المجموع : 4
ما حاد عن حب البطين الأنزع
ما حاد عن حب البطين الأنزع / متجنبا لولائه إلا دعي
وأنا الذي في حبه وولائه / لا قابل مينا ولا بالمدعي
ولقد حللت بحب آل محمد / وولاي فيهم بالمحل الارفعِ
ولو انني عرضت عليَّ مسالك / الدنيا لأرجع عنهم لم أرجعِ
فهم عتادي في الوغى وذخيرتي / يوم المعاد وعدتي في مضجعي
وإليهم في كل خطبٍ موئلي / وإليهم في كل صعب مرجعي
وإذا اعتصمت بهم نجوت من الردى / وإذا انتصرت بهم وجنانهم معي
همُ نيرات الدين كل منهم / شمس بدت للناظرين بمطلع
فودادهم جبلت عليه فطرتي / وولاؤهم حنيت عليه أضلعي
همُ منتهى الاحسان كيف تصرفوا / وهم ذووا العل الغزير المنبع
رغبت قلوب عنهم واليهم / ينقاد قلبي في العنان الاطوع
واللّه يعلم أنني في مدحهم / لا كالذي يخشى ولا المتصنع
لو قيل بعد المصطفى من صفوة / الدنيا أشرت إلى البطين الانزع
من علمه صوب الحيا وعجيبه / من صيب لما همى لم يقلع
حكم حكت روض الربى في زهره / فعقول أهل الأرض فيها ترتعي
كم أنزل الابطال حد حسامه / في الحرب من فوق المكان الامنع
كم طار منه حتفه يوم الوغى / بطل فنادى ذو الفقار به قع
ولرب يوم شمسه للنقع قد / لاثت خمارا أو بدت في برقع
جلىّ غياهبه بغرة طلعة / كم روعت قلب الكمي الانزع
كل المنايا في مضارب سيفه / تبدوا لوجه الناظر المتطلع
فعداه والاضداد كل لا يرى / بي عاطسا إلا بأنف أجدع
وإذا بدى ذو غرة لي عاذلاً / نأيته عني ذليل الأخدع
وإذا يقاس به سواه فإنه / طمع لعمرك ماله من موضع
وعلام تركي للعمارة مبدلاً / من حسنها سكان قفر بلقع
الكون في الطرف المكدر ناهلاً / وأعود مطرحاً لعذب المشرع
من كان قيداً للنواظر وجهه / وكلامه قد كان قيد المسمع
رب الشجاعة والندى والعلم / والتقوى وزين للسجود الركع
ولى به غسق الضلال وقد رمى / من هديه فيه بريح زعزع
لا يرهب البيض الصفاح كغيره / حينا ولا دعس الرماح الشرع
بت المطامع من زخارف هذه / الدنيا ولم يخل امرء من مطمع
أنا بالأئمة لم أزل متشفعاً / وبغيرهم أنا لست بالمستشفع
ولرب ليل طال في ذكري لهم / فبقيت من طول الأسى لم أهجع
كابدت فيه عظيم همٍّ مؤلم / ورجعت فيه إلى فؤاد موجع
حتى وجدت الوجد مني كامل / والصبر في قلبي بحال موزع
من غلة لو أنني من حرها / في جمة الماء الروي لم أنقع
من غاصبين تصرفوا في حق آل / العزم والحزم الطوال الأذرع
يا حسرتي لو أنني في نصرهم / أهديت نفس الباذل المتبرع
ولو أنني أبكي دماً ما قلت إذ / طال البكا أكفف وازدجر يا مدمعي
إذ فيهم شهر الزمان صوارماً / ونحاهم في هبذر المتدرع
وكفاه إذ خص الحسين وآنه / بالشر والقتل الذريع الأشنع
منع الورود من الفرات وقد رأى / فيه الكلاب من العدى لم تمنع
يا ليتني قد كنت في أيامه / وفدى له من سود آل المصرع
عجباً لدهر نال منه فأبدل الماء / الزلال بوصف لمع اليلسع
ما الدهر إلا سلم هل الجهل في / الدنيا وما أن زال حرب الألمعي
ولقد علقت بحبل آل محمد / يا عاذلي إن شئت فاعذل أودع
أنا لا أصيغ للائم في حبهم / إذ لم يضر فإنه لم ينفع
فلأنصرنهم بعضب قاطع / من مقولي وبسحر نظم المبدع
ولأصرفن إلى الجهاد عدوهم / وجهي واظهر عزمه المتطوع
أضداد ديني لو أكلت وهم على / قيد الحياة لحومهم لم أشبع
فمن الكآبة لم أزل متوجعاً / عجبي لقلبي كيف لم يتصدع
يا نفس دنياك هذه خدع
يا نفس دنياك هذه خدع / والعيش إن دام فهو منقطع
وكل من نفسه تحدثه الخلو / د فيها قد غره الطمع
يا صاح فأيس من الدوام على / الأيام إن الدوام ممتنع
فالناس قد قدموا الرحيل و / ما تشك في أننا سنتبع
واسأل عن الظاعين إذ طعنوا / ماذا لقوا في الورى وما منعوا
دعاهم الحين مسرعاً بهم / فقد أجابوا لما إليه دعوا
لووا خدودا أعزة وزهوا / تيهاً فها هم لأمره خضع
لا يدفع الموت من يعض له / كفا ولا من دموعه دفع
ينقل في مهجة الشجاع ولا / يرده عن مراده المصع
عارض خطب وميض بارقة / إليه كل الأنام منتجع
ولا تزال الأيام واهبة / لكنها للهبات ترتجع
قد أمر اللّه أن يطاع وما / كلف نفساً فوق الذي تسع
وليس للمرء ما يكون له / ذخراً به في المعاد ينتفع
وهو تجاه النفوس يؤمنها / من خوفها إذ يهول مطلع
الا موالاة آل فاطمة الذين / في المؤمنين قد شفعوا
همُ ضياء الهدى فعلمهم / به ظلال الضلال ينقشع
لا دنس فيهم فأزرهُمُ / معقودة لا يمسها طبع
غيوث علم إذا هي انبجست / فهي مدود البحار تندفع
عجبت من منكري فضائلهم / كأنهم ما رأوا وما سمعوا
وليلة قد رعيت أنجمها / وكاد قلبي للوجد ينصدع
سهرت ضغنا على عدوهم / لا نوم لي والأنام قد هجعوا
أود لو كان أسمري قصداً / وأن سيفي في نصرهم قطع
فعندهم لا أمان يدركه / مني بحال وحسبه الجزع
إن لساني في نصرهم لكما / يهاب في حين يزأر السبع
فتارة مسفر وملتثم / وتارة حاسر ومدَّرع
كم من فؤاد وغرته وأنا / لا يعتريني بحاله فزع
يبتدع الضد ما يلفقه / فيمن سواهم ولست أبتدع
أعدت للدين حسنه ولقد / كان زماناً بأنفه جدع
ردعت عباساً اللعين ولو / قد كان غيري ما كان يرتدع
بغى على من أباحه حسناً / لكل باغ يبغيه صرع
سقى فكانت له بغير مرا /
إن فاتني مصرع الحسين ففي / هذا يزيد اللعين منصرع
يا تربة بالطف جادت
يا تربة بالطف جادت / فوقك الديم الهموعه
وغدا الربيع مقيداً في / ربعك العافي ربيعه
حتى يرى الدمن المروعة / منك مخصبة صريعه
ولئن أخيف حيا السحائب / فيك أن يذري دموعه
وحمتك بارقة العدى / عن كل بارقة لموعه
يحدوا الحيا بأجش من صو / ب الرواعد لن يروعه
فلقد سقيت من الربى / الطهر عن ضنأٍ تجيعه
إذ ضيع القوم الشريعه / فيه لحفظهم الشريعه
منعت لذيذ الماء منه / كتائب منهم منيعه
قد أشرعت صم القنا / فحمته من ورد شروعه
غدرت هناك وما وفت / مضر العراق ولا ربيعة
لما دعته أجابها / ورعا فما كانت سميعه
شاع النفاق بكربلا / فيهم وقالوا نحن شيعه
هيهات ساء صنيعهم / فيها وما عرفوا الصنيعه
يا فعلة جاؤا بها في / الغدر فاضحة شنيعه
خاب الذي أضحى الحسين / لطول شقوته صريعه
أفذاك يرجو أن يكون / محمد أبدا شفيعه
عجباً لمغرورين ضيع / قومهم بهم الوديعه
ولأمة كانت إلى / ما شاء خالقها سريعه
وغدت بحق نبيهاً / في حفظ عترته مضيعه
جار الضلال بها و / نور الحق أبدى سطوعه
عَصَت النبي وأصبحت / لسواه سامعة مطيعه
باعت هناك الدين / بالدنيا وخسران كبيعه
ما كان فيما قد مضى / اسلامها الا خديعه
تحت السقيفة أضمرت / ما بالطفوف غدت مذيعه
فلذاك طاوعت الدعي / وكثرت منه جموعه
بجيوش كفر قد غدا / ذاك النفاق لها ضليعه
أبني أمية إن فعلكم / بهم بئس الذريعه
شبعت ضباعكم وكم / أسد لهم لم يشك جوعه
أضحت فرائسه لكم / وبه فرائصكم مروعه
ورغبتم في الملك حين / رضعتم منهم ضروعه
حتى إذا ما الدهر أبدى / عن معونتكم رجوعه
وبدت به لعيونكم / أفعالكم تلك الفظيعه
فارقتم الدنيا وأنفسكم / لما اجترمت جزوعه
وخلعتم حلل الخلافة / وهي بالية خليعه
وأشد من هذا ولو / عددت كفرهم جميعه
تضييق قبر محمد / والأرض عارية وسيعه
بمضجع في جنبه / جعلوه في لحد ضجيعه
وأبو بنيه وصهره / وأخوه ذو الحكم البديعه
ووصيه وأمينه / بعد الوفاة على الشريعه
ما حل مسجده ولا / بيت البتول ولا بقيعه
صبراً أمير المؤمنين فأ / نت ذو الدرج الرفيعه
صلة النبي اليك كانت / منهم سبب القطيعه
النار بين ضلوعي
النار بين ضلوعي / وأنا غريق في دموعي
كأني فتيلة قنديل / أموت غريق وحريق