المجموع : 8
أخِلاّيَ هل عيدُ التواصل راجعُ
أخِلاّيَ هل عيدُ التواصل راجعُ / وهل عهدُ ذَاكَ الحيِّ بالحيِّ جامعُ
أُرجِّي وِصالاً والليالي تُقاطِع / وأدعو وَمَا لي فِي البَرية سامع
خَليليَّ من لي للأحبةِ شافعُ /
فلِي مَدْمَعٌ مَهْمَا جَفَوْنِي مَا رَفَا / وقلبٌ بأرجاءِ الغرام تَفرَّقَا
وجسم عَلَى مهدِ النُّحول تمزَّقا / أقول لأحبابٍ جَفَوْني متى اللِّقا
بِعيشكمَ عودوا عليَّ وسارِعوا /
أُطالب أيامي رُجوعاً فَتَنْزَوِي / وأسألُها عطفاً عليَّ فتَلتوِي
ومَن طبعُه التَّعْوِيج أَيَّان يستوِي / فقلتُ لَهَا والخدُّ بالدمع يرتوِي
قتيلُ هَواكم غَسَّلته المَدامع /
لقد كَانَ من قابَيْنِ أَدْنَى إِلَيْكمُ / أَسير بيُسراكم عزيزٌ عليكمُ
تُجُوفِي بلا ذنبٍ فبانَ لديكمُ / فإن شئتمُ قتلِي فطوعُ يديكم
فما أنفُسُ العشاقِ إِلاَّ وَدائع /
حلفتُ يميناً لا أَحول عن الصَّفا / فسيانِ عندي كَدَّر الدهرُ أَوْ صَفا
لأني محبٌّ أحمِل الصدَّ والجَفا / فإن تُحسنوا فالحرُّ شِيمَتُه الوفا
وإن تمنعوا فاللهُ لا شك مانِع /
سأُجمِل صبراً والتَّجَمُّلُ شِيمَتي / وأكتم سِرَّ الحبِّ طوقَ عَزيمتي
فشكوَى الهوَى لا شكَّ إِحدى فَضيحتي / فإن كَانَ لا يُجدِي بكائي ولوعتي
لعل احتمالَ الصبرِ فِي الحب نافع /
غرستُم هواكم فِي حُشاشةِ مُهْجتي / فوجهتُ كُلِّي فيكمُ وحقيقتي
فذلك حُكمي فِي الهوى وشَريعتي / فأقسمتُ إِنْ لَمْ تنظروني برَحمةِ
رأيتم جَهاراً مَا بِيَ الشوقُ صانع /
شربتُ الهوى صِرْفاً بحانوتِ حبكم / وأصبحتُ نَشْواناً بكاساتِ قربكم
أَرَشْتُم سهامَ البينِ جَوْراً ببُعدكم / فإنْ أكُ مقتولاً صَريعاً بصدكم
فكم جُمِّعت للحتفِ فيكم مَصارِع /
أَبِيتُ صريعَ الحبِّ صَبّاً مُوَلَّعاً / وأُضحِي طَلِيحَ الشوقِ نِضْواً مُدَلَّها
أُقلِّب طرفِي خاليَ القلبِ أَبْلَهاً / فمَنْ مُبلِغُ الأيامِ عني لعلَّها
تُقرِّب أَحبابِي وعني تُدافع /
أَخلايَ ذَلتْ عِزَّتي بجفاكمُ / وَقَدْ كنتُ مرموقاً بعينِ رِضاكمُ
فيا عهدَ عيشٍ قَدْ صفا بصفاكمُ / تذكرتُ عهداً طاب فِيهِ جَناكم
وعصراً بِهِ زَهْرُ التواصل يانع /
إلا أَيُّهَا الدهرُ المُلِحُّ تَرَفُّقاً / بصبٍّ بِهِ ثوبُ الشباب تمزَّقا
عقد كَانَ فِي الأحبابِ خِلاًّ مُصدَّقاً / فلما بدا صبحُ المَشيب وأَشْرَقا
تراءَتْ ليَ الإخوانُ طُرّاً تُخادِعُ /
سَقى اللهُ ذَاكَ العهدَ والعودُ ناضِرُ / وحَيَّا ليالٍ والحبيبُ مُسامِرُ
نَعِمتُ بِهِ والحظُّ ناهٍ وأمِر / أَلاَ من محبٍّ لي شفيعٌ وناضر
عَلَى مَضِ الأيامِ يوماً يُصانِعُ /
فيا لَزمانٍ قَدْ سكرْنا بحانِهِ / وأوتارِ أُنسٍ حُرِّكتْ ببَنانِه
ونَغْمةِ أفراحٍ شَدتْ بلسانه / وهذا زمانٌ قَدْ سَطا بسِنانه
يُقَرِّعني ولِلدهرُ جمع قَوارِع /
نُطارِد دهراً والنفوسُ طريدة / ونَسْتَهوِن الأيامَ وهْي شديدة
ونقبِض كفاً والحُتوفُ مديدة / نؤمِّل آمالاً وهنَّ بعيدة
وأيدي الليالي بالمَنون شوارِع /
نَروم من الدنيا وفاءٌ فما وَفَتْ / ونرقُب منها صفوَ عيشٍ فما صَفَتْ
إذَا لَمْ تُنِلنا فَضْلَها ليتها عَفَتْ / أَمْستنهِضُ الأيامِ وَيْكَ وَقَدْ غَفَتْ
رُوَيْدَك دَعْها فهْي عنك هَواجِع /
تُجشَّم أهوالاً لتحصِيلنا المُنى / ونتعبُ فِي عيشٍ سيُعقَب بالفنا
ونقطع كلًَّ العمرِ بالكَلِّ والعَنا / طَماعاً لحبِّ المالِ حِرْصاً عَلَى الغَنى
فما آفةُ الإنسانِ إِلاَّ المَطامع /
رُويدَك عني يَا زمانُ فإنني / جَلود إذَا نابُ العداوةِ عَضَّني
بذلتُ نفيسَ العمرِ فيك وليتَني / قطعتُ أمانِي النفسِ لما وعدْتَني
فما موعدُ الأيامِ إِلاَّ بَلاقِع /
أقوم بحفظِ الواجباتِ مُتمِّماً / وتقعد عن حفظ الإخاءِ تألما
لذاك رأيتُ العذر أَوْلَى وأَسْلَما / إذَا مَا رأيت الخِلَّ بالصَّدِّ أَعْلما
فدَعْه فرحب الأرض للمرء أوسع /
منعت عن التَّرحالِ دهراً رَكائبي / وأصبحتُ خصمَ الدهرِ لَوْ عَضَّ غارِبي
وآليتُ لا أشكو لخَلْقٍ مَطالبي / سوى فيصل السلطانِ بحرِ المَواهِب
فذلك من تُرجَى لديه المَنافع /
مليكٌ بحُكمِ الكائناتِ موكَّل / نبيٌّ بدستورِ الخلافة مُرسَل
هُمام بأَهباءِ العُلى متزمِّل / لَهُ الملك بيتٌ والخِلافة منزل
لسلطانه كلُّ البريةِ طائع /
رفيعٌ بني فَوْقَ المَجَرَّةِ مَسْكَناً / سَخيٌّ لقد حازَ المكارِمَ دَيْدَنا
قويٌّ يرى صعبَ المطالب هَيِّناً / مواهبُه سُحْبٌ مَواطِر بالغنى
فذاً صادرٌ مِلءَ اليدين وشارع /
تبسَّمتِ الأيامُ بِشْراً وأَسْفَرتُ / بطَلْعتِه والكُتْبُ جاءَتْ وبَشَّرت
مُديرُ رَحَى الهَيْجا إذَا الحَربُ شَمَّرت / مكارمُ عن إحصائها الخَلْقُ قَصَّرت
فليس لَهُ فِيهَا شريكٌ مُنازِع /
يشقُّ كَثيفَ الحُجْبِ ثاقِبُ فكرِه / فيُنْبِيك بالمَخْفِيِّ من قَبْلِ ذِكره
كَأَنَّ علومَ الغيبِ شُدَّت بأَزْرِه / ترى السر منظوماً بِهِ قبلَ نشره
طوتْه من الفكرِ الجَليِّ طَلائع /
إِلَيْكَ أمينَ اللهِ قَصْداً تَوَجَّهتْ / ركائبُ شوقٍ بأرجاءِ تَسَرْبلت
لقد ساقَها حادِي الجميلِ فأَرْفَلَت / ولو أن كل الخَلْق نحوَك أقبلت
وَسِعْتَهم فضلاً فلم يبقَ جائعُ /
أناختْ بيَ الآمالُ وهي مَطِيَّتي / فلا يَكُنِ الهجرانُ منك عَطيّتي
فإن يَكُ ذنبٌ فالذنوبُ سَجِيَّتِي / فعَفْوُك يَا مولايَ مَحْوُ خَطيئتي
فليس سوى الإقرارِ عندي ذَرائع /
ليَ الويلُ إن كنتُ الرَّبيبَ لفضلِكم / فأُصبح مهجوراً بأحكامِ عدلكم
بعهدِي قديماً بالتزامي بشَمْلِكم / بأخلاقك العظمى بأَطوادِ حلمكم
عهودٌ توالتْ والعهود مَوانِع /
فلِي قلم طَوْعُ البَنانِ ولي فم / يَخُطُّ ويُملي والمديح مُترجِم
فأنت سماء والمكارم أنجُم / فأيُّ مديحٍ فِي ثَناك متيّم
وكلُّ لسانٍ عن جميلك ذائِعُ /
سيَجْمعُنا بعدَ التفرق مَجْمَعُ
سيَجْمعُنا بعدَ التفرق مَجْمَعُ / تَظلُّ بِهِ وُرْقُ البشائرِ تَسْجَعُ
عشيةَ يومِ الوصلِ ظلتْ قلوبُنا / من البِشْر والآماقُ بالدمع تَهْمَع
فيا ليلةَ النعماءِ باللهِ فأسرِعي / فإن يدَ النعماءِ للبؤس تَقَمَّع
ويا طلعةَ الوجهِ البشوشِ فأسفِري / فإنّا بكِ الدهرَ العَبوسَ سنَدْفع
ورُحماكَ من دهرٍ فهل أنت سامعٌ / تلمُّ لَنَا شَمْلاً شَتيتاً ونَجمع
فإنك لَمْ تبرح مِلَمّاً مُشتتاً / وتعطي عَلَى طول الليالي وتَمْنَع
فبادِرْ بجمع لا رَعَى اللهُ يومَنا / غداةَ افترْقنا والبوابيرُ تُسرع
تجحِدُّ بِنَا شرفاً وغرباً كَأَنَّها / سَحائبُ من كل الجوانبِ تَهْطع
تمر عَلَى متنِ الحديد كَأَنَّها / زَعازعُ والإِنْجينُ رعدٌ مُلعلِع
فيا سائقَ البابور إن مدامعي / تجَرِّح آماقِي وَشيكاً وتَقْطع
لَكَ اللهُ رفْقاً فالقلوبُ تَقَطَّعت / لدى زَجراتُ الريلِ والعينُ تَدْمَع
فإن كنت بالحسنَى ستُدنِي أحبّتي / فإني بجمع الأَكْرَمين لأَطمع
عَلَى مَهلٍ إن الجفونَ تَقرَّحت / وإِن فؤادي مَسْلَكَ الريل يَتْبَع
لَحا اللهُ يوماً آذَنَ الدهرُ بَيْنَنا / بتفريق جَمْع للقلوب يُزعزِع
فأصبحتُ كالمخلوع أبكي كآبةً / أَعَضُّ عَلَى كفِّي وللسنِّ أَقْرَعُ
عسى يجمعُ الرحمنُ بينِي وسادتي / ونَغْنَم أوقاتاً بِهَا العيشُ أَوْسع
وَنَحْظَى بمولانا المعظَّم قَدرُه / أبيّ المجدِ تيمورٍ لَهُ الدهر يَخْضع
مَجامع أُنسٍ يحسد الدهرُ مثلَها / ومن مثلُ تيمورٍ لَهُ الدهرُ يخضع
فيا ربِّ مَتِّعنا بجمع يلمُّنا / ويوم ببُشراهُ الحَنادس تَسْطَعُ
على نَغَماتِ الأنسِ تقتطفُ الهَنا / ومن كوثَرِ الأَفراحِ لِلشُّربِ نكْرع
فللهِ يومٌ أصبح الدهرُ ناطِقاً / سيَجمعنا بعد التفرقِ مَجْمَع
تِهْ دلالاً أَيَّهذا المَرْبَعُ
تِهْ دلالاً أَيَّهذا المَرْبَعُ / إنك اليومَ المَقامُ الأَرْفَعُ
رجع المجدُ فطوبَى لَكَ من / تختِ ملكٍ طابَ فيك المَرجِع
سجع الدهرُ وغنى بالهنا / فترى الأكوانَ طُراَ تَسْجع
فطفِقنا من غِناها طَرَباً / نُحسن الرقص وطوراً نسمع
يا ليومٍ سَطع البدرُ بِهِ / كَانَ قِدْماً فِي دُجاه يَسْطع
هَطع البِشرُ علينا سَرْمداً / فَغَدونا للتهاني نَهْطع
نَجْتليه مذ تَجَلَّى وَلَعاً / وضياءُ البدر طبعاً يُولَع
نقطع الأيامَ شوقاً ومُنىً / ومَسيسُ الشوقِ فينا يقطع
والليالي وَسِعْتنا جَفوةً / بالدهر ضاق فِيهِ الأَوْسَعُ
تَقْرع الأعداءَ فِينا مَضَضاً / كلُّ سنٍّ ظلَّ فينا يُقْرَعُ
صَدْعُ شملٍ أَوْسعتْه غربةٌ / ظل منهُ كلُّ شملٍ يُصْدَع
طالما أرفع كفّي ضارِعاً / علَّ يوماً بالأماني يَضْرع
إن يوماً بالأماني مسرعٌ / ذَاكَ بالأفراح يوم أَسْرَع
دمعتْ عيني سروراً وعَدتْ / كلُّ عين من سروري تَدْمَعُ
خَرَّتِ الأكوانُ طوعاً رُكَّعاً / مذ رأتْ تيمورَ ظلَّتْ تركع
بدرُ تِمٍّ أشرق الأفقُ بِهِ / واستنارت من سماه الأَرْبُع
واستطارتْ فرحاً لما بدا / برِحاب المجد مَلْكٌ أَروعُ
فهنيئاً يَا بني الأوطانِ قَدْ / جُمع الأنسُ وطاب المَجْمَعُ
واطمأنَّ المُلك مسروراً وَقَدْ / كَانَ بالشوق كئيباً يَظْلع
قرتِ الأكوانُ عيناً واستوى / بسرير الملك قرمٌ أَمْنَعُ
غصنُ مجدٍ بالمَعالي مُورِقٌ / ولمثل المجدِ مَن ذا يزرعُ
فاشربوا كأسَ التهاني قَرْقَفاً / إن يومَ البشرِ روضٌ مُمْرِع
وارفعوا أيدي الدُّعا مبسوطةً / إن للداعين أيدٍ تُرفَعُ
إن ذا السلطانَ فينا رحمةٌ / فاشكروا المولى جميعاً واسمعوا
دُمْ بِعزٍّ أَيُّها السلطانُ مَا / لاح برقٌ فِي الدَّياجِي يَلْمَعُ
قال أَرِّخْ فمتى البدرُ بدا / قلت عُدَّ الفضلُ طراً أَجْمع
قِفا حَدِّثاني واطْنِبا عن مَرابِعي
قِفا حَدِّثاني واطْنِبا عن مَرابِعي / وسيلاً إِلَى ذكرى حديثِ الأَجارعِ
فإن دياري لا تزالُ مَراتِعاً / لغزلانِ أنسٍ كالبذور الطوالع
قِفا وانثرا عني الدموعَ فإنني / أضعتُ فؤادي بَيْنَ تِلْكَ المواضع
مواضعُ أرامٍ وسُكْنَى وأوانس / شُغفتُ بِهَا والبينُ شر الموانع
لقد حالتِ الأيامُ بيني وخُلَّتي / وأصبحتُ أقفو الرَّكْبَ فِي كل طالع
أطوِّفُ شرقَ الأرض طوراً وغربها / كَأَنَّ جهاتِ الأرض طُراً ودَائِعي
وأعدو لأسلاكِ التليفون معرضاً / وأسلك أَحياناً خلال المَخادع
وأهفو إِلَى الرَّكْبِ إِنْ عَنَّ سائِحٌ / أُردِّد طرفي فِي جهات الشوارع
وأُصغِي إِلَى الأصوات من كل ناطقٍ / وأَنْصِب طرفي للبُروق اللَّوامع
لعلَّ من الأحباب تأتي بَشائر / فأذكر منها بالسُّعود مَطالِعي
فطَنَّ بأُذني باغِمٌ يسلب الحَشا / يُجاذب أوتارَ الهوى بالأصابع
يُمازجه صوتٌ أرقُّ من الهوا / لدَى نَعْمة الأسلاكِ بَيْنَ مَسامعي
يقول وَقَدْ جَدَّ الفؤادَ بنُطقِه / ألا هل لقولي من مُجيبٍ وسامع
من الرعب العَرْباء يفهم لهجتي / ويُحسن منطوقاً بحُسن البدائع
فطرتُ اشتياقاً والهوى يمنع الفتى / وذا الدهرُ عن دَرْكِ الحقائق مَانعي
من الصُّدَف اللائي جَلَبْنَ ليَ الهَوى / وأَسْبَلْنَ من عيني غزيرَ المَدامعِ
لَعوبٌ بسهم الغُنْجِ تَرشَقُ مهجتي / فأدنو وسهمُ البين يَحْنِي أَضالِعي
يُخاطِبُني والبعدُ يحكم بالنوى / ودمعي لهذا بَيْنَ عاصٍ وطائع
فأنطقُ مبهوتاً وبيني وبينها / من البُعد مَا بيني وبين المطامع
جواذبُ أسلاكٍ تُواصل بَيْنَنا / كما يوصل الأحلامَ نومُ المَضاجعِ
فأصبحتُ مأسوراً وعينيَّ لن ترى / وَقَدْ تجلب الأُذنانِ جَمَّ المَصارع
فقلتُ وَقَدْ هاج الفؤادُ بلوعةٍ / أسيرُ هواكم لا أسير الوقائع
لكِ اللهُ كم أُضحي أسيراً بحبكم / وَلَمْ أَلقَ منكم مَا يسدُّ ذَرائعي
تجاهلتُم عني وذو الجهل فِي الهوى / يَبيت ويُضحى بَيْنَ راجٍ وجازع
ألا أيهذا التيلفون فبالهوى / سألتك من ذا بالحديث مُنازِعي
ومن هو بالعُتبى يفنِّت مهجتي / فإِني بحقِّ الحب أرجوك شافِعي
وصلتَ حبالَ الحب بَيْنَ وبينها / فهل أنت يوماً بالأحبة جامِعي
لَحاك الهوى بالثغر عنيَ مُقْبِلاً / ودون الَّذِي أهواه أصبحتَ رَادِعي
أُهَيْلَ الهوى باللهِ ألا سمحتمُ / بتعريفكم إياي قبل التَّوادعِ
ومن أنتمُ أَوْفوا إليّ بوعدِكم / فما وعدُكم إِلاَّ شِراكُ الخَدائع
يُخاطبني والصوتُ يَرْضَخُ بالحَشا / وعن وصلِه بالوعدِ لا زال دافِعي
ويَنْصِبني للبين والبينُ خافِضٌ / ولا زال عن قُرب التواصل دافِعي
سَمِيري ألا صَرَّح باسمك مُعلِناً / فعنْ منهجِ العشاقِ لستُ براجع
وخَبِّر فدتك النفسُ من أنت يَا تُرى / فقال وهل ذا عن شُهودي بنافع
فصفَّقتُ مبهوتاً وقوليَ هكذا / ينوب لفقد الماءِ تُرْبُ البَلاقع
فردّتْ بصوتٍ كالنسيم تقول لي / فاسمي ميمي من ذوات البَراقِع
فمالتْ وقالت للوادع سعيدةٌ / لياليك فارقُبني ليوم التَّراجُع
فما صدقتْ أَذْني ولا كَذَّب الهوى / ولا صَدِئتْ عيني بغير المَدامع
ولا نلتُ مَا أهوى ولا مَا أُحبه / ولا مَا أُرجِّي من قريبٍ وشاسِع
فأصبحتُ محلوقاً أحنُّ إِلَى اللقا / وهل ترجع الخِلانُ بعد التقاطع
فها أنا أرجو والموانعُ جَمَّةٌ / ولكنْ مراعاةُ الإخا من طَبائعي
أَلا حَدِّثوا عني أَيُّها القومُ واسمعوا
أَلا حَدِّثوا عني أَيُّها القومُ واسمعوا / بأني مُعَنًّى بالديار ومُولَعُ
صَبوتُ إِلَيْهَا وهْي عني بعيدةٌ / فِهَا أنا فِيهَا يَا أَخِلاّيَ أَرْتَع
سَباني هواها واطَّباني خَريفُها / وكم ليَ فِيهَا بالأَكارِم مَجْمع
وكم مَسْرحٍ بالدَّوِّ نرمي قَنيصَه / وعينُ السما بالطّلِّ تَهْمِي وتَدْمَعُ
نسير عَلَى بُسْطٍ من الزَّهر والحَيا / كَأَنَّا بروض الخلد نمشي ونَهْطَعُ
تُنَشُّ علينا بارداتٌ من الصَّبا / فتُهدي لَنَا عِطراً من الزهر يَنْزع
وكم طيباتٍ فِي مديحي تركتُها / بدارٍ لَهَا فِي القلب سُكْنَى ومَرْتع
وكم من ديارٍ فِي حياتي نزلتها / وَلَمْ يك لي فِيهَا قَرار ومَطْمَع
فإن ظفار اليومَ بيتُ قَصيدها / هي الوجهُ والبُلدان يَا صاح يُرْفع
بلادٌ أَلِفناها ونهوَى سكونَها / وإن لن يَطِب فِيهَا مَقِيل ومَضْجَع
أحنُّ عَلَيْهَا مَا حييت وإِن أَمُتْ / عَلَيْهَا سلامُ الله مَا البرقُ يلمع
فإن تكُ فِيهَا للبراغيث صولةٌ / فأي بلادٍ لَيْسَ فِيهَا مُروِّع
يَعِزّ الكمالُ البحت إِلاَّ لخالقٍ / وَلَيْسَ لمخلوقٍ كمالٌ مُجمَّع
كفى شرفاً مَهْمَا تُعَدُّ عيوبها / فكلُّ كريمٍ فِيهِ للعيبِ موضع
فلا عيب فِيهَا غير أن جنودَها / أُلوفٌ من الذِّبان بالكاس تَكْرع
فنشربُ شاهيناً وألفُ ذبابة / تطنُّ عَلَيْهِ أَوْ وعشرون وُقَّع
إِذَا مَا حضرنا فِي غذاءٍ وقهوة / نقوم ونحن يَا أخا القوم جُوَّعُ
ومهما مددْنا للطعام أَكُفنا / إِذَا هو قبلَ الكف يَهْوِي ويسرع
وإن نحن جئنا للجلوس سُوَيعةً / ترانا من الذرذير بالسنِّ نَقْرع
نُحكِّك كالمجروب جسماً وتارةً / عَلَى الوجه والخدين بالكف نَصْفع
نَذُبُّ عن الوجه الكريم ونتقي / بعوضاً عَلَى الأجسام يهوى ويَلْسع
وإن نحن نمنا نريحُ جُسومنا / أتتنا جيوشُ البق للجسمِ تَمْزع
وتسمع للجرذان رقصاً كَأَنَّها / كتائبُ خيلٍ للإغارةِ تُجْمع
فهذا بَلاءٌ ثُمَّ داءٌ وغُصّة / فأية حالٍ أَيُّها القوم نصنع
ولكنما حسنُ الديارِ وحبُّها / يُهوِّن عنها النائباتِ ويمنع
تزيد نشاطاً كل يومٍ بحبها / وَمَا نحنُ من لَدْغ البراغيثِ نَجْزع
فما هي إِلاَّ وردةٌ قَدْ تَفتحتْ / يَحُفّ بِهَا روضٌ خصيب ومُمرع
سقاكِ الحَيا يَا ظفار وغَرَّدت / قمارِيك دهراً بالأَفانين تَسْجَع
فإن أقفرتْ منا لياليك إننا / سنأتيك يوماً عن قريبٍ ونرجعُ
يَؤُمُّ بِنَا مَلْك كريم وسيدٌ / لَهُ من كرامِ القومِ مَنْشاً ومنبع
أبو طارقٍ قلبُ الزمان وتاجُه / وللملك عينٌ والسياسةِ مَسْمَع
أَرِقتُ ووجهُ البدرِ فِي الأفق يَسْطع
أَرِقتُ ووجهُ البدرِ فِي الأفق يَسْطع / ومن حَرِّ نار السُّهد عينيَ تَدْمَعُ
أقلِّب طرفي لا أرى النومَ لحظةً / وطرفُ الدُّجَى وَسْنانُ والناس هُجَّعُ
وبِتُّ وَمَا لي مؤنسٌ غيرَ زَفْرَتِي / أَردِّدها والقلبُ بالحزن مُوجَع
تُساوِرُني الأوهامُ مَا ليَ ناصرٌ / وبين ضلوعي غُلَّةٌ لَيْسَ تُنْقَعُ
أُناجي ضميري والجوى يستفِزني / وَمَا لي إِلاَّ صوَتُ يومٍ يُرجِّع
ونارُ همومي بالحشا قَدْ تَوقَّدت / ولي ناظرٌ من شدة الحزن يهمع
وقد طلبتْ عيني المنامَ سُويعةً / فلم تر عيني غيرَ سهدٍ يُروِّع
أطارت منامي مزعجاتٌ من الأسى / وللناسِ مهدٌ فِي الظلامِ ومَضْجَع
بأرضٍ عفتْ أطلالُها وربوعُها / وَلَمْ يبقَ فِيهَا للعمارةِ موضع
تَقَضَّتْ ليالي الوصل بيني وبينها / فللهِ أطلالٌ ولله أَرْبُع
وقفتُ بِهَا والليلُ هادٍ رشواقُه / وسِنّي لأسنان الكوارِثِ تَقْرعُ
ووجهي بوجهِ الأرض كرهاً وضعتُه / أفكر فِي صوتٍ عَلَى البُعدِ يَنْزِع
فقمت وَمَا من صاحبٍ أستشسيرُه / أَعَضُّ عَلَى كفي وللسيرِ أُسرع
فلم أرَ من يُسْلى فؤادي من الجَوى / وسرتُ وهمي فَوْقَ مَا أتوقع
وجئت إِلَى دارٍ تَداعَى جدارُها / ينوحُ عَلَيْهَا البومُ والأرضُ بَلْقَع
تَساقط أَعلاها بأَدْنَى أساسِها / إِذَا ما رآها الطرفُ فالقلب يَهْلع
فَسِرُّ غرامي فِي الهوى لا أُذِيعُهُ
فَسِرُّ غرامي فِي الهوى لا أُذِيعُهُ / وسهميَ من إِرْثِ التُّقى لا أَبيعُهُ
فأعصِي الهوى طوراً وطوراً أُطيعه / فللهِ مني جانبٌ لا أُضيعه
وللهو مني والخلاعة جانبُ /
دارٌ تَماوجتِ القلوبُ بطبعِها
دارٌ تَماوجتِ القلوبُ بطبعِها / فمتى يساعدني الزمان بجَمْعِها
رسمتْ محبتُها بخاتم طبعها / شوقاً أُكابده لزَوْرَةِ رَبْعِها
وأرى الزمانَ يحول دون مُرادِي /
قَدْ كنتُ فِي عَرصاتِها مُتيمِّماً / أشدُو القَريض بحبها مُتَرنما
يا دارُ أضحى الحبُّ فيك مُحتَّما / والقلبُ يوشك أن يطيرَ وإنما
قَفصُ الأَضالع مُحْكَمُ الإِيصادِ /