المجموع : 36
طباعَكَ فالزَمها وخلِّ التكلُّفا
طباعَكَ فالزَمها وخلِّ التكلُّفا / فإن الذي غطيته قد تكشَّفا
فلِم تتعاطى ما تعوَّدتَ ضدَّه / إذا كنتَ خوّاناً فِلم تدَّعي الوَفا
أتذكر قولي إنني منك خائفٌ / ألست تخاف الله إن كنتَ منصِفا
غدرتَ ولم تُغدَر وخُنتَ ولم تُخَن / ومرَّرت ما احلولى وكدَّرتَ ما صفا
فما هي إلا أن أعيش منغَّصاً / لنقضك عهدي أو أموتَ تأسُّفا
فلم يتهنَّأ بالوصال مروَّعٌ / بغدرٍ ولا عيش لمن كان مُدنَفا
إذا خفتُ أمراً ثم أبصرتُ صاحبي / يكاتمني ازددتُ منه تخوُّفا
أأحمدُ لِم تخلِف فإنك خائفٌ / ولن يُعذر الغدّارُ إلا ليُخلِفا
حبيبي أما استحييتَ منّي تخونني / وتَزوي ثمارَ الوصل عني لتُقطفا
ولِم تقبل العذرَ الذي بانَ زَيفُه / وهل مستجادٌ درهمٌ قد تزيَّفا
تحيَّرت لا أدري أأرضى بما أرى / فأكمد أم أجفو الحبيب فأتلَفا
فلي نفس حرٍّ لا يطيق خيانةً / ولي قلب صبٍّ ليس يقوى على الجفا
ففي الغدر تنغيصٌ وفي الهجر محنةٌ / وقد نالني منك الغِدَارُ مضعَّفا
ظننا بكم ظنّاً جميلاً لمَيلكم / إلينا ولكن ذلك الظن أخلفا
إذا غاب ماءُ الغُصنِ عن روضة المنى / فحقّ لأغصان المنى أن تُقَصَّفا
إذا رحل الإنصاف عن عرصة الهوى / فما للرضا عذرٌ بأن يتخلَّفا
وما أوحش الإلفين حنَّا / اذا افترقا من بعد ما قد تألفا
لقد كنتَ لي نِعمَ الحبيب تبرُّني / وأرحمَ بي من والديَّ وأرأفا
فما كان أحلى أُنسنا وحديثنا / ليالي كان الدهر بالوصل أسعفا
وما كان ذاك الوصل وصلاً لطيبه / ولكنَّه برق لعقلي تخطَّفا
تعطفت لي بالعطف حتى كأنما / جريتَ بمجرى الروح بل كنتَ ألطفا
فإن تَتَّخِذ مني بديلاً فإنني / تبدَّلتُ من بعد السرور تلهُّفا
سلامٌ على الدنيا إذا لم أجد بها / حبيباً ودوداً بالمودَّة منصفا
أحَبَّ فمَن ذا الذي أخلَفَهْ
أحَبَّ فمَن ذا الذي أخلَفَهْ / ومَلَّ فمن ذا الذي استعطَفَهْ
فلا أحدٌ في الرضا ساءَهُ / ولا أحد في القلى عنَّفَه
وكان زكيّاً كما قد علمتُ / فما ذا التعدّي وما ذا السَّفَه
وفي الناس من يتجنّى الذنوبَ / وذا قد تجاوز حدَّ الصِّفَه
ولا كلُّ مَن كانَ ذا قوَّةٍ / يناوي الضعيفَ إذا استضعفه
وزعَّمني صدفاً خاوياً / من الدرِّ مثل الذي صرَّفَه
ولو شئتُ عرَّفتُه مَن أنا / وإن كانَ لي جيِّد المعرفَه
وإبليس يعرف مَن رَبُّه / ولكنَّ طغيانه سرَّفه
سأحلم حتى يقولوا شأى / معاويةَ الحلمَ أو أحنَفَه
لأن ركائب عهد الوفا / على طلل العهد مستعطَفَه
وما أولَعَ المرء بالموبقات / وعند الحقائق ما أضعفَه
تراني أُحَبِّكُ طول الحياة / لساناً بما ساءَه أو شَفَه
أأهجوه حتّى يقول الأنامُ / أنَصرٌ هجاه لقد شرَّفَه
وسَل مَن تعرَّض لي في الهجا / ءِ عن عِرضِه أين قد خَلَّفَه
وذو الجهل ينصف من ضامه / سَفاهاً ويظلم من أنصَفَه
ماذا يضرُّ الحبيبَ لو عطفا
ماذا يضرُّ الحبيبَ لو عطفا / فأنصف المستهامَ وانتصفا
لا تخلف الوعدَ لي أيا سَكَني / فإن في خلفه ليَ التلفا
هجرك إن دامَ لي بغير وفاً / قضيتُ وجداً بغصَّتي أسفا
لا خير في الوعد لا تمام له / كأنَّه البرق لاح واختطفا
سهام عين الحبيب تقتلني / كأن في مهجتي لها هدفا
ما حلَّ هذا وليس ذا حسناً / أن تتركنّي متيَّماً دنفا
يا ليت شعري متى يكون لنا / وقتٌ نرى الشمل فيه مؤتلفا
ما أقبح التيه بالمِلاح ومَن / كان مليحاً فلا يكن صلفا
يا شادناً بالله قفْ
يا شادناً بالله قفْ / أشكو الصبابةَ والكَلَفْ
ارحم فديتُك عاشقاً / قد صار للبلوى هَدَف
أنت الذي أدنفتَه / فكن الطبيبَ من الدَّنَف
يا واحداً في حسنه / صيَّرتَني نهب التلف
مَلَكتنا الخصورُ والأردافُ
مَلَكتنا الخصورُ والأردافُ / وسَبَتنا القدودُ والأعطافُ
حيَّرتنا تلك العيونُ الكحيلا / تُ ومن تحتها فنونٌ لطافُ
فَتَنَتنا إذ في العيون فتورٌ / أسكرتنا إذ في الخدود سلافُ
قويت فتنة المِلاح على الدِّي / ن فما تصنع القلوب الضِّعافُ
تظرَّفتِ لمّا قلتُ لا تتظرَّفي
تظرَّفتِ لمّا قلتُ لا تتظرَّفي / فليتكِ إذ خالفتِني لم تُضَعِّفي
وقد كان في ترك الخضاب تظرُّفٌ / فلا لي تركتيه ولا للتظرُّفِ
نهيتُكِ عن ذاك التحسُّن إنني / بحسنكِ عن ذاك التحسُّن مكتفي
فلو خرجت روحي لهانت ولم يهُن / خروجُكِ من ذاك الحِجالِ المُسَجَّفِ
ولم ترقبي قولي ولم تُرعَ ذمتي / ولم تحفظي عهدي ولم تتوقفي
فإمّا دلالاً في الهوى أو تجنِّياً / فلا تجمعي هذا وذاك فتُسرفي
فإمّا على قدر الفعال تَدَلَّلي / وإمّا على قدر التدلُّل أنصِفي
وأسعفتِني فيما مضى وغررتِني / ولم تسعفي من قبل إلا لتُخلفي
ولو لم تكن لي حاجة فيك لم أهُن / لديكِ وإن لم تعرفي ذاك فاعرفي
وما غَيرة العشّاق إلا وفاؤهم / وكلُّ محبٍّ لا يغار فلن يفي
يا مريضاً قد أمرَضَ ال
يا مريضاً قد أمرَضَ ال / حُسنَ والظَّرفَ والوفا
لم يكن تركي العيا / دَةَ هجراً ولا جفا
لم أُطِق أن أراك يا / أحسنَ الناسِ مُدنَفا
كيف ألقاكَ بعد ما / كان قلبي تخوَّفا
طال خوفي عليك فال / حمد لِلّهِ إذ كفى
ما على البدر سيِّدي / من كسوفٍ تَطوَّفا
وبودّي لو اَنَّ في / حتف روحي لك الشِّفا
لا تخف من تَغَيُّرٍ / ليس بالحسن من خفا
هل حان أن تتعطَّفا
هل حان أن تتعطَّفا / أم بَعدُ قلبُك ما اشتفى
أنت الطبيب فما يضر / رُكَ لو شَفيتَ المدنَفا
مَن في يديك تلافُه / لا تَلهُ عنه فيتلفا
ما ضرَّ مَن هو في القلو / ب مُحكَّمٌ لو أنصفا
ليت الحبيب بُلِي بمن / يجفو الحبيب إذا جفا
وفيتَ وما لك إلا الوفا
وفيتَ وما لك إلا الوفا / وأنصفتَ والعدلُ أن تُنصِفا
ضمنتَ ضماناً وأتممتَه / وأوليتَ ما جلَّ أن يُوصَفا
فما كنتَ في العهد لي خائناً / ولا كنتَ في الوعد لي مخلفا
لقد عاد وصلُك مستطرَفاً / لأني توقَّعتُ منك الجَفا
ولو نال غيرُك ما نلتَهُ / لفارَقَ أحبابَه وانتفى
لأن المَلُولَ إذا ما استقا / مَ بالوَصل شَتَّتَ ما ألَّفا
فلِم لا أُواصِل مَن لو جفا / لكدَّر من عيشتي ما صفا
تُراني أُضيع حقوق الهوى / وأنت حفيظ لعهد الصفا
ولكنني لك طوع اليدي / نِ على رغم من لام أو عنَّفا
فلستُ أُبالي بمن لامني / إذا ما وفيت لمن قد وفى
حبيبيَ ذاك البدر إذ وافَقَ النِّصفا
حبيبيَ ذاك البدر إذ وافَقَ النِّصفا / فألبستَه ثوباً من الذلِّ فاستخفى
وظنوا به خَسفاً وكان احوراره / تخلِّيه من تنوير وجهك لا كسفا
وظَنَّكَ بدراً قد أتيتَ بعَزله / فذلَّ لكي يدعو له الناسُ أن يُكفى
ولمّا صرفتَ الوجهَ عنه تكبُّراً / رأينا لذاك اللون عن وجهه صرفا
فيا قمراً أزرى على قمر الدجى / برعتَ بحسنٍ ما نطيق له وصفا
ملاحة شكلٍ فوق تقويم حاجبٍ / تَرى بين هذين الملاحةَ والظَّرفا
فلو كانت الدنيا عروساً وحُلِّيَت / لتُجلى عليها كنتَ أنتَ لها شفّا
تدلّ علينا في الملاحة بالهوى / فتعصي ولا تُعصَى وتجفو ولا تُجفى
فبي سَقَمٌ من سُقم عينيك لا يُشفى / على حَرَقٍ من نار خدَّيك لا يُطفى
ومن أين يخفى عنك عشقٌ لعاشقٍ / وعينُك عينٌ تعرف السرَّ والأخفى
فواعجباً من لحظ طرفك إنه / إذا زاد ضعفاً زاد قوتنا ضعفا
وأعجب من هذين ردفك كلّما / ترجرج زاد الخصر من فوقه لطفا
فيا شكل ذا خصراً ويا ثقل ذا ردفاً / ويا حسن ذا خدّاً ويا نَبل ذا طرفا
ويا طيبَ أنفاسٍ على حسن مَضحكٍ / فذا المسك بل أذكى وذا الدرُّ بل أصفى
ويا خمر ريقٍ فوقه ورد وجنةٍ / فمَن لي بذا رشفاً ومن لي بذا قطفا
بدأتَ بإحسان فجُد بتمامه / وإن الفتى من لا يكدِّرُ ما صَفّى
فهذا الهوى عيش المحبِّ إذا صَفا / ولكن إذا لم يصفُ كان له حتفا
أنا أفديكَ من مَلُولٍ أَلُوفٍ
أنا أفديكَ من مَلُولٍ أَلُوفٍ / راضَني بالأمان والتخويفِ
تتجنّى فنحن في كل بؤسٍ / ثم ترضى فنحن في كلِّ ريفِ
أنت تجني عَلَيَّ طوراً وطوراً / ليَ بين الترفيه والتعنيفِ
حار حكمي في حكمك الجائر العد / ل وفي خلقك الجليل اللطيفِ
أنت عند التجريد ضوءٌ ولكن / أنت عند اللباس كالمنجُوفِ
ليس عن خيرةٍ وصفتُكَ لكن / حركاتٌ دلَّت على الموصوفِ
حركات شواهد عن غيوبٍ / فالمُغَطّى فيهنَّ كالمكشوفِ
تتهادى فالموج صوت نذير / وتثنَّى فالميل مَيلُ قَصِيفِ
أنت بالخصر والمؤزَّر تحكي / مَضَّةَ الشوق بالفؤاد الضعيفِ
فلتوفير ذا ودقَّة هذا / أنت في حالتَي ثقيلٍ خفيفِ
لك وجه كالبدر لكن بريءٌ / من محاقٍ أو غَيبَةٍ أو كسوفِ
وفم مثل خاتم الحسن يُزهى / بابتسام عذبٍ ونطقٍ ظَريفِ
جُمِعَت فيك لذَّةُ العيش لكن / حال مِن دونها سلاح الحتوفِ
لحظاتٌ قَواصِدٌ كسِهامٍ / من جفون قواطع كالسيوفِ
صنمٌ تسربل شكله من وَصفِهِ
صنمٌ تسربل شكله من وَصفِهِ / فسَبى القلوبَ بحسنه وبظَرفِهِ
جُمِعت محاسن يوسفٍ في وجهه / فجميع أرواح العباد بكفِّهِ
فالشمس تقبس نورها من نوره / والحور يؤخذ وصفُها من وصفِه
فإذا تَمَرَّضَ لحظُه فكأنَّما / هاروت يسرق سحره من طرفِهِ
عجباً له خداً توقَّد جمرةً / وعليه ماء بهائه لم يُطفِهِ
وإذا تورَّد خدُّه فكأنما / يُبدي جنيَّ الورد ساعة قطفِهِ
وإذا تبسَّم عن تلالي ثغره / أبصرتَ سمطَي لؤلؤٍ في رصفِهِ
وإذا مشى فتن الورى بتخفُّفٍ / من خصره وتثقُّلٍ من ردفِهِ
فتمايلت أغصانُه من فوقه / وترجرجت أمواجُه من خلفِهِ
فيكاد يدخل بعضُه في بعضِهِ / ليناً ويسقط نصفُه من نصفِهِ
جلَّت صفاتُ محمدٍ وتلاطفت / فقد ارتدى بجلاله وبلطفِهِ
حاشا حبيبي أن أُشبِّه وجهه / قمراً يُعاب بنقصه وبخسفِهِ
لا صبر لي عن أُنسه وحديثه / والإلف ليس بصابرٍ عن إلفِهِ
إني أموت ببُعده وبصدِّه / وكذا أعيش بقربه وبعطفِهِ
لقد توقَّفت لو أنَّ الهوى وقفا
لقد توقَّفت لو أنَّ الهوى وقفا / وما كشفتُ الهوى لكن هو انكشفا
لم أشكُ حتى طغى شوقي على جلدي / وقال لي اختر الشكوى أو التلفا
فأحي إن شئتَ أو اقتل على ثقةٍ / وأنت تأتي الذي تأتيه معترِفا
لم لا أُخاطِر في بحر الهوى طمعاً / في درَّةٍ أُلبسَت من نعمةٍ صدفا
لا تسألنّي وسل جفنيك عن خبري / فقد ضعفتُ عن الشكوى كما ضعفا
وكيف أُنبيك عن جسمي ودقَّتِهِ / وأنت تهدي له من قدِّك القَصَفا
أرى هواي جليلاً في لطافته / كمثل جسمك فيما جلَّ أو لطفا
جسم تناهت به أشكالُ صنعته / فقد تفاوت فيه وصفُ من وصفا
تفرَّق الحسنُ في تأليفه فرقاً / فصار مفترقاً بالحسن مؤتلفا
مقسَّماً قسماً قد لانَ ثُمَّ دنا / بل دقَّ ثم علا بل رقَّ ثم صفا
إذا تهادى رأيتَ الموج مضطرباً / وإن تثنّى رأيتَ الغصن منعطفا
غصن إذا اهتزَّ تهتز القلوب له / مما يلين فلولا لينه انقصفا
يثنيه لينٌ وتعديل يقوِّمه / فحين يمشي يحاكي اللام والألفا
سبَى فؤادي بألفاظٍ يفصِّلُها / برقُ ابتسامٍ جرى للعقل مختطِفا
برقٌ رجوتُ به غيثاً زرعتُ له / بين الحشا طمعاً قد صار لي أسفا
فأسقِ روض الهوى غيثَ المنى فعسى / أن نجتني ثمراً للوصل أو طُرَفا
مَلِّكنيَ الوصلَ يوماً إذ بذا رمقي / وملِّكنّي قدوداً تُشبه الألفا
حويت حسناً وعقلاً إن ترد لهما / صيانةً فتوقَّ العُجب والصَّلفا
حزتَ الجمال فإن رمتَ الكمال فلا / تستعمل الغدرَ في عهد ولا خُلُفا
أحسِن أبا حسنٍ إن المحبَّ إذا / وافى الحبيبَ له عند الضَّمانِ وفى
أشفقت من إخفاء ما لم تخفِهِ
أشفقت من إخفاء ما لم تخفِهِ / فكشفت ما تُخشى غوائلُ كشفِهِ
فمن تحيَّر فيه ماء شبابه / فتحيَّرت فِطَنُ الورى في وصفِهِ
من لا يُحاطُ بكنهه لجلالهِ / ويكاد يخطفه الهواءُ للطفِهِ
غصنٌ من الريحان بالَغ ربُّهُ / في غرسه فسموتَ أنتَ لقطفِهِ
هيهات تقصر عنه كفُّك أو ترى / أسبابُ روحك طاعةً في كفِّهِ
فتُعير قلبك بعضَ رقة خدِّه / وتعير جسمَك بعض علَّةِ طرفِهِ
حتى تصير من النحول كخصره / ويصير حملُك في هواه كردفِهِ
فهناك إن أطفا غليلَكَ زادَه / حتى تودَّ بأنه لم يُطفِهِ
حلو الشمائلِ ناعم الأعطافِ
حلو الشمائلِ ناعم الأعطافِ / عدل القوام وجائر الأردافِ
في وجهه أبداً ربيع محاسنٍ / في وجنتيه الزهر ورد قطافِ
من ثغره نور التبسم ضاحكٌ / بأديمه ماء البشاشة صافِ
تهدي محاسنه إلى أبصارنا / تحفَ المنى وغرائبَ الألطافِ
ويكاد يقطر منه في حركاته / ماء النعيم لرقَّةِ الأطرافِ
كانت حياةُ محبِّه لحبائه / في أُلفةٍ وتواصلٍ وتصافِ
إحسانُ ذاك وحُسن ذا متكافئٌ / لا ذا ملول هوىً ولا ذا جافِ
مزج الهوى رُوحَيهما فتمازجا / كزلال ماءٍ في رحيق سلافِ
جسمين قد قُسِما بروحٍ واحدٍ / كُلٌّ بكلٍّ مُسعَدٌ مُتَوافِ
فترى الحسودَ يقول حين يراهما / ما العيش إلا أُلفة الأُلّافِ
أهابُكَ أم أُبدي إليك الذي أُخفي
أهابُكَ أم أُبدي إليك الذي أُخفي / وطرفك يدري ما يقول له طرفي
نهاني حيائي منك أن أكشف الهوى / وأغنيتَني بالفهم منك عن الكشفِ
تلطفتَ في أمري فإن أك ساعياً / إلى غايةٍ فاللطف يُدرَك باللطفِ
تلقَّيتني بالبشر حتى كأنَّما / تبشِّرني بالعَبث أنَّك في كفّي
وتُدركني من هيبتي لك وحشةٌ / فتؤنسني بالعطف منك وباللطفِ
تكاملتَ إحساناً وحسناً وفطنةً / وزدتَ كمالاً بالتصنُّع والظَّرفِ
فحبُّك فيه عِصمَةٌ وهو فتنة / فيشفي بما يُضني ويضني بما يشفي
وتُحيي محبّاً أنت في الحبّ حتفُه / وذا عجبٌ كون الحياة من الحتف
لك الخير قد عجَّلتَ لي صَفوةَ الهوى / ومثلك عندي لا يُكدِّر ما يصفي
فجُد لي بوعدٍ منك أحيا بروحه / وجُد لي مع الوعد الأمانَ من الخُلفِ
يا صيرفيّاً هواه
يا صيرفيّاً هواه / في مقلتي يتصرَّفْ
لو قابل الشمسَ كادت / لخجلةٍ منه تكسف
لو أن للبدر معشا / رَ حُسنه لتصلَّف
رقت حواشيه حتّى / تكاد أن تُتَرشَّف
يكاد من فرط لطفٍ / بالوهم أن يُتَخطَّف
إذا تثنى تثنَّت / أعطافُه تتعطَّف
وإن تهادى تهادت / أردافُه تتردَّف
فالنور والحسن فيه / كُلٌّ بكُلٍّ تألَّف
وباللّباقة والشك / لِ والفتور تزخرف
يُزيِّن الخلقَ منه / خُلقٌ من الظرفِ أظرَف
يا مُشبِهَ الحُور لا بل / أجلُّ منها وألطَف
دَعني أُحبّ مليحاً / مُحِبُّه ليس يُعنَف
مَن لامني في هواه / فهو المُعنّى المكلَّف
مولاي يُزهى ويَبهى / والرُّوح تضنى وتتلف
باللطف يقبض روحي / إن جئتُه أتلطَّف
تقمَّص العيش بين الدَّل والترَفِ
تقمَّص العيش بين الدَّل والترَفِ / لا يرفع الطرفَ من تيهٍ ومن صَلَفِ
تبدو معانيه من أثوابه فيُرى / صفواً من الدرِّ إذ يبدو من الصدفِ
إن قلتُ يا أسَفي لا تنكروا فأنا / أدري على أيِّ شَيءٍ قلتُ يا أسفي
إن نلتُه فزتُ بالدنيا ولذَّتِها / وإن تلفتُ فمعذور على تلفي
بيني وبينَك يا ظلومُ الموقفُ
بيني وبينَك يا ظلومُ الموقفُ / والحاكمُ العدل الجواد المنصفُ
فلقد خشيتُ بأن أموت بغصَّتي / أسفاً عليك وأنت لا تتعطَّفُ
لي مهجة تبكي وطرف ساهر / وجوارح تضنَى وقلب مدنفُ
أسفٌ يدوم وحسرة ما تنقضي / وجوىً يزيد وكُربةٌ ما تُكشَفُ
وكأنَّ لي في كلِّ عضوٍ واحدٍ / قلباً يحنُّ وناظراً ما يطرفُ
أشكوكَ أم أشكو إليك فإنني / في ذا وذا متحيِّرٌ متوقِّفُ
أخشاك بل أخشى عليك فتارةً / أرجو رضاك وتارةً أتخوَّفُ
أتلفتُ روحي في الهوى فإلى متى / تلهو وتترك مَن يحبُّك يَتلفُ
لا مت أو تُبلى بمثل بليَّتي / فعسى تَذوق كما تُذِيق فتنصفُ
لا تنكرنَّ تأسفي إن فاتني / روحُ الحياة فكيف لا أتأسفُ
لو أنَّ لقمان الحكيم رأى الذي / أبصرتُ منك رأيتَه يتلهَّفُ
شوقاً إلى من لو تجلَّى وجهُهُ / للبدر كادَ من التحيُّر يُكسَف
بل لو رأى يعقوبُ حُسنَ محمدٍ / ما كان يحزن إذ تغيَّب يوسفُ
طاووس حُسنٍ بل أتمُّ محاسناً / صنم الملاحة بل أجلُّ وألطفُ
بشمائلٍ أغصانُها تتعطَّفُ / وروادفٍ أردافُها تتردَّفُ
تتصلَّف الأرضُ التي هو فوقها / زهواً به وتراه لا يتصلَّفُ
متشرِّب ماءَ البشاشةِ وجهُهُ / فعليه ريحان القلوب يرفرفُ
متفرِّد في لونه فكأنَّه / ماءٌ زلالٌ فيه خمرٌ قَرقَفُ
وكأنَّه في سَرحِهِ ضرغامُهُ / صاف الى مُهَج الورى يتصرَّفُ
ما ضرَّه أن لا يكون مقلَّداً / سيفاً ففي عينيه سيفٌ مرهفُ
وكأنَّ قوس الحاجبين مقوّساً / سَهمٌ فويلٌ للذي يستهدفُ
قد صُبَّ في قُرمُوصِه بلياقةٍ / صَبّاً ففيه تمكُّنٌ وتخفُّفُ
إنّي لأحسدُ باشِقاً في كفِّه / أتراه يدري أيّ كفٍّ يألفُ
إن كان باشقُهُ يحلِّق طائراً / فمحمدٌ لقلوبنا يتخطَّفُ
مولاي لو وصفَتكَ أفواهُ الورى / طُرّاً لكنتَ تجلُّ عَمّا تُوصَفُ
قد ساعَفَتك محاسنٌ قد حيَّرت / فيك العقولَ وأنت لا تتسعف
سل ورد خدِّك أي حُسنٍ غرسُهُ / إنّا نراه يعود ساعةَ يُقطَف
لو لم تضاعف لي عذابي في الهوى / ما راح نرجُس ناظريك يضعِّفُ
علمت لواحظُك الضِّعاف تجلُّدي / ومن العجائب غالبٌ مستضعَفُ
لو لم تُرِد قلبي بغير جنايةٍ / ما كنت تنكر في الهوى ما تعرفُ
فرأيتَ في النَّوم الذي أنكرتَه / في يقظةٍ من هاتفٍ بك يهتفُ
فتألَّفَت أرواحُنا عند الكرى / إذ كانت الأجسامُ لا تتألَّفُ
فأتَتك روحي حين ذاك بقولها / بيني وبينك يا ظلومُ الموقفُ
بديع مَلاحاتٍ بمقلته حتفي
بديع مَلاحاتٍ بمقلته حتفي / تكوَّن من نورٍ يجلُّ عن الوَصفِ
له مقلتا ريمٍ وجيدُ غزالةٍ / ووردٌ على خَدَّينِ يُقطَف بالطَّرفِ
وحُسن عذارٍ خَطَّ بالمسك سطرُه / سهامَ منايا داعياتٍ إلى حتفِ
ويبسم عن ثغرٍ كأنَّ رُضابَه / جنى النحل لمّا شِيبَ بالقهوة الصِرفِ
كأنَّ صباحاً طالعاً من جبينه / أناخ عليه اللَّيلُ بالحالك الوَحفِ