المجموع : 17
يا دهر ما أَقساك مِن مُتَلَوّنٍ
يا دهر ما أَقساك مِن مُتَلَوّنٍ / في حالَتَيك وما أَقلَّك مُنْصِفا
أتروح للنِّكْسِ الجهولِ مُسَاعِداً / وعلى اللّبيب الحُرِّ سَيْفاً مُرْهَفا
وإذا صَفوْتَ كَدِرت شيمةَ باخِلٍ / وإذا وفَيتَ نَقَضْتَ أَسباب الوفا
لا أرتضيك ولو صَفَوْتَ لأنِني / أَدرِي بأَنك لا تدوم على الصّفا
زمن إذا أَعطى استرَّ عطاءَه / وإذا استقام بَدَا لَهُ فَتَحرّفا
ما قام خَيْرُك يا زمانُ بشَرِّه / أَوْلَى بنا ما قلّ منك وما كفى
يا غزالاً إذا شَكَوْ
يا غزالاً إذا شَكَوْ / تُ إليه تَصَلّفا
وإذا رُمْتُ وصلَه / صَدَّ عنّي وسَوَّفا
وهو من بَعْدِ ذا يَسُلْ / لُ بعَيْنيه مُرْهفا
ليته جاد لِي الغَدا / ةَ بوعدٍ وأَخْلَفا
ما محا الذنبَ عن ذوي الاقترافِ
ما محا الذنبَ عن ذوي الاقترافِ / قَطُّ كالاعتذار والاِعترافِ
قد قبِلْنا اعتذارَك المحضَ لمّا / جِئْتَ مُسْتَجْدِياً لعَفْوٍ معافِ
وصَفَحْنا عن زَلَّةٍ لم تكنْ مِن / كَ مُراداً ولا أَتَت عن خِلافِ
إن عِلمِي بمحض وُدِّك مُغْنٍ / لك عِندي عن اعتِذارك كافِ
غَيرَ أَن اللبِيبَ من لم يَنَمْ عن / شُبُهاتِ الأُمورِ والاختلاف
حُكْمُ من قَدَّم النباهةَ أن يَغْ / دو برأْيٍ جَزْلٍ وفِكرٍ صافِ
لو أتى الذنْبُ منك في غيرِ سهوٍ / لقبِلنا الإنصاف والانتصافِ
قد علمنا بأنّك المخلِصُ الحا / فظ لِلغيبِ والولِيُّ المصافي
لك عندي فقَرَّ عينا من المُكْ / نَة ما لا تُحْصِيه مِنّي القوافي
ليس نصرِي لك الغداةَ بِنَاءٍ / عنك منّي ولا حِفاظِي بعافِ
كم سَقَينا عِداك عِنْدَ الإمام ال / عَدْلِ إذ فَنَّدُوا بِسُمّ ذعافِ
وكَسَوْنا رِيشاً جناحَيْك لمّا / عِريا مِن قوادمٍ وخوافِ
وأَنا في الجميلِ عنك لنفسِي / شاكرٌ حامدٌ وجازٍ مُكافِ
إنّني ناظرٌ إليك بعَيْنَيْ / مَنْ صَفَا وُدُّهُ صفاءَ السُّلافِ
ومُراعٍ لحُسْنِ حالك حتّى / لا أرى غَرْسَها سريعَ الجفافِ
يا رَبّ إن واخذته بتَلهُّفي
يا رَبّ إن واخذته بتَلهُّفي / وأَدَلْتَ مِنه للمشوقِ المُدْنَفِ
رَقَّتْ له النفسُ التي قَطَع الأسى / أنفاسَها فِيه ولم يَتَعطّفِ
يا ربّ سلِّمه ومُنَّ بِرَدِّه / واغْفِرْ له عقْبَى يمينِ المُصْحَف
إني لأعذِره وإِن لم يُبْقِ لي / صَبْراً وأُنْصِفُه وإنْ لَمْ يُنْصِفِ
وساقٍ يُدير إلْفهِ
وساقٍ يُدير إلْفهِ / لهِيباً من النار في كفّهِ
عُقاراً كخدَّيْه مُحْمَرُّها / وإسكارُها كَظُبا طَرْفِهِ
تَحَمَّلْتُ من حُبِّه فَوْقَ ما / تَحَمَّل خَصْراهُ من رِدْفِهِ
وصَيَّرْت نَقلي على كأسِه / شفاءَ شِفاهيَ مِن رَشْفهِ
بَعَثْتُها مِن صِرْف راحٍ قَرْقَف
بَعَثْتُها مِن صِرْف راحٍ قَرْقَف / كأَنها ياقوتَةٌ في شَنَفِ
أو أَرَجٌ في قَدَحٍ مُسْتَطْرف / يَحْلِفُ مَنْ يَشربها بالمصحف
بأنها لو لم تَفُح لم تُعْرف /
وَرَوْضَةٍ أُنُفٍ جاد الغمام لها
وَرَوْضَةٍ أُنُفٍ جاد الغمام لها / بدمعِه فكساها حُلَّةَ التَّرَفِ
يَحُفُّها باِقلاءٌ نَبْتُها خَضِلٌ / شهِيَّةُ المُجْتَنى مَعْشُوقة الهيفِ
تحكي قدودَ العذارَى البيض جاذَبها / أردافُها فانثنت من شِدة الصلفِ
باكَرْتُها بِنَدَامَى كلّهمْ فَهِمٌ / تراضَعوا دِرَّةَ الآدابِ والطُّرف
كأنّ ألفاظَهم ما بينهم تحفٌ / غريبةُ الحسن أو أحلى من التحف
أمّا الصباح فقد بدت راياته
أمّا الصباح فقد بدت راياته / بيضاً وقد هُزِمَ الظّلام الأكلف
فاخلِط صباحَك بالصَّبُحِ فإنه / أَنْفَى لمُنْتَاب الهمومِ وأتلفِ
أَو ما ترى شمسَ النهار ودونَها / من مُسْتَهِلِّ الغَيم سِتْرٌ مُسْجَف
ينجاب عنها تارةً فَيُبِينُها / وتَغيب طَوْراً في دُجاه فتكسَف
فكأنما لبِستْ قَباءً أزرقا / أو مُدَّ من خَزّ عليها مِطْرَف
وبدا لنشر الروض من بعد الندى / ريح كريح المِسك بل هي أشرف
وَرْدٌ حكَى خَجَلَ الخدودِ ونَرْجِسٌ / يحكي العيونَ بأَعْينُ ما تَطْرِف
فعيونُ ذاك بعسجدٍ مكحولٌ / وخدودُ ذا من عَنْدَمٍ تَتَغَلّف
فكأنما نَثَرَتْ عليه لونَها / راحٌ على راحاتنا تَتَصرف
فاشربْ فقد لَؤُمَ الزمانُ وقُطِّعَت / عُقَدُ الوفاءِ به وقلّ المنصف
ولقد نهضتُ بعزمةٍ ما تَنثَني / عمّا أريد وفَتْكةٍ ما تَضْعفُ
فإذا الخطوبُ إذا مضت لا تَرْعَوي / وإذا قَضَتْ بقَضِيةٍ لا تُخلف
فصبَرتُ للمقدارِ تحت مراده / كيلا يكونَ تأسّفٌ وَتَلَهُّفُ
وعلمت أن لكلّ ريح هَدْأَةً / ولكل جارٍ منْتَهىً وتوقّفُ
هَزَّني للصَّبوحِ صُبْحٌ تَبَدَّى
هَزَّني للصَّبوحِ صُبْحٌ تَبَدَّى / مِن خِلال الدّجى كَغُرَّةِ طِرْف
ونَسِيمٌ مُضَمّخٌ بعَبِير الرْ / روضِ يُحْيي من الخُمارِ ويشفِي
خَذلته القُوَى وحَرّكَهُ الجَوْ / وُ بِلينٍ من الهواءِ ولطف
فهو بَرْدٌ على جَوَى كلِّ قلبٍ / وعبِيرٌ يفوح في كل أَنْفِ
كلّما هبّ هبّ فينا نشاطٌ / وارتياحٌ لكلِّ عَزْفٍ وقَصْفِ
وكأَن الهلال في الغَرْبِ يَحكي / مُتَوَفَّى دعا به المُتَوفِّى
وكأنّ السحابَ إذ نثر القَط / ر محِبّ يبكِي على بَيْن إلف
فاسقياني فقد تكامل حسن ال / يوم يا صاحِبَيَّ في كلِّ وصفِ
وأدِيرا المُدَام صِرْفا وإلاّ / فاسقِياني إن شئتما غَيْرَ صِرفِ
في كؤوسٍ تكاد تُخْطِئها الأع / ين لُطْفا من رِقَّةِ الْمُسْتَشَفِّ
حاملاتٍ من المدامةِ سِراً / دقّ عن حِسِّ كل سمعٍ وطرف
إن تشفِّيت من زماني شفيت الن / نفسَ فيه والله لِي بالتَشفّي
ربَّما اسْتَبْعَد المؤمِّل أمراً / وهو مِن قربِه كأخذٍ بكفِّ
أنا باللهِ واثقٌ وَهْوَ بي أَع / لم منّي بما أُحب وأُخفي
ويلي على من لم يُطِقْ
ويلي على من لم يُطِقْ / خَصْرَاه حَمْلَ روادِفِهْ
وشكَتْ شقائقُ وَجْنَتَيْ / هِ إليه حَمْلَ سوالفه
رَشَأٌ إذا لبِس المطا / رِفِ ذابَ بين مطارِفِهْ
وإذا تضاعف لحظه / فالموت حشو تضاعُفِه
أَدْنَفْتَني مذْ شَكَت ألحاظُك الدّنفا
أَدْنَفْتَني مذْ شَكَت ألحاظُك الدّنفا / وانقدّ خصرُك لِينا وانْثنى هَيَفَا
يا من حكَى الشمسَ وجْهاً والدّجى طُرَراً / وأشبَه الماء لِينا والهوا تَرَفا
ومن حكت مقلتاه الظَّبْيَ مُلْتَفتاً / وأشبهَ الغصنَ تليينا ومُنعَطَفا
كيف اقتضيتَ فؤاداً لم يبت قَنَصاً / وكيف كلَّفت قلباً لم يذب كَلَفا
دمِي دمٌ عَلَوِيّ لا يُطَلُّ فلا / تحاربِ المجد والآدابَ والشرفا
قُطْبُ الورى هاشمٌ فضلاً ومَعْلُوةً / نحن قطبُ أعالي هاشمٍ وكَفَى
آل النبيّ وأبناء الوصِيّ وإخ / وان النجِيّ وسادات الكرام وفا
إن اسم من سمّته أجفانُه
إن اسم من سمّته أجفانُه / ببعض ما فيها من الوصف
ليس بخافٍ عن أخي فطنة / وهل لبدرِ التمّ مِن مُخْفِ
يضاف للشيطان دأبا وإن / أضِيف للحظ وللطّرف
يظهر في تصحيفه نعته / بلا مماراة ولا خلف
حتى إذا نكَّسته نَكْسَ من / يُبْدِل مِنه الحرف بالحرفِ
كان كترخيم اسم من سيّرتْ / بِهِ لنا الأمثال في السُّخف
حاجيتكم ما هُوَ إن كنتُمُ / عِصابةَ الآدابِ والظَرفِ
يا نعمةً أسبغها مُنْعِم
يا نعمةً أسبغها مُنْعِم / على وليّ مخلصٍ مصفِ
مولى يُحاجى عبدَ إفضاله / يروم منه صحةَ الكشف
والسم حقّا قينةٌ وصفها / في الظّبْي والشيطان والظرف
وقينة تصحيفها شدوها / تدعو إلى الآداب والقصف
وهي إذا صحّفت منكوسة / ترخيم ذي حمقٍ وذي سخف
هبنق القيسيّ وهو الذي / كباقلٍ جهلاً بلا خلف
هذا جوابٌ من فَتىً مُفْلسٍ / مُسوٍّف بالمَطْلِ للحُرْفِ
فكيف لو أنجز ميعاده / ذو كرم بالألف والألف
خوّفتُه سلوتي فخافا
خوّفتُه سلوتي فخافا / وأنجز الوعد ثم وافَى
يقود مِن حسنِه جيوشاً / ساكنةً خيلُها الشغافا
يا حبّذا عَتْبُه مُدِلاّ / يَنْثر ألفاظَه الظِرافا
وقد لوى صُدْغَهُ دلالا / وهزّ ألحاظَه الضِعافا
كأنّما الكأسُ في يديه / من خدّه اسْتنبطت نطافا
حتى إذا مالت الثّريّا / تروم في المغرِبِ انصرافا
وخِلت أنّ الصباح بازا / وخِلت أن الدجى غُدافا
ألثمني خدّه شقِيقا / وعلّنِي ريقه سُلافا
ثم انثنى للجبِين سُكْرا / والسكر لا يُحْسِن الخلافا
فلَمْ أزل ألثم التّراقي / والخصرَ والأَنْمل اللطافا
اكتب في جِسمِهِ بخطِّي / نوناً وياءً لها وكافا
هذا على أنني قدِيماً / ما زِلت أستصحِب العفافا
فافتِك وتُب طاعة وغيَّاً / سافاً كذا مرة وسافَا
فلا تكن ناسكاً ثقيلاً / فكَمْ عَفا ربُّنا وعافى
عاتبْ حَبِيبَك مُعْلناً أو مُخْفياً
عاتبْ حَبِيبَك مُعْلناً أو مُخْفياً / واجعل عِتابَك كُلّه استِعطافا
واصبر له وإن استمرّ قطيعةً / فلعلّه يَستحدِث الإنصافا
لا يَعْذُبُ الحبّ الأليمُ عذابه / إلا إذا صدّ الحبيب وجافى
بِبُلْبَيْسَ لاقيتُ وَشْكَ النوى
بِبُلْبَيْسَ لاقيتُ وَشْكَ النوى / فلاقاه عن عجلٍ خَسْفُهُ
ولا جاده الغيث مِن منزلٍ / كأنّ مجالسَه كُنْفُهُ
وحسبك من منزِلٍ موحِشٍ / ثلاثة أخماسِهِ وصفه
بعثت بوردٍ لم يغادر بياضه
بعثت بوردٍ لم يغادر بياضه / بياض ثنايا قد أطلت بها الرشفا
ترشّفتُها من أحورٍ مخطّفِ الحشا / يلوح لنا بدراً ويرن لنا خِشفا
فما زلت أُصفيه وأَمحضه الهوى / ويمحضني فيه الترائب والرشفا
إلى أن بدا الإشراق في فحمة الدجى / ولاح عمود الصبح مخترِطا سيفا