القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 10
يا ملكاً عمَّ نَداه الوَرى
يا ملكاً عمَّ نَداه الوَرى / وأَلحق الباديَ بالعاكفِ
لمّا حللتَ الطائفَ المُشتَهى / وَصرتَ فيه مأمنَ الخائفِ
طافَ بكَ الخَلقُ جَميعاً فَها / بيتُك أَضحى كعبةَ الطائفِ
لِلَّه دَرُّ معاشرٍ آلفتُهم
لِلَّه دَرُّ معاشرٍ آلفتُهم / فحويتُ خَصلَ المجد في إِيلافهم
ذَهَبوا فأَخلَفَت اللَيالي عنهم / قَوماً يَرَون الجودَ في إِخلافِهم
عش عائلاً فالدهر أَنشد قائلاً / ذَهبَ الَّذينَ يُعاشُ في أَكنافِهِم
جَلا الكؤوسَ فجلّى ظلمةَ السَدف
جَلا الكؤوسَ فجلّى ظلمةَ السَدف / بدرٌ كلِفتُ به حاشاه من كَلَفِ
سمت وقد أَشرَقت راح براحتهِ / كأَنَّها الشَمسُ حلَّت منزلَ الشَرَفِ
وَضاعَ نشرُ شذاها وهيَ في يده / كأَنَّها وردةٌ في كفِّ مُقتَطفِ
بكرٌ تحلَّت بدُرٍّ من فواقعها / وأَقبلت وهيَ في وشح وفي شَنَفِ
يا سحبَ نيسان روّي الكرم من كرم / فَفي الحَباب غنىً عَن لؤلؤ الصَدفِ
شتّانَ ما بين دُرٍّ راح مُرتَشَفاً / رشفَ الثغور ودرٍّ غير مُرتَشفِ
لَم أَنسَ ليلة أُنسٍ بتُّ معتنقاً / فيها الحَبيبَ اِعتناق اللام للألفِ
أَمنتُ من رَيب دَهري في خفارته / وَمن يَبت في ضَمان الحبِّ لم يَخفِ
وَرحتُ فيها من الهجران مُنتصِفاً / من بعد ما كُنتُ منه غير مُنتصفِ
أَسطو عليهِ برمحٍ من مَعاطِفِهِ / وَصارمٍ من ظُبى أَجفانِه الوُطُفِ
لِلَّه طيب وصالٍ نلتُ من رشأ / بالحسن متَّسمٍ بالطيب متَّصفِ
إِذا ضَممت إلى صَدري ترائبَه / كادَت تَذوبُ تَراقيهِ من التَرفِ
يا محسنَ الوصف إِن رمت النسيبَ فصِف / لنا محاسنَ هَذا الشادن الصَلِفِ
أَو رمتَ تنسبُ يوماً سيِّداً لعُلاً / فاِنسب إِلى مُنتَهاها سادَة النَجفِ
واِخصُص بني شرفِ الدين الألى شرفت / بهم بيوتُ العُلى وَالمَجدِ وَالشَرَفِ
قوم يحلُّونَ دون الناسِ قاطبةً / بحبوحةَ المجد والباقون في طَرفِ
القائلونَ لدى المعروف لا سرفٌ / في الخير يَوماً كما لا خيرَ في السرفِ
رَووا حديثَ المَعالي عن أَبٍ فأَبٍ / وَساقَه خلفٌ يرويه عن سلفِ
هُمُ نجومُ الهدى لَيلاً لمدَّلجٍ / وهم بحارُ الندى نَيلاً لمغترفِ
منهم حسينٌ أَدام اللَهُ بهجتَه / وأَيُّ وصفٍ بإحسان الحسين يَفي
هو الشَريفُ الَّذي فاق الورى شرفاً / سل عن مفاخره من شئت يعترفِ
كَم من جَميلٍ له في الخلق مُجملُه / يَلوح كالكَوكب الدرّيّ في السدفِ
فالخَلقُ من خلقه في نزهةٍ عجبٍ / ومن خلائقه في روضةٍ أُنفِ
أَمسى النَدى وَالهُدى وَالمجد مكتنفاً / به وأَصبح منه الدين في كنفِ
سَعى إلى الغاية القُصوى الَّتي وقفت / عنها الورى فتعدّاها ولم يَقِفِ
فَحازَ ما حازه أَقرانُه وَحَوى / ما شذَّ عن سَلفٍ منهم وعَن خلفِ
أَفي كلِّ ربع للمطيّ بنا وَقفُ
أَفي كلِّ ربع للمطيّ بنا وَقفُ / وفي كلِّ دارٍ من مدامِعنا وكفُ
نسائِلُ عَن أَحبابنا كلَّ دارسٍ / وَنقفو من الآثار بالبيد ما نَقفو
أَخلّايَ إِن تعفُ الديارُ فَفي الحشا / رَسيسُ جَوىً لَم يعفُ يوماً ولا يعفو
حنيني إلى دارٍ قضيتُ بها الصِبا / وما عاقَني للدَهر منعٌ ولا صَرفُ
وَعَهدي بهاتيك المعاهِد وَالرُبى / أَواهلُ لا ينفكُّ يَعطو بها خِشفُ
تُطالعنا أَقمارُ تمٍّ بأفقِها / وَيَهفو علينا من شذا نشرِها عَرفُ
وربَّ صَموت القُلبِ خمصانة الحشا / لهَوتُ بها والنجمُ من أُذنها شَنفُ
لعوبٌ إِذا عاطتكَ لهوَ حديثها / ثملتَ وما دارَت معتَّقةٌ صِرفُ
يؤوِّدُها مرُّ النَسيم فتنثني / تثنّي غصنِ البان ما شانَه قَصفُ
سل الظبية الغنّاءَ إِذ قيلَ مثلها / أُساعفها الكشحُ المهفهفُ والردفُ
ثَقيلةُ غضِّ الطَرفِ وَسنى كأَنَّما / سَبَت سِنةَ العشّاق أَجفانُها الوُطفُ
قضيتُ بها عُمرَ الشَبيبة لاهياً / وَلَم ينتبه للبَين في شملنا طَرفُ
لياليَ لا يَصفو ورودي لمنهلٍ / وَلي مِن حُميّاها ومن ثَغرِها رشفُ
وَكَم لَيلةٍ رامَ الصَباحُ نزالها / أَمدَّ الدُجى من فرعها الشعر الوَحفُ
لكِ اللَه هَل بعد التَباعد عطفةٌ / وهل لغصونٍ قد عَبَست بعدنا عطفُ
أَجدَّ النوى ما زلتُ أَكدح دائباً / أَمام الرَجا خَلفٌ وصدق المنى خُلفُ
لعمريَ ما الآمالُ من شيم الفَتى / إِذا لم تصدِّقه الظنونُ أَو الكشفُ
وَما كُلُّ مرجوٍّ يُنالُ وإنَّما / على المَرء أَن لا يستذلَّ ولا يَهفو
هُدىً للأَماني قد تبلَّج نجحُها / بجود نظام الدين واِنبلجَ العرفُ
كَريمٌ إِذا ما اِنهلَّ وابلُ كفِّه / وصوبُ الحَيا لم تدر أَيُّهما الكفُّ
حليفُ نَدىً لم تأوِ مالاً بنانُه / لوفرٍ ولم يألف براحته ألفُ
لَه خُلقٌ كالرَوض غبَّ بها النَدى / وكفُّ سماحٍ لا يُشام لها كفُّ
فَتى المجد وثّابٌ إِلى رُتب العُلى / وما عاقَه عنها خُمولٌ ولا ضعفُ
رقى مرتقىً لَولا تأَخُّرُ عصرِه / لجاءَت به الآياتُ والرسل والصُحفُ
يروقُكَ مقداماً إذ الصيد أَحجمت / بحيث القَنا الخطّار من فوقه سقفُ
وَيَسمو الحسامُ المشرفيّ بكفِّه / إِذا ما اِلتقى الجمعان واِقترب الزحفُ
أَليفُ العُلى لم يصبُ إِلّا إِلى العُلى / إِذا ما صَبا يوماً إِلى إلفه إِلفُ
تَقَصَّت عِداهُ من مدى البين غايةً / فَلا دَنَت القُصوى ولا بَعُد الحَتفُ
رويداً فإن دانت رجالٌ بسلمها / وإِلّا فَهَذي البيضُ واليلبُ الزَغفُ
كأَنَّ المذاكي المُقرَبات يَقودُها / عرائسُ تُجلى إِذ يُرادُ لها زَفُّ
وقد أُسدِلت من ثائر النَقع دونها / سُتورٌ وَلَم يُرفع لمسدلها سَجفُ
وما أَينعت يوماً رؤوسُ عداتِهِ / بروض الوَغى إِلّا وحانَ لها قَطفُ
أَربَّ العُلى وَالمجدِ والبأس والندى / إِليكَ فَلَولا أَنتَ ما اِستغرق الوصفُ
شهدتُ لأنت الواحد الفرد في العُلى / وقد أُنكر الإنكارُ أَو عُرِفَ العُرفُ
إِليكَ الهُدى أَلقى مقاليدَ أَمره / فأَيقظتَه من بعد ما كادَ أَن يَغفو
فأَنتَ لِهَذا الخلق إِن دان مؤئلٌ / وَللدين والدُنيا إِذا نُكبا كَهفُ
رقيتَ من العلياء أَرفعَ رتبةٍ / ففقتَ الوَرى قِدماً وكلُّهم خَلفُ
فَلا برحت علياؤُك الدهرَ عضَّةً / غلائلُها تَضفو ومشربُها يَصفو
وأمَّكَ عيدُ النحر بالسعد مُقبلاً / وأَمَّ عِداك النَحرُ والذُلُّ والخَسفُ
ودونكها عذراء بكراً زففتُها / إِليكَ وداداً حَليُها النظمُ والرَصفُ
ودم وابقَ واسلم آمر الدهر ناهياً / مَدى الدَهر إجلالاً عليك العُلى وقفُ
أَترَكتَني دِنفاً ورحتَ مُعافى
أَترَكتَني دِنفاً ورحتَ مُعافى / مَهلاً فَدَيتُك ما كَذا مَن صافى
هَلّا ذكرتَ لَيالياً بتنا بها / نَرعى النُجومَ ونذكر الأُلافا
كيفَ اِنفرادُك بعد أَن كنّا معاً / حاشا لمثلكَ ينقضُ الأَحلافا
أَنسيتَ لا أَنسيتَ فضلَ صبابةٍ / كنّا بِها نَستَسعفُ اِستِسعافا
فاليوم رحتُ وقد قَويتَ على الهَوى / وجوانحي أَمست عليه ضِعافا
وأَلِفتَ آنسَ مضجعٍ متبوّأ / وَمضاجعي لا تعرفُ الإِيلافا
لَو كنتَ تحفظُ في الهَوى أَنصفتني / أَو كنتَ تعرفُ في الهَوى إِنصافا
أَتظلُّ تُسقى في الغَرام سُلافة / وأَظلُّ أسقى في الغَرام ذُعافا
وأَبيتُ في حرِّ الغَرام مُقاطِعاً / وَتَبيتُ في بَرد الوصال مُوافى
ما جارَ من منع الحَبيبَ وإنَّما / جارَ الَّذي أَخذَ الحَبيبَ وحافا
ناصَفتَني حملَ الهَوى وتركتني / حتّى حملتُ من الهوى أَضعافا
فليهنكَ اليومَ الوصالُ فإنَّني / باقٍ وإِن أَخلفتني إِخلافا
بَكيتُ أَسىً لو ردَّ عنكِ البُكا حَتفا
بَكيتُ أَسىً لو ردَّ عنكِ البُكا حَتفا / وأعولتُ وجداً لو شَفت عَولةٌ لَهفا
أُغالبُ فيكَ الوجدَ والوجدُ غالبٌ / وَأيد اِصطِباري لم يزَل واهياً ضَعفا
وَهَل لامرئٍ أَودى الرَدى بجنَانِه / عزاءٌ وكفُّ الدَهر جذَّت له كفّا
لكِ اللَهُ من يُمنى طوتها يَدُ البلى / وَعينٍ رَمت عينُ الرَدى نحوها طَرفا
وَدَوحةِ مَجدٍ بالمَعالي وَريقةٍ / أَلَمَّت بها الأَقدارُ حتّى ذَوت عَصفا
وَشَمسِ عُلاً بالمكرُمات منيرةً / أَتاحَت لها الأَيّامُ من خطبها كَسفا
وَذاتِ حجابٍ بالعَوالي منيعةٍ / يَمدُّ عليها المَجدُ من صَونها سَقفا
نُعاني لها الناعونَ حُزناً وإنَّما / سَقاني بها الناعونَ كأسَ الأَسى صِرفا
أَأُختيَ إِن أَمسيتِ رهنَ مقابرٍ / فَقَلبيَ قد أَمسى على حُزنه وَقفا
تكاثرني الأَشجانُ فيكِ وإنَّما / تكاثرُ مضنىً شفّ بالوَجدِ أَو أَشفى
لئن كانَ أَخفى القَلبُ يوماً تجمُّلاً / جَواهُ فقد أَبدى لرزئِكِ ما أَخفى
وَلي كربةٌ قد باينَ الصبرُ لهفَها / فَها أَنا أَنزو في حبائلها رَجفا
أَبيتُ بهاجا في المبيتِ وقد وَرَت / بجَنبيَّ نارٌ من جَنانيَ لا تَطفا
أَراوحُ ما بين اليدين على الحَشا / وأُسبلُ من جَفني لها مَدمعاً وَكفا
وَلَو وعيَت أَذناك كثرَ تأوُّهي / عَلمت إِخائي ما أَبرَّ وَما أَصفى
وَكَم عبرةٍ لا تملكُ العَينُ ردَّها / وَجأتُ بها مَقروحَ جَفنيَ إِذ أَغفى
وَزفرةِ وجدٍ رمت بالصَبر كظمَها / فَما كدتُ حتّى أَعقَبتني الأَسى ضِعفا
فَلِلَّهِ دَهرٌ لا تَزال صروفُه / إِذا ما اِنقضى صَرفٌ أَتاحَت لنا صَرفا
عليَّ لأَصنافِ الرَزايا تناوبٌ / أُساور منها كلَّ آونةٍ صِنفا
أَفي كلِّ عامٍ لي قَريبٌ يَروعُني / برُزءٍ وَإِلفٌ يخلفُ الحزنَ لي أَلفا
إِلى اللَه أَشكوها نوائبَ جمّةً / وَصَرفَ زَمانٍ لا أُطيق له صَرفا
كَذاكَ خطوبُ الدهر تعدو على الوَرى / فَكَم أَسبَلَت طَرفاً وَكَم سَلَبَت طِرفا
وَكَم أَنزلَت من شامخ المَجدِ ماجِداً / تشيد له العَلياءُ من عزِّهِ كَهفا
إِذا رامَ أَمراً هزَّ أَسمرَ عاسِلاً / وإِن سُئِل المَعروفَ هزَّ له عِطفا
أَناخَت عليه لم تراقب له عُلاً / فألوَت به خَسفاً وأَزرت به عَسفا
وَلَم تَرع إِذ أَمّته جرداءَ سابحاً / وأَجردَ يَحموماً وَناجيةً حَرفا
وَكَم قد سَبت من مَعقِل العزِّ حُرَّةً / تَوَدُّ الثريّا أَن تَكونَ لها شَنفا
تخطَّت إِليها مُرهفات بواتراً / وَخَطّيَّةً سمراً وماذيَّة زغفا
فأَخنَت عليها لا تهاب جموعَها / وَلَم تخشَ سِتراً قد أُذيلَ ولا سجفا
وَها أَنا قد حاوَلتُ صَبري تأَسّياً / وَكيف التأَسّي والأَسى لم يزل حِلفا
أَبى الوَجدُ إِلّا أَن أريقَ مدامعاً / تبادرُني لا أَستَطيعُ لَها كفّا
فَيا قَبرَها لا زلتَ أَشرفَ حُفرةٍ / تشبَّثُ أَذيالُ النَسيم بها عَرفا
يؤمُّكَ رضوانٌ من اللَه واسعٌ / يقرِّب من ضُمِّنتَ من رَبِّها زُلفا
وَلَستُ بمُستَسقٍ لكَ المزن ما همى / لجفنيَ دَمعٌ لا أُبالي له نَزفا
لؤمتُ إِذا لَم أسقكَ الدمعَ هاطِلاً / وأَصبحت أَستَسقي لك الديمَ الوطفا
لَيسَ اِحمرارُ لحاظه عن علَّةٍ
لَيسَ اِحمرارُ لحاظه عن علَّةٍ / لكن دمُ القَتلى على الأَسيافِ
قالوا تشابَه طرفُه وَبنانُه / وَمن البَديع تشابُه الأَطرافِ
هدَّ الحِمام لآل عبدِ مَناف
هدَّ الحِمام لآل عبدِ مَناف / جبلاً أَنافَ عُلاه أَيَّ مَنافِ
أَودى بأَبلج من ذؤابةِ هاشمٍ / يَجلو بغرَّته دُجى الأَسدافِ
بالضَيغم الفتَّاك بَل بالصارم ال / بَتّاك بل بالجوهر الشفّافِ
من لَم يَزَل من بأسِه وَنوالِه / مُردي العداة وموردَ الأَضيافِ
من لَم يزل للواردين حياضَه / ذا ماء يُرويهم بعذبٍ صافِ
من لم يزل للقاصدين جنابه / رحبَ الفِناء موطّأَ الأَكنافِ
مَن لَم يَزَل للطالبينَ علومَه / بالكشف يُغنيهم عن الكشّافِ
من لم يزل يُملي جَليلُ جَميله / أَوصافَه العُليا على الوصّافِ
من كانَ يطربُ من سؤال عُفاتِه / طربَ النَّشاوى من كؤوسِ سُلافِ
لِلَّه أَيَّ رزيَّةٍ رُزِئت به / لا يُستقال تلافُها بتلافِ
رغمت أنوفُ السَمهريَّةِ والظُبى / لمّا أصِبنَ بمُرغمِ الآنافِ
بالموردِ السُمر العِطاش من الكُلى / يومَ النِزال ومُطعم الأَسيافِ
وَتقوَّضت عَمدُ المواهب وَالنَدى / لما رُزئن بواهبِ الآلافِ
ومطوِّقِ الأَعناق من أَفضاله / بثقالِ أَطواقٍ عليه خِفافِ
أَقُريشُ قد ذهبَ الإِلافُ فمن لكم / من بعد أَحمدَ في الورى بإلافِ
أَبني الهواشم إِنَّ طودكم هوى / وأَرى النفوسَ على هَواهُ هَوافي
ذهب الَّذي أَحيا وجدَّدَ فضلُه / لبني النبيّ مآثرَ الأَسلافِ
وَطَوى الرَدى من كان ينشرُ في الوغى / حُللَ الرَدى قسراً على الأَعطافِ
إِنّي لأُقسمُ عن يَمينٍ بَرَّةٍ / قسمَ المحقِّ وَلَستُ بالحلّافِ
ما خصَّ رزؤك يا اِبن فاطم عصبةً / لكنَّه عمَّ الوَرى بتلافِ
هذي جموعُ المكرمات بأَسرِها / فصم المنونُ وِفاقَها بِخلافِ
عادت بحارُ المجد بعدَك والعُلى / يَبَساً وآذنَ ماؤُها بجَفافِ
وَغدت نفوسُ أولي العُلى معتلَّةً / لما ذهبتَ ولم تجد من شافِ
وَبَنو الرجاء تبدَّلت أَنوارُها / بغياهِبٍ وشِهادُها بذُعافِ
وَتَضَعضَعت أَركانُ كلِّ قبيلةٍ / وتشبَّه الأَذنابُ بالأَعرافِ
والأسدُ قد فقدت لأجلك بأسَها / فغدت براثنُهنَّ كالأَظلافِ
من يُرتَجى للجودِ بعدَك والنَدى / والفضلِ والإِسعاد والإِسعافِ
هَيهات إِنَّ المكرُماتِ جميعَها / طارَت بهنَّ قوادمٌ وخَوافِ
يا دُرَّةً سمح الزَمانُ لنا بها / حيناً وأَرجعها إلى الأَصدافِ
لا كانَ رزؤك في الرَزايا إِنَّه / شَرَقُ الكرام وغصَّةُ الأَشرافِ
عَجَباً لوجهك كيف إِذ غَشَّوه لَم / يغشَ العيونَ بنوره الخَطّافِ
عجباً لنعشِك كيف لم يُوهِ الطُلى / لما غَدا يَعلو عَلى الأكتافِ
عَجَباً لمودعِك المقابرَ كيفَ لم / يودِعكَ بين جوانحٍ وَشِغافِ
عجباً لقبركَ كيف لا يَعلو على ال / قَمَرين في الإِشراق والإِشرافِ
فُجئَ الأَنامُ عِشاً بِنعشك سائِراً / فتبادَروا أَركانَه بطوافِ
وَفَروا جيوبَهمُ عليك وَبادَروا / من حسرةٍ عَضّاً على الأَطرافِ
وَمَروا من الأَجفانِ سحبَ مدامعٍ / تَبكي عليكَ بهاطلٍ وكّافِ
لا غروَ إِذ كانوا بسوحكَ في غنىً / عَن مربعٍ نَضِرٍ وعن مُصطافِ
إِن كفَّنوكَ فإِنَّ جسمَك لَم يَزل / يَختالُ في بُردي تُقىً وعَفافِ
أَو غسَّلوكَ فَلَن تَزال مُطَهّر ال / أَقوال والأَفعال والأَوصافِ
أَو حنَّطوكَ فَلا تَزال مطيَّباً / طيباً تضوعُ به قُرىً وَفَيافي
صلّى عليك اللَهُ قبل صَلاتِهم / وَحباكَ بالرِضوان والأَلطافِ
يا سيِّدَ الآباءِ سَمعاً لاِبنك ال / مُضنى فقد أَضناه طولُ تجافِ
قد كنتَ بي برّا وكنتَ مواصلاً / وَجَميلُ بِرِّك كافلٌ لي كافِ
فاليومَ ما لكَ قد أَطلتَ تجنُّبي / وَهجرتَني هجرَ الحَبيبِ الجافي
أَجَفاً وما عوَّدتني منك الجَفا / وَعَظيمُ حزني ليس عنك بخافِ
لا بل طوتكَ يَدُ البِلى ومُنِعت عن / ردِّ الجوابِ لسائلٍ ولعافِ
وَلَو اِستَطعتُ لكَ الفِداء لكُنتهُ / وَوقيتُ جسمك من ثَرى الأَجدافِ
لكنَّني باقٍ على حُسن الوَفا / حتّى أَراك به على الأَعرافِ
لا زال يُتحفُكَ الإلهُ برحمةٍ / من فضله بلطائف الإتحافِ
وَعليكَ منّي ما حَييتُ تحيَّة / تغشى ضَريحَك دائماً وتوافي
نأى ففرَّق بين الطَرف والوسن
نأى ففرَّق بين الطَرف والوسن / وَأَلَّف البينُ بين القَلب والحزنِ
فَيا رفيقيَّ لا أَعداكما شجني / بِاللَه ربِّكما عُوجا على سكني
وَعاتباه لعلَّ العتبَ يعطفُهُ /
وأَنشدا من نسيبي أَو نسيبكما / وكنّيا عن غَرامي في نشيدكما
فإن صَبا فاِذكراني لا رُزئتكما / وعرِّضا بي وقولا في حديثكما
ما بالُ عبدك بالهجران تُتلفُهُ /
اِرحَمه من عبرات فيك واكفةٍ / ومهجة بغليل الوَجدِ لاهفة
شَوقاً لأَيّام أنس منك سالفةٍ / فإن تبسَّم قولا في ملاطفَة
ما ضرَّ لو بوصالٍ منك تسعفهُ /
وَهُوَ الَّذي بك طولَ الدهر مكتئبُ / وَقَلبُه بسعير الهجر يلتَهِبُ
فإن تعطَّف فهو القصد والأربُ / وإِن بدا لكما من وجهه غَضَبُ
فغالِطاهُ وَقولا لَيسَ نعرفُهُ /
أَهَكَذا دَوحةُ العَلياء تَنقصِفُ
أَهَكَذا دَوحةُ العَلياء تَنقصِفُ / وَهَكَذا الشَمسُ في الآفاقِ تنكسِفُ
وَهَكَذا ظُبَةُ الماضي تُفلُّ شَباً / من بعد ما زانَها الإمضاءُ والرَهفُ
وَهَكَذا بهجةُ العليا وَنضرَتها / يزري بمُشرقِها الإظلامُ والسَدَفُ
وَهَكَذا دُرَّةُ المجد الأثيل غَدَتِ / يضمُّها بعدَ حُسنٍ الحليةِ الصَدفُ
لِلَّه أَيَّةُ روحٍ فارقَت جَسَداً / وأَيُّ جثمانِ عزٍّ ضمَّه جَدَفُ
يا قُرَّةً لعيونِ المجد قد سَخنَت / بَكى لَها الأَشرَفان المَجدُ والشرفُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025