المجموع : 5
حيثُ انتَهْيت من الهِجرانِ بي فقِفِ
حيثُ انتَهْيت من الهِجرانِ بي فقِفِ / ومن وراء دَمي سُمْرُ القَنا فخَفِ
يا عباثاً بِعِداتِ الوَصْلِ يُخلِفُها / حتّى إذا جاء ميعادُ الفراقِ يَفي
اِعْدِلْ كفاتنِ قَدٍّ منك مُعْتَدلٍ / واعْطِفْ كسائلِ صُدْغٍ منك مُنْعَطِف
ويا عَذولي ومَن يُصْغي إلى عَذَلٍ / إذا رنا أحورُ العَيْنَيْنِ ذو هَيف
تَلومُ قلبيَ أن أَصماهُ ناظرهُ / فيمَ اعتراضُك بينَ السَّهْم والهَدَف
سَلُوا عَقائلَ هذا الحيِّ أيَّ دمٍ / للأعيُنِ النُّجْلِ عند الأعيُنِ الذُّرُف
يَستوصِفونَ لساني عن مَحبّتِهمْ / وأنت أصدَقُ يا دَمعي لهمْ فصِف
ليستْ دموعي لنارِ الشّوقِ مُطفِئةً / وكيف والماءُ بادٍ والحريقُ خَفي
لم أنسَ يومَ رحيلِ الحيِّ مَوقفَنا / والعيسُ تَطلُعُ أُولاها على شَرَف
والعَينُ من لَفْتةِ الغَيرانِ ما حَظِيتْ / والدَّمْعُ من رِقْبةِ الواشِينَ لم يَكِف
وفي الحُدوجِ الغَوادي كُلُّ آنسةٍ / إن يَنكَشفْ سِجْفُها للشّمسِ تنكسِف
تُبِينُ عن مِعْصَمٍ بالوَهْمِ مُلْتَزَمٍ / منها وعن مَبْسِمٍ باللّحْظِ مُرَتشَف
في ذمّةِ اللهِ ذاك الرَّكبُ إنّهمُ / ساروا وفيهمْ حياةُ المُغْرَمِ الدَّنِف
فإن أَعِشْ بعدَهمْ فَرداً فيما عجَبي / وإن أَمُتْ هكذا وَجداً فيما أسَفي
قلْ للّذينَ رمَتْ بي عن دِيارِهمُ / أيدي الخُطوبِ إلى هذا النّوى القٌذُف
إن أبقَ أَرجِعْ إلى العهدِ القديمِ وإنْ / أَلْقَ الوزيرَ منَ الأيّامِ أَنتصِف
مَلْكٌ تَطوفُ البرايا حَولَ سُدَّتِه / ومَن يَجِدْ للأماني كَعبةً يَطُف
ظِلٌّ منَ اللهِ مَمدودٌ سُرادِقُه / مَدّاً من الطّرَفِ الأقْصَى إلى الطَّرَف
تُطيعُه الشُّهْبُ في الأفلاكِ دائرةً / والبِيضُ في الهامِ والأقلامُ في الصُّحُف
تَلوحُ بين بَني الدُّنيا فَضائلُه / كما تَبرَّجَتِ الأقمارُ في السُّدَف
بادي التَّواضعِ للزُّوّارِ من كَرمٍ / إنَّ التَواضعَ أقصَى غايةِ الشّرَف
في كفّهِ قَلمٌ يَعنو الزّمانُ له / ويَسْنَ الخطْبُ منه وهْو ذو عَجَف
الدّينُ والمُلْكُ منه كوكبا أُفقٍ / والجُودُ والبأسُ منه دُرَّتا صَدَف
من بُغْضِ لا ساعةَ التّوقيعِ في يَدِه / يكادُ في الطِّرْسِ لا يَجْري بلامِ أَلِف
أضفَى على النّاسِ ظِلَّ الأمنِ فابتَهجوا / حتّى تَناسَوا زمانَ الجَورِ والجنَف
فكَفَّ كُلَّ يدٍ بالظّلمِ باسطةٍ / وقَرَّ كُلَّ حشاً للخَوفِ مُرتجِف
وسار في كُلِّ قومٍ سيرةٍ وسَطاً / وقال لا شَرَفٌ للمَرْء في السَّرَف
فالله يَجْزيكَ سعْدَ المُلْكِ صالحةً / عن سالفٍ لكَ من نُعْمَى ومُؤتَنَف
إذْ أنت في نُصْرةِ السُّلطانِ مُنْفَرِدٌ / والقَومُ من كُلِّ ثاني العِطْفِ مُنْحَرِف
إذا أظلّتْه للأيّامِ مُظْلِمةٌ / مضَيْتَ مُعتزِماً فيها ولم تَقِف
وكُلّما أينعَتْ هاماتُ طائفةٍ / نادَيْتَ يا سيفُ قُمْ للمُلْك فاقْتَطِف
حتّى صفَتْ دَولةٌ كانتْ مكَدَّرةً / دَهْراً فقلتُ له خُذها ولا تَخَف
فاليومَ أضحَتْ غِراسُ الأُنسِ مُثْمرةً / فافخَرْ بأسلافِ عُرْفٍ عندَ مُعْتَرِف
واسعَدْ بإظْلالِ عيدِ الفُرسِ واحْوِ بهِ / منَ العُلا زُلفاً زُيدَتْ إلى زُلَف
فقد جَلا المِهْرَجانُ السَّعْدُ طلْعتَه / في صَدْرِ يومٍ بنُورٍ منك مُلْتَحِف
والأفْقُ يَسترقِصُ الجوزاءَ من طَرَبٍ / والأرضُ تَستوقفُ الأبصارَ من طُرَف
ما الشّمسُ في أوّلِ الميزانِ قام بها / وَزْنُ الزّمانِ فأضحَى غيرَ مُختَلِف
وإنّما اعتلَّ هذا الدَّهرُ من جَزَعٍ / لمّا اعتَلَلْتَ فلمّا أن شُفيتَ شُفي
يا مَن قَدِمْتُ على مأْنوسِ حَضْرتِه / بعد المَغيبِ وحُرُّ المَدْح من تُحَفي
لمّا هزَزْتَ إليّ العِطْفَ مكرمةً / والحُرُّ مُقتنَصٌ بالوُدِّ واللُّطُف
لثمتُ كفَّك شِكْراً وهْي طاميةٌ / يُروِي صدَى الوَفدِ منها أعذَبُ النُّطَف
فإن يكنْ مَنْطقي دُرّاً أفوهُ به / فقد تَرى أيَّ بحرٍ كان مُغْتَرَفي
لو فَرَّغ الدّهرُ فِكْري من شَواغلِه / أطلْتُ بالمجلسِ المَعْمورِ مُعتَكَفي
لكنْ أبَى ذاك صَدْرٌ غيرُ مُنشَرِح / لِما أُلاقي وهَمٌّ غَيْرُ مُتَّصِف
وزادَني قُرْبُ هذا العِيدِ مَوْجِدَةً / على زَمانٍ بما لا أَشتَهي كَلِف
أُهنِّئُ النّاسَ فيه مُظهِراً فَرَحاً / واللهُ يَعلَمُ ما أُخْفي من الأَسَف
ومن ورائي أُصَيْحابٌ تَركتُهمُ / في منزلٍ بخُطوبِ الدّهرِ مُكْتَنَف
لاذوا بِستُرٍ رقيقٍ من تَجمُّلِهمْ / إلاّ ينَلْهمْ وشيكُ الغَوثِ يَنْكَشِف
وقد رأَوْني بسَعْدِ الأرضِ مُتَّصِلاً / ويَنْظُرونَ بماذا عنه مُنْصَرَفي
ومن عجائبِ ما لاقَيتُ من زمنٍ / مُغْرَى الحوادِثِ بالأحْرارِ مُعْتَسِف
أنّ الطِّرازِيَّ أيضاً معْ حَقارتِه / يَمُدٌُ نحوَ معاشي كَفَّ مُخْتَطِف
ولو حلَفْتُ يَميناً أنَّ عِدَّتَه / من الحميرِ لَما استَثنَيْتُ من حَلِفي
ومَوضعي مَوضعي من حُسْنِ رأيكمُ / ففيمَ يَطمَعُ لولا شِدّةُ الخَرَف
يُذْري الدُّموعَ على أرْجانَ من سَفَهٍ / إنّ الكلابَ لَحسّادٌ على الجِيف
هذا وأرْجانُ مالي من فَوائدِها / مع الوِلايةِ غيرُ الحَمْلِ للكُلَف
إذا القُضاةُ تَجارَوْا في مسَائِلهمْ / لم تَهْذِ إلا بذِكْرِ البِيضِ والحَجَف
هذي خصومي وهذا فاعجبوا عملي / لقد بُليتُ بسُوء الكَيلِ والحَشَف
فاصدَعْ بأمْرٍ هَداكَ اللهُ من مَلِكٍ / يُميُّز اليومَ بينَ النُّكْرِ والعُرُف
وارفَعْ مَحلّي بلفظٍ منك مُشتهِرٍ / يَثْني الحسودَ بمَتْنٍ منه مُنقَصِف
وانظُرْ إلى خِلّةٍ بالحالِ مُزْريةٍ / تَبدو وأَرْخِ عليها السّتْرَ من ظَلَفي
وابسُطْ يميناً كصَوْبِ المُزْنِ ماطرةً / واسمَعْ ثَناءً كنَشْرِ الرَّوضَةِ الأُنُف
ما في بني زمني إلاّك ذو كرَمٍ / يظَلُّ يَأْوي الفتى منه إلى كَنَف
واسلَمْ ففيكَ لنا مِمّنْ مضَى خَلَفٌ / وليس عَنك فلا نَعدَمْكَ من خَلَف
في ظلِّ عُمْرٍ كَعُمْرِ الدَّهرِ مُتّصِلٍ / وشَمْلِ مُلْكٍ كنَظْمِ العِقْد مُؤتَلِف
مَحلُّكَ سامٍ والعلاءُ به اعتكَفْ
مَحلُّكَ سامٍ والعلاءُ به اعتكَفْ / وفَضْلُكَ بادٍ والحسود به اعْتَرَفْ
وأنت سديدٌ من يدِ اللهِ مُرسَلٌ / وإصلاحُ أحوالِ العبادِ له هَدَف
وكم سارَ لي من لَفْظةٍ هيَ دُرّةٌ / عُلاكَ لها تاجٌ وفكْري لها صَدَف
وذو شَغَفٍ منّي بمدحِكَ خاطِرٌ / بتَبليغِه أقصى المُنَى أنت ذو شَغَف
وقالوا عُلاكَ النّجمُ إذ ليس يُمتطَى / وقالوا نَداكَ البحرُ إذا ليس يُنتزَف
وما كان يُبْقي الخَلْقُ بِلّةَ إصبَعٍ / منَ البحرِ لو أمسَى كَجودِك يُغْتَرَف
ولا ما تُعيرُ الشّمسُ ظُفْرَ مُنجّمٍ / من الضّوءِ لو أضحَى كجاهِك يُلْتَحَف
ولا سَرَفٌ في الجُودِ قولُك دائماً / إذا قالَ بعضُ النّاسِ لا خيرَ في السَّرَف
وأنت الّذي مذْ جَدَّ في المَجْدِ ما ونَى / ومُذْ سار في إثْرِ المَحامدِ ما وَقَف
يُصَمّم حيثُ السّيلُ لو مَرَّ لانثنَى / ويُشرِقُ حيثُ البدرُ لو لاح لانْكَسَف
ويَشرُفُ أفعالاً ويَعلَمُ أنّه / تَواضعُه للنّاسِ أزْيَدُ للشّرَف
وتَبعُدٌ منّا الشّمسُ جِدّاً إذا بدَتْ / ولكنّنا من ضَوئها الدَّهَر في كَنَف
وكم لائمٍ في فَضْلِ مَسْعاهُ لامَه / فقال له مَهْلاً وأقوالُه نُتَف
وكم حاجةٍ للحُرِّ لمّا قضَيْتَها / حَسِبتَ غطاءً عن فؤادٍ قدِ انكَشَف
ألا يا هُماماً سَدَّد الحَقُّ رأْيَه / فليس له عن مَنْهَجِ الخَيرِ مُنْحَرَف
وصادفَ من دونِ الّذي رامَ من عُلاً / مَجاهِلَ لم تُسلَكْ إلى المجدِ فاعْتَسف
تَوسّطَ أعلَى قُنّةِ المُلْكِ طالعاً / وحَلَّ من السّفْحِ الحَسودُ على الطّرَف
وعَفَّ عنِ الخُلُقِ الدَّنيءِ وعافَه / وقاك الرَّدى مَنْ لم يَعِفَّ ولم يَعَفْ
تأملْ بعَينَيكَ العشيّةَ ناظِراً / إلى جَحفل الفِطْرِ الجديدِ الّذي زَحَف
فقد مَدَّ كَفُّ الغَربِ زَنْداً مُخضَّباً / عليه هِلالٌ كالسِّوارِ إذا انْعطَف
فأومَى بتَسليمٍ عليكَ مُهنِّئاً / بِعيدٍوفي كفّيْهِ من يُمْنِه تُحَف
فعادَ إليك العِيدُ ما هبّتِ الصَبا / وما انتابَ من بَعدِ الدُّجى الصُّبحُ وارْتدَف
وعادَ إليكَ الصّومُ في ظِلِّ دَولةٍ / بأَلْفِ افتِتاحِ واخْتتامٍ ومُنْتصَف
فصَومُك صَومٌ عن تُقىً وهو الّذي / لدَى اللهِ يَزداد المُطيعُ به زُلَف
وفي النّاسِ مَن حُكْمُ البَهيمةِ حُكْمُه / إذا صامَ حاشا الأكرمينَ أوِ اعتكَف
فيُقذَفُ في فيهِ اللّجامُ إذا بَدا الصْ / صَباحُ ويُلْقَى عنه باللّيْلِ للعَلَف
وهاتفةٍ هاجَتْ حَنيني بشَجْوِها / ولو أنّ ما بي بالحَمامِ لَما هَتَف
وقَلبي إلى وَكْري شَبيهُ جَناحها / إلى وكْرِها ليلاً إذا جَنّها السَّدَف
دنا العِيدُ من ناءٍ عن الأهلِ نازحٍ / فَسَرَّ الوَرى طُرّاً وضاعَف لي أَسَف
ولي كَبِدٌ منها على النّأي فِلْذَةٌ / إذا ما جرى ذكْرٌ لها عندَه ارتَجَف
فيا ليتَ عَيْني حيث تُبصِرُ وَجْهَه / قريباً ومَن يَطْوِي ليَ النّيّةَ القَذَف
صبيحَةَ يومِ العِيدِ والأنْس ُمُثْمِرٌ / فَمنْ مَدَّ كَفَّيْ فارغٍ مَدّةً قَطَف
إذِ النّاسُ مَسرورونَ كُلٌّ بصَحبِه / وكُلُّ مغيث كُلّما أَبَصَرَ الْتَهَف
وخلفَ النّوى قَومٌ عليَّ أَعِزّةٌ / كرامٌ يَزجّونَ اللّيالي على شَظَف
أُرَجّي لهمْ عَطْفَ الزّمانِ بصالح / ولولاهمُ لم أَرْجُ شيئاً ولم أَخَف
فجَدِّدْ إلى أمري لك الخَيرُ نظْرةً / فكم شَمْلِ أَحرارٍ بنِعْمَتِك ائْتَلف
كما أنّ صُنْعَ اللهِ عندك لم يَزَلْ / يُجَدِّدُ عزّاً باهراً لك مُؤْتنَف
برَغْمِ العِدا أن قد سمَوْتَ منَ العُلا / إلى رُتَبٍ منها طَريفٌ ومُطَّرف
وأن زارَك السُّلطانُ ضَيفاً مُسلِّماً / وما فَوقَ هذا للبريّةِ من شَرَف
وأَكرمْتَ مَثْواهُ فما مَرَّ طِرْفُه / على الأرضِ إلاّ فوقَ ما جُدْتَ من طُرَف
وجُودُكَ بالدّارِ الّتي قد بذَلْتَها / بَشيرٌ بأمْرٍ مَن تأمَّلَه عَرَف
ألم تَرَ أنّ البَدْرَ مَبدأُ نُورِه / إذا هو خَلّى البُرْجَ للشّمسِ وانْصَرَف
أيا مَن إذا ما جاوزَ الحَدَّ واصِفٌ / فأدْنَى عُلاه فوقَ أكبَرِ ما وَصَف
ومَن وجَهُه بِشْرٌ ومَن كفُّه نَدىً / ومَن خُلْقُه لطفٌ ومَن خَلْقُه لُطَف
هلَ أنْتَ مُعيني حينَ أَبغي مَعونةً / على نَيْلِ حَظ من يَدِ الدَّهرِ يُختَطَف
فعِندي زمانٌ لا يَزيدُ سوى أذىً / وعندي فؤادٌ لا يَزيدُ سوى أَنَف
ولي نَفْسُ حُرٍّ صَبْرُهُ يَقتُلُ الصَّدَى / إذا هو لم يُورَدْ بعِزٍّ على النُّطَف
إذا هو ألقَى بين عَينَيْه مَطْلَباً / مشَى فوقَ حَرْفِ السّيفِ فيه وما انْحَرَف
وما هِمَمي كالطَّيْرِ إن جُعْنَ جَوْعةً / يُحَلِّقْنَ جِدّاً ثُمّ يُسْفِفْنَ للجِيَف
تُفَوِّتُنا الأعراضُ ظُلْماً جَهالةً / بقومٍ وفي الأعراضِ لو شِئْتَ مُنتَصَف
إذا كُلَفي لم يَرفَعِ القومَ ثِقْلَها / فذاك عليهمْ لو درَوْا أكبرُ الكُلَف
فخُذْها كمَصْقولِ الثُّغورِ قَوافياً / تَلَذُّ بأفواهِ الرُّواةِ وتُرتَشَف
وشِعْري إذا ما لم يكُنْ فيك لم أُبَلْ / وإن لَجَّ طَبْعٌ كيفما جاءَ وارْتَصَف
لو أنّهمْ جادوا أَجَدْنا مَديحَهمْ / ولكنْ لِذاكَ الكَيْلِ يَصْلُحُ ذا الحَشَف
أَعدْتَ إلى فَرْعِ الزّمانِ شبَابَه / وقد شابَ حتّى دَبَّ في عَقْلِه الخَرَف
فَدُمْ للعُلا ما افتَرَّ للرَّوضِ مَبْسِمٌ / وجادَ له مُزْنٌ بأجفانِه وَطَف
جَنابُك للدُّنيا وللدّينِ كَعبةٌ / ودارُك للجَدْوَى وللحَمْدِ مُعتَكَف
قلتُ لمّا قالوا غدا رأْسُ شمسِ ال
قلتُ لمّا قالوا غدا رأْسُ شمسِ ال / مُلْكِ فَرداً يَطوِي مُتونَ الفَيافي
لم نُرِدْ كُلَّ ذا بهِ عَلِمَ اللّ / هُ اعتِقادي وما علَى اللهِ خاف
لكن الآنَ حيث كان فَصبْراً / وارْجُ خَيراً فاللهُ للعَبْدِ كاف
إنّما كان عُقْدةً رأْسُه قا / رَنَ شَمساً فآذنَتْ بانْكِساف
وإذا الرّأسُ فارقَ الشّمسَ فاعلَمْ / بُدِّلَ الاِنكسافُ بالاِنْكِشاف
أَتُراها تَظُنُّني الطَّيفَ لُطْفاً
أَتُراها تَظُنُّني الطَّيفَ لُطْفاً / فَتراني وليسَ تَرفَعُ طَرْفا
كُلّما زُرتُها تَخالُ خَيالاً / زار منّي فَتَكْسِرُ الطَّرْفَ ظَرفا
عَجِبتْ أنّني وقد نَزَفَتْني / في اكْتِئابي لَواعجُ الشّوْقِ نَزفا
أَتبدَّى للعَينِ شَخْصاً ولا أُو / جَدُ شَيئاً إنْ أَلْمسَتْنِيَ كَفّا
جَلَّ سُقْمي ودَقَّ جِسْمي نُحولاً / فهْو يَخْفَى وما بِه ليس يَخْفَى
أَيُّها النّائمونَ عن سَهَرِ الصّبْ / بِ إذا هَوَّم الخَلِيُّ وأغْفَى
ما عرفْتُ الرُّقادَ بالعَينِ طَعْماً / فَصِفوهُ أعرِفْهُ بالأُذْنِ وَصْفا
سَلَبتْنيهِ ظَبيةٌ تَركَتْني / مُقْلتاها ما عِشْتُ للوَجْدِ حِلْفا
غادَةٌ وَرْدُ خَدِّها وَسْطَ شَوْكٍ / مِن قَنا قَومِها إذا شِئْتُ قَطْفا
وهْي بَيضاءُ تُلبِسُ الوُشْحَ غُصْناً / من أَراكٍ وتُودِعُ الأُزْرَ حِقفَا
تتَجلّى شَمساً وتَنفَحُ مِسْكاً / وتَثنّى خُوطاً وتَنظُر خِشْفا
رمَتِ العَينُ جَمرةَ الخدِّ منها / بحصَى الدُّرِّ غُدوةَ البَيْنِ خَذْفا
ثُمّ سارَتْ وفي الجَوانحِ منّي / خُرَقٌ غادرَتْ فؤاديَ رَضْفا
فتَبِعْتُ الغادينَ أَخطَفُ آثا / رَ مَطاياهمُ بِخَدَّيَّ خَطْفا
فَسقَى عَهدهَا وإن نقضَتْه / خِلْفُ مُزْنٍ لم يَخْشَ راجيهِ خُلْفا
جارةٌ جاورتْ وجارَتْ ولم أُلْ / فَ قديماً أَرضَى مَع الجَوْرِ إلْفا
هي قَيسيّةٌ ونحن يَمانو / نَ ولا غَرْو أن نَبِرَّ ونُجْفَى
أَشبهَتْ عَيْنَها سُيوفَ رجالٍ / في الوغَى يومَ تَنسِفُ الهامَ نَسْفا
وهْي منّي تَقتَصُّ عن قَتْلِ قَومي / قَومَها إن رنَتْ قِصاصاً مُوفَّى
رُبَّ حَيٍّ عِداً قَرعْنا قَناهمْ / بقَنانا والشّرُّ أنْفى
وصُدورُ الرِّماحِ أعيَتْ قَديماً / كُلَّ مَن سامَنا منَ النّاسِ خَسفا
تُصبِحُ الحادثاتُ مَوتورةً مِنْ / نا فما تَستَطيعُ أن تَتَشفّى
وإذا رَنّقت خَلائقَ قَومٍ / ظَلَّ أخلاقُنا بها تَتَصَفّى
يُحمَدُ العاجزونَ في نُوَبِ الدَّهْ / رِ إذا ما عصَفْنَ بالناسِ عَصْفا
ويَزيدُ النّارَ القَويّةَ وَقْداً / كُلُّ رِيحٍ بها الضّعيفةُ تُطْفا
فأقِيما بها الهَواديَ وَسْطَ الْ / بِيدِ حتّى تُصَفَّ للسّيْرِ صَفّا
ودَعاها تَطْوِي وتَنْشُرُ وَخْداً / من مُتونِ الفَلا العريضةِ صُحْفا
سَطْرُ عِيسٍ إلى بَياضِ فَلاةٍ / نقلَتْه الحُداةُ حَرْفاً فحَرْفا
ناحلاتِ الأشباحِ مثْلِ المَداري / وهْي تَفْلي شَعْراً من اللّيْلِ وَحْفا
قطَعتْ عَرْضَ كلِّ خَرْقٍ مَخوفٍ / يَملأ المِسْمَعَيْنِ شَدْواً وعَزْفا
قادحاتِ الحصَى كأنّ خُطاها / تَقذِفُ الجَوَّ منه بالشُّهْبِ قَذْفا
مُسرِعاتٍ حتّى تَخالَ فُوَيْقَ ال / أرضِ منها طَيْراً يَمُرُّ مُسِفّا
يَحلِفُ المَرءُ إنّها لا تَمَسُّ ال / أرضَ من فَرْطِ خِفّةِ الوَطْءِ خُفّا
فاستقَلّتْ وللحُداةِ ارْتِجازٌ / خَلْفَها وهْي تَخْطِفُ الخَطْوَ خَطْفا
برِجالٍ على الرِّحالِ نَشاوَى / للسُّرى تُلزِمُ القُتودَ الأكُفّا
فِتْيةٍ من بني الرّجاءِ كرامٍ / قَصدوا من مُؤيِّدِ الدِّينِ كهْفا
فطِلابُ العُلا لدى ابْنِ عَليٍّ / لِعليلِ الآمالِ يا صاحِ أَشْفى
مَلِكٌ يَقْتَفي الكرامَ ويَغْدو / عنْدَه الوفْدُ بالكَرامةِ يُقْفَى
أَلجَمَ الدَّهْرُ بالثُّريّا لنا اللّيْ / لَ إليه حتّى امتطَيْناهُ طِرْفا
قلتُ للرَّكْبِ يَخْبِطونَ اعْتِسافاً / حينَ خافوا للدَّهْرِ خَبْطاً وعَسْفا
اِصْرِفُوا أوجُهَ المَطيِّ إليه / ثُمّ لا تَحذَروا من الدَّهْرِ صَرْفا
واجْعَلوا عندهُ الأزمّةَ عُقْلاً / واغْرِفوا كيف شِئْتُمُ البحرَ غَرْفا
عندهُ عِلّةُ المَسائل والسّا / ئلِ بالفَضْلِ والَتفضُّلِ تُشْفى
مَعْلَمُ العِلْمِ عادَ منه جَديداً / بَعدما كانَ رَسْمُه قد تَعفَّى
يَجْتلي السَّمْعُ منه أبكارَ أَفْرا / دٍ إذا شاءَ زَفَّها لك زَفّا
وإذا ما انْتَضَى له الفِكْرُ رأْياً / خِلْتَه رافعاً عنِ الغَيْبِ سِجْفا
ذو بيانٍ يَحكي الكواكبَ زُهْراً / وبنانٍ تَحكي السّحائبَ وُطْفا
عَمَّ إنعامُه وتَكْفي جَليلَ الْ / خَطْبِ أقلامُه وإنْ كُنَّ عُجْفا
كُلَّما نَمّقَتْ بيُمْناهُ سَطْراً / زادَتِ المُلْكَ قُوّةً وهْي ضَعْفَى
ولها دَمعةٌ تُميتُ وتُحيي / وهْي في الطِّرسِ رَطبةٌ لم تَجَفّا
وكأنّ الكتابَ سِلْكٌ عليه / دُرَرُ النُّطْقِ منه تُرصَفُ رَصْفا
كَلِماتٌ خُلِقْنَ منه على الأع / داء سَيْفاً عَضْباً وللمُلْكِ زَغْفا
كلّما أَطمَع المُعاديَ فَتْحٌ / عكَستْه عليه فارتَدَّ حَتْفا
يا صَفيّاً لدَولةِ المَلِكِ الأعْ / ظَمِ أصفَى له الوَلاءَ وأَضْفى
وصَدوقاً يُري الأمورَ بعَيْنَي / هِ مَليكَ الدُّنيا إذا شاءَ كشْفا
فَتراهُ للمُلْكِ وهْو كَلوءُ الدْ / دَهْرِ يَرعاهُ ناظِراً مُستَشِفّا
ويَعُمُّ الدُّنيا بإشْراِقه مِنْ / ه سَناً بالبلادِ والنّاسِ حَفّا
أَشرَقتْ ثُمّ أشرَقَتْ فعلَيْها / لا نُجودٌ ولا تَهائمُ تَخْفَى
فِعْلَ نَدْبٍ وافى السّياسةِ طَبٍّ / مازجٍ للأنامِ لُطْفاً وعُنْفا
وقديمِ العلاءِ مِن بَيْتِ مَجْدٍ / لم يَجِدْ فيه مُنشِدُ الدَّهْرِ زَحْفا
رُبَّ عُرْفٍ ما زالَ يَحمِلُ عنه الرْ / ركْبُ ذِكْراً كأنّه المِسْكُ عَرفا
عَوَّد البَسْطَ كَفّهُ طاعةَ الجُو / دِ فلم يَستَطعْ لها العَذْلُ كَفّا
خَلَفٌ عَدّهُ الزّمانُ نَجيبياً / من بَنيهِ وغَيْرَه عَدَّ خَلْفا
ففَداهُ مِن الرَّدى كُلُّ نِكْسٍ / يَدَّعي نِسبةَ العُلا وهْو يُنفَى
وضَع النَّقْصُ منه فازْدادَ كِبْراً / ويَزيدُ التّصغيرُ في الاِسْمِ حَرْفا
يا حَسوداً قد عَيَّ بالمجدِ حِمْلاً / أَلْقِ عِبءَ العَلاء وانْجُ مُخفِّا
وصريعاً للخطْبِ بالبُعْدِ منه / عنْده اسْتَكْفِ حادثَ الدَّهرِ تُكْفَا
خلَقَ اللهُ من حُسَيْنٍ أخي الإح / سانِ شَخْصاً على المكارمِ وَقْفا
جِئْتُه وافداً فأَغْنَى ومُشْتا / قاً فأَدنَى وزائراً فتَحفَّى
وبدا لي فقُلتُ لم أَرَ كاليو / مِ هُماماً أقَلَّ كُفْؤاً وأَكْفَى
آخِرٌ يَفضُل الأوائلَ مَعنىً / مثْلما يَفضُلُ الرَّويُّ الرِّدْفا
فهْو أَوفَى الأنامِ عِرْفانَ ذي فَضْ / لٍ وأَوْفاهُمُ لذي الفَضْلِ عُرْفا
صاغَ بِرّاً وصُغْتُ شُكْراً ولكنْ / ظَلَّ قَولي لفِعْلِه يَتَقَفّى
فيَصوغُ العَلياءَ للجِيدِ طَوْقاً / وأَصوغُ الثّناءَ للأُذْنِ شِنْفا
أَيُّهذا الّذي كَبِرْتَ عنِ الوَصْ / فِ فعَطْفاً على الأصاغِرِ عَطْفاً
ما لِمَدْحي لدَيْكَ قَدْرٌ ولكنْ / كرَمُ الطّبْعِ هَزَّ لي منك عِطْفا
وعُهودٌ قَدُمْنَ لي في مُوالا / تِكَ يَعطِفْنَ لي فؤادَكَ عَطْفا
وودادٌ من دَمعةِ الماءِ أضحَتْ / وهْي حَيْرَى في مُقْلةِ الغَيمِ أَصْفى
كم بأبوابِكَ الرَّفيعةِ يُلْفَى / طالِبُ الجاهِ والنّوالِ ويُكْفَى
من عُفاةٍ لهمْ عَطاؤكَ يُجْنَى / وعُتاةٍ عنهمْ بحِلْمِكَ يُعْفَى
لا خلَتْ منك دَولةٌ زادَها اللّ / هُ جَمالاً مذْ عُدْتَ للضِّعْفِ ضِعْفا
مُسبَغاً ظِلُّكَ الظّليلَ عليها / وعلَينا ما حَنّتِ النِّيبُ مُضْفَى
وإذا ما خلَعْتَ ألْفاً منَ الأع / وامِ في العِزّ عُدْتَ تَلبَسُ ألفا
حَلفْتُ بالسّاعِينَ يومَ المَوقِفِ
حَلفْتُ بالسّاعِينَ يومَ المَوقِفِ / وكثْرةِ الدّاعين بالمُعرَّفِ
وضَجّةِ الشُّعْثِ المُلَبِّين ضُحىً / وزَحْمَةِ الحَجيجِ في المُطَوَّف
وزَمْزمٍ والمَرْوتَيْنِ ومِنَى / والجمْرَتَيْنِ والمَقامِ الأَشْرَف
والبُدْنِ تُدمَى والجِمارِ أصبحَتْ / تُرمَى وبَيتِ الحَرَمِ المُسجَّف
وكُلُّ عَينٍ قابلَتْه فانْثنَتْ / مَملوءةً من الدّموعِ الذُّرّف
حَلْفةَ بَرٍّ في أَلا يا صادِقٍ / لو لم يَثِقْ من نَفسِه لم يَحْلِف
لو أَنّ ما وجَدْتُه وصَفتُه / أَيّامَ عُمري كُلَّها لم يُوصَف
من قَلقي السّالفِ حين اعْتادَني / وبَعدَه من طَربي المُستَأْنَف
لِماجِدٍ طارَ فؤادي أَسَفاً / وفَرَحاً من بَعْدِ ذاكَ الأَسَف
يومَ ارتَحلْتُ وهْو حاشاه اشْتكى / ويومَ عاوَدْتُ وقالوا قد شُفي
فقلتُ للدُّنيا وقد تَجدَّدَتْ / أَنوارُها غِبَّ ظلامٍ مُسْدِف
يا عَيْنَ يَعقوبَ ارْجِعي مُبصِرةً / فقد أَعادَ اللهُ وَجْهَ يُوسُف
خَيْر بَنِيك لا عَرفْتُ فَقْدَه / فليس عنه للعُلا من خَلَف
بَدْرُ جلالٍ لا استَسَرَّ أَبداً / وشَمسُ علياءَ فلا تَنْكَسِف
أبلَجُ يَعْصي العاذلِينَ في النّدى / فَعالَ صَبٍّ بالمعالي كَلِف
ما مِثْلُه سَماحةً في شَرَفٍ / يُلْفَى ولا تَواضُعٌ في شَرَف
يَبْسطُ للسّائلِ كَفَّ حاتِمٍ / ويَمنَحُ الجاهِلَ سَمْعَ الأحْنَف
ويُستعارُ من شَبا أَقلامِه / مَضاءُ أطْرافِ القنا المُثَقَّف
فجُودُه نَثْرُ شآبيبِ الحَيا / ورأْيُه حَدُّ الحُسامِ المُرْهَف
للهِ فَخْرُ الدِّينِ مثْل ماجدٍ / أَزْرَتْ يَداهُ بالغُيوثِ الوُكَّف
من سابِقٍ في المكرُماتِ يُقْتَفى / في سَنَنِ الجُود وليس يَقْتَفي
يُصفي الإمامَ نُصْحَه ووُدَّه / وهْو له منَ الأنامِ مُصْطَفى
يُصبِحُ منه كُلَّ يومٍ حادِثٍ / لِبابِه ذا قُربٍ وزُلَف
قد كان وَحْشاً مِدْحتي فاصطادَها / منه كريمٌ حَسَنُ التّألُّف
إذا انتدَى أَصبحَ ظَهْرُ كفِّه / ثَغْراً لباغي العزِّ حُلْوَ المَرْشَف
يُكرِمُ أهْلَ الفَضْلِ حتّى ما لَهُمْ / إلاّ ذُراه أبداً من مَأْلَف
يَمدَحُه بنو الزّمانِ كلُّهمْ / بما لَهمْ من مَنْطقٍ مُؤَلَّف
مِن مُوجِزٍ في مَدْحِه ومُطْنِبٍ / ومن صَريح شِعْرُه ومُقْرِف
والطّيرُ إنْ جاء الرَّبيعُ كُلُّها / داعيةٌ بنُطْقِها المُخْتَلَف
لو كان يَفْنَى الشِّعْرُ أَفْنَوه إذنْ / من وَلَعٍ بمَدْحِه وشَغَف
لكنْ إذا ما كان بَحْرُ جُودهِ / يَمُدُّ بَحْرَ مَدْحِهمْ لم يُنزَف
إلى ذُراهُ قطَعتْ ركائبي / للمجدِ كُلَّ مَهْمَهٍ ونَفْنَف
وقائلٍ يُظهِرُ لي تَعجُّباً / من عُظْمِ ما أَسرَعْتُ من مُنصَرفي
أَكُلَّ عامٍ رحْلةٌ لنَحْلةٍ / هذي بتلك لو علمتَ لا تَفي
والموقفُ الأسمَى يُنَالُ بِرُّه / على النّوى أَكرِمْ به من مَوقِف
والمَجلِسُ السّامي الظّهيرِيَّ له / لك اعْتِناءٌ وهْو ذو تَلَطف
فلو أَقَمْتَ وبَعَثْتَ مِدَحاً / أَغنَتْ عنِ المَسيرِ والتَّعسُّف
والحَجُّ فَرضٌ مرّةً على الفتى / أن يأتيَ البَيتَ بحَمْلٍ الكُلَف
ثُمَّ يُقيمُ ويُصلّي شَطْرَه / واللهُ من عَبْدٍ بذاكَ يَكْتَفي
قُلْتُ جُزيتَ الخيرَ لي من ناصحٍ / أصبحَ عن سَرائري مُستَكْشِفي
فكُلُّ ما أَسمَعْتَنيهِ كَلِمٌ / عن جِهةِ الصّوابِ لم تُحَرَّف
لكنّ لي مَولىً قصَدْتُ نَحوَه / فهْو لِنُعماهُ قديماً مُسْلِفي
فارقْتُه مِن قبلِ ما شاهَدْتُه / فعُدْتُ عَجْلانَ عسى أن أَشْتَفي
أعني ظهيرَ الدّولةِ القَرْمَ الّذي / يَزيدُ بالقَصْدِ له تَشَرُّفي
ما عَوْدَتي إلاّ إلى جَنابِه / واللهُ ربّي عالِمُ السِّرِّ الخَفي
مَولىً لِقَصْدي وقَصيدي عندَه / أضحَى الزّمانُ مُسْعِدي ومُسْعِفي
صَرَّفْتُ دَهْري تحت حُكْمي صاغِراً / مُذْ كان تحت حُكْمِه تَصَرُّفي
وكنتُ قبلَ اليومِ مُستَعطِفَه / فصار من إِجْلالِه مُستَعطِفي
فقُلْ له تَفديه نَفْسي من فتىً / أَصبحَ عُذْرَ الزّمَنِ المُقْتَرِف
أنت العزيزُ فَمُرِ الدَّهْرَ إذنْ / يُوفِ لنا الكَيلَ ولا يُطَفِّف
فقد حَثَثْتُ في عِقالِ أَملي / على النّوى إلى المَحَلِّ القُذُف
واصْرِفْ إلى أوطانِه منّي فتىً / إلاّ إليكَ نَفْسُه لم تُصْرَف
فهكذا إذا أُضيفَ يَنْثَني / مُنْصرِفاً ما ليس بالمُنْصَرِف
بَحرُ أميرِ المؤمنين للنّدى / ورأْيُك السّاحلُ للمُغْتَرِف
فأنت في إيصالِ سَيْبِ كفِّه / مُستَخلِفٌ للقائمِ المُستَخَلف
وكم هَممْتُ أن أُقيمَ ساكناً / وسالِكاً طريقةَ المُخَفَّف
لكنْ لسانُ مجدِكَ الماضي الشَّبا / قال لنفسي اقْترحي وأَسرِفي
فكيف لا يَبذلُ فَضْلَ جاهِه / مَنْ يَبْذُل الأموالَ بَذْلَ المُسْرِف
مَنْ كَفُّه إذا اعتَفاه سائلٌ / أَسمَحُ من قَطْرِ الغمامِ الأَوطَف
تَسخو لأبناءِ الزّمانِ كفُّه / بكُلِّ عَفْوٍ قَبلَه لم يُعْرَف
وخيرُ ما نالَ به الحَمْدَ الفتَى / مالٌ لسَهْمِ الدَّهْرِ كالمُستَهْدَف
فجُدْ به وسُدْ به بَينَ الورَى / وابْذلْه بَذْلاً مِلْءَ كَفِّ المُعْتَفى
فالوَرْدُ من أَغصانهِ بطَبْعِه / مُنتَشِرٌ لابُدَّ إن لم يُقْطَف
جاءتْكَ بِنْتُ ساعةٍ من لَيلةٍ / مَطْبوعةً من غَيرِ ما تكَلُّف
حَسناءُ تُجلَى من بديعِ لَفْظِها / في مثْلِ بُرْدِ الرَّوضةِ المُفَوَّف
من خاطرٍ جارٍ متى ما أَدْعُه / إلى امتداحٍ لكمُ لم يَقِف
كالبَحرِ يُلْقي الدَّهْرَ منه دُرَّه / ليس سوى فكْري لها من صَدَف
إن فُتِنَ النّاسُ بسِحْرِ بابلٍ / أو ملأوا منه بُطونَ الصُّحُف
فلي يَدٌ بيضاءُ إن أظهرتُها / في النّظْمِ مهما يَأْفِكوا تَلَقَّف
وقلَمي في الطِّرسِ ثُعبانٌ إذا / نَضنَضْتُ قال الفَضلُ لي لا تَخَف
إذا ذوو السِّحرِ رأوا آياتِها / أبْدَوْا لديها سَجدةَ المُعْتَرِف
إليك أهْدَى رَمضانُ يُمْنَه / فاقْبَلْ هَديّةَ الولِيِّ المُتْحف
وافَى َبشيراً بُعلُوٍّ زائدٍ / في ظِلِّ شَمسِ دَولةٍ مُؤتَلف
ومَدَّ بالبُشرَى يدَيْ هِلالِه / مثْلَ سِوارٍ فوقَها مُعطَّف
من خِلْعةِ اللهِ عليه إذ سَعَى / إلى ذُراكَ طَلبُ التَّشَرُّف
بدَوْتَ تَسمو للمعالي وبَدا / يُجْلَى لعَيْنِ النّاظرِ المُستَشْرِف
ورُؤْيةُ النّاسِ هلالَيْنِ معاً / في أوّلِ الشّهْرِ مِنَ المُستَطْرَف
فَزادَنا جَمعُكما أُنْساً ولو / وحْدَك للنّاسِ طَلَعْتَ لاكْتُفي
فزِدْ بذا الشّهْرِ الشّريفِ بَهجةً / وَرِدْ جِمامَ العَيشِ عَذْبَ النُّطَف
واعْدُدْ منَ الأعوامِ أَلْفاً مثْلَه / حتّى إذا استْكملْتَها فَنَيِّف
في دولةٍ مَحْسودةٍ عَلياؤها / ما شاقَ تَغْريدُ الحَمامِ الهُتَّف