القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 26
لِكُلِّ زَمانٍ مَضى آيَةٌ
لِكُلِّ زَمانٍ مَضى آيَةٌ / وَآيَةُ هَذا الزَمانِ الصُحُف
لِسانُ البِلادِ وَنَبضُ العِبادِ / وَكَهفُ الحُقوقِ وَحَربُ الجَنَف
تَسيرُ مَسيرَ الضُحى في البِلادِ / إِذا العِلمُ مَزَّقَ فيها السَدَف
وَتَمشي تُعَلِّمُ في أُمَّةٍ / كَثيرَةِ مَن لا يَخُطُّ الأَلِف
فَيا فِتيَةَ الصُحفُ صَبراً إِذا / نَبا الرِزقُ فيها بِكُم وَاِختَلَف
فَإِنَّ السَعادَةَ غَيرُ الظُهو / رِ وَغَيرُ الثَراءِ وَغَيرُ التَرَف
وَلَكِنَّها في نَواحي الضَميرِ / إِذا هُوَ بِاللَومِ لَم يُكتَنَف
خُذوا القَصدَ وَاِقتَنِعوا بِالكَفافِ / وَخَلّوا الفُضولَ يَغِلها السَرَف
وَروموا النُبوغَ فَمَن نالَهُ / تَلَقّى مِنَ الحَظِّ أَسنى التُحَف
وَما الرِزقُ مُجتَنِبٌ حِرفَةً / إِذا الحَظُّ لَم يَهجُرِ المُحتَرِف
إِذا آخَتِ الجَوهَرِيَّ الحُظوظُ / كَفَلنَ اليَتيمَ لَهُ في الصَدَف
وَإِن أَعرَضَت عَنهُ لَم يَحلُ في / عُيونِ الخَرائِدِ غَيرُ الخَزَف
رَعى اللَهُ لَيلَتَكُم إِنَّها / تَلَت عِندَهُ لَيلَةَ المُنتَصَف
لَقَد طَلَعَ البَدرُ مِن جُنحِها / وَأَوما إِلى صُبحِها أَن يَقِف
جَلَوتُم حَواشِيَها بِالفُنونِ / فَمِن كُلِّ فَنٍّ جَميلٍ طَرَف
فَإِن تَسأَلوا ما مَكانُ الفُنونِ / فَكَم شَرَفٍ فَوقَ هَذا الشَرَف
أَريكَةُ مولِييرَ فيما مَضى / وَعَرشُ شِكِسبيرَ فيما سَلَف
وَعودُ اِبنِ ساعِدَةٍ في عُكاظَ / إِذا سالَ خاطِرُهُ بِالطُرَف
فَلا يَرقَيَن فيهِ إِلّا فَتىً / إِلى دَرَجاتِ النُبوغِ اِنصَرَف
تُعَلِّمُ حِكمَتُهُ الحاضِرينَ / وَتُسمِعُ في الغابِرينَ النُطَف
حَمَدنا بَلاءَكُمُ في النِضالِ / وَأَمسُ حَمَدنا بَلاءَ السَلَف
وَمَن نَسِيَ الفَضلَ لِلسابِقينَ / فَما عَرَفَ الفَضلَ فيما عَرَف
أَلَيسَ إِلَيهِم صَلاحُ البِناءِ / إِذا ما الأَساسُ سَما بِالغُرَف
فَهَل تَأذَنونَ لِذي خِلَّةٍ / يَفُضُّ الرَياحينَ فَوقَ الجِيَف
فَأَينَ اللِواءُ وَرَبُّ اللِواءِ / إِمامُ الشَبابِ مِثالُ الشَرَف
وَأَينَ الَّذي بَينَكُم شِبلُهُ / عَلى غايَةِ الحَقِّ نِعمَ الخَلَف
وَلا بُدَّ لِلغَرسِ مِن نَقلِهِ / إِلى مَن تَعَهَّدَ أَو مَن قَطَف
فَلا تَجحَدَنَّ يَدَ الغارِسينَ / وَهَذا الجَنى في يَدَيكَ اِعتَرَف
أُولَئِكَ مَرّوا كَدودِ الحَريرِ / شَجاها النَفاعُ وَفيهِ التَلَف
يَقولُ أُناسُ لَو وَصَفتَ لَنا الهَوى
يَقولُ أُناسُ لَو وَصَفتَ لَنا الهَوى / لَعَلَّ الَّذي لا يَعرِفُ الحُبَّ يَعرِفُ
فَقُلتُ لَقَد ذُقتُ الهَوى ثُمَّ ذُقتُهُ / فَوَ اللَهِ ما أَدري الهَوى كَيفَ يوصَفُ
عَلَّموهُ كَيفَ يَجفو فَجَفا
عَلَّموهُ كَيفَ يَجفو فَجَفا / ظالِمٌ لاقَيتُ مِنهُ ما كَفى
مُسرِفٌ في هَجرِهِ ما يَنتَهي / أَتُراهُم عَلَّموهُ السَرَفا
جَعَلوا ذَنبي لَدَيهِ سَهَري / لَيتَ يَدري إِذ دَرى الذَنبَ عَفا
عَرَفَ الناسُ حُقوقي عِندَهُ / وَغَريمي ما دَرى ما عَرَفا
صَحَّ لي في العُمرِ مِنهُ مَوعِدٌ / ثُمَّ ما صَدَّقتُ حَتّى أَخلَفا
وَيَرى لي الصَبرَ قَلبٌ ما دَرى / أَنَّ ما كَلَّفَني ما كَلَّفا
مُستَهامٌ في هَواهُ مُدنَفٌ / يَتَرَضّى مُستَهاماً مُدنَفا
يا خَليلَيَّ صِفا لي حيلَةً / وَأَرى الحيلَةَ أَن لا تَصِفا
أَنا لَو نادَيتُهُ في ذِلَّةٍ / هِيَ ذي روحي فَخُذها ما اِحتَفى
أَجَلٌ وَإِن طالَ الزَمانُ مُوافي
أَجَلٌ وَإِن طالَ الزَمانُ مُوافي / أَخلى يَدَيكَ مِنَ الخَليلِ الوافي
داعٍ إِلى حَقٍّ أَهابَ بِخاشِعٍ / لَبِسَ النَذيرَ عَلى هُدىً وَعَفافِ
ذَهَبَ الشَبابُ فَلَم يَكُن رُزئي بِهِ / دونَ المُصابِ بِصَفوَةِ الأُلّافِ
جَلَلٌ مِنَ الأَرزاءِ في أَمثالِهِ / هِمَمُ العَزاءِ قَليلَةُ الإِسعافِ
خَفَّت لَهُ العَبَراتُ وَهيَ أَبِيَّةٌ / في حادِثاتِ الدَهرِ غَيرُ خِفافِ
وَلِكُلِّ ما أَتلَفتَ مِن مُستَكرَمٍ / إِلّا مَوَدّاتِ الرِجالِ تَلافِ
ما أَنتِ يا دُنيا أَرُؤيا نائِمٍ / أَم لَيلُ عُرسٍ أَم بِساطُ سُلافِ
نَعماؤُكِ الرَيحانُ إِلّا أَنَّهُ / مَسَّت حَواشيهِ نَقيعَ زُعافِ
ما زِلتُ أَصحَبُ فيكِ خُلقاً ثابِتاً / حَتّى ظَفِرتُ بِخُلقِكِ المُتَنافي
ذَهَبَ الذَبيحُ السَمحُ مِثلَ سَمِيِّهِ / طُهرَ المُكَفَّنِ طَيِّبَ الأَلفافِ
كَم باتَ يَذبَحُ صَدرَهُ لِشَكاتِهِ / أَتُراهُ يَحسَبُها مِنَ الأَضيافِ
نَزَلَت عَلى سَحرِ السَماحِ وَنَحرِهِ / وَتَقَلَّبَت في أَكرَمِ الأَكنافِ
لَجَّت عَلى الصَدرِ الرَحيبِ وَبَرَّحَت / بِالكاظِمِ الغَيظَ الصَفوحِ العافي
ما كانَ أَقسى قَلبَها مِن عِلَّةٍ / عَلِقَت بِأَرحَمِ حَبَّةٍ وَشَغافِ
قَلبٌ لَوِ اِنتَظَمَ القُلوبَ حَنانُهُ / لَم يَبقَ قاسٍ في الجَوانِحِ جافي
حَتّى رَماهُ بِالمَنِيَّةِ فَاِنجَلَت / مَن يَبتَلي بِقَضائِهِ وَيُعافي
أَخَنتَ عَلى الفَلَكِ المُدارِ فَلَم يَدُرِ / وَعَلى العُبابِ فَقَرَّ في الرَجّافِ
وَمَضَت بِنارِ العَبقَرِيَّةِ لَم تَدَع / غَيرَ الرَمادِ وَدارِساتِ أَثافي
حَمَلوا عَلى الأَكتافِ نورَ جَلالَةٍ / يَذَرُ العُيونَ حَواسِدَ الأَكتافِ
وَتَقَلَّدوا النَعشَ الكَريمَ يَتيمَةً / وَلَكَم نُعوشٍ في الرِقابِ زِيافِ
مُتَمايِلَ الأَعوادِ مِمّا مَسَّ مِن / كَرَمٍ وَمِمّا ضَمَّ مِن أَعطافِ
وَإِذا جَلالُ المَوتِ وافٍ سابِغٌ / وَإِذا جَلالُ العَبقَرِيَّةِ ضافي
وَيحَ الشَبابِ وَقَد تَخَطَّرَ بَينَهُم / هَل مُتِّعوا بِتَمَسُّحٍ وَطَوافِ
لَو عاشَ قُدوَتُهُمُ وَرَبُّ لِوائِهِم / نَكَسَ اللِواءَ لِثابِتٍ وَقّافِ
فَلَكَم سَقاهُ الوُدَّ حينَ وِدادُهُ / حَربٌ لِأَهلِ الحُكمِ وَالإِشرافِ
لا يَومَ لِلأَقوامِ حَتّى يَنهَضوا / بِقَوادِمٍ مِن أَمسِهِم وَخَوافي
لا يُعجِبَنَّكَ ما تَرى مِن قُبَّةٍ / ضَرَبوا عَلى مَوتاهُمُ وَطِرافِ
هَجَموا عَلى الحَقِّ المُبينِ بِباطِلٍ / وَعَلى سَبيلِ القَصدِ بِالإِسرافِ
يَبنونَ دارَ اللَهِ كَيفَ بَدا لَهُم / غُرُفاتِ مُثرٍ أَو سَقيفَةَ عافي
وَيُزَوِّرونَ قُبورَهُم كَقُصورِهُم / وَالأَرضُ تَضحَكُ وَالرُفاتُ السافي
فُجِعَت رُبى الوادي بِواحِدِ أَيكِها / وَتَجَرَّعَت ثُكلَ الغَديرِ الصافي
فَقَدَت بَناناً كَالرَبيعِ مُجيدَةً / وَشيَ الرِياضِ وَصَنعَةَ الأَفوافِ
إِن فاتَهُ نَسَبُ الرَضِيِّ فَرُبَّما / جَرَيا لِغايَةِ سُؤدُدٍ وَطِرافِ
أَو كانَ دونَ أَبي الرَضِيِّ أُبُوَّةً / فَلَقَد أَعادَ بَيانَ عَبدِ مَنافِ
شَرَفُ العِصامِيّينَ صُنعُ نُفوسِهِم / مَن ذا يَقيسُ بِهِم بَني الأَشرافِ
قُل لِلمُشيرِ إِلى أَبيهِ وَجَدِّهِ / أَعَلِمتَ لِلقَمَرَينِ مِن أَسلافِ
لَو أَنَّ عُمراناً نِجارُكَ لَم تَسُد / حَتّى يُشارَ إِلَيكَ في الأَعرافِ
قاضي القُضاةِ جَرَت عَلَيهِ قَضِيَّةٌ / لِلمَوتِ لَيسَ لَها مِنِ اِستِئنافِ
وَمُصَرِّفُ الأَحكامِ مَوكولٌ إِلى / حُكمِ المَنِيَّةِ ما لَهُ مِن كافي
وَمُنادِمُ الأَملاكِ تَحتَ قِبابِهِم / أَمسى تُنادِمُهُ ذِئابُ فَيافي
في مَنزِلٍ دارَت عَلى الصيدِ العُلا / فيهِ الرَحى وَمَشَت عَلى الأَردافِ
وَأُزيلَ مِن حُسنِ الوُجوهِ وَعِزِّها / ماكانَ يُعبَدُ مِن وَراءِ سِجافِ
مِن كُلِّ لَمّاحِ النَعيمِ تَقَلَّبَت / ديباجَتاهُ عَلى بِلىً وَجَفافِ
وَتَرى الجَماجِمَ في التُرابِ تَماثَلَت / بَعدَ العُقولِ تَماثُلَ الأَصدافِ
وَتَرى العُيونَ القاتِلاتِ بِنَظرَةٍ / مَنهوبَةَ الأَجفانِ وَالأَسيافِ
وَتُراعُ مِن ضَحِكِ الثُغورِ وَطالَما / فَتَنَت بِحُلوِ تَبَسُّمٍ وَهُتافِ
غَزَتِ القُرونَ الذاهِبينَ غَزالَةٌ / دَمُهُم بِذِمَّةِ قَرنِها الرَعّافِ
يَجري القَضاءُ بِها وَيَجري الدَهرُ عَن / يَدِها فَيا لِثَلاثَةٍ أَحلافِ
تَرمي البَرِيَّةَ بِالحُبولِ وَتارَةً / بِحَبائِلٍ مِن خَيطِها وَكَفافِ
نَسَجَت ثَلاثَ عَمائِمٍ وَاِستَحدَثَت / أَكفانَ مَوتى مِن ثِيابِ زَفافِ
أَأَبا الحُسَينِ تَحِيَّةً لِثَراكَ مِن / روحٍ وَرَيحانٍ وَعَذبِ نِطافِ
وَسَلامُ أَهلٍ وُلَّهٍ وَصَحابَةٍ / حَسرى عَلى تِلكَ الخِلالِ لِهافِ
هَل في يَدَيَّ سِوى قَريضٍ خالِدٍ / أُزجيهِ بَينَ يَدَيكَ لِلإِتحافِ
ما كانَ أَكرَمَهُ عَلَيكَ فَهَل تَرى / أَنّي بَعَثتُ بِأَكرَمِ الأَلطافِ
هَذا هُوَ الرَيحانُ إِلّا أَنَّهُ / نَفَحاتُ تِلكَ الرَوضَةِ المِئنافِ
وَالدُرُّ إِلّا أَنَّ مَهدَ يَتيمِهِ / بِالأَمسِ لُجَّةُ بَحرِكِ القَذّافِ
أَيّامَ أَمرَحُ في غُبارِكَ ناشِئاً / نَهجَ المِهارِ عَلى غُبارِ خِصافِ
أَتَعَلَّمُ الغاياتِ كَيفَ تُرامُ في / مِضمارِ فَضلٍ أَو مَجالِ قَوافي
يا راكِبَ الحَدباءِ خَلِّ زِمامَها / لَيسَ السَبيلُ عَلى الدَليلِ بِخافي
دانَ المَطِيَّ الناسُ غَيرَ مَطِيَّةٍ / لِلحَقِّ لا عَجلى وَلا ميجافِ
لا في الجِيادِ وَلا النِياقِ وَإِنَّما / خُلِقَت بِغَيرِ حَوافِرٍ وَخِفافِ
تَنتابُ بِالرُكبانِ مَنزِلَةَ الهُدى / وَتَؤُمُّ دارَ الحَقِّ وَالإِنصافِ
قَد بَلَّغَت رَبَّ المَدائِنِ وَاِنتَهَت / حَيثُ اِنتَهَيتَ بِصاحِبِ الأَحقافِ
نَم مِلءَ جَفنِكَ فَالغُدُوُّ غَوافِلٌ / عَمّا يَروعُكَ وَالعَشِيُّ غَوافي
في مَضجَعٍ يَكفيكَ مِن حَسَناتِهِ / أَن لَيسَ جَنبُكَ عَنهُ بِالمُتَجافي
وَاِضحَك مِنَ الأَقدارِ غَيرَ مُعَجَّزٍ / فَاليَومَ لَستَ لَها مِنَ الأَهدافِ
وَالمَوتُ كُنتَ تَخافُهُ بِكَ ظافِراً / حَتّى ظَفِرتَ بِهِ فَدعهُ كَفافِ
قُل لي بِسابِقَةِ الوِدادِ أَقاتِلٌ / هُوَ حينَ يَنزِلُ بِالفَتى أَم شافي
في الأَرضِ من أَبَوَيكَ كِنزا رَحمَةٍ / وَهَوىً وَذَلِكَ مِن جِوارٍ كافي
وَبِها شَبابُكَ وَاللِداتُ بَكَيتُهُ / وَبَكَيتُهُم بِالمَدمَعِ الذَرّافِ
فَاِذهَب كَمِصباحِ السَماءِ كِلاكُما / مالَ النَهارُ بِهِ وَلَيسَ بِطافي
الشَمسُ تُخلَفُ بِالنُجومِ وَأَنتَ بِال / آثارِ وَالأَخبارِ وَالأَوصافِ
غَلَبَ الحَياةَ فَتىً يَسُدُّ مَكانَها / بِالذِكرِ فَهوَ لَها بَديلٌ وافي
كانَ لِسُلطانٍ نَديمٌ وافِ
كانَ لِسُلطانٍ نَديمٌ وافِ / يُعيدُ ما قالَ بِلا اِختِلافِ
وَقَد يَزيدُ في الثَنا عَلَيهِ / إِذا رَأى شَيئاً حَلا لَدَيهِ
وَكانَ مَولاهُ يَرى وَيَعلَمُ / وَيَسمَعُ التَمليقَ لَكِن يَكتُمُ
فَجَلسا يَوماً عَلى الخِوانِ / وَجيءَ في الأَكلِ بِباذِنجانِ
فَأَكَلَ السُلطانُ مِنهُ ما أَكَل / وَقالَ هَذا في المَذاقِ كَالعَسَل
قالَ النَديمُ صَدقَ السُلطانُ / لا يَستَوي شَهدٌ وَباذِنجانُ
هَذا الَّذي غَنى بِهِ الرَئيسُ / وَقالَ فيهِ الشِعرَ جالينوسُ
يُذهِبُ أَلفَ عِلَّةٍ وَعِلَّه / وَيُبرِدُ الصَدرَ وَيَشفي الغُلَّه
قالَ وَلَكِن عِندَهُ مَرارَه / وَما حَمَدتُ مَرَّةً آثارَه
قالَ نَعَم مُرٌّ وَهَذا عَيبُه / مُذ كُنتُ يا مَولايَ لا أُحِبُّه
هَذا الَّذي ماتَ بِهِ بُقراطُ / وَسُمَّ في الكَأسِ بِهِ سُقراطُ
فَاِلتَفَتَ السُلطانُ فيمَن حَولَهُ / وَقالَ كَيفَ تَجِدونَ قَولَه
قالَ النَديمُ يا مَليكَ الناسِ / عُذراً فَما في فِعلَتي مِن باسِ
جُعِلتُ كَي أُنادِمَ السُلطانا / وَلَم أُنادِم قَطُّ باذِنجانا
بَينا ضِعافٌ مِن دَجاجِ الريفِ
بَينا ضِعافٌ مِن دَجاجِ الريفِ / تَخطِرُ في بَيتٍ لَها طَريفِ
إِذا جاءَها هِندي كَبيرُ العُرفِ / فَقامَ في البابِ قِيامَ الضَيفِ
يَقولُ حَيّا اللَهُ ذي الوُجوها / وَلا أَراها أَبَداً مَكروها
أَتَيتُكُم أَنشُرُ فيكُم فَضلي / يَوماً وَأَقضي بَينَكُم بِالعَدلِ
وَكُلُّ ما عِندَكُمُ حَرامُ / عَلَيَّ إِلّا الماءُ وَالمَنامُ
فَعاوَدَ الدَجاجَ داءُ الطَيشِ / وَفَتَحَت لِلعِلجِ بابَ العُشِّ
فَجالَ فيهِ جَولَةَ المَليكِ / يَدعو لِكُلِّ فَرخَةٍ وَديكِ
وَباتَ تِلكَ اللَيلَةَ السَعيدَه / مُمَتَّعاً بِدارِهِ الجَديدَه
وَباتَتِ الدَجاجُ في أَمانِ / تَحلُمُ بِالذِلَّةِ وَالهَوانِ
حَتّى إِذا تَهَلَّلَ الصَباحُ / وَاِقتَبَسَت مِن نورِهِ الأَشباحُ
صاحَ بِها صاحِبُها الفَصيحُ / يَقولُ دامَ مَنزِلي المَليحُ
فَاِنتَبَهَت مِن نَومِها المَشؤومِ / مَذعورَةً مِن صَيحَةِ الغَشومِ
تَقولُ ما تِلكَ الشُروط بَينَنا / غَدَرتَنا وَاللَهِ غَدراً بَيِّنا
فَضَحِكَ الهِندِيُّ حَتّى اِستَلقى / وَقالَ ما هَذا العَمى يا حَمقى
مَتى مَلَكتُم أَلسُنَ الأَربابِ / قَد كانَ هَذا قَبلَ فَتحِ البابِ
أَلَمَّ عُصفورٌ بِمَجرىً صافِ
أَلَمَّ عُصفورٌ بِمَجرىً صافِ / قَد غابَ تَحتَ الغابِ في الأَلفافِ
يَسقي الثَرى مِن حَيثُ لا يَدري الثَرى / خَشيَةَ أَن يُسمَعَ عَنهُ أَو يُرى
فَاِغتَرَفَ العُصفورُ مِن إِحسانِهِ / وَحَرَّكَ الصَنيعُ مِن لِسانِهِ
فَقالَ يا نورَ عُيونِ الأَرضِ / وَمُخجِلَ الكَوثَرِ يَومَ العَرضِ
هَل لَكَ في أَن أَرشِدَ الإِنسانا / لِيَعرِفَ المَكانَ وَالإِمكانا
فَيَنظُرَ الخَيرَ الَّذي نَظَرتُ / وَيَشكُرَ الفَضلَ كَما شَكَرتُ
لَعَلَّ أَن تُشهَرَ بِالجِميلِ / وَتُنسِيَ الناسَ حَديثَ النيلِ
فَاِلتَفَتَ الغَديرُ لِلعُصفورِ / وَقالَ يُهدي مُهجَةَ المَغرورِ
يا أَيُّها الشاكِرُ دونَ العالَمِ / أَمَّنَكَ اللَهُ يَدَ اِبنِ آدَمِ
النيلُ فَاِسمَع وَاِفهَمِ الحَديثا / يُعطي وَلَكِن يَأخُذُ الخَبيثا
مِن طولِ ما أَبصَرَهُ الناسُ نُسي / وَصارَ كُلُّ الذِكرِ لِلمُهَندِسِ
وَهَكَذا العَهدُ بِوُدِّ الناسي / وَقيمَةُ المُحسِنِ عِندَ الناسِ
وَقَد عَرَفتَ حالَتي وَضِدَّها / فَقُل لِمَن يَسأَلُ عَنّي بَعدَها
إِن خَفِيَ النافِعُ فَالنَفعُ ظَهَر / يا سَعدَ مَن صافى وَصوفي وَاِستَتَر
تَنازَعَ الغَزالُ وَالخَروفُ
تَنازَعَ الغَزالُ وَالخَروفُ / وَقالَ كُلٌّ إِنَّهُ الظَريفُ
فَرَأَيا التَيسَ فَظَنّا أَنَّهُ / أَعطاهُ عَقلاً مَن أَطالَ ذَقنَه
فَكَلَّفاهُ أَن يُفَتِّشَ الفَلا / عَن حَكَمٍ لَهُ اِعتِبارٌ في المَلا
يَنظُرُ في دَعواهُما بِالدِقَّه / عَساهُ يُعطي الحَقَّ مُستَحِقَّه
فَسارَ لِلبَحثِ بِلا تَواني / مُفتَخِراً بِثِقَةِ الإِخوانِ
يَقول عِندي نَظرَةٌ كَبيرَه / تَرفَعُ شَأنَ التَيسِ في العَشيرَه
وَذاكَ أَن أَجدَرَ الثَناءِ / بِالصِدقِ ما جاءَ مِنَ الأَعداءِ
وَإِنَّني إِذا دَعَوتُ الذيبا / لا يَستَطيعانِ لَهُ تَكذيبا
لِكَونِهِ لا يَعرِفُ الغَزالا / وَلَيسَ يُلقي لِلخَروفِ بالا
ثُمَّ أَتى الذيبَ فَقالَ طِلبَتي / أَنتَ فَسِر مَعي وَخُذ بِلِحيَتي
وَقادَهُ لِلمَوضِعِ المَعروفِ / فَقامَ بَينَ الظَبيِ وَالخَروفِ
وَقالَ لا أَحكُمُ حَسبَ الظاهِرِ / فَمَزَّقَ الظَبيَينِ بِالأَظافِرِ
وَقالَ لِلتَيسِ اِنطَلِق لِشَأنِكا / ما قَتَلَ الخَصمَينِ غَيرُ ذَقنكا
هِرَّتي جِدُّ أَليفَه
هِرَّتي جِدُّ أَليفَه / وَهيَ لِلبَيتِ حَليفَه
هِيَ ما لَم تَتَحَرَّك / دُميَةُ البَيتِ الظَريفَه
فَإِذا جَاءَت وَراحَت / زيدَ في البَيتِ وَصيفَه
شُغلُها الفارُ تُنَقّي الر / رَفَّ مِنهُ وَالسَقيفَه
وَتَقومُ الظُهرَ وَالعَص / رَ بِأَورادٍ شَريفَه
وَمِنَ الأَثوابِ لَم تَم / لِك سِوى فَروٍ قَطيفَه
كُلَّما اِستَوسَخَ أَو آ / وى البَراغيثَ المُطيفَه
غَسَلَتهُ وَكَوَتهُ / بِأَساليبَ لَطيفَه
وَحَدَّت ما هُوَ كَالحَمّا / مِ وَالماءِ وَظيفَه
صَيَّرَت ريقَتَها الصا / بونَ وَالشارِبَ ليفَه
لا تَمُرَّنَّ عَلى العَينِ / وَلا بِالأَنفِ جيفَه
وَتَعَوَّد أَن تُلاقى / حَسَنَ الثَوبِ نَظيفَه
إِنَّما الثَوبُ عَلى الإِن / سانِ عُنوانُ الصَحيفَه
زعم المقطم أنه
زعم المقطم أنه / ينشي وينشر فلسفه
صدق المقطم يا له / من فيلسوف في السفه
في القبر أم في فؤادي الواجف
في القبر أم في فؤادي الواجف / عكفت يا ابني ولم تزل عاكف
آنست في الترب خير والدة / من حيث أوحشت والدا لاهف
فمن له بالحمام بعدكما / يلقاه لا كارها ولا خائف
يا غربة في العلوم ما طويت / إلا بسيف المنية الخاطف
ويا شبابا بدا له ثمر / ما كان غير الردى له قاطف
كونا لدى الله شافعَين له / وسلما نحو ظله الوارف
وأيِّدا داعيا يؤرّخه / في نعم الخلد مصطفى عاكف
أروى لكم خرافة
أروى لكم خرافة / في غاية اللطافة
أتت من الهند لنا / وترجموها قبلنا
إلى لغات جمه / لأن فيها حكمه
طوشترى معبو / الَّهه الهنود
قالوا هو الذي برا / هذا الوجود والورى
ومثله فلكان / فيما رأى اليونان
كلاهما حداد / عَبَده العباد
فحين صاغ العالما / كما يصوغ الخاتما
أنفق ما كان ادّخر / ولم يدع ولم يذر
وكلَّ شئ بذلا / حتى أتم الرجلا
وضاق بالنساء / في الخلق والإنشاء
فحار ماذا يجمع / ومنه أنثى يضع
وبعد فكر أعمله / حتى بدا الصواب له
كوّنها تكوينا / مختلفا تلوينا
من استدارة القمر / إلى لطافة الزهر
إلى تراوح العشب / إلى رشاقة القضب
فلحظات الريم / فقلق النسيم
فبهجة الشعاع / فقسوة السباع
فقوة الألماس / وماله من باس
فزهوة الطاووس / تأخذ بالنفوس
ومن دموع السحب / إلى انكماش الأرنب
إلى التواء الأرقم / فالزغب المقسَّم
فالحر من وقود / فالبرد من جليد
فالشهد في المذاق / فخفة الأوراق
إلى التفاف النبت / زاحفه والثبت
فنغم الهدير / فهذر العصفور
وكل هذا هيأه / مكونا منه امرأة
وبعد ما أتمها / لعبده قدمها
وقال خذها يا رجل / وعن هواها لا تحل
فبعد أسبوع مضى / أتى له معترضا
يقول يا أللَّهُمّا / خذها كفاني هما
لا صبر لي معها ولا / أرى بيها لي قِبَلا
تظل تشكو الداء / وتخلق الشحناء
محتالة على الغضب / شاكية ولا سبب
قد ضيّعت أوقاتي / وأذهبت لذاتي
فأخذ الإله / ما كان قد أعطاه
فلم يكن بعض زمن / حتى تولاه الحزَن
فقال يا رب ردّها / فما نعمتُ بعدها
بانت فلا أنساها / كأنني أراها
ماثلة أمامي / مالئة أيامي
لطيفة في لعبها / خفيفة في وثبها
قال الإله للرجل / حيرت مولاك فقل
ماذا الذي تريد / أحفظ أم أعيد
فأخذ الرفيقة / وقال ذى الحقيقة
لا عيش لي معها ولا / بغيرها العيش حلا
تم لبعض الناس فيما قد سلف
تم لبعض الناس فيما قد سلف / كلب وقرد وحمار فاحترف
وصار يغتدى بها ويسرح / كجوقة لها الطريق مرسح
علمها بالجهد كيف تفهم / وكل شئ بالمراس يعلم
جاءته ليلا وهو في المنام / تقول قم يا سيد الكرام
ها قد تجلت ليلة القدر لنا / وقبل مولانا سألنا سؤلنا
فقام يستعدّ للضراعه / وقال ماذا طلب الجماعة
قال له القرد طلبت المملكة / تكون لي وحدى بغير شركة
قال الحمار وأنا الوزير / والصدر في الدولة والمشير
والكلب قال قد سألت الباريا / يجعلني في ملك هذا قاضيا
فراعَ رب الجوق ما قد سمعا / ثم جثا لربه وضرعا
وقال يا صاحب هذه الليلة / سألتك الموت ولا ذى الدوله
تشكو الخصور من الصدور تحاملا
تشكو الخصور من الصدور تحاملا / والذنب محمول على الأرداف
هذى تؤازرها وتلك تهينها / فتضيع بين الرفق والإجحاف
علمت بأن الحطام انصرف
علمت بأن الحطام انصرف / وأدبر ما كان إلا الشرف
وأنك بعت المنى واشتري / ت فخانك في ذاك سوق الصُدف
وأسرفت تبغى عريض الغنى / أقبلك من ناله بالسرف
وما هو إلا انقباض اليدين / رجاء الصيان وخوف التلف
وحبك مالِك حب الحياة / وحفظك مالك حفظ التحف
فقلت لعل الأديب انتهى / وكان له عظة ما سلف
أتدركه حرفة جازها / قديما إلى غيرها في الحرف
وقد هجر النظم نظم الجمان / وقد هجر النثر نثر الطرف
ومن كان ثروته عقله / يبيع الجواهر بيع الخزف
لا تدخل الحانات مستهترا
لا تدخل الحانات مستهترا / فالصفع في الحانات ساق يطوف
فرب كف خلقت أسطرا / في الوجه لا تمحى بعذر الحروف
يا عدوّ الله والرس
يا عدوّ الله والرس / ل وسبَّاب الخليفة
صف لنا صفحة خدَّ / يك على تلك الصحيفة
أرقصوه بقولهم فيلسوف
أرقصوه بقولهم فيلسوف / حين غنت على قفاه الكفوف
كاتب الشرق ماله من جزاء / غير صفع السقاة حين تطوف
وله السبك حين ينشى وما يس / بك مما يخط إلا الحروف
كذبت في باينه كل دعوى / هو في الناس سارق معروف
لك خدّ كأنه قطعة الجل
لك خدّ كأنه قطعة الجل / مد ثقلا فمن تراه استخفه
كلفوا صافعا به وهو لا يد / رى لذا راح صافعا كفه
سموه عام الكف وهو الذي
سموه عام الكف وهو الذي / يؤخذ من معناه ان قد كفى
ما هو عام الكف لو انصفوا / لكنه بالحق عام القفا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025