف
أيُعَدّ فخراً للوزير جلوسه / فَرِحاً على الكرسيّ وهو مُكتَّف
إن دام هذا في البلاد فإنه / بدوامه لسيوفنا مُسترعِف
لا بدّ من يوم يطول عليكم / فيه الحساب كما يطول المَوْقف
فهُنالِكم لم يُغنِ شيئاً عنكم / لُسُنٌ تقول ولا عيون تذرف
الشعب في جزع فلا تستعبدوا / يوماً تثور به الجيوش وتزحف
وإذا دعا داعي البلاد إلى الوغى / أتظنّ أن هناك مَن يتخلَّف
أيذِلّ قوم ناهضون وعندهم / شرف يعزّز جانبَيه لمُرهف
كم من نواصٍ للعدى سنجُزّها / ولحىً بأيدي الثائرين ستنتف
إن لم نضاحك بالسيوف خصومنا / فالمجد من أبناء والعُلا تتأفّف
زر ردهة التأريخ إن فناءها / للمجد من أبناء يعرب متحف
قد كان للعرب الأكارم دولة / من بأسها الدول العظيمة ترجُف
عاش الأديب منعَّماً في ظلّها / والعالم النِحرير والمتّفلسف
أيام كان المسلمون من الورى / في ظلّها لهم المحل الأشرف
ثم انقضى عهد العروبة مذ غدا / عنها الزمان بسعده يتحرَّق
حتى تقلَّص بعد من سلطانها / ظلّ بأقصى المشؤقَين مُوَرَّق
وغدت ممالكها الكبيرة كلها / لسهام كل دويلة تَسْتَهْدف
فبنو العروبة أصبحوا في حالة / منها العروبة لا أبا لك تأنف
والمسلمون بحالة من أجلها / تالله ضجّ بما حواه المُصحف
للمسلمين على نزورة وفرهم
للمسلمين على نزورة وفرهم / كنز يفيض غنى من الأوقاف
كنز لو استشفوا به من دائهم / لتوجّروا منه الدواء الشافي
ولو ابتغوا للنشئ فيه ثقافة / لتثقفوا منه بخير ثقاف
ولو ارتقوا بجناحه في عصرهم / لأطارهم بقوادم وخوافي
لكنّهم قد أهملوه وأعملوا / في جانبيه عوامل الاتلاف
فإذا نظرت رأيت ثمة أرضه / تجري الرياح بها وهنّ سوافي
قد تابعوا الموتى عليه وما وقَوا / أهل الحياة به من الأحجاف
وقفوا به عند الشروط لواقف / وتغافلوا عن حكمة الإيقاف
تركوا له في العصر نفعاً ظاهراً / وتعاملوا فيه بنفع خافي
لم يستجدّوا فيه شيئاً واكتفَوا / في كل حال منه بالسفساف
غرسوه غرساً مثمراً لكن جرت / غير الزمان فعاد كالصفاف
قل للذين تقيّدوا بشروطه / ماذا التوقف عند رسم عافي
أنريد أن يقفو الزمان أمورنا / وأمورنا هي للزمان قوافي
هل بين شرط الواقفين وكل ما / نفع العموم تناقض وتنافي
الأرض مسجدنا ففيم مساجد / أمست تعدّ اليوم بالآلاف
كان الصلاة بمسجد وبغيره / في الحكم واحدة لدى الأسلاف
هلاّ جعلن مدارساً فيّاضة / من كل علم بالزلال الصافي
ينتابها أبناؤكم كي يأخذوا / من كل فن بالنصيب الوافي
فيفيض فيض العلم حتى يرتوي / منه بنو الأمصار والأرياف
إن لم يكن شرف البلاد محصّناً / بالعلم كان مهدّد الأطراف
وإذا النفوس تسافلت من جهلها / لم يعلها شمم من الآناف
هذي لخزانة أنشئت فبناؤها / للأمر فيه تدارك وتلافي
أيظنّ ذو عقل بأنّ بناءها / شيء لشرط الواقفين منافي
تاللّه ليس بمنكر تشييدها / إلا امرؤ خال من الانصاف
أحّيوا بها عصر العلوم لدولة / خلفاؤها من آل عبد مناف
عصر الرشيد أبي الخلائف إذ غدت / بغداد رافلةً بمجد ضافي
في عهد فيصلنا المعظّم انشئت / علماً يشير لأشرف الأهداف
فإذا هتفت بحمده وبشكره / ردّ الصدى بنيانها لهتافي
ناديت طلاب العلوم مؤرخاً / حجّوا بناء خزانة الأوقاف

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025