القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو تمّام الكل
المجموع : 16
أَما إِنَّهُ لَولا الخَليطُ المُوَدِّعُ
أَما إِنَّهُ لَولا الخَليطُ المُوَدِّعُ / وَرَبعٌ عَفا مِنهُ مَصيفٌ وَمَربَعُ
لَرُدَّت عَلى أَعقابِها أَريحِيَّةٌ / مِنَ الشَوقِ واديها مِنَ الهَمِّ مُترَعُ
لَحِقنا بِأُخراهُم وَقَد حَوَّمَ الهَوى / قُلوباً عَهِدنا طَيرَها وَهيَ وُقَّعُ
فَرُدَّت عَلَينا الشَمسُ وَاللَّيلُ راغِمٌ / بِشَمسٍ لَهُم مِن جانِبِ الخِدرِ تَطلُعُ
نَضا ضَوءُها صِبغَ الدُجُنَّةِ فَاِنطَوى / لِبَهجَتِها ثَوبُ السَماءِ المُجَزَّعُ
فَوَاللَهِ ما أَدري أَأَحلامُ نائِمٍ / أَلَمَّت بِنا أَم كانَ في الرَكبِ يوشَعُ
وَعَهدي بِها تُحيي الهَوى وَتُميتُهُ / وَتَشعَبُ أَعشارَ الفُؤادِ وَتَصدَعُ
وَأَقرَعُ بِالعُتبى حُمَيّا عِتابَها / وَقَد تَستَقيدُ الراحَ حينَ تُشَعشَعُ
وَتَقفو إِلى الجَدوى بِجَدوى وَإِنَّما / يَروقُكَ بَيتُ الشِعرِ حينَ يُصَرَّعُ
أَلَم تَرَ آرامَ الظِباءِ كَأَنَّما / رَأَت بِيَ سيدَ الرَملِ وَالصُبحُ أَدرَعُ
لَئِن جَزِعَ الوَحشِيُّ مِنها لِرُؤيَتي / لَإِنسِيُّها مِن شَيبِ رَأسِيَ أَجزَعُ
غَدا الهَمُّ مُختَطّاً بِفَوَدَيِّ خِطَّةً / طَريقُ الرَدى مِنها إِلى النفسِ مَهيَعُ
هُوَ الزَورُ يُجفى وَالمُعاشَرُ يُجتَوى / وَذو الإِلفِ يُقلى وَالجَديدُ يُرَقَّعُ
لَهُ مَنظَرٌ في العَينِ أَبيَضُ ناصِعٌ / وَلَكِنَّهُ في القَلبِ أَسوَدُ أَسفَعُ
وَنَحنُ نُزَجّيهِ عَلى الكُرهِ وَالرِضا / وَأَنفُ الفَتى مِن وَجهِهِ وَهوَ أَجدَعُ
لَقَد ساسَنا هَذا الزَمانُ سِياسَةً / سُدىً لَم يَسُسها قَطُّ عَبدٌ مُجَدَّعُ
تَروحُ عَلَينا كُلَّ يَومٍ وَتَغتَدي / خُطوبٌ كَأَنَّ الدَهرَ مِنهُنَّ يُصرَعُ
حَلَت نُطَفٌ مِنها لِنِكسٍ وَذو النُهى / يُدافُ لَهُ سُمٌّ مِنَ العَيشِ مُنقَعُ
فَإِن نَكُ أُهمِلنا فَأَضعِف بِسَعيِنا / وَإِن نَكُ أُجبِرنا فَفيمَ نُتَعتِعُ
لَقَد آسَفَ الأَعداءَ مَجدُ اِبنِ يوسُفٍ / وَذو النَقصِ في الدُنيا بِذي الفَضلِ مولَعُ
أَخَذتُ بِحَبلٍ مِنهُ لَمّا لَوَيتُهُ / عَلى مِرَرِ الأَيّامِ ظَلَّت تَقَطَّعُ
هُوَ السَيلُ إِن واجَهتَهُ اِنقَدتَ طَوعَهُ / وَتَقتادُهُ مِن جانِبَيهِ فَيَتبَعُ
وَلَم أَرَ نَفعاً عِندَ مَن لَيسَ ضائِراً / وَلَم أَرَ ضَرّاً عِندَ مَن لَيسَ يَنفَعُ
يَقولُ فَيُسمِعُ وَيَمشي فَيُسرِعُ / وَيَضرِبُ في ذاتِ الإِلَهِ فَيوجِعُ
مُمَرٌّ لَهُ مِن نَفسِهِ بَعضُ نَفسِهِ / وَسائِرُها لِلحَمدِ وَالأَجرِ أَجمَعُ
رَأى البُخلَ مِن كُلٍّ فَظيعاً فَعافَهُ / عَلى أَنَّهُ مِنهُ أَمَرُّ وَأَفظَعُ
وَكُلُّ كُسوفٍ في الدَرارِيِّ شُنعَةٌ / وَلَكِنَّهُ في الشَمسِ وَالبَدرُ أَشنَعُ
مَعادُ الوَرى بَعدَ المَماتِ وَسَيبُهُ / مَعادٌ لَنا قَبلَ المَماتِ وَمَرجِعُ
لَهُ تالِدٌ قَد وَقَّرَ الجودُ هامَهُ / فَقَرَّت وَكانَت لا تَزالُ تَفَزَّعُ
إِذا كانَتِ النُعمى سَلوباً مِن اِمرِىءٍ / غَدَت مِن خَليجَي كَفِّهِ وَهيَ مُتبَعُ
وَإِن عَثَرَت سودُ اللَيالي وَبيضُها / بِوَحدَتِهِ أَلفَيتَها وَهيَ مَجمَعُ
وَإِن خَفَرَت أَموالَ قَومٍ أَكُفُّهُم / مِنَ النَيلِ وَالجَدوى فَكَفّاهُ مَقطَعُ
وَيَومٍ يَظَلُّ العِزُّ يُحفَظُ وَسطَهُ / بِسُمرِ العَوالي وَالنُفوسُ تُضَيَّعُ
مَصيفٍ مِنَ الهَيجا وَمِن جاحِمِ الوَغى / وَلَكِنَّهُ مِن وابِلِ الدَمِ مَربَعُ
عَبوسٍ كَسا أَبطالَهُ كُلَّ قَونَسٍ / يُرى المَرءُ مِنهُ وَهوَ أَفرَعُ أَنزَعُ
وَأَسمَرَ مُحمَرِّ العَوالي يَؤُمُّهُ / سِنانٌ بِحَبّاتِ القُلوبِ مُمَتَّعُ
مِنَ اللاءِ يَشرَبنَ النَجيعَ مِنَ الكُلى / غَريضاً وَيَروى غَيرُهُنَّ فَيَنقَعُ
شَقَقتَ إِلى جَبّارِهِ حَومَةَ الوَغى / وَقَنَّعتَهُ بِالسَيفِ وَهُوَ مُقَنَّعُ
لَدى سَندِبايا وَالهِضابِ وَأَرشَقٍ / وَموقانَ وَالسُمرُ اللَدانُ تَزَعزَعُ
وَأَبرَشَتَويمٍ وَالكَذاجِ وَمُلتَقى / سَنابِكِها وَالخَيلُ تَردي وَتَمزَعُ
غَدَت ظُلَّعاً حَسرى وَغادَرَ جَدُّها / جُدودَ أُناسٍ وَهيَ حَسرى وَظُلَّعُ
هُوَ الصُنعُ إِن يَعجَل فَنَفعٌ وَإِن يَرِث / فَلَلرَيثُ في بَعضِ المَواطِنِ أَسرَعُ
أَظَلَّتكَ آمالي وَفي البَطشِ قُوَّةٌ / وَفي السَهمِ تَسديدٌ وَفي القَوسِ مَنزَعُ
وَإِنَّ الغِنى لي إِن لَحَظتُ مَطالِبي / مِنَ الشِعرِ إِلّا في مَديحِكَ أَطوَعُ
وَإِنَّكَ إِن أَهزَلتَ في المَحلِ لَم تُضِع / وَلَم تَرعَ إِن أَهزَلتَ وَالرَوضُ مُمرَعُ
رَأَيتُ رَجائي فيكَ وَحدَكَ هِمَّةً / وَلَكِنَّهُ في سائِرِ الناسِ مَطمَعُ
وَكَم عاثِرٍ مِنّا أَخَذتَ بِضَبعِهِ / فَأَضحى لَهُ في قُلَّةِ المَجدِ مَطلَعُ
فَصارَ اِسمُهُ في النائِباتِ مُدافِعاً / وَكانَ اِسمُهُ مِن قَبلُ وَهوَ مُدَفَّعُ
وَما السَيفُ إِلّا زُبرَةٌ لَو تَرَكتَهُ / عَلى الخِلقَةِ الأولى لَما كانَ يَقطَعُ
فَدونَكَها لَولا لَيانُ نَسيبِها / لَظَلَّت صِلابُ الصَخرِ مِنها تَصَدَّعُ
لَها أَخَواتٌ قَبلَها قَد سَمِعتَها / وَإِن لَم تَزِع بي مُدَّةً فَسَتسَمَعُ
خُذي عَبَراتِ عَينِكِ عَن زَماعي
خُذي عَبَراتِ عَينِكِ عَن زَماعي / وَصوني ما أَزَلتِ مِنَ القِناعِ
أَقِلّي قَد أَضاقَ بُكاكِ ذَرعي / وَما ضاقَت بِنازِلَةٍ ذِراعي
أَآلِفَةَ النَحيبِ كَمِ اِفتِراقٍ / أَظَلَّ فَكانَ داعِيَةَ اِجتِماعِ
وَلَيسَت فَرحَةُ الأَوباتِ إِلّا / لِمَوقوفٍ عَلى تَرَحِ الوَداعِ
تَوَجَّعُ أَن رَأَت جِسمي نَحيفاً / كَأَنَّ المَجدَ يُدرَكُ بِالصِراعِ
فَتى النَكَباتِ مَن يَأوي إِذا ما / قَطَفنَ بِهِ إِلى خُلُقٍ وَساعِ
يُثيرُ عَجاجَةً في كُلِّ ثَغرٍ / يَهيمُ بِهِ عَدِيُّ بنُ الرِقاعِ
أَبَنَّ مَعَ السِباعِ القَفرَ حَتّى / لَخالَتهُ السِباعُ مِنَ السِباعِ
فَلَبِّ الحَزمَ إِن حاوَلتَ يَوماً / بِأَن تَسطيعَ غَيرَ المُستَطاعِ
فَلَم تَرحَل كَناجِيَةِ المَهاري / وَلَم تُركَب هُمومَكَ كَالزَماعِ
بِمَهدِيِّ بنِ أَصرَمَ عادَ عودي / إِلى اِيراقِهِ وَاِمتَدَّ باعي
أَطالَ يَدي عَلى الأَيّامِ حَتّى / جَزَيتُ صُروفَها صاعاً بِصاعِ
إِذا أَكدَت سَوامُ الشِعرِ أَضحَت / عَطاياهُ وَهُنَّ لَها مَراعي
رِياضٌ لا يَشِذُّ العُرفُ عَنها / وَلا تَخلو مِنَ الهِمَمِ الرِتاعِ
سَعى فَاِستَنزَلَ الشَرَفَ اِقِتِداراً / وَلَولا السَعيُ لَم تَكُن المَساعي
أَمَهدِيّاً لَحَيتَ عَلى نَوالٍ / لَقَد حُكتِ المَلامَ لِغَيرِ واعِ
أَرَدتِ بِحَيثُ لا تُعصى المَعالي / بِأَن يُعصى النَدى وَبِأَن تُطاعي
عَميدُ الغَوثِ إِن نُوَبُ اللَيالي / سَطَت وَقَريعُها عِندَ القِراعِ
كَثيراً ما تُشَوِّقُهُ العَوالي / وَهِمَّتُهُ إِلى العَلَقِ المُتاعِ
كَأَنَّ بِهِ غَداةَ الرَوعِ وِرداً / وَقَد وُصِفَت لَهُ نَفسُ الشُجاعِ
لَحُسنُ المَوتِ في كَرَمٍ وَتَقوى / أَحَبُّ إِلَيهِ مِن حُسنِ الدِفاعِ
وَنَغمَةُ مُعتَفٍ يَرجوهُ أَحلى / عَلى أُذنَيهِ مِن نَغَمِ السَماعِ
جَعَلتَ الجودَ لَألاءَ المَساعي / وَهَل شَمسٌ تَكونُ بِلا شُعاعِ
وَما في الأَرضِ أَعصى لِاِمتِناعٍ / يَسوقُ الذَمَّ مِن جودٍ مُطاعِ
وَلَم يَحفَظ مُضاعَ المَجدِ شَيءٌ / مِنَ الأَشياءِ كَالمالِ المُضاعِ
رَعاكَ اللَهُ لِلمَعروفِ إِنّي / أَراكَ لِسَرحِ مالِكِ غَيرَ راعي
فَما في الأَرضِ مِن شَرَفٍ يَفاعٍ / سُبِقتَ بِهِ وَلا خُلُقٍ يَفاعِ
لَعَزمُكَ مِثلُ عَزمِ السَيلِ شُدَّت / قُواهُ بِالمَذانِبِ وَالتِلاعِ
وَرَأيُكَ مِثلُ رَأيِ السَيفِ صَحَّت / مَشورَةُ حَدِّهِ عِندَ المِصاعِ
فَلَو صَوَّرتَ نَفسَكَ لَم تَزِدها / عَلى ما فيكَ مِن كَرَمِ الطِباعِ
قَد كَسانا مِن كِسوَةِ الصَيفِ خِرَقٌ
قَد كَسانا مِن كِسوَةِ الصَيفِ خِرَقٌ / مُكتَسٍ مِن مَكارِمٍ وَمَساعِ
حُلَّةً سابِرِيَّةً وَرِداءً / كَسَحا القَيضِ أَو رِداءِ الشُجاعِ
كَالسَرابِ الرَقراقِ في النَعتِ إِلّا / أَنَّهُ لَيسَ مِثلَهُ في الخِداعِ
قَصَبِيّاً تَستَرجِفُ الريحُ مَتنَي / هِ بِأَمرٍ مِنَ الهُبوبِ مُطاعِ
رَجفاناً كَأَنَّهُ الدَهرُ مِنهُ / كَبِدُ الصَبِّ أَو حَشا المُرتاعِ
لازِماً ما يَليهِ تَحسِبُهُ جُز / ءًا مِنَ المَتنَتَينِ وَالأَضلاعِ
يَطرُدُ اليَومَ ذا الهَجيرِ وَلَو شُبِّهَ / في حَرِّهِ بِيَومِ الوَداعِ
خِلعَةً مِن أَغَرِّ أَروَعَ رَحبِ الصَد / رِ رَحبِ الفُؤادِ رَحبِ الذِراعِ
سَوفَ أَكسوكَ ما يُعَفّي عَلَيها / مِن ثَناءٍ كَالبُردِ بُردِ الصَناعِ
حُسنُ هاتيكَ في العُيونِ وَهَذا / حُسنُهُ في القُلوبِ وَالأَسماعِ
أَبو عَلِيٍّ وَسمِيُّ مُنتَجِعِه
أَبو عَلِيٍّ وَسمِيُّ مُنتَجِعِه / فَاِحلِل بِأَعلى واديهِ أَو جَرَعِه
وَاِغدُ قَريبَ الخَيالِ وَالحِسِّ مِن / مَنظَرِهِ تارَةً وَمُستَمَعِه
وَحاسِدٍ لا يُفيقُ قُلتُ لَهُ / مِن صابِ قَولٍ يُدمي وَمِن سَلَعِه
لا تُجزِرَن عِرضَكَ الأَساوِدَ وَاِس / تَخفِ بِأَنفِ بادٍ لِمُجتَدِعِه
لا يَأمَنَن أَخدَعاكَ بادِرَةً / مِن قَدعِهِ إِن أَمِنتَ مِن قَذعِه
إِيّاكَ وَالغيلَ أَن تُطيفَ بِهِ / إِنّي أَخشى عَلَيكَ مِن سَبُعِه
تَرى الهُمامَ المَحجوبَ حاشِيَةً / لَهُ وَتَلقى المَتبوعَ مِن تَبَعِه
يَنزِلُ في الكاهِلِ المُنيفِ مِنَ الأَم / رِ وَهُم تَحتَ ذاكَ مِن زَمَعِه
يا رُبَّ يَومٍ تَلوحُ غُرَّتُهُ / ساطِعِ صُبحِ المَعروفِ مُنصَدِعِه
قَد ذابَ لي في يَدَيكَ ذَوبَ النا / مِ الجَعدِ حَكَّمتَ الرَضفَ في قَمَعِه
وَلَم تُغَيِّر وَجهي عَنِ الصِبغَةِ ال / أولى بِمَسفوعِ اللَونِ مُلتَمِعِه
لا بَل هَنيءُ النَدى هَنيءُ السَدى / لَم يَتَلَوَّث راجيكَ في طَمَعِه
وَقَد أَتاني الرَسولُ بِالمَلبَسِ الفَخ / مِ لِصَيفِ اِمرِئٍ وَمُرتَبَعِه
مِن شُنُعِ الخِلعَةِ الغَريبَةِ إِنَّ / المَجدَ مَجدُ الرِياشِ في شُنُعِه
لَو أَنَّها جُلِّلَت أُوَيساً لَقَد / اَسرَعَتِ الكِبرِياءُ في وَرَعِه
رائِقُ خَزٍّ يُلتَذُّ مَلمَسُهُ / سَكبٌ يَدينُ الصِبا لِمُدَّرِعِه
وَسِرُّ وَشيٍ كَأَنَّ شِعرِيَ أَح / ياناً نَسيبُ العُيونِ مِن بِدَعِه
كَأَنَّ نَبتَ النُعمانِ وَالدَمَ مِن / حُمرَتِهِ آخِذٌ وَمِن لُمَعِه
وَالنَورَ نَورَ العَرارِ أُجرِيَ في / تَسهيمِهِ المُجتَلى عَلى يَنَعِه
لا في رِيامٍ وَلا قُراهُ وَلا / زَبيدِهِ مِثلُهُ وَلا رِمَعِه
لا يَتَخَطّاهُ الطَرفُ مِن أَحَدٍ / يُنصِفُ إِلّا صَلّى عَلى صَنَعِه
تَرَكتَني سامِيَ الجُفونِ عَلى / أَزلَمِ دَهرٍ بِحُسنِها جَذَعِه
مُعاوِدَ الكِبرِ وَالسُمُوِّ عَلى / أَعيادِهِ باذِخاً عَلى جُمَعِه
وَغابِطٍ في نَداكَ قُلتُ لَهُ / وَرُبَّ قَولٍ قَوَّمتُ مِن ضَلَعِه
نَعَتُّ سَيفاً أَغفَلتُ قائِمَهُ / وَظَبيَ قُفٍّ سَهَوتُ عَن تَلَعِه
أَنتَ أَخونا وَسَيِّدٌ مَلِكٌ / نَخلَعُ ما نَستَزيدُ مِن خَلَعِه
فَاِلبَس بِهِ مِثلَها لِمِثلِكَ مِن / فَضفاضِ ثَوبِ القَريضِ مُتَّسَعِه
صَعبِ القَوافي إِلّا لِفارِسِهِ / أَبِيَّ نَسجِ العَروضِ مُمتَنَعِه
ساحِرِ نَظمٍ سِحرَ البَياضِ مِنَ ال / أَلوانِ سائِبِهِ خَبِّهِ خَدِعِه
كِسوَةُ وُدٍّ أَصبَحتَ دونَ الوَرى / نُجعَتَهُ لا نَقولُ مِن نَجَعِه
سَبَقتَ حَتّى اِقتَطَعتَ قَبلَهُمُ / ما شِئتَ مِن تِمِّهِ وَمِن قِطَعِه
وَالشِعرُ فَرجٌ لَيسَت خَصيصَتُهُ / طولَ اللَيالي إِلّا لِمُفتَرِعِه
ها إِنَّ هَذا مَوقِفُ الجازِعِ
ها إِنَّ هَذا مَوقِفُ الجازِعِ / أَقوى وَسُؤرُ الزَمَنِ الفاجِعِ
دارٌ سَقاها بَعدَ سُكّانِها / صَرفُ النَوى مِن سَمِّهِ الناقِعِ
وَلا تَلوما ذا الهَوى إِنَّها / لَيسَت بِبِدعٍ حَنَّةُ النازِعِ
لَو قَبلَ ما كانَ مَزوراً بِها / إِذاً لَسُرَّ الرَبعُ بِالرابِعِ
فَاِعتَبِرا وَاِستَعبِرا ساعَةً / فَالدَمعُ قِرنٌ لِلجَوى الرادِعِ
أَخلَت رُباها كُلُّ سَيفانَةٍ / تَخلَعُ قَلبَ المَلِكِ الخالِعِ
يُصبِحُ في الحُبِّ لَها ضارِعاً / مَن لَيسَ عِندَ السَيفِ بِالضارِعِ
رودٌ إِذا جَرَّدتَ في حُسنِها / فِكرَكَ دَلَّتكَ عَلى الصانِعِ
نوحٌ صَفا مُذ عَهدِ نوحٍ لَهُ / شِربُ العُلى في الحَسَبِ الفارِعِ
مُطَّرِدُ الآباءِ في نِسبَةٍ / كَالصُبحِ في إِشراقِهِ الساطِعِ
مَناسِبٌ تُحسَبُ مِن ضَوئِها / مَنازِلاً لِلقَمَرِ الطالِعِ
كَالدَلوِ وَالحوتِ وَأَشراطِهِ / وَالبَطنِ وَالنَجمِ إِلى البالِعِ
نوحُ بنُ عَمرِو بنِ حُوَيِّ بنِ عَم / رِو بنِ حُوَيِّ بنِ الفَتى ماتِعِ
السَكسَكِيُّ المَجدِ كِندِيُّهُ / وَأُدَدِيُّ السُؤدُدِ الناصِعِ
لِلجَدبِ في أَموالِهِ مَرتَعٌ / وَمَقنَعٌ في الخِصبِ لِلقانِعِ
قَد أَشرَقَت في قَومِهِ مِنهُمُ / ناصِيَةٌ تَنأى عَنِ السافِعِ
كَم فارِسٍ فيهِم إِذا اِستُصرِخوا / مِثلِ سِنانِ الصَعدَةِ اللامِعِ
يُكرِهُ صَدرَ الرُمحِ أَو يَنثَني / وَقَد تَرَوّى مِن دَمٍ مائِعِ
بِطَعنَةٍ خَرقاءَ تَأتي عَلى / حَزامَةِ المُستَلئمِ الدارِعِ
يُنفِذُ في الآجالِ أَحكامَهُ / أَمرَ مُطاعِ الأَمرِ في طائِعِ
يُخلى لَها المَأزِقُ يَومَ الوَغى / عَن فُرجَةٍ في الصَفِّ كَالشارِعِ
إِنَّ حُوَيّاً حاجَتي فَاِقضِها / وَرُدَّ جَأشَ المُشفِقِ الجازِعِ
فَتىً يَمانٍ كَاليَماني الَّذي / يَعرُمُ حَرّاهُ عَلى الوازِعِ
في حِليِهِ النابي وَفي جَفنِهِ / وَفي مَضاءِ الصارِمِ القاطِعِ
يُجاوِزُ الخَفضَ وَأَفياءَهُ / إِلى السُرى وَالسَفَرِ الشاسِعِ
أَدَلُّ بِالقَفرِ وَأَهدى لَهُ / مِنَ الدُعَيميصِ وَمِن رافِعِ
يَعلَمُ أَنَّ الداءَ مُستَحلِسٌ / تَحتَ جَمامِ الفَرَسِ الرائِعِ
وَالطائِرُ الطائِرُ في شانِهِ / يُلوي بِخَطِّ الطائِرِ الواقِعِ
أَخفَقَ فَاِستَقدَمَ في هِمَّةٍ / وَغادَرَ الرَتعَةَ لِلراتِعِ
تَرمي العُلى مِنهُ بِمُستَيقِظٍ / لا فاتِرِ الطَرفِ وَلا خاشِعِ
وَإِنَّما الفَتكُ لِذي لَأمَةٍ / شَبعانَ أَو ذي كَرَمٍ جائِعِ
أُنشُر لَهُ أُحدوثَةً غَضَّةً / تُصغي إِلَيها أُذُنُ السامِعِ
إِن يُرفَعِ السَجفُ لَهُ اليَومَ يَر / فَعهُ غَداً في المَشهَدِ البارِعِ
فَرُبَّ مَشفوعٍ لَهُ لَم يَرَم / حَتّى غَدا يَشفَعُ لِلشافِعِ
إِن أَنتَ لَم تَنهَض بِهِ صاعِداً / في مُستَرادِ الزاهِرِ اليانِعِ
حَتّى يُرى مُعتَدِلاً أَمرُهُ / بَعدَ اِلتِياثِ الأَمَلِ الظالِعِ
أَكدى الَّذي يَعتَدُّهُ عُدَّةً / وَضاعَ مَن يَرجوهُ لِلضائِعِ
أَنوحَ بنَ عَمروٍ إِنَّ ما حُمَّ واقِعٌ
أَنوحَ بنَ عَمروٍ إِنَّ ما حُمَّ واقِعٌ / وَلِلأَجنُبِ المُستَعلَياتِ مَصارِعُ
أَلَم يُختَرَم عَمرٌو وَعَمرٌو فَوَدَّعا / وَلاقى الحُوَيّانِ المَنايا وَماتِعُ
فَصَبراً فَفي الصَبرِ الجَلالَةُ وَالتُقى / وَلا إِثمَ إِن خُبِّرتُ أَنَّكَ جازِعُ
فَقَد يَأجُرُ اللَهُ الفَتى وَهوَ كارِهٌ / وَما الأَجرُ إِلّا أَجرُهُ وَهوَ طائِعُ
أَيُّ القُلوبِ عَلَيكُم لَيسَ يَنصَدِعُ
أَيُّ القُلوبِ عَلَيكُم لَيسَ يَنصَدِعُ / وَأَيُّ نَومٍ عَلَيكُم لَيسَ يَمتَنِعُ
ما غابَ عَنكُم مِنَ الإِقدامِ أَكرَمُهُ / في الرَوعِ إِذ غابَتِ الأَنصارُ وَالشِيَعُ
بَني حُمَيدٍ بِنَفسي أَعظُمٌ لَكُمُ / مَهجورَةٌ وَدِماءٌ مِنكُمُ دُفَعُ
يَنتَجِعونَ المَنايا في مَنابِتِها / وَلَم تَكُن قَبلَهُم في الدَهرِ تُنتَجَعُ
كَأَنَّما بِهِمُ مِن حُبِّها شَرَهٌ / إِذا هُمُ اِنغَمَسوا في الرَوعِ أَو جَشَعُ
لَو خَرَّ سَيفٌ مِنَ العَيّوقِ مُنصَلِتاً / ما كانَ إِلّا عَلى هاماتِهِم يَقَعُ
إِذا هُم شَهِدوا الهَيجاءَ هاجَ بِهِم / تَغَطرُفٌ في وُجوهِ المَوتِ يَطَّلِعُ
وَأَنفُسٌ تَسَعُ الأَرضَ الفَضاءَ وَلا / يَرضَونَ أَو يُجشِموها فَوقَ ما تَسَعُ
بِوُدِّ أَعدائِهِم لَو أَنَّهُم قُتِلوا / وَأَنَّهُم صَنَعوا بَعضَ الَّذي صَنَعوا
عَهدي بِهِم تَستَنيرُ الأَرضُ إِن نَزَلوا / فيها وَتَجتَمِعُ الدُنيا إِذا اِجتَمَعوا
وَيَضحَكُ الدَهرُ مِنهُم عَن غَطارِفَةٍ / كَأَنَّ أَيّامَهُم مِن أُنسِها جُمَعُ
يَومَ النَباجِ لَقَد أَبقَيتَ نابِجَةً / أَحشاؤُنا أَبَداً مِن ذِكرِها قِطَعُ
مَن لَم يُعايِن أَبا نَصرٍ وَقاتِلَهُ / فَما رَأى ضَبُعاً في شِدقِها سَبُعُ
فيمَ الشَماتَةُ إِعلاناً بِأُسدِ وَغى / أَفناهُمُ الصَبرُ إِذ أَبقاكُمُ الجَزَعُ
لا غَروَ إِن قُتِلوا صَبراً وَلا عَجَبٌ / فَالقَتلُ لِلصَبرِ في حُكمِ القَنا تَبَعُ
دُموعٌ أَجابَت داعِيَ الحُزنِ هُمَّعُ
دُموعٌ أَجابَت داعِيَ الحُزنِ هُمَّعُ / تَوَصَّلُ مِنّا عَن قُلوبٍ تَقَطَّعُ
عَفاءٌ عَلى الدُنيا طَويلٌ فَإِنَّها / تُفَرِّقُ مِن حَيثُ اِبتَدَت تَتَجَمَّعُ
تَبَدَّلَتِ الأَشياءُ حَتّى لَخِلتُها / سَتَثني غُروبَ الشَمسِ مِن حَيثُ تَطلَعُ
لَها صَيحَةٌ في كُلِّ روحٍ وَمُهجَةٍ / وَلَيسَت بِشَيءٍ ما خَلا القَلبَ تُسمِعُ
أَإِدريسُ ضاعَ المَجدُ بَعدَكَ كُلُّهُ / وَرَأيُ الَّذي يَرجوهُ بَعدَكَ أَضيَعُ
وَغودِرَ وَجهُ العُرفِ أَسوَدَ بَعدَما / يُرى وَكَأَنَّهُ كَعابٌ تَصَنَّعُ
وَأَصبَحَتِ الأَحزانُ لا لِمَبَرَّةٍ / تُسَلِّمُ شَزراً وَالمَعالي تُوَدِّعُ
وَضَلَّ بِكَ المُرتادُ مِن حَيثُ يَهتَدي / وَضَرَّت بِكَ الأَيّامُ مِن حَيثُ تَنفَعُ
وَأَضحَت قَريحاتُ القُلوبِ مِنَ الجَوى / تُقاظُ وَلَكِنَّ المَدامِعَ تُربَعُ
عُيونٌ حَفِظنَ اللَيلَ فيكَ مُجَرَّماً / وَأَعطَينَهُ الدَمعَ الَّذي كانَ يُمنَعُ
وَقَد كانَ يُدعى لابِسُ الصَبرِ حازِماً / فَقَد صارَ يُدعى حازِماً حينَ يَجزَعُ
وَقالَت عَزاءً لَيسَ لِلمَوتِ مَدفَعٌ / فَقُلتُ وَلا لِلحُزنِ لِلمَوتِ مَدفَعُ
لِإِدريسَ يَومٌ ماتَزالُ لِذِكرِهِ / دُموعٌ وَإِن سَكَّنتَها تَتَفَرَّعُ
وَلَمّا نَضا ثَوبَ الحَياةِ وَأَوقَعَت / بِهِ نائِباتُ الدَهرِ ما يُتَوَقَّعُ
غَدا لَيسَ يَدري كَيفَ يَصنَعُ مُعدِمٌ / دَرى دَمعُهُ في خَدِّهِ كَيفَ يَصنَعُ
وَماتَت نُفوسُ الغالِبِيّينَ كُلِّهِم / وَإِلّا فَصَبرُ الغالِبِيّينَ أَجمَعُ
غَدَوا في زَوايا نَعشِهِ وَكَأَنَّما / قُرَيشٌ قُرَيشٌ يَومَ ماتَ المُجَمِّعُ
وَلَم أَنسَ سَعيَ الجودِ خَلفَ سَريرِهِ / بِأَكسَفِ بالٍ يَستَقيمُ وَيَظلَعُ
وَتَكبيرُهُ خَمساً عَلَيهِ مُعالِناً / وَإِن كانَ تَكبيرَ المُصَلّينَ أَربَعُ
وَما كُنتُ أَدري يَعلَمُ اللَهُ قَبلَها / بِأَنَّ النَدى في أَهلِهِ يَتَشَيَّعُ
وَقُمنا فَقُلنا بَعدَ أَن أُفرِدَ الثَرى / بِهِ ما يُقالُ في السَحابَةِ تُقلِعُ
أَلَم تَكُ تَرعانا مِنَ الدَهرِ إِن سَطا / وَتَحفَظُ مِن آمالِنا ما يُضَيَّعُ
وَتَلبَسُ أَخلاقاً كِراماً كَأَنَّها / عَلى العِرضِ مِن فَرطِ الحَصانَةِ أَدرُعُ
وَتَبسُطُ كَفّاً في الحُقوقِ كَأَنَّما / أَنامِلُها في البَأسِ وَالجودِ أَذرُعُ
وَتَربُطُ جَأشاً وَالكُماةُ قُلوبُهُم / تَزَعزَعُ خَوفاً مِن سُيوفٍ تَتَزَعزَعُ
وَأُمنِيَّةُ المُرتادِ تُحضِرُكَ النَدى / فَيَشفَعُ في مِثلِ المَلا فَيُشَفَّعُ
فَأُنطِقَ فيها حامِدٌ وَهوَ مُفحَمٌ / وَأُفحِمَ فيها حاسِدٌ وَهوَ مِصقَعُ
أَلا إِنَّ في ظُفرِ المَنِيَّةِ مُهجَةً / تَظَلُّ لَها عَينُ العُلى وَهيَ تَدمَعُ
هِيَ النَفسُ إِن تَبكِ المَكارِمُ فَقدَها / فَمِن بَينِ أَحشاءِ المَكارِمِ تُنزَعُ
أَلا إِنَّ أَنفاً لَم يَعُد وَهوَ أَجدَعٌ / لِفَقدِكَ عِندَ المَكرُماتِ لَأَجدَعُ
وَإِنَّ اِمرِءاً لَم يُمسِ فيكَ مُفَجَّعاً / بِمَجلودِهِ في عَقلِهِ لَمُفَجَّعُ
أَصَمَّ بِكَ الناعي وَإِن كانَ أَسمَعا
أَصَمَّ بِكَ الناعي وَإِن كانَ أَسمَعا / وَأَصبَحَ مَغنى الجودِ بَعدَكَ بَلقَعا
لِلَحدِ أَبي نَصرٍ تَحِيَّةُ مُزنَةٍ / إِذا هِيَ حَيَت مُمعِراً عادَ مُمرِعا
فَلَم أَرَ يَوماً كانَ أَشبَهَ ساعَةً / بِيَومي مِنَ اليَومِ الَّذي فيهِ وَدَّعا
مَصيفٌ أَفاضَ الحُزنُ فيهِ جَداوِلاً / مِنَ الدَمعِ حَتّى خِلتُهُ عادَ مَربَعا
وَوَاللَهِ لا تَقضي العُيونُ الَّذي لَهُ / عَلَيها وَلَو صارَت مَعَ الدَمعِ أَدمُعا
فَتىً كانَ شَرباً لِلعُفاةِ وَمَرتَعاً / فَأَصبَحَ لِلهِندِيَّةِ البيضِ مَرتَعا
فَتىً كُلَّما اِرتادَ الشُجاعُ مِنَ الرَدى / مَفَرّاً غَداةَ المَأزَقِ اِرتادَ مَصرَعا
إِذا ساءَ يَومٌ في الكَريهَةِ مَنظَراً / تَصَلّاهُ عِلماً أَن سَيَحسُنُ مَسمَعا
فَإِن تُرمَ عَن عُمرٍ تَدانى بِهِ المَدى / فَخانَكَ حَتّى لَم يَجِد فيكَ مَنزَعا
فَما كُنتَ إِلّا السَيفَ لاقى ضَريبَةً / فَقَطَّعَها ثُمَّ اِنثَنى فَتَقَطَّعا
وَبَديعُ الجَمالِ يَضحَكُ عَن أَض
وَبَديعُ الجَمالِ يَضحَكُ عَن أَض / وائِهِ البَدرُ عِندَ وَقتِ الطُلوعِ
ما اِجتَلَتهُ عَينُ التَأَمُّلِ إِلّا / رَجَعَت مِنهُ عَن جَمالٍ بَديعِ
كُلُّ ما مَنظَرٍ رَأَيتُ مِنَ الحُس / نِ فَفيهِ مِنهُ جَميعُ جَميعِ
غَيرَ أَنَّ العُيونَ تَجني بِأَيدي ال / لَحظِ مِن وَجنَتَيهِ زَهرَ الرَبيعِ
يا عَمرُو قُل لِلقَمَرِ الطالِعِ
يا عَمرُو قُل لِلقَمَرِ الطالِعِ / اتَّسَعَ الخَرقُ عَلى الراقِعِ
يا فِتنَةَ الناظِرِ قَد صِرتَ في / فِعلِكَ هَذا فِتنَةَ السامِعِ
هَل أَنتَ إِلّا رَشَأٌ خاذِلٌ / حَلَّ بِمَغنى أَسَدٍ جائِعِ
ما كانَ في المَخدَعِ مِن أَمرِكُم / فَإِنَّهُ في المَسجِدِ الجامِعِ
يا طولَ فِكري فيكَ مِن حامِلٍ / صَحيفَةً مَكسورَةَ الطابِعِ
أَعُتبَةُ إِن تَطاوَلَتِ اللَيالي
أَعُتبَةُ إِن تَطاوَلَتِ اللَيالي / عَلَيكَ فَإِنَّ شِعري سَمُّ ساعَه
وَما وَفَدَ المَشيبُ عَلَيكَ إِلّا / بِأَخلاقِ الدَناءَةِ وَالوَضاعَه
فَأَشهَدُ ما جَسَرتَ عَلَيَّ إِلّا / وَزَيدُ الخَيلِ عَبدُكَ في الشَجاعَه
وَوَجهُكَ إِذ قَنِعتَ بِهِ نَديماً / فَأَنتَ نَسيجُ وَحدِكَ في القَناعَه
فَلَو بُدِّلتُهُ وَجهاً إِذَن لَم / أُصَلِّ بِهِ نَهاراً في جَماعَه
وَلَكِن قَد رُزِقتَ بِهِ سِلاحاً / لَوِ اِستَعصَيتَ ما أَدَّيتَ طاعَه
مَناسِبُ كَلبَ قَد قُسِمَت فَدَعها / فَلَيسَت مِثلَ نِسبَتِكَ المُشاعَه
وَرَوِّح مِنكَبَيكَ فَقَد أُعيدا / حُطاماً مِن زِحامِكَ في قُضاعَه
وَلا يَغرُركَ أَوغادٌ تَعاوَوا / لِنَصرِكَ بِالحُلاقِ وَبِالرَقاعَه
رَأَوني حَيثُ كُنتُ لَهُم عَدُوّاً / وَأَنتَ لَهُم شَريكٌ في الصِناعَه
سَأَهجو الوَغدَ مُقرانَ
سَأَهجو الوَغدَ مُقرانَ / فَلا غَروَ وَلا بِدعا
فَتىً ما إِن تَخَلَّت ذا / تُهُ مِن حَيَّةٍ تَسعى
إِذا ما جاعَتِ الفيشُ / غَدَت في ذاتِهِ تَرعى
إِذا ما أُدخِلَت كَالبُس / رِ فيهِ خَرَجَت شَمعا
وَأَلقاهُ بِلَطمٍ يَه / تِكُ الأَبصارَ وَالسَمعا
فَإِن لَم يَفهَمِ الشِعرَ / سَريعاً فَهِمَ الصَفعا
بَسَطَت إِلَيَّ بَنانَةً أُسروعا
بَسَطَت إِلَيَّ بَنانَةً أُسروعا / تَصِفُ الفِراقَ وَمُقلَةً يُنبوعا
كادَت لِعِرفانِ النَوى أَلفاظُها / مِن رِقَّةِ الشَكوى تَكونُ دُموعا
بَل صَوتُ عاذِلَةٍ عَراني مَوهِناً / عَدلٌ لَعَمرُكَ لَو عَذَلتَ سَميعا
أَأَلومُ مَن بَخِلَت يَداهُ وَأَغتَدي / لِلبُخلِ تِرباً ساءَ ذاكَ صَنيعا
آبى فَأَعصي العاذِلينَ وَأَغتَدي / في تالِدي لِلسائِلينَ مُطيعا
مُتَسَربِلاً خُلُقَ المَكارِمِ إِنَّها / جُعِلَت لِأَعراضِ الكِرامِ دُروعا
وَمُحَجَّبٍ حاوَلتُهُ فَوَجَدتُهُ / نَجماً عَلى الرَكبِ العُفاةِ شَسوعا
لَمّا عَدِمتُ نَوالَهُ أَعدَمتُهُ / شُكري فَرُحنا مُعدَمَينِ جَميعا
أَلا صَنَعَ البَينُ الَّذي هُوَ صانِعُ
أَلا صَنَعَ البَينُ الَّذي هُوَ صانِعُ / فَإِن تَكُ مِجزاعاً فَما البَينُ جازِعُ
هُوَ الرَبعُ مِن أَسماءَ وَالعامُ رابِعٌ / لَهُ بِلِوى خَبتٍ فَهَل أَنتَ رابِعُ
أَلا إِنَّ صَبري مِن عَزائي بَلاقِعٌ / عَشِيَّةَ شاقَتني الدِيارُ البَلاقِعُ
كَأَنَّ السَحابَ الغُرَّ غَيَّبنَ تَحتَها / حَبيباً فَما تَرقا لَهُنَّ مَدامِعُ
رُبىً شَفَعَت ريحُ الصَبا لِرِياضِها / إِلى الغَيثِ حَتّى جادَ وَهوَ هَوامِعُ
فَوَجهُ الضُحى غَدواً لَهُنَّ مُضاحِكٌ / وَجَنبُ النَدى لَيلاً لَهُنَّ مُضاجِعُ
كَساكِ مِنَ الأَنوارِ أَصفَرُ فاقِعٌ / وَأَبيَضُ ناصِعٌ وَأَحمَرُ ساطِعُ
لَئِن كانَ أَمسى شَملُ وَحشِكِ جامِعاً / لَقَد كانَ لي شَملٌ بِأُنسِكِ جامِعُ
أُسيءُ عَلى الدَهرِ الثَناءَ فَقَد قَضى / عَلَيَّ بِجَورٍ صَرفُهُ المُتَتابِعُ
أَيُرضِخُنا رَضخَ النَوى وَهوَ مُصمِتٌ / وَيَأكُلُنا أَكلَ الدَبا وَهوَ جائِعُ
وَإِنّي إِذا أَلقى بِرَبعِيَ رَحلَهُ / لِأُذعِرُهُ في سِربِهِ وَهوَ راتِعُ
أَبو مَنزِلِ الهَمِّ الَّذي لَو بَغى القِرى / لَدى حاتِمٍ لَم يُقرِهِ وَهوَ طائِعُ
إِذا شَرَعَت فيهِ اللَيالي بِنَكبَةٍ / تَمَزَّقَ عَنهُ وَهوَ في الشَرعِ شارِعُ
وَإِن أَقدَمَت يَوماً عَلَيهِ رَزِيَّةٌ / تَلَقّى شَباها وَهوَ بِالصَبرِ دارِعُ
لَهُ هِمَمٌ ما إِن تَزالُ سُيوفُها / قَواطِعَ لَو كانَت لَهُنَّ مَقاطِعُ
أَلا إِنَّ نَفسَ الشِعرِ ماتَت وَإِن يَكُن / عَداها حِمامُ المَوتِ فَهيَ تُنازِعُ
سَأَبكي القَوافي بِالقَوافي فَإِنَّها / عَلَيها وَلَم تَظلِم بِذاكَ جَوازِعُ
أَراعي ضَلالاتِ المُروءَةِ مُهمَلٌ / وَحافِظُ أَيّامِ المَكارِمِ ضائِعُ
وَعاوٍ عَوى وَالمَجدُ بَيني وَبَينَهُ / لَهُ حاجِزٌ دوني وَرُكنٌ مُدافِعُ
تَرَقَّت مُناهُ طَودَ عِزٍّ لَوِ اِرتَقَت / بِهِ الريحُ فِتراً لَاِنثَنَت وَهيَ ظالِعُ
أَنا اِبنُ الَّذينَ اِستُرضِعَ الجودُ فيهِمُ / وَسُمِّيَ فيهِم وَهوَ كَهلٌ وَيافِعُ
سَما بِيَ أَوسٌ في السَماءِ وَحاتِمٌ / وَزَيدُ القَنا وَالأَثرَمانِ وَرافِعُ
وَكانَ إِياسٌ ما إِياسٌ وَعارِقٌ / وَحارِثَةٌ أَوفى الوَرى وَالأَصامِعُ
نُجومٌ طَواليعٌ جِبالٌ فَوارِعُ / غُيوثٌ هَوامِيعٌ سُيولٌ دَوافِعُ
مَضَوا وَكَأَنَّ المَكرُماتِ لَدَيهِمُ / لِكَثرَةِ ما أَوصَوا بِهِنَّ شَرائِعُ
فَأَيُّ يَدٍ في المَجدِ مُدَّت فَلَم تَكُن / لَها راحَةٌ مِن جودِهِم وَأَصابِعُ
هُمُ اِستَودَعوا المَعروفَ مَحفوظَ مالِنا / فَضاعَ وَما ضاعَت لَدَينا الوَدائِعُ
بَهاليلُ لَو عايَنتَ فَضلَ أَكُفِّهِم / لَأَيقَنتَ أَنَّ الرِزقَ في الأَرضِ واسِعُ
إِذا خَفَقَت بالبَذلِ أَرواحُ جودِهِم / حَداها النَدى وَاِستَنشَقَتها المَطامِعُ
رِياحٌ كَريحِ العَنبَرِ المَحضِ في النَدى / وَلَكِنَّها يَومَ اللِقاءِ زَعازِعُ
إِذا طَيِّئٌ لَم تَطوِ مَنشورَ بَأسِها / فَأَنفُ الَّذي يُهدى لَها السُخطُ جادِعُ
هِيَ السُمُّ ما يَنفَكُّ في كُلِّ بَلدَةٍ / تَسيلُ بِهِ أَرماحُهُم وَهوَ ناقِعُ
أَصارَت لَهُم أَرضَ العَدُوِّ قَطائِعاً / نُفوسٌ لِحَدِّ المُرهَفاتِ قَطائِعُ
بِكُلِّ فَتىً ما شابَ مِن رَوعِ وَقعَةٍ / وَلَكِنَّهُ قَد شِبنَ مِنهُ الوَقائِعُ
إِذا ما أَغاروا فَاِحتَوَوا مالَ مَعشَرٍ / أَغارَت عَلَيهِم فَاِحتَوَتهُ الصَنائِعُ
فَتُعطي الَّذي تُعطيهِمُ الخَيلُ وَالقَنا / أَكُفٌّ لِإِرثِ المَكرُماتِ مَوانِعُ
هُمُ قَوَّموا دَرءَ الشَآمِ وَأَيقَظوا / بِنَجدٍ عُيونَ الحَربِ وَهيَ هَواجِعُ
يَمُدّونَ بِالبيضِ القَواطِعِ أَيدِياً / وَهُنَّ سَواءٌ وَالسُيوفُ القَواطِعُ
إِذا أَسَروا لَم يَأسِرِ البَأسُ عَفوَهُم / وَلَم يُمسِ عانٍ فيهِمُ وَهوَ كانِعُ
إِذا أَطلَقوا عَنهُ جَوامِعَ غُلِّهِ / تَيَقَّنَ أَنَّ المَنَّ أَيضاً جَوامِعُ
وَإِن صارَعوا في مَفخَرٍ قامَ دونَهُم / وَخَلفَهُمُ بِالجَدِّ جَدٌّ مُصارِعُ
عَلَوا بِجُنوبٍ موجِداتٍ كَأَنَّها / جُنوبُ فُيولٍ ما لَهُنَّ مَضاجِعُ
كَشَفتُ قِناعَ الشِعرِ عَن حُرِّ وَجهِهِ / وَطَيَّرتُهُ عَن وَكرِهِ وَهوَ واقِعُ
بِغُرٍّ يَراها مَن يَراها بِسَمعِهِ / فَيَدنو إِلَيها ذو الحِجى وَهوَ شاسِعُ
يَوَدُّ وِداداً أَنَّ أَعضاءَ جِسمِهِ / إِذا أُنشِدَت شَوقاً إِلَيها مَسامِعُ
تُحاوِلُ شَيئاً قَد تَوَلّى فَوَدَّعا
تُحاوِلُ شَيئاً قَد تَوَلّى فَوَدَّعا / وَهَيهاتَ مِنهُ أَن يَعودَ فَيَرجِعا
خَشُنتَ عَلى التَأديبِ فَهماً وَمَنطِقاً / وَلِنتَ عَلى الأَيّامِ ليتاً وَأَخدَعا
وَأَقبَلَتِ الأَيّامُ تَرتادُ مَصرَعاً / لِجَنبِكَ فَاِرتَد إِذ تَيَقَّنتَ مَضجَعا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025