المجموع : 3
قد سارَ بي هذا الزّمانُ فأوجَفَا
قد سارَ بي هذا الزّمانُ فأوجَفَا / ومَحا مشيبي من شَبابي أحرُفا
إلاّ أكُنْ بلَغَتْ بيَ السّنُّ المَدى / فلقد بلَغْتُ من الطّريقِ المَنصَفا
فأمَا وقد لاحَ الصّباحُ بلمَّتي / وانجابَ ليلُ عَمايَتي وتكشَّفا
فلئنُ لهَوْتُ لألهُوَنَّ تصنُّعاً / ولئن صَبَوتُ لأصْبُوَنَّ تكلُّفا
ولئن ذكرْتُ الغانياتِ فخَطرةٌ / تعتادُ صَبّاً بالحِسانِ مُكلَّفا
فلقد هَزَزْتُ غُصُونَها بثِمارِهَا / وهَصَرْتُهُنّ مُهَفْهَفًا فمهفهفا
والبانُ في الكُثبانِ طَوْعُ يدي إذا / أومأتُ إيماءً إليْهِ تعطَّفَا
ولقد هزَزْتُ الكأسَ في يدِ مثلِها / وصحَوْتُ عمّا رَقّ منها أو صَفا
فردَدْتُهَا من راحَتَيْهِ مُزّةً / وشرِبْتُهَا من مُقْلَتَيْهِ قَرقَفَا
ما كان أفتَكَني لوِ اخترَطتْ يدي / من ناظِرَيْكِ على رقيبِكِ مرْهَفا
وخُدورِ مثلِكِ قد طرقتُ لقومِها / متعرِّضاً ولأرضِها متعسِّفا
بأقَبَّ لا يَدَعُ الصّهيلَ إلى القَنا / حتى يلوكَ خِطامَها المتقصِّفا
يسري فأحسبُ في عِناني قائفاً / متفرِّساً أو زاجِراً متعيِّفا
يَرمي الأنيسَ بمسمَعَيْ وحشيّةٍ / قد أوجسا من نَبأةٍ فتشوَّفا
فتقدَّمَا وتنصّبَا وتذلّقَا / وتلطّفَا وتشرّفَا وتحرّفَا
وتكنّفاني يَنفُضانِ ليَ الدّجَى / فإذا أمِنْتُ ترصَّدا فتخوّفَا
فكأنّما وقع الصّريخُ إليهِما / بحِصارِ أنطاكِيّةٍ فاستُرْجِفا
ثَغْرٌ أضاعَ حريمَهُ أربابُهُ / حتى أُهينَ عزيزهُ واستُضْعِفا
يَصِلُ الرّنينَ إلى الرّنينِ لحادثٍ / يربدُّ منه البدرُ حتى يُكسَفا
ما لي رأيتُ الدِّينَ قَلّ نَصيرُهُ / بالمَشرِقَينِ وذلَّ حتى خُوِّفَا
هم صَيّرُوا خَدَماً تَسوسُ أمورَهم / يا للزّمانِ السِّوءِ كيْف تصرّفَا
من كلِّ مُسوَد الضّميرِ قد انطوَى / للمسلمينَ على القِلى وتَلَفَّفا
عُبْدانُ عُبْدانٍ وتُبّعُ تُبّعٍ / فالفاضلُ المفضولُ والوجهُ القَفا
أسَفي على الأحرارِ قَلّ حِفاظُهم / إن كان يُغني الحُرَّ أن يتأسّفا
لا يُبْعِدَنَّ اللّهُ إلاّ مَعْشَراً / أضْحَوْا على الأصنامِ منكُم عُكَّفا
هلاّ استعانَ بأهْلِ بيتِْ مَحمّدٍ / مَن لم يَجِدْ للذُّلِّ عنكُمْ مصرفا
يا وَيلكُمْ أفما لكم من صارخٍ / إلاّ بثَغْرٍ ضاعَ أو دينٍ عَفا
فمدينَةٌ من بعد أُخرى تُستَبَى / وطريقَةٌ من بعدِ أُخرى تُقتَفى
حتى لقد رَجَفَتْ ديارُ ربيعَةٍ / وتزلزلتْ أرضُ العراق تخَوُّفَا
والشامُ قد أودى وأودى أهْلُهُ / إلاّ قليلاً والحجازُ على شَفا
فعجبتُ من أن لا تَميدَ الأرضُ من / أقطارِها وعجبْتُ أن لا تُخسَفا
أيَسُرُّ قوْماً أنّ مكّةَ غُودِرَتْ / بَمجَرِّ جيش الرّومِ قاعاً صَفْصَفا
أو أنّ مَلحودَ النبيِّ ورمْسَهُ / بمدارجِ الأقدامِ يُنسَفُ مَنسَفا
فترَبّصُوا فاللّهُ مُنْجِزُ وَعْدِهِ / قد آنَ للظّلماءِ أن تتَكشّفَا
هذا المُعِزُّ ابنُ النبيِّ المُصْطفَى / سَيذُبُّ عن حَرَمِ النبيِّ المُصْطفى
في صَدرِ هذا العامِ لا يَلوي على / أحَدٍ تلفَّتَ خَلفَهُ وتوقَّفا
وأنا الضّمينُ لَهُ بمَلْكِ قِيادِهِمْ / طَوْعاً إذا المَلكُ العنيفُ تعَجْرَفا
وبعَطفِ أنفُسِهم هُدىً وندىً فلو / صُرِفَ الجيوشُ أمِنتَ أن لا تُصرَفا
فإلى العراقِ وذَرْ لِمَنْ قدّمْتَهُ / مِصْراً فهذا مُلكُ مصرٍ قد صَفا
وأرى خفيّاتِ الأمورِ ولم تكُنْ / ببصيرَةٍ تَجْلو القَضاءَ المُسدَفا
فكأنَّني بالجيش قد ضاقتْ بهِ / أرضُ الحجازِ وبالمواسمِ دُلَّفا
وبكَ ابنَ مُستَنِّ الأباطحِ عاجلاً / قد صِرتَ غيث من اجتدى ومن اعتفى
وعنَتْ لك العُرْبُ الطِّوالُ رِماحُها / واستجفلَتْ ممّا رأتْهُ تخوُّفَا
وازدَرْتَ قبرَ أبيكَ قبرَ محمّدٍ / بملائكِ اللّهِ العُلى متكنَّفا
ورقَيْتَ مَرقاهُ وقُمْتَ مقامَهُ / في بُرْدَةٍ تُذري الدموعَ الذُّرَّفا
متقلِّداً سيفَينِ سيفَ اللّهِ مِنْ / نصرٍ وسيفَكَ ذا الفقَارِ المُرهَفا
لِيَقِرَّ تحتكَ عودُ منبرِهِ الذّي / لا يستقِرُّ تحسُّراً وتلهُّفَا
وتُعيدُ روْضَتَهُ كأوّلِ عَهدِهَا / مُتَفَوِّفاً فيها النّباتُ تفوُّفا
وكأنّني بك قد هَزِجْتَ مُلبيّاً / وهَدَجْتَ بينَ شِعابِ مكّة والصَّفا
وكأنّني بِلِواءِ نَصرِكَ خافِقاً / قد حامَ بينَ المَرْوَتَينِ ورفرَفا
والحِجْرِ مُطَّلِعاً إليكَ تشَوُّقاً / والركْنِ مُهْتَزّاً إليكَ تشَوُّفا
وسألتُ ربَّ البيتِ بابنِ نبيّهِ / وجعَلتُكَ الزُّلْفَى إليه فأُزْلَفا
وهرَبْتُ منهْ إليهِ في حُرُماتِهِ / أدعوه مبتهلا وأسأل ملحفا
وكأنني بك قد بلغت مأربي / وقضيتُ من نُسكِ المُودِّع ما كفى
وخطبتُ قبلَ القوْمِ خطبةَ فيصَلٍ / أُثني عليك فوعُد ربَّك قد وفَى
وخطبتُ بالزَّوراء أُخرَى مثلَهَا / ووقفْتُ بينَ يديكَ هذا المَوقفا
أليلَتَنا إذ أرْسَلَتْ وارداً وَحْفَا
أليلَتَنا إذ أرْسَلَتْ وارداً وَحْفَا / وبتنا نرى الجوزْاءَ في أُذنِها شَنفا
وباتَ لنَا ساقٍ يقومُ على الدّجَى / بشمعةِ نجمٍ لا تُقَطُّ ولا تُطْفى
أغَنُّ غضيضٌ خفّفَ اللّينُ قَدَّهُ / وثقّلَتِ الصّهباءُ أجفانَهُ الوُطْفا
ولم يُبْقِ إرعاشُ المُدامِ لَهُ يَداً / ولم يُبْقِ إعناتُ التثنّي له عِطفا
نَزيفٌ قضاهُ السِّكْرُ إلاّ ارتجاجَهُ / إذا كَلَّ عنه الخصْرُ حمَّله الرِّدفا
يقولون حِقْفٌ فوقه خَيْزُرانَةٌ / أما يعرِفونَ الخَيْزُرانَةَ والحِقفا
جعلنا حشايانا ثيابَ مُدامِنَا / وقدَّتْ لنا الظلماءُ من جِلدِها لُحفا
فمن كَبِدٍ تُدْني إلى كَبِدٍ هوىً / ومن شَفَةٍ تُوحي إلى شَفَةٍ رَشْفا
بعيشك نَبِّهْ كأسَه وجُفونَهُ / فقد نُبِّهَ الإبريقُ من بعدِ ما أغْفى
وقد وَلّتِ الظّلماءُ تقفو نجومَها / وقد قام جيشُ الفجرِ للّيل واصْطفّا
وولّتْ نجُومٌ للثُّرَيّا كأنّهَا / خواتيمُ تَبْدو في بَنان يدٍ تَخْفى
ومَرّ على آثارِهَا دَبَرَانُهَا / كصاحبِ رِدءٍ كُمِّنتْ خيلُه خَلفا
وأقبَلَتِ الشِّعرى العَبورُ مُكِبّةً / بمِرْزَمِها اليَعبوبِ تَجنُبُهُ طِرْفا
وقد بادَرَتْها أُخْتُها منْ ورائِها / لتَخْرُقَ من ثِنيَيْ مَجرَّتها سِجفا
تخافُ زَئيرَ الليثِ يَقدُمُ نَثرَةً / وبَرْبَرَ في الظلماء يَنسِفها نَسْفا
كأنّ السِّماكَينِ اللّذينِ تَظاهَرا / على لِبْدَتَيْهِ ضامِنانِ له حَتْفا
فذا رامحٌ يُهوي إليه سِنانَهُ / وذا أعزَلٌ قد عَضَّ أنمُلَهُ لَهْفا
كأنّ رقيبَ النجمِ أجدَلُ مَرْقَبٍ / يُقلِّبُ تحتَ الليل في ريشه طَرفا
كأنّ بني نَعشٍ ونعشاً مَطافِلٌ / بوَجرةَ قد أضْللنَ في مَهمَهٍ خِشفا
كأنّ سُهَيْلاً في مطالِعِ أُفقهِ / مُفارِقُ إلْفٍ لم يَجِدْ بعدَه إلفا
كأنّ سُهاها عاشِقٌ بين عُوَّدٍ / فآوِنَةً يَبدو وآونَةً يَخْفى
كأنّ مُعلَّى قُطبِها فارسٌ لَهُ / لِواءانِ مركوزانِ قد كرِه الزحفا
كأنّ قُدامَى النَّسرِ والنَّسرُ واقعٌ / قُصِصْنَ فلم تَسْمُ الخَوافي به ضعفا
كأنّ أخاه حينَ دَوّمَ طائِراً / أتى دون نصفِ البدر فاختطفَ النصفا
كأنّ الهَزيعَ الآبنُوسيَّ لونُهُ / سَرَى بالنسيج الخُسرُوانيِّ مُلتفّا
كأنّ ظلامَ الليلِ إذ مالَ مَيْلَةً / صريعُ مُدامٍ باتَ يشرَبُها صِرفا
كأنّ عمودَ الفجرِ خاقانُ عسكرٍ / من التركِ نادى بالنجاشيّ فاستخفى
كأنّ لِواءَ الشمسِ غُرَّةُ جعْفَرٍ / رأى القِرْنَ فازدادتْ طلاقته ضِعفا
وقد جاشَتِ الدأماءُ بِيضاً صَوارِماً / ومارنَةً سُمْراً وفَضْفاضَةً زَغْفا
وجاءتْ عِتاقُ الخيل تَردي كأنّها / تَخُطُّ له أقلامُ آذانها صُحْفا
هنالك تلقى جعفراً غيرَ جَعْفَرٍ / وقد بُدِّلَتْ يُمْناهُ من رِفْقها عنفا
وكائِنْ تَراهُ في الكريهةِ جاعِلاً / عزيمتَهُ بَرْقاً وصولتَه خَطْفا
وكائِنْ تراه في المقامةِ جاعلاً / مَشاهدَه فَصْلاً وخطبتَه حَرْفا
وتأتي عطاياهُ عِدادَ جُنُودِهِ / فما افترقتْ صِنفاً ولا اجتمعتْ صِنفا
ويَعْيَا بما يأتي خطيبٌ وشاعِرٌ / وإن جاوز الإطناب واستغرق الوصفا
هوَ الدهرُ إلاّ أنّني لا أرى له / على غير من ناواه خَطباً ولا صَرْفا
إذا شَهِدَ الهيجاءَ مَدّتْ لهُ يداً / كأنّ عليها دُمْلُجاً منْهُ أو وقْفا
وصالَ بها غضبانَ لو يستقي الذي / تُريقُ عواليه من الدّم ما استَشفى
جزيلُ الندى والباس تصدُرُ كفُّه / وقد نازلَتْ ألفاً وقد وهبَتْ ألفا
يدٌ يستهلُّ الجود فيها معَ النّدى / ويعبَقُ منها الموتُ يومَ الوغى عَرفا
وما سُدّدَ الأملاكُ من قبل جعفَرٍ / ولا أنكرُوا نُكراً ولا عرفوا عُرفا
هُمُ ساجَلوه والسَّماحُ لأهْلِهِ / فأكدَوا وما أكدى وأصْفَوا وما أصفى
إذا أصْلدوا أورى وإن عجِلوا ارتأى / وإن بخِلوا أعطى وإن غَدروا أوفى
فللمجدِ ما أبقَى وللجودِ ما اقتَنى / وللناسِ ما أبدى وللّهِ ما أخفى
يغولُ ظُنونَ المُزْنِ والمُزْنُ وافِرٌ / ويُغرِق موْجَ البحرِ والبحرُ قد شَفّا
فلو أنّني شَبّهْتُهُ البحرَ زاخِراً / خَشيتُ بكونِ المدحِ في مثله قذْفا
وما تَعْدِلُ الأنواءُ صُغرى بَنانِهِ / فكيْفَ بشْيءٍ يعدِلُ الزَّند والكفّا
مليكُ رقابِ الناسِ مالِكُ وُدِّهم / كذلك فليستَصْفِ قوماً من استصْفى
فتىً تَسْحَبُ الدّنيا بهِ خُيَلاءَهَا / وقد طمَحتْ طَرفاً وقد شَمختْ أنفا
وتسْألُهُ النّصْفَ الحوادثُ هَونةً / وكانتْ لقَاحاً لم تسَلْ قبله النصفا
وكانتْ سماءُ اللّهِ فوْقَ عِمادِهَا / إلى اليْوم لم تُسقِطْ على أحَدٍ كِسفا
وقد مُلِئَتْ شُهْباً فلمّا تمرّدَتْ / حَوالَيْه أعداءُ الهدى أحدثتْ قَذفا
ألا فامزِجوا كأسَ المُدامِ بذكْرِهِ / فلن تجِدُوا مَزْجاً أرَقَّ ولا أصْفى
تَبَغْددَ منْهُ الزّابُ حتى رأيْتُهُ / يهبّ نسيمُ الروض فيهِ فيُستَجفى
تكادُ عقودُ الغانياتِ تَؤودُهُ / رَفاهِيَةً والجوُّ يَسْرِقُه لُطْفا
بحيْثُ أبو الأيّامِ يَلحَفُني لهُ / جَناحاً وأُمُّ الشمس تُرضِعُني خِلفا
فلا منزِلاً ضَنكاً تَحُلُّ ركائبي / ولا عَقَداً وَعْثاً ولا سَبْسَباً قُفّا
تسيرُ القوافي المذهَباتُ أحوكُها / فتمضي وإن كانتْ على مجدكم وقفا
منَ اللاء تغدو وهي في السلم مركبي / ولو كانتِ الهيجاءُ قدَّمتُها صَفّا
يمانِيّةٌ في نَجْرِها أزدِيّةٌ / أُفصّلُها نَظماً وأُحْكِمُها رَصْفا
صرفتُ عِنانَ الشعر إلاّ إليكُمُ / وفيكم فإني ما استطعتُ لكم صَرفا
وما كنْتُ مَدّاحاً ولكنْ مُفَوَّهاً / يُلبّى إذا نادى ويُكفى إذا استكفى
أبا أحمدٍ قد كان في الأرض مَوئِلٌ / فلم أبغِ لي ركْناً سواكَ ولا كهفا
وأنتَ الذي لم يُطلِع اللّهُ شَمسَهُ / على أحَدٍ منْهُ أبَرَّ ولا أوفى
وما الشمس تكسو كلَّ شيء شُعاعَها / بأسبغَ عندي من نَداك ولا أضفى
أخذتَ بضَبعي والخطوبُ رَوَاغِمٌ / فسُمتَ زماني كلّهُ خُطّةً خَسفا
فمن كَبِدٍ لمّا اعتلَلتَ تقطَّعَتْ / ومن أُذُنٍ صَمّتْ ومن ناظرٍ كُفّا
وقد كان لي قلْبٌ فغودرَ جَمْرَةً / عليك وعيشٌ سجسجٌ فغدا رَضفا
ولم أرَ شيئاً مثلَ وصْلِ أحِبّتي / شِفاءً ولكن كان بُرؤكَ لي أشفى
وكيفَ اتّراكي فيك بَشّاً ولوعَةً / ولم تتّرِك رُحماً لقومي ولا عطفا
أمنْتُ بكَ الأيّامَ وهي مخوفَةٌ / ولو بيديكَ الخُلدُ أمّنْتَني الحَتْفا
طَلَبُ المجدِ من طريقِ السيوفِ
طَلَبُ المجدِ من طريقِ السيوفِ / شرَفٌ مُؤنِسٌ لنَفسِ الشريفِ
إنّ ذُلَّ العزيزِ أفظعُ مَرْأىً / بين عينيْهِ من لقاء الحُتوفِ
ليس غُير الهَيجاء والضربةِ الأخْ / دودِ فيها والطّعْنَةِ الإخطيف
أنا مِن صارِمٍ وطِرْفٍ جَوادٍ / لستُ من قُبّةٍ وقصرٍ منيفِ
ليس للمجدِ مَن يَبيتُ على المج / دِ بسَعيٍ وانٍ ونَفسٍ عَزُوفِ
وعَدَتْني الدّنْيا كثيراً فلم أظ / فَرْ بغَيرِ المِطالِ والتسويف
كلّما قلَّبَ المُحَدِّدُ فيها ال / لحظَ ولّى بنَاظِرٍ مطروف
علّمَتني البَيداءُ كيفَ ركوبُ ال / ليلِ والليلُ كيفَ قطعُ التَّنوف
إنّ أيّامَ دهرِنَا سَخِفَاتٌ / فهي أعوانُ كلّ وَغْدٍ سخيف
زَمَنٌ أنت يا أبا الجعرِ فيهِ / ليس من تالِدٍ ولا من طَريف
إنّ دَهْراً سَمَوْتَ فِهِ عُلُوّاً / لَوَضِيعُ الخطوبِ وغْدُ الصُّرُوفِ
إنّ شَأواً طلبته في زمان ال / مَلكِ عندي لَشَأوُ بَينٍ قَذوف
إنّ رأياً تُديره لَمُعَنّىً / بضَلالِ الإمضاءِ والتّوقيف
إنّ لَفْظاً تَلوكُهُ لَشَبِيهٌ / بك في منظرِ الجفاءِ الجليف
كاذبُ الزَّعمِ مستحيلُ المعاني / فاسِدُ النّظمِ فاسدُ التأليف
أنتَ لا تغتدي لتدبيرِ مُلْكٍ / إنما تغتدي لرغْمِ الأنوفِ
نِلْتَ ما نِلْتَ لا بعقْلٍ رصينٍ / في المساعي ولا برأيٍ حصيف
أبقِ لي جعفراً أبا جعفرٍ لا / تَرْمِ يَوْمَيْهِ بالنّآدِ العَسوف
أنت في دولةِ الحبيبِ إلينَا / فترَفَّقْ بالماجِدِ الغِطريف
فإذا ما نَعَبْتَ شرَّ نَعِيبٍ / فعلى غيرِ رَبْعِهِ المألوف
لستُ أخشَى إلا عليه فكن بال / أريحِيِّ الّرؤوفِ جِدَّ رؤوفِ
إنما الزّابُ جَنّةُ الخُلْدِ فيهَا / من نَداهُ غضارةُ التفويف
كيفَ قارنتَ منه بَدراً تماماً / وله منكَ جَوزَهِرُّ الكسوف
كيفَ صاحبتَهُ بأخلاقِ وَغْدٍ / لا يني في يُبوسَةٍ وجَفوف
كيفَ راهنتَ في السباقِ على ما / فيك من وِنيَةٍ وباعٍ قَطوف
واعتِزامٍ يرَى الأمورَ إذا ألْ / قَتْ قِراعاً بناظرٍ مكفوف
وخنىً حالفٍ بأنّكَ ما أصْ / بحتَ يوماً لغيره بحليف
ما عجيب بأن لعبت بدهر / نائمٍ طرفهُ وخطبٍ تريف
ولذا صار كل ليْثٍ هِزَبْرٍ / قانعاً من زمانِهِ بالغريف
إنّ في مَغْرِبِ الخِلافَةِ داءً / ليس يُبريهِ غيرُ أُمّ الحُتوف
إنّ فيه لَشُعْبَةً من بَني مر / وانَ تُنْبي عن كلِّ أمرٍ مَخُوف
إنّ في صَدرِ أحْمَدٍ لبني أحْ / مدَ قلْباً يَهمي بسَمٍّ مَدوف
مُتَخَلٍّ من اثنتينِ بريءٌ / من إمامٍ عَدْلٍ ودينٍ حنيف
ليس مستكثَراً لمثلك أنْ يفْ / رِقَ بينَ الشّريفِ والمَشروف
يا مُعِزَّ الهُدى كفانَي أنّي / لكَ طَودٌ على أعاديكَ مُوف
وإذا ما كواكبُ الحربِ شُبَّتْ / لم أكُنْ للرّماحِ غيرَ رديف
أنْطَوي دائماً على كَبِدٍ حَر / رى على حبّكُمْ وقَلْبٍ رَجُوف
أنا عَينُ المُقِرِّ بالفضلِ إنْ أنْ / كَرَ قومٌ صنائعَ المعروف
لم أُحاربْ نورَ الهدى بالدَّياجي / وحرُوفَ القُرآنِ بالتَّحْريف
مثل هذا العميدِ بالجِبتِ والطّا / غوتِ منهُم والهائم المشغوف
ما استضاف الهجاء حتى تأنّا / ك أيا جعفَراً بغَيرِ مُضيف
إنّ تستَّرْتَ عن عِياني فما حي / لةُ عينيك في الخيالِ المُطيف