القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 12
دعا فأجابوا والقلوبُ صَوادِفُ
دعا فأجابوا والقلوبُ صَوادِفُ / وقالوا اسْتَقمنا والهَوى مُتجانِفُ
مَضَى العهدُ لا حربٌ تُقامُ ولاأذىً / يُرامُ ولا بَغْيٌ عنِ الحقِّ صَارِفُ
لهم دَمهُم والدّينُ والمالُ ما وَفَوْا / فإن غَدروا فالسّيف وافٍ مُساعِفُ
سياسةُ من لا يَخدعُ القولُ رأيَهُ / ولا يَزدهيهِ باطلٌ منه زَائِفُ
رَسولٌ له من حكمةِ الوَحْيِ عاصمٌ / ومن نُورهِ في ظُلمةِ الرأيِ كاشِفُ
يُسالِمُ من أحبارِهم وسَراتِهم / رِجالاً لهم في السّلمِ رأيٌ مُخالِفُ
يَغيظهُم الإسلامُ حتَّى كأَنَّما / هُوَ الموتُ أو عادٍ من الخطبِ جَارفُ
إذا هَتَفَ الدّاعي بهِ اهْتَاجَ نَاقِمٌ / وأعْوَلَ مَحزونٌ وأجْفَلَ خائِفُ
إذا ما تَردَّى في الضّلالةِ جاهِلٌ / فما عُذرُ مَن يأبَى الهُدى وَهْو عَارِفُ
يَقولونَ قَوْلَ الزُّور لا عِلَم عندَنا / كَفَى القومَ عِلماً ما تَضُمُّ المصاحفُ
لهم من سنَا التَّوراةِ هادٍ وللعَمى / رُكامٌ على أبصارِهم مُتكاثِفُ
دَنا الحقُّ من بُهتانِهم ورَمَى بهم / إلى الأمدِ الأقصَى هَوىً مُتقاذِفُ
عَنا ابْنَ أُبيٍّ من هَوى التّاج لاعجٌ / وطافَ به من نَشوةِ المُلكِ طائفُ
جَرى راكِضاً مِلءَ العنانَيْنِ فانتحى / له قَدرٌ ألقَى به وَهْوَ راسِفُ
فما مِثلُه في مَشهدِ الإفكِ فارحٌ / ولا مِثلهُ في مَشهدِ الحقِّ آسفُ
ظُنونٌ يُعفّيها اليقينُ ودَولةٌ / من الوهمِ تذروها الرياحُ العواصفُ
يُهيبُ بأضغانِ اليهود يَشُبُّها / عَداوةَ قومٍ شرُّهم متضاعفُ
وما بَرَحَ الحَبْرُ السَّمينُ يَغرُّهم / ويأكلُ من أموالِهم ما يُصادِفُ
أعدُّوا له المرعىَ فَراحَ مُهبَّلاً / كَظنِّكَ بالخِنزيرِ واتاهُ عَالِفُ
يَنوءُ بِجَنْبيهِ ويرتجُّ ماشياً / إذا اضطربتْ منه الشَّوى والرَّوانفُ
رَماهم بها عَمياءَ لم يَرْمِ مَعشراً / بأمثالها أحبارُهُم والأساقفُ
فقالوا غَوى ابنُ الصّلتِ وانفضّ جمعهم / يُريدون كعباً وَهْوَ خَزيانُ كاسِفُ
رَمَى الصادقُ الهادِي لَفِيفَة نفسِهِ / بصداعةٍ تَنشقُّ منها اللّفائفُ
فأما لَبيدٌ فَاسْتعانَ بسحرِه / رُويداً أخا هاروتَ تلك الطرائفُ
أعندك أن السّحرَ للّهِ غالبٌ / تأمَّلْ لبيدٌ أيَّ مهوىً تُشارِفُ
وَشاسُ بنُ قيسٍ هاجَها جاهليَّةً / تَطيرُ لِذكراها الحلومُ الرَّواجفُ
يُقلِّبُ بين الأوسِ والخزرجِ الثَّرى / وقد وَشجتْ فيه العُروقُ العواطِفُ
يُذكّرهُم يومَ البُعاثِ وما جَنْت / رِقاقُ المواضِي والرماحُ الرواعِفُ
غَلتْ نَخواتُ القومِ ممّا استفزَّهم / وراجعَهم من عازِبِ الرأيِ سالِفُ
وخَفّوا يُريدونَ القِتالَ فَردَّهم / نبيٌّ يَردُّ الشَّرَّ والشّرُّ زاحِفُ
دعاهم إلى الحُسنَى فأقبلَ بعضُهم / يُعانِقُ بعضاً والدُّموعُ ذوارِفُ
أتى ابنُ سلامٍ يُؤثِرُ الحقَّ مِلّةً / وينظرُ ما تأتي النُّفُوسُ العوازِفُ
تسلّلَ يستخفي وأقبلَ قومُه / وللؤمِ منهم ما تَضمُّ الملاحِفُ
فقيل اشهدوا قالوا عرفناه سيّداً / تجلُّ مَساعيه وتعلو المواقفُ
هو المرءُ لا نأبَى من الدّينِ ما ارْتَضى / ولا نَدَعُ الأمرَ الذي هو آلِفُ
فلمّا رأوهُ خارجاً يَنطُق التي / هي الحقُّ قالوا عاثِرُ الرأيِ عاسِفُ
ظننّا بهِ خَيراً ولا خيرَ في امرئٍ / أبوه أبو سُوءٍ على الشرِّ عاكِفُ
ظلمناهُ لم يُوصَفْ بما هو أهلُه / فماذا له إن أخطأ الرُّشدَ واصِفُ
تَرَامَوْا بألقابٍ إذا ما تتابعْت / تتابعَ شُؤبوبٌ من الذمِّ واكِفُ
أهاب أبو أيوب ردوا حلومكم / أعند رسول الله تلقى المآزف
وقال الرسولُ اسْتَشعِرُوا الحلمَ إنّما / يَسودُ ويستعلِي الحليمُ المُلاطِفُ
أتُؤذونَ عبدَ اللّهِ أن يتبعَ الهُدى / فيا ويحَهُ من مؤمنٍ ما يُقارِفُ
أهذا هو العهدُ الذي كان بيننا / أهذا الذي يَجْنِي العقيدُ المحالِفُ
تَولَّوا غِضاباً ما تَثوبُ نُفوسُهم / ولا تَرْعَوِي أحقادُهم والكتائِفُ
يُذيعونَ مكروهَ الحديثِ وما عَسى / يقولون والفُرقانُ بالحقِّ هاتِفُ
إذا بَعثوا من باطلِ القولِ فتنةً / تَلقّفها من صادقِ الوحيِ خاطِفُ
يُشايِعهُم في القومِ كلُّ مُنافقٍ / إلى كلِّ ذِي مَشنوءَةٍ هو دالِفُ
شَديدُ الأذى يُبدِي من القولِ زُخرفاً / وكالسّمِّ منه ما تُواري الزَّخارفُ
زَحالفُ سُوءٍ ما يَكفُّ دبيبُها / وأهونُ شيءٍ أن تَدُبَّ الزّحالِفُ
أقاموا على ظُلمٍ كأنْ لم يكنْ لهم / من العدلِ يوماً لا محالةَ آزفُ
لكلِّ أُناسٍ يعكفون على الأذى / مَعاطِبُ من أخلاقِهِم ومتالفُ
رُويدَ يَهودٍ هل لها في حُصونِها / مِنَ البأسِ إلا ما تَظنُّ السّلاحِفُ
يَظنُّونَ أنْ لنْ يَنسِفَ اللّهُ ما بنوا / ولن يثبتَ البنيانُ واللّهُ ناسِفُ
سَيلقَوْنَ بُؤساً بعد أمنٍ ونعمةٍ / فلا العيشُ فيّاحٌ ولا الظلُّ وارِفُ
ما للسُّيوفِ أما تَثوبُ فَتعطِفُ
ما للسُّيوفِ أما تَثوبُ فَتعطِفُ / وَلِمَنْ قُوىً في غيرِ حقٍّ تَزْحَفُ
جَهجاهُ مالك هِجتهَا مذمومةً / هوجاءَ لولا اللَّهُ ظلّتْ تَعصفُ
الخزرجُ انطلقوا لنصرِ حليفهِم / ومضى لنصرتك الكُماةُ الدُّلَّفُ
لَسِنانُ إذ تُؤذيهِ منكَ بضربةٍ / أولى وأخلقُ من تحبُّ وتألفُ
هَفَتِ السُّيوفُ إلى السُّيوفِ وأوشكت / صُمُّ الرماح على الرماحِ تقَصَّفُ
ومشى النبيُّ يقول يا قومُ اسكنوا / أكذاكَ تضطربُ الجبالُ وترجف
تدعون دعوى الجاهليّة جهرةً / فَمن الدُّعاةُ من الهُداةِ الهُتَّف
أوَ لستُمُ النفر الذين بنورهم / يجد السَّبيلَ الحائرُ المتعسّف
رُدّوا السُّيوفَ إلى جماجمِ معشرٍ / فيهم مَرَدٌّ للسُّيوفِ ومصرف
هدأ الرجالُ وراح ظالمُ نفسِهِ / يَهْذي فَيُمْعِنُ أو يظنُّ فيسرف
لجَّ النفاقُ فقائلٌ لا يستحي / ممّا يقولُ وسامعٌ لا يأنف
ما بالُ من جمحت به أهواؤُه / أفما يزالُ على الغَوايةِ يعكف
يُؤذِي رسولَ اللهِ يزعمُ أنّه / في قومِهِ منه أعزُّ وأشرف
ويقول موعدُنا المدينةُ إذ يُرَى / أيُّ الفريقينِ الأذلُّ الأضعف
فَلنُخرجَنَّ مُحمداً منها غَداً / وليعلمنَّ الأمرَ ساعةَ يأزف
سمع ابنُ أرقمَ ما يقول فهاجه / غَضبٌ يضيق به التّقيُّ الأحنف
ومضى يقصّ على النبيِّ حديثَهُ / فيكاد عنه من الكراهةِ يصدف
قال اتّئد فلقد يُغانُ على الفتى / فيزلُّ منه السَّمعُ أو يتحرّف
فمضى على أسفٍ يلوذُ بعمّهِ / فُيلامُ غيرَ مكذَّبٍ ويُعنَّف
قال اقتصد يا عمّ ما أنا بالذي / يُغضي إذا اغتابَ الرسولَ مُجَدِّفُ
ثَقُلَتْ عليَّ من الغبيِّ مقالةٌ / جَلَلٌ تُهَدُّ بها الجبالُ وتُنْسَفُ
واللّهِ لو ألقَى صَواعِقَها أبي / لحملتُها وذهبتُ لا أتخفَّف
رُوِيَ الحديثُ وَغِيظَ من مكروهه / عُمَرٌ فَغِيظَ المشرفيُّ المُرهَفُ
أغرى بقائِلهِ مخوفَ غرارِهِ / ما كان يَعلمُ من أذاه ويعرف
سأل الرسولَ الإذنَ فيه لعلَّه / يَشفيه من دمِه بما يترشَّف
فأبى وقال أليس من أصحابنا / دعه فتلك أشدُّ ما أتخوَّفُ
وأتى ابنُه فدعا أبي أنا خصمه / فدعوه لي إنّي به لَمُكلَّف
مُرْنِي رسولَ اللَّهِ أكْفِكَ أمرَه / فلقد عَهدتُكَ راحماً تتلطّف
إنّي أحِبُّ أبي وأعرف حقَّه / ولأنتَ بي وبه أبرُّ وأرأف
سيفي أحقُّ بهِ فإن يك غيره / عَظُمَ الأسى فيه وهالَ الموقف
إنّي لأخشى أن أرى دَمَ مُؤمنٍ / بيدي لأجلِ أبي يُراقُ وينزف
قال النبيُّ ارفِقْ بشيخكَ وارْعَهُ / إنّ العُقوقَ من البنينَ لَمَتْلَفُ
القاذفُ الجبّارُ زُلزِلَ قلبُه / بالرُّعبِ يُلقَى والمخافةِ تُقذفُ
ضَاقتْ مذاهبُه فأقبل ضارعاً / وأخو الهوانِ الضَّارعُ المستعطف
جَحَدَ الحديثَ وراح يَحلفُ ما جرى / صَدَقَ المُنَبِّئُ وافترى من يحلف
إنّ ابن أرقمَ لم تكن لتخونه / أُذُنٌ تَعِي وتصونُ ما تتلقّفُ
يبقى بها نقشُ الكلامِ كأنّما / نُقِشَتْ على الصّخرِ الأصَمِّ الأحرف
صُوَرٌ إذا وَلِيَ اللِّسَانُ أداءَها / فالزُّورُ من أعدائها والزخرف
ما رُمْتُ وصفاً حَسْبُ زيدٍ أنّه / بفرائِدِ الوحْيِ المنظَّم يُوصف
اللَّهُ أنزله بياناً صادعاً / كبَتَ الألى قلبوا الأمورَ وزيَّفوا
كشفَ الغطاءَ عن النِّفاقِ بسورةٍ / نزلتْ وكان غطاؤُه لا يُكشَف
جُرْمٌ إذا استخفى مَخافةَ ذاكرٍ / نادى الزمانُ به وضَجَّ المصحف
كذلك يَشقى الجامحُ المتعسِّفُ
كذلك يَشقى الجامحُ المتعسِّفُ / ويركبُ متن الظُّلمِ مَن ليس يُنصِفُ
يَموتُ بِسُوءِ الرأيِ مَن ساءَ خُلقه / وللمرءِ ذِي التقوى عن الغَيِّ مَصْرَفُ
أضاعَ الزبيرُ الأمرَ والأمرُ مُقبِلٌ / وآثر حَدَّ السَّيْفِ والسَّيفُ يَصدُفُ
سَعَى ثابتٌ يَجزِيه سالِفَ صُنعِه / لَدَى مُحسنٍ يُسدِي الجميلَ ويَعطفُ
فقال رَسولَ اللهِ جئتُكَ شافعاً / لشيخٍ دعاني ضارعاً يتلهّفُ
حباني دمي يوم البعاث وفكَّني / وتلك يد بيضاء للشيخِ تُعرفُ
فَهَبْهُ رسولَ اللهِ لي إنّني به / على ما ترى من شأنهِ لَمُكَلَّفُ
فقال فعلنا ثم عادَ شَفِيعُه / يُبَشِّرُه بالعفوِ والشيخُ يَرجُفُ
فَجدَّ له في المُحسنِ السَّمحِ مَطمعٌ / وقال حَياةٌ شرُّها ليس يُوصَفُ
بنيَّ وأهلي ليس لي إن فقدتُهم / سِوى الموتِ إنّي عن حياتي لأعزِفُ
فلما تسنَّى الأمرُ قال لثابتٍ / أنَبقى بلا مالٍ فَنَشقَى ونتلَفُ
وجادَ رسولُ اللهِ بالمالِ رحمةً / وبِرّاً فراحَ الشيخُ يهذِي ويَهرفُ
يسائل عن كعبٍ وساداتِ قومِهِ / ويُطرِي سجاياهم فيغلو ويُسرِفُ
توجَّعَ لمّا قِيلَ ذاقوا حِمامَهم / وقال أُريدُ الموتَ فالعيشُ أخوفُ
خُذِ السَّيفَ واضرب يا ابن قيسٍ فإنّهم / هم الصحبُ مالي بعدهم مُتَخلَّفُ
كفى حزناً يا صاحبي أن تَضُمّني / ديارٌ بهم كانت تُحَبُّ وتُؤلَفُ
أرِحْنِي أرحني يا ابنَ قيسٍ بضربةٍ / تبيتُ لها نفسي تَرِفُّ وتَنطِفُ
تَزوّدتُ من نَأْيِ الأحبّةِ غُلّةً / فهل أنت للصّادي المعذّبِ مُسْعِفُ
فقال معاذَ اللَّهِ لستُ بفاعلٍ / ومِثْلِيَ يأبَى ما تُريدُ ويأنَفُ
وجاءَ به يلقى الزُّبيرَ على أسىً / يُغالِبُه والموتُ بالشَّيخِ يَهتفُ
وقال اسْقهِ رِيِّ الغليلِ مِنَ الردَى / فطاحَ به ماضي الغِرَارَيْنِ مُرهفُ
فيا لكَ من رأيٍ سفيهٍ ومركبٍ / كريهٍ وخطبٍ فادحٍ ليسَ يُكشَفُ
قَضَى ثابتٌ حَقَّ المروءَةِ وافياً / وبَرَّ رسولُ اللَّهِ والبِرُّ مجحفُ
ولكنّ شيخَ السُّوءِ أهلكَ نَفْسَهُ / وذُو الجهلِ يُرمَى من يَدَيْهِ ويُقْذَفُ
دِيارُ مَكّةَ هذا خالدٌ دَلَفا
دِيارُ مَكّةَ هذا خالدٌ دَلَفا / فما احتيالُكِ في الطَّوْدِ الذي رَجَفَا
طَوْدٌ مِنَ الشِّركِ خَانَتْهُ جَوانِبُهُ / لَمّا مَشَى نحوهُ الطودُ الذي زَحَفا
إن الجبالَ التي في الأرضِ لو كفرتْ / لَدَكَّها جَبلُ الإسلامِ أو نَسَفَا
لَمّا دَعاهُ بسيفِ اللهِ سَيِّدُهُ / زَادَ السُّيوفَ بِهِ في عِزِّهَا شَرَفا
ديارَ مَكّةَ أمَّا من يُسالِمُهُ / فَلا أذىً يَتَّقِي منهُ ولا جَنَفَا
تلك الوصيَّةُ ما يَرْضَى بها بَدَلاً / ولا يرى دُونَها مَعْدىً ومُنْصَرَفَا
لا تجزعي إنّهُ العهدُ الذي انبعثت / أنوارُهُ تَصدَعُ العهدَ الذي سَلَفا
ليلُ الأباطيلِ ما التفَّتْ غياهِبُهُ / على الحقائِقِ إلا انجابَ وانْكَشَفَا
هُنَّ المنايا فيا للقومِ من بطلٍ / رُمُوا بِهِ حَيَّةً من حَيَّةٍ خَلَفَا
ضاقوا بِسعْدٍ فقالوا قائدٌ حَنِقٌ / لو جاوز الحدَّ بعد الحدِّ ما وَقَفا
واستصرخوا من رسولِ اللهِ ذا حَدَبٍ / إذا استغاثَ به مُستصرخٌ عَطَفَا
هَبَّتْ إلى الشَّرِّ من جُهّالِهِم فِئَةٌ / لم تَأْلُ من جَهلِها بَغياً ولا صَلَفا
واستنفرت من قريشٍ كلَّ ذي نَزَقٍ / إذا يُشارُ إليهِ بالبنانِ هَفَا
فخاضها خالدٌ شعواءَ كالحةً / إذا جَرَى الهولُ في أرجائِها عَصَفَا
رَمَى بها مُهَجَ الكُفّارِ فاسْتَبَقَتْ / تَلْقَى البوارَ وتشكو الحَيْنَ والتَّلَفَا
وقال قائلُهُم أسرفتَ من بطلٍ / ما كان أحسنه لو جَانَبَ السَّرَفا
وهَاجَ همَّ أبي سُفيانَ ما وَجَدوا / فَرَاحَ يَشفعُ فيهم جَازعاً أَسِفا
فَلانَ قلبُ رسولِ اللهِ مرحمةً / وَرَقَّ من شِدَّةِ البطشِ الذي وَصَفَا
وقال سِرْ يا رسولي فَانْهَ صَاحِبَنَا / عَنِ القِتالِ فَحَسبي ما جَنَى وكَفَى
مَضَى الرسولُ يقولُ اقْتُلْ فَهَيَّجَها / مَشْبُوبَةً هَتَفَتْ بالوَيْلِ إذ هَتَفَا
وَعَادَ والدَّمُ في آثَارِهِ سَرِبٌ / والقومُ من خَلْفِهِ يدعون وَا لَهَفَا
قال النَّبيُّ ألم تَذْكُرْ مَقالتَنا / لِخَالِدٍ أعَصِيْتَ الأمرَ أم صَدَفا
فقال بُورِكْتَ إنّ الله حَرَّفَها / وما تَغَيَّرَ لي رأيٌ ولا انْحَرَفَا
سُبحانَهُ إنّ أمرَ النّاسِ في يدِهِ / لا يَعْرِفُ المرءُ من خَافيهِ ما عَرَفَا
لا يَجْزَعِ القوْمُ إنّ السَّيفَ مُرتَدِعٌ / عمّا قليلٍ وإنّ النّصرَ قد أزِفا
لم يرفعوا الصَّوتَ حتّى لاحَ بارِقُهُ / تحت العَجَاجَةِ يجلو ضَوْؤُهُ السُّدُفا
هذا الزُّبَيْرُ تَرَامَى في كتائِبِهِ / كالسَّيْلِ لا تُمسِكُ الأسدادُ ما جَرَفَا
يَلْقَى كدَاءَ بِهِ والخيلُ راكضَةٌ / ما قَالَ حَسّانُ من قبلِي وما ازْدَهَفا
اللهُ أكبرُ جاء الفتحُ وابتهجتْ / للمؤمنين نُفوسٌ سَرَّها وشَفَى
مَشَى النَّبيُّ يحفُّ النَّصرُ مَوكِبَهُ / مُشَيَّعاً بجلالِ اللهِ مُكتَنَفَا
أضحى أُسامةُ من بينِ الصّحابِ له / رِدْفاً فكان أعزَّ النَّاسِ مُرْتَدَفَا
لم يبقَ إذ سَطعتْ أنوارُ غُرَّتِهِ / مَغْنَىً بِمَكَّةَ إلا اهْتَزَّ أو وَجَفا
تحرَّكَ البيتُ حَتَّى لو تُطاوعُهُ / أركانُهُ حَفَّ يَلْقَى رَكبَهُ شَغَفَا
وَافَاهُ في صَحبِهِ من كلِّ مُزْدَلِفٍ / فلم يَدَعْ فيه للكُفَّارِ مُزْدَلَفا
العاكفون على الأصنامِ أضحكهم / أنّ الهوانَ على أصنامِهِمْ عَكَفا
كانوا يَظنُّونَ أنْ لا يُسْتَبَاحَ لها / حِمىً فلا شمماً أبدتْ ولا أنَفَا
نامت شَياطِينُها عنها مُذَمَّمةً / كأنّها لم تكن إذ أصبحَتْ كِسَفا
رِيعَتْ شيوخُ قريشٍ من قذائِفِها / وَرِيعَ منها الخُزاعِيُّ الذي قُذِفَا
رأته يَنحَطُّ من عَليائِهِ فزعاً / من بعد ما أفزعَ الأجيالَ مُشتَرِفَا
وما ذَرَى هُبَلٌ والطعْنُ يأخُذُهُ / هل غَوَّرَ الدمعُ في عَيْنَيْهِ أم ذَرَفا
لو كان للدمِ يجري حَولهُ دُفَعاً / طُولُ المَدى مَثْعَبٌ في جوفِهِ نَزَفا
رَمَى به اللهُ يحمِي البيتَ من عَبَثٍ / يَعافُ باطِلَهُ مَن عافَ أو عَزَفَا
لم يَبْقَ بالبيتِ أصنامٌ ولا صُوَرٌ / زَالَ العَمَى واسْتَحَالَ الأمرُ فَاخْتَلَفَا
للجاهِلِيَّةِ رَسمٌ كان يُعجبها / في دهرِها فَعَفَتْ أيامُها وَعَفَا
لا كُنتَ يا زمنَ الأوهامِ مِن زَمَنٍ / أرخَى على النّاسِ من ظَلْمَائِهِ سُجُفا
إنّ الشريدَ الذي قد كان يظلمه / ذَوُو قَرَابتِهِ قد عادَ فانْتَصَفا
ردَّ الظلامَةَ في رفقٍ وإن عَنَفوا / ولو يَشاءُ إذَنْ لاشْتَدَّ أو عَنَفَا
إنّ الرسولَ لَسَمْحٌ ذو مُيَاسَرَةٍ / إذا تملَّكَ أعناقَ الجُناةِ عَفَا
شكراً مُحَمَّدُ إنّ اللَّهَ أسبغَهَا / عليكَ نُعْمَى تَرَامَى ظِلُّها وَضَفا
وَعْدٌ وَفَى لإمامِ المرسلينَ به / واللَّهُ إن وَعَدَ الرُّسْلَ الكِرامَ وَفَى
خُذِ المحصَّبَ إن وَافَيْتَهُ نُزُلاً / وَاذْكُرْ بِهِ ذلكَ الميثاقَ والحَلفا
قد عادَ يكلفُ بالإسلامِ مِن رَشَدٍ / مَن كان بالكفرِ من غَيِّ الهَوَى كَلِفا
ثم استقامَ على البيضَاءِ يَسْلكُها / مَن كان يضربُ في العمياءِ مُعْتَسِفا
مَشَى طَليقاً إلى غاياتِهِ مرحاً / وكان في القيد إن رام الخطى رسفا
يغشى موارد للأيمان صافِيةً / ما امتاحَ من مثلِها يوماً ولا اغْترَفا
عادوا طَهَارى فلم يَعْلَقْ بهم وَضَرٌ / ممّا جَنَى الكفرُ قبل الفتحِ واقترفا
تَتابعَ القومُ أفواجاً فآمَنَهم / دِينُ السَّلامِ وأمسَى الأمرُ مُؤْتَلِفَا
كذلك الحقُّ يعلو في مَصَاعِدِهِ / حتى يَنالَ الذَّرَى أو يَبلغَ الشَعفا
مَرْمَى العُقُولِ إذا ما غَرَّهَا هَدَفٌ / فلن تُريدَ سِواهُ إن رَمَتْ هَدَفَا
وما على الحقِّ من بأسٍ ولا حَرَجٍ / إن هَوَّمَ العقلُ عنه مَرَّةً فَغَفَا
إنّ الذي جَعَلَ الإسلامَ مَعقلَهُ / أعلى لأُمَّتِهِ الأركانَ والسُّقُفا
لم يَرْضَ ما نَالَ من مجدٍ فأَورثَهُ / مَجداً طريفاً وَعِزّاً منه مُؤْتَنَفا
شَتّانَ ما بين صَرْحٍ ثابتٍ رُفِعَتْ / منه القِبابُ وصَرْحٍ واهنٍ خُسِفا
لِتُنصتِ الأرضُ وَلْتَسْمَعْ ممالُكُها / ماذا يقولُ لها الرَّعدُ الذي قَصَفَا
شرائعُ الخيرِ يُلقيها مُحبّبةً / شيخُ النَّبيِّينَ يَبغي البِرَّ واللَّطَفَا
الناسُ من آدَمٍ والبَغْيُ مَهْلَكَةٌ / فَلْيَّتَقِ اللهَ منهم مَن قَسَا وجَفَا
قَلْ للأُلَى خطبوا الأقوامَ أو كتبوا / دعوا المنابِرَ والأقلامَ والصُّحُفَا
ما للدُّموعِ على التَّظَنُّنِ تَذرِفُ
ما للدُّموعِ على التَّظَنُّنِ تَذرِفُ / الجارُ وافٍ والهَوى متألِّفُ
لا تُنكروا حُبَّ النبيِّ لآلِهِ / وديارِهِ الأولى ولا تَتَأسَّفُوا
أحَسِبْتُمُوهُ يُريدُ عنكم مَصرفاً / مَهْلاً فليس عن الأحبَّةِ مَصْرَفُ
لمَّا فزعتم قال يا قومُ اسْكُنُوا / هِيَ يَثرِبٌ ما دُونَها مُتَخَلَّفُ
دارُ الحياةِ وَمنزلُ الموتِ الذي / مَالِي سِوَاهُ فإنْ جَهِلْتُمْ فَاعْرفوا
فَرِحُوا وأشرقَتِ الوجوهُ فما تَرَى / عَيناً تَفيضُ ولا فُؤاداً يَرجُفُ
صَدَقُوا نبيَّهُمُ الهَوَى فَقلوبُهم / مِن حولِهِ شَغَفاً تَرِفُّ وَتَعطِفُ
أنصارُهُ في الحادِثَاتِ إذا طَغَتْ / وجنودُهُ في الحربِ سَاعَةَ تَعصِفُ
هُمْ أنصفوهُ مُشرَّداً يَجِدُ الأذَى / من كلِّ ذِي جَبريَّةٍ لا يُنْصِفُ
وَتَكنَّفوهُ يُعَظِّمُونَ مَكَانَهُ / وَذوُو قرابَتِهِ تَصُدُّ وَتَصدِفُ
ما عَزَّ منزلُ قادمٍ أو زائرٍ / إلا ومنزلُهُ أعزُّ وأشرَفُ
شَدُّوا عُرَى الإسلامِ حَتّى استحكمتْ / ولَوَى السَّواعِدَ حبلُهُ المُسْتَحْصِفُ
كانوا أَساسَ بِنائِهِ وعِمادَهُ / والأرضُ تُخْسَفُ والشَّوامخُ تُنْسَفُ
انظرْ بِناءَ اللَّهِ حَوْلَ رَسولِهِ / وَصِفِ الذُّرى إن كنَّ مما يُوصَفُ
في كلِّ سورٍ منه جُندٌ يَرتَمِي / يغزو الأُلَى كفروا وموتٌ يَزحَفُ
صَبُّوا على المستضعفينَ نَكَالَهُمْ / وَجَرى القَضَاءُ فَهُمْ أذلُّ وأضعَفُ
يا معشرَ الأنصارِ ما مِن صالحٍ / إلا لكم فيهِ يَدٌ أو مَوقِفُ
لَكمُ المواقِفُ ما يُذاعُ حَدِيثُها / إلا يُهِلُّ بها الزّمانُ ويَهتِفُ
لا الشِّعرُ مُتَّهمٌ إذا بلغَ المَدَى / يُطرِي مناقِبَكُم ولا أنا مُسْرِفُ
أوَ ما كَفَاكُمْ ما يَقُولُ إلهُكُم / في مَدْحِكُمْ وَيَضُمُّ منه المُصْحَفُ
الكُتْبُ تَتْرَى والكتائبُ تَدلِفُ
الكُتْبُ تَتْرَى والكتائبُ تَدلِفُ / والبأسُ بينهما يَثورُ ويعصِفُ
الله وكَّلَ بالملوكِ رَسولَه / فإذا العروشُ بهم تَميدُ وتَرجُفُ
أهِيَ القلوبُ تَلجُّ في خَفَقاتِها / أم تلكَ أجنحةٌ تَظلُّ تُرفرفُ
رُسُلُ النبيِّ بكلِّ أرضٍ جُوَّلٌ / تَرمِي بهم هِمَمٌ نواهِضُ قُذَّفُ
حَملوا القُلوبَ الصُّمَّ يَعصِمُهم بها / دِينٌ لهم صلْبٌ ورأيٌ مُحْصَفُ
تَرمِي الجَلامِدَ والحديدَ بِقوّةٍ / تمضِي فتصدعُ ما تشاءُ وتَقصِفُ
يَخشَى العَتِيُّ المُستَبِدُّ نَكالَها / ويَهابُها المُسْتكبِرُ المُتَغطرِفُ
سِرْ في ذِمامِ اللهِ دِحْيَةُ إنّها / لك حاجةٌ ما دونها مُتخَلَّفُ
أيْقِظْ هِرَقْلَ فقد تطاولَ نَومُهُ / وأبَتْ عَمايتُه فما تَتَكشَّفُ
أيْقِظهُ إنّ اللهَ ليس كَدِينهِ / دِينٌ وليس له شَريكٌ يُعرَفُ
أخَذَ الكتابَ ورَاحَ يسألُ كلّما / وَضح اليقينُ لهُ يُلِحُّ ويُلْحِفُ
ماذا أرادَ اللَّهُ ما شأنُ الذي / بَعثَ الكتابَ بأيِّ شَيءٍ يُوصَفُ
قُلْ يا أبا سُفيانَ لا تُطِعِ الهَوى / وَدَعِ المَلامَ لِمن يَجورُ ويَجْنِفُ
أبدى هِرقلُ لقومِهِ أنْ قد صَغا / مِنْهُ إلى الإسلامِ قلبٌ مُنصِفُ
غَضِبُوا فقال رُوَيْدَكُم ما بي سوى / أن أستبين وأين منا المصرف
بعث الكتاب فقالَ إنّي مُسلمٌ / لكنّهم قومي الأُلى أتَخوَّفُ
وَاخْتَارها مِمّا يُحِبُّ هَدِيَّةً / ألقى بها من مَكْرِهِ يَتزلَّفُ
قال النبيُّ رِسالةٌ من كاشحٍ / يُبدِي الرِّضى ومُنافقٍ يَتكلَّفُ
وهَديَّةٌ سَاءتْ وسَاءَ حَدِيثُها / فالزّورُ من أسمائِها والزُّخْرُفُ
كِسرَى لكَ الويلاتُ ماذا تَبتغِي / ماذا تظنُّ بِمَنْ تُغاثُ وتُسْعَفُ
مَزقَّتَ من كُتبِ النبيِّ تميمةً / فيها مَنابِعُ رَحمةٍ لا تَنْزَفُ
وذخيرةً يَجِدُ الذَّخائِرَ كُلَّها / بِيَدَيهِ حينَ يُصيبُها المتلقِّفُ
أطلبتَ من باذانَ رأسَ مُحمّدٍ / إن لم يَتُبْ بل أنتَ غاوٍ مُسرِفُ
سَتَرى اليقينَ على يَدِ ابنكِ فَانْتَبِهْ / لَكَ مَوْعِدٌ عمّا قليلٍ يَأزَفُ
صَدَقَ النبيُّ وذاقَ كِسرَى حتفَهُ / مِن شِيرويه فما له من يَعطِفُ
وَرأى الهُدى باذانُ بعد ضلالةٍ / فمضَى على البيضاءِ لا يتعسَّفُ
نَبَذَ الهَوى فَصَحا وأصبحَ مُسلِماً / ودَعا الأُلَى معه فلم يَتخلَّفوا
لا خابَ جَدُّ القومِ إنّ إلههم / جمعَ القلوبَ على الهدى فتألَّفوا
وأتى النجَاشيَّ الكتابُ فلم يكن / مِمّن يَصُدُّ عنِ الصَّوابِ ويَصدِفُ
شَرَفٌ أُتِيحَ له وعِزٌّ زانَهُ / إنّ التقيَّ هو الأعزُّ الأشرفُ
وأبى المُقْوقِسُ أن يُفارِقَ دِينَهُ / يَخْشَى الذي يَخْشَى الغَبِيُّ المُتْرَفُ
بَعثَ الهدايا يَتَّقي بحسانِها / ما يتّقِي ذُو البِغْضَةِ المتلطِّفُ
ضَنّ الخبيثُ بِمُلكِهِ وغَداً يرى / يد غَيْرِه في مُلْكِهِ تتصرَّفُ
هذا الذي قال النبيُّ وهكذا / صَنَعَ الذي يبنِي العُروشَ وينسِفُ
والمنذرُ اتَّخذَ السّبيلَ مُسدَّداً / قَبْلَ الكتابِ يُخِبُّ فيه ويُوجِفُ
سألَ النبيَّ فقالَ ما أنا فاعلٌ / بالقومِ إذ ضَلُّوا السّبيلَ وَزَيَّفُوا
فَقَضى إليهِ الأمرَ يأخذُهم بهِ / ويُقيمُه بالحقِّ لا يَتحرَّفُ
للمسلمينَ أمورُهم وله على / مَن ضلَّ جِزيةُ عادلٍ لا يُجحِفُ
وطحا بجيفرَ جَهلُهُ وعِنادُه / فأبَى على عمروٍ وأعرضَ يأنَفُ
ورآهُ يَهدِرُ بالوعيدِ فراعه / وأتى غَدٌ فَانْقَادَ لا يَتوقَّفُ
وَانْساقَ يَتبَعُه أخوهُ وإنّه / لَمُهَذَّبٌ سَمْحٌ الخِلالِ مُثقَّفُ
وأتى اليمامةَ بالكتابِ رَسُولُها / فكذاكَ يَهذِي الطّامِحُ المتعَجْرِفُ
طُغيانُ شاعرِها وجَهْلُ خطيبها / وغروُ صاحِبها المُبيدُ المُتلِفُ
طَلَب المحالَ من النبيِّ ولم يَزَلْ / ذُو الجهلِ يُولَعُ بالمحالِ ويُشْغَفُ
يَهْذِي ببعضِ الأمرِ يَقطعهُ له / والأمرُ ما قطع الحُسامُ المُرهَفُ
والحارثُ المأفونُ طاحَ بِلُبِّهِ / خَبَلٌ تُصابُ بِهِ العقولُ فَتَضْعُفُ
ألقى الكتابَ وقالَ مُلكي ليس لي / كُفْؤٌ فَيُنزَعُ من يَديَّ ويُخْطَفُ
انْظُرْ شُجاعُ الخيلَ والجُندَ الأُلَى / تَلْقَى العدوَّ بهم تَكُرُّ وتزحَفُ
وَاذْكُرْ لِصاحبكَ الحديثَ فَرُبَّما / كَفَّ المناجِزُ وارْعَوى المُسْتَهْدِفُ
ثم استعدَّ وجاءَ قيصرَ وافدٌ / بصحيفةٍ منه تَصِرُّ وتَصْرُفُ
حَمْقاءَ يَطغى الغيظُ بين سُطورِها / وتَشُبُّ بالشَّنآنِ منها الأحرفُ
رَكِبَ الغُرورَ وقال إنّي قَاذفٌ / بالجيشِ يثرِبَ فَهْيَ قاعٌ صَفْصَفُ
قالَ ازْدَجِرْ ما أنتَ من أكفائها / واسْكُنْ فإنّك لَلغوِيُّ المُرجِفُ
فأفاقَ واتَّخَذَ الخِداعَ سَجِيَّةً / لا يَسْتَحِي منها ولا يَتعفَّفُ
بَعثَ السلامَ مع ابنِ وَهْبٍ وَادَّعَى / دَعْوَى الذي يُرخِي القِناعَ ويُغْدِفُ
قال ادَّخرني يا شُجاعُ فإنّ لي / قلباً إلى دينِ الهُدَى يَتشَّوفُ
إنّي لمتبِعٌ سبيلَ مُحمّدٍ / وإليكَ رِفْدُكَ بالكرامةِ يُرْدَفُ
سَمِعَ النبيُّ حدِيثَهُ فتكشَّفتْ / نَفسٌ مُقنَّعةٌ وقلبٌ أغْلَفُ
مُلكٌ يبيدُ ومالِكٌ يُرجَى إلى / أجلٍ يَحينُ وموعَدٍ ما يُخْلَفُ
يَأبَى الغَوِيُّ الرُّشدَ يرفعَ شأنَهُ / فإذا هوى ألفيتَهُ يَتأسَّفُ
لِلحقِّ مِئذنةٌ وَدَاعٍ مُسمِعٌ / في كلِّ شيءٍ بالخلائقِ يَهتِفُ
عَجِبَ الملوكُ لِكابرِينَ سَمَتْ بهم / هِممٌ تَميلُ عنِ العُروشِ وتَعزِفُ
المُتّقونَ هُمُ الملوكُ وإن أبَوْا / رَغدَ الحياةِ ولينَها فتقشَّفوا
عَكَفوا على آيِ الكتابِ فأفْلَحُوا / والجاهلونَ على المآثِمِ عُكَّفُ
يا ناقضَ العهدِ لا شَكْوَى ولا أَسَفُ
يا ناقضَ العهدِ لا شَكْوَى ولا أَسَفُ / اللَّهُ مُنتقِمٌ والسّيفُ مَنتصِفُ
تهجو النبيَّ وتُغرِي المُشرِكينَ بِهِ / مَهْلاً لكَ الويلُ ماذا أنتَ مُقترِفُ
كم جيفةٍ خرجتْ من فيكَ مُنكَرَةٍ / لمّا تردَّتْ ببدرٍ تِلكمُ الجِيَفُ
إنّ الوليمةَ أخزى اللّهُ صانِعَها / كانت ضِراراً فلا وُدٌّ ولا لَطَفُ
أتحسَبونَ رسولَ اللَّهِ يَجهلُها / مَكيدةً فَضَحَتْ أسرارَها السُّجُفُ
بل أظهرَ اللهُ ما تُخفونَ فانكشفتْ / يا وَيلَكم أيُّ خافٍ ليس يَنكشِفُ
لقد هَممتُمْ بمن لا حَيَّ يَعدِلُه / إن نُوزِعَ المجدُ بين النّاسِ والشَّرفُ
يا ويلَ من ظنَّ أن اللَّهَ يَخذُلُه / وأنّهُ من يمينِ اللهِ يُخْتَطَفُ
يا كعب مالك تؤذيه وتنكره / وما الولوع بقول الزور والشغف
جلعت مالَكَ للأحبارِ مفسدةً / يُمتاحُ فيها الأذى حِيناً ويُغتَرفُ
رَمَوْكَ بالحقِّ لمّا رُحتَ تسألُهم / وأعلنوا من يقينِ الأمرِ ما عَرَفوا
فقلتَ عُودوا فما عندِي لكم صِلَةٌ / جَفَّ المَعِينُ فلا قَصْدٌ ولا سَرَفُ
حَسْبِي الحقوقُ فمالِي لا يجاوزُها / إلى الفُضولِ وما عن ذاكَ مُنصرَفُ
عادوا يقولونَ ما أشقاهُ من رَجُلٍ / لا يرتضِي القولَ إلا حينَ ينحرِفُ
ثم انثَنوْا ينطقونَ الزُّورَ فانقلبوا / بالمالِ يَصدِفُ عنه المعشرُ الأُنُفُ
بِئسَ العطاءُ وبِئسَ القومُ أمرُهُم / وأمرُ سيّدهم في الغَيِّ مُؤتلِفُ
هُمُ اليهودُ لَو اَنَّ المالَ لاح لهم / في عَيْنِ مُوسى كليمِ اللهِ ما صَدَفوا
هبَّ ابنُ مسلمةٍ للحقِّ يَنصرُه / وللرسولِ يُريه كيفَ يَزدهِفُ
فقال دُونكَ سعداً إن هممتَ بها / شَاوِرْهُ فيها فَنِعمَ الحاذقُ الثَّقِفُ
قَضى ثلاثةَ أيامٍ على سَغَبٍ / وللمجرِّبِ ذي التدبيرِ ما يَصِفُ
وجاءَ في صحبِهِ يستأذنونَ على / تَقْوَى من اللهِ ما مالوا ولا جَنَفُوا
قال الرسولُ لكمُ في القومِ مأربُكم / ماذا على الدُّرِّ ممّا يُوهِمُ الصَّدَفُ
هِيَ القلوبُ فإن طابتْ سَرائرُها / فما بأفواهِكم عَيْبٌ ولا نَطَفُ
مَضوْا فقالوا لكعبٍ أنتَ مَوئلُنا / أنت الحِمى المُرتجى في الأزْلِ والكَنَفُ
أما ترانا جِياعاً لا طعامَ لنا / حتّى لقد كادَ يَغْشَى أهلَنا التَّلَفُ
لم يُبقِ صاحِبُنا شيئاً نَعيشُ بهِ / فالزّادُ مُنتهِبٌ والمالُ مُجترفُ
إن أنتَ أسلفتَنا ما نَستعيدُ به / رُوحَ الحياةِ فَغَيْثٌ ودْقُهُ يَكفُ
قال الحلائلُ رَهْنٌ ولا طعامَ لكم / إلا بهنّ فقالوا مَطلبٌ قُذُفُ
تأبَى علينا سَجايانا ويمنعُنا / هذا الجمالُ الذي أُوتيتَ والتَّرَفُ
قال البنونَ فقالوا لا تَكُنْ عَسِراً / البؤسُ أهونُ ممّا رُمْتَ والشَّظَفُ
خُذِ السِّلاحَ وإن كَلَّفْتَنا شَططاً / إنّ الشدائدَ فيها تَسْهُلُ الكُلَفُ
لم يَدْرِ مأْرَبهم إذ يسخرونَ بهِ / وإذ يُريدونَها دَهماءَ تُلتحَفُ
قال ارتضيتُ فقالوا غُمَّةٌ ذَهبت / عنّا غياهِبُها وَانْجابَتْ السُّدُفُ
وأرجأوهُ إلى إبَّانِ مَوْرِدهِ / يَعُبُّ من سُمِّهِ المُردِي ويَرتشِفُ
جاءوه باللّيلِ مَسروراً بغرفته / وليس يُنجِي الفتى من حَتفِهِ الغُرَفُ
وَرَنَّ صَوتُ أخيهِ عندَ مضجعهِ / اُخرُجْ إلينا أما تَنْفَكُّ تَعْتَكِفُ
فَهَبَّ يركضُ وَارْتاعتْ حَلِيلَتُه / مَهْلاً فإنّ فُؤادي خائِفٌ يَجِفُ
أنت امرؤٌ ذُو حروبٍ لا يُلائِمُه / أن يستجيبَ ذَوِي الأضغانِ إن دَلفوا
إنّي لأسمعُ صَوْتاً لستُ آمنُهُ / كأنّه الدمُ يَجرِي أو هُوَ الجَدَفُ
قالَ اسْكُتِي ودَعينِي إنّه لأخي / يَخْشَى عليَّ فَيرعاني وينعطِفُ
وراحَ يلقاهُ والإسلامُ مُبتسِمٌ / والشِّركُ مُتَّسِمٌ بالحزنِ مُرتجِفُ
وافاهُ في صَحْبِهِ يُدنِي الخُطَى عَبِقاً / كأنّه ذاتُ دَلٍّ زَانها هَيَفُ
قالوا أتمشِي إلى شِعبِ العجوزِ ففي / هذا الخلاءِ جَنىً للنفسِ يُخْتَرَفُ
وَانْظُرْ إلى القمرِ الزَّاهِي وبَهجتِهِ / وَاعْجَبْ له بعد هذا كيفَ يَنكسِفُ
ساروا إلى الشِّعبِ والأقدارُ تَتبعُهم / على هُدى اللهِ ما زَاغَتْ ولا اعْتَسَفُوا
حتّى إذا قعدوا ظَلَّتْ بموقفِها / وأقبلَ الموتُ عن أيمانِها يَقِفُ
وتِلكَ كفُّ أخيهِ فَوْقَ مَفْرقِهِ / كأنّها من جَنيِّ الزّهرِ تَقْتَطِفُ
يَشُمُّها ويقولُ القولَ يَخَدَعُه / في الطِّيبِ وَهْوَ له من خلفهِ هَدَفُ
ظَلَّتْ سيوفُ رسولِ اللهِ تأْخذُهُ / تَشُقُّ ما ضربتْ منه وتَنْتَقِفُ
يا حُسْنها صَيحةً من فيهِ يُرسِلُها / كادتْ تَخِرُّ لها من دارِهِ السُّقُفُ
لم تستطع عِرسُهُ صَبْراً فَجاوبَها / صَوْتٌ يُجلجِلُ أودَى السَّيِّدُ اللَّقِفُ
بَني قَريظةَ هُبُّوا من مَضاجِعكم / بني النَّضيرِ انْفرُوا للثأرِ وَازْدَلِفُوا
عَدا الرجالُ على كعبٍ فوالهفا / أين الحماةُ وماذا يَصنعُ اللَّهَفُ
تَبكِي عليه وماذا بعدَ مصرعِهِ / إلا البكاءُ وإلا الأدمعُ الذُرُفُ
إنّ الذي كان يَثْنِي عِطْفَهُ صَلَفاً / أمسى صَريعاً فلا كِبْرٌ ولا صَلَفُ
عادوا بهامتِهِ تُلْقَى مُذمَّمةً / عِندَ الرسولِ ومنه الصَدُّ والنَّكَفُ
طار اليهودُ على آثارهم فأبَتْ / أن يُدرَكوا هِمَمٌ تَرْمِي بهم عُصُفُ
اللَّهُ أكبرُ والحمدُ الجزيلُ له / نَصرٌ جديدٌ وفضلٌ منهُ مؤتَنَفُ
رِيعَتْ يهودُ فجاءَتْ تَبتَغي حِلفاً / عُودِيَ يَهودُ فنعمَ العهدُ والحلفُ
هَيهاتَ مالكِ من عهدٍ ولو حَمَلَتْ / مِلءَ البسيطةِ من أيْمانِكِ الصُّحفُ
عَبّادُ قُلْ إنّ في الأشعارِ تذكرةً / وإنَّ أحسنَها ما أورثَ السَّلَفُ
غَنِّ الرِّفاقَ بِوَحيِ الحقِّ تُنشِدُهُ / مَضَى النعيبُ وأودَى الشاعِرُ الخَرِفُ
غَضِبَ الحُماةُ لدين أَحمدَ غَضبَةً
غَضِبَ الحُماةُ لدين أَحمدَ غَضبَةً / نُصر الإِلهُ بِها وَعزَّ المُصحَفُ
قَذَفَت بِهانوتو فَطاحَ بَهبوَةٍ / تَرمِي بِأَبطالِ الرِجالِ وَتقذفُ
ما انقضَّ يَرمي المُسلِمِينَ بِعَسفِهِ / حَتّى اِنبَرى القَدرُ الَّذي لا يَعسِفُ
هاج الحُماةَ فَهاجَ كُلَّ مُشيَّعٍ / عَجِلِ الوَقائع بِالفَوارس يَعصفُ
جبريلُ يَدلِفُ بِاللواءِ وَأَحمدٌ / بَينَ الوَصيِّ وَبَينَ حَمزَةَ يَزحَفُ
أَو كلّما هاجَ التعصُّبَ أَهلُهُ / صاح الغَوِيُّ بِنا وضجَّ المُرجِفُ
في كُلِّ يَومٍ لِلتَعَصُّبِ غارَةٌ / يَدعو بِها داعِي الصَليبِ وَيَهتِفُ
ضَجَّت شُعوبُ المُسلمين وَراعهم / ظُلمُ الأُلى لَولا السياسَةُ أَنصفوا
جَعلوا الصَليبَ سِلاحَها وَتدَّفعت / عَن جانِبَيهِ دَماً فَلَم يَستنكفوا
إِنّ الصَليبَ عَلى جَهالةِ أَهلِهِ / ليرى سَبيلَ المُصلِحينَ وَيَعرِفُ
أَيَهِمُّ هانوتو بِقَبرِ مُحمَّدٍ / وَيَسوعُ حَولَيهِ يَطوف وَيَعكِفُ
أَيقولُ تِلكَ فَلا تَميدُ بِأَهلِها / باريسُ مِن فَزَعٍ وَيَهوي المُتحَفُ
فَلَسَوفَ يَنظرُ أَيّ مُلكٍ يَنطَوي / وَلَسَوفَ يَعلم أَيّ عَرشٍ يُنسَفُ
وَيحي عَلى الإِسلامِ هان وَزَلزَلَت / أَيدي الخُطوبِ شُعوبَه فَاستُضعِفوا
لَولا التَعصُّبُ لَم تُرَع في ظِلِّهِ / أُمَمٌ تَميدُ ولا ممالكُ تَرجُفُ
وَأَرى الَّذين تَفرَّقَت أَهواؤُهم / لَو أَنَّهُم غَضِبوا لَهُ لتأَلّفوا
مَهلاً دُعاةَ الشَرِّ إِنّ وَراءَكُم / يَوماً تَظلُّ بِهِ الشُعوبُ تَخطَّفُ
تَتَخبّط الأَحداث في غَمراتِهِ / وَتظلُّ عَن أَهوالِهِ تَتَكشَّفُ
لِلّهِ فيما تَفعلون بِدينهِ / عَهدٌ أَبرُّ وَمَوعدٌ ما يُخلَفُ
مَهلاً فيومئذٍ يُحَمُّ قَضاؤُهُ / إِنّ القَضاءَ إِذا جَرى لا يُصرَفُ
كشف الكِتابُ عَن المَحجَّةِ فَانظُروا / وَأَرى المحجّة عِندَكُم أَن تَصدِفوا
لُوذوا بِأروَعَ ما تَخافُ نُفوسُكُم / إِنّ الكِتابَ عَلى النُفوسِ لَأَخوَفُ
إِن الَّذي قَهرَ الجَبابر ما لَهُ / مَثَلٌ يُعَدُّ وَلا شَبيهٌ يُوصَفُ
يُزجِي أَساطيلَ القَضاءِ سُطورهُ / وَتَقود خَيلَ اللَهِ مِنهُ الأَحرُفُ
وَلربّما ركب المجرَّةَ فَاعتَلى / وَهَوى المُنيفُ عَلى العُبابِ المُشرِفُ
حِصنٌ يلوذُ الدينُ مِنهُ بِجانبٍ / عَزريلُ مُرتَقِبٌ عَلَيهِ يُرَفرفُ
تَشقى الجِواءُ بِما يُذِيبُ مِن القُوى / وَتَضيقُ بِالمُهجِ الَّتي يَتَلقَّفُ
ما بَينَ وَثبَةِ ثائِرٍ وَنُكوصِهِ / إِلّا مجالٌ للحُماةِ وَمَوقفُ
أَعيدوا لَنا عَصرَ الجِهادِ مُظَفَّراً
أَعيدوا لَنا عَصرَ الجِهادِ مُظَفَّراً / وَزيدوهُ عَصراً مِن جَمالٍ وَزُخرُفِ
وَجِدّوا بِنا إِنَّ الحَياةَ مَنازِلٌ / وَإِنّا سَئِمنا مَنزِلَ المُتَخَلِّفِ
فَيا قُربَ ما بَينَ الحَياةِ وَبَينَنا / إِذا ما تَبَدَّلنا مَطاراً بِمَوقِفِ
أَلا ثَقِّفوا الشَعبَ الَّذي نامَ جَدُّهُ / فَما مَلَكَ الدُنيا كَشَعبٍ مُثَقَّفِ
أَلا فَاِنظُروا دُنيا النُسورِ وَسابِقوا / إِلى المَجدِ فيها كُلَّ نَسرٍ مُرَفرِفِ
دَعوها حَياةً مَن يَبِت راضِياً بِها / يَبِت نِضوَ داءٍ ذي عَقابيلَ مُتلِفِ
أَرى كُلَّ نَهّاضٍ إلى المَجدِ صاعِداً / بِعَزمٍ مَتى يَركَب جَناحَيهِ يَعصِفِ
إِلى الأُفُقِ الأَعلى بَني مِصرَ فَاِنهضوا / سِراعاً وَرُدّوا غارَةَ المُتَخَطِّفِ
إِلى الغايَةِ القُصوى فَسيروا عَلى هُدىً / وَخَلّوا سَبيلَ الحائِرِ المُتَعَسِّفِ
أراك على ما يُرهقُ النّاسَ من أذىً
أراك على ما يُرهقُ النّاسَ من أذىً / بمنزلةِ الثّاوى المُقرِّ على الخَسفِ
أهانَ عليك النّاسُ أم لستَ بارحاً / طِوالَ الليالي تضربُ الكفَّ بالكفِّ
لقد رِيعَ سِربُ الدّهرِ ممّا تجرّعوا / بأيدي الأعادي من بَلاءٍ ومن حَتْفِ
نقِمنا الأذى منهم مَشُوباً فأمطروا / جوانبَ مصرٍ كلَّها من أذىً صِرفِ
أما كان في بُؤسِ الحياةِ وما جَنَتْ / صُروفُ اللّيالي من أذى العيشِ ما يكفي
يا قومُ إن كان مجدُ النّيل مطلبكم
يا قومُ إن كان مجدُ النّيل مطلبكم / فما لكم عن حُماةِ المجدِ مُنْصَرَفُ
لا تتبعوا مِلّةَ الغاوين واجتنبوا / أهواءَ قومٍ على أوثانهم عكفوا
سُوقٌ من الجهلِ تَستنُّ التِجارُ بها / ولا بضاعةَ إلا الحقُّ والشَّرفُ
صَاحَ الهُداةُ بمخدوعين ما فَقِهوا / معنى النيابةِ مُذ كانوا ولا عرفوا
دَارُ النيابةِ أمست من جرائرِهم / كأنّها حُفرةٌ تُلْقَى بها الجِيَفُ
فَكفِّروا بانتخابِ الصّالحين لها / عمّا جنَى قومُنا بالأمس واقترفوا
وضح السَبيلُ فما لهنّ وُقوفا
وضح السَبيلُ فما لهنّ وُقوفا / هِمَمٌ ثَوَيْنَ على الرجاء عُكوفا
يا دهرُ لا ترفُقْ ويا دنيا امنعِي / حتّى يسيرَ العاملون صُفوفا
تأبى العنايةُ أن تُجاوِرَ عاجِزاً / في العالمينَ وأن تزورَ ضعيفا
ثَمنُ الحياةِ لِمَنْ يُريدُ شِراءَها / وافٍ ويحسبه الغبيُّ طفيفا
النّفسُ منه فإن ضننتَ ببذلها / ضَنّتْ عليكَ وغادرتْكَ أسيفا
لكَ في كتابِ اللهِ خيرُ مُعلِّمٍ / فَكُنِ امرأً يَقِظَ الفُؤادِ حصيفا
إنّ الذين على هُداه تعلّموا / وجدوه بَرّاً بالشُّعوب رَؤوفا
يَهديُهم السَّنَنَ السَّوِيَّ ويبتَني / صَرْحَ الحياةِ لهم أشمَّ مُنيفا
كشفَ الظّلامَ عن القُلوبِ فأبصرَتْ / وبدا المُغيَّبُ واضحاً معروفا
الله أنزلَهُ فكان لِخَلقِهِ / نُوراً عَلا سُوَراً وعزَّ حُروفا
مَلكَ الرِّقابَ به أوائلُنا الأُلى / طُبِعُوا عليه أسنّةً وسُيوفا
دفعوا الحوادثَ والصرُّوفَ بأَنْفُسٍ / كانت حوادثَ تُتَّقَى وَصُروفا
من كلّ ماضٍ في الممالكِ نافذٍ / يجري بِمُستَبَقِ الحُتوفِ حُتوفا
يَرِدُ الدّماءَ مُطهَّراً ويخوضها / بَرَّ الوقائعِ والفتوحِ عَفيفا
يُحيي إذا أخذ اللّواءَ لِغارةٍ / بالنّفس يَسلبُها الحياةَ أُلوفا
هي حِكمةُ الإسلامِ يَعرفُ وصفَها / مَن كان من حُكمائه موصوفا
هذا بناءُ المتّقينَ لِربِّهم / لم يجعلوه على الهُدى مَوقوفا
رفعوه في ذاتِ الألهِ وإنّما / رَفعوا بهِ لِلمُسلمينَ أُنوفا
الله أكبرُ هل رأيتم مُؤمناً / عن دينِه وَكِتابهِ مَصروفا
يا قومُ ماذا تسمعون رُوَيْدَكم / إنّي لأَسمعُ في السّماءِ حَفيفا
جِبريلُ يهبط بالتَّحيّةِ فانْهَضُوا / مِلءَ السُّرادقِ هاتفين وقُوفا
اللهُ أكبرُ ما أجلَّ شِعارَنا / إنّا نراه مُحبَّباً مألوفا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025