يا لابْتِسامَةِ قَلْبٍ
يا لابْتِسامَةِ قَلْبٍ / مَطْلولَةٍ بدموعِهْ
غاضَتْ فلمْ تُبْقِ إلاَّ / الدُّمُوعَ بَيْنَ صُدُوعِهْ
فَظَلَّ يَهْتُفُ من شَجْ / وِهِ وفَرْطِ ولُوعِهْ
ويِح الحَيَاة أَما تَنْ / قَضي لَدَيْها الرَّزايا
أَما يُكَفْكِفُ هذا الزَّ / مانُ صَوْبَ البَلايا
يا دهرُ رفقاً فإنَّ القُ / لوبَ أَمْسَتْ شَظَايا
يا قلبُ نَهْنِهْ دموعَ / الأَسى ولوْعةَ رُوعِكْ
إنَّ الدُّهُورَ البَواكي / غَنِيَّةٌ عَنْ دُمُوعِكْ
حسْبُ الحَيَاةِ أَساها / فاطْوِ الأَسى في صُدُوعِكْ
واحْلُمْ بفجرِ اللَّيالي فَفَجْ / رُهَا في هُجُوعِكْ
وإن غفوت فإن الحي / اة ليست تروعك
وسَوْفَ يمضي شتاءُ الأَسى / ويَأْتي رَبيعُكْ
بَيْنَ القُبورِ فتاةٌ / جارَ الزَّمانُ عليها
فافْتَكَّ منها بعُنْفٍ / كَفُّ الرَّدى أَبَويْها
تقولُ واللَّيل سَاجٍ / والقبرُ مُصغٍ إليها
يا ليتني متُّ مِنْ قَبْ / لِ أَنْ تَسوءَ حَيَاتي
ويَنْضُبَ الدَّمع من لو / عَتي ومِنْ حَسَراتي
مَنْ لي بِحُفْرَةِ قَبْرٍ / تضمُّني وشَكَاتِي
في الحيِّ صبٌّ يُعاني / في الصَّدْرِ داءً دَفينا
وفي الفُؤادِ جوًى كا / مناً وَحِسًّا مَكينا
حتَّى دهتْه اللَّيالي / وجرَّعتْهُ مَنُونَهْ
فشيَّعَ الميْتَ جمعٌ / مِنْ حيِّهِ يَنْدُبُونَهْ
حتَّى إِذا مَا أَرادوا / رصْفَ الصَّفائِحِ دونَهْ
ناحَتْ عليهِ فتاةٌ / ويلي لمَنْ تتركونَهْ
كانَ الصبيُّ يَصيدُ / الفَراشَ بَيْنَ الزُّهُورِ
فَدَاسَ زهراً نَدِيًّا / أَلقى به في الغَديرْ
فَأَخْرَجُوهُ ولكنْ / بعدَ القضاءِ الأَخيرِ
فخرَّت الأُمُّ حولَ الصَّبِ / يِّ تصرخُ ويلي
فقلتُ والقلبُ دَامٍ والنَّ / اسُ يبكونَ حولي
مَا أَسخَفَ العيشَ تَقْ / ضِي عليهِ زلَّةُ نَعْلِ
شيخٌ شَآهُ دَهْرُ الأَس / ى وَحيدٌ شَتِيتُ
بَيْنَ الخرائبِ يُمسي / على الطَّوى ويَبِيتُ
في ظُلْمَةِ اللَّيلِ فاضَتْ / على الوُجُودِ حياتُهْ
وطرفُهُ يَرْمُقُ النَّجْمَ / مِلؤُهُ عَبَراتُهْ
وما حواليهِ إلاَّ الخَ / رابُ يُشجي صُماتُهْ
فما بكاهُ فَتَاهُ / ولا بكتْهُ فتاتُهْ
يا زهرةً سامَها العَا / برونَ خَسْفاً وهونَا
لو كنتِ شوكاً عَضوضاً / مَا داسَكِ العابِرونا
لأنَّهم يجهلونَ الوَحْيَ / الَّذي تُضْمِرينا
هُمْ يَسْخَرونَ بهَمْسِ / الزُّهُورِ وهْوَ بَديعُ
ويُنْصِتونَ لصَوْتِ الأَشواكِ / وهْوَ مُريعُ
فلا تُبالي بقومِ / الحقُّ فيهمْ صَريعُ
ربَّاه كم مِنْ فتاةٍ / تشكو الحَيَاة وتبكي
ومُعْدَمٍ بوَّأَتْهُ الدُّهُورُ / مَقْعَدَ ضَنْكِ
ويائِسٍ ماتَ في / لُبِّهِ المَرامُ الوَحيدُ
وتائهٍ ضاعَ بَيْنَ القِفارِ / وهْوَ فَريدُ
حتَّى طَوَتْهُ منَ / العاصِفاتِ رِيحٌ شَرُودُ
ربَّاه رُحماكَ إنَّ الزَّمانَ / فَضٌّ شَديدُ
يا طائرَ الشِّعْرِ رَوِّحْ / على الحَيَاةِ الكئيبَهْ
وامْسَحْ بريشِكَ دمْعَ / القُلُوبِ فهيَ غَريبَهْ
وعَزِّها عَنْ أَساها / فقدْ دَهَتْها المُصيبَهْ
وأَنتَ رُوحٌ جميلٌ / بَيْنَ الهِضابِ الجديبهْ
فانفخْ بها من لهيبِ / السَّماءِ رُوحاً خَضيبهْ
وابعَثْ بسحركَ في / قلبِها ضُرامُ الشَّبيبهْ