المجموع : 11
الفَيلَسوف الفَيلسوفُ
الفَيلَسوف الفَيلسوفُ / هُوَ من تربته الصروف
هُوَ من سمت فيه الحَيا / ة فَلا يَخاف وَلا يخيف
هُوَ من أَبى ان تشمخر / رَ عَلَيه للكبر الأنوف
هُوَ من إذا اقتحم الزعو / فَ فَلا تثبطه الزعوف
وإذا مضى شيء أحب / بَ فَما عَليه هو الأسيف
هُوَ من يَرى بشعاع عق / لٍ لَيسَ تحجبه السجوف
أَما الحَياة فَلا يَكا / د يفوته منها الطَفيف
يَمشي وَحيداً لا يَرا / فقه عشير أَو أَليف
يطأ الرَصيف بخفة / فَيَكاد يخفيه الرَصيف
يَسري عَلى ضوء النهى / في لَيله الرجل الحصيف
المشكلات برأَيه / منحلة فهو العَريف
وَالرأي يحسم غربه / ما لَيسَ تحسمه السيوف
وَلَقَد يَموت نبوغه / مَن لا تساعده الظروف
الكَون شيء ثابت / وَالحادِثات به تَطوف
إِنَّ الطَريف به تلي / دٌ وَالتَليد به طَريف
كَم قَد علا السهل الوَطي / ء وَقَد هَوى الجبل المنيف
وَلعلَّ ما أَنا شاهد / في لَيل إدلاجي طيوف
وَلَقَد تعسفت الحَيا / ةُ فَما أذلتني الصروف
وَعَلى خَفاياها وقف / تُ فَما أَفادنيَ الوقوف
وَلَقَد أكون مصارعاً / لخطوبها وأنا الضَعيف
أَو مدلجاً في لَيلها / وَاللَيل معتكر مخوف
أَلأجل أن يَلقى السَعا / دة واحد يَشقى ألوف
ما أَكثر الإنسان حر / صاً وَهْوَ يشبعه الرَغيف
عبء الحَياة وَلا تظن / نَ بأنه عبءٌ خَفيف
ما زلت أحمله وإن / ني ذلك الجسد النَحيف
ماذا يفيد الجسم في / حاجاته عضو مؤوف
سأَنام في حضن الطَبي / عة فَهيَ لي الأم العَطوف
متع حَياتَك قَبلَ أَن / تودي بمهجتك الحتوف
الروض لا يَبقى به / زهر إذا جاءَ الخَريف
الناس إما نعجة / تَنقاد أَو ذئب يحيف
لَهفي عَلى الجنس اللَطي / فِ يضيمه الجنس الكَثيف
متحملاً من عسفه / ما لَيسَ يحمله الوَصيف
ما أَتعَس الحسناء يم / لك أَمرها الزوج العَنيف
فَهُناك جرح مهلك / إلا اذا اِنقطع النَزيف
قَد هبَّ يقلع دوحة / من أَصلها ريح عصوف
ماذا أَفاد الباكيا / تِ من الأسى الدمع الذَريف
الخير أن تَهوى الفتا / ة فَتى له حب شَريف
وَالشر كل الشر أَن / يغتر بالذئب الخَروف
زوجان ما أَسمى مقا / مَهما العَفيفة وَالعَفيف
ما أَحسن الثوب النَظي / فِ وَراءه عرضٌ نَظيف
لَقَد نعتك عَلى بعد لي الصحفُ
لَقَد نعتك عَلى بعد لي الصحفُ / فَبت من شدة الأشجان أرتجفُ
لَم يبد حينئذ مني عَلى جلدي / إلا وجوم وإلا أَدمعٌ تكف
لَقَد أَصابَت وليَّ الدين كارثة / أَودت به وَكَذاك الشمس تنكسف
أَرى الدواوين بعد اليوم ناقصة / تعوزها كلمات منك تقتطف
كَم من وجوه تَرى في مصر شاحبة / لرزئها وَقُلوب للأسى تجف
قالوا وَلي يُراعي الوقت ملتزماً / وَالحزم ذلك يأَتيه الألى حصفوا
هب ذاكَ عيباً تشين الحرَّ قالتُهُ / فأي شمس أَضاءَت ما بها كلف
أتعبت نفسك في الإصلاح مجتهداً / بما كتبت وأنت الناحل الدنف
حتى مرضت فبت اللَيل مشتكياً / من طول إظلامه وَاللَيل منتصف
وإن داءك من بعد اِستحالته / أعيا الأطباء في مصر كَما اِعترَفوا
واِشتد من غير إنذارٍ فمت به / كَذَلِكَ الغصن بالنكباء ينقصف
وَرب داء عياء لا دواء له / يأَتي المَريض عَلى أَعقابه التلف
ما كانَ أعدله لَو كانَ يمهله / لكنما الموت في الأحكام معتسف
كانَ الجَدير به إبقاء جذوته / إذ لَيسَ في نشر أنوار الهدى سرف
ما كُنتُ أَجهَل مذ شق الهدى بصرى / أنَّ الَّذي هُوَ ماش للونى يقف
وَللحياة نواميس ملازمة / وَيل لِمَن هُوَ عنها كانَ ينحرف
كل امرئٍ واقف منها عَلى جرف / وَسَوفَ ينهار في يوم به الجرف
يسوؤني أن داراً أَنتَ نازلها / ما إن لها فسحة تَكفي وَلا غرف
ما أكبر الحزن في قلب امرئٍ كلف / شطت بمن هُوَ يَهواهم نوى قذف
ما جاءَ وصف وَليٍّ في مصاحبة / إلا وَفضل وليٍّ فوق ما وصفوا
قابلته في فروق لَيلَةً وَلَقَد / رأَيت فيه أديباً كله طرف
أَبقَت مُقابلتي إياه حينئذٍ / ذِكرى له في فؤادي لَيسَ تنصرف
وَلست أنسى انتصارات له صدقت / في محنَتي بل أنا بالفضل معترف
أسفت إذ قيل لي أن الوليّ قضى / وَهَل يفيد عَلى من قد قَضى الأسف
قَد كانَ زينة مصر في كتابته / كأنما هُوَ في آذانها شنف
يَقول من كانَ يلقى نظرة صدقت / عليه ما هُوَ إلا روضة أُنُف
أَخشى وَقَد سارَ سير المصلحين بهم / أَن لا يَسير عَلى آثاره الخلف
كانَ الوليّ لعمري في كتابته / من الألى لصروح الوهم قد نسفوا
ما إِن هنالك تَقليد فينقصه / وَلا جمود عَلى ما خطه السلف
يا كَوكباً قَد تَوارى بعد مطلعه / بمن تخفف عنا بعدك السدف
يا مصر إنك أنت اليوم آسية / عَلى الوليّ وَما بغداد تختلف
إن الوَلي قضى بالرَغم عَن أَملي / وَما قَضى منه ذاك المجد وَالشَرف
في الروض نَور كَثير لا عداد له / لكنما الزهرة الحَسناء تقتطف
منها أَتى وَإليها عاد منطفئاً / ما إن عَن الأرض للإِنسان منصرف
وَما رأَيتَ بما قد عشت من عمر / كالمَوت سيلاً لمن لاقاه يجترف
لَقَد يسوؤك يا من ضمه جدث / أن القبور بيوت ما لها شرف
ما أَعجب الأرض أُمَّاً غير مشفقة / من بعد أَن تلد الأبناء تلتقف
كَم من أناس لأصحاب لهم دفنوا / وَمن دموع عَلى أَجداثهم ذرَفوا
وَكم أناس ذَوي جاه وَمنزلة / بَكى عليهم أناس بعد ما هَتَفوا
كل امرئٍ سوف تأَتيه منيته / وَعلَّ في الروح سراً سوفَ ينكشف
الدهر أَنحى عَلى الإنسان يقتله / فَمَن ترى منه للإِنسان ينتصف
ما زالَ يَرمي سهام الموت عَن كثب / وَكل ذي مهجة يوماً له هدف
وَهَل تسر حَياة قَلب صاحبها / وَفي أكف الردى من حبلها الطرف
ما الموت وَهوَ يلم بالأخلاف
ما الموت وَهوَ يلم بالأخلاف / إلا تراث جدودها الأسلاف
ما زالَ يسقينا دهاقاً كأَسه / دهر يكدِّر مرة وَيُصافي
شلت يد الساقي فقد دست لنا / سماً زعافاً في كؤوس سلاف
يا دهر إنك لَم تكن يوماً عَلى / طول اِصطِحاب بالخَليل الوافي
يا دهر أنت بقتل من أنجبتهم / أتلفت وُلْدك أَيما إتلاف
الكَون بحر تكثر الغَرقى به / من راسب في قعره أَو طافي
أمّا الَّذي عرف الحَكيم فإنه / سر عَلى رب الجهالة خافي
يَرجو بقاء حَياته في موته / وَالمَوت شيء للحياة ينافي
وَلَقَد رأَيت الدهر يرهف سيفه / فَعلمت ما يَبغي من الإرهاف
دنيا تناقض ما تجيء بنفسها / كَم مأتم تلقى بها وَزَفاف
وَالمَوت يأَتي هالكاً من نفسه / كالمَوت يأَتيه من الأطراف
المَوت لَيسَ بتارك أحدا وَقَد / يُبقي عليه وبعد ذاك يوافي
وَالقحف بعد المخّ قد أَبلى الثرى / أَجزاءه صدف من الأصداف
رام بقوس للقضاء تعددت / منها السهام تعدد الأهداف
وَهُناكَ نعمى لَو أَمُرُّ بفيضها / فأصيب منه للحياة كفافي
اللَيل يعقبه صباح مُثبتٌ / وَاليَوم يَتلوه مساء نافي
لَم يمنع الأقوام من إذعانهم / شمم من الأقوام في الآناف
المَوت من حق الحَياة لأهلها / ما فيه من ظلم ولا إجحاف
لكنما الرزء الملم بأمة / جلل لفقد الفذّ في الأوصاف
أخذت تعزي النيلَ فيه دجلةٌ / وَكِلاهُما ذو مدمع ذرّاف
أَيام إسماعيل لَم تكن اِنتهَت / بل إنه يحيا عَلى استئناف
ما المَوت للإِنسان إلا نقلة / وَحياة أَخلافٍ من الأسلاف
ما ماتَت الأسلاف موت حقيقة / بَل إِنَّها لتعيش في الأخلاف
الموت يوصلنا إِلى دار البلى / وَلَقَد تكون مقابر الأشراف
ما أَكثر الأشياع للنعش الَّذي / نَقلوه محمولاً عَلى الأكتاف
أَنا والأسى وَالشعر يوم وفاته / كنا معا كَثَلاثةٍ أَحلاف
وَلَقَد عددت القبر بعد نزوله / أحضانه من أَكرم الأكناف
يا قبر إسماعيل إنك كعبة / ما بالقَليل حجيجها لطواف
العَبقَريَّة فيك نازلةٌ فَهَل / بالعَبقَرية أَنت قل لي حافي
سيف بكف الدهر ماض غربه / من بعد سلٍّ رده لغلاف
قَد كنت تبصر فيه عند لقائه / ما شئت من أَدب زكا وَعَفاف
يا قبر إسماعيل حولك أُمَّة / تَبكي أديباً في ظلالك غافي
لَو كنت في مصر اِشتركت وإنما / بَيني وَبينك أبحر وَفيافي
كانَت بك الآداب تحكي جنة / غناء بعد تصوُّحٍ وَجَفاف
كنت الهزار لدوحها مترنماً / يَشدو عَلى اللَيمون والصفصاف
وَيح العنادِل إنها قد أعولت / في جنة الآداب بعد هتاف
الداء في كبرٍ أمضَّك نازِلاً / بصميم قلبٍ خافق وَشغاف
وَنضا عليك السيف يضرب مجهزاً / دهر فَلَم تجزع من السياف
إن كانَ داء المرء من أَيامه / عجز الطَبيب له عَن الإسعاف
بكت العيون عَلى مصابك غمة / وَبَكَت عليك فصاحة وَقوافي
كبر الَّذين قَد اِستخفوا بالردى / وَالحر أَجرأَهم عَلى اِستخفاف
طر للسماء فرب روح برة / طارَت بِغَير قوادم وَخوافي
فَهُناكَ قد تلقى فضاء واسعاً / فيه النجوم تعد بالآلاف
تتصعد الأرواح فَهي خَفيفة / لكنما الأجساد غير خفاف
يا نفس اسماعيل طيري وارفلي / فوق الأثير بثوبك الشفاف
وإذا وصلت إلى المَجرَّة فاضربي / فيها طرافاً فوق كل طراف
إني لآمل يا حمامة نفسه / أن لا تلاقي أَجدلاً فتخافي
فَهُناك أَقوام لغير تهضُّمٍ / وَهُناك أَحزاب لغير خلاف
حملت ثقيلات الهُموم عَلى ضعفي
حملت ثقيلات الهُموم عَلى ضعفي / وَلمّا أَقل أَوهٍ وَلما أَقل أفِّ
فَلِلَّه صَبري في حَياتي عَلى الأذى / وَلِلَّه غمضي في بِلادي عَلى العسف
وَما أَنا مِمَّن يغمضون عَلى القذى / وَلا أَنا مِمَّن يصبرون عَلى الخسف
وَما كانَ ظَني أَن قومي يهينني / إلى أَن رأَت عيناي بالرَغم من أَنفي
رأَت أَعينى من كنت أُصفِي مودتي / له يَبتَغي ضيمي وَيَسعى إلى حَتفي
فَلمّا تبينتُ الَّذي لم أَظنه / ضربت كمن يستاء كفاً عَلى كف
وإني لأبدي الحزن في الشعر شاكياً / وَهَذا الَّذي أَبديه بعض الَّذي أَخفي
تعلمت من درسي الطباع وَصحبتي / لِقَوميَ أَن اللين خير من العنف
كنا معاً بيننا نق
كنا معاً بيننا نق / سمُ الغَرام فخفَّا
فكنت تحمل نصفاً / وكنت أَحمل نصفا
إن دين الخلف
إن دين الخلف / من تراث السلف
وهو اليوم بحا / جاتهم ليس يفي
ليس يلقى جنة / أو جحيماً من هلك
إنما الوهم كما / تبتغي صور لك
لهفي على الحر الموس
لهفي على الحر الموس / سدِ في الثرى عبد اللطيف
لهفي على الأمل الذي / عبثت به أيدي الحتوف
لهفي على ذاك اللسان / الرطب والقلب الرؤوف
ما شئت من صدق ومن / حذق ومن رأي حصيف
لم ينشرح في الجيش من / قطع الجماجم والأنوف
فقضي برجحان اليراع / على البنادق والسيوف
ما أكبر النفس التي / في ذلك لجسد النحيف
أستاذ تاريخ الشعوب / وجهبذا الأدب الطريف
ليس الحياة بغير معرفة / سوى شيء سخيف
قد كان أكبر همه / منع العسوف عن العسيف
يسعى ليدرأ جاهداً / حيف القوي عن الضعيف
ما كان يخدعه ظهو / ر الذئب في جلد الخروف
قالوا قضى فمسكت قلبي / وهو يلحف في الوجيف
ما رزء من يبكي عليه / الشعب أجمع بالخفيف
إن الحياة وغى وقد / يهوي الشجاع من الصفوف
ولرب فرد يوم تدعو / الحرب أكثر من ألوف
من كان مقداماً فلا / يخشى مصارعة الصروف
والموت ليس كما يخا / ل البعض ذا شبح مخوف
لا يخاف الراعي ذئاباً تعاوى
لا يخاف الراعي ذئاباً تعاوى / من بعيد ملحة في الطواف
انما خوفه اذا الليل ادجى / من ذئاب تندس بين الخراف
في الفن معنى حسنه لا يعرف
في الفن معنى حسنه لا يعرف / حتى يمثل ما بمثل يوسف
جاء العراق يزوره فبه احتفت / ابناؤه وسبيلهم ان يحتفوا
حيته عاصمة الرشيد فشيبها / وشبابها للعبقرية تهتف
هبت تصفق عند رؤيتها له / حتى اذا قلت انتهت تستأنف
طربت على تمثيله وترنحت / فكأنما قد اسكرتها قرقف
لولا جمال حواره وجلاله / كانت حياة الفن شيئا يسخف
يبكي العيون بما يقول ممثلا / ويعود في رفق لهن يجفف
يجد الذي يرنو الى تمثيله / ان الحياة تعاد ثم تكيف
وهناك تشترك النفوس بحسها / وهناك اشتات القلوب تألف
الفن حر لا يلين لقاهر / والفن لا يعنو ولا يتزلف
انا اكبر الفنان يمشي مطلقا / من كل قيدلا كمن هو يرسف
ما اجمل النجم الذي في ليلتي / يرنو الي من السماء ويشرف
اكبر بيوسف ثم اكبر انه / في فنه ببراعة يتصرف
قد انجبته مصر فناناً ومن / قد انجبته مصر فهو مطرف
مصر وما مصر سوى ام على / من قد غذتهم من بنيها تعطف
قد كنت اسمع انها سكن له / فيكاد بي شوقي اليها يقذف
يصف الحياة مصوراً الوانها / فتراه يذكي نارها ويخفف
ويريك مختلف الوقائع مثلما / حدثت فجائعها وليس يحرف
تبقى العيون اليه شاخصة فما / هي عنه زائغة ولا هي تطرف
يمشي على سنن الطبيعة راشداً / لا الفن يسبقه ولا هو يجنف
مالي اذا شاهدت في تمثيله / صور الفجيعة للدموع اكفكف
ذرفت على تلك المشاهد مقلتي / عبراً وعهدي انها لا تذرف
ما كنت آذن بالبكاء لأعيني / حتى شجاني حين جد الموقف
كم مشهد للبؤس من جرائه / يبكي الحكيم ويضك المتفلسف
واذا الرواية مثلت فنجاحها / شيء على اسلوبها يتوقف
كالشعر معناه يتم بلفظه / فكأنه خود عليها مطرف
اللفظ والمعنى جناحا طائر / غرد يطوف بروضه ويرفرف
في المسرح المشهود اسمع رنة / فاخال ان الريح هبت تعصف
تشكو صبابتها ويشكو بثه / هيفاء فاتنة العيون واهيف
شر المصائب ما يجيء مفاجئا / كالسيل يطغى في الصباح فيجرف
طب بالحياة ومالها من ظاهر / يلهيك منه عن الخفى الزخرف
واترك حقيقتها فرب حقيقية / يدمى فؤادك فهمها ويخوف
اما الغرام فأنني في كبرتي / شوقا الى ايامه اتشوف
ووددت لو اني اعود الى الصبا / ولكل احلامي به استأنف
اذ كنت اقرأ بينات ربيعه / سوراً ووجه الارض دوني مصحف
واسير من جناته في روضه / غناء اجني ما اشاء واقطف
والمورقات مفتحات زهرها / والطير فوق المورقات ترفرف
ولربما ابعدت في دلج الهوى / والليل ساج والكواكب ترعف
والنفس دامية تعاني جرحها / وتبث شكواها لمن لا ينصف
الحب كان مسددا عند السرى / لخطاى آتي حيث شاء واصدف
واليوم لا ادري أاقوى قائما / وحدي باعباء الهوى ام اضعف
وكأن في الشيخ الرقاد طريدة / وكأن فيه الهم جيش يزحف
يا ايها الفنان فنك جامع / حكما وفنك خالد لا يتلف
ان كان غيرك غارفا من جدوك / ضحل فانك من خضم تغرف
تأتي الذي تأتي به متطبعاً / اما سواك فانه يتكلف
الفن انت امامه ووليه / والفن انت اميره المتصرف
والفن للروح العصي مروض / والفن للطبع الغليظ ملطف
تتثقف الاخلاق راشدة به / وبغيره الاخلاق لا تتثقف
صحبتك اقدر فرقة قد مثلةا / ولعبرة المتجمهرين استوكفوا
واخص احمد فهو علام بما / في الفن من سبل فلا يتعسف
قد احسنت فردوس في ادوارها / فكأنها القمر الذي لا يخسف
وامينة ابكت عيون شهودها / وامينة هي بالعواطف اعرف
يا حبذا المختار فهو ممثل / حلو الحديث يقول ما يستظرف
ولعل فتوحا له في دوره / ما يستفز النفس ساعة يكلف
حسن الى علوية ومنسة / وسرينة واولئكم قد احصفوا
اني لاذكر بالتجلة قاسما / فهو الاديب وبالرجاحة يوصف
اما الفؤاد فحدثوا عن قدرة / فياضة فيه وطبع يلطف
لا تنس توفيقا فتوفيق له / في ظل موقفه لسان مرهف
وبثينة اما مضت في شدوها / انحى يشايع ما تقول المعزف
يا يوسف السمح الذي ما ان تفي / بجميله كلماتنا والاحرف
لا يكتفي منك العراق بزورة / فيود لها ثنيتها تستأنف
متمنياً وعد الكريم بمثلها / اما الكريم فانه لا يخلف
واذا الزمان لنا تبسم وجهه / فالشمل بعد شتاته يتألف
أنا يا شمس ذرة فوق أرض
أنا يا شمس ذرة فوق أرض / هي في سيرها عليك تطوف
لا تكوني مغرورة انما مثلك / في اجواز الفضاء الوف
حول الحقيقة في الحياة طوافي
حول الحقيقة في الحياة طوافي / ولها برغم الكاشحين هتافي
خالفت فيها أهل عصري كلهم / متطرفا ولقد يطول خلافي
اني لقد شاهدتها في يقظتي / وسواي أبصرها بطرف غافي
تبدو وتخفي في زمان واحد / والناس إما مثبت أو نافي
حسناء ما قلمي الذي أرهفته / عمرا لوصف جمالها بالكافي
وقفت كما يقف الخيال بمشرف / ذمرتها من طرفها الخطاف
هي من عشقت على سماع حسنها / ما أشبه السموع بالشتاف
برزت حيال الشك سافرة وقد / لعب الجنوب بثوبها الهفهاف
برزت بثوب رق فوق قوامها / وانشق عن صدر وعن أكتاف
برزت كعابا في وشاح ضيق / عقدته معطوفا ودرع ضافي
برزت بوجه باسم وبأعين / وطف وفرع كالسخام غداف
السحر كل السحر في أنظارها / والسر كل السر في الأعطاف
ولقد ولعت بها لأول نظرة / ولقد تنشب حبها بشغافي
وعدوت مقتربا ومن ذا قادر / من غيرة فيه على إيقافي
فشهدت عن كثب بضاضة جسمها / وبياضه من ثوبها الشفاف
وهفت مبتهجا بها من بعدما / صافحتها فتبسمت لهتافي
الناس أعداء لها قد بالغوا / في نقدها وأنا الصديق الوافي
قد أزعجوها حين لم تحفل بهم / بالكذب من حقد وبالأرجاف
أحسن بذاك الوجه حين تبسمت / والثغر ذي الظلم النصيع الصفاي
قد غرني منها التبسم طاهرا / متى نسيت مكانتي ومطافي
وتباعدت عني ولم تنظر إلى / أسفي هناك ودمعي الذراف
كانت لعمري هفوة مني وما / أنا في سبيل الحب وحدي الهافي
فرجع منكر الفؤاد منكسا / للراس لا أرنو إلى أطرافي
الخير كل في قصد الفتى / والشر كل الشر في الإسراف
ما للطبيعة أول أو آخر / فكأنها بحر بغير ضفاف
أما السماء فليس غير طرافها / ولقد بنته فوق كل طراف
والدهر لم يك غير نهر هادر / والمرء ليس سوي حباب طافي
وإذا ترقبت الحباب وجدته / بعد الظهور يذوب في الرجاف
والأرض في جنب النجوم كذرة / بين الحصى والرمل في الأحقاف
لا شيء إلا والطبيعة أمه / لكنما كنه الطبيعة خافي
ما لي بأمر بدايتي ونهايتي / وحقيقتي والكون علم كاف
من أين قد جلب الزمان خميرتي / أو أين قد جبل الزمان جلافي
حي الطبيعة أوجدت أو أتلفت / ما إن هنالك خلفة وتنافى
ما أتلفت إلا لتوجد فائقا / ما أحكم الإيجاد في الاتلاف
الدهر يقضي ما يشاء قضاءه / من غير ما عدل ولا إجحاف
اما الحمام فلا أود دنوه / وان اغترفت من الحياة كفاني
أنحى على الحق المبين يهيته / ناس خلوا من شيمة الانصاف
ما زلت من فوق المنابر معلنا / بفمى له رغما عن الاناف
النشء للآراء غير مصوب / إلا إذا جاءت من الأسلاف
لا تحسب الأسلاف ماتوا فانتهوا / بل إنهم يحيون في الاخلاف
قد صوب المتعصبون سهامهم / لكنها طاشت عن الأهداف
إن الليالي أخلفتني وعدها / حتى برمت بذلك الاخلاف
والحادثات حربنني وجرحنني / فبقيت منبوذا بلا إسعاف
ليت الذي قسم الشؤون قضاؤه / قسم السعادة قسمة الإنصاف
ألما من الكاس الروية رنقها / ولكم غداة بها يطاف الصافي
أنا لست في الشعراء إلا بلبلا / يشدو على الليمون والصفصاف
ظنوا بأن الشعر ألفاظ لها / في النظم أوزان وبضع قوافي
والشعر ليس سوى شعور ثائر / في شكل نوح تارة وهتاف
ما إن يسمي في زمان شاعرا / من جاء بعد النكد بالسفاف