القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 24
عَجبتُ لقلبي كيف يصبو ويَكلَفُ
عَجبتُ لقلبي كيف يصبو ويَكلَفُ / وبُرْدُ شبابي بالمشيب مُفَوَّفُ
أحِنُّ إلى مَن لا يَحنُّ وليتَه / لِمَنْ كان محنوناً محبّيهِ يعرفُ
يباعدني عن كلّ ما كنتُ أرتجي / ويوسعنِي من كلّ ما أتخوّفُ
ويَمطُلُنِي بالوعد منه وإنّما / يماطل بالميعاد مَن ليس يُخلفُ
ويُصبح منّي ساكنَ القلب والحَشا / وفي كلّ يومٍ منه قلبِيَ يرجُفُ
وقد كنتُ أغريتُ الهوى يوم غرّبوا / فعاد به داعٍ على الغُصنِ يهتفُ
ينوح وقلبي للهوى دون قلبه / وعينِيَ دمعاً دون عينيه تذرِفُ
أَلا قاتل اللَّهُ الهوى فطِلابُهُ / متاعٌ من الدّنيا قليلٌ وزُخرُفُ
يروم الرّضا مَن لا يدوم على الرّضا / ويطلب فيه النَّصْفَ مَن ليس يُنْصِفُ
أقول لمرتاحٍ إلى الفضلِ والعُلا / يخُبُّ على ظهرِ المطيِّ ويوجِفُ
أنخْ في ذُرا الشيخ الرئيس فإِنّما / إلى مثله في المجد كنتَ تَشَوَّفُ
إلى الغَمْرِ معروفاً وعلماً وسُؤدُداً / وبأْساً إذا هاب الرّجالُ ووقّفوا
حلفتُ بما لفّ الحطيمُ وزَمْزَمٌ / وما ضَمّهُ خَيْفَا مِنىً والمُعَرَّفُ
وشُعثٍ أتَوْا عارين من كلّ لُبْسَةٍ / فعاذوا بأركان الإلهِ وطوّفوا
لَهَنُّكَ أوْلانا بكلّ فضيلةٍ / وأعشقُ للمعروف فينا وأشعفُ
وأنّك لمّا أنْ جرى النّاسُ في مَدىً / تُلُقِّيتَ فيه سابقاً وتخلّفوا
فيا أيّها القَرْمُ الرّئيسُ ومَن له / على قِمَّةِ النَّسْرَيْنِ في العزِّ موقفُ
ليُهْنِكَ أنّ اللَّهَ فَوَّقَك العِدا / وقد طالعوا فيك الرّجاء وأشرفوا
وعاد إليهمْ ناكياً في جلودهمْ / من الكيد ما حدّوا ظُباه وأرهفوا
وَلَم يُغنِهمْ واللَّهُ حِصنُك منهُمُ / مِنَ القولِ زورٌ لفّقوه وحرّفوا
وودّوا وقد طاشتْ إليك سهامهمْ / بأنّهُمُ لم يفعلوا ما تكلّفوا
أَلا فَاِغفر الأجرامَ رِفقاً بأهلها / فلَلْعفو أولى بالكرامِ وأشرفُ
وحتّى يقولَ النّاسُ أسرف مُفضِلاً / عليهمْ كما قالوا أساؤوا فأسرفوا
فللّهِ ما تُغِضي وأصبح آمناً / غداً مَن تراه يومَه يتخوّفُ
فلم يُعطَ مكنونَ الضّمائر بيننا / منَ النّاس إلّا المُنعِمُ المتألِّفُ
وَأمّا أَبو سفيان فاِشدُدْ به يداً / فَفي الكفّ منه إن تأمّلتَ مُرهَفُ
أَليس الّذي واساكَ ودّاً بنفسه / ولم يَثْنِهِ عنك العدوُّ المخوِّفُ
ولمّا تعسّفْتَ الطّريقَ وجدتَه / وراءَك منقدّاً من النّاس يَعْسِفُ
ومثلُك من يولِي الحقوقَ رعايةً / وغيرك لا يَرعى ولا يتعطّفُ
وإنّيَ ممّنْ لا يواليك رغبةً / وأين من الرغبات من ليس يُنْطَفُ
وقد كنت لولا أنّ فضلك باهرٌ / أَصُدُّ إذا ما سِيمَ مدحي وأصدِفُ
فدونك نَظْماً ما تكلّف ناظمٌ / معانِيَهُ والحقُّ لا يُتَكَلَّفُ
أبَي الزّمان سوى ما يكره الشّرفُ
أبَي الزّمان سوى ما يكره الشّرفُ / والدّهرُ صَبٌّ بإسخاطِ العُلا كَلفُ
لو كان شخصٌ تفوت الحزنَ مهجتُهُ / لكنتَ ذاك ولكنْ ليس تنتصفُ
إذا بَقِيتَ فمن يعدوك مُحتَسبٌ / في الشّمسِ ما أشرقت عن كوكبٍ خَلَفُ
إذا تيقَّنتِ الأرواحُ بِعْثَتَها / إلى الحِمامِ فماذا ينفع الأسفُ
وَكيف تُخطِي سهامُ الموت مُفْلِتَةً / مَنْ نَحرُهُمْ لحنِيّاتِ الرّدى هدفُ
يسعى الفتى وخيولُ الموت تطلبه / وإنْ نوى وقفةً فالموتُ ما يقفُ
نَلقى من الدّهر ما يُدمِي محاجرَنا / وما لنا عن هوَى رؤياه مُنْصَرَفُ
أفعالُنا للرَّزايا فيه مُنكِرةٌ / ونطقُنا باِرتحالٍ عنه معترِفُ
إِنْ لم توفِّ لياليه مكارهَها / فقد تقدّم في أرزائها سَلَفُ
كلُّ المواطن من كفّ الرّدى كَثَبٌ / وكلُّ أرضٍ على هول الرّدى شَرَفُ
لا دَرَّ دَرُّ اللّيالِي أخذُها فُرَصٌ / ومنعُها غُصَصٌ بل جودها سَرَفُ
إذا حزنتَ فقلبُ المجد مكتئبٌ / وإنْ قُذِيتَ ففي وجه الضُّحى سَدَفُ
ولو علمتَ ببسطِ الدّهرِ قبضتَهُ / إلى فِنائِك ما طالتْ له كَتِفُ
لكنّه سارقٌ يُخفِي زيارتَه / وليس من سطوةِ السّرّاقِ مُنتَصَفُ
إنْ كل أطلق فيك الدّهرُ منطقَه / فقد دعاك لسانٌ حشوُهُ كَفَفُ
أو كان ألْهَبَ في مَغناك سابقَهُ / فقد ثناه برجلٍ ملؤُها حَنَفُ
يُهدِي العزاءَ إلى المفقودِ مُفتَقِدٌ / مؤزَّرٌ بثيابِ الموتِ مُلتحفُ
ويصرف الهمَّ عن قلبٍ أطاف به / مَن قلبُهُ لنواصي الهمّ مكتنفُ
إنّ الّتي أضرمتْ أحشاءَنا جَزَعاً / تلقاك منها غداً في الجنّةِ الزُّلفُ
ولن يُذكّرك المُسلون موعظةً / وأنت تعلم منها فوق ما وصفوا
لنا من ثناياكِ الغريضُ المُرَشَّفُ
لنا من ثناياكِ الغريضُ المُرَشَّفُ / وفي الدِّرعِ غضُّ البانةِ المتعطّفُ
وأنتِ وإنْ لم نلق عندك راحةً / أحبُّ إلينا من سواك وأشغفُ
وسوّفتِنا بالوصلِ منك وربّما / قضى دون وصلٍ لم ينله المسوِّفُ
وما الحبُّ إِلّا ذلّةٌ وطماعةٌ / جناها عليه فائلُ الرّأي مُسرِفُ
ولولا الهوى ما ذلّ ذو خُنْزُوانَةٍ / ولا كان من لا يعرف الضَّعْفَ يضعفُ
وَلمّا لحقنا بالحمولِ عشيّةً / وفيهنّ مودودُ الشّمائلِ أهيَفُ
مَشى في حيازيمي الغرام كأنّما / مشتْ فيَّ حمراءُ الغلائلِ قَرْقَفُ
وما كان عندي أنّ قلبي يصيده / بمُقلته ذاك الغزالُ المُشَنَّفُ
ضَعيفٌ ولكنّ الّذي في فؤاده / بلابِلُ من وَجْدٍ به منه أضعفُ
فيا دارَهمْ سقّاك مِن شَعَفٍ بهمْ / سِجالاً من النَّوْءِ السِّماكين أَوْطَفُ
إذا لاح منه أسحمٌ متهدّلٌ / تقول المطايا بالحدوج ترجّفُ
ولا زال منه بارقٌ متلهّبٌ / عَليك وإلّا راعدٌ متقصِّفُ
إلى أنْ يؤوب الرّوضُ فيك كأنّه / نجومُ سماءٍ أو رداءٌ مُفَوَّفُ
وأذكرنِي نجداً على شَحْطِ نأيها / ونحن بأرض الغَوْرِ نكباءُ حَرْجَفُ
تهُبُّ برَيّا مَن أودُّ لقاءَه / ومِن دونه سَهْبٌ عريضٌ ونَفْنَفُ
أيفخرُ قومٌ ما لهمْ مثلُ مفخري / وأين من النَّهْجِ القويمِ التَعَسُّفُ
ولي فَوقَ أَسماكِ المجرّةِ منزلٌ / وفي موقف الزُّهرِ الكواكبِ موقفُ
وقومي الأُلى لمَّا توقّف معشرٌ / عن الذّروَةِ العَلياءِ لم يتوقّفوا
كرامٌ متى سيموا الدَّنِيَّةَ يَعزِفُوا / وإنْ شهدوا نَجْوَى العَضيهةِ يَصدِفوا
وإنْ ركبوا ظهراً من الفخر أردفوا / وإِنْ طلبوا شيئاً من الذّكر ألْحَفوا
وَما فيهمُ إِلّا الّذي يشهد الوغى / فيُحيي بها من ذا يشاء ويُتْلِفُ
وإنْ أنْهَبَ الأموالَ جودُ أكفّهمْ / أفاؤوا بأطرافِ الرّماح وأخلفوا
فَلا عيبَ إِلّا ما اِدّعاه عدوُّهْم / وما قال فيهمْ حاسدٌ مُتَشَنِّفُ
إِذا سحبوا البُرْدَ اليمانيَّ واِرتدوا / وَأرخَوْا مُلاءً للقناعِ وأغدَفوا
وفاحوا فأخْرَوْا نَشْرَ كلِّ لَطِيمةٍ / ذَكاءً وعَرْفُ الفاطميّين يُعرَفُ
رأيتَ رجالاً كاللّيوثِ وفِتْيَةً / كما سام ذاك الزّاجرُ المتعيّفُ
بهاليلَ وهّابين كلَّ نفيسةٍ / إذا ضنّ بالنَّيْلِ البخيل المُطَفِّفُ
تراهمْ على قَصْدٍ فإن هتف النَّدَى / بأموالهمْ أعطَوْا كثيراً وأسرفوا
لنا في قريشٍ كلّما لِنَبيّهم / ومِن بينهمْ ذاك السّتارُ المُسَجَّفُ
فإنْ مسحوا أركانه فبذكرنا / ويدعو بنا إِنْ طوّف المتطوِّفُ
وَنحن نصرناه بأُحْدٍ وخَيْبَرٍ / وقد فرّ عنه ناصروه فأُرجفوا
ونحن فديناه الرّدى في فراشهِ / وللموتِ إرْقالٌ إليه وعَجْرَفُ
وآثرنا دون الأنامِ بصِهْرِهِ / وقد ذِيدَ عنه الطّالبُ المُتَشَوِّفُ
وأسكننا يومَ العباءَةِ وَسْطَها / وألْبابُ من لمُ يعطَ ذاك تَرَجَّفُ
رمانِيَ بالدّاء الّذي فيه واِنثنى
رمانِيَ بالدّاء الّذي فيه واِنثنى / يَعَجّبُ مما جرّه وهو قارفُ
وهيّجنِي بَغْياً لنحتِ صَفاتِهِ / وكم سَقَمٍ بَرْحٍ تَهيجُ القوارفُ
وهبّتْ له ريحٌ فظنّ بقاءَها / وهيهات أنْ تبقى صَباً ورفارفُ
نأيْنا فمن دون اللّقاءِ تنائفُ
نأيْنا فمن دون اللّقاءِ تنائفُ / وسَهْبٌ عنيفٌ بالمطايا ونَفْنَفُ
فلا وَصْلَ إلّا ما تقرِّبُ بيننا / أكاذيبُ من أحلامنا وتؤلّفُ
فللّه في جُنحِ الدُّجُنَّةِ عائجٌ / تصيّدني بالحبّ فيما يطوِّفُ
بخيلٌ علينا والنّهارُ شِعارُنا / وفي اللّيلِ مُنْهَلُّ العطيَّةِ مُسْرِفُ
وأغنى وما أغناك إلّا تَعلّةً / وِصالٌ محالٌ أو لقاءٌ مُزَخْرَفُ
خذوا من جفوني ماءَها فهي ذُرَّفُ
خذوا من جفوني ماءَها فهي ذُرَّفُ / فَما لكُمُ إلّا الجَوى والتّلَهُّفُ
وإنْ أنتما اِستوقفتما عن مَسيلها / غُروبَ مآقينا فما هنّ وُقَّفُ
كأنّ عيوناً كنّ زَوْراً عن البكا / غصونٌ مَطيراتُ الذُّرا فهي وُكَّفُ
دعَا العَذْلَ والتّعنيفَ في الحزن والأسى / فَما هجر الأحزانَ إلّا المعنّفُ
تَقولونَ لِي صبراً جميلاً وليس لِي / على الصّبرِ إلّا حسرةٌ وتَلَهُّفُ
وَكيفَ أُطيقُ الصّبرَ والحزنُ كلّما / عَنُفْتُ به يقوى عليَّ وأضعُفُ
ذكرتُ بيومِ الطَّفِّ أوتاد أرضِهِ / تهُبُّ بهمْ للموت نكباءُ حَرْجفُ
كرامٌ سُقوا ماءَ الخديعَةِ واِرتَوَوْا / وسيقوا إلى الموت الزُّؤام فأوجفوا
فكم مُرْهَفٍ فيهمْ ألمَّ بحدِّهِ / هنالك مسنونُ الغِرارين مُرْهَفُ
ومعتدلٍ مثلِ القناةِ مثقّفٍ / لواه إلى الموتِ الطويلُ المثقّفُ
قَضَوْا بعد أن قضّوا مُنىً من عدوّهمْ / ولم ينكلوا يوم الطّعانِ ويضعفوا
وراحوا كما شاءتْ لهمْ أَرْيَحِيّةٌ / ودَوْحَةُ عزٍّ فرعُها متعطِّفُ
فَإِنْ تَرَهمْ في القاع نَثراً فشملهمْ / بجنّاتِ عَدْنٍ جامعٌ متألّفُ
إِذا ما ثنوا تلك الوسائد مُيَّلاً / أُدِيرَتْ عليهمْ في الزّجاجةِ قَرْقَفُ
وأحواضُهم مورودةٌ فعدوّهم / يُحَلّا وأصحابُ الولايةِ تَرْشُفُ
فلو أنّنِي شاهدتهمْ أو شَهِدْتُهمْ / هُناك وأنيابُ المنيّةِ تَصْرِفُ
لدافعتُ عنهمْ واهباً دونهمْ دمي / وَمن وهب النّفسَ الكريمةَ مُنصفُ
ولم يكُ يخلو من ضرابي وطعنتي / حسامٌ ثليمٌ أو سِنانٌ مُقَصَّفُ
فيا حاسديهمْ فضلَهمْ وهو باهرٌ / وكم حسد الأقوامُ فضلاً وأسرفوا
دعوا حَلَباتِ السَّبقِ تمرح خيلُها / وتغدو على مضمارها تَتَغَطْرَفُ
ولا تزحفوا زَحْفَ الكسير إلى العُلا / فلن تلحقوا وللصّلالِ التَّزَحُّفُ
وخلّوا التكاليفَ الّتي لا تُفيدكمْ / فَما يَستوي طَبعٌ نبا وتكلُّفُ
فَقَد دامَ إِلْطاطٌ بهمْ في حقوقهمْ / وأعْوَزَ إنصافٌ وطال تحيُّفُ
تناسيتُمُ ما قال فيهمْ نبيُّكُمْ / كأنّ مقالاً قال فيهمْ مُحَرَّفُ
فَكَم لِرسول اللَّهِ في الطَّفِّ من دمٍ / يُراق ومن نفسٍ تُماتُ وتُتْلَفُ
ومِن ولدٍ كالعينِ منه كرامةً / يُقاد بأيدي النّاكثين ويُعْسَفُ
عزيزٌ عليه أن تُباع نساؤُهُ / كما بيع قِطْعٌ في عُكاظَ وقَرْطَفُ
يُذَدْنَ عن الماءِ الرِّواءِ وتَرْتوِي / من الماءِ أجمالٌ لهْم لا تُكَفْكَفُ
فيا لعيونٍ جائراتٍ عن الهدى / ويا لقلوبٍ ضِغنُها مُتَضَعِّفُ
لكمْ أم لهمْ بيتٌ بناه على التُّقى / وبيتٌ له ذاك السّتارُ المُسَجَّفُ
به كلَّ يومٍ من قريشٍ وغيرها / جهيرٌ مُلَبٍّ أو سريعٌ مطوِّفُ
إذا زارَهُ يوماً دَلوحٌ بذنبِهِ / مضى وهو عُريانُ الفِرا متكشِّفُ
وزَمْزَمُ والرّكبُ الّذي يَمسحونه / وَأَيمانُهمْ مِن رَحمة اللَّه تَنطِفُ
ووادي مِنىً تُهدى إليه نحائرٌ / تُكَبُّ على الأذقانِ قسراً فتُحْتَفُ
وَجمعٌ وما جمعٌ لمن ساف تُربهُ / ومِن قبلِهِ يومُ الوقوفِ المعَرَّفُ
وأنتمْ نصرتُمْ أم هُمُ يومَ خَيْبَرٍ / نبيَّكُمُ حيث الأسنّةُ تَرعُفُ
فررتمْ وما فرّوا وحِدْتُمْ عن الرّدى / وما عنه منهم حائدٌ مُتَحَرِّفُ
فحصنٌ مشيدٌ بالسّيوف مهدّمٌ / وبابٌ منيعٌ بالأنامل يُقْذَفُ
توقّفتُمُ خَوف الرّدى عن مواقفٍ / وما فيهمُ من خِيفةٍ يتوقَّفُ
لهم دونكمْ في يوم بَدْرٍ وبعدها / بيوم حُنَيْنٍ كلّما لا يُزَحْلَفُ
فقل لبنِي حرْبٍ وإنْ كان بيننا / من النَّسَبِ الدّاني مَرائِرُ تُحْصَفُ
أفي الحقّ أنّا مُخرجوكم إلى الهدى / وأنتمْ بلا نهجٍ إلى الحقّ يعْرَفُ
وإِنّا شَبَبْنا في عِراصِ دياركمْ / ضياءً وليلُ الكفر فيهنّ مُسْدَفُ
وإنّا رَفَعناكمْ فَأشرف منكُمُ / بنا فوق هاماتِ الأعزّةِ مُشرِفُ
وها أنتُمُ ترموننا بجنادلٍ / لها سُحُبٌ ظلماؤها لا تَكشّفُ
لنا منكُمُ في كلّ يومٍ وليلةٍ / قتيلٌ صريعٌ أو شريدٌ مخوَّفُ
فخرتمْ بما مُلِّكتُمُوه وإِنّكمْ / سِمانٌ من الأموال إذْ نحن شُسَّفُ
وما الفخر يا مَنْ يجهل الفخر للفتى / قَميصٌ مُوشّىً أو رداءٌ مُفَوَّفُ
وَما فَخرنا إلّا الّذي هَبَطَتْ به ال / ملائك أو ما قد حوى منه مُصْحَفُ
يُقِرُّ به من لا يُطيق دفاعَه / ويعرفه في القوم من يتعرَّفُ
ولمّا ركبنا ما ركبنا من الذُّرا / وليس لكمْ في موضع الرِّدفِ مَرْدَفُ
تيقّنتُمُ أنّا بما قد حويتُمُ / أحقُّ وأولى في الأنامِ وأعرفُ
ولكنّ أمراً حاد عنه محصِّلٌ / وأهوى إليه خابطٌ متعسِّفُ
وكم من عتيقٍ قد نبا بيمينِهِ / حسامٌ وكم قطّ الضّريبةَ مُقرَفُ
فلا تركبوا أعوادَنا فركوبُها / لمن يركبُ اليومَ العَبوسَ فيوجِفُ
ولا تَسكنوا أَوطانَنا فعِراصُنا / تميل بكمْ شوقاً إلينا وترجِفُ
ولا تكشفوا ما بيننا من حقائدٍ / طواها الرّجالُ الحازمون ولفّفوا
وكونوا لنا إمّا عدوّاً مجاملاً / وإمّا صديقاً دهرَه يتلطّفُ
فللخيرِ إنْ آثَرْتُمُ الخيرَ موضعٌ / وللشَّرِّ إنْ أحببتُمُ الشّرَّ موقفُ
عكفنا على ما تعلمون من التُّقى / وأنتمْ على ما يعلمُ اللّهُ عُكَّفُ
لكمْ كلُّ موقوذٍ بِكظَّةِ بطنِهِ / وَليسَ لنا إلّا الهضيمُ المخفّفُ
إلى كمْ أداري مَن أُداري من العِدا / وأهدُن قوماً بالجميل وألطُفُ
تلاعَبُ بِي أيدي الرّجالِ وليس لِي / مِنَ الجورِ مُنجٍ لا ولا الظّلمِ مُنصفُ
وحشو ضلوعي كلُّ نَجلاءَ ثَرَّةٍ / متى ألَّفوها أقْسَمَتْ لا تألَّفُ
فظاهرها بادي السّريرةِ فاغرٌ / وباطنها خاوي الدّخيلةِ أجوفُ
إذا قلتُ يوماً قد تلاءم جُرحُها / تَحَكَّكُ بالأيدي عليَّ وتَقْرِفُ
فكم ذا أُلاقِي منهُمُ كلَّ رابحٍ / وَما أَنا إلّا أَعزلُ الكفِّ أكشفُ
وَكَم أَنا فيهم خاضعٌ ذو اِستكانةٍ / كأنِّيَ ما بين الأصحّاءِ مُدْنَفُ
أُقادُ كأنّي بالزّمامِ مُجَلَّبٌ / بطيءُ الخُطا عاري الأضالعِ أعجفُ
وأَرسفُ في قيدٍ من الحزمِ عنوةً / ومن ذيدَ عن بسط الخُطا فهو يَرسُفُ
ويَلْصَقُ بي من ليس يدري كَلالةً / وأُحْسَبُ مضعوفاً وغيري المضعَّفُ
وعُدنا بما مِنّا عيونٌ كثيرةٌ / شُخوصٌ إلى إدراكه ليس تَطرِفُ
وقيل لنا حان المَدا فتوكّفوا / فَيا حُججاً للّهِ طال التَّوَكُّفُ
فَحَاشَا لنا من رِيبةٍ بمقالكمْ / وحاشا لكمْ من أن تقولوا فتُخلِفوا
وَلَم أَخشَ إلّا من معاجلةِ الرّدى / فأُصرفُ عن ذاك الزّمان وأُصدَفُ
لو أنصف القلبُ لَمَا ودّكمْ
لو أنصف القلبُ لَمَا ودّكمْ / لكنّه الطّائشُ لا يُنصِفُ
يهمُّ بالوِرْدِ الّذي لَم يَزلْ / يُصرفُ عنه الدّهرَ أو يُصدَفُ
وَيَعشِقُ اللّاهِي على أنّه / مُمرِضُه حيّاً أو المُتلِفُ
يلومنِي والجَورُ مِن عنده / كيف يلوم الوافِيَ المُخلفُ
ويجحدُ المرَّ الّذي ذُقتُه / في حبّه وهو به أعرفُ
ويدّعي فيَّ اِدّعاءَ الهوى / وَشاهدايَ الجَسَدُ المُدْنَفُ
ليتَ أُناساً أخلفوا وعدنا / لم يَعِدوا أو ليت لم يخلِفوا
ليس إلى القَصْدِ سبيلٌ لهمْ / إمّا ضنينُ الكفِّ أو مُسرِفُ
وَكلّما اِستنجدتُ في عطفهمْ / بدمعِيَ الواكف لم يعطفوا
بنفسي مَن لقيتُ غداةَ جَمْعٍ
بنفسي مَن لقيتُ غداةَ جَمْعٍ / على عَجَلٍ يسجّين الشُّفُوفا
مررناهنّ نَعتَسِفُ المطايا / نريد مِنىً فما رمنا وقوفا
وفي الأظعان بدرُ دُجىً سباني / بطلعته وما ألقَى النَّصيفا
ولمّا أن تمثّل لِي هواه / عداني بالثنيّةِ أن أطوفا
وزلّتْ عن تُقىً قدمي كأنّي / هنالك لم أكنْ رجلاً عفيفا
مَنْ مبلغٌ عنّي بنى مالكٍ
مَنْ مبلغٌ عنّي بنى مالكٍ / أنّ الّذي داويتُمُ أقْرَفا
دُمنا على العهد لمن لم يدمْ / وَقَد وفينا للّذي ما وفى
وَلَيسَ في العدل ولا غيره / أنْ يظلم الظّالمُ مَن أنصفا
لا تسمعوا القولَ بلا حجّةٍ / فطالما بُدِّلَ أو حُرِّفا
ولا تزيدونا أباطيلكمْ / فإنّما أمرضتُمُ مُدْنَفا
كم فيكمُ مِن ماطلٍ وعدَه / فإنْ يَجُدْ يوماً به أخلفا
ومِن مُصِرٍّ زاد إصرارَه / إِنْ لِيمَ في السِّيّءِ أو عُنِّفا
وكم عطفنا منكمُ مُعرِضاً / فلم نجدْ من معرضٍ مَعْطَفا
وما رأينا منكُمُ في الهوى / إلّا بخيل الكفّ أو مُسرفا
عودوا إلى السِّلمِ كما كنتُمُ / فقد مضى من حربكمْ ما كفى
بنفسي مَن رأيتُ بجُنْحِ ليلٍ
بنفسي مَن رأيتُ بجُنْحِ ليلٍ / فضاء بنور طلعته الطِّرافا
حكى لِي ريقه عَذْباً نميراً / وسقّى من صبابته ذُعافا
وكنتُ أضِنُّ في كَلَفِي بقلبي / فها أنَا ذا أجود به جُزافا
قل لمن بالجمال والْ
قل لمن بالجمال والْ / حُسنِ فينا تعرّفا
سلَّ جسمي بحبِّهِ / وهو في ذاك ما اِشتفى
لستُ أرجوك محسناً / فكن اليومَ منصفا
ما على مالكٍ لنا / لو علينا تعطّفا
فسقى فاه ضامئاً / وشفى فيه مُدْنَفا
أفِي الحقِّ أنْ أخلفتنِي ما وعدتنِي
أفِي الحقِّ أنْ أخلفتنِي ما وعدتنِي / ولم تَرَ منّي الدّهرَ في موعدٍ خُلفا
وتمنعني من رِفْدِ كفّك واحداً / وأعطيك لا مَنّاً عليك به ألفْا
فإنْ كنتَ من داء الغرامِ مُصَحَّحاً / فإنّ مريضاً بالهوى منك قد أشفى
وإِنْ بتَّ ملآنَ الجفونِ من الكرى / فإنّ الّذي نازعتَه الغُمضَ ما أغفى
وبي منك يا مَن لا صَبابةَ عنده / منَ الحبِّ ما لا أَستطيع له وصفا
من كَلَفِي أنّنِي مررتُ به
من كَلَفِي أنّنِي مررتُ به / فلم يَعِرْني من طَرْفِهِ طَرَفا
وكدتُ لَمّا رأيتُ غِلظَتَهُ / أُنْجِعُ جسمي بمهجتي أَسَفا
قَد قادَني حُسنُه إليه كما / قاد اليمانون جِلَّةً شرَفا
فقلت رفقاً فلستَ أوّلُ مَن / لاذ مُسيءٌ بعفوه فعفا
رأيتُكُمُ تجنون ما قد غرستُمُ
رأيتُكُمُ تجنون ما قد غرستُمُ / فلا تُنكروه أنْ يكون ذُعافا
وَعافوا القذى أو فاِكرعوه ضرورةً / وَمَن لم يُرِد إلّا الأُجاجةَ عافا
وَلا تَحسبوا ما نَحن نَرْأَبُ كسرَهُ / وفاقاً فعن قربٍ يعود خلافا
ولا تأمنوا الأضغان وهي دفينةٌ / فذو الحزمِ مَن هاب الغيوب وخافا
فَما نحنُ للأقدار إلّا رَمِيَّةٌ / يُصِبن صميماً أو يُصبن شَغافا
وسيّانِ في تضييعِيَ الحزمَ أنّني / رهبتُ أماناً أو أمنتُ مخافا
فَما لِيَ أُسقى فيّ أوفى أصادِقِي / كؤوساً دِهاقاً لم يكنّ سُلافا
إذا صاحبي أضحى سقيماً من الأذى / فما سرّني أنّي أبِيتُ معافَى
ولم أنجُ من سوءٍ أصابَ معاشري / وعاج بخلٍّ أرتضيه وطافا
دعونِيَ منكمْ لا تردّون طالباً / وَلم تلبسوا إِلّا الغرورَ عِطافا
وكم ذا أُرِيدَتْ بالهَوانِ بيوتُكمْ / فلَمْ تجعلوا من دونهنَّ سِجافا
ولو كنتُمُ لمّا غمزتُم قناتَكُم / على أَوَدٍ أوسعتموه ثِقافا
وداويتُمُ الأدواءَ وهي ضعيفةٌ / فكم من قويّاتٍ نَشَأْنَ ضِعافا
لقيتُمْ كَمَا شئتُم وشئناه فيكُمُ / ولكنّ أمراً جلَّ أن يُتَلافى
كأنّكُمُ رَكْبٌ على دوِّ قَفْرَةٍ / يُزَجِّي مطاياً للنّجاءِ عِجافا
بِمَهلكَةٍ خرِّيتُها هالكٌ بها / وكم مرّةٍ شمَّ التّراب وسافا
إذا هَيْقُها مدّ الجناحَ فإنّما / إماءُ بَنِي لَخْمٍ مَدَدْنَ طِرافا
سقى اللَّه أَقواماً مَضَوا لسبيلهمْ / وقد ملأوا سُبْلَ الطّماعِ عَفافا
لهم في ندىً سِيلوه أو بدأوا به / أكُفٌّ يناوِلْن النّوالَ جُزافا
أجابوا أُنوفَ الموتِ رغمَ أُنوفنا / فماذا جنى ذاك الهتافُ هِتافا
أَضَنّاً بالتّواصلِ والتّصافي
أَضَنّاً بالتّواصلِ والتّصافي / وبذلاً للتّقاطعِ والتّجافي
ونبذاً للمودّةِ عن ملالٍ / كما نُبِذَتْ حُصَيّاتُ القِذافِ
وسيراً في الجفاءِ على طريقٍ / شديدِ تَنَكُّرِ الأَعلامِ خافِ
إذا الأقدامُ خاطئةً خَطَتْهُ / فمن كابٍ لجبهتِه وهافِ
أيَا مَنْ بعتُهُ وَصْلي جُزافاً / فقابلني بهجرانٍ جُزافِ
أيَحسُنُ أنْ تُرَنِّقَ منك شربي / قضاءً بعد إسلافي سُلافي
وتثنِي عِطْفَك المزوَرَّ عنّي / وَما لِسواك حظٌّ في اِنعطافي
ومن عَجَبٍ خلافُك لِي وقِدْماً / أَمِنْتُ على اِقتِراحك من خلافي
وخلفُك موعدي وعليك فرداً / مقامي بالمودّة واِختلافي
وأنك واردٌ جَمّاتِ ودّي / وتمنعني صُباباتِ النِّطافِ
وكنتُ متى أنَلْ شَطَطَ الأماني / سَخِطْتُ فصرتُ أرضى بالكَفافِ
وقد علم المبلّغُ عنك أنّي / حَطَطْتُ عليه ثالثةَ الأثافي
وَكنتُ عليه لمّا اِهتَشَّ قومٌ / إِلى نجواه كالسُّمِّ الذُّعافِ
أتنسى إذْ لديك شجونُ نفسي / وَإِذ مَعكَ اِرتِباعي واِصطِيافي
وَإذْ سِرِّي بِمَرأىً منك بادٍ / وما دوني لسرّك من سِجافِ
تُنازعني المسائلَ والمعاني / وتاراتٍ تُناشدني القوافي
وَكَم معنىً أَقام الميْلَ منه / وقد أعيا ثِقافُك أو ثِقافي
وآخرَ ضلّ عنه رائدوهُ / فَفازَ بهِ اِختطافُك واِختطافي
مجالسُ لم يكن فيها طريقٌ / لشَهْواتِ النّفوسِ على العَفافِ
ألا يا ليتَ شعري عن صديقٍ / تكدّر لِي لِمَنْ بعدي يُصافي
وَكيفَ تُفيدُهُ الأيّامُ مثلي / وما يكفي مكاني اليومَ كافِ
ولمّا أن جريتُ إلى المعالِي / تبيّنَت البِطاءُ من الخِفافِ
فَما عِيف اِضطلاعي واِصطناعي / وَلا حِيف اِنصرافي واِنحرافي
سلامٌ من دَوِي الأحشاء مُضْنىً / على زمنٍ مضى وافي الخوافي
أُشمّرُ فيه أذيالي مُجوناً / وأحياناً أجرُّ به عِطافي
طَوَتْ آثارَه نُوَبُ اللّيالي / وقُوِّض مِثلَ تقويض الطِّرافِ
فَما لي بعدهُ إلّا اِلتفاتٌ / إلى طَلَلٍ من الإخوان عافِ
تبدّل بعد ساكنه بناءٍ / وبعد وصالِ واصله بجافِ
فيا راضي الجفاءِ متى التَّلاقي / ويا جاني الذُّنوب متى التَّلافي
وَإِن كُنتُ اِقترفتُ إليك جرماً / فَقَد ذَهب اِعتِرافي بِاِقترافي
رِيعَتْ لتَنْعابِ الغراب الهاتفِ
رِيعَتْ لتَنْعابِ الغراب الهاتفِ / وتأَوّلتها فُرْقةً من آلِفِ
فاِستَبطنتْ من رِقْبَةٍ لعُداتها / حُرَقاً نُضِحْنَ بدمع جَفْنٍ ذارفِ
ورأتْ بياضاً في نواحي لِمَّةٍ / ما كان فيها في الزّمان السّالفِ
مثلَ الثَّغامِ تلاحقتْ أنوارُه / عمداً لتأخذه بَنانُ القاطِفِ
ولقد تقول ومِن أَساها قولُها / ما كان هذا في حسابِ العائفِ
أين الشّباب وأين ما تمشي به / في البِيض بين مساعدٍ ومساعفِ
ما فيك يا شَمِطَ العِذارِ لرامِقٍ / عَبِقِ الجَوانِحِ بِالهَوى من شاعفِ
فَليَخلُ قلبُك مِن أَحاديثِ الهوى / وليخلُ غُمضُك من مطيف الطائفِ
وَلَقد سريتُ بفِتيَةٍ مُضَرِيَّةٍ / ليلَ التمام إلى الصّباحِ الكاشفِ
في ظهر مُلْتَبِسِ الصُّوى متنكّرٍ / لا يُهتدى فيه بسوفِ السّائفِ
ظامي الموارد ليس في غدرانِهِ / لمُسَوَّفٍ بالوِرْدِ غَرفةُ غارفِ
وكأنّما حُزُقُ النّعام بدوِّه / ريحٌ تلَوْن طوائفاً بطرائفِ
وإذا تَقَرَّاهُ فلا أثراً ترى / بِترابه إلّا لِريحٍ عاصفِ
من كلّ أبّاءٍ لكلِّ دَنِيَّةٍ / ذي مارنٍ للذُّلِّ ليس بعارفِ
وتراه ينتعل الظّهائرَ كلّما / جَحَرَ الهجيرُ بناعمٍ مُتتارِفِ
قومٌ يخوضون الغِمارَ إلى الرّدى / خوضَ الجبانِ الأمنَ غِبَّ مخاوفِ
لا يَأخذونَ المالَ إلّا بالظُّبا / تَنْدى دماً أو من سِنانٍ راعِفِ
وإذا رأيتَ على الرّدى مِقدامَهمْ / فكأنّ قلباً منه ليس بخائفِ
وَتراهُمُ في كلّ يومِ عَظيمةٍ / مُتَنصِّتِين إلى صريخِ الخائفِ
سحبوا مُروطَ العزِّ يومَ لَزَزْتَهم / بالفخر سَحْبَ غلائلٍ ومطارفِ
وتَلَوْا على كلبِ الزّمانِ وضِيقهِ / للمُمْلقين عوارفاً بعوارفِ
أَيدٍ تفجَّرُ بالعطاءِ سماحةً / فتَوالِدٌ في بذلها كطوارفِ
وندىً يَفيض تعَجرُفاً وتَغَشْمُراً / وعجارفُ المعروف غيرُ عجارفِ
وأرى شجاعَ الجود يوم تَواهُبٍ / شَرْوى شجاعِ الحربِ يومَ تسايُفِ
وَمحذّري شرَّ الزّمان كأنّه / لم يدرِ أنّي ناقدٌ للزّائفِ
قد كنت أُلحِي فيه كلَّ مفارقٍ / فَالآن أُلِحي فيه كلَّ مُقارفِ
وإذا الشّكوكُ تقاربتْ وتلاءمتْ / فعن الزّمانِ وما حواه تجانُفي
وَإذا اِلتفتّ إلى اِختِلاف خطوبه / فَإلى اِختِلاف عجائبٍ وطرائفِ
يَستَرجعُ الموهوبَ رَجْعَ مناقشٍ / من بعد أن أعطى عطاءَ مُجازِفِ
يا منهلاً للسّوءِ ما ألقى له / في كلُ أحيافِ الورى من عائِفِ
لم يَخْلُ برقُك خُلَّباً من شائمٍ / وسَرابُ أرضِك مُطمعاً من عاكفِ
وحطامُ رزقك وهو جِدُّ مُصَرَّدٌ / في كلِّ يومٍ مِن محبٍّ كالفِ
كَم في صروفك للنُّدوبِ تلاحَمَتْ / بعد المِطالِ ببُرْئها من قارفِ
ويدٍ تَمُدُّ ذراعَها ببليَّةٍ / فتنال شِلْوَ النّازِح المتقاذِفِ
لا يَعصمُ البانين منها ما اِبتنَوْا / واِستَفرشوا من نُمْرُقٍ ورفارفِ
وَأَنا الغبين لأَنْ مَنحتُك طائعاً / قَلبي وفيك كما علمتُ متالِفِي
يا حادِيَ الأظعانِ عرّجْ
يا حادِيَ الأظعانِ عرّجْ / بِي هُديتَ إلى الطُّفُوفِ
عرّجْ إلى ذاك المحل / لِ الفَخمِ والعطَنِ الشّريفِ
حيث الثّرى مُلقىً هنا / ك على قَرا جبلٍ مُنيفِ
حيث القِرى عفو الإلَ / هِ عن القبائحِ للضّيوفِ
ماذا يريبُك ريب غي / رُك من عكوفي أو وقوفي
فَلَقَلَّما نَفِسَ الرّفي / قُ عليَّ بالنَّزْرِ الطّفيفِ
ومتى رأيتَ مدامِعي / تنهلُّ بالدّمعِ الوكيفِ
فعلَى الّتي ولّتْ بها / عن ساحتي أيدي الحتُوفِ
وسَقَينَنِي بفراقها / كأساً من السُّمِّ المدوفِ
وكأنّني لمّا سمع / تُ نَعِيَّها مثلُ النَّزيفِ
أو مُعْجَلٌ دامي القَرا / والصّدرِ منفصمُ الوَظيفِ
أو أعزَلٌ نبذ الزّما / نُ به إلى الشَّقّ المخوفِ
يا موتُ كم لك في فؤا / دي من نُدوبٍ أو قروفِ
ألّا أخذتَ بمن أخذ / تَ تَليدَ مالي أو طريفي
وعدلتَ عن كهفي ودو / نَكَ ما أردتَ من الكهوفِ
كم ذا أَصابتْ مُصمِيا / تُكَ من خليلٍ أو أَليفِ
أضحى معي زَمَنَ الرّبي / عِ وراح عنّي في المصيفِ
فاتَ القويَّ من الخطو / بِ ومات بالخطْبِ الضَّعيفِ
يا مُخرجَ الآسادِ خا / شعَةَ الرؤوس من الغَريفِ
يا قانصاً نفسَ الشُجا / عِ يكرّ ما بين الصّفوفِ
يا مُبرِزَ الغِيدِ الحِسا / نِ من السّتائرِ والسُّجوفِ
ومُعَرِّيَ الأجسادِ مِنْ / سَرَقِ السّبائبِ والشُّفُوفِ
يا فاعلاً ما يشتهي / قهراً على رغم الأُنوفِ
كيف الفِرارُ من الرّدى / وعلى مسالكِهِ وجيفي
أم كيف أنجو من يَدَيْ / أدنى إليّ من الرّديفِ
وإذا سعيتُ أفوتُهُ / لم تدرِ بُطْئي من خُفوفي
لا تُتّقى منه البَلِي / يةُ بالرّماح أو السّيوفِ
ذلٌّ لنا وشِعارنا / حبٌّ لنافرةٍ صَدوفِ
مثلُ البَغِيِّ تبطّنَتْ / عَطَلاً ولاحتْ بالشُّنوفِ
تُعرِي التقيَّ من التُّقى / وتَزِلُّ بالرّجلِ العفيفِ
وَلَكَمْ بها مِن مَخْبَرٍ / صَدئٍ ومن مرأىً مَشوفِ
ولقد ألِفتُ وصالها / فرجعتُ مستلفَ الأليفِ
صِفْرَ اليدين من القنا / عةِ والنّزاهةِ والعُزوفِ
والعزُّ كلُّ العزِّ في الد / دُنيا لطَيّانٍ خفيفِ
ترك المُنى وأَقام ير / قُبُ هَتْفَةَ الأجلِ الهتوفِ
يا إبلي كوني قِرَى الأضيافِ
يا إبلي كوني قِرَى الأضيافِ / فليس عند الجود بالإنصافِ
أَإِنّ لي نعلاً وجاري حافِ / وإنّني مُثرٍ وجاري عافِ
يُؤْمننِي اللوّامُ أن تخافي / وَأن تَبِيتي نُهْزَةَ الطّوّافِ
إذا دنا ضيفٌ إلى طِرافي / فالويلُ للكوماءِ من أسيافي
في ليلةٍ حالكةِ الأَسدافِ / كأنّما تَشُكُّ في الأطرافِ
مِن خَصَرٍ فهنّ بالأثافي / يا بُعْدَ بين ممسكٍ طفّافِ
جَعْدِ اليدين ضيّق العِطافِ / يُرْتِعُكُنَّ أبْرَقَ العَزّافِ
فيما تَمَنَّيْتُنَّ من إزيافِ / في حَرَمٍ مُمَنَّعِ الأكنافِ
خافٍ من اللّوِم عن القوافي / أعيا على الرُّوّادِ والسُّوّافِ
وَبين سَمحٍ واهبٍ مِتْلافِ / تراه إمّا همَّ بالإسعافِ
لا يفتدي السِّمانَ بالعِجافِ / يا صاحبي ولستَ لِي بالوافي
ولا لدائي عندكمْ مِن شافِ / نكصتَ عنّي ليلة الإيجافِ
وخفتَ مرعوباً بلا مَخافِ / وطِرتَ كالزِّفّةِ بالسَّواِفي
ماذا عليك يا أبا الحجّافِ / من راسبٍ فيك وطَوْراً طافِ
ما أنتَ مِن عِدِّي ولا نِطافِي / ولا لتَقْتِيري ولا إسرافي
لا تُنكِرَنْ صدّي ولا اِنحرافي / وَأنت طلّاعٌ إلى خِلافي
وكادِرٌ لِي ولغيري صافِ / وواصلٌ لكلّ مَن لِي جافِ
ما عاد سَبْري لك واِستشفافي / وعاد تقويمِيَ أو ثِقافي
ودَلَجي نَحوك وَاِعتسافي / إلّا بخلٍّ منك غيرِ كافِ
ملآنَ مِن مَطْلٍ ومن إخلافِ / سيراً ذوي الأحساب والآنافِ
عن موطنِ اللُّؤِم الدَّريسِ العافي / ليس بمشتىً لا ولا مصطافِ
ولا رمادَ فيه للأَثافي / حيث تُهانُ نخوةُ الأشرافِ
وتستوي الأخفافُ بالأظلافِ / بَينَ الأُلى جاءوا من الأقرافِ
ليس عتابٌ منهُمُ لجافِ / ولا لَعاً عندهُمُ لهافِ
فإنّما الدّيارُ بالأُلّافِ /
ماذا جَنَتْه ليلةُ التّعريفِ
ماذا جَنَتْه ليلةُ التّعريفِ / شغفتْ فؤاداً ليس بالمشغوفِ
ولو اِنّني أدري بما حُمِّلتُهُ / عند الوقوفِ حذرتُ يومَ وقوفي
ما زال حتّى حلّ حَبَّ قلوبنا / بجماله سِرْبُ الظِّباءِ الهِيفِ
وَأَرَتْكَ مُكْتَتمَ المحاسن بعدما / أَلقى تُقَى الإحرامِ كلَّ نَصيفِ
وقنعت منها بالسّلامِ لو اِنّه / أروى صَدى أو بلّ لَهْفَ لهيفِ
وَالحبُّ يُرضي بالطّفيفِ معاشراً / لم يرتضوا من قبله بطفيفِ
ويُخِفُّ من كان البطيءَ عن الهوى / فكأنّه ما كان غير خفيفِ
يا حبَّها رفقاً بقلبٍ طالما / عرّفتَه ما ليس بالمعروفِ
قد كان يرضى أن يكون محكّماً / في لُبِّهِ لو كنتَ غيرَ عنيفِ
أطرحتِ يا ظمياءُ ثِقْلَكِ كلَّه / يومَ الوَداِع على فقارِ ضعيفِ
يقتادُه للحبِّ كلُّ مُحَبَّبٍ / ويروعه بالبين كلُّ أَليفِ
وكأنّنِي لمّا رجعتُ إلى النّوى / أبكي رَجعتُ بناظرٍ مطروفِ
وبزفرةٍ شهد العذولُ بأنّها / من حاملٍ ثِقْلَ الهوى ملهوفِ
ومتى جَحَدْتُهُمُ الغرامَ تصنُّعاً / ظهروا عليه بدمعيَ المذروفِ
وعلى مِنىً غُرَرٌ رمين نفوسَنا / قَبْلَ الجِمارِ من الهوى بحُتُوفِ
يسحبن أذيالَ الشّفوفِ غوانياً / بالحُسنِ عن حَسَنٍ بكلِّ شُفوفِ
وعدلْنَ عن لبس الشُّنوفِ وإنّما / هنّ الشّنوفُ محاسناً لشنوفِ
وتعجّبتْ للشّيب وهي جنايةٌ / لدلالِ غانيةٍ وصدِّ صَدوفِ
وأناطت الحسناءُ بِي تَبعاتِهِ / فكأَنّما تفويفُهُ تفويفي
هو منزلٌ بُدّلتُهْ من غيره / وهو الغِنَى في المنزلِ المألوفِ
لا تُنكرِيه فهو أبعدُ لُبْسةً / من قذفِ قاذفةٍ وقَرْفِ قَروفِ
وبعيدة الأقطارِ طامسة الصُّوى / من طولِ تَطْوافِ الرّياحِ الهوفِ
لا صوتَ فيها للأنيسِ وإنّما / لِعصائبِ الجنَّانِ جَرْسُ عزيفِ
وكأنّما حُزُقُ النّعامِ بدوّها / ذَوْدٌ شردن لزاجرٍ هِنِّيفِ
قَطَعَتْ ركابي وهي غيرُ طلائحٍ / مع طولِ إيضاعي ونطِّ وَجِيفي
أبغي الّذي كلُّ الورى عن بَغْيهِ / من بين مصدودٍ ومن مصدوفِ
والعزُّ في كلّ الرجال ولم يُنَلْ / عزٌّ بلا نَصَبٍ ولا تكليفِ
والجَدْبُ مغنىً للأعزّةِ دارِهٌ / والذّلُّ بيتٌ في مكانِ الرّيفِ
ولقد تعرَّفَتِ النّوائبُ صَعْدَتي / وأجاد صَرْف الدّهرِ من تشفيفي
وحللتُ من ذلِّ الأنامِ بنجوةٍ / لا لَوْمتي فيها ولا تعنيفي
فبدار أنديةِ الفخار إقامتي / وعلى الفضائل مَربَعي ومصيفي
وسرى سُرَى النَّجمِ المحلِّق في العُلا / نَظْمِي وما ألّفتُ من تصنيفي
ورأيتُ من غَدْرِ الزّمانِ بأهلِهِ / مِن بعد أن أمِنوهُ كلّ طريفِ
وعجبتُ من حَيْدِ القويّ عن الغِنى / طولَ الزّمانِ وخطوةِ المضعوفِ
وعَمَى الرّجال عن الصّواب كأنّهمْ / يعمون عمّا ليس بالمكشوفِ
وفديتُ عِرْضِي من لئامِ عشيرتي / بنزاهتِي عن سَيِّئِي وعزُوفِي
فبقدر ما أحميتُهمْ ما ساءهمْ / أعطيتُهمْ من تالِدِي وطريفي
كم رُوّع الأعداءُ قبل لقائهمْ / ببروقِ إيعادي ورعدِ صَريفِي
وكأنّهمْ شَرَدٌ سوامُهُمُ وقد / سمعوا على جوّ السّماء حفيفي
قَومي الّذين تملّكوا رِبَقَ الورى / بطعانِ أرماحٍ وضربِ سيوفِ
ومواقفٍ في كلِّ يومِ عظيمةٍ / ما كان فيها غيرُهمْ بوَقوفِ
ومشاهدٍ ملأتْ شعوبَ عُداتهمْ / بقذىً لأجفانٍ ورغمِ أُنوفِ
همْ خوّلوا النِّعَمَ الجسامَ وأمطروا / في المُمْلقين غنائمَ المعروفِ
وكأنّهمْ يومَ الوغى خَلَلَ القنا / حيّاتُ رَمْلٍ أو أُسودُ عَزيفِ
كم راكبٍ منهم لغاربِ سَدْفَةٍ / طرباً لجودٍ أو مهينِ سَديفِ
ومُتَيَّمٍ بالمكرُماتِ وطالما / ألِفَ النّدى مَن كان غيرَ ألُوفِ
وحللتُ أنديةَ الملوكِ مُجيبةً / صوتي ومصغيةً إلى توقيفِي
وحميتُهمْ بالحزمِ كلَّ عَضِيهةٍ / وكفيتُهمْ بالعزمِ كلَّ مخوفِ
وتراهُمُ يتدارسون فضائلي / ويصنّفون من الفخار صُنوفي
ويردّدون على الرُّواةِ مآثري / ويعدُّدون من العَلاءِ أُلوفي
ويسيّرون إلى ديار عدوّهمْ / من جُنْدِ رأي العالمين زُحوفي
وإذا هُمُ نَكِروا غريباً فاجئاً / فَزِعوا بنُكرهمُ إلى تعريفي
دفعوا بِيَ الخطبَ العظيمَ عليهمُ / واِستَعصموا حَذَرَ العدى بكنُوفي
وصحبتُ منهمْ كلّ ذي جَبْرِيّةٍ / سامٍ على قُلَل البريَّةِ موفِ
ترنو إليه وقد وقفتَ إزاءَه / بين الألوف بناظِرَيْ غِطْرِيفِ
فالآن قلْ للحاسدين تنازحوا / عن شمس أُفقٍ غير ذاتِ كسوفِ
ودعوا لِسيلِ الواديين طريقَه / فالسّيلُ جرّافٌ لكلّ جَروفِ
وتزوّدوا يأْسَ القلوب عن الذُّرا / فمنيفةٌ دارٌ لكلِّ مُنيفِ
وأرضَوْا بأنْ تمشوا ولا كرمٌ لكمْ / في دار مجد الأكرمين ضيوفي
مَن دَلَّنِي اليومَ على صاحبٍ
مَن دَلَّنِي اليومَ على صاحبٍ / لم يُقذَ في شيءٍ له طَرْفي
إِذا طلبتُ النَّصْفَ من غيره / لم ألْفِ مَن جاء على النَّصْفِ
ما عاج في وعدٍ ولا موعدٍ / قطّ بتسويفٍ ولا خُلْفِ
كأنّما صِيغَ لبذلِ المُنى / أو طُبِعَتْ كفّاه للعُرفِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025