القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 11
الفَيلَسوف الفَيلسوفُ
الفَيلَسوف الفَيلسوفُ / هُوَ من تربته الصروف
هُوَ من سمت فيه الحَيا / ة فَلا يَخاف وَلا يخيف
هُوَ من أَبى ان تشمخر / رَ عَلَيه للكبر الأنوف
هُوَ من إذا اقتحم الزعو / فَ فَلا تثبطه الزعوف
وإذا مضى شيء أحب / بَ فَما عَليه هو الأسيف
هُوَ من يَرى بشعاع عق / لٍ لَيسَ تحجبه السجوف
أَما الحَياة فَلا يَكا / د يفوته منها الطَفيف
يَمشي وَحيداً لا يَرا / فقه عشير أَو أَليف
يطأ الرَصيف بخفة / فَيَكاد يخفيه الرَصيف
يَسري عَلى ضوء النهى / في لَيله الرجل الحصيف
المشكلات برأَيه / منحلة فهو العَريف
وَالرأي يحسم غربه / ما لَيسَ تحسمه السيوف
وَلَقَد يَموت نبوغه / مَن لا تساعده الظروف
الكَون شيء ثابت / وَالحادِثات به تَطوف
إِنَّ الطَريف به تلي / دٌ وَالتَليد به طَريف
كَم قَد علا السهل الوَطي / ء وَقَد هَوى الجبل المنيف
وَلعلَّ ما أَنا شاهد / في لَيل إدلاجي طيوف
وَلَقَد تعسفت الحَيا / ةُ فَما أذلتني الصروف
وَعَلى خَفاياها وقف / تُ فَما أَفادنيَ الوقوف
وَلَقَد أكون مصارعاً / لخطوبها وأنا الضَعيف
أَو مدلجاً في لَيلها / وَاللَيل معتكر مخوف
أَلأجل أن يَلقى السَعا / دة واحد يَشقى ألوف
ما أَكثر الإنسان حر / صاً وَهْوَ يشبعه الرَغيف
عبء الحَياة وَلا تظن / نَ بأنه عبءٌ خَفيف
ما زلت أحمله وإن / ني ذلك الجسد النَحيف
ماذا يفيد الجسم في / حاجاته عضو مؤوف
سأَنام في حضن الطَبي / عة فَهيَ لي الأم العَطوف
متع حَياتَك قَبلَ أَن / تودي بمهجتك الحتوف
الروض لا يَبقى به / زهر إذا جاءَ الخَريف
الناس إما نعجة / تَنقاد أَو ذئب يحيف
لَهفي عَلى الجنس اللَطي / فِ يضيمه الجنس الكَثيف
متحملاً من عسفه / ما لَيسَ يحمله الوَصيف
ما أَتعَس الحسناء يم / لك أَمرها الزوج العَنيف
فَهُناك جرح مهلك / إلا اذا اِنقطع النَزيف
قَد هبَّ يقلع دوحة / من أَصلها ريح عصوف
ماذا أَفاد الباكيا / تِ من الأسى الدمع الذَريف
الخير أن تَهوى الفتا / ة فَتى له حب شَريف
وَالشر كل الشر أَن / يغتر بالذئب الخَروف
زوجان ما أَسمى مقا / مَهما العَفيفة وَالعَفيف
ما أَحسن الثوب النَظي / فِ وَراءه عرضٌ نَظيف
لَقَد نعتك عَلى بعد لي الصحفُ
لَقَد نعتك عَلى بعد لي الصحفُ / فَبت من شدة الأشجان أرتجفُ
لَم يبد حينئذ مني عَلى جلدي / إلا وجوم وإلا أَدمعٌ تكف
لَقَد أَصابَت وليَّ الدين كارثة / أَودت به وَكَذاك الشمس تنكسف
أَرى الدواوين بعد اليوم ناقصة / تعوزها كلمات منك تقتطف
كَم من وجوه تَرى في مصر شاحبة / لرزئها وَقُلوب للأسى تجف
قالوا وَلي يُراعي الوقت ملتزماً / وَالحزم ذلك يأَتيه الألى حصفوا
هب ذاكَ عيباً تشين الحرَّ قالتُهُ / فأي شمس أَضاءَت ما بها كلف
أتعبت نفسك في الإصلاح مجتهداً / بما كتبت وأنت الناحل الدنف
حتى مرضت فبت اللَيل مشتكياً / من طول إظلامه وَاللَيل منتصف
وإن داءك من بعد اِستحالته / أعيا الأطباء في مصر كَما اِعترَفوا
واِشتد من غير إنذارٍ فمت به / كَذَلِكَ الغصن بالنكباء ينقصف
وَرب داء عياء لا دواء له / يأَتي المَريض عَلى أَعقابه التلف
ما كانَ أعدله لَو كانَ يمهله / لكنما الموت في الأحكام معتسف
كانَ الجَدير به إبقاء جذوته / إذ لَيسَ في نشر أنوار الهدى سرف
ما كُنتُ أَجهَل مذ شق الهدى بصرى / أنَّ الَّذي هُوَ ماش للونى يقف
وَللحياة نواميس ملازمة / وَيل لِمَن هُوَ عنها كانَ ينحرف
كل امرئٍ واقف منها عَلى جرف / وَسَوفَ ينهار في يوم به الجرف
يسوؤني أن داراً أَنتَ نازلها / ما إن لها فسحة تَكفي وَلا غرف
ما أكبر الحزن في قلب امرئٍ كلف / شطت بمن هُوَ يَهواهم نوى قذف
ما جاءَ وصف وَليٍّ في مصاحبة / إلا وَفضل وليٍّ فوق ما وصفوا
قابلته في فروق لَيلَةً وَلَقَد / رأَيت فيه أديباً كله طرف
أَبقَت مُقابلتي إياه حينئذٍ / ذِكرى له في فؤادي لَيسَ تنصرف
وَلست أنسى انتصارات له صدقت / في محنَتي بل أنا بالفضل معترف
أسفت إذ قيل لي أن الوليّ قضى / وَهَل يفيد عَلى من قد قَضى الأسف
قَد كانَ زينة مصر في كتابته / كأنما هُوَ في آذانها شنف
يَقول من كانَ يلقى نظرة صدقت / عليه ما هُوَ إلا روضة أُنُف
أَخشى وَقَد سارَ سير المصلحين بهم / أَن لا يَسير عَلى آثاره الخلف
كانَ الوليّ لعمري في كتابته / من الألى لصروح الوهم قد نسفوا
ما إِن هنالك تَقليد فينقصه / وَلا جمود عَلى ما خطه السلف
يا كَوكباً قَد تَوارى بعد مطلعه / بمن تخفف عنا بعدك السدف
يا مصر إنك أنت اليوم آسية / عَلى الوليّ وَما بغداد تختلف
إن الوَلي قضى بالرَغم عَن أَملي / وَما قَضى منه ذاك المجد وَالشَرف
في الروض نَور كَثير لا عداد له / لكنما الزهرة الحَسناء تقتطف
منها أَتى وَإليها عاد منطفئاً / ما إن عَن الأرض للإِنسان منصرف
وَما رأَيتَ بما قد عشت من عمر / كالمَوت سيلاً لمن لاقاه يجترف
لَقَد يسوؤك يا من ضمه جدث / أن القبور بيوت ما لها شرف
ما أَعجب الأرض أُمَّاً غير مشفقة / من بعد أَن تلد الأبناء تلتقف
كَم من أناس لأصحاب لهم دفنوا / وَمن دموع عَلى أَجداثهم ذرَفوا
وَكم أناس ذَوي جاه وَمنزلة / بَكى عليهم أناس بعد ما هَتَفوا
كل امرئٍ سوف تأَتيه منيته / وَعلَّ في الروح سراً سوفَ ينكشف
الدهر أَنحى عَلى الإنسان يقتله / فَمَن ترى منه للإِنسان ينتصف
ما زالَ يَرمي سهام الموت عَن كثب / وَكل ذي مهجة يوماً له هدف
وَهَل تسر حَياة قَلب صاحبها / وَفي أكف الردى من حبلها الطرف
ما الموت وَهوَ يلم بالأخلاف
ما الموت وَهوَ يلم بالأخلاف / إلا تراث جدودها الأسلاف
ما زالَ يسقينا دهاقاً كأَسه / دهر يكدِّر مرة وَيُصافي
شلت يد الساقي فقد دست لنا / سماً زعافاً في كؤوس سلاف
يا دهر إنك لَم تكن يوماً عَلى / طول اِصطِحاب بالخَليل الوافي
يا دهر أنت بقتل من أنجبتهم / أتلفت وُلْدك أَيما إتلاف
الكَون بحر تكثر الغَرقى به / من راسب في قعره أَو طافي
أمّا الَّذي عرف الحَكيم فإنه / سر عَلى رب الجهالة خافي
يَرجو بقاء حَياته في موته / وَالمَوت شيء للحياة ينافي
وَلَقَد رأَيت الدهر يرهف سيفه / فَعلمت ما يَبغي من الإرهاف
دنيا تناقض ما تجيء بنفسها / كَم مأتم تلقى بها وَزَفاف
وَالمَوت يأَتي هالكاً من نفسه / كالمَوت يأَتيه من الأطراف
المَوت لَيسَ بتارك أحدا وَقَد / يُبقي عليه وبعد ذاك يوافي
وَالقحف بعد المخّ قد أَبلى الثرى / أَجزاءه صدف من الأصداف
رام بقوس للقضاء تعددت / منها السهام تعدد الأهداف
وَهُناكَ نعمى لَو أَمُرُّ بفيضها / فأصيب منه للحياة كفافي
اللَيل يعقبه صباح مُثبتٌ / وَاليَوم يَتلوه مساء نافي
لَم يمنع الأقوام من إذعانهم / شمم من الأقوام في الآناف
المَوت من حق الحَياة لأهلها / ما فيه من ظلم ولا إجحاف
لكنما الرزء الملم بأمة / جلل لفقد الفذّ في الأوصاف
أخذت تعزي النيلَ فيه دجلةٌ / وَكِلاهُما ذو مدمع ذرّاف
أَيام إسماعيل لَم تكن اِنتهَت / بل إنه يحيا عَلى استئناف
ما المَوت للإِنسان إلا نقلة / وَحياة أَخلافٍ من الأسلاف
ما ماتَت الأسلاف موت حقيقة / بَل إِنَّها لتعيش في الأخلاف
الموت يوصلنا إِلى دار البلى / وَلَقَد تكون مقابر الأشراف
ما أَكثر الأشياع للنعش الَّذي / نَقلوه محمولاً عَلى الأكتاف
أَنا والأسى وَالشعر يوم وفاته / كنا معا كَثَلاثةٍ أَحلاف
وَلَقَد عددت القبر بعد نزوله / أحضانه من أَكرم الأكناف
يا قبر إسماعيل إنك كعبة / ما بالقَليل حجيجها لطواف
العَبقَريَّة فيك نازلةٌ فَهَل / بالعَبقَرية أَنت قل لي حافي
سيف بكف الدهر ماض غربه / من بعد سلٍّ رده لغلاف
قَد كنت تبصر فيه عند لقائه / ما شئت من أَدب زكا وَعَفاف
يا قبر إسماعيل حولك أُمَّة / تَبكي أديباً في ظلالك غافي
لَو كنت في مصر اِشتركت وإنما / بَيني وَبينك أبحر وَفيافي
كانَت بك الآداب تحكي جنة / غناء بعد تصوُّحٍ وَجَفاف
كنت الهزار لدوحها مترنماً / يَشدو عَلى اللَيمون والصفصاف
وَيح العنادِل إنها قد أعولت / في جنة الآداب بعد هتاف
الداء في كبرٍ أمضَّك نازِلاً / بصميم قلبٍ خافق وَشغاف
وَنضا عليك السيف يضرب مجهزاً / دهر فَلَم تجزع من السياف
إن كانَ داء المرء من أَيامه / عجز الطَبيب له عَن الإسعاف
بكت العيون عَلى مصابك غمة / وَبَكَت عليك فصاحة وَقوافي
كبر الَّذين قَد اِستخفوا بالردى / وَالحر أَجرأَهم عَلى اِستخفاف
طر للسماء فرب روح برة / طارَت بِغَير قوادم وَخوافي
فَهُناكَ قد تلقى فضاء واسعاً / فيه النجوم تعد بالآلاف
تتصعد الأرواح فَهي خَفيفة / لكنما الأجساد غير خفاف
يا نفس اسماعيل طيري وارفلي / فوق الأثير بثوبك الشفاف
وإذا وصلت إلى المَجرَّة فاضربي / فيها طرافاً فوق كل طراف
إني لآمل يا حمامة نفسه / أن لا تلاقي أَجدلاً فتخافي
فَهُناك أَقوام لغير تهضُّمٍ / وَهُناك أَحزاب لغير خلاف
حملت ثقيلات الهُموم عَلى ضعفي
حملت ثقيلات الهُموم عَلى ضعفي / وَلمّا أَقل أَوهٍ وَلما أَقل أفِّ
فَلِلَّه صَبري في حَياتي عَلى الأذى / وَلِلَّه غمضي في بِلادي عَلى العسف
وَما أَنا مِمَّن يغمضون عَلى القذى / وَلا أَنا مِمَّن يصبرون عَلى الخسف
وَما كانَ ظَني أَن قومي يهينني / إلى أَن رأَت عيناي بالرَغم من أَنفي
رأَت أَعينى من كنت أُصفِي مودتي / له يَبتَغي ضيمي وَيَسعى إلى حَتفي
فَلمّا تبينتُ الَّذي لم أَظنه / ضربت كمن يستاء كفاً عَلى كف
وإني لأبدي الحزن في الشعر شاكياً / وَهَذا الَّذي أَبديه بعض الَّذي أَخفي
تعلمت من درسي الطباع وَصحبتي / لِقَوميَ أَن اللين خير من العنف
كنا معاً بيننا نق
كنا معاً بيننا نق / سمُ الغَرام فخفَّا
فكنت تحمل نصفاً / وكنت أَحمل نصفا
إن دين الخلف
إن دين الخلف / من تراث السلف
وهو اليوم بحا / جاتهم ليس يفي
ليس يلقى جنة / أو جحيماً من هلك
إنما الوهم كما / تبتغي صور لك
لهفي على الحر الموس
لهفي على الحر الموس / سدِ في الثرى عبد اللطيف
لهفي على الأمل الذي / عبثت به أيدي الحتوف
لهفي على ذاك اللسان / الرطب والقلب الرؤوف
ما شئت من صدق ومن / حذق ومن رأي حصيف
لم ينشرح في الجيش من / قطع الجماجم والأنوف
فقضي برجحان اليراع / على البنادق والسيوف
ما أكبر النفس التي / في ذلك لجسد النحيف
أستاذ تاريخ الشعوب / وجهبذا الأدب الطريف
ليس الحياة بغير معرفة / سوى شيء سخيف
قد كان أكبر همه / منع العسوف عن العسيف
يسعى ليدرأ جاهداً / حيف القوي عن الضعيف
ما كان يخدعه ظهو / ر الذئب في جلد الخروف
قالوا قضى فمسكت قلبي / وهو يلحف في الوجيف
ما رزء من يبكي عليه / الشعب أجمع بالخفيف
إن الحياة وغى وقد / يهوي الشجاع من الصفوف
ولرب فرد يوم تدعو / الحرب أكثر من ألوف
من كان مقداماً فلا / يخشى مصارعة الصروف
والموت ليس كما يخا / ل البعض ذا شبح مخوف
لا يخاف الراعي ذئاباً تعاوى
لا يخاف الراعي ذئاباً تعاوى / من بعيد ملحة في الطواف
انما خوفه اذا الليل ادجى / من ذئاب تندس بين الخراف
في الفن معنى حسنه لا يعرف
في الفن معنى حسنه لا يعرف / حتى يمثل ما بمثل يوسف
جاء العراق يزوره فبه احتفت / ابناؤه وسبيلهم ان يحتفوا
حيته عاصمة الرشيد فشيبها / وشبابها للعبقرية تهتف
هبت تصفق عند رؤيتها له / حتى اذا قلت انتهت تستأنف
طربت على تمثيله وترنحت / فكأنما قد اسكرتها قرقف
لولا جمال حواره وجلاله / كانت حياة الفن شيئا يسخف
يبكي العيون بما يقول ممثلا / ويعود في رفق لهن يجفف
يجد الذي يرنو الى تمثيله / ان الحياة تعاد ثم تكيف
وهناك تشترك النفوس بحسها / وهناك اشتات القلوب تألف
الفن حر لا يلين لقاهر / والفن لا يعنو ولا يتزلف
انا اكبر الفنان يمشي مطلقا / من كل قيدلا كمن هو يرسف
ما اجمل النجم الذي في ليلتي / يرنو الي من السماء ويشرف
اكبر بيوسف ثم اكبر انه / في فنه ببراعة يتصرف
قد انجبته مصر فناناً ومن / قد انجبته مصر فهو مطرف
مصر وما مصر سوى ام على / من قد غذتهم من بنيها تعطف
قد كنت اسمع انها سكن له / فيكاد بي شوقي اليها يقذف
يصف الحياة مصوراً الوانها / فتراه يذكي نارها ويخفف
ويريك مختلف الوقائع مثلما / حدثت فجائعها وليس يحرف
تبقى العيون اليه شاخصة فما / هي عنه زائغة ولا هي تطرف
يمشي على سنن الطبيعة راشداً / لا الفن يسبقه ولا هو يجنف
مالي اذا شاهدت في تمثيله / صور الفجيعة للدموع اكفكف
ذرفت على تلك المشاهد مقلتي / عبراً وعهدي انها لا تذرف
ما كنت آذن بالبكاء لأعيني / حتى شجاني حين جد الموقف
كم مشهد للبؤس من جرائه / يبكي الحكيم ويضك المتفلسف
واذا الرواية مثلت فنجاحها / شيء على اسلوبها يتوقف
كالشعر معناه يتم بلفظه / فكأنه خود عليها مطرف
اللفظ والمعنى جناحا طائر / غرد يطوف بروضه ويرفرف
في المسرح المشهود اسمع رنة / فاخال ان الريح هبت تعصف
تشكو صبابتها ويشكو بثه / هيفاء فاتنة العيون واهيف
شر المصائب ما يجيء مفاجئا / كالسيل يطغى في الصباح فيجرف
طب بالحياة ومالها من ظاهر / يلهيك منه عن الخفى الزخرف
واترك حقيقتها فرب حقيقية / يدمى فؤادك فهمها ويخوف
اما الغرام فأنني في كبرتي / شوقا الى ايامه اتشوف
ووددت لو اني اعود الى الصبا / ولكل احلامي به استأنف
اذ كنت اقرأ بينات ربيعه / سوراً ووجه الارض دوني مصحف
واسير من جناته في روضه / غناء اجني ما اشاء واقطف
والمورقات مفتحات زهرها / والطير فوق المورقات ترفرف
ولربما ابعدت في دلج الهوى / والليل ساج والكواكب ترعف
والنفس دامية تعاني جرحها / وتبث شكواها لمن لا ينصف
الحب كان مسددا عند السرى / لخطاى آتي حيث شاء واصدف
واليوم لا ادري أاقوى قائما / وحدي باعباء الهوى ام اضعف
وكأن في الشيخ الرقاد طريدة / وكأن فيه الهم جيش يزحف
يا ايها الفنان فنك جامع / حكما وفنك خالد لا يتلف
ان كان غيرك غارفا من جدوك / ضحل فانك من خضم تغرف
تأتي الذي تأتي به متطبعاً / اما سواك فانه يتكلف
الفن انت امامه ووليه / والفن انت اميره المتصرف
والفن للروح العصي مروض / والفن للطبع الغليظ ملطف
تتثقف الاخلاق راشدة به / وبغيره الاخلاق لا تتثقف
صحبتك اقدر فرقة قد مثلةا / ولعبرة المتجمهرين استوكفوا
واخص احمد فهو علام بما / في الفن من سبل فلا يتعسف
قد احسنت فردوس في ادوارها / فكأنها القمر الذي لا يخسف
وامينة ابكت عيون شهودها / وامينة هي بالعواطف اعرف
يا حبذا المختار فهو ممثل / حلو الحديث يقول ما يستظرف
ولعل فتوحا له في دوره / ما يستفز النفس ساعة يكلف
حسن الى علوية ومنسة / وسرينة واولئكم قد احصفوا
اني لاذكر بالتجلة قاسما / فهو الاديب وبالرجاحة يوصف
اما الفؤاد فحدثوا عن قدرة / فياضة فيه وطبع يلطف
لا تنس توفيقا فتوفيق له / في ظل موقفه لسان مرهف
وبثينة اما مضت في شدوها / انحى يشايع ما تقول المعزف
يا يوسف السمح الذي ما ان تفي / بجميله كلماتنا والاحرف
لا يكتفي منك العراق بزورة / فيود لها ثنيتها تستأنف
متمنياً وعد الكريم بمثلها / اما الكريم فانه لا يخلف
واذا الزمان لنا تبسم وجهه / فالشمل بعد شتاته يتألف
أنا يا شمس ذرة فوق أرض
أنا يا شمس ذرة فوق أرض / هي في سيرها عليك تطوف
لا تكوني مغرورة انما مثلك / في اجواز الفضاء الوف
حول الحقيقة في الحياة طوافي
حول الحقيقة في الحياة طوافي / ولها برغم الكاشحين هتافي
خالفت فيها أهل عصري كلهم / متطرفا ولقد يطول خلافي
اني لقد شاهدتها في يقظتي / وسواي أبصرها بطرف غافي
تبدو وتخفي في زمان واحد / والناس إما مثبت أو نافي
حسناء ما قلمي الذي أرهفته / عمرا لوصف جمالها بالكافي
وقفت كما يقف الخيال بمشرف / ذمرتها من طرفها الخطاف
هي من عشقت على سماع حسنها / ما أشبه السموع بالشتاف
برزت حيال الشك سافرة وقد / لعب الجنوب بثوبها الهفهاف
برزت بثوب رق فوق قوامها / وانشق عن صدر وعن أكتاف
برزت كعابا في وشاح ضيق / عقدته معطوفا ودرع ضافي
برزت بوجه باسم وبأعين / وطف وفرع كالسخام غداف
السحر كل السحر في أنظارها / والسر كل السر في الأعطاف
ولقد ولعت بها لأول نظرة / ولقد تنشب حبها بشغافي
وعدوت مقتربا ومن ذا قادر / من غيرة فيه على إيقافي
فشهدت عن كثب بضاضة جسمها / وبياضه من ثوبها الشفاف
وهفت مبتهجا بها من بعدما / صافحتها فتبسمت لهتافي
الناس أعداء لها قد بالغوا / في نقدها وأنا الصديق الوافي
قد أزعجوها حين لم تحفل بهم / بالكذب من حقد وبالأرجاف
أحسن بذاك الوجه حين تبسمت / والثغر ذي الظلم النصيع الصفاي
قد غرني منها التبسم طاهرا / متى نسيت مكانتي ومطافي
وتباعدت عني ولم تنظر إلى / أسفي هناك ودمعي الذراف
كانت لعمري هفوة مني وما / أنا في سبيل الحب وحدي الهافي
فرجع منكر الفؤاد منكسا / للراس لا أرنو إلى أطرافي
الخير كل في قصد الفتى / والشر كل الشر في الإسراف
ما للطبيعة أول أو آخر / فكأنها بحر بغير ضفاف
أما السماء فليس غير طرافها / ولقد بنته فوق كل طراف
والدهر لم يك غير نهر هادر / والمرء ليس سوي حباب طافي
وإذا ترقبت الحباب وجدته / بعد الظهور يذوب في الرجاف
والأرض في جنب النجوم كذرة / بين الحصى والرمل في الأحقاف
لا شيء إلا والطبيعة أمه / لكنما كنه الطبيعة خافي
ما لي بأمر بدايتي ونهايتي / وحقيقتي والكون علم كاف
من أين قد جلب الزمان خميرتي / أو أين قد جبل الزمان جلافي
حي الطبيعة أوجدت أو أتلفت / ما إن هنالك خلفة وتنافى
ما أتلفت إلا لتوجد فائقا / ما أحكم الإيجاد في الاتلاف
الدهر يقضي ما يشاء قضاءه / من غير ما عدل ولا إجحاف
اما الحمام فلا أود دنوه / وان اغترفت من الحياة كفاني
أنحى على الحق المبين يهيته / ناس خلوا من شيمة الانصاف
ما زلت من فوق المنابر معلنا / بفمى له رغما عن الاناف
النشء للآراء غير مصوب / إلا إذا جاءت من الأسلاف
لا تحسب الأسلاف ماتوا فانتهوا / بل إنهم يحيون في الاخلاف
قد صوب المتعصبون سهامهم / لكنها طاشت عن الأهداف
إن الليالي أخلفتني وعدها / حتى برمت بذلك الاخلاف
والحادثات حربنني وجرحنني / فبقيت منبوذا بلا إسعاف
ليت الذي قسم الشؤون قضاؤه / قسم السعادة قسمة الإنصاف
ألما من الكاس الروية رنقها / ولكم غداة بها يطاف الصافي
أنا لست في الشعراء إلا بلبلا / يشدو على الليمون والصفصاف
ظنوا بأن الشعر ألفاظ لها / في النظم أوزان وبضع قوافي
والشعر ليس سوى شعور ثائر / في شكل نوح تارة وهتاف
ما إن يسمي في زمان شاعرا / من جاء بعد النكد بالسفاف

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025