المجموع : 11
وَإِنّي لَسائِلُ أُمِّ الرَبيعِ
وَإِنّي لَسائِلُ أُمِّ الرَبيعِ / قَبلَ الوَداعِ مَتاعاً طَفيفا
مَتاعاً أَقومُ بِهِ لِلوَدا / عِ إِنّي أَرى الدارَ مِنها قَذوفا
فَقالَت بِحاجَةِ كُلٍّ نَطَقتَ / فَأَقبِل وَأَرسِل رَسولاً لَطيفا
إِلى مَوعِدٍ وَدَّ لَو أَنَّهُ / خَلا لا يُرَوِّعُ فيهِ الطُروفا
وَمِن عَجَبٍ ضَحِكَت إِذ رَأَت / قُرَيبَةُ بِالخَيفِ رَكباً وُقوفا
رَأَت رَجُلاً شاحِباً جِسمُهُ / مُسارِيَ أَرضٍ أَطالَ الوَجيفا
أَخا سَفَرٍ لا يُجِمُّ المَطيَّ / بَعدَ الكَلالَةِ إِلّا خُفوفا
فَإِمّا تَرَيني كَساني السِفا / رُ لَونَ السَوادِ وَجِسماً نَحيفا
فَحوراً كَمِثلِ ظِباءِ الخَري / فِ أُخرِجنَ يَمشينَ مَشياً قَطوفا
تَضَوَّعَ أَردانُهُنَّ العَبي / رَ وَالرَندَ خالَطَ مِسكاً مَدوفا
يُهَيِّجنَ مِن بَرَداتِ القُلو / بِ شَوقاً إِذا ما ضَرَبنَ الدُفوفا
إِذا ما اِنقَضى عَجَبٌ لَم يَزَل / نَ يَدعونَ لِلَّهوِ قَلباً ظَريفا
بِأَبطَحِ سَهلٍ سَقاهُ السَحا / بُ إِمّا رَبيعاً وَإِمّا خَريفا
لَو كانَ يَخفى الحُبُّ يَوماً خَفى لَنا
لَو كانَ يَخفى الحُبُّ يَوماً خَفى لَنا / وَلَكِنَّهُ وَاللَهِ يا حِبِّ ما يَخفى
وَلَكِن عَدِمتُ الحُبَّ إِن كانَ هَكَذا / إِذا ما أَحَبَّ المَرءُ كانَ لَهُ حَتفا
فَما اِستَجمَلَت نَفسي حَديثاً لِغَيرِها / وَإِن كانَ لَحناً ما تُحَدِّثُنا خَلفا
وَلا ذُكِرَت يا صاحِ إِلّا وَجَدتُها / بِوُدّي وَإِلّا زادَ حُبّي لَها ضِعفا
وَلا أَبصَرَت عَينايَ في الناسِ عاشِقاً / صَبا صَبوَةً إِلّا صَبَوتُ لَها أَلفا
فَما عَدَلَت في الحُكمِ يا صاحِ بَينَنا / أَفي العَدلِ مِنها أَن نُحِبَّ وَأَن نُجفى
هاجَ فُؤادي مَوقِفُ
هاجَ فُؤادي مَوقِفُ / ذَكَّرَني ما أَعرِفُ
مَمشايَ ذاتَ لَيلَةٍ / وَالشَوقُ مِمّا يَشغَفُ
إِذا ثَلاثٌ كَالدُمى / وَكاعِبٌ وَمُسلِفُ
وَبَينَهُنَّ صورَةٌ / كَالشَمسِ حينَ تُسدِفُ
خَودٌ وَقَيرٌ نِصفُها / وَنِصفُها مُهَفهَفُ
قُلتُ لَها مَن أَنتُمُ / لَعَلَّ داراً تُسعِفُ
فَاِبتَسَمَت عَن واضِحٍ / غَرِّ الثَنايا يَنطِفُ
وَأَومَضَت عَن طَرفِها / يا حُسنَها إِذ تَطرِفُ
وَأَرسَلَت فَجاءَني / بَنانُها المُطَرَّفُ
أَن بِت لَدينا لَيلَةً / نُحي بِها وَنُلطِفُ
باتَت وَلي مِن بَذلِها / حَمشُ اللِثاتِ أَعجَفُ
فَبِتُّ لَيلي كُلَّهُ / تَرشِفُني وَأَرشِفُ
إِخالُ ثَلجاً طَعمَهُ / قَد خالَطَتهُ قَرقَفُ
لَمّا دَنا تَقارُبٌ / مِن لَيلِنا وَمَصرِفٌ
قالَت لَنا وَدَمعُها / وَجداً عَلينا يَذرِفُ
لَهفي وَلَيسَ نافِعي / عَلَيكُمُ التَلَهُّفُ
قالَت وَلِم تَسأَلُنا / وَالدارُ عَنكَ تَصرِفُ
وَالدارُ عَنكَ ضَربَةٌ / وَنَأيُنا مُستَشرِفُ
نَحنُ حَجيجٌ ضَمَّنا / فَمَن يُرى المُعَرَّفُ
قُلتُ فَإِنّي هائِمٌ / صَبٌ بِكُم مُكَلَّفُ
قالَت بَلَ اِنتَ مازِحٌ / ذو مَلَّةٍ مُستَطرِفُ
لَسنا وَإِن حَدَّثتَنا / يَغُرُّنا ما تَحلِفُ
وَدِدتُ لَو أَنَّكَ في / قَولِكَ هَذا تُنصِفُ
تَجزي بِمِثلِ وُدِّنا / قُلتُ لَها بَل أُضعِفُ
أَفي رَسمِ دارٍ دارِسٍ أَنتَ واقِفُ
أَفي رَسمِ دارٍ دارِسٍ أَنتَ واقِفُ / بِقاعٍ تُعَفّيهِ الرِياحُ العَواصِفُ
بِها جازَتِ الشَعثاءَ فَالخَيمَةَ الَّتي / قَفا مَحرَضٍ كَأَنَّهُنَّ صَحائِفُ
سَحا تُربَها أَرواحُها فَكَأَنَّما / أَحالَ عَليها بِالرَغامِ النَواسِفُ
وَقَفتُ بِها لا مَن أُسائِلُ ناطِقٌ / وَلا أَنا إِن لَم يَنطِقِ الرَسمُ صارِفُ
وَلا أَنا عَمَّن يَألَفُ الرَبعَ ذاهِلٌ / وَلا التَبلُ مَردودٌ وَلا القَلبُ عازِفُ
وَلا أَنا ناسٍ مَجلِساً زارَنا بِهِ / عِشاءً ثَلاثٌ كاعِبانِ وَناصِفُ
أَسيلاتُ أَبدانٍ دِقاقٌ خُصورُها / وَثيراتُ ما التَفَّت عَلَيهِ المَلاحِفُ
إِذا قُمنَ أَو حاوَلنَ مَشياً تَأَطُّراً / إِلى حاجَةٍ مالَت بِهِنَّ الرَوادِفُ
نَواعِمُ لَم يَدرينَ ما عَيشُ شِقوَةٍ / وَلا هُنَّ نَمّاتُ الحَديثِ زَعانِفُ
إِذا مَسَّهُنَّ الرَشحُ أَو سَقَطَ النَدى / تَضَوَّعَ بِالمِسكِ السَحيقِ المَشارِفُ
يَقُلنَ إِذا ما كَوكَبٌ غارَ لَيتَهُ / بِحَيثُ رَأَيناهُ عِشاءً يُخالِفُ
لَبِثنا بِهِ لَيلَ التَمامِ بِلَذَّةٍ / نَعِمنا بِهِ حَتّى جَلا الصُبحُ كاشِفُ
فَلَمّا هَمَمنا بِالتَفَرُّقِ أَعجَلَت / بَقايا اللُباناتِ الدُموعُ الذَوارِفُ
وَأَصعَدنَ في وَعثِ الكَثيبِ تَأَوُّداً / كَما اِجتازَ في الوَحلِ النِعاجُ الخَوارِفُ
فَأَتبَعتُهُنَّ الطَرفَ مُتَّبِلَ الهَوى / كَأَنّي يُعانيني مِنَ الجِنِّ خاطِفُ
تُعَفّي عَلى الآثارِ أَن تُعرَفَ الخُطى / ذُيولُ ثِيابٍ يُمنَةٍ وَمَطارِفُ
دَعاهُ إِلى هِندٍ تَصابٍ وَنَظرَةٌ / تَدُلُّ عَلى أَشياءَ فيها مَتالِفُ
سَبَتهُ بِوَحفٍ في العِقاصِ كَأَنَّهُ / عَناقيدُ دَلّاها مِنَ الكَرمِ قاطِفُ
وَجيدِ خَذولٍ بِالصَريمَةِ مُغزِلٍ / وَوَجهِ حَميٍّ أَضرَعَتهُ المَخالِفُ
فَكُلُّ الَّذي قَد قُلتِ يَومَ لَقيتُكُم / عَلى حَذَرِ الأَعداءَ لِلقَلبِ شاغِفُ
وَحُبُّكِ داءٌ لِلفُؤادِ مُهَيِّجٌ / سَفاهاً إِذا ناحَ الحَمامُ الهَواتِفُ
وَنَشرُكِ شافٍ لِلَّذي بي مِنَ الجَوى / وَذِكرُكِ مُلتَذٌ عَلى القَلبِ طارِفُ
وَقُربُكِ إِن قارَبتِ لِلشَملِ جامِعٌ / وَإِن بِنتِ يَوماً بانَ مَن أَنا آلَفُ
فَإِن راجَعَتهُ في التَراسُلِ لَم يَزَل / لَهُ مِن أَعاجيبِ الحَديثِ طَرائِفُ
وَإِن عاتَبَتهُ مَرَّةً كانَ قَلبُهُ / لَها ضَلعُهُ حَتّى تَعودَ العَواصِفُ
فَكُلُّ الَّذي قَد قُلتِ كانَ اِدِّكارُهُ / عَلى القَلبِ قَرحاً يَنكَأُ القَلبَ قارِفُ
أَثيبي اِبنَةَ المَكنِيِّ عَنهُ بِغَيرِهِ / وَعَنكِ سَقاكِ الغادِياتُ الرَوادِفُ
عَلى أَنَّها قالَت لِأَسماءَ سَلِّمي / عَلَيهِ وَقولي حُقَّ ما أَنتَ ذائِفُ
أَرى الدارَ قَد شَطَّت بِنا عَن نَوالِكُم / نَوىً غُربَةً فَاِنظُر لِأَيٍّ تُساعِفُ
فَقُلتُ أَجَل لا شَكَّ قَد نَبَأَت بِهِ / ظِباءٌ جَرَت فَاِعتافَ مَن هُوَ عائِفُ
فَقالَت لَها قولي أَلَستَ بِزائِرٍ / بِلادي وَإِن قَلَّت هُناكَ المَعارِفُ
كَما لَو مَلَكنا أَن نَزورَ بِلادَكُم / فَعَلنا وَلَم تَكثُر عَلَينا التَكالِفُ
فَقُلتُ لَها قولي لَها قَلَّ عِندَنا / لَنا جُشَمُ الظَلماءِ فيما نُصادِفُ
وَنَصّى إِلَيكِ العَيسَ شاكِيَةَ الوَجى / مَناسِمُها مِمّا تُلاقي رَواعِفُ
بَراهُنَّ نَصّي وَالتَهَجُّرُ كُلَّما / تَوَقَّدَ مَسمومٌ مِنَ اليَومِ صائِفُ
تَحَسَّرَ عَنهُنَّ العَرائِكُ بَعدَما / بَدَأنَ وَهُنَّ المُقفِراتُ العَلائِفُ
وَإِنّي زَعيمٌ أَن تُقَرِّبَ فِتيَةً / إِليكِ مُعيداتُ السَفارِ عَواطِفُ
لَقَد أَرسَلَت حُوَّلاً قُلَّباً
لَقَد أَرسَلَت حُوَّلاً قُلَّباً / يُرى جافِياً وَهوَ خَبٌّ لَطيفُ
إِلَينا عِشاءً بِأَن قِف لَنا / نُسَلِّم فَإِنَّ وُقوفاً طَفيفُ
فَقُلتُ لَها البَيتُ أَخلى لَنا / فَإِنَّ مُقامَ الفِجاجِ الحُتوفُ
فَقالَت صَدَقتَ وَلَكِنَّني / أَخافُ العُداةَ وَمَشيٌ قُطوفُ
أَفتِني إِن كُنتَ ثَقفاً شاعِراً
أَفتِني إِن كُنتَ ثَقفاً شاعِراً / عَن فَتىً أَعوَجَ أَعمى مُختَلِف
سَيِّءِ السَحنَةِ كابٍ لَونُهُ / مِثلِ عودِ الخِروَعِ البالي القَصِف
بانَ الخَليتُ وَبَينُهُم شَغَفُ
بانَ الخَليتُ وَبَينُهُم شَغَفُ / وَالدارُ أَحياناً بِهِم قَذَفُ
ما عَوَّدوكَ بِنَأيِ دارِهِمُ / قُربَ الجِوارِ فَفيمَ تَلتَهِفُ
وَلَقَد تَرى أَن لا يُذَلِّلُها / أَنَّ الفُؤادَ بِذِكرِها كَلِفُ
زَعَموا بِأَنَّ البَينَ بَعدَ غَدٍ / فَالقَلبُ مِمّا أَزمَعوا يَجِفُ
حَلَفوا لَقَد قَطَعوا بَينُهُمُ / وَحَلَفتُ أَلفاً مِثلَما حَلَفوا
لَم أَنسَ مَوقِفَنا وَمَوقِفَها / لِتَراجُعٍ وَلَحَينُنا يَقِفُ
نَشكو وَتَشكو بَعضَ ما وَجَدَت / كُلٌّ لِوَشكِ البَينِ مُعتَرِفُ
وَمَقالَها وَدُموعُها سَجَمٌ / أَقلِل حَنينَكَ حينَ تَنصَرِفُ
عَنّا إِذا دارٌ بِكُم نَزَحَت / وَدَعا لِأُخرى قَلبُكَ الطَرِفُ
لَقَد عُجتُ في رَسمٍ أَجَدَّ زَمانُهُ
لَقَد عُجتُ في رَسمٍ أَجَدَّ زَمانُهُ / لَنا دارِسٍ ما كانَ غَيرُ التَواقُفِ
عَشيَّةَ قالَت قَد أَشادَ بِسِرِّنا / وَسِرِّكُمُ مَجرى الدُموعِ الذَوارِفِ
فَقُلتُ لَها إِنّي أَرى بِكُمُ النَوى / عَنوجاً مَتى نَرجُ اِقتِرابَ المَخالِفِ
فَلَمّا تَواقَفنا تَحَيَّرَ حَولَها / نَواعِمُ كَالغِزلانِ بيضُ السَوالِفِ
وَثيراتُ أَعجازٍ دِقاقٌ خُصورُها / طَويلاتُ أَعناقٍ ثِقالُ الرَوادِفِ
يَطُفنَ بِها مِثلَ الدُمى بَينَ سافِرٍ / إِلَينا وَمُستَحيٍ رَآنا فَصارِفِ
وَجاءَت بِتُبّاعٍ لَها بَينَ مُنكِرٍ / لِمَوقِفِنا لَو يَستَطيعُ وَعارِفِ
ذاتُ حُسنٍ إِن تَغِب شَمسُ الضُحى
ذاتُ حُسنٍ إِن تَغِب شَمسُ الضُحى / فَلَنا مِن وَجهِها عَنها خَلَف
أَجمَعَ الناسُ عَلى تَفضيلِها / وَهَواهُم في سِوى هَذا اِختَلَف
طافَت بِنا شَمسٌ عِشاءً وَمَن رَأى
طافَت بِنا شَمسٌ عِشاءً وَمَن رَأى / مِنَ الناسِ شَمساً بِالعِشاءِ تَطوفُ
أَبو أُمِّها أَوفى قُرَيشٍ بِذِمَّةٍ / وَأَعمامُها إِما نَسَبتَ ثَقيفُ
فَلَم تَرَ عَيني مِثلَ سِربٍ رَأَيتُهُ
فَلَم تَرَ عَيني مِثلَ سِربٍ رَأَيتُهُ / خَرَجنَ عَلَينا مِن زُقاقِ اِبنِ واقِفِ