المجموع : 18
بِأَبي الغُصونَ المائِلاتِ عَواطِفا
بِأَبي الغُصونَ المائِلاتِ عَواطِفا / العاطِفاتِ عَلى الخُدودِ سَوالِفا
المُرسِلاتِ مِنَ الشُعورِ غَدائِراً / اللَيِّناتِ مَعاقِداً وَمَعاطِفا
الساحِباتِ مِنَ الدَلالِ ذَلاذِلاً / اللّابِساتِ مِنَ الجَمالِ مَطارِفا
الباخِلاتِ بِحُسنِهِنَّ صِيانَةً / الواهِباتِ مَتالِداً وَمَطارِفا
المونِقاتِ مَضاحِكاً وَمَباسِماً / الطَيِّباتِ مُقَبَّلاً وَمَراشِفا
الناعِماتِ مُجَرَّداً وَالكاعِباتِ / مُنَهَّداً وَالمُهدِياتِ ظَرائِفا
الخالِباتِ بِكُلِّ سِحرٍ مُعجِبٍ / عِندَ الحَديثِ مَسامِعاً وَلَطائِفا
الساتِراتِ مِنَ الحَياءِ مَحاسِناً / تَسبي بِها القَلبَ التَقِيِّ الخائِفا
المُبدِياتِ مِنَ الثُغورِ لِآلِياً / تَشفي بِريقَتِها ضَعيفاً تالِفا
الرامِياتِ مِنَ العُيونِ رَواشِقاً / قَلباً خَبيراً بِالحُروبِ مُثاقِفا
المُطلِعاتِ مِنَ الجُيوبِ أَهِلَّةً / لا تُلفَيَنَّ مَعَ التَمامِ كَواسِفا
المُنشِياتِ مِنَ الدُموعِ سَحائِباً / المُسمِعاتِ مِنَ الزَفيرِ قَواصِفا
يا صاحِبَيَّ بِمُهجَتي خَمصانَةٌ / أَسدَت إِلَيَّ أَيادِياً وَعَوارِفا
نُظِّمَت نِظامَ الشَملِ فَهِيَ نِظامُنا / عَرَبِيَّةٌ عَجماءُ تُلهي العارِفا
مَهما رَنَت سَلَّت عَلَيكَ صَوارِماً / وَيُريكَ مَبسِمُها بَريقاً خاطِفا
يا صاحِبَيَّ قِفا بِأَكتافِ الحِمى / مِن حاجِرٍ يا صاحِبَيَّ قِفا قِفا
حَتّى أُسائِلَ أَينَ سارَت عيسُهُم / فَقَدِ اِقتَحَمتُ مَعاطِباً وَمَتالِفا
وَمَعالِماً وَمَجاهِلاً بِشِمِلَّةٍ / تَشكو الوَجى وَسَباسِباً وَتَنايِفا
مَطوِيَّةِ الأَقرابِ أَذهَبَ سَيرُها / بِحَثيثِهٍ مِنها قُوىً وَسَدايِفا
حَتّى وَقَفتُ بِها برَملَةِ حاجِرٍ / فَرَأَيتُ نوقاً بِالأَثيلِ خَوالِفا
يَقتادُها قَمَرٌ عَلَيهِ مَهابَةٌ / فَطَوَيتُ مِن حَذَرٍ عَلَيهِ شَراسِفا
قَمَرٌ تَعَرَّضَ في الطَوافِ فَلَم أَكُن / بِسِواهُ عِندَ طَوافِهِ بي طائِفا
يَمحو بِفاضِلِ بُردِهِ آثارَهُ / فَتَحارُ لَو كُنتَ الدَليلَ القائِفا
ألبستُه خرقةَ التصوُّفِ
ألبستُه خرقةَ التصوُّفِ / وما له نحوها تشوُّف
لعلمه بالذي يراه / من أدبِ الوقت والتظرُّفِ
ألبستَه بعدَما تعالى / عن رُتبة الأخذ والتعطُّف
وحَصَلَ الكونُ في حماه / وأحكم العلم والتصرُّفِ
فمثلُ هذا ألبست ثوبي / إذ كان ثوباً على التعرُّف
سألتنا شرفَ نلبسها
سألتنا شرفَ نلبسها / خرقةَ القومِ على شرطِ الوفا
حين تابتْ عندنا من كل ما / كان منها قبل هذا سلفا
فأجبناها إلى ما سألت / باعتقادٍ وودادٍ وصفا
وأمرناها بأن تلبسها / كل من كان بخير عرفا
هي لمّا لبستُها سبَّحتْ / حسبي الله تعالى وكفى
وأتتْ تلثم نعلي خدمةً / ولقد كان لنا فيه شفا
ولقد عانقتُ منها غُصناً / يخجلُ الغصن إذا ما انعطفا
وارتشفنا ريقةً مسكينةً / تخجل الشَّهدَ إذا ما ارتشفا
ما أتينا محرَماً نحذره / بل أتينا فيه ما الله عفا
فانظروا المعنى الذي أرمزه / في كلامي تجدوه في الوفا
ألبستُ ستّ العابدي
ألبستُ ستّ العابدي / ن خرقةَ التصوفِ
ألبستُها من رغبتي / فيها ومن تخوُّفي
على إنكسار راعني / منها ومن تشوّفِ
ألبستُها بمكةَ / في الحجِّ بالمعرِّف
ألبستُها ثوبَ تقى / توّقني تشرُّفي
لأنها معشوقةٌ / لطيفةُ التظرف
محجوبةٌ مطلوبةٌ / لطالبِ التطرُّفِ
يا أيها المؤمنون أوفوا
يا أيها المؤمنون أوفوا / فإنكم في الذراع وقفُ
زينتمُ إذ كتبتوه / لذاك أنتم عليه وقف
إنْ كان في قلبكم سواكم / فهو لما يحتويه ظَرف
والحق بي قد أشار نحوي / فقلتُ ماذا فقال لطف
مني بمن كان لي جليساً / فيه معان وفيه ظرف
ما كنتُ أجني عليَّ إلا / حتى ترى العينُ كيف تغفو
فإنه سيِّدٌ كريمٌ / لذاك نفسي إليه تهفو
لما تألفتِ الأشياء بالألف
لما تألفتِ الأشياء بالألف / أعطاك صورته في كل مؤتلف
فأحرفُ الرقم والألفاظ دائرة / ما بين مؤتلفٍ منها ومختلف
وإنْ تمادتْ إلى ما لا انقضاء له / فإنَّ مَرجع عقباها على الألف
لولا تألُفُها وسِرُّ حكمتِه / لم تدرِ أمراً و لانهياً فقفْ وخفْ
وفي أوامره إن كنت ذا بصر / سِرٌ عجيبٌ ولكن غير منكشفْ
لا يأمر الله بالفحشا وقال لمن / عصاه وعداً له فاركضْ ولا تقفْ
وليس يبدو الذي قلناه من عجبٍ / في أمر امرهمُ إلاّ المعترف
يا رحمةً وسعتْ كلَّ الوجودِ فما / يشذُّ عنها وجودٌ فاعتبر وقِف
ولا يرى الله في شيء يعنُّ له / مما له عنَّ إلاّ صاحبُ الغرف
أو من يجود إذا أثرى بنعمته / أو من يكون من الرحمن في كنف
لذا أقام له عذراً بما صدرت / أوامر منه في القربى وفي الزلَف
إن الغنى لله منا كما
إن الغنى لله منا كما / منه أنا الفقر الذي يُعرفُ
إذ قد تسمى الله في خلقه / بما سمعتم وهو المنصفُ
فكلُّ من يسأل عن حاله / فإنه هو إن تكن تُنصف
من عزَّ ذلَّ إذا طالَ الزمانُ به
من عزَّ ذلَّ إذا طالَ الزمانُ به / وآيةُ الدهر تقليبٌ وتصريفُ
ميزانه ما له عدلٌ يشاهده / وإنما هو نقصانٌ وتطفيف
فليس يفرح شخصٌ باستقامته / إلا ومن حينه يأتيه تحريف
إذا اختصمَ الجمعانِ قيل لهم كُفُّوا
إذا اختصمَ الجمعانِ قيل لهم كُفُّوا / فمن شاء فيأخذ ومَنْ شاء فليعفُ
وكلُّ لبيبِ القلبِ في الأمرِ حازمٌ / إذا جاءه خير إليه به يهفو
فيأخذه علماً من الله زينة / ولو رواح عنه سار في أثره يقفو
فيظهر فينا ذا صنوفٍ كثيرةٍ / وفي عينه عندَ العليم به صنف
وحيدٌ بمعناه كثيرٌ بصورةٍ / وذلك في المقول والعادة العرف
ففي أذني قِراطٌ وفي الساقِ دُملجٌ / وفي مَفرِقي تاجٌ وفي ساعدي وقف
إذا حصل الإجماع ليس لصورةٍ / على صورةٍ أخرى افتخارٌ ولا شَفّ
تنوَّع عندي زينة الله أنها / عليّ بإنعامِ الكريم بها وقف
تنوّعت الأشكالُ والماء واحدٌ / نزيه عن الأوصافِ بل خالصٌ صِرف
تقنع بما قد جاء منه ولا تزد / مخافة أن يأتيك من بعده خلف
هو الحقُّ فاعلمه يقيناً محققاً / فليس لما قد قلت في ذلكم خلف
إن الجبالَ وإنْ أصبحن جامدةً
إن الجبالَ وإنْ أصبحن جامدةً / فإنها عند أهل الكشفِ كالصُّوفِ
أو كالبيته أجزاء مفرقة / في كلِّ وجهٍ عن التحقيقِ مصروفِ
كما أتتْ في كتابِ الله صورتُه / وزناً صحيحاً لنا من غير تطفيف
ينزه الأمر عن وضعٍ وعن صفةٍ / وعن مثالٍ وعن كمٍ وتكييف
أما الذي ثقلتْ منا موازِنه / بالخير في منزلٍ بالبرِّ معروف
وثم هذا الذي خفَّت موازِنُه / بالشرِّ في منزل بالدَّخ مسقوف
وثم وزنٌ صحيحٌ أنت صنجته / جاءتْ إليَّ به رسلٌ بتعريف
لا تندَمنَّ على خيرٍ تجودُ به
لا تندَمنَّ على خيرٍ تجودُ به / وإن أغاظك من تعطيه واقترفا
فالله يرزقُ من يعطيه نعمته / سواء أنكرها كفراً أو اعترافا
أتاك الشتاءُ عقيبَ الخريفِ
أتاك الشتاءُ عقيبَ الخريفِ / وجاء الربيعُ يليه المصيفُ
ودار الزمانُ بأبنائه / فمن دوره كان دورُ الرغيف
سرى في الجسوم بأحكامه / تغذى اللطيف به والكثيف
عجبتُ لهم جهلوا قدرهم / ويسعى القويُّ له والضعيف
فأصبح كالماء في قدره / لديهم وفي الماء سرٌّ لطيف
الله أعظم أن يدري فيعتقدا
الله أعظم أن يدري فيعتقدا / مقيداً وهو بالإطلاقِ معروفُ
وهو الذي تدرك الأبصار في صور / مشهودة فهو للأبصار مكشوفُ
فهو المقَّيد والمحدودُ من صورٍ / وهو الذي هو بالتنزيه موصوف
لذاك نعلمه لذاك نجهله / فالعجزُ في علمه عليه موقوف
إن قلت ذا قال حكمُ العقلِ ليس كذا / فلا تقل ليس إن الأمر مصروف
وقل بليس فإنَّ الله قال بها / في آية وهو قول فيه تعريف
وقل بليس ولكن في أماكنها / على الذي قاله ما فيه تحريف
في عين تنزيهه عين مسبهةٌ / والكل حقٌّ فإن الأمر تصريف
ما الحق خلق فيدريه خليقته / ولا الخلائق حقٌ فيه تكييف
إني وزنت ُ لكم أعلامَ خالقكم / وزناً وما فيه خسرانٌ وتطفيفُ
إني نظمته لكم ما قال خالقكم / والنظم تدريه موزون ومرصوف
ألا الغم صباحاً أيها الوارد الذي
ألا الغم صباحاً أيها الوارد الذي / أتانا فحيانا من الحضرة الزُّلفى
فقلت له أهلاً وسهلا ومرحبا / بواردِ بشرى جاء من موردٍ أصفى
فقال سلامٌ عندنا وتحية / عليكم وتسليم من الغادة الهيفا
من اللاء لم يحجبن إلا بقيته / فقلت له القنوى فقال هي الذلفا
لقد طلعت في العين بدراً مُكملا / وفي جيدنا عقداً وفي ساعدي وقفا
فقلت لها من أنت قالت جهلتني / أنا نفسك الغرّا تجلَّتْ لكم لُطفا
فاعرضتُ عنها كي أفوز بقربها / وطأطأتُ رأسي ما رفعتُ لها طرفا
وقد شغفتُ حباً بذاتي وما درت / وقد ملئتُ تيهاً وقد حُشيَتْ ظرفا
وثارتْ جيادُ الريح جوداً وهمة / وما سبقت ريحاً تهبُّ ولا طرفا
وجاء الإله الحقُّ للفصل والقضا / على الكشفِ والأملاكُ صفاً له صفا
عن الحكم عن أعياننا وهو علمه / وما غادروا مما علمتُ به حرفا
لذلك كانت حجة الله تعتلي / على الخصم شرعاً أو مشاهدة كشفا
وهبَّ نسيمُ القربِ من جانب الحمى / فأهدى لنا من نشرِ عنبرِه عُرفا
حبستُ على من كان مني كأنه / فؤادي وأعضائي لشغلي به وقفا
ومن برحت أرساله في وجودنا / على حضرتي تترى بما أرسلت عرفا
وأرواحه تزجى سحائب علمه / إلى خلي قصداً فيعصفها عَصفا
يشف لها برق بإنسانِ ناظري / وميضُ سناه كاد يخطفه خطفا
ويعقبه صوتُ الرعودِ مسبحا / ليزجرها رحمي فيقصفها قصفا
يخرج وَدْقُ الغيثِ من خللٍ بها / فتصبحُ أرضُ الله كالروضة الأُنُفا
شممتُ لها ريحاً بأعلامِ راية / كريَّا حمياها إذا شربت صرفا
ولما تدانتْ للقطافِ غصونُها / تناولتُ منها كالنبيّ لهم قطفا
ولما تذكرتُ الرسول وفعله / على مثل هذا لم أزل أطلب الحلفا
وراثة من أحيى به الله قلبَه / ولو كنت كنتُ الوارثَ الخلف الخلفا
ألا إنني أرجو زوال غوايتي / وأرجو من الله الهدايةَ والعطفا
إذا ما بدا لي الوجه في عين حيرتي / قَرَرْتُ بها عينا وكنتُ بها الأحفى
تبينُ علاماتٌ لها عندي ذي حجى / وأعلامها بين المقاماتِ لا تخفى
إنما الله إله واحد
إنما الله إله واحد / ما له حكمان فانهض لا تقفْ
وله حكمان فاعمل بهما / عن شهودٍ لهما لا تنصرف
ليس للأقوام رأي في الذي / شربوا منه قليلاً فاغترف
إنما الأمر مذاقٌ كله / فإذا ما ذقته لا تنحرف
إذا كنت بالأمر الذي أنت عالم
إذا كنت بالأمر الذي أنت عالم / به جاهلاً فاعلم بأنك عارفُ
إذا أنت أعطيت العبارة عنهمُ / بما هم عليه فاعلم أنك واصفُ
فإن الذي قد ذقته ليس ينحكي / ولا يصرفُ الإنسان عن ذاك صارفُ
وقل ربِّ زدني من علومٍ تقيدت / علومٌ مذاق أنهن عوارف
إذا نلتها كنتَ العليمَ بحقها / وإن كانت الأخرى فتلك المعارفُ
فمعرفتي بالعينِ ما ثم غيرها / وعلمي بحال واحد وهو عاطف
عليها وذاك الأمر ما فيه مدخل / ألا كلُّ ذي ذوقٍ هنالك واقف
وما جهلَ الأقوام إلا عبارتي / وما أنا باللفظ المركَّبِ كاشف
وما ثم تصريحٌ لذاك عيوننا / إذا ما عجزنا بالدموعِ ذوارف
فإن نحن عبرنا فإن كبيرنا / لحنظلة التشبيه باللفظ ناقف
تمعر منه الوجه والعجز قائمٌ / به ويراه اليثربي المكاشف
ولو كان غير اليثربيّ لما درى / وهل يجهلُ العلام إلا المخالف
نفى عنهم القرآن فيه مقامهم / وإني بالله العظيمِ لحالف
لقد سمعت أذناي ما لا أبثُّه / وقد جافى الأمر الذي لا يخالف
فقلتُ له سمعاً إلهي وطاعة / وقد كان لي فيما ذكرتُ مواقف
وما كنتُ ذا فكرٍ ولا قائلاً به / وقد بُينت لي في الطريق المصارف
وما صرفتنا عن تحققِ ذاتنا / بما في طريقِ السالكين الصوارف
وما ثم إلا سالك ومسلك / بذا قالتِ الأسلاف منا السوالف
مشينا على آثارهم عن بصيرة / وتقليد إيمان فنحن الخوالف
وما حيرتنا في الطريق مجاهل / وما حكمت بالتيه فينا التنائف
فإن كنت ذا حسٍّ فنحن الكثائف / وإن كنت ذا علم فنحن اللطائف
لقد جهلتْ ما قلته وأبنته / من أهل الوجودِ الحقِّ منا طوائف
لقد قالتِ الأعراب الحربُ خدعةٌ / وإني خبير بالحروبِ مُشاقف
ألا فاعذروا من كان لي ذا جنابة / ويقديه مني تالدٌ ثم طارف
ويشتد خوفي من شهودي لموجدي / ولما رمت بي نحو ذاك المخاوف
علمتُ بأني ذو انكسارٍ وذلة / وأني مما يأمن القلبُ خائف
وأصبحت لا أرجو أمانا وإنني / على بابِ كوني للشهادة واقف
شهيدٌ لنفسي لا عليها لأنني / عليم تهادى للعمى متجانف
وإني أناديني إذا ما دعوتني / وقد هتفتْ بي في الخطوبِ الهواتف
إني بنيتُ علمي باسلافي
إني بنيتُ علمي باسلافي / ومن صحبت من أشيخي وآلافي
فما أصلّي بهم إلا قرأت لهم / من القرآن لما فيه لأيلافِ
فالا فانَّ الذي في العبد من صفة / عين الحبيبِ فهذا عين إنصافِ
نفسي تنازعني إذا أطهرها / والخف في قدمي من نزع أخفافي
وكيف أنزعها وقد لبستهما / على طهارةِ أقدامي بأوصافي
إن اتصافي بنعت الحقِّ بعدني / منه وقربني بنعتِ أسلافي
عجز وفقر إلى ربي ومسكنة / إلى سؤالٍ بإلحاح وإلحاف
إلى رفيق لطيف مشفق حذر / وما أنا بالعتل الجمعص الجافي
إلى ذكرت الذي عليه معتمدي / سبحانه كنت فيه المثبت النافي
فالنفي تنزيهه عن كلِّ حادثة / من الصفات التي فيهنّ إتلافي
ولست أثبت للرحمن من صفة / إلا التي قالها في قوله الكافي
لله ميزانُ عدل في خليقته / فإن وزنت فإني الرجحُ الوافي
أنا مريضٌ ودائي ليس يعرفه / إلا العليم بحالي الراحم الشافي
إن التستر بالعاداتِ من خلقي / فما أنا علمٌ كبشرٍ الحافي
إنَّ التخلقَ بالأسماء يظهر ما / يكون حليته بالمشهد الخافي
العبد يرسب يبغي أصلَ نشأته / والغيرُ متصفٌ بالمدعي الطافي
ثوبي قصير كما جاء الخطاب به / وثوبُ ديني ثوبٌ ذيله ضافي
مياه أهل الدعاوى غير رائقة / وماء مثلي ذاك الرائق الصافي
ديار أهل القوى في الخلق عامرة / ودار أهل المعالي رسمها عافي
يجود عند سؤالي كل مكرمة / ربي عليَّ بإنعام وإسعافِ
لقد علمتُ بأنَّ الله ذو كرم / وأن فينا له خفيَّ ألطافِ
أثنيت بالجودِ عن فقر وعن ضرر / على الإله فجازاني بإسعافي
كما وردٍ إذا الداريّ يمرجه / بما يطيبه من ماءِ خلاف
فبالأكفِّ جيادُ الخيل إن سبقتْ / نمسِ منها بأجيادٍ وأعرافِ
لا تفرحن باستواءِ الكفين إذا / أعمالكم وزنت من أجل أعراف
وأكثر الذكر للرحمن في ملأ / من الملائك سادات وأشرف
واحذر قبولك رفداً قد أتيت به / عن التشوُّق منكم أو عن إسرافِ
إن الغريبَ مصون في تقلبه / كلؤلؤِ صينَ في أجوافِ أصداف
إنَّ الكريمَ تولاه بجائزةٍ / تترى عليه وإنعامٌ وإرداف
لو جاء من أسهم البلوى على حذرٍ / من المصابِ لجاءته بآلافِ
إنَّ العبيد أولي الألباب قد نصبوا / لرمي أسهمٍ بلواه كاهدافِ
الله عاصمهم من كلِّ نازلةٍ / بما يجن من ألطاف وأعطافِ
من عند ربٍّ خفيّ بي ومكتنفٍ / وعاصمٍ بالذي يسدي وعطاف
من الجميلِ الذي ما زال يرفده / بمثله ليعمّ الخير أكنافي
إذا كانت الأعراف تعطى عوارفاً
إذا كانت الأعراف تعطى عوارفاً / فإن السليم الشمّ لينشق العرفَا
ولا يقبل الرحمن منه إذا أتى / قبول الذي قد شمَّ عدلاً ولا صرفا
وإن جاءه الإقبال من كلِّ جانب / ولم يقبل الرحمن لم يكن إلاَّ حفى
وإياك واستدراجه في عباده / فإنَّ لمكر الله في خلقه عُرفا
يراه الذي ما زال فيهم مقدَّماً / فيعزله حكماً ليشربه صِرفا