القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِحُ الدين الأَرَّجاني الكل
المجموع : 5
حيثُ انتَهْيت من الهِجرانِ بي فقِفِ
حيثُ انتَهْيت من الهِجرانِ بي فقِفِ / ومن وراء دَمي سُمْرُ القَنا فخَفِ
يا عباثاً بِعِداتِ الوَصْلِ يُخلِفُها / حتّى إذا جاء ميعادُ الفراقِ يَفي
اِعْدِلْ كفاتنِ قَدٍّ منك مُعْتَدلٍ / واعْطِفْ كسائلِ صُدْغٍ منك مُنْعَطِف
ويا عَذولي ومَن يُصْغي إلى عَذَلٍ / إذا رنا أحورُ العَيْنَيْنِ ذو هَيف
تَلومُ قلبيَ أن أَصماهُ ناظرهُ / فيمَ اعتراضُك بينَ السَّهْم والهَدَف
سَلُوا عَقائلَ هذا الحيِّ أيَّ دمٍ / للأعيُنِ النُّجْلِ عند الأعيُنِ الذُّرُف
يَستوصِفونَ لساني عن مَحبّتِهمْ / وأنت أصدَقُ يا دَمعي لهمْ فصِف
ليستْ دموعي لنارِ الشّوقِ مُطفِئةً / وكيف والماءُ بادٍ والحريقُ خَفي
لم أنسَ يومَ رحيلِ الحيِّ مَوقفَنا / والعيسُ تَطلُعُ أُولاها على شَرَف
والعَينُ من لَفْتةِ الغَيرانِ ما حَظِيتْ / والدَّمْعُ من رِقْبةِ الواشِينَ لم يَكِف
وفي الحُدوجِ الغَوادي كُلُّ آنسةٍ / إن يَنكَشفْ سِجْفُها للشّمسِ تنكسِف
تُبِينُ عن مِعْصَمٍ بالوَهْمِ مُلْتَزَمٍ / منها وعن مَبْسِمٍ باللّحْظِ مُرَتشَف
في ذمّةِ اللهِ ذاك الرَّكبُ إنّهمُ / ساروا وفيهمْ حياةُ المُغْرَمِ الدَّنِف
فإن أَعِشْ بعدَهمْ فَرداً فيما عجَبي / وإن أَمُتْ هكذا وَجداً فيما أسَفي
قلْ للّذينَ رمَتْ بي عن دِيارِهمُ / أيدي الخُطوبِ إلى هذا النّوى القٌذُف
إن أبقَ أَرجِعْ إلى العهدِ القديمِ وإنْ / أَلْقَ الوزيرَ منَ الأيّامِ أَنتصِف
مَلْكٌ تَطوفُ البرايا حَولَ سُدَّتِه / ومَن يَجِدْ للأماني كَعبةً يَطُف
ظِلٌّ منَ اللهِ مَمدودٌ سُرادِقُه / مَدّاً من الطّرَفِ الأقْصَى إلى الطَّرَف
تُطيعُه الشُّهْبُ في الأفلاكِ دائرةً / والبِيضُ في الهامِ والأقلامُ في الصُّحُف
تَلوحُ بين بَني الدُّنيا فَضائلُه / كما تَبرَّجَتِ الأقمارُ في السُّدَف
بادي التَّواضعِ للزُّوّارِ من كَرمٍ / إنَّ التَواضعَ أقصَى غايةِ الشّرَف
في كفّهِ قَلمٌ يَعنو الزّمانُ له / ويَسْنَ الخطْبُ منه وهْو ذو عَجَف
الدّينُ والمُلْكُ منه كوكبا أُفقٍ / والجُودُ والبأسُ منه دُرَّتا صَدَف
من بُغْضِ لا ساعةَ التّوقيعِ في يَدِه / يكادُ في الطِّرْسِ لا يَجْري بلامِ أَلِف
أضفَى على النّاسِ ظِلَّ الأمنِ فابتَهجوا / حتّى تَناسَوا زمانَ الجَورِ والجنَف
فكَفَّ كُلَّ يدٍ بالظّلمِ باسطةٍ / وقَرَّ كُلَّ حشاً للخَوفِ مُرتجِف
وسار في كُلِّ قومٍ سيرةٍ وسَطاً / وقال لا شَرَفٌ للمَرْء في السَّرَف
فالله يَجْزيكَ سعْدَ المُلْكِ صالحةً / عن سالفٍ لكَ من نُعْمَى ومُؤتَنَف
إذْ أنت في نُصْرةِ السُّلطانِ مُنْفَرِدٌ / والقَومُ من كُلِّ ثاني العِطْفِ مُنْحَرِف
إذا أظلّتْه للأيّامِ مُظْلِمةٌ / مضَيْتَ مُعتزِماً فيها ولم تَقِف
وكُلّما أينعَتْ هاماتُ طائفةٍ / نادَيْتَ يا سيفُ قُمْ للمُلْك فاقْتَطِف
حتّى صفَتْ دَولةٌ كانتْ مكَدَّرةً / دَهْراً فقلتُ له خُذها ولا تَخَف
فاليومَ أضحَتْ غِراسُ الأُنسِ مُثْمرةً / فافخَرْ بأسلافِ عُرْفٍ عندَ مُعْتَرِف
واسعَدْ بإظْلالِ عيدِ الفُرسِ واحْوِ بهِ / منَ العُلا زُلفاً زُيدَتْ إلى زُلَف
فقد جَلا المِهْرَجانُ السَّعْدُ طلْعتَه / في صَدْرِ يومٍ بنُورٍ منك مُلْتَحِف
والأفْقُ يَسترقِصُ الجوزاءَ من طَرَبٍ / والأرضُ تَستوقفُ الأبصارَ من طُرَف
ما الشّمسُ في أوّلِ الميزانِ قام بها / وَزْنُ الزّمانِ فأضحَى غيرَ مُختَلِف
وإنّما اعتلَّ هذا الدَّهرُ من جَزَعٍ / لمّا اعتَلَلْتَ فلمّا أن شُفيتَ شُفي
يا مَن قَدِمْتُ على مأْنوسِ حَضْرتِه / بعد المَغيبِ وحُرُّ المَدْح من تُحَفي
لمّا هزَزْتَ إليّ العِطْفَ مكرمةً / والحُرُّ مُقتنَصٌ بالوُدِّ واللُّطُف
لثمتُ كفَّك شِكْراً وهْي طاميةٌ / يُروِي صدَى الوَفدِ منها أعذَبُ النُّطَف
فإن يكنْ مَنْطقي دُرّاً أفوهُ به / فقد تَرى أيَّ بحرٍ كان مُغْتَرَفي
لو فَرَّغ الدّهرُ فِكْري من شَواغلِه / أطلْتُ بالمجلسِ المَعْمورِ مُعتَكَفي
لكنْ أبَى ذاك صَدْرٌ غيرُ مُنشَرِح / لِما أُلاقي وهَمٌّ غَيْرُ مُتَّصِف
وزادَني قُرْبُ هذا العِيدِ مَوْجِدَةً / على زَمانٍ بما لا أَشتَهي كَلِف
أُهنِّئُ النّاسَ فيه مُظهِراً فَرَحاً / واللهُ يَعلَمُ ما أُخْفي من الأَسَف
ومن ورائي أُصَيْحابٌ تَركتُهمُ / في منزلٍ بخُطوبِ الدّهرِ مُكْتَنَف
لاذوا بِستُرٍ رقيقٍ من تَجمُّلِهمْ / إلاّ ينَلْهمْ وشيكُ الغَوثِ يَنْكَشِف
وقد رأَوْني بسَعْدِ الأرضِ مُتَّصِلاً / ويَنْظُرونَ بماذا عنه مُنْصَرَفي
ومن عجائبِ ما لاقَيتُ من زمنٍ / مُغْرَى الحوادِثِ بالأحْرارِ مُعْتَسِف
أنّ الطِّرازِيَّ أيضاً معْ حَقارتِه / يَمُدٌُ نحوَ معاشي كَفَّ مُخْتَطِف
ولو حلَفْتُ يَميناً أنَّ عِدَّتَه / من الحميرِ لَما استَثنَيْتُ من حَلِفي
ومَوضعي مَوضعي من حُسْنِ رأيكمُ / ففيمَ يَطمَعُ لولا شِدّةُ الخَرَف
يُذْري الدُّموعَ على أرْجانَ من سَفَهٍ / إنّ الكلابَ لَحسّادٌ على الجِيف
هذا وأرْجانُ مالي من فَوائدِها / مع الوِلايةِ غيرُ الحَمْلِ للكُلَف
إذا القُضاةُ تَجارَوْا في مسَائِلهمْ / لم تَهْذِ إلا بذِكْرِ البِيضِ والحَجَف
هذي خصومي وهذا فاعجبوا عملي / لقد بُليتُ بسُوء الكَيلِ والحَشَف
فاصدَعْ بأمْرٍ هَداكَ اللهُ من مَلِكٍ / يُميُّز اليومَ بينَ النُّكْرِ والعُرُف
وارفَعْ مَحلّي بلفظٍ منك مُشتهِرٍ / يَثْني الحسودَ بمَتْنٍ منه مُنقَصِف
وانظُرْ إلى خِلّةٍ بالحالِ مُزْريةٍ / تَبدو وأَرْخِ عليها السّتْرَ من ظَلَفي
وابسُطْ يميناً كصَوْبِ المُزْنِ ماطرةً / واسمَعْ ثَناءً كنَشْرِ الرَّوضَةِ الأُنُف
ما في بني زمني إلاّك ذو كرَمٍ / يظَلُّ يَأْوي الفتى منه إلى كَنَف
واسلَمْ ففيكَ لنا مِمّنْ مضَى خَلَفٌ / وليس عَنك فلا نَعدَمْكَ من خَلَف
في ظلِّ عُمْرٍ كَعُمْرِ الدَّهرِ مُتّصِلٍ / وشَمْلِ مُلْكٍ كنَظْمِ العِقْد مُؤتَلِف
مَحلُّكَ سامٍ والعلاءُ به اعتكَفْ
مَحلُّكَ سامٍ والعلاءُ به اعتكَفْ / وفَضْلُكَ بادٍ والحسود به اعْتَرَفْ
وأنت سديدٌ من يدِ اللهِ مُرسَلٌ / وإصلاحُ أحوالِ العبادِ له هَدَف
وكم سارَ لي من لَفْظةٍ هيَ دُرّةٌ / عُلاكَ لها تاجٌ وفكْري لها صَدَف
وذو شَغَفٍ منّي بمدحِكَ خاطِرٌ / بتَبليغِه أقصى المُنَى أنت ذو شَغَف
وقالوا عُلاكَ النّجمُ إذ ليس يُمتطَى / وقالوا نَداكَ البحرُ إذا ليس يُنتزَف
وما كان يُبْقي الخَلْقُ بِلّةَ إصبَعٍ / منَ البحرِ لو أمسَى كَجودِك يُغْتَرَف
ولا ما تُعيرُ الشّمسُ ظُفْرَ مُنجّمٍ / من الضّوءِ لو أضحَى كجاهِك يُلْتَحَف
ولا سَرَفٌ في الجُودِ قولُك دائماً / إذا قالَ بعضُ النّاسِ لا خيرَ في السَّرَف
وأنت الّذي مذْ جَدَّ في المَجْدِ ما ونَى / ومُذْ سار في إثْرِ المَحامدِ ما وَقَف
يُصَمّم حيثُ السّيلُ لو مَرَّ لانثنَى / ويُشرِقُ حيثُ البدرُ لو لاح لانْكَسَف
ويَشرُفُ أفعالاً ويَعلَمُ أنّه / تَواضعُه للنّاسِ أزْيَدُ للشّرَف
وتَبعُدٌ منّا الشّمسُ جِدّاً إذا بدَتْ / ولكنّنا من ضَوئها الدَّهَر في كَنَف
وكم لائمٍ في فَضْلِ مَسْعاهُ لامَه / فقال له مَهْلاً وأقوالُه نُتَف
وكم حاجةٍ للحُرِّ لمّا قضَيْتَها / حَسِبتَ غطاءً عن فؤادٍ قدِ انكَشَف
ألا يا هُماماً سَدَّد الحَقُّ رأْيَه / فليس له عن مَنْهَجِ الخَيرِ مُنْحَرَف
وصادفَ من دونِ الّذي رامَ من عُلاً / مَجاهِلَ لم تُسلَكْ إلى المجدِ فاعْتَسف
تَوسّطَ أعلَى قُنّةِ المُلْكِ طالعاً / وحَلَّ من السّفْحِ الحَسودُ على الطّرَف
وعَفَّ عنِ الخُلُقِ الدَّنيءِ وعافَه / وقاك الرَّدى مَنْ لم يَعِفَّ ولم يَعَفْ
تأملْ بعَينَيكَ العشيّةَ ناظِراً / إلى جَحفل الفِطْرِ الجديدِ الّذي زَحَف
فقد مَدَّ كَفُّ الغَربِ زَنْداً مُخضَّباً / عليه هِلالٌ كالسِّوارِ إذا انْعطَف
فأومَى بتَسليمٍ عليكَ مُهنِّئاً / بِعيدٍوفي كفّيْهِ من يُمْنِه تُحَف
فعادَ إليك العِيدُ ما هبّتِ الصَبا / وما انتابَ من بَعدِ الدُّجى الصُّبحُ وارْتدَف
وعادَ إليكَ الصّومُ في ظِلِّ دَولةٍ / بأَلْفِ افتِتاحِ واخْتتامٍ ومُنْتصَف
فصَومُك صَومٌ عن تُقىً وهو الّذي / لدَى اللهِ يَزداد المُطيعُ به زُلَف
وفي النّاسِ مَن حُكْمُ البَهيمةِ حُكْمُه / إذا صامَ حاشا الأكرمينَ أوِ اعتكَف
فيُقذَفُ في فيهِ اللّجامُ إذا بَدا الصْ / صَباحُ ويُلْقَى عنه باللّيْلِ للعَلَف
وهاتفةٍ هاجَتْ حَنيني بشَجْوِها / ولو أنّ ما بي بالحَمامِ لَما هَتَف
وقَلبي إلى وَكْري شَبيهُ جَناحها / إلى وكْرِها ليلاً إذا جَنّها السَّدَف
دنا العِيدُ من ناءٍ عن الأهلِ نازحٍ / فَسَرَّ الوَرى طُرّاً وضاعَف لي أَسَف
ولي كَبِدٌ منها على النّأي فِلْذَةٌ / إذا ما جرى ذكْرٌ لها عندَه ارتَجَف
فيا ليتَ عَيْني حيث تُبصِرُ وَجْهَه / قريباً ومَن يَطْوِي ليَ النّيّةَ القَذَف
صبيحَةَ يومِ العِيدِ والأنْس ُمُثْمِرٌ / فَمنْ مَدَّ كَفَّيْ فارغٍ مَدّةً قَطَف
إذِ النّاسُ مَسرورونَ كُلٌّ بصَحبِه / وكُلُّ مغيث كُلّما أَبَصَرَ الْتَهَف
وخلفَ النّوى قَومٌ عليَّ أَعِزّةٌ / كرامٌ يَزجّونَ اللّيالي على شَظَف
أُرَجّي لهمْ عَطْفَ الزّمانِ بصالح / ولولاهمُ لم أَرْجُ شيئاً ولم أَخَف
فجَدِّدْ إلى أمري لك الخَيرُ نظْرةً / فكم شَمْلِ أَحرارٍ بنِعْمَتِك ائْتَلف
كما أنّ صُنْعَ اللهِ عندك لم يَزَلْ / يُجَدِّدُ عزّاً باهراً لك مُؤْتنَف
برَغْمِ العِدا أن قد سمَوْتَ منَ العُلا / إلى رُتَبٍ منها طَريفٌ ومُطَّرف
وأن زارَك السُّلطانُ ضَيفاً مُسلِّماً / وما فَوقَ هذا للبريّةِ من شَرَف
وأَكرمْتَ مَثْواهُ فما مَرَّ طِرْفُه / على الأرضِ إلاّ فوقَ ما جُدْتَ من طُرَف
وجُودُكَ بالدّارِ الّتي قد بذَلْتَها / بَشيرٌ بأمْرٍ مَن تأمَّلَه عَرَف
ألم تَرَ أنّ البَدْرَ مَبدأُ نُورِه / إذا هو خَلّى البُرْجَ للشّمسِ وانْصَرَف
أيا مَن إذا ما جاوزَ الحَدَّ واصِفٌ / فأدْنَى عُلاه فوقَ أكبَرِ ما وَصَف
ومَن وجَهُه بِشْرٌ ومَن كفُّه نَدىً / ومَن خُلْقُه لطفٌ ومَن خَلْقُه لُطَف
هلَ أنْتَ مُعيني حينَ أَبغي مَعونةً / على نَيْلِ حَظ من يَدِ الدَّهرِ يُختَطَف
فعِندي زمانٌ لا يَزيدُ سوى أذىً / وعندي فؤادٌ لا يَزيدُ سوى أَنَف
ولي نَفْسُ حُرٍّ صَبْرُهُ يَقتُلُ الصَّدَى / إذا هو لم يُورَدْ بعِزٍّ على النُّطَف
إذا هو ألقَى بين عَينَيْه مَطْلَباً / مشَى فوقَ حَرْفِ السّيفِ فيه وما انْحَرَف
وما هِمَمي كالطَّيْرِ إن جُعْنَ جَوْعةً / يُحَلِّقْنَ جِدّاً ثُمّ يُسْفِفْنَ للجِيَف
تُفَوِّتُنا الأعراضُ ظُلْماً جَهالةً / بقومٍ وفي الأعراضِ لو شِئْتَ مُنتَصَف
إذا كُلَفي لم يَرفَعِ القومَ ثِقْلَها / فذاك عليهمْ لو درَوْا أكبرُ الكُلَف
فخُذْها كمَصْقولِ الثُّغورِ قَوافياً / تَلَذُّ بأفواهِ الرُّواةِ وتُرتَشَف
وشِعْري إذا ما لم يكُنْ فيك لم أُبَلْ / وإن لَجَّ طَبْعٌ كيفما جاءَ وارْتَصَف
لو أنّهمْ جادوا أَجَدْنا مَديحَهمْ / ولكنْ لِذاكَ الكَيْلِ يَصْلُحُ ذا الحَشَف
أَعدْتَ إلى فَرْعِ الزّمانِ شبَابَه / وقد شابَ حتّى دَبَّ في عَقْلِه الخَرَف
فَدُمْ للعُلا ما افتَرَّ للرَّوضِ مَبْسِمٌ / وجادَ له مُزْنٌ بأجفانِه وَطَف
جَنابُك للدُّنيا وللدّينِ كَعبةٌ / ودارُك للجَدْوَى وللحَمْدِ مُعتَكَف
قلتُ لمّا قالوا غدا رأْسُ شمسِ ال
قلتُ لمّا قالوا غدا رأْسُ شمسِ ال / مُلْكِ فَرداً يَطوِي مُتونَ الفَيافي
لم نُرِدْ كُلَّ ذا بهِ عَلِمَ اللّ / هُ اعتِقادي وما علَى اللهِ خاف
لكن الآنَ حيث كان فَصبْراً / وارْجُ خَيراً فاللهُ للعَبْدِ كاف
إنّما كان عُقْدةً رأْسُه قا / رَنَ شَمساً فآذنَتْ بانْكِساف
وإذا الرّأسُ فارقَ الشّمسَ فاعلَمْ / بُدِّلَ الاِنكسافُ بالاِنْكِشاف
أَتُراها تَظُنُّني الطَّيفَ لُطْفاً
أَتُراها تَظُنُّني الطَّيفَ لُطْفاً / فَتراني وليسَ تَرفَعُ طَرْفا
كُلّما زُرتُها تَخالُ خَيالاً / زار منّي فَتَكْسِرُ الطَّرْفَ ظَرفا
عَجِبتْ أنّني وقد نَزَفَتْني / في اكْتِئابي لَواعجُ الشّوْقِ نَزفا
أَتبدَّى للعَينِ شَخْصاً ولا أُو / جَدُ شَيئاً إنْ أَلْمسَتْنِيَ كَفّا
جَلَّ سُقْمي ودَقَّ جِسْمي نُحولاً / فهْو يَخْفَى وما بِه ليس يَخْفَى
أَيُّها النّائمونَ عن سَهَرِ الصّبْ / بِ إذا هَوَّم الخَلِيُّ وأغْفَى
ما عرفْتُ الرُّقادَ بالعَينِ طَعْماً / فَصِفوهُ أعرِفْهُ بالأُذْنِ وَصْفا
سَلَبتْنيهِ ظَبيةٌ تَركَتْني / مُقْلتاها ما عِشْتُ للوَجْدِ حِلْفا
غادَةٌ وَرْدُ خَدِّها وَسْطَ شَوْكٍ / مِن قَنا قَومِها إذا شِئْتُ قَطْفا
وهْي بَيضاءُ تُلبِسُ الوُشْحَ غُصْناً / من أَراكٍ وتُودِعُ الأُزْرَ حِقفَا
تتَجلّى شَمساً وتَنفَحُ مِسْكاً / وتَثنّى خُوطاً وتَنظُر خِشْفا
رمَتِ العَينُ جَمرةَ الخدِّ منها / بحصَى الدُّرِّ غُدوةَ البَيْنِ خَذْفا
ثُمّ سارَتْ وفي الجَوانحِ منّي / خُرَقٌ غادرَتْ فؤاديَ رَضْفا
فتَبِعْتُ الغادينَ أَخطَفُ آثا / رَ مَطاياهمُ بِخَدَّيَّ خَطْفا
فَسقَى عَهدهَا وإن نقضَتْه / خِلْفُ مُزْنٍ لم يَخْشَ راجيهِ خُلْفا
جارةٌ جاورتْ وجارَتْ ولم أُلْ / فَ قديماً أَرضَى مَع الجَوْرِ إلْفا
هي قَيسيّةٌ ونحن يَمانو / نَ ولا غَرْو أن نَبِرَّ ونُجْفَى
أَشبهَتْ عَيْنَها سُيوفَ رجالٍ / في الوغَى يومَ تَنسِفُ الهامَ نَسْفا
وهْي منّي تَقتَصُّ عن قَتْلِ قَومي / قَومَها إن رنَتْ قِصاصاً مُوفَّى
رُبَّ حَيٍّ عِداً قَرعْنا قَناهمْ / بقَنانا والشّرُّ أنْفى
وصُدورُ الرِّماحِ أعيَتْ قَديماً / كُلَّ مَن سامَنا منَ النّاسِ خَسفا
تُصبِحُ الحادثاتُ مَوتورةً مِنْ / نا فما تَستَطيعُ أن تَتَشفّى
وإذا رَنّقت خَلائقَ قَومٍ / ظَلَّ أخلاقُنا بها تَتَصَفّى
يُحمَدُ العاجزونَ في نُوَبِ الدَّهْ / رِ إذا ما عصَفْنَ بالناسِ عَصْفا
ويَزيدُ النّارَ القَويّةَ وَقْداً / كُلُّ رِيحٍ بها الضّعيفةُ تُطْفا
فأقِيما بها الهَواديَ وَسْطَ الْ / بِيدِ حتّى تُصَفَّ للسّيْرِ صَفّا
ودَعاها تَطْوِي وتَنْشُرُ وَخْداً / من مُتونِ الفَلا العريضةِ صُحْفا
سَطْرُ عِيسٍ إلى بَياضِ فَلاةٍ / نقلَتْه الحُداةُ حَرْفاً فحَرْفا
ناحلاتِ الأشباحِ مثْلِ المَداري / وهْي تَفْلي شَعْراً من اللّيْلِ وَحْفا
قطَعتْ عَرْضَ كلِّ خَرْقٍ مَخوفٍ / يَملأ المِسْمَعَيْنِ شَدْواً وعَزْفا
قادحاتِ الحصَى كأنّ خُطاها / تَقذِفُ الجَوَّ منه بالشُّهْبِ قَذْفا
مُسرِعاتٍ حتّى تَخالَ فُوَيْقَ ال / أرضِ منها طَيْراً يَمُرُّ مُسِفّا
يَحلِفُ المَرءُ إنّها لا تَمَسُّ ال / أرضَ من فَرْطِ خِفّةِ الوَطْءِ خُفّا
فاستقَلّتْ وللحُداةِ ارْتِجازٌ / خَلْفَها وهْي تَخْطِفُ الخَطْوَ خَطْفا
برِجالٍ على الرِّحالِ نَشاوَى / للسُّرى تُلزِمُ القُتودَ الأكُفّا
فِتْيةٍ من بني الرّجاءِ كرامٍ / قَصدوا من مُؤيِّدِ الدِّينِ كهْفا
فطِلابُ العُلا لدى ابْنِ عَليٍّ / لِعليلِ الآمالِ يا صاحِ أَشْفى
مَلِكٌ يَقْتَفي الكرامَ ويَغْدو / عنْدَه الوفْدُ بالكَرامةِ يُقْفَى
أَلجَمَ الدَّهْرُ بالثُّريّا لنا اللّيْ / لَ إليه حتّى امتطَيْناهُ طِرْفا
قلتُ للرَّكْبِ يَخْبِطونَ اعْتِسافاً / حينَ خافوا للدَّهْرِ خَبْطاً وعَسْفا
اِصْرِفُوا أوجُهَ المَطيِّ إليه / ثُمّ لا تَحذَروا من الدَّهْرِ صَرْفا
واجْعَلوا عندهُ الأزمّةَ عُقْلاً / واغْرِفوا كيف شِئْتُمُ البحرَ غَرْفا
عندهُ عِلّةُ المَسائل والسّا / ئلِ بالفَضْلِ والَتفضُّلِ تُشْفى
مَعْلَمُ العِلْمِ عادَ منه جَديداً / بَعدما كانَ رَسْمُه قد تَعفَّى
يَجْتلي السَّمْعُ منه أبكارَ أَفْرا / دٍ إذا شاءَ زَفَّها لك زَفّا
وإذا ما انْتَضَى له الفِكْرُ رأْياً / خِلْتَه رافعاً عنِ الغَيْبِ سِجْفا
ذو بيانٍ يَحكي الكواكبَ زُهْراً / وبنانٍ تَحكي السّحائبَ وُطْفا
عَمَّ إنعامُه وتَكْفي جَليلَ الْ / خَطْبِ أقلامُه وإنْ كُنَّ عُجْفا
كُلَّما نَمّقَتْ بيُمْناهُ سَطْراً / زادَتِ المُلْكَ قُوّةً وهْي ضَعْفَى
ولها دَمعةٌ تُميتُ وتُحيي / وهْي في الطِّرسِ رَطبةٌ لم تَجَفّا
وكأنّ الكتابَ سِلْكٌ عليه / دُرَرُ النُّطْقِ منه تُرصَفُ رَصْفا
كَلِماتٌ خُلِقْنَ منه على الأع / داء سَيْفاً عَضْباً وللمُلْكِ زَغْفا
كلّما أَطمَع المُعاديَ فَتْحٌ / عكَستْه عليه فارتَدَّ حَتْفا
يا صَفيّاً لدَولةِ المَلِكِ الأعْ / ظَمِ أصفَى له الوَلاءَ وأَضْفى
وصَدوقاً يُري الأمورَ بعَيْنَي / هِ مَليكَ الدُّنيا إذا شاءَ كشْفا
فَتراهُ للمُلْكِ وهْو كَلوءُ الدْ / دَهْرِ يَرعاهُ ناظِراً مُستَشِفّا
ويَعُمُّ الدُّنيا بإشْراِقه مِنْ / ه سَناً بالبلادِ والنّاسِ حَفّا
أَشرَقتْ ثُمّ أشرَقَتْ فعلَيْها / لا نُجودٌ ولا تَهائمُ تَخْفَى
فِعْلَ نَدْبٍ وافى السّياسةِ طَبٍّ / مازجٍ للأنامِ لُطْفاً وعُنْفا
وقديمِ العلاءِ مِن بَيْتِ مَجْدٍ / لم يَجِدْ فيه مُنشِدُ الدَّهْرِ زَحْفا
رُبَّ عُرْفٍ ما زالَ يَحمِلُ عنه الرْ / ركْبُ ذِكْراً كأنّه المِسْكُ عَرفا
عَوَّد البَسْطَ كَفّهُ طاعةَ الجُو / دِ فلم يَستَطعْ لها العَذْلُ كَفّا
خَلَفٌ عَدّهُ الزّمانُ نَجيبياً / من بَنيهِ وغَيْرَه عَدَّ خَلْفا
ففَداهُ مِن الرَّدى كُلُّ نِكْسٍ / يَدَّعي نِسبةَ العُلا وهْو يُنفَى
وضَع النَّقْصُ منه فازْدادَ كِبْراً / ويَزيدُ التّصغيرُ في الاِسْمِ حَرْفا
يا حَسوداً قد عَيَّ بالمجدِ حِمْلاً / أَلْقِ عِبءَ العَلاء وانْجُ مُخفِّا
وصريعاً للخطْبِ بالبُعْدِ منه / عنْده اسْتَكْفِ حادثَ الدَّهرِ تُكْفَا
خلَقَ اللهُ من حُسَيْنٍ أخي الإح / سانِ شَخْصاً على المكارمِ وَقْفا
جِئْتُه وافداً فأَغْنَى ومُشْتا / قاً فأَدنَى وزائراً فتَحفَّى
وبدا لي فقُلتُ لم أَرَ كاليو / مِ هُماماً أقَلَّ كُفْؤاً وأَكْفَى
آخِرٌ يَفضُل الأوائلَ مَعنىً / مثْلما يَفضُلُ الرَّويُّ الرِّدْفا
فهْو أَوفَى الأنامِ عِرْفانَ ذي فَضْ / لٍ وأَوْفاهُمُ لذي الفَضْلِ عُرْفا
صاغَ بِرّاً وصُغْتُ شُكْراً ولكنْ / ظَلَّ قَولي لفِعْلِه يَتَقَفّى
فيَصوغُ العَلياءَ للجِيدِ طَوْقاً / وأَصوغُ الثّناءَ للأُذْنِ شِنْفا
أَيُّهذا الّذي كَبِرْتَ عنِ الوَصْ / فِ فعَطْفاً على الأصاغِرِ عَطْفاً
ما لِمَدْحي لدَيْكَ قَدْرٌ ولكنْ / كرَمُ الطّبْعِ هَزَّ لي منك عِطْفا
وعُهودٌ قَدُمْنَ لي في مُوالا / تِكَ يَعطِفْنَ لي فؤادَكَ عَطْفا
وودادٌ من دَمعةِ الماءِ أضحَتْ / وهْي حَيْرَى في مُقْلةِ الغَيمِ أَصْفى
كم بأبوابِكَ الرَّفيعةِ يُلْفَى / طالِبُ الجاهِ والنّوالِ ويُكْفَى
من عُفاةٍ لهمْ عَطاؤكَ يُجْنَى / وعُتاةٍ عنهمْ بحِلْمِكَ يُعْفَى
لا خلَتْ منك دَولةٌ زادَها اللّ / هُ جَمالاً مذْ عُدْتَ للضِّعْفِ ضِعْفا
مُسبَغاً ظِلُّكَ الظّليلَ عليها / وعلَينا ما حَنّتِ النِّيبُ مُضْفَى
وإذا ما خلَعْتَ ألْفاً منَ الأع / وامِ في العِزّ عُدْتَ تَلبَسُ ألفا
حَلفْتُ بالسّاعِينَ يومَ المَوقِفِ
حَلفْتُ بالسّاعِينَ يومَ المَوقِفِ / وكثْرةِ الدّاعين بالمُعرَّفِ
وضَجّةِ الشُّعْثِ المُلَبِّين ضُحىً / وزَحْمَةِ الحَجيجِ في المُطَوَّف
وزَمْزمٍ والمَرْوتَيْنِ ومِنَى / والجمْرَتَيْنِ والمَقامِ الأَشْرَف
والبُدْنِ تُدمَى والجِمارِ أصبحَتْ / تُرمَى وبَيتِ الحَرَمِ المُسجَّف
وكُلُّ عَينٍ قابلَتْه فانْثنَتْ / مَملوءةً من الدّموعِ الذُّرّف
حَلْفةَ بَرٍّ في أَلا يا صادِقٍ / لو لم يَثِقْ من نَفسِه لم يَحْلِف
لو أَنّ ما وجَدْتُه وصَفتُه / أَيّامَ عُمري كُلَّها لم يُوصَف
من قَلقي السّالفِ حين اعْتادَني / وبَعدَه من طَربي المُستَأْنَف
لِماجِدٍ طارَ فؤادي أَسَفاً / وفَرَحاً من بَعْدِ ذاكَ الأَسَف
يومَ ارتَحلْتُ وهْو حاشاه اشْتكى / ويومَ عاوَدْتُ وقالوا قد شُفي
فقلتُ للدُّنيا وقد تَجدَّدَتْ / أَنوارُها غِبَّ ظلامٍ مُسْدِف
يا عَيْنَ يَعقوبَ ارْجِعي مُبصِرةً / فقد أَعادَ اللهُ وَجْهَ يُوسُف
خَيْر بَنِيك لا عَرفْتُ فَقْدَه / فليس عنه للعُلا من خَلَف
بَدْرُ جلالٍ لا استَسَرَّ أَبداً / وشَمسُ علياءَ فلا تَنْكَسِف
أبلَجُ يَعْصي العاذلِينَ في النّدى / فَعالَ صَبٍّ بالمعالي كَلِف
ما مِثْلُه سَماحةً في شَرَفٍ / يُلْفَى ولا تَواضُعٌ في شَرَف
يَبْسطُ للسّائلِ كَفَّ حاتِمٍ / ويَمنَحُ الجاهِلَ سَمْعَ الأحْنَف
ويُستعارُ من شَبا أَقلامِه / مَضاءُ أطْرافِ القنا المُثَقَّف
فجُودُه نَثْرُ شآبيبِ الحَيا / ورأْيُه حَدُّ الحُسامِ المُرْهَف
للهِ فَخْرُ الدِّينِ مثْل ماجدٍ / أَزْرَتْ يَداهُ بالغُيوثِ الوُكَّف
من سابِقٍ في المكرُماتِ يُقْتَفى / في سَنَنِ الجُود وليس يَقْتَفي
يُصفي الإمامَ نُصْحَه ووُدَّه / وهْو له منَ الأنامِ مُصْطَفى
يُصبِحُ منه كُلَّ يومٍ حادِثٍ / لِبابِه ذا قُربٍ وزُلَف
قد كان وَحْشاً مِدْحتي فاصطادَها / منه كريمٌ حَسَنُ التّألُّف
إذا انتدَى أَصبحَ ظَهْرُ كفِّه / ثَغْراً لباغي العزِّ حُلْوَ المَرْشَف
يُكرِمُ أهْلَ الفَضْلِ حتّى ما لَهُمْ / إلاّ ذُراه أبداً من مَأْلَف
يَمدَحُه بنو الزّمانِ كلُّهمْ / بما لَهمْ من مَنْطقٍ مُؤَلَّف
مِن مُوجِزٍ في مَدْحِه ومُطْنِبٍ / ومن صَريح شِعْرُه ومُقْرِف
والطّيرُ إنْ جاء الرَّبيعُ كُلُّها / داعيةٌ بنُطْقِها المُخْتَلَف
لو كان يَفْنَى الشِّعْرُ أَفْنَوه إذنْ / من وَلَعٍ بمَدْحِه وشَغَف
لكنْ إذا ما كان بَحْرُ جُودهِ / يَمُدُّ بَحْرَ مَدْحِهمْ لم يُنزَف
إلى ذُراهُ قطَعتْ ركائبي / للمجدِ كُلَّ مَهْمَهٍ ونَفْنَف
وقائلٍ يُظهِرُ لي تَعجُّباً / من عُظْمِ ما أَسرَعْتُ من مُنصَرفي
أَكُلَّ عامٍ رحْلةٌ لنَحْلةٍ / هذي بتلك لو علمتَ لا تَفي
والموقفُ الأسمَى يُنَالُ بِرُّه / على النّوى أَكرِمْ به من مَوقِف
والمَجلِسُ السّامي الظّهيرِيَّ له / لك اعْتِناءٌ وهْو ذو تَلَطف
فلو أَقَمْتَ وبَعَثْتَ مِدَحاً / أَغنَتْ عنِ المَسيرِ والتَّعسُّف
والحَجُّ فَرضٌ مرّةً على الفتى / أن يأتيَ البَيتَ بحَمْلٍ الكُلَف
ثُمَّ يُقيمُ ويُصلّي شَطْرَه / واللهُ من عَبْدٍ بذاكَ يَكْتَفي
قُلْتُ جُزيتَ الخيرَ لي من ناصحٍ / أصبحَ عن سَرائري مُستَكْشِفي
فكُلُّ ما أَسمَعْتَنيهِ كَلِمٌ / عن جِهةِ الصّوابِ لم تُحَرَّف
لكنّ لي مَولىً قصَدْتُ نَحوَه / فهْو لِنُعماهُ قديماً مُسْلِفي
فارقْتُه مِن قبلِ ما شاهَدْتُه / فعُدْتُ عَجْلانَ عسى أن أَشْتَفي
أعني ظهيرَ الدّولةِ القَرْمَ الّذي / يَزيدُ بالقَصْدِ له تَشَرُّفي
ما عَوْدَتي إلاّ إلى جَنابِه / واللهُ ربّي عالِمُ السِّرِّ الخَفي
مَولىً لِقَصْدي وقَصيدي عندَه / أضحَى الزّمانُ مُسْعِدي ومُسْعِفي
صَرَّفْتُ دَهْري تحت حُكْمي صاغِراً / مُذْ كان تحت حُكْمِه تَصَرُّفي
وكنتُ قبلَ اليومِ مُستَعطِفَه / فصار من إِجْلالِه مُستَعطِفي
فقُلْ له تَفديه نَفْسي من فتىً / أَصبحَ عُذْرَ الزّمَنِ المُقْتَرِف
أنت العزيزُ فَمُرِ الدَّهْرَ إذنْ / يُوفِ لنا الكَيلَ ولا يُطَفِّف
فقد حَثَثْتُ في عِقالِ أَملي / على النّوى إلى المَحَلِّ القُذُف
واصْرِفْ إلى أوطانِه منّي فتىً / إلاّ إليكَ نَفْسُه لم تُصْرَف
فهكذا إذا أُضيفَ يَنْثَني / مُنْصرِفاً ما ليس بالمُنْصَرِف
بَحرُ أميرِ المؤمنين للنّدى / ورأْيُك السّاحلُ للمُغْتَرِف
فأنت في إيصالِ سَيْبِ كفِّه / مُستَخلِفٌ للقائمِ المُستَخَلف
وكم هَممْتُ أن أُقيمَ ساكناً / وسالِكاً طريقةَ المُخَفَّف
لكنْ لسانُ مجدِكَ الماضي الشَّبا / قال لنفسي اقْترحي وأَسرِفي
فكيف لا يَبذلُ فَضْلَ جاهِه / مَنْ يَبْذُل الأموالَ بَذْلَ المُسْرِف
مَنْ كَفُّه إذا اعتَفاه سائلٌ / أَسمَحُ من قَطْرِ الغمامِ الأَوطَف
تَسخو لأبناءِ الزّمانِ كفُّه / بكُلِّ عَفْوٍ قَبلَه لم يُعْرَف
وخيرُ ما نالَ به الحَمْدَ الفتَى / مالٌ لسَهْمِ الدَّهْرِ كالمُستَهْدَف
فجُدْ به وسُدْ به بَينَ الورَى / وابْذلْه بَذْلاً مِلْءَ كَفِّ المُعْتَفى
فالوَرْدُ من أَغصانهِ بطَبْعِه / مُنتَشِرٌ لابُدَّ إن لم يُقْطَف
جاءتْكَ بِنْتُ ساعةٍ من لَيلةٍ / مَطْبوعةً من غَيرِ ما تكَلُّف
حَسناءُ تُجلَى من بديعِ لَفْظِها / في مثْلِ بُرْدِ الرَّوضةِ المُفَوَّف
من خاطرٍ جارٍ متى ما أَدْعُه / إلى امتداحٍ لكمُ لم يَقِف
كالبَحرِ يُلْقي الدَّهْرَ منه دُرَّه / ليس سوى فكْري لها من صَدَف
إن فُتِنَ النّاسُ بسِحْرِ بابلٍ / أو ملأوا منه بُطونَ الصُّحُف
فلي يَدٌ بيضاءُ إن أظهرتُها / في النّظْمِ مهما يَأْفِكوا تَلَقَّف
وقلَمي في الطِّرسِ ثُعبانٌ إذا / نَضنَضْتُ قال الفَضلُ لي لا تَخَف
إذا ذوو السِّحرِ رأوا آياتِها / أبْدَوْا لديها سَجدةَ المُعْتَرِف
إليك أهْدَى رَمضانُ يُمْنَه / فاقْبَلْ هَديّةَ الولِيِّ المُتْحف
وافَى َبشيراً بُعلُوٍّ زائدٍ / في ظِلِّ شَمسِ دَولةٍ مُؤتَلف
ومَدَّ بالبُشرَى يدَيْ هِلالِه / مثْلَ سِوارٍ فوقَها مُعطَّف
من خِلْعةِ اللهِ عليه إذ سَعَى / إلى ذُراكَ طَلبُ التَّشَرُّف
بدَوْتَ تَسمو للمعالي وبَدا / يُجْلَى لعَيْنِ النّاظرِ المُستَشْرِف
ورُؤْيةُ النّاسِ هلالَيْنِ معاً / في أوّلِ الشّهْرِ مِنَ المُستَطْرَف
فَزادَنا جَمعُكما أُنْساً ولو / وحْدَك للنّاسِ طَلَعْتَ لاكْتُفي
فزِدْ بذا الشّهْرِ الشّريفِ بَهجةً / وَرِدْ جِمامَ العَيشِ عَذْبَ النُّطَف
واعْدُدْ منَ الأعوامِ أَلْفاً مثْلَه / حتّى إذا استْكملْتَها فَنَيِّف
في دولةٍ مَحْسودةٍ عَلياؤها / ما شاقَ تَغْريدُ الحَمامِ الهُتَّف

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025