صَدَفتُ عَنِ الأَهواءِ وَالحُرُّ يَصدِفُ
صَدَفتُ عَنِ الأَهواءِ وَالحُرُّ يَصدِفُ / وَأَنصَفتُ مِن نَفسي وَذو اللُبِّ يُنصِفُ
صَحِبتُ الهُدى عِشرينَ يَوماً وَلَيلَةً / فَقَرَّ يَقيني بَعدَما كانَ يَرجُفُ
فَرُحتُ وَفي نَفسي مِنَ اليَأسِ صارِمٌ / وَعُدتُ وَفي صَدري مِنَ الحِلمِ مُصحَفُ
وَكُنتُ كَما كانَ اِبنُ عِمرانَ ناشِئاً / وَكانَ كَمَن في سورَةِ الكَهفِ يوصَفُ
كَأَنَّ فُؤادي إِبرَةٌ قَد تَمَغطَسَت / بِحُبِّكَ أَنّى حُرِّفَت عَنكَ تَعطِفُ
كَأَنَّ يَراعي في مَديحِكَ ساجِدٌ / مَدامِعُهُ مِن خَشيَةِ اللَهِ تَذرِفُ
كَأَنَّكَ وَالآمالُ حَولَكَ حُوَّمٌ / نَميرٌ عَلى عِطفَيهِ طَيرٌ تُرَفرِفُ
وَأَزهَرَ في طِرسي يَراعي وَأَنمُلي / وَلَفظي فَباتَ الطِرسُ يَجني وَيَقطِفُ
وَجَمَّعَ مِن أَنوارِ مَدحِكَ طاقَةً / يُطالِعُها طَرفُ الرَبيعِ فَيُطرَفُ
تَهادى بِها الأَرواحُ في كُلِّ سُحرَةٍ / وَتَمشي عَلى وَجهِ الرِياضِ فَتَعرُفُ
إِمامَ الهُدى إِنّي أَرى القَومَ أَبدَعوا / لَهُم بِدَعاً عَنها الشَريعَةُ تَعزِفُ
رَأَوا في قُبورِ المَيِّتينَ حَياتَهُم / فَقاموا إِلى تِلكَ القُبورِ وَطَوَّفوا
وَباتوا عَلَيها جاثِمينَ كَأَنَّهُم / عَلى صَنَمٍ لِلجاهِلِيَّةِ عُكَّفُ
فَأَشرِق عَلى تِلكَ النُفوسِ لَعَلَّها / تَرِقُّ إِذا أَشرَقتَ فيها وَتَلطُفُ
فَأَنتَ بِهِم كَالشَمسِ بِالبَحرِ إِنَّها / تَرُدُّ الأُجاجَ المِلحَ عَذباً فَيُرشَفُ
كَثيرُ الأَيادي حاضِرُ الصَفحِ مُنصِفٌ / كَثيرُ الأَعادي غائِبُ الحِقدِ مُسعِفُ
لَهُ كُلَّ يَومٍ في رِضى اللَهِ مَوقِفٌ / وَفي ساحَةِ الإِحسانِ وَالبِرِّ مَوقِفُ
تَجَلّى جَمالُ الدينِ في نورِ وَجهِهِ / وَأَشرَقَ في أَثناءِ بُردَيهِ أَحنَفُ
رَأَيتُكَ في الإِفتاءِ لا تُغضِبُ الحِجا / كَأَنَّكَ في الإِفتاءِ وَالعِلمِ يوسُفُ
فَأَنتَ لَها إِن قامَ في الشَرقِ مُرجِفٌ / وَأَنتَ لَها إِن قامَ في الغَربِ مُرجِفُ
كَمُلتَ كَمالاً لَو تَناوَلَ كُفرَهُ / لَأَصبَحَ إيماناً بِهِ يُتَحَنَّفُ