المجموع : 4
لقد زادني وجداً وأغرى بيَ الجوى
لقد زادني وجداً وأغرى بيَ الجوى / ذُبالٌ بأذيال الظلام قد الْتفَّا
تشير وراء الليل منه بنانَةٌ / مخضّبةٌ والليل قد حجب الكفَّا
تلوح سناناً حين لا تنفح الصَّبا / وتبدي سواراً حين تَثْني له العطفا
قطعت به ليلاً يطارحني الجوى / فآونَةً يبدو وآونةٌ يخفَى
إذا قلتُ لا يبدو أشالَ لسانَه / وإن قُلْتُ لا يخفى الضياءُ به كَفَّا
إلى أن أفاقَ الصبحُ من غمرة الدُّجى / وأهدى نسيمُ الرّوض من طيبه عَرْفَا
لك اللهُ يا مصباحُ أَشْبَهْتَ مهجتي / وقد شَفَّها من لوعةِ الحبِّ ما شفَّا
كأني بلطف الله قد عمّ خَلْقَهُ
كأني بلطف الله قد عمّ خَلْقَهُ / وعافى إمام المسلمين وقد شفى
وقاضي القضاء الحَتْم سجَّل ختمه / وخَطّ على رسم الشفاء له اكتفى
يقرُّ بعيني أن أرى الزهر يانعاً
يقرُّ بعيني أن أرى الزهر يانعاً / وقد نازع المحبوبَ في الحسن وصفَهُ
وما أبصرت عيني كزهر قَرَنْفُلِ / حكى خدَّ من يَسْبي الفُؤادَ وعَرْفَهُ
تمنَع في أعلى الهضاب لمجتنى / تمنّعَهُ منّي إذا رمتُ إِلْفَهُ
وفي جبل الفتح اجتَنَوْهُ تفاؤلاً / بفَتْح لباب الوصل يمنح عَطْفَهُ
وما ضرَّ ذاك الغصنَ وهو مرنَّحٌ / إذا ما ثَنى نحو المتيَّمِ عِطْفَهُ
عزاءٌ فإن الشجو قد كان يُسرفُ
عزاءٌ فإن الشجو قد كان يُسرفُ / وبُشْرى بها الداعي على الغور يُشرفُ
لَئِنْ غَرَبَ البدرُ المنيرُ محمّدٌ / لقد طلعَ البدرُ المكمّلُ يوسُفُ
وإن رُدَّ سيف الملك صوناً لغمدهِ / فقد سُلَّ من غمد الخلافة مُرْهَفُ
وإن طَوَتِ البُرْدَ اليماني يدُ البلى / فقد نُشِرَ البُردُ الجديدُ المُفَوَّفُ
وإن نضب الوادي وجف مَعينُهُ / فقد فاض بحر بالجواهر يقذف
وإن صوح الروض الذي يثب الغنى / فقد أزهر الرّوض الذي هو يُخلِفُ
وإن أقلعت سُحْبُ الحيا وتقشَّعت / فقد نشأَتْ منها غمائمُ وُكَّفُ
وإنْ صدعَ الشملَ الجميعَ يدُ النوى / بيوسُفَ فخرِ المنتدى يتألفُ
وإن راعَ قلبَ الدين نعيُ إمامه / فقد هُزَّ منه بالبشارة مَعْطَفُ
وقد ملك الإسلام خير خليفة / من البدر أبهى بل من الشمس أشْرَف
يُعير محياه الصباحُ إذَا بدا / وتُخجِل يُمناهُ الغمام وتَخْلُفُ
فمن نور مرآه الكواكبُ تهتدي / ومن فيض جَدْوَاهُ الحَيَا نتوكَّفُ
ولما قضى المولى الإمام محمدٌ / تحكم في الناس الأسى والتأسُّفُ
فلا جفنَ إلاّ مرسلٌ سُحْبَ دمعه / ولا قلبَ إلا بالجوى يَتَلَهَّفُ
وقد كادت الدنيا تميد بأهلها / وقد كادت الشُّمُ الشوامخ ترجُفُ
وقد كادت الأفلاك ترفضُّ حسرةً / وكادت بها الأنوار تخفو وتُكْسَفُ
ولكن تلافى اللهُ أمرَ عباده / بوارثِهِ واللهُ بالنّاسِ أَزأَفُ
فللدين والدنيا ابتهاجٌ وغبطة / وللثغر ثغرٌ بالمنى يُتَرَشَّفُ
أمانٍ كما تندى الشبيبة نَضْرَةٌ / يمُدُّ له ظلٌّ على الأرض أَوْرَفُ
طلعتَ على الإِسلام في دولة الرضا / فأَمَّنْتَهُ من كل ما يُتَخَوَّفُ
بوجه يُرينا البدرَ عند طلوعه / وفي وجنة البدر المنيرِ التكلُّفُ
وَعزمٍ كما انشقَّ الصباح مُصَمِّم / ورأي به بيض الصوارم تُرْهَفُ
وحولك من حفظ الإله كتائبٌ / وفوقَكَ من ظلِّ السعادة رَفْرَفُ
فوالله ما ندري وللعلم عندنا / براهين عن وجه الحقائق تكشفُ
أوجْهُك أمْ شمس النهار تطلعت / وكَفَّكَ أمْ سُحْبَ الحَيَا نَتَوَكَّفُ
فكم لك من ذكرٍ جميلٍ ومفخر / عميم على أوج الكواكب يُشْرُفُ
يُزار به البيتُ العتيقُ وزمزمٌ / ويعرفّه حتى الصّفا والمُعَرَفُ
ومن يسألِ الأيامَ تخبرْهُ أنها / بقومك تُزهى في الفخار وتشْرُفُ
وهل تهدُم الأيامُ بنيان مفخرٍ / تشيّده آيٌ كِرامٌ ومصحَفُ
ولو كانت الأيام قبلُ تَنَكَّرَتْ / فباسمك يا بدرَ الهدى تَتَعَرَّفُ
ألاَ إنْ تَرُعْنا الحادثات فإننا / عصابة توحيد به نَتَشَرَّفُ
وليس لنا إِلاَّ التوكلّ عادةٌ / وظنٌّ جميل وعدُهُ ليس يُخْلِفُ
فمَنْ مبلغٌ عنّا الغنيَّ بربه / وقد سار للفردوس يُحيا ويُتحفُ
بآية ما بلغت دين محمد / أمانيَّ للرحمن تُدني وتُزلفُ
وعنك يُروِّي الناسُ كلَّ غريبةٍ / يُروَّى لنا منها الغريبُ المصَنَّفُ
فكسّرتَ تمثالاً وهدْمتَ بِيعَةً / وناقوسُها بالكفر يهوي ويهتفُ
وكم من منار بالأذان عمرتَهُ / فصارت به الآذان بعدُ تُشَنَّفُ
وسرتَ وقد خلْفتّ خيرَ خليفةٍ / لك الفخر منه والثناءُ المخَلّفُ
أيوسُفُ قد أَرْضَيْتَهُ أجمل الرضا / وكان بما ترضى وتختار يكلَفُ
وكنتَ له يا قُرَّةَ العين قرةٌ / على برّه المحتوم تحنو وترأفُ
سَتجري على آثاره سابق المدى / فيُهدى له منك الثناءُ المضعَّفُ
سيلقى عدوُّ الدين منك عزائماً / إليه بجرّار الكتائب تزحفُ
ويأسف لما يُبصر البَرَّ يرتمي / بفرسانه والبحرَ بالسفُن يقذفُ
فما أرؤس الكفّار إلاّ حصائد / بسيفك سيف الله تُجنى وتُقْطَفُ
حسامك رقراق الصفيح كأنه / بكفك من ماء السماء يُنَطّفُ
ضعيف يَصِحُّ النصر من فتكاته / فيُروى لنا منه الصحيحُ المضعّفُ
ورمحك مرتاح المعاطف هِزَّةٌ / كَأَنْ قد سقته من دم الكفر قَرْقَفُ
ولا عيبَ فيه غير أن سنانه / إذا شَمَّ ريح النقع في الحرب يرعُفُ
فإن كعّت الأبطال في حومة الوغى / يشير لنا منه البنان المطَرْفُ
لقد فخر الإسلام منك ببَيْعَةٍ / وزال بها عنه الأسى والتخوّفُ
وألبستّهُ بُرداً من الفخر ضافياً / على عطفه وشيُ المديح يُفوَّفُ
وقد نظمت فيه السّعود ميامناً / كما يُنظمُ العِقدُ النفيسُ ويُرصَفُ
قدمتّ قرير العين في كلِّ غبطةٍ / بما شئت من آمالِكَ الغُرِّ تُسعِفُ