القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الصوفيّ العُماني الكل
المجموع : 8
أخِلاّيَ هل عيدُ التواصل راجعُ
أخِلاّيَ هل عيدُ التواصل راجعُ / وهل عهدُ ذَاكَ الحيِّ بالحيِّ جامعُ
أُرجِّي وِصالاً والليالي تُقاطِع / وأدعو وَمَا لي فِي البَرية سامع
خَليليَّ من لي للأحبةِ شافعُ /
فلِي مَدْمَعٌ مَهْمَا جَفَوْنِي مَا رَفَا / وقلبٌ بأرجاءِ الغرام تَفرَّقَا
وجسم عَلَى مهدِ النُّحول تمزَّقا / أقول لأحبابٍ جَفَوْني متى اللِّقا
بِعيشكمَ عودوا عليَّ وسارِعوا /
أُطالب أيامي رُجوعاً فَتَنْزَوِي / وأسألُها عطفاً عليَّ فتَلتوِي
ومَن طبعُه التَّعْوِيج أَيَّان يستوِي / فقلتُ لَهَا والخدُّ بالدمع يرتوِي
قتيلُ هَواكم غَسَّلته المَدامع /
لقد كَانَ من قابَيْنِ أَدْنَى إِلَيْكمُ / أَسير بيُسراكم عزيزٌ عليكمُ
تُجُوفِي بلا ذنبٍ فبانَ لديكمُ / فإن شئتمُ قتلِي فطوعُ يديكم
فما أنفُسُ العشاقِ إِلاَّ وَدائع /
حلفتُ يميناً لا أَحول عن الصَّفا / فسيانِ عندي كَدَّر الدهرُ أَوْ صَفا
لأني محبٌّ أحمِل الصدَّ والجَفا / فإن تُحسنوا فالحرُّ شِيمَتُه الوفا
وإن تمنعوا فاللهُ لا شك مانِع /
سأُجمِل صبراً والتَّجَمُّلُ شِيمَتي / وأكتم سِرَّ الحبِّ طوقَ عَزيمتي
فشكوَى الهوَى لا شكَّ إِحدى فَضيحتي / فإن كَانَ لا يُجدِي بكائي ولوعتي
لعل احتمالَ الصبرِ فِي الحب نافع /
غرستُم هواكم فِي حُشاشةِ مُهْجتي / فوجهتُ كُلِّي فيكمُ وحقيقتي
فذلك حُكمي فِي الهوى وشَريعتي / فأقسمتُ إِنْ لَمْ تنظروني برَحمةِ
رأيتم جَهاراً مَا بِيَ الشوقُ صانع /
شربتُ الهوى صِرْفاً بحانوتِ حبكم / وأصبحتُ نَشْواناً بكاساتِ قربكم
أَرَشْتُم سهامَ البينِ جَوْراً ببُعدكم / فإنْ أكُ مقتولاً صَريعاً بصدكم
فكم جُمِّعت للحتفِ فيكم مَصارِع /
أَبِيتُ صريعَ الحبِّ صَبّاً مُوَلَّعاً / وأُضحِي طَلِيحَ الشوقِ نِضْواً مُدَلَّها
أُقلِّب طرفِي خاليَ القلبِ أَبْلَهاً / فمَنْ مُبلِغُ الأيامِ عني لعلَّها
تُقرِّب أَحبابِي وعني تُدافع /
أَخلايَ ذَلتْ عِزَّتي بجفاكمُ / وَقَدْ كنتُ مرموقاً بعينِ رِضاكمُ
فيا عهدَ عيشٍ قَدْ صفا بصفاكمُ / تذكرتُ عهداً طاب فِيهِ جَناكم
وعصراً بِهِ زَهْرُ التواصل يانع /
إلا أَيُّهَا الدهرُ المُلِحُّ تَرَفُّقاً / بصبٍّ بِهِ ثوبُ الشباب تمزَّقا
عقد كَانَ فِي الأحبابِ خِلاًّ مُصدَّقاً / فلما بدا صبحُ المَشيب وأَشْرَقا
تراءَتْ ليَ الإخوانُ طُرّاً تُخادِعُ /
سَقى اللهُ ذَاكَ العهدَ والعودُ ناضِرُ / وحَيَّا ليالٍ والحبيبُ مُسامِرُ
نَعِمتُ بِهِ والحظُّ ناهٍ وأمِر / أَلاَ من محبٍّ لي شفيعٌ وناضر
عَلَى مَضِ الأيامِ يوماً يُصانِعُ /
فيا لَزمانٍ قَدْ سكرْنا بحانِهِ / وأوتارِ أُنسٍ حُرِّكتْ ببَنانِه
ونَغْمةِ أفراحٍ شَدتْ بلسانه / وهذا زمانٌ قَدْ سَطا بسِنانه
يُقَرِّعني ولِلدهرُ جمع قَوارِع /
نُطارِد دهراً والنفوسُ طريدة / ونَسْتَهوِن الأيامَ وهْي شديدة
ونقبِض كفاً والحُتوفُ مديدة / نؤمِّل آمالاً وهنَّ بعيدة
وأيدي الليالي بالمَنون شوارِع /
نَروم من الدنيا وفاءٌ فما وَفَتْ / ونرقُب منها صفوَ عيشٍ فما صَفَتْ
إذَا لَمْ تُنِلنا فَضْلَها ليتها عَفَتْ / أَمْستنهِضُ الأيامِ وَيْكَ وَقَدْ غَفَتْ
رُوَيْدَك دَعْها فهْي عنك هَواجِع /
تُجشَّم أهوالاً لتحصِيلنا المُنى / ونتعبُ فِي عيشٍ سيُعقَب بالفنا
ونقطع كلًَّ العمرِ بالكَلِّ والعَنا / طَماعاً لحبِّ المالِ حِرْصاً عَلَى الغَنى
فما آفةُ الإنسانِ إِلاَّ المَطامع /
رُويدَك عني يَا زمانُ فإنني / جَلود إذَا نابُ العداوةِ عَضَّني
بذلتُ نفيسَ العمرِ فيك وليتَني / قطعتُ أمانِي النفسِ لما وعدْتَني
فما موعدُ الأيامِ إِلاَّ بَلاقِع /
أقوم بحفظِ الواجباتِ مُتمِّماً / وتقعد عن حفظ الإخاءِ تألما
لذاك رأيتُ العذر أَوْلَى وأَسْلَما / إذَا مَا رأيت الخِلَّ بالصَّدِّ أَعْلما
فدَعْه فرحب الأرض للمرء أوسع /
منعت عن التَّرحالِ دهراً رَكائبي / وأصبحتُ خصمَ الدهرِ لَوْ عَضَّ غارِبي
وآليتُ لا أشكو لخَلْقٍ مَطالبي / سوى فيصل السلطانِ بحرِ المَواهِب
فذلك من تُرجَى لديه المَنافع /
مليكٌ بحُكمِ الكائناتِ موكَّل / نبيٌّ بدستورِ الخلافة مُرسَل
هُمام بأَهباءِ العُلى متزمِّل / لَهُ الملك بيتٌ والخِلافة منزل
لسلطانه كلُّ البريةِ طائع /
رفيعٌ بني فَوْقَ المَجَرَّةِ مَسْكَناً / سَخيٌّ لقد حازَ المكارِمَ دَيْدَنا
قويٌّ يرى صعبَ المطالب هَيِّناً / مواهبُه سُحْبٌ مَواطِر بالغنى
فذاً صادرٌ مِلءَ اليدين وشارع /
تبسَّمتِ الأيامُ بِشْراً وأَسْفَرتُ / بطَلْعتِه والكُتْبُ جاءَتْ وبَشَّرت
مُديرُ رَحَى الهَيْجا إذَا الحَربُ شَمَّرت / مكارمُ عن إحصائها الخَلْقُ قَصَّرت
فليس لَهُ فِيهَا شريكٌ مُنازِع /
يشقُّ كَثيفَ الحُجْبِ ثاقِبُ فكرِه / فيُنْبِيك بالمَخْفِيِّ من قَبْلِ ذِكره
كَأَنَّ علومَ الغيبِ شُدَّت بأَزْرِه / ترى السر منظوماً بِهِ قبلَ نشره
طوتْه من الفكرِ الجَليِّ طَلائع /
إِلَيْكَ أمينَ اللهِ قَصْداً تَوَجَّهتْ / ركائبُ شوقٍ بأرجاءِ تَسَرْبلت
لقد ساقَها حادِي الجميلِ فأَرْفَلَت / ولو أن كل الخَلْق نحوَك أقبلت
وَسِعْتَهم فضلاً فلم يبقَ جائعُ /
أناختْ بيَ الآمالُ وهي مَطِيَّتي / فلا يَكُنِ الهجرانُ منك عَطيّتي
فإن يَكُ ذنبٌ فالذنوبُ سَجِيَّتِي / فعَفْوُك يَا مولايَ مَحْوُ خَطيئتي
فليس سوى الإقرارِ عندي ذَرائع /
ليَ الويلُ إن كنتُ الرَّبيبَ لفضلِكم / فأُصبح مهجوراً بأحكامِ عدلكم
بعهدِي قديماً بالتزامي بشَمْلِكم / بأخلاقك العظمى بأَطوادِ حلمكم
عهودٌ توالتْ والعهود مَوانِع /
فلِي قلم طَوْعُ البَنانِ ولي فم / يَخُطُّ ويُملي والمديح مُترجِم
فأنت سماء والمكارم أنجُم / فأيُّ مديحٍ فِي ثَناك متيّم
وكلُّ لسانٍ عن جميلك ذائِعُ /
سيَجْمعُنا بعدَ التفرق مَجْمَعُ
سيَجْمعُنا بعدَ التفرق مَجْمَعُ / تَظلُّ بِهِ وُرْقُ البشائرِ تَسْجَعُ
عشيةَ يومِ الوصلِ ظلتْ قلوبُنا / من البِشْر والآماقُ بالدمع تَهْمَع
فيا ليلةَ النعماءِ باللهِ فأسرِعي / فإن يدَ النعماءِ للبؤس تَقَمَّع
ويا طلعةَ الوجهِ البشوشِ فأسفِري / فإنّا بكِ الدهرَ العَبوسَ سنَدْفع
ورُحماكَ من دهرٍ فهل أنت سامعٌ / تلمُّ لَنَا شَمْلاً شَتيتاً ونَجمع
فإنك لَمْ تبرح مِلَمّاً مُشتتاً / وتعطي عَلَى طول الليالي وتَمْنَع
فبادِرْ بجمع لا رَعَى اللهُ يومَنا / غداةَ افترْقنا والبوابيرُ تُسرع
تجحِدُّ بِنَا شرفاً وغرباً كَأَنَّها / سَحائبُ من كل الجوانبِ تَهْطع
تمر عَلَى متنِ الحديد كَأَنَّها / زَعازعُ والإِنْجينُ رعدٌ مُلعلِع
فيا سائقَ البابور إن مدامعي / تجَرِّح آماقِي وَشيكاً وتَقْطع
لَكَ اللهُ رفْقاً فالقلوبُ تَقَطَّعت / لدى زَجراتُ الريلِ والعينُ تَدْمَع
فإن كنت بالحسنَى ستُدنِي أحبّتي / فإني بجمع الأَكْرَمين لأَطمع
عَلَى مَهلٍ إن الجفونَ تَقرَّحت / وإِن فؤادي مَسْلَكَ الريل يَتْبَع
لَحا اللهُ يوماً آذَنَ الدهرُ بَيْنَنا / بتفريق جَمْع للقلوب يُزعزِع
فأصبحتُ كالمخلوع أبكي كآبةً / أَعَضُّ عَلَى كفِّي وللسنِّ أَقْرَعُ
عسى يجمعُ الرحمنُ بينِي وسادتي / ونَغْنَم أوقاتاً بِهَا العيشُ أَوْسع
وَنَحْظَى بمولانا المعظَّم قَدرُه / أبيّ المجدِ تيمورٍ لَهُ الدهر يَخْضع
مَجامع أُنسٍ يحسد الدهرُ مثلَها / ومن مثلُ تيمورٍ لَهُ الدهرُ يخضع
فيا ربِّ مَتِّعنا بجمع يلمُّنا / ويوم ببُشراهُ الحَنادس تَسْطَعُ
على نَغَماتِ الأنسِ تقتطفُ الهَنا / ومن كوثَرِ الأَفراحِ لِلشُّربِ نكْرع
فللهِ يومٌ أصبح الدهرُ ناطِقاً / سيَجمعنا بعد التفرقِ مَجْمَع
تِهْ دلالاً أَيَّهذا المَرْبَعُ
تِهْ دلالاً أَيَّهذا المَرْبَعُ / إنك اليومَ المَقامُ الأَرْفَعُ
رجع المجدُ فطوبَى لَكَ من / تختِ ملكٍ طابَ فيك المَرجِع
سجع الدهرُ وغنى بالهنا / فترى الأكوانَ طُراَ تَسْجع
فطفِقنا من غِناها طَرَباً / نُحسن الرقص وطوراً نسمع
يا ليومٍ سَطع البدرُ بِهِ / كَانَ قِدْماً فِي دُجاه يَسْطع
هَطع البِشرُ علينا سَرْمداً / فَغَدونا للتهاني نَهْطع
نَجْتليه مذ تَجَلَّى وَلَعاً / وضياءُ البدر طبعاً يُولَع
نقطع الأيامَ شوقاً ومُنىً / ومَسيسُ الشوقِ فينا يقطع
والليالي وَسِعْتنا جَفوةً / بالدهر ضاق فِيهِ الأَوْسَعُ
تَقْرع الأعداءَ فِينا مَضَضاً / كلُّ سنٍّ ظلَّ فينا يُقْرَعُ
صَدْعُ شملٍ أَوْسعتْه غربةٌ / ظل منهُ كلُّ شملٍ يُصْدَع
طالما أرفع كفّي ضارِعاً / علَّ يوماً بالأماني يَضْرع
إن يوماً بالأماني مسرعٌ / ذَاكَ بالأفراح يوم أَسْرَع
دمعتْ عيني سروراً وعَدتْ / كلُّ عين من سروري تَدْمَعُ
خَرَّتِ الأكوانُ طوعاً رُكَّعاً / مذ رأتْ تيمورَ ظلَّتْ تركع
بدرُ تِمٍّ أشرق الأفقُ بِهِ / واستنارت من سماه الأَرْبُع
واستطارتْ فرحاً لما بدا / برِحاب المجد مَلْكٌ أَروعُ
فهنيئاً يَا بني الأوطانِ قَدْ / جُمع الأنسُ وطاب المَجْمَعُ
واطمأنَّ المُلك مسروراً وَقَدْ / كَانَ بالشوق كئيباً يَظْلع
قرتِ الأكوانُ عيناً واستوى / بسرير الملك قرمٌ أَمْنَعُ
غصنُ مجدٍ بالمَعالي مُورِقٌ / ولمثل المجدِ مَن ذا يزرعُ
فاشربوا كأسَ التهاني قَرْقَفاً / إن يومَ البشرِ روضٌ مُمْرِع
وارفعوا أيدي الدُّعا مبسوطةً / إن للداعين أيدٍ تُرفَعُ
إن ذا السلطانَ فينا رحمةٌ / فاشكروا المولى جميعاً واسمعوا
دُمْ بِعزٍّ أَيُّها السلطانُ مَا / لاح برقٌ فِي الدَّياجِي يَلْمَعُ
قال أَرِّخْ فمتى البدرُ بدا / قلت عُدَّ الفضلُ طراً أَجْمع
قِفا حَدِّثاني واطْنِبا عن مَرابِعي
قِفا حَدِّثاني واطْنِبا عن مَرابِعي / وسيلاً إِلَى ذكرى حديثِ الأَجارعِ
فإن دياري لا تزالُ مَراتِعاً / لغزلانِ أنسٍ كالبذور الطوالع
قِفا وانثرا عني الدموعَ فإنني / أضعتُ فؤادي بَيْنَ تِلْكَ المواضع
مواضعُ أرامٍ وسُكْنَى وأوانس / شُغفتُ بِهَا والبينُ شر الموانع
لقد حالتِ الأيامُ بيني وخُلَّتي / وأصبحتُ أقفو الرَّكْبَ فِي كل طالع
أطوِّفُ شرقَ الأرض طوراً وغربها / كَأَنَّ جهاتِ الأرض طُراً ودَائِعي
وأعدو لأسلاكِ التليفون معرضاً / وأسلك أَحياناً خلال المَخادع
وأهفو إِلَى الرَّكْبِ إِنْ عَنَّ سائِحٌ / أُردِّد طرفي فِي جهات الشوارع
وأُصغِي إِلَى الأصوات من كل ناطقٍ / وأَنْصِب طرفي للبُروق اللَّوامع
لعلَّ من الأحباب تأتي بَشائر / فأذكر منها بالسُّعود مَطالِعي
فطَنَّ بأُذني باغِمٌ يسلب الحَشا / يُجاذب أوتارَ الهوى بالأصابع
يُمازجه صوتٌ أرقُّ من الهوا / لدَى نَعْمة الأسلاكِ بَيْنَ مَسامعي
يقول وَقَدْ جَدَّ الفؤادَ بنُطقِه / ألا هل لقولي من مُجيبٍ وسامع
من الرعب العَرْباء يفهم لهجتي / ويُحسن منطوقاً بحُسن البدائع
فطرتُ اشتياقاً والهوى يمنع الفتى / وذا الدهرُ عن دَرْكِ الحقائق مَانعي
من الصُّدَف اللائي جَلَبْنَ ليَ الهَوى / وأَسْبَلْنَ من عيني غزيرَ المَدامعِ
لَعوبٌ بسهم الغُنْجِ تَرشَقُ مهجتي / فأدنو وسهمُ البين يَحْنِي أَضالِعي
يُخاطِبُني والبعدُ يحكم بالنوى / ودمعي لهذا بَيْنَ عاصٍ وطائع
فأنطقُ مبهوتاً وبيني وبينها / من البُعد مَا بيني وبين المطامع
جواذبُ أسلاكٍ تُواصل بَيْنَنا / كما يوصل الأحلامَ نومُ المَضاجعِ
فأصبحتُ مأسوراً وعينيَّ لن ترى / وَقَدْ تجلب الأُذنانِ جَمَّ المَصارع
فقلتُ وَقَدْ هاج الفؤادُ بلوعةٍ / أسيرُ هواكم لا أسير الوقائع
لكِ اللهُ كم أُضحي أسيراً بحبكم / وَلَمْ أَلقَ منكم مَا يسدُّ ذَرائعي
تجاهلتُم عني وذو الجهل فِي الهوى / يَبيت ويُضحى بَيْنَ راجٍ وجازع
ألا أيهذا التيلفون فبالهوى / سألتك من ذا بالحديث مُنازِعي
ومن هو بالعُتبى يفنِّت مهجتي / فإِني بحقِّ الحب أرجوك شافِعي
وصلتَ حبالَ الحب بَيْنَ وبينها / فهل أنت يوماً بالأحبة جامِعي
لَحاك الهوى بالثغر عنيَ مُقْبِلاً / ودون الَّذِي أهواه أصبحتَ رَادِعي
أُهَيْلَ الهوى باللهِ ألا سمحتمُ / بتعريفكم إياي قبل التَّوادعِ
ومن أنتمُ أَوْفوا إليّ بوعدِكم / فما وعدُكم إِلاَّ شِراكُ الخَدائع
يُخاطبني والصوتُ يَرْضَخُ بالحَشا / وعن وصلِه بالوعدِ لا زال دافِعي
ويَنْصِبني للبين والبينُ خافِضٌ / ولا زال عن قُرب التواصل دافِعي
سَمِيري ألا صَرَّح باسمك مُعلِناً / فعنْ منهجِ العشاقِ لستُ براجع
وخَبِّر فدتك النفسُ من أنت يَا تُرى / فقال وهل ذا عن شُهودي بنافع
فصفَّقتُ مبهوتاً وقوليَ هكذا / ينوب لفقد الماءِ تُرْبُ البَلاقع
فردّتْ بصوتٍ كالنسيم تقول لي / فاسمي ميمي من ذوات البَراقِع
فمالتْ وقالت للوادع سعيدةٌ / لياليك فارقُبني ليوم التَّراجُع
فما صدقتْ أَذْني ولا كَذَّب الهوى / ولا صَدِئتْ عيني بغير المَدامع
ولا نلتُ مَا أهوى ولا مَا أُحبه / ولا مَا أُرجِّي من قريبٍ وشاسِع
فأصبحتُ محلوقاً أحنُّ إِلَى اللقا / وهل ترجع الخِلانُ بعد التقاطع
فها أنا أرجو والموانعُ جَمَّةٌ / ولكنْ مراعاةُ الإخا من طَبائعي
أَلا حَدِّثوا عني أَيُّها القومُ واسمعوا
أَلا حَدِّثوا عني أَيُّها القومُ واسمعوا / بأني مُعَنًّى بالديار ومُولَعُ
صَبوتُ إِلَيْهَا وهْي عني بعيدةٌ / فِهَا أنا فِيهَا يَا أَخِلاّيَ أَرْتَع
سَباني هواها واطَّباني خَريفُها / وكم ليَ فِيهَا بالأَكارِم مَجْمع
وكم مَسْرحٍ بالدَّوِّ نرمي قَنيصَه / وعينُ السما بالطّلِّ تَهْمِي وتَدْمَعُ
نسير عَلَى بُسْطٍ من الزَّهر والحَيا / كَأَنَّا بروض الخلد نمشي ونَهْطَعُ
تُنَشُّ علينا بارداتٌ من الصَّبا / فتُهدي لَنَا عِطراً من الزهر يَنْزع
وكم طيباتٍ فِي مديحي تركتُها / بدارٍ لَهَا فِي القلب سُكْنَى ومَرْتع
وكم من ديارٍ فِي حياتي نزلتها / وَلَمْ يك لي فِيهَا قَرار ومَطْمَع
فإن ظفار اليومَ بيتُ قَصيدها / هي الوجهُ والبُلدان يَا صاح يُرْفع
بلادٌ أَلِفناها ونهوَى سكونَها / وإن لن يَطِب فِيهَا مَقِيل ومَضْجَع
أحنُّ عَلَيْهَا مَا حييت وإِن أَمُتْ / عَلَيْهَا سلامُ الله مَا البرقُ يلمع
فإن تكُ فِيهَا للبراغيث صولةٌ / فأي بلادٍ لَيْسَ فِيهَا مُروِّع
يَعِزّ الكمالُ البحت إِلاَّ لخالقٍ / وَلَيْسَ لمخلوقٍ كمالٌ مُجمَّع
كفى شرفاً مَهْمَا تُعَدُّ عيوبها / فكلُّ كريمٍ فِيهِ للعيبِ موضع
فلا عيب فِيهَا غير أن جنودَها / أُلوفٌ من الذِّبان بالكاس تَكْرع
فنشربُ شاهيناً وألفُ ذبابة / تطنُّ عَلَيْهِ أَوْ وعشرون وُقَّع
إِذَا مَا حضرنا فِي غذاءٍ وقهوة / نقوم ونحن يَا أخا القوم جُوَّعُ
ومهما مددْنا للطعام أَكُفنا / إِذَا هو قبلَ الكف يَهْوِي ويسرع
وإن نحن جئنا للجلوس سُوَيعةً / ترانا من الذرذير بالسنِّ نَقْرع
نُحكِّك كالمجروب جسماً وتارةً / عَلَى الوجه والخدين بالكف نَصْفع
نَذُبُّ عن الوجه الكريم ونتقي / بعوضاً عَلَى الأجسام يهوى ويَلْسع
وإن نحن نمنا نريحُ جُسومنا / أتتنا جيوشُ البق للجسمِ تَمْزع
وتسمع للجرذان رقصاً كَأَنَّها / كتائبُ خيلٍ للإغارةِ تُجْمع
فهذا بَلاءٌ ثُمَّ داءٌ وغُصّة / فأية حالٍ أَيُّها القوم نصنع
ولكنما حسنُ الديارِ وحبُّها / يُهوِّن عنها النائباتِ ويمنع
تزيد نشاطاً كل يومٍ بحبها / وَمَا نحنُ من لَدْغ البراغيثِ نَجْزع
فما هي إِلاَّ وردةٌ قَدْ تَفتحتْ / يَحُفّ بِهَا روضٌ خصيب ومُمرع
سقاكِ الحَيا يَا ظفار وغَرَّدت / قمارِيك دهراً بالأَفانين تَسْجَع
فإن أقفرتْ منا لياليك إننا / سنأتيك يوماً عن قريبٍ ونرجعُ
يَؤُمُّ بِنَا مَلْك كريم وسيدٌ / لَهُ من كرامِ القومِ مَنْشاً ومنبع
أبو طارقٍ قلبُ الزمان وتاجُه / وللملك عينٌ والسياسةِ مَسْمَع
أَرِقتُ ووجهُ البدرِ فِي الأفق يَسْطع
أَرِقتُ ووجهُ البدرِ فِي الأفق يَسْطع / ومن حَرِّ نار السُّهد عينيَ تَدْمَعُ
أقلِّب طرفي لا أرى النومَ لحظةً / وطرفُ الدُّجَى وَسْنانُ والناس هُجَّعُ
وبِتُّ وَمَا لي مؤنسٌ غيرَ زَفْرَتِي / أَردِّدها والقلبُ بالحزن مُوجَع
تُساوِرُني الأوهامُ مَا ليَ ناصرٌ / وبين ضلوعي غُلَّةٌ لَيْسَ تُنْقَعُ
أُناجي ضميري والجوى يستفِزني / وَمَا لي إِلاَّ صوَتُ يومٍ يُرجِّع
ونارُ همومي بالحشا قَدْ تَوقَّدت / ولي ناظرٌ من شدة الحزن يهمع
وقد طلبتْ عيني المنامَ سُويعةً / فلم تر عيني غيرَ سهدٍ يُروِّع
أطارت منامي مزعجاتٌ من الأسى / وللناسِ مهدٌ فِي الظلامِ ومَضْجَع
بأرضٍ عفتْ أطلالُها وربوعُها / وَلَمْ يبقَ فِيهَا للعمارةِ موضع
تَقَضَّتْ ليالي الوصل بيني وبينها / فللهِ أطلالٌ ولله أَرْبُع
وقفتُ بِهَا والليلُ هادٍ رشواقُه / وسِنّي لأسنان الكوارِثِ تَقْرعُ
ووجهي بوجهِ الأرض كرهاً وضعتُه / أفكر فِي صوتٍ عَلَى البُعدِ يَنْزِع
فقمت وَمَا من صاحبٍ أستشسيرُه / أَعَضُّ عَلَى كفي وللسيرِ أُسرع
فلم أرَ من يُسْلى فؤادي من الجَوى / وسرتُ وهمي فَوْقَ مَا أتوقع
وجئت إِلَى دارٍ تَداعَى جدارُها / ينوحُ عَلَيْهَا البومُ والأرضُ بَلْقَع
تَساقط أَعلاها بأَدْنَى أساسِها / إِذَا ما رآها الطرفُ فالقلب يَهْلع
فَسِرُّ غرامي فِي الهوى لا أُذِيعُهُ
فَسِرُّ غرامي فِي الهوى لا أُذِيعُهُ / وسهميَ من إِرْثِ التُّقى لا أَبيعُهُ
فأعصِي الهوى طوراً وطوراً أُطيعه / فللهِ مني جانبٌ لا أُضيعه
وللهو مني والخلاعة جانبُ /
دارٌ تَماوجتِ القلوبُ بطبعِها
دارٌ تَماوجتِ القلوبُ بطبعِها / فمتى يساعدني الزمان بجَمْعِها
رسمتْ محبتُها بخاتم طبعها / شوقاً أُكابده لزَوْرَةِ رَبْعِها
وأرى الزمانَ يحول دون مُرادِي /
قَدْ كنتُ فِي عَرصاتِها مُتيمِّماً / أشدُو القَريض بحبها مُتَرنما
يا دارُ أضحى الحبُّ فيك مُحتَّما / والقلبُ يوشك أن يطيرَ وإنما
قَفصُ الأَضالع مُحْكَمُ الإِيصادِ /

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025