القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ هانِئ الأَندَلُسِي الكل
المجموع : 3
قد سارَ بي هذا الزّمانُ فأوجَفَا
قد سارَ بي هذا الزّمانُ فأوجَفَا / ومَحا مشيبي من شَبابي أحرُفا
إلاّ أكُنْ بلَغَتْ بيَ السّنُّ المَدى / فلقد بلَغْتُ من الطّريقِ المَنصَفا
فأمَا وقد لاحَ الصّباحُ بلمَّتي / وانجابَ ليلُ عَمايَتي وتكشَّفا
فلئنُ لهَوْتُ لألهُوَنَّ تصنُّعاً / ولئن صَبَوتُ لأصْبُوَنَّ تكلُّفا
ولئن ذكرْتُ الغانياتِ فخَطرةٌ / تعتادُ صَبّاً بالحِسانِ مُكلَّفا
فلقد هَزَزْتُ غُصُونَها بثِمارِهَا / وهَصَرْتُهُنّ مُهَفْهَفًا فمهفهفا
والبانُ في الكُثبانِ طَوْعُ يدي إذا / أومأتُ إيماءً إليْهِ تعطَّفَا
ولقد هزَزْتُ الكأسَ في يدِ مثلِها / وصحَوْتُ عمّا رَقّ منها أو صَفا
فردَدْتُهَا من راحَتَيْهِ مُزّةً / وشرِبْتُهَا من مُقْلَتَيْهِ قَرقَفَا
ما كان أفتَكَني لوِ اخترَطتْ يدي / من ناظِرَيْكِ على رقيبِكِ مرْهَفا
وخُدورِ مثلِكِ قد طرقتُ لقومِها / متعرِّضاً ولأرضِها متعسِّفا
بأقَبَّ لا يَدَعُ الصّهيلَ إلى القَنا / حتى يلوكَ خِطامَها المتقصِّفا
يسري فأحسبُ في عِناني قائفاً / متفرِّساً أو زاجِراً متعيِّفا
يَرمي الأنيسَ بمسمَعَيْ وحشيّةٍ / قد أوجسا من نَبأةٍ فتشوَّفا
فتقدَّمَا وتنصّبَا وتذلّقَا / وتلطّفَا وتشرّفَا وتحرّفَا
وتكنّفاني يَنفُضانِ ليَ الدّجَى / فإذا أمِنْتُ ترصَّدا فتخوّفَا
فكأنّما وقع الصّريخُ إليهِما / بحِصارِ أنطاكِيّةٍ فاستُرْجِفا
ثَغْرٌ أضاعَ حريمَهُ أربابُهُ / حتى أُهينَ عزيزهُ واستُضْعِفا
يَصِلُ الرّنينَ إلى الرّنينِ لحادثٍ / يربدُّ منه البدرُ حتى يُكسَفا
ما لي رأيتُ الدِّينَ قَلّ نَصيرُهُ / بالمَشرِقَينِ وذلَّ حتى خُوِّفَا
هم صَيّرُوا خَدَماً تَسوسُ أمورَهم / يا للزّمانِ السِّوءِ كيْف تصرّفَا
من كلِّ مُسوَد الضّميرِ قد انطوَى / للمسلمينَ على القِلى وتَلَفَّفا
عُبْدانُ عُبْدانٍ وتُبّعُ تُبّعٍ / فالفاضلُ المفضولُ والوجهُ القَفا
أسَفي على الأحرارِ قَلّ حِفاظُهم / إن كان يُغني الحُرَّ أن يتأسّفا
لا يُبْعِدَنَّ اللّهُ إلاّ مَعْشَراً / أضْحَوْا على الأصنامِ منكُم عُكَّفا
هلاّ استعانَ بأهْلِ بيتِْ مَحمّدٍ / مَن لم يَجِدْ للذُّلِّ عنكُمْ مصرفا
يا وَيلكُمْ أفما لكم من صارخٍ / إلاّ بثَغْرٍ ضاعَ أو دينٍ عَفا
فمدينَةٌ من بعد أُخرى تُستَبَى / وطريقَةٌ من بعدِ أُخرى تُقتَفى
حتى لقد رَجَفَتْ ديارُ ربيعَةٍ / وتزلزلتْ أرضُ العراق تخَوُّفَا
والشامُ قد أودى وأودى أهْلُهُ / إلاّ قليلاً والحجازُ على شَفا
فعجبتُ من أن لا تَميدَ الأرضُ من / أقطارِها وعجبْتُ أن لا تُخسَفا
أيَسُرُّ قوْماً أنّ مكّةَ غُودِرَتْ / بَمجَرِّ جيش الرّومِ قاعاً صَفْصَفا
أو أنّ مَلحودَ النبيِّ ورمْسَهُ / بمدارجِ الأقدامِ يُنسَفُ مَنسَفا
فترَبّصُوا فاللّهُ مُنْجِزُ وَعْدِهِ / قد آنَ للظّلماءِ أن تتَكشّفَا
هذا المُعِزُّ ابنُ النبيِّ المُصْطفَى / سَيذُبُّ عن حَرَمِ النبيِّ المُصْطفى
في صَدرِ هذا العامِ لا يَلوي على / أحَدٍ تلفَّتَ خَلفَهُ وتوقَّفا
وأنا الضّمينُ لَهُ بمَلْكِ قِيادِهِمْ / طَوْعاً إذا المَلكُ العنيفُ تعَجْرَفا
وبعَطفِ أنفُسِهم هُدىً وندىً فلو / صُرِفَ الجيوشُ أمِنتَ أن لا تُصرَفا
فإلى العراقِ وذَرْ لِمَنْ قدّمْتَهُ / مِصْراً فهذا مُلكُ مصرٍ قد صَفا
وأرى خفيّاتِ الأمورِ ولم تكُنْ / ببصيرَةٍ تَجْلو القَضاءَ المُسدَفا
فكأنَّني بالجيش قد ضاقتْ بهِ / أرضُ الحجازِ وبالمواسمِ دُلَّفا
وبكَ ابنَ مُستَنِّ الأباطحِ عاجلاً / قد صِرتَ غيث من اجتدى ومن اعتفى
وعنَتْ لك العُرْبُ الطِّوالُ رِماحُها / واستجفلَتْ ممّا رأتْهُ تخوُّفَا
وازدَرْتَ قبرَ أبيكَ قبرَ محمّدٍ / بملائكِ اللّهِ العُلى متكنَّفا
ورقَيْتَ مَرقاهُ وقُمْتَ مقامَهُ / في بُرْدَةٍ تُذري الدموعَ الذُّرَّفا
متقلِّداً سيفَينِ سيفَ اللّهِ مِنْ / نصرٍ وسيفَكَ ذا الفقَارِ المُرهَفا
لِيَقِرَّ تحتكَ عودُ منبرِهِ الذّي / لا يستقِرُّ تحسُّراً وتلهُّفَا
وتُعيدُ روْضَتَهُ كأوّلِ عَهدِهَا / مُتَفَوِّفاً فيها النّباتُ تفوُّفا
وكأنّني بك قد هَزِجْتَ مُلبيّاً / وهَدَجْتَ بينَ شِعابِ مكّة والصَّفا
وكأنّني بِلِواءِ نَصرِكَ خافِقاً / قد حامَ بينَ المَرْوَتَينِ ورفرَفا
والحِجْرِ مُطَّلِعاً إليكَ تشَوُّقاً / والركْنِ مُهْتَزّاً إليكَ تشَوُّفا
وسألتُ ربَّ البيتِ بابنِ نبيّهِ / وجعَلتُكَ الزُّلْفَى إليه فأُزْلَفا
وهرَبْتُ منهْ إليهِ في حُرُماتِهِ / أدعوه مبتهلا وأسأل ملحفا
وكأنني بك قد بلغت مأربي / وقضيتُ من نُسكِ المُودِّع ما كفى
وخطبتُ قبلَ القوْمِ خطبةَ فيصَلٍ / أُثني عليك فوعُد ربَّك قد وفَى
وخطبتُ بالزَّوراء أُخرَى مثلَهَا / ووقفْتُ بينَ يديكَ هذا المَوقفا
أليلَتَنا إذ أرْسَلَتْ وارداً وَحْفَا
أليلَتَنا إذ أرْسَلَتْ وارداً وَحْفَا / وبتنا نرى الجوزْاءَ في أُذنِها شَنفا
وباتَ لنَا ساقٍ يقومُ على الدّجَى / بشمعةِ نجمٍ لا تُقَطُّ ولا تُطْفى
أغَنُّ غضيضٌ خفّفَ اللّينُ قَدَّهُ / وثقّلَتِ الصّهباءُ أجفانَهُ الوُطْفا
ولم يُبْقِ إرعاشُ المُدامِ لَهُ يَداً / ولم يُبْقِ إعناتُ التثنّي له عِطفا
نَزيفٌ قضاهُ السِّكْرُ إلاّ ارتجاجَهُ / إذا كَلَّ عنه الخصْرُ حمَّله الرِّدفا
يقولون حِقْفٌ فوقه خَيْزُرانَةٌ / أما يعرِفونَ الخَيْزُرانَةَ والحِقفا
جعلنا حشايانا ثيابَ مُدامِنَا / وقدَّتْ لنا الظلماءُ من جِلدِها لُحفا
فمن كَبِدٍ تُدْني إلى كَبِدٍ هوىً / ومن شَفَةٍ تُوحي إلى شَفَةٍ رَشْفا
بعيشك نَبِّهْ كأسَه وجُفونَهُ / فقد نُبِّهَ الإبريقُ من بعدِ ما أغْفى
وقد وَلّتِ الظّلماءُ تقفو نجومَها / وقد قام جيشُ الفجرِ للّيل واصْطفّا
وولّتْ نجُومٌ للثُّرَيّا كأنّهَا / خواتيمُ تَبْدو في بَنان يدٍ تَخْفى
ومَرّ على آثارِهَا دَبَرَانُهَا / كصاحبِ رِدءٍ كُمِّنتْ خيلُه خَلفا
وأقبَلَتِ الشِّعرى العَبورُ مُكِبّةً / بمِرْزَمِها اليَعبوبِ تَجنُبُهُ طِرْفا
وقد بادَرَتْها أُخْتُها منْ ورائِها / لتَخْرُقَ من ثِنيَيْ مَجرَّتها سِجفا
تخافُ زَئيرَ الليثِ يَقدُمُ نَثرَةً / وبَرْبَرَ في الظلماء يَنسِفها نَسْفا
كأنّ السِّماكَينِ اللّذينِ تَظاهَرا / على لِبْدَتَيْهِ ضامِنانِ له حَتْفا
فذا رامحٌ يُهوي إليه سِنانَهُ / وذا أعزَلٌ قد عَضَّ أنمُلَهُ لَهْفا
كأنّ رقيبَ النجمِ أجدَلُ مَرْقَبٍ / يُقلِّبُ تحتَ الليل في ريشه طَرفا
كأنّ بني نَعشٍ ونعشاً مَطافِلٌ / بوَجرةَ قد أضْللنَ في مَهمَهٍ خِشفا
كأنّ سُهَيْلاً في مطالِعِ أُفقهِ / مُفارِقُ إلْفٍ لم يَجِدْ بعدَه إلفا
كأنّ سُهاها عاشِقٌ بين عُوَّدٍ / فآوِنَةً يَبدو وآونَةً يَخْفى
كأنّ مُعلَّى قُطبِها فارسٌ لَهُ / لِواءانِ مركوزانِ قد كرِه الزحفا
كأنّ قُدامَى النَّسرِ والنَّسرُ واقعٌ / قُصِصْنَ فلم تَسْمُ الخَوافي به ضعفا
كأنّ أخاه حينَ دَوّمَ طائِراً / أتى دون نصفِ البدر فاختطفَ النصفا
كأنّ الهَزيعَ الآبنُوسيَّ لونُهُ / سَرَى بالنسيج الخُسرُوانيِّ مُلتفّا
كأنّ ظلامَ الليلِ إذ مالَ مَيْلَةً / صريعُ مُدامٍ باتَ يشرَبُها صِرفا
كأنّ عمودَ الفجرِ خاقانُ عسكرٍ / من التركِ نادى بالنجاشيّ فاستخفى
كأنّ لِواءَ الشمسِ غُرَّةُ جعْفَرٍ / رأى القِرْنَ فازدادتْ طلاقته ضِعفا
وقد جاشَتِ الدأماءُ بِيضاً صَوارِماً / ومارنَةً سُمْراً وفَضْفاضَةً زَغْفا
وجاءتْ عِتاقُ الخيل تَردي كأنّها / تَخُطُّ له أقلامُ آذانها صُحْفا
هنالك تلقى جعفراً غيرَ جَعْفَرٍ / وقد بُدِّلَتْ يُمْناهُ من رِفْقها عنفا
وكائِنْ تَراهُ في الكريهةِ جاعِلاً / عزيمتَهُ بَرْقاً وصولتَه خَطْفا
وكائِنْ تراه في المقامةِ جاعلاً / مَشاهدَه فَصْلاً وخطبتَه حَرْفا
وتأتي عطاياهُ عِدادَ جُنُودِهِ / فما افترقتْ صِنفاً ولا اجتمعتْ صِنفا
ويَعْيَا بما يأتي خطيبٌ وشاعِرٌ / وإن جاوز الإطناب واستغرق الوصفا
هوَ الدهرُ إلاّ أنّني لا أرى له / على غير من ناواه خَطباً ولا صَرْفا
إذا شَهِدَ الهيجاءَ مَدّتْ لهُ يداً / كأنّ عليها دُمْلُجاً منْهُ أو وقْفا
وصالَ بها غضبانَ لو يستقي الذي / تُريقُ عواليه من الدّم ما استَشفى
جزيلُ الندى والباس تصدُرُ كفُّه / وقد نازلَتْ ألفاً وقد وهبَتْ ألفا
يدٌ يستهلُّ الجود فيها معَ النّدى / ويعبَقُ منها الموتُ يومَ الوغى عَرفا
وما سُدّدَ الأملاكُ من قبل جعفَرٍ / ولا أنكرُوا نُكراً ولا عرفوا عُرفا
هُمُ ساجَلوه والسَّماحُ لأهْلِهِ / فأكدَوا وما أكدى وأصْفَوا وما أصفى
إذا أصْلدوا أورى وإن عجِلوا ارتأى / وإن بخِلوا أعطى وإن غَدروا أوفى
فللمجدِ ما أبقَى وللجودِ ما اقتَنى / وللناسِ ما أبدى وللّهِ ما أخفى
يغولُ ظُنونَ المُزْنِ والمُزْنُ وافِرٌ / ويُغرِق موْجَ البحرِ والبحرُ قد شَفّا
فلو أنّني شَبّهْتُهُ البحرَ زاخِراً / خَشيتُ بكونِ المدحِ في مثله قذْفا
وما تَعْدِلُ الأنواءُ صُغرى بَنانِهِ / فكيْفَ بشْيءٍ يعدِلُ الزَّند والكفّا
مليكُ رقابِ الناسِ مالِكُ وُدِّهم / كذلك فليستَصْفِ قوماً من استصْفى
فتىً تَسْحَبُ الدّنيا بهِ خُيَلاءَهَا / وقد طمَحتْ طَرفاً وقد شَمختْ أنفا
وتسْألُهُ النّصْفَ الحوادثُ هَونةً / وكانتْ لقَاحاً لم تسَلْ قبله النصفا
وكانتْ سماءُ اللّهِ فوْقَ عِمادِهَا / إلى اليْوم لم تُسقِطْ على أحَدٍ كِسفا
وقد مُلِئَتْ شُهْباً فلمّا تمرّدَتْ / حَوالَيْه أعداءُ الهدى أحدثتْ قَذفا
ألا فامزِجوا كأسَ المُدامِ بذكْرِهِ / فلن تجِدُوا مَزْجاً أرَقَّ ولا أصْفى
تَبَغْددَ منْهُ الزّابُ حتى رأيْتُهُ / يهبّ نسيمُ الروض فيهِ فيُستَجفى
تكادُ عقودُ الغانياتِ تَؤودُهُ / رَفاهِيَةً والجوُّ يَسْرِقُه لُطْفا
بحيْثُ أبو الأيّامِ يَلحَفُني لهُ / جَناحاً وأُمُّ الشمس تُرضِعُني خِلفا
فلا منزِلاً ضَنكاً تَحُلُّ ركائبي / ولا عَقَداً وَعْثاً ولا سَبْسَباً قُفّا
تسيرُ القوافي المذهَباتُ أحوكُها / فتمضي وإن كانتْ على مجدكم وقفا
منَ اللاء تغدو وهي في السلم مركبي / ولو كانتِ الهيجاءُ قدَّمتُها صَفّا
يمانِيّةٌ في نَجْرِها أزدِيّةٌ / أُفصّلُها نَظماً وأُحْكِمُها رَصْفا
صرفتُ عِنانَ الشعر إلاّ إليكُمُ / وفيكم فإني ما استطعتُ لكم صَرفا
وما كنْتُ مَدّاحاً ولكنْ مُفَوَّهاً / يُلبّى إذا نادى ويُكفى إذا استكفى
أبا أحمدٍ قد كان في الأرض مَوئِلٌ / فلم أبغِ لي ركْناً سواكَ ولا كهفا
وأنتَ الذي لم يُطلِع اللّهُ شَمسَهُ / على أحَدٍ منْهُ أبَرَّ ولا أوفى
وما الشمس تكسو كلَّ شيء شُعاعَها / بأسبغَ عندي من نَداك ولا أضفى
أخذتَ بضَبعي والخطوبُ رَوَاغِمٌ / فسُمتَ زماني كلّهُ خُطّةً خَسفا
فمن كَبِدٍ لمّا اعتلَلتَ تقطَّعَتْ / ومن أُذُنٍ صَمّتْ ومن ناظرٍ كُفّا
وقد كان لي قلْبٌ فغودرَ جَمْرَةً / عليك وعيشٌ سجسجٌ فغدا رَضفا
ولم أرَ شيئاً مثلَ وصْلِ أحِبّتي / شِفاءً ولكن كان بُرؤكَ لي أشفى
وكيفَ اتّراكي فيك بَشّاً ولوعَةً / ولم تتّرِك رُحماً لقومي ولا عطفا
أمنْتُ بكَ الأيّامَ وهي مخوفَةٌ / ولو بيديكَ الخُلدُ أمّنْتَني الحَتْفا
طَلَبُ المجدِ من طريقِ السيوفِ
طَلَبُ المجدِ من طريقِ السيوفِ / شرَفٌ مُؤنِسٌ لنَفسِ الشريفِ
إنّ ذُلَّ العزيزِ أفظعُ مَرْأىً / بين عينيْهِ من لقاء الحُتوفِ
ليس غُير الهَيجاء والضربةِ الأخْ / دودِ فيها والطّعْنَةِ الإخطيف
أنا مِن صارِمٍ وطِرْفٍ جَوادٍ / لستُ من قُبّةٍ وقصرٍ منيفِ
ليس للمجدِ مَن يَبيتُ على المج / دِ بسَعيٍ وانٍ ونَفسٍ عَزُوفِ
وعَدَتْني الدّنْيا كثيراً فلم أظ / فَرْ بغَيرِ المِطالِ والتسويف
كلّما قلَّبَ المُحَدِّدُ فيها ال / لحظَ ولّى بنَاظِرٍ مطروف
علّمَتني البَيداءُ كيفَ ركوبُ ال / ليلِ والليلُ كيفَ قطعُ التَّنوف
إنّ أيّامَ دهرِنَا سَخِفَاتٌ / فهي أعوانُ كلّ وَغْدٍ سخيف
زَمَنٌ أنت يا أبا الجعرِ فيهِ / ليس من تالِدٍ ولا من طَريف
إنّ دَهْراً سَمَوْتَ فِهِ عُلُوّاً / لَوَضِيعُ الخطوبِ وغْدُ الصُّرُوفِ
إنّ شَأواً طلبته في زمان ال / مَلكِ عندي لَشَأوُ بَينٍ قَذوف
إنّ رأياً تُديره لَمُعَنّىً / بضَلالِ الإمضاءِ والتّوقيف
إنّ لَفْظاً تَلوكُهُ لَشَبِيهٌ / بك في منظرِ الجفاءِ الجليف
كاذبُ الزَّعمِ مستحيلُ المعاني / فاسِدُ النّظمِ فاسدُ التأليف
أنتَ لا تغتدي لتدبيرِ مُلْكٍ / إنما تغتدي لرغْمِ الأنوفِ
نِلْتَ ما نِلْتَ لا بعقْلٍ رصينٍ / في المساعي ولا برأيٍ حصيف
أبقِ لي جعفراً أبا جعفرٍ لا / تَرْمِ يَوْمَيْهِ بالنّآدِ العَسوف
أنت في دولةِ الحبيبِ إلينَا / فترَفَّقْ بالماجِدِ الغِطريف
فإذا ما نَعَبْتَ شرَّ نَعِيبٍ / فعلى غيرِ رَبْعِهِ المألوف
لستُ أخشَى إلا عليه فكن بال / أريحِيِّ الّرؤوفِ جِدَّ رؤوفِ
إنما الزّابُ جَنّةُ الخُلْدِ فيهَا / من نَداهُ غضارةُ التفويف
كيفَ قارنتَ منه بَدراً تماماً / وله منكَ جَوزَهِرُّ الكسوف
كيفَ صاحبتَهُ بأخلاقِ وَغْدٍ / لا يني في يُبوسَةٍ وجَفوف
كيفَ راهنتَ في السباقِ على ما / فيك من وِنيَةٍ وباعٍ قَطوف
واعتِزامٍ يرَى الأمورَ إذا ألْ / قَتْ قِراعاً بناظرٍ مكفوف
وخنىً حالفٍ بأنّكَ ما أصْ / بحتَ يوماً لغيره بحليف
ما عجيب بأن لعبت بدهر / نائمٍ طرفهُ وخطبٍ تريف
ولذا صار كل ليْثٍ هِزَبْرٍ / قانعاً من زمانِهِ بالغريف
إنّ في مَغْرِبِ الخِلافَةِ داءً / ليس يُبريهِ غيرُ أُمّ الحُتوف
إنّ فيه لَشُعْبَةً من بَني مر / وانَ تُنْبي عن كلِّ أمرٍ مَخُوف
إنّ في صَدرِ أحْمَدٍ لبني أحْ / مدَ قلْباً يَهمي بسَمٍّ مَدوف
مُتَخَلٍّ من اثنتينِ بريءٌ / من إمامٍ عَدْلٍ ودينٍ حنيف
ليس مستكثَراً لمثلك أنْ يفْ / رِقَ بينَ الشّريفِ والمَشروف
يا مُعِزَّ الهُدى كفانَي أنّي / لكَ طَودٌ على أعاديكَ مُوف
وإذا ما كواكبُ الحربِ شُبَّتْ / لم أكُنْ للرّماحِ غيرَ رديف
أنْطَوي دائماً على كَبِدٍ حَر / رى على حبّكُمْ وقَلْبٍ رَجُوف
أنا عَينُ المُقِرِّ بالفضلِ إنْ أنْ / كَرَ قومٌ صنائعَ المعروف
لم أُحاربْ نورَ الهدى بالدَّياجي / وحرُوفَ القُرآنِ بالتَّحْريف
مثل هذا العميدِ بالجِبتِ والطّا / غوتِ منهُم والهائم المشغوف
ما استضاف الهجاء حتى تأنّا / ك أيا جعفَراً بغَيرِ مُضيف
إنّ تستَّرْتَ عن عِياني فما حي / لةُ عينيك في الخيالِ المُطيف

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025