المجموع : 7
إلى ابن حبيب من ثنائي أَجَّله
إلى ابن حبيب من ثنائي أَجَّله / ومن كل مالي ما يقل ولا يفي
ويا طالما أسدى الى دَماثةً / ولطفا وعلما بالفرائد مُسعفى
وكم مرةٍ ألفيته مثل ناسك / تغَّذى بانجيلٍ ولاذَ بمصحف
وقد عَّبقَ التبغُ الفضاءَ بحجرةٍ / يكاد بها يخفى دخانا ويختفى
تطالعني منها عقولٌ كثيرةٌ / وأحلامُ أجيالٍ وثروات أحرفٍ
وكم من عيونٍ شاخصاتٍ كأنني / عليلٌ يواسَى من هُداها ويشتفى
تعرفن طبي أن أعيشَ بقربها / ويا ليتني والناس عنها بمعزف
وكم مُدنفٍ بالوصل يُشفى منعما / ومثلى برغم الوصل أشوق مُدنَفِ
ويشرف توفيق عليها كأنها / عيال له تأبى سواه كمشرف
وكل يراعيه كطفل مدلل / عزيزٍ تُناغيه رؤى المتصوِّف
وما زال من يسدى العطايا كأنه / خليفةُ رب العالمين مُسر في
اذا قلت عفوا راح يغمرني غنىً / ويأمرني قهراً وراح معنفى
وبين إساءاتي رعايةُ ماله / وبين ضلالاتي دوام تعطفي
أَحمَّل اسفاراً وفي الحشر قسمتي / كتاب يميني لا صحائف ملحف
تَلهَّفُ نفسي أن أحوز أقلها / فأزجرها وهو المبيحُ تلهفي
وينعي علىَّ الكبحَ أضعافَ غضبتيِ / عليها ولا يرضى بغير تطرفي
يقول جميع الكتب ملكك ان تشأ / وكم من صديق بينها لم يُعَّرفِ
لعلك تجلوها الى الناس قادراً / مَفاتِنَ لم تخطر ببال مؤلف
وأنظر للأسفار وهي بواسمٌ / يُحيرني فيما أروم وأصطفى
وصاحبها الجذلان يرقب حيرتي / ويأبي كهارون الرشيد تخوفي
فنهبٌ مباحٌ كل كنزٍ حياله / وما حظه إلاّ رضى المتفلسف
تضخم دَينيِ وهو بالدَّين ساخرٌ / يهون منه وهو باللطفُ متلقى
إذا زادني براً رزحتُ ببره / كأني على الحالين أشقى بمنصفي
فهل يقبل التخفيفَ من عبء فضله / بما أنا مُزجيه الى حبه الوفي
وياما أقَّل المال رمزَ عواطفٍ / ويا ما أَجَّل الحب في كل موقف
دماءٌ لا تجُّف وإن أريقت
دماءٌ لا تجُّف وإن أريقت / على نارِ السُّطورِ ولا تكُّف
فدىً للضائعينَ وللحيارىَ / فموتهمو وقد بيعوا أخُّف
علام فداؤهم وعلام أشقى / وليس بجمعهم حُرُّ يعُّف
وقد أكلوا على الحالين لحمى / وقد هرعوا لتعذيبي وخفُّوا
بنو أهلي وإن هانوا وساؤا / وآصرتي وإن صغروا وسفُّوا
أبيتُ لهم مذلَّتهمث فعابوا / وأصغرتُ التكالُب فاستكفوا
وما عرفوا لماضيهم جلالاً / سوى أوهامهم فيما يُزفَ
كأنَّ الحق يؤخذ بالتدنىِّ / كأنَّ المجدَ يورثهٌ المسُّف
بنى وطني ألا حُّر أبُّى / يدوسُ على الخطوب ولا يُسُّف
ويصرع كلَّ جبارٍ سفيهٍ / يُغررُ بالعقول ويستخُّف
شكته الأرض للأحرار لما / دَهَاهَا منه تخريبٌ وُعنفُ
تدينَ بالعهارة ليس سترٌ / يُمِّوهُ ما جناهُ وليس شُّف
ويُنسبُ للصلاحِ ولا صلاحٌ / سوى ما شاء مزمارق وَدُف
حلالٌ رجمهٌ ولو أنَّ جمراً / قذفناه به يؤذيه قذف
وعارٌ صَلبهُ فالصَّلبُ مجدٌ / به ذكرَى المسيح لنا ترف
فمن مجرى العدالةَ وهو يَأبىَ / مُساومةً ولا يثنيهِ عَسفُ
وَمن ذا يغسلُ الأدرانَ عنَّا / وعاراً لا يزول ولا يَخُّف
ومن ذا يُرسل الطعنات بكراً / تدف العباثينَ ولا تدف
ومن ذا يشترى الخلدَ احتساباً / ولا يدعُ الدماءَ سُدىً تجُّف
ذكرى يُرددُها الزمانُ الوافي
ذكرى يُرددُها الزمانُ الوافي / أَلقُ الشموسِ لها من الأفوافِ
شعت على مرّ السنينِ وَعمرُها / عمرُ البطولهش نالض كلَّ شِغافِ
متغلغلا بِنهىَ الفوارسِ دافعاً / من يُحجمون إلى الخلود الضافي
اليومُ يومُ صلاتنا لجلالها / واليومَ نُقرؤها الحنانَ الوافي
وعلى الثرى نجثو نقبل تُربةً / عبقت بِحرِّ شعورها الرَّفافِ
ما كان بالخافي على مُستلهم / شَهمٍ وليس على الأبىّ بخافَ
إنَّا بنى الأحرار نعرفُ قدَرَهاً / وَنشيمها في النُّور والأطياف
وبكلّ معنىً للعظائمِ شامخٍ / وبكلّ نبعٍ للحقيقة صافِ
لا مَجدَ غيرَ الحِّق يبقى ناصعاً / سَمحاً على رغم الرَّدىَ المتلاف
هذى مقابرُهم وتلك دماؤُهم / مثلُ النجوم ونوِرها الشَّفافِ
هياتَ يُدركها الطغاةُ وربمُّا / سجدوا لها رغماً عن الآنافِ
سيجئ يومٌ للحسابِ قُضاتُهم / تِلكَ العِظامُ بِغضبةِ الإنصافِ
يا أمَّةَ الأحرار دومي حُرَّةً / والتضحيات لكِ الجلال الكافي
وبحسبك الشهداءُ ضمَّحِ ذكرهم / هذا الأثيرَ وشاعَ في الألطاف
يومٌ كهذا اليوم تهتف عنده / مُهجُ الشعوبِ العانياتِ هُتافي
وَتعُّزهُ الدنيا التي حَلمت به / حُلمىِ وتزأرُ وثبةُ الآلافِ
وطني رأيُتك في الربيعِ فعطرُهُ
وطني رأيُتك في الربيعِ فعطرُهُ / حولي شذاكَ برعشةٍ كتلهُّفي
ورأيتُ أيام الشبابِ بلا بلاً / غنت ونوراً شاقَ غيرَ مزيفِ
ورأيتُ أيامَ اغترابي كلهَّا / نبضَ العليلِ وخفقَ قلبِ الموجفِ
تتباطأ الأعوامُ وهي سريعةٌ / كخواطري ومريرةٌ كترشفُّى
أبداً أحن إليكَ غير مؤمل / حظاً سوى هذا الحنينِ المتلفِ
والمجدُ أن ألقاك حُراً رافلاً / بِعلاَكَ لا أرجوكَ يوماً مُنصفي
لا يرتَجى الأحرارُ يوماً مغنماً / غير العذابِ وغير كيدِ المرجفِ
في الروعِ لا ينسى الورى إيذاءهم / لكنَّهم ينسون عند المقصف
أهلاً بعطركَ لا أبالي بعده / أعرفتَ ما ضحيتُ أم لم تعرفِ
هو رجعُ أشواقي إليكَ تُعيده / شعراً على النسمات جدَّ مؤلفِ
قالوا جننتَ نعم جُننتث وقد غدا / ذاك الدخيل مضيعيِ ومعنفِّي
لا تنهروني إن ضحكتُ وقد بكى / حولي الربيعُ لغربتيِ وتَعففي
لاتنهروني إن بكيتُ وموطني / نهبٌ لكلِّ مُعربدٍ مُتفلسفِ
لا تنهروني إن شُغلتُ بحبه / رغمَ الجناةِ على دون تأسُّفِ
لا تنهروني إن حلمتُ بكل ما / عانيتُ فيه كأنهُ حظ الوفي
لا تنهروني عند نجواىَ فكم / أهفو لأوصافٍ له لم تُوصفِ
لا تنهروني حين خلتم أنَّنى / أغني بما حولي يَهشُّ وأكتفى
لا تنهروني إن يَلجَّ بي الهوىَ / فطغى كطغيانِ العذول الملحفِ
لا تنهروني إن تبلبل خاطري / فالكونُ من حولي قرينُ تشوفي
لا تنهروني قد رضيتُ تهدمي / وكأنني آثارُ قاعٍ صفصفِ
لا تنهروني وأسألوا عن لوعتي / أمِّي الطبيعةَ في أسىً وتلطُّفِ
لا تنهروني رُبَّ صخرٍ جاثمٍ / يرنو إلىَّ يود لو هو مُسعفيِ
وطن الدولار هذا أم ترى
وطن الدولار هذا أم ترى / وطن رفت عليه المعرفه
أبصر الإنسان فيه بأسه / جاوز الأحلام فيما فلسفه
حقّر الدولار إذ عظمه / فهو عبد خادم ما كشفه
سبحت دنيا له لكنّه / ما تدنّى ليراه هدفه
كل تقدير حباه إنما / كان تقديرا لما قد خلفه
لم يجاوز عنده واسطة / لسموّ عد فيه شرفه
الحضارات أذيبت كلها / عنده في نضرة مؤتلفه
ورقيّ الفكر والروح معا / طابع فيه لمن قد عرفه
يقدر الشياء قدرا صادقا / ويرى الوقت تراثا كشفه
ويري الإنسان حريذته / إن يضعها فهو يجني تلفه
جئته مستنجدا في نكبتي / ودمي شعري فقلبي نزفه
تاركا خلفي بلادا سامها / ذلك الطاغوت دهرا جنفه
بعد ما حوربت في حبّي لها / وكفاحي عد طيشا وسفه
فتلقّاني ببشر عامر / ما سح دمعي وأهدى أسفه
ناصبا لي منبرا حرا كما / مد إعزازا لفكري كنفه
مرّت السبع السنين عنده / وفؤادي لم يخفف لهفه
كصغير نازح عن أمه / ليس ينسيه سواها دنفه
ذنبه إيثاره أمّه / ليس ينسيه سواها دنفه
عمره في تضحيات جمّة / مرّ حتى لم يجد من نصفه
أيّ عصر أنا فيه جائل / كل عصر قبله قد كسفه
من علوم وفنون جمّة / وعلى آدابه المختلفه
هذه الذروة في تاريخه / حيّرت كل بيان وصفه
لم يدع شيئا بلا إتقانه / أو جمالا لم ينله شغفه
وطن الإنسان مهما عابه / ناقصو الأحلام أو من قذفه
وطن الإحسان في بر له / شمل الدنيا وأعطى ترفه
وطن الأحرار لم يرتع به / غاشم عد البرايا خزفه
عن ينله بعد هذا جاحد / بعقوق لم يبدل أنفه
لست أنسى من أياديه على / مهجتي موقف حر وقفه
وكأني حاكم في أمره / كنت لما جئته مكتشفه
وكأني رغم فقري باذخ / في غني هيهات أحصي طرفه
معنويات الذي أغنى به / لؤلؤ حين أجافي الصدفه
وحياتي فيه شبه عوض / عن نعيم كان دهري خطفه
إن أعش أو إن أمت في نوره / أنا حيّ لا أعاني السدفه
ناقدي ما كان إلا حاسدي / أو غبيّ مستطيب خرفه
أو حقود شقوة الناس له / نعمة باهى بألوان السفه
لا أباليه كما لم يكترث / عالم حولى لخلط ألفه
جاحد الحق له الخسر فما / يخسر الحق جحودا حذفه
كم زعيم مسخّر شرفه
كم زعيم مسخّر شرفه / بات أقصى خلاصه تلفه
لم تخنه سلامة مثل ما / خانته طباع بالغدر مؤتلفه
لا تقولوا تزين عثنونه / الطيبة بل خبروه من نتفه
يعرف العد للحمير حواليه / كما عد فاخرا أكفه
حاسبا ستر عورته المال / الذي في جموعه خصفه
الذي يذبح الخراف ضحايا / وهو أولى يذبح من عرفه
أي عيد هذا الذي يرجع الشعب / قرونا فيغدتي تحفه
أي عهد هذا الذي يجعل / الإسلام إثما يغض من كشفه
أي حكم هذا الذي نصره / الإقطاع يوحي لخبثه صلفه
أي معنى لصيحة الناس بالتمدين / حين البلاء ما خلفه
أي فخر ترجو فرنسا التي / ثارت على الظلم إن تعد هدفه
أي حق يخص من يهضم / الحق مصرا ويدعي دنفه
أي صدق هذا الذي أعلن / الكذب تبنيه واشتهى طرفه
أي رق هذا الذي غالب الرق / وقد مد خبثكم سهفه
أي عسف هذا الذي يدعي التقوى / وما زال فجره لطفه
أي بؤس يبز بؤسا عميم / الإثم فيما بغى وما اقترفه
أي حمد يصاغ من بعد / للعاهر يشقي ولم يسع اسفه
قد أباح التعذيب شرعا / فإن قلت ضحاياه زادنا لهفه
قيل هنىء بالعيد والهجرة / الشعب وذكره ليقتفي سلفه
الذي دوخ الجزيرة واعتز / كما اعتز شاعر وصفه
الذي لم يزل بأندلس الخضراء نشيد / لمجده عزفه
الذي أجفل البرنيز غذ أوشك / كالبرق يعتلي الشعفه
الذي نسله يزين إسبانيا / كما زان لؤلؤ صدفه
الذي ذكره أساطير للمجد / إذا ضاع لم يضع أنفه
الذي تفخر الفنون بما زان / كما ترتجي حمى كنفه
الذي قد بنى وشاد وكم جاد / وما عاب منصف شرفه
الذي وزع العدالة والنعمة / كالعلم فاغتدت شغفه
الذي خيره يكفر في التاريخ / عن شر كل من قذفه
الذي لم تزل قرونا لديه / نادمات الأحداث معترفه
الذي لم تزل حضارته سحرا / وسرا قد فات مكتشفه
الذي وحيه رحيق من الخلد / ينال الجنان من رشفه
الذي في خرائب ساهمات من / على الأطلس الذي انتصفه
الذي أنجبت به مورتانيا / حرة من أشاوس طرفه
الذي إن يغب ببطن الصحارى / لم يغيب خفاؤها صحفه
الذي يستعد بالصبر / واليقظة كالنور ماحيا سدفه
قلت حسبي والعيد ينضح / بالمأساة لعني مغامرا كسفه
ذاك أدنى من أن يلطف / أو ينعت حتى بشر ما اقترفه
ثم تهليلة لأزكى الدم الجاري / الذي صان كل من نزفه
عرفات يميد لو أنه يدري / وقبر بيثرب جنفه
جنبونا الأقوال في موقف / ضاع به كل غافل وقفه
ليس إلا تطويح شر / رؤوس يشعر البغي كونها خزفه
ليس غير السلاح ما يفهم / الغاصب سكران عابدا ترفه
ليس غير الكفاح في مهمه / الظلم صديقا لبالغ النصفه
ليس غير الثورات ما يرهق المستعمر / حتى يرى بها جدفه
قد سئمنا منه دموع التماسيح / فأدموع قدر ما ذرفه
أيها الغاضب الغشوم رويدا / رب سيل يحون من جرفه
مضحكات جعلت ما أرخص الدمع / وصورت بؤسهم غطفه
والجحيم الذي تلظى سلاما / ومجاري دمائهم طرفه
إن يوم الحسبا غير بعديا / لا تحقر من يومهم عجفه
سنة الدهر أيها الأحمق / المجنون يا من جنونه احترفه
ليس قتل الشعوب سهلا / وكم شعب غبين أدال من خسفه
ينجب الشعب في الملمات قرنا مستميتا / يهد من جزفه
ساخرا بالدعي يحسب الاستقلال / يهوي إذا الهوى حذفه
وسيوف الأنصار تلمع في / الشمس بلاء لسارق خطفه
ورصاص الأتباع يزأر / كالرعد وقد مد طارق زحفه
إبتدره إن شئت أو لا / فحتم مصرع الظلم فوق ما سلفه
بني معروف جاحدكم جحود
بني معروف جاحدكم جحود / لآيات تسامت فوق عرف
بكم تزهى العروبة إذ تراكم / أعز خصالها للمستشف
فما برحت شهامتكم تغنى / ملاحم للتبع والتقفي
وما انفكت محارمكم شعاعا / من الألق الإلهيّ الأعف
وما زالت شجاعتكم ملاذا / وحصنا يوم إرهاق وعسف
وأن التضحيات لكم شعار / وأعظمها يبالغ في التخفي
كذاك الشمس كم فاضت حياة / وما منت وتعطي وهي تخفي
وهل جبل الدروز سوى منار / سليل الشمس في وحي وعطف
تقبّله فتمنحه حياة / ويلثمها وفيا خلف شف
وحين تبادلا حبا بحب / وحين تمازجا رشفا برشف
تمخض بالحياة حياة شعب / أبي عز في جبل ونعف
فدوّت في العصور مزمجرات / دويّ السيل للسهل المسف
وخلتنا على الأيام نغنى / بسيرته برغم المستخف
ذكرت رجاله الأخيار حولي / عزاء لي ومثلي شبه منفي
فزادوني بسيرتهم ولوعا / بإقدامي وبأسا رغم ضعفي
كذلك نخوة الأبطال منهم / فكل مفرد بمكان ألف
وأما دينهم فندى ونبل / وجم مروءة وجفاء خلف
وحرياتهم قدس معلى / وقد ثاروا على غل ورشف
وهم في قلّة أغلى تراثا / وأروع من جحافل لا توفي
وما سل المهند للتوفي / كسل المشرفية للتشفي
أباغي حظّه بقنا وخيل / كباغيه بمنوال وحف
وما الجبل الوقور لجاذبيه / على العلات كالجزء الأخف