المجموع : 58
صبراً على أشياءَ كُلِّفْتُها
صبراً على أشياءَ كُلِّفْتُها / أُعْقِبْتُها الآنَ وسُلِّفْتُها
ويح القوافي ما لها سَفْسَفتْ / حَظِّي كأَنِّي كنتُ سَفْسَفْتُها
ألمْ تكُن هوجاً فسدَّدْتُها / ألم تكن عوجاً فَثَقَّفْتُهَا
كم كلماتٍ حكْتُ أبْرادَهَا / وَسَّطْتُها الحسْنَ وطَرَّفْتُهَا
ما أحْسَنَتْ إن كنتُ حَسَّنْتُهَا / ما ظَرَّفَتْ إن كنت ظرَّفْتُها
أنْحتْ على حظِّي بمِبْرَاتِهَا / شكراً لأني كنتُ أرهَفْتُهَا
فرقَّقَتْهُ حين رقَّقْتُها / وهفْهَفَتْهُ حين هفهَفْتُهَا
وكثَّفتْ دون الغنى سدَّها / حتّى كأنِّي كنتُ كثَّفْتُها
أحلِفُ باللَّه لقد أصْبَحتْ / في الرزق آفتي وما إفْتُها
لمْ أُشكِهَا قطّ بِتَقْصِيرَةٍ / فيها ولا من حَيْفَةٍ حِفْتُهَا
حُرِمتُ في سنِّي وفي مَيْعَتي / قِرَايَ من دنيا تَضيَّفْتُها
لَهْفي على الدنيا وهل لهفةٌ / تُنْصِفُ منها إن تلهَّفْتُهَا
كم أَهَّةٍ لي قد تأوَّهْتُهَا / فيها ومن أُفٍّ تأففتها
أغدُو ولا حالَ تَسَنَّمْتُها / فيها ولا حال تَرَدَّفْتُهَا
أوسعتُها صبراً على لؤْمِها / إذا تَقَصَّتْهُ تَطرَّفْتُهَا
فَيُعْجِزُ الحيلةَ منْزُورُها / إلا إذا ما أنا لطَّفْتُها
قُبحاً لها قبحاً على أنَّهَا / أقبحُ شيءٍ حين كشَّفْتُها
تَعَسَّفَتْني أنْ رَأتْني امرَأً / لم ترني قَطُّ تَعَسَّفْتُها
تَضَعَّفَتْني ومتَى نالني / عونُ أبي الصَّقْرِ تَضَعَّفْتُهَا
أرجوه عن أشياء جرَّبتُهَا / وليس عن طير تَعَيَّفْتُهَا
مقدارُ ما يُلْبِثُ عنِّي الغِنَى / إشارةُ الإصْبع أوْ لَفتُهَا
سَلَّيْتُ نفسي بأفاعِيله / من بعد ما قد كنت أسَّفْتُهَا
وقد يعزّيني شباباً مضى / ومدَّةً للعيشِ أسلفْتُهَا
فكَّرتُ في خمسين عاماً خَلَتْ / كانتْ أمامي ثم خلَّفْتُهَا
تَبَيَّنَتْ لي إذ تَذَنَّبْتُهَا / ولم تَبيَّنْ إذا تأنَّفْتُهَا
أجهلتها إذ هي موفورةٌ / ثم نَضَتْ عني فعُرِّفْتُها
ففرحَةُ الموهوب أعدِمتُها / وترحةُ المسلوب أردفْتُها
لو أن عمري مائةٌ هَدَّني / تذكُّري أنِّيَ نَصَّفْتُها
فكيف والآثارُ قد أصبحت / تُرجف بالعمر إذا قِفْتُها
كنزُ حياةٍ كانَ أنفقتُهُ / على تصاريفَ تصرَّفْتُها
لا عُذر لي في أسفي بعدها / على العطايا عفتها عفْتُها
إلا بلاغاً إن تأبَّيتَهُ / أشقيت نفسي ثم أتلفْتُها
قوتٌ يُقيم الجسم في عفّةٍ / أشعِرتُها قِدْماً وألحفْتُها
وقد كددتُ النفس من بعدما / رفَّهتها قدماً وعَفَّفْتُها
لا طالباً رزقاً سوى مُسْكةٍ / ولو تعدّت ذاك عنَّفْتُها
طالبتُ ما يمسكها مُجملاً / فطفتُ في الأرض وطوَّفْتُها
وناكدَ الجَدُّ فمنّيتُها / وماطلَ الحظ فسوَّفْتُها
وإن أراد اللَّهُ في ملكهُ / جاوزت خَمْسِيَّ فأضعفْتُها
بقدرة اللَّه ويُمْنِ امرئٍ / نعماه عُمْرٌ إن تَلَحَّفْتُها
فيها مَرادٌ إن تَرعَّيتُها / وأيُّ حِرز إن تكهَّفْتُها
يا واحد الناس الذي لم أجد / شَرواهُ في الأرض التي طُفْتُها
إليك أشكو أنني طالبٌ / خابت رِكابي منذ أَوجفْتُهَا
أصبحتُ أرجوك وأخشى الذي / جَرَّبتُ من حالٍ تسلَّفْتُها
فاطرُدْ ليَ الحرفةَ وادعُ الغِنى / واذكر سُموطاً كنت ألَّفْتُها
مَدائحٌ بالحق نمَّقتُها / وليس بالباطل زخرفْتُها
أعتدُّها شكوى تشكيتها / إليك لا زُلفى تَزلَّفْتُها
وكيف أعتدُّ بها زُلفةً / وإن تعمَّلتُ فأحصفْتُها
ولم أُشرِّفك بها بل أرى / بالحق أني بك شرَّفْتُها
ومن مَساعٍ لك ألَّفتها / لا من مساعي الناس لَفَّفْتُها
تعاوَرَتْها فِكَرٌ جمةٌ / أنضيتُها فيك وأزحفْتُها
وأنت لا تَبْخَسُ ذا كُلفةٍ / لا بَلْ ترى أن الغنى رَفْتُهَا
بحقِّ من أعلاك فوقَ الورى / إحلافةً بالحق أحلفْتُها
لا تُخطئَنّي منك في موقفي / سماءُ معروف توكّفْتُها
أنت المُرجَّى للتي رُمتها / أنت المرجى للتي خِفْتُها
كم بُلغةٍ ما دونها بُلغةٌ / قد نافرَتْني إذ تألَّفْتُها
فرُحتُ لا أرجو ولا أبتغي / وتاقت النفسُ فكَفْكَفْتُها
حُملتُ من أمري على صعبةٍ / خلَّيْتُها إذ عزّني كَفْتُها
بل خِفْتُ من كنتُ له راجياً / ورجَّتِ النفسُ فخوّفْتُها
ولم أخفْ في ذاك أنّي متى / وعدتُها رِفدَك أخلفْتُها
لكنني أفرَقُ من حِرْفةٍ / أنكرتُ نفسي منذ عُرِّفْتُها
أقول إذ عنَّفني ناصحٌ / في رفض أثمادٍ ترشَّفْتُها
إن أبا الصقر على بُعدِه / داني العطايا إن تكفَّفْتُها
ثمارُهُ في شُمِّ أغصانِهِ / لكنني إن شئتُ عَطَّفْتُها
لا كَثمارٍ سُمتُ أغْصانَها / إدْناءها مني فقصَّفْتُها
لِبَابِهِ المعمورِ أُسْكُفَّةٌ / لَتُعْتِبَنِّي إن تسكَّفْتُها
الآنَ أسلمتُ إلى نعمةٍ / غنّاء نفساً كنت أقشَفْتُها
قد وعدتني النفس جدوى له / إن شئت بعد اللَّه وظَّفْتُها
تاللَّه لا يَقْصُرُ دون المنى / قِرَى سجاياه التي ضِفْتُها
نُعمى أبي الصقر التي استبشرتْ / نفسي بريَّاها وقد سُفْتُها
خُذها ولا تَبْرَم بها إنني / قرَّطتُها الحسنَ وشنَّفْتُها
بَيِّنَةً من منطق محكمٍ / فَنَّنْتُهَا فيك وصرَّفْتُها
كم نظرةٍ فيها تَقَصَّيتها / كم وقفةٍ فيها توقَّفْتُها
بمجد آبائك أسَّستُها / ومجدِ آلائك شرَّفْتُها
ضَوَّعتُ فيكم كل مشمولة / لكنني من مسككُمْ دُفْتُها
ولم أدعْ في كلّ ما زانها / فلسفةً إلا تفلسفْتُها
إن كنتُ بالتطويل كمَّيتُها / فليس بالتثبيج كيَّفْتُها
لو أن خدّي كان أهلاً لهُ / واستهدفَتْ لي لتَهدَّفْتُها
يا من إذا صُغتُ أماديحَه / جَوَّدتُها فيه وزيّفْتُها
لو أنها ليلٌ لَنوَّرتُهُ / باسمك أو شمسٌ لأَكْسفْتُهَا
لهْفي على مودَّةٍ
لهْفي على مودَّةٍ / تَكَدَّرتْ حين صَفَتْ
ذكَّرتُهَا أيْمَانَهَا / فَحَلَفَت ما حلَفَتْ
مدحت سليمان الذي قيل إنه
مدحت سليمان الذي قيل إنه / كريم وبعض القول زور وزخرفُ
مديحاً إذا ما الطير مرت رعالُها / بمنشده ظلت هنالك تعكفُ
فما نلت منه نائلاً غير أنني / عرفت بشأو العبد كيف التخلف
وما كان مدحي من طريد هزيمة / على عقبيه سلحه بعد ينطُف
حديثٌ بأطراف الأسنة عهدُهُ / فأحشاؤه من شدة الخوف ترجف
فيا أسفي أن نيط مدحي بمثله / ويا أسفي أن كان حظي التأسف
قِرن سليمان قد أضرَّ به
قِرن سليمان قد أضرَّ به / شوق إلى وجهه سيُدنِفُهُ
أعرض عن قرنه وصدَّ فما / أصبح شيء عليه يعطفه
كم يَعِدُ القرن باللقاء وكم / يكذب في وعده ويخلفه
لا يعرف القِرنُ وجهه ويرى / قفاه من فرسخ فيعرفه
ما القلب في إثرهم بمختطَفِ
ما القلب في إثرهم بمختطَفِ / ولا بذي صبوة ولا كُلَفِ
سلوتُ عن خطَّة الخليط وعن / مرتبِعٍ منهمُ ومخترِفِ
إن محل الأنيس بعدهم / للمرء ذي السن شرُّ معتكف
وصل الغواني صبا الشباب وغش / يان المغاني حقا صبا الخَرِف
فعدِّ عن ذكرهم وعن دمَنٍ / بمدرج للرياح منتسَفِ
ما رعيُنا عهد كل خائنةٍ / قاسية غير ذات منعطف
تحميك معروفها الممنّع بال / بخل ولين المَرَدِّ بالصلَف
بيضاء قد شيف خَلقُها وأبى / مذموم أخلاقها فلم يُشَف
تضمن عن وجهها ومخبرها / حسنَ رُواءٍ وقبح منكشف
مناعة نيلها المحب وما / تنفك من صدها على خفف
من اللواتي إذا ظفرن بنا / أنزفن ألبابنا سوى نُزَف
حُكِّمن فينا فما عدلن وإن / عدلن بين الجفاء والقضَف
كم من دموع سفحنها هدرٍ / ومن دماء سفكنها ظلف
بكل أحوى أحمّ في حورٍ / وكل أقنى أشم في ذَلف
مضى أوان الصبا وحين البطا / لات وهذا أوان مصطرف
ولائم أن حللتُ شاهقةً / تزلُّ منها الوعول عن قَنف
لم ير لي خلّة تعاب سوى ال / خلة أو رغبتي عن الحرف
صدقُ يقينٍ أن لا مقدِّر لل / أرزاق إلا مخلِّقُ النطف
قلت وقد لام في القناعة بال / مجد وحلف المعاش ذي الشظف
همُّ رجال العلا تنافسهم / فيها وهمُّ الحمير في العلف
ما سرني اللؤم والغضارة في ال / عيش بديلاً بالمجد والقشف
لي عفة حسب من تكون له / من الغنى غُفَّةٌ من الغُفَف
كأن كفي بها مُمَلَّكةٌ / دجلة تسقي منابت السعف
ما قصر العسر بازدلافيَ لل / مجد مشيحاً في كل مزدلف
أرقَّ مالي ولو أشاء لأص / بحت وأمسيت منه في كَثَف
إني أعاف الخبيث يعلمه ال / لَه إذا ما الخبيث لم يُعَف
أطمح كالنسر في السُّكاك ولا / أخلد إخلاده إلى الجيف
شاد لي السورَ بعد توطئة ال / أسِّ أبٌ قال أنت للشرف
وأبذل البلغة الكفاف من ال / قوت إذا المستضيف لم يضف
أبني البناء الذي يقيم على ال / دهر ويودي خورنقُ النجف
وأرتجي أن تدوم لي دِيَمٌ / من عارض في السماء ذي وَطَف
أعني أبا الصقر إنه ملك / في منصب للعيون مشتَرف
من معشر فيهم السماحة وال / حلم وفيهم قعاقع الحجَف
أركبه الله ذروةً تمكت / من شرف لم يكن بمرتدف
يا راكباً نحوه ليسأله / يممه واحرف بكل محترِف
ولا تشحَّنَّ أن تشارك في / جدواه فالبحر غير منتزف
بلِّغه مدحي فإنه كلِمٌ / يفعمه مسكه ولم يُذَف
من قول علامة له لججٌ / يغرق فيهن صاحب النُتَف
قل لأبي الصقر قول ذي سددٍ / قرطس بالحق غرَّةَ الهدف
يا أيها السيد الذي اعترفت / له الصناديد كل معترف
أصبحت يطريك كل مضطغنٍ / منحرف عنك كل منحرف
أنطقه فضلك المبرز بال / حق فأداه غير مُعتَنف
وأصدقُ المدح مدح ذي حسدٍ / ملآن من بغضةٍ ومن شَنَف
أنت الذي أخصبت رعيَّتُه / حتى شكا البدن صاحبُ العجف
واتسق النظم في النظام به / فائتلف الشمل كل مؤتلف
وأنصف الظالم المظلَّمَ فال / عصفور جار العقاب في لَجَف
تكدح للمجد كدح مجتهد / أو لمحل النعيم والترف
ما زلت تسعى لكل صالحة / وإن تكلفت أثقل الكُلَف
تجري إلى كل غاية شططٍ / وتنتوي كل نية قَذِف
يا محيِيَ الشعر والسماح وقد / كانا جميعاً مُضَمَّنَي جدف
أدعى كتاب إلى الجميل وأو / عاه لما يشتهى من الخُرف
يا مبرئ الحسبة التي سقمت / بل التي أشرفت على التلف
داويت أدواءها وقد دنفت / حينا من الدهر أيما دنف
براجح الوزن من سَراة بني ال / عباس يقفو مذاهب السلف
أبلج يجلو بضوء غرته / ونور تقواه حالك السُّدَف
إذا رأى وجهه ومنصبه / ضنَّ بذاك الجمال والشرف
فعفَّ عن كل ما يشينهما / وكفَّ أحكامه عن الجنف
ينهاه عن مأثمٍ تُقى ورعٍ / فيه وعن مدنس نُهى أَنِف
له ذكاء الفتى وقد كمُلت / فيه على ذاك حُنكةُ النَصف
ممن إذا الغمر رام مغمزه / لم يؤت من قسوة ولا قصف
يغدو شديداً على المريب وتل / قاه لمن تاب ليِّنَ الكنف
يذعر بالهيبة الهزبر ويس / تنزل بالعدل أعصم الشعَف
فلو يرى هديه النبي أو ال / عباس قالا بوركت من خلف
كم قائل صادق وقائلة / لمن يخاف العداء لا تخف
إن مقام المظلوم عند أبي ال / عباس أضحى مقام منتصف
شمَّر للقوت وهو من ذهب / عزاً وللنقد وهو من خزف
فأوسع الفاسدين مصلحة / في غير إثم هناك مقترف
ونكَّل الباعة التي عمرت / تجمع بين التطفيف والحشف
وأنكر النكر بعدما اكتَنَتِ ال / فتنةُ في فتكها أبا دُلف
يفديه آمين كل ملتحِفٍ / على الخيانات كل ملتحَف
واسعد به أيها الوزير فقد / أعطيته طاهراً من النطف
قلدك الله منه لؤلؤة / كم صانها عن سواك بالصدف
قلَّدته أمرنا فقام به / غير أخي لوثة ولا لفَف
ومثلك اختار مثله وكذا / من كان بالمسلمين ذا لطف
أقسمتُ ما في الذي تسوس به ال / دين وملك الملوك من وكف
كلّا ولا سرت بالرعية في ال / وعث فأتعبتها ولا الظلف
بل أنت ذو السيرة التي قصدت / قدماً وحادت عن كل معتسَف
وهكذا سيرة الجواد إذا / لم يؤت من هجنة ولا قرف
يختلف الناس في سواك وما / توجدهم موقعاً لمختلف
أنت الذي أجمعت جماعتهم / أنك من لا يشول في الكفف
جمعت ما يجمع الوزير فما / تنفك من حاسد على أسف
إربٌ يُكادُ العدى به وندىً / يقرن بين القلوب بالأُلَف
ذهبت بالدَّهْيِ والسماح معاً / والناس من ذا وذاك في طرف
وأنت كالبحر لا كفاء له / في بعد غور وقرب مغترف
وحلمك المنقذ النفوس إذا / أشرفن من معطب على حَفف
أنسيتنا جود حاتم وحجى / عمرو الدواهي وحلم ذي الحَنف
ولو تبذلت للحروب لأُل / فيتَ شبيهاً بالليث ذي الغضف
لا سبط الخطو في المهارب حا / شاك ولكن في كل مزدحَف
خذها مديحاً كأنه وُشُحُ ال / درِّ إذا ما جرت على الهيَف
أحلى مذاقاً على اللسان من ال / شهد بماء الغمام في الرصف
مدح رأى أنك الكفيُّ له / فلم يجد عنك وجه منصرَف
وكلُّ مدح يقال فيك إلى ال / تقصير أدنى منه إلى السرف
نهدي لك الشعر ثم نحقره / وإن غدا من نفائس التحف
لأنه ليس فيك من بدع ال / أشياء كلّا ولا من الطُّرف
ولا نرى أنه يزيدك في / مجدك من متلد ومطَّرف
ما يرفعُ الشعر أو يشرِّف من / بدرٍ بزُهر النجوم مكتَنف
ينزل من مجده وسؤدَدِهِ / بين قديم وبين مؤتنف
دهرٌ علا قدرُ الوضيع به
دهرٌ علا قدرُ الوضيع به / وهوى الشريف يحطُّهُ شرَفُهْ
كالبحر يرسب فيه لؤلؤُهُ / سفلاً وتطفو فوقه جيَفُهْ
فاصبر على هول الخطوب لها / قلب نماه إلى العلا سلفه
لا مظهراً في عقب نائبة / أسفاً وليس يقوده شعفه
طوع الصديق يقود ربقته / لا بُطؤه يخشى ولا عُنفه
نِكْل العدوِّ يرى به أسفاً / جهماً عبوساً موحشاً كنفه
فلقلَّ ما أنحت على أحدٍ / بالجور إلا سوف تنتصفه
له شمالان حاز إرثَهُما
له شمالان حاز إرثَهُما / عن ذي اليمينين شدَّ ما اختلفا
ما أبين اليمن في نقيبته / على أعاديه حيث ما انصرفا
بجود ما انقادت البلاد له / حتى إذا ما استثارها ضعفا
كأنه الدهر من هزائمه / يلعنه الله أينما ثقفا
لا زلت غوثاً إذا ناداك ملهوفُ
لا زلت غوثاً إذا ناداك ملهوفُ / بحيث أنت ومن والاك مكنوفُ
تالله ما ضاع معروف نفحت به / نحوي ولا بار مدح فيك موصوف
قد قلت إذ طلعت نعماك تخبرني / إني بفضلك ما عُمِّرت ملحوف
لا يعتبد أحد شعري بنائله / فإنه بأبي العباس مظلوف
أيقنت إذ وامضتني منك بارقة / أني بسيبك مربوع ومخروف
ما زلت أذكر معروفاً بعثت به / خلفي وقصرك بالمدّاح محفوف
والفلس رب يخر الساجدون له / والشعر منصرف عنه ومصروف
وآمرين بغير الرشد قلت لهم / لا ألفظ العذب إن العذب مرشوف
تالله أبى قليلاً طاب ملبسه / وهل قليلُ مُسوس الماء معيوف
أليس قد جاءني والطير ساكنةٌ / والنفس آمنة والوجه مكفوف
أنّى أرتّب شعري فوق نافلة / عاجت علي ووجه الرزق مصروف
لئن زهوت بشيء لا زمان له / إني إذا لزهيد الرأي مضعوف
لو كنتمُ من ذوي التمييز أعجبكم / زوج إلى زوجة تهواه مزفوف
عرف يزف إلى كفٍّ مُدَفَّعةٍ / طرف العيون بنور الله مطروف
ما أستقل قليلاً أنت باذله / ذكراك إياي بالمعروف معروف
أليس قد لاحظتني منك خاطرة / إن الشريف لمن دوني لمشروف
وجهت نحوي معروفاً تعاظمني / إلا لقدرك إن الحق مكشوف
والعَود أحمدُ قولٌ قد جرى مثلاً / وعرف مثلك بالعودات موصوف
فأجره لي إن النفس قد ألفت / آثار كفيك والمعروف مألوف
لا ينقطع وثنائي غير منقطع / كلّا بل الحسي قبل البحر منزوف
جدواك أكرم من أن لا أصادفها / وقفاً ومدحي عليك الدهر موقوف
قد سار باسمك مدح لم أوفِّكَهُ / وقد يبلغك الغايات محذوف
فاكمل بحيث ترى فيه نقيصته / فالبدر وافٍ بحيث الشهر منصوف
يا أحمد الخير يا من لا يعد له / بدء جميل بسوء العود مخلوف
سلِّم من الريث والإقلاع جائزتي / فالعرف بالريث والإقلاع مأووف
وما أزيدك إقبالاً على كرم / وإن غدا وهو عند الناس مشنوف
أنت الذي لو سكنا ظلَّ يعطفُه / لين المَهَزِّ إذا ما اهتزَّ معطوف
قد كان يحميك حمد الناس علمُهُمُ / بأن قلبك بالمعروف مشعوف
وواضعٍ قدماً في المجد قلت له / إن المقام الذي حاولت زحلوف
خلِّ العلا لأبي العباس يكفِكَها / والْعَب فحسب وليد الحيِّ خذروف
فتى له عزمات في مذاهبه / تمضي فتقضي وصفُّ الزحف مصفوف
يا من يعاديه مهلاً إنه رجل / مزلزل بأعاديه ومخسوف
يكيد فالسيف مقطوع هناك له / والدرع مهتوكة والرمح مقصوف
فقرنه الدهر مغلوب وهاربه / طِلبٌ ولو حملته الريح مثقوف
سالمه تسلم وإن خالفت موعظتي / فأنت في مخلب العنقاء مخطوف
خذها فإنك أخّاذ نظائرها / منوَّهٌ بك في العزّاء مهتوف
يا أجبن الناس من ذم وأجرأهم / والجيش بالجيش في الهيجاء ملفوف
يا راعياً أصبح القوم الخماص به / في بطنة ما لمن ضافته شرسوف
وُلِّيتَ أمراً فلا المُرعي أمانتَه / فيها مخونٌ ولا المرعيُّ معسوف
يا من إذا اختبرت يوماً مذاقتُه / ففيه طعمان معسول ومذعوف
يا من معاطفه لا الصمُّ حاش له / ولا مكاسره الخوارة الجوف
أدعوك دعوة ملهوفٍ معوّلُهُ / وكم أجيب بغوث منك ملهوف
وإنني لأرجي منك تلبية / وذاك في قلب من يدعوك مقذوف
كأنني بك قد ألبستني نعماً / كأنها الفوف لا بل دونها الفوف
ولان لي كل شيء بعد قسوته / فالجذعُ جُمّارةٌ والعظمُ غضروف
أنا غيران ولا زوجة لي
أنا غيران ولا زوجة لي / بل على النعمة عند ابن خلفْ
ويمين الله لو أن يدي / ملكت تنكير نكر ما طرفْ
أسفي لو أن قولي أسفي / كان يشفينيَ من حرِّ الأسف
كيف لا يغضب حر ماجد / فاتك الهمة من أهل الأَنَف
يا بني العباس أنتم عترة / طهرت من كل رجس ونطف
قد رمى الناس به أختكمُ / من سفيه وحليم مستخف
زعموا لما رأوا أختكم / أسرفت في أمره كل السرف
إن هذا الأمر أمر مِعْورٌ / دونه ستر رقيق المستشف
ولقد مانوا وقالوا باطلاً / غير أن السهم قد ناغى الهدف
فاغسلوا العار الذي ليط بكم / بدم الخلال غسلاً في لَطف
لهف نفسي أن علجاً مثله / ناعم البال وأنتم في شظف
وله آنية من فضة / بعدما كانت رواقيد خزف
لو تراه ثانياً من عطفه / مائلاً في السرج من فرط الصلف
شامخاً بالأنف من نخوته / فهو لو يُستَرعَفُ الخلَّ رعف
لرأت عيناك منه عجباً / مُنسِياً كل عجيب مطَّرَف
نحن أحياء على الأرض وقد / خسف الدهر بنا ثم خسف
أصبح السافل منا عالياً / وهوى أهل المعالي والشرف
ربِّ أنصفني من الدهر فما / ليَ إلا بك منه منتصف
فاستجب يا رب وارحم دعوةً / من لهيف القلب ذي دمع ذَرِف
وأَدِلنا من زمان جائرٍ / واسمعَنْ يا رب منا وانتصف
من غشوم كلما لنّا له / زاد بغياً وتمادى في العنُف
كأخي الثأر الذي قد فاته / طلب الثأر فأضحى ذا أسف
يسفل الناس ويعلو معشرٌ / قارفوا الأقراف من كل طرف
ولعمري إن تأملناهمُ / ما علوا لكن طفوا مثل الجيف
جيف تطفو على بحر الغنى / حين لا تطفو خبيئات الصدف
ليوقن من يعارضني بأني
ليوقن من يعارضني بأني / سأرهق ما بنى مبنى منيفا
فإن أربى عليَّ بنيتُ قصراً / يطول بسوره الشرف الشريفا
فإن أربى علي بنيت طوداً / يجوز النجم والسقف المطيفا
نظرتُ بعين إنصاف وعدل / فلم أر قط ميزاني خفيفا
ولم أر هائبي إلا قوياً / ولا مستضعفي إلا سخيفا
فتى الكتّاب لا تعرض لشعري / فتظلم صاحباً مولىً حليفا
أعد نظراً وكن حكماً فإني / أراك فقيه طائفة حنيفا
وقل في صاحب لم يلف إلا / حكيماً في مذاهبه ظريفا
أريباً في مآربه أديباً / لبيباً في مخاطبه حصيفا
نزيهاً في مطالبه نبيهاً / عفيفاً في مكاسبه نظيفا
شريفاً في مناسبه عريقاً / خفيفاً في ملاعبه ذفيفا
تفرَّد بالكتابة ثم أضحى / ينازعني القريض لكي يحيفا
حوى دوني الحليلة ثم أنحى / يُريغ إلى حليلته اللطيفا
كرب التسع والتسعين أضحى / ينازع رب واحدة ضعيفا
إخالك تؤنس العدوان منه / وترضى بالملام له رديفا
يا آل وهب ألا ينهى سماحكم
يا آل وهب ألا ينهى سماحكم / إلحاح كل ملث الودق وكَّافِ
أآنس الغيث ضعفاً من أكفكم / بل ساجلته فأغرته بإسراف
شبهته بنداكم عند غَتِّكُمُ / بفضلكم كلَّ إسراف وإلحاف
تالله أجهل ما عقبى مؤمِّلكم / علمي بفوز يديه علم عرّاف
أصبحتم شأنكم إثباتُ أجنحة / وشأن سابور قدماً نزعُ أكتاف
من ذا يساويكم أمن يقاربكم / في رحب أفنية أو لين أكناف
أو حلم أنديةٍ أو خصب أوديةٍ / أو طيب أردية أو حسن أعطاف
كفيتمونا خطوباً لا كفاء لها / يا آل وهب كفانا فقدكم كافي
ما نسأل الدهر إتحافاً بغيركم / فأنتم كل إتحاف وإتراف
نذيري من عسى ولعل نفسي
نذيري من عسى ولعل نفسي / ومن أختيهما حتى وسوفا
فكم عللن قبلي من قرون / إلى أن شافها الحدثانُ شوفا
ولم نر قط أغدر من زمان / ولا بنذوره في الغدر أوفى
فإن قدمت خوفاً جرَّ أمناً / وإن قدمت أمناً جر خوفا
عسى ولعل طيِّبتا حياتي
عسى ولعل طيِّبتا حياتي / وصاحبتاهما حتى وسوفا
تبشرني بروح الله بشرى / تشوف عن القلوب الهم شوفا
ولولا أنها لي مستراح / ظللت محالفاً حزناً وخوفا
وذاف لي القنوط لذيذَ عيش / بمر الصاب والذِّيفان ذوفا
إذا ولما جشمت ولا ركابي / رجاء الخير تجوالاً وطوفا
أرى الشيطان يوعدني شروراً / ووعد الله بالخيرات أوفى
لا تلحِني في المنطق السخيفِ
لا تلحِني في المنطق السخيفِ / فإنني في حالة اللهيفِ
أصبحت أغنى الخلق عن كنيف / وأحوج الناس إلى رغيف
فجد على عبدك بالطفيف / إلى مجيء الصفد الشريف
فإنني في قبضَتَي عنيف / وتحت وطء ليس بالخفيف
يدافع آناء الملالة وجهُهُ
يدافع آناء الملالة وجهُهُ / ويختدع العين اختداع الزخارفِ
إذا غبنتني طرفتي منه نظرتي / تمنَّيتُ عيناً جفنها غير طارف
فليت جفون العاشقين تغمدت / عيونَهُمُ من قبل جري المعارف
أبا عليٍّ طلبتُ عيبك ما اس
أبا عليٍّ طلبتُ عيبك ما اس / طعت فألفيت عيبك السرفا
وذاك عيب كأنه ذَفَرُ ال / مسك إذا شم نشره رُشِفا
أو ديمة الغيث كلما طمع ال / طامع في أن يكفَّها وكفا
وحبذا أن يكون عيب فتى / عيباً إذا مر ذكره شغفا
ولم يكن يا أخا العلا طلبي / عيبك لا بغضة ولا شنفا
لكن لإشفاق نفس ذي مقة / ما زال عن ودكم ولا انحرفا
أبصر أشياء فيك منفسةً / إذا رآها مذمَّمٌ لهفا
يصبح من أخطأته ذا أسفٍ / ومن رأى الحظ فائتاً أسفا
وإنني خفت أن تصيبك بال / عين عيونٌ تقرطس الهدفا
فارتدت عيباً يكون واقية / فلم أجده أليةً حلفا
فقلت في الله ما وقى رجلاً / إن ميح أعفى وإن أريب عفا
كان له الله حيث كان ولا / زالت يميناه حوله كنفا
صدقتُ فيما صدقت من طلبي / فيك معابا ولم أزد ألفا
يا حسن الوجه والشمائل وال / أخلاق والعقل كيفما انصرفا
يا من إذا قلت فيه صالحة / عند عدوٍّ أقرَّ واعترفا
عندي عليل أردُّ منَّتَهُ / بطيّب الطيب كلما ضعفا
فابعث بشيء من البخور له / كبعض معروفك الذي سلفا
ولتك أنفاسه تشاكل ذك / راك وحسبي بطيبها وكفى
من نَدِّك الفاخر المُفضَّل في ال / ندِّ على غيره إذا وُصِفا
ذاك الذي لو غدا يفاخره / نسيم نَورِ الرياض ما انتصفا
ولا يكن دُخنَةَ المُعَزِّم لل / عفريت من شم نشرها رعفا
لا تدخلن الجفاء في لطفٍ / فربما ألطف امرؤ فجفا
حاشاك من ذاك في ملاطفتي / يا ألطف الناس كلهم لطفا
أطب وأقلل فإن أطبت وأك / ثرت نصيبي فيا له شرفا
وليس يروي كثير مائك بل / ما طاب منه لشارب وصفا
إن الكثير الخبيث مقتحم / في العين والقلب يبعث الأنفا
ولا تلمني على اشتطاطي في ال / حكم ولا في سؤالك الترفا
من حسن الله وجهَهُ وسجا / ياه وأعطاه كُلِّف الكلفا
وجهك ذاك الجميل سحَّبني / عليك حتى سألتك التحفا
وحسبنا أن كل ذي كرمٍ / إذا ركبت المكارم ارتدفا
يا درة العقد إن لي فِكَراً / تفلق عن در مدحك الصدفا
فاسع لشكري تجده حينئذ / شكر قدير تعجَّل الخلفا
سقته ابنة العَمريِّ من خمر عينها
سقته ابنة العَمريِّ من خمر عينها / ووجنتها كأسا تميت وتُدنفُ
فقال امزجيها بالرضاب لعلَّه / يسكِّنُ من سكر الهوى ويخفِّفُ
فصدَّت ملياً ثم جادت بريقة / يزيد لها سكر المحب فيضعف
فراح بضعفَي سُكره من مزاجها / وقد تسأل العدل الولاة فتعسف
فهل من مزاج زاد في سكر شارب / سوى ريق ذات الخال أم لست تعرف
تكايدنا شنطفُ
تكايدنا شنطفُ / وشعرتها تَنطفُ
فتنثر أبعارَها / وترصف ما ترصفُ
تقول بلا كلفةٍ / وتكلف ما تكلف
أعِدُّوا إذا أندرت / سماديّةً تُجرَف
مشوهة قحبة / عنابلها تنقف
يهملج تقحيبها / وتكريعها يقطف
إذا فقدت فسوها / فأنفاسها تخلف
تشرف بالموبقا / ت لو أنها تشرف
ولو أنها في القيو / د تحجل أو ترسف
لهامت إلى مدمج / لِهامَتِهِ أحرف
تظل إذا خاضها / وأحشاؤها ترجف
وتقوى على دسِّه / وعن سلِّه تضعف
على أنها لا تنا / ك بالغُرم أو تلطف
تراها إذا شوهدت / وصفّاعها يعنف
ومن ذا يرى قردة / تُغنّي فلا يسخُف
أشنطف ما يشتهي / جماعك من يظرف
ولا أنت ممن يرو / ق عيناً ولا يطرف
نأى القبح عن يوسف / وأنت له يوسف
إن فطراً حيّا الخليفة بالنر
إن فطراً حيّا الخليفة بالنر / جس والعرس حقُّ فطرٍ ظريفِ
يلتقي فيه بالسعادة واليم / ن شريف البنى وبنت شريف
قمر العالمين تهدى إليه ال / شمس في حلَّةٍ من التتريف
بنت مولاه أخت مولاه لا شك / ك السديد الحصيف وابن الحصيف
بات الأمير وبات بدر سمائنا
بات الأمير وبات بدر سمائنا / هذا يودعنا وهذا يكسفُ
قمر رأى قمراً يجود بنفسه / فبكى عليه بعبرة لا تَذرِفُ
لهفي لفقد محمد من هالك / ولمثله يتلهف المتلهف
فتكت به الأيام وهي عليمة / أن سوف تتلف منه ما لا تخلف
ورمته إذ وضع السلاح وطال ما / هابته وهو لنبلها مستهدف
أجدر بمغترٍّ بعيش خانه / أن لا يزخرفه لديه مزخرف