ألا هل لداعي الله في الأرض سامع
ألا هل لداعي الله في الأرض سامع / فاني بأمر الله يا قوم صادع
وهل من يرى لله حقا ومرجعا / اليه وأن الدين لا شك واقع
وهل من يرى أن الحقوق التي دعا / اليها رسول الله غفل ضوائع
وهل من يرى الشرع الشريف تدرأت / عليه حثالات مبير وخانع
وهل من يرى أن الحنيفة سامها / بما شاء من ضيم لعين مخادع
تمالأ ظلما خيله ورجاله / وليس لهم حد سوى الله مانع
يدوسونها دوس الحصيد كأنها / لقى وأخو الايمان في الأسر خاشع
أفيقوا بني القرآن إن هداكم / الى الجبت والطاغوت في الذل ضارع
أفيقوا بني القرآن إن كتابكم / يناقض في أحكامه وينازع
تعيث قرود الجبت في سنة الهدى / اذا عقدوا شنعاء جاءت شنائع
يعدون دين الله بهتا وهجنة / وان ليس من صوب الاله شرائع
وأن وقوع الدين في الأرض مفسد / وان قوانين السماء فظائع
وان الذي جاءت به الرسل كله / مضر لأسباب الرقي مصارع
وان هدى الاسلام في الأرض ظلمة / ولو زال بانت للرقي سواطع
وان بني الاسلام في همجية / وحوش تعادي في الفلا أو صفادع
وان بني الانسان في الأرض طائر / على شرك عز الجناحين واقع
ولولا عرى إشراكه لتوسعت / مداركهم حيث الحدود الموانع
هلم بنا نقطع حبالة ديننا / اذ الدين عن نور التمدن قاطع
ونرسل أطيار النفوس إلى الهوى / فان هواها للسعادة جامع
ونذروا وصايا الله في الريح تربة / فليس بها استغفر الله نافع
وفي دولة التعطيل مرعى ونضرة / وفي دولة الدين الديار البلاقع
ولا كون الا للطبيعة انها / لها الضر في أكوانها والمنافع
وأن ننتحل شبها لدين سياسة / ففي دولة التبشير فعل مضارع
حبالة صياد ودين ودولة / وتعطيل انسانية وخدائع
فيا لبني القرآن أين عقولكم / وقد عصفت هذي الرياح الزعازع
أمسلوبة هذي النهى من صدورنا / وهل فقدت أبصارنا والمسامع
أما كذبوا لا قبح الله غيرهم / ولا أفلحت تلك الوجوه للواكع
لقد ملأوا الآفاق افكا وخزية / وبغيا ولا مقصود الا المطامع
نفوا ملة الاسلام اذ منعتهم / محارم في حكم العقول فظائع
ولو قلدوا الاسلام ضاق عليهم / سبيل الى ما تشتهي النفس واسع
ولا أطلقتهم في الرذالة رتعا / نذالتهم مهما اقتضته الطبايع
ولا حرشتهم شرة وفظاظة / لهم كلب في نهبنا وتنازع
كأن بني الاسلام صيد رماحهم / وأملاكهم إرث لهم أو قطائع
فلا غرو أن يستنكفوا من ديانة / وقد اسلبت فيها عداها الزرايع
وليتهم اذ عطلوا الدين سايروا / طبيعة تكوين العمار وتابعوا
فأي عمار قام والظلم أسه / وتلكم ديار الظالمين بلاقع
وليت بني الاسلام قرت صفاتهم / فما زعزعتها للغرور الزعازع
وليتهم ساسوا بنور "محمد" / ممالكهم اذ باغتتها القواقع
وليتهم لم ينحروا بسلاحهم / نحورهم اذ جاش فيها التقاطع
لقد مكن الأعداء منا انخداعنا / وقد لاح آل في المهامه لامع
وسورة بعض فوق بعض وحملة / لزيد على عمرو وما ثم رادع
وتمزيق هذا الدين كل لمذهب / له شيع فيما ادعاه تشايع
وما الدين الا واحد والذي نرى / ضلالات أتباع الهوى تتقارع
وما ترك المختار الف ديانة / ولا جاء في القرآن هذا التنازع
فياليت أهل الدين لم يتفرقوا / وليت نظام الدين للكل جامع
لو التزموا من عزة الدين شرطها / لما اتضعت منها الرعان الفوارع
وما ذبح الاسلام الا سيوفنا / وقد جعلت في نفسها تتقارع
ولو سلت السيفين يمنى اخوة / لدكت جبال المعتدين المصارع
وما صدعة الاسلام من سيف خصمه / بأعظم مما بين أهليه واقع
فكم سيف باغ حز أوداج دينه / بأفظع مما سيف ذي الشرك باخع
هراشا على الدنيا وطيشا على الهوى / وذلك سم في الحقيقة ناقع
وما حرش الأضغان في قلب مسلم / على مسلم الا من النعي وازع
ولو نصع القلبان لم يتباغضا / ولا ضام متبوع ولا ضيم تابع
وما هذه الدنيا لها قدر قيمة / يضاع له ذخر من الله نافع
وما نال منها لهائلا غير اثمها / وأكدارها المستأثرون الأمانع
ولو بعدت في النفس منزعة التقى / لما نزعت نحو الشقاق المنازع
ولا ضبحت تعلو بأسباب وهمها / على غير ذي ثبت جداه القوارع
أما هذه الدنيا التي يقتنونها / ستقتضب الاعمار منها الفجائع
قراضة آجال ومطلب جاهل / ونحن لناعيها الينا ودائع
فما بيعنا الحسنى ومرضاة ربنا / بها بيعة ينمى بها الربح بائع
على أي شيء يقتل البعض بعضنا / وتذكي فظاظات النفوس المطامع
ولسنا برغم العقل نطلب وادعا / ولا أحد منا وان عاش وادع
ويكشف عن ساق لنا الحتف دائبا / ونعجله في باطل نتقارع
أليس الذي يأتي من العمر مقبلا / كمثل الذي ولى وفيه المصارع
ولو أشربت منا النفوس تبصرا / لما كان منها للشرارة ناقع
بلى أشربت داءا دخيلا اصارها / كما كمنت في حجرهن الاقارع
ولو بحثت عن دائها كان كبرها / فمنه بلا قيد تثور الشنائع
ولو فكرت في أصلها ومصيره / لدافع داء الكبر منها التواضع
رويدا بني الانسان ان شروركم / يعود عليكم ويلها المتتابع
فما أرسل الانسان سهما محرما / سوى أنه في نحر راميه راجع
ولست وان برأت نفسك خالصا / من الشر والدعوى اليه ذرائع
أنلزمها الاشرار والداء شامل / وننفي اشتراكا فيه والسم نافع
ولو سلمت من صبغة الشر نسمة / لما راع في أوكاره الفرخ رائع
وكل لجاج المرء في الشر نهمة / من النفس تغريها عليه الطبائع
أليس عجيبا زرع نفس شرورها / وعند حصاد الزرع يحصد زارع
ولولا نواميس السماء لما زكت / نفوس ولم يعرف مضر ونافع
ومن سنن الله التدافع بيننا / ليصلح مدفوع ويصلح دافع
ومن سنن الله اختبار عباده / وابلاؤهم وهو الحبى والصنائع
يصب على من شاء صبا بلاءه / وذاك بلاء للمواهب جامع
ومن سنن الله اختفاء اصطناعه / فكم شق أمر ضيق وهو واسع
ومن سنن الله التفاضل في العطا / فذو الجهل موفور وذو العقل جائع
ومن سنن الله التأني بمن طغى / وتعجيل عقبى هفوة اذ تواقع
ومنها انتقام من ظلوم بظالم / وهذا حسام للمظالم قاطع
ألم تر أن الله سلط مشركا / على مسلم والعدل للكل وازع
فما الشأن الا العدل في أي حادث / والاخفي اللطف للزيغ رادع
وفي الشأن أسرار تجلت لذي النهى / عليها جمال الله باللطف شايع
ترى سلطة لا تعرف الله أفظعت / بعارفه والعدل تلك الفظائع
فأنت اذا فكرت لم تلف ذرة / من الظلم في شيء له الله صانع
وما يوجب المقت الالهي عدوة / عدوت بها في خرق ما هو شارع
ولو ثبتت رجلاك دون حدوده / لما كان عن رضوانه لك قاطع
وما يوجب الجود الالهي رحمة / وفضل وتوب منه للتوب زارع
أيحظر أمرا ثم تهتك حظره / كأنك مدعو بما هو مانع
وأنت مع الايعاد للسخط تنتحي / ومن حيث اتيان المساخط طامع
فما من وعيد الله يمنع عاصم / اذا لم يزع من حرمة الله وازع
نضج ضجيج النيب مما ينوبنا / ونحن الى ما تقتضيه نسارع
نطاوع أسواء المغبة رغبة / ولسنا لمحمود الجزاء نطاوع
وما هذه الأوقار فوق رقابنا / يدافع عقابهن عنا مدافع
وبعض عقاب الاثم أخذ معجل / وبعض على الاملاء جانيه وادع
ولو أمحض التقدير عقل لأظهرت / شوارقها بالحكمتين مطالع
فما هو في تعجيله البطش عابث / ولا عارضته في التأني موانع
ولا هو بالاعجال يحذر فائتا / سواه تعالى قبل فوت يسارع
فجل في مجاري حكمه وشئونه / تبن لك فيها حكمة وبدايع
وفي عدله حسب اقتضاه شئونه / تدابير وحدانية لا تمانع
فلا تخبطن في فهم أحكام عدله / اذا اختلفت أشكالها والمواقع
ورب بلاء حل في شكل عدله / وما هو الا الفضل واللطف واقع
فمن ذاك للتوفير وهو أجله / ومنه لتمحيص لذنب يواقع
وتقديمه انذاره ووعيده / الى عبده حد عن العدل مانع
وفي عين هذا العدل فضل محقق / الى مستقر الفضل والجود نافع
وذلك في الجود الالهي لازم / ليذكر اللاهي وينزع نازع
وعاقبة الانذار انقاذ عبده / حذارك مما قيل خلف وشافع
فقم نحو ما يدعو اليه بفضله / فداعيك قيوم برحماه واسع
ولا تعجب ان خالفته كيف بطشه / فمالك الا صحة التوب نافع
ولا تعجبن مما تراه مسارعا / الينا فعدل الله هذا المسارع
الى ما أفضنا فيه من ترك أمره / واتيان منهياته العدل صادع
ففيم صراخ المسلمين وجأرهم / وأغلبهم للمقسطين منازع
لهم في أساليب الشقاق طرائق / وكل طريق في الضلالة شارع
وأغلبهم للاستقامة شانيء / بسيف التعدي في حمى الله شانع
ولو شملتنا الاستقامة لم نزل / لنا ألفة ترفض عنها المطامع
سقى الله أرضا تنبت القسط سوحها / وبين رباها العلم والحق راتع
ربوع بحمد الله نور "محمد" / عليها بنور الله أبلج ساطع
وحيت يمين الله بالروح والرضا / رجالا لهم تلك العراص مرابع
رجال سعوا لله سعيا مباركا / فما قطعتهم عن رضاه القواطع
أنابوا الى الله اتباع سبيله / فما صدعتهم في السبيل الصوادع
وقاموا بمفروض القيام عليهم / فما عز جبار ولا ذل ضارع
فما جمعوا ما فرق الله جمعه / ولا فرقوا في الدين ما الله جامع
ولا شرفوا الا بخالصة التقى / حظوظهم منها البحور الجوامع
بهم يقتدى في العلم والهدي والهدى / وعن خلقهم تروي النجوم السواطع
عليهم وقار الرسل أرست جباله / وهم لكمالات النفوس مطالع
تجلت لهم من باطن الشرع حكمة / ولو أظهروها ناقضتها الشرائع
ألحوا على الاخلاص حتى تفجرت / على لسنهم بالحمتين ينابع
ولو أظهروا من حكمة السر ذرة / لكانوا بحكم الظاهر الشرك واقعوا
فبورك علما طابع الشرع باطنا / وفي ظاهر الأحكام للعذر قاطع
أولئك أهل الله رحمة أرضه / بهم تمطر الارض السحاب الهوامع
أولئك أوتاد الوجود وغوثه / وأحوالهم في الاعتبار شوافع
أولئك أهل الحق ما ضل مقتف / هداهم ولا يغوي عليهم متابع
أولئك أهل الفهم ما جار فهمهم / عن الله ما يقضي وما هو شارع
أولئك أهل الخير أما حياتهم / فغنم وأما ذكرهم فذرايع
أولئك أهل الفضل حتى ولو فنوا / لهم بركات في الدنا ومنافع
أولئك أشياخي فجئني بمثلهم / اذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولست بجاء في الوجود بمثلهم / وللقوم شأن في الولاية شاسع
وللقوم ارث صادق من "محمد" / لكل هدى للرسل لا شك جامع
وماذا عسى أن يبلغ الحمد فيهم / وهم لضياء المرسلين مطالع
نعم أن نور الرسل في قلب ختمهم / وفي القوم نور الختم أبلج ساطع
سرى علمهم بالله في سر سرهم / وهذا لصدق الاتباعين تابع
وما صدقوا في الاتباع لغاية / ولكن لحب الله فيهم نوازع
ومحترق الأركان من خوف ربه / له صعقات بينه ومصارع
له ما عدا العلم القديم صحيفة / يشاهد فيها صنعه ويطالع
ومهما يكن في الملك والملكوت من / بدائع لم تحجبه تلك البدايع
يرى كل شيء غير مرضاة ربه / رمادا به اشتدت رياح زعازع
ولو خالست منه العلائق لفتة / كفاها من التوفيق عنه ممانع
يطارد آفات الوجود بعزمه / فتنكص حسرى عنه والعزم ناصع
رمى عرض الدنيا وراء يقينه / بأن وراء الحد شأنا يسارع
يحرر نفسا من عبودة مطمع / سوى رغب فيه الى الله طامع
به أنف الأملاك في نضرة الغنى / وما نال منه ما تقل الأصابع
كفته لقيمات يقومن صلبه / وطمر من الانهاج بأياه راقع
يلذ فطام النفس عن كل لذة / ولذات هذا العيش بئس المراضع
يبيت اللأحزان جمرة قلبه / تشب اذا سالت عليها المدامع
اذا ذكر الأخرى تضاءل جازعا / كأن راعه من هادم العمر رائع
وان ذكر الدنيا تفانى وأصعقت / مشاعرة تلك الصعاب القوارع
على وحشة في السجن من بغتة الفنا / وما خلف يوم الموت كيف المفازع
وما زخرف الدنيا وان راق رونقا / على عينه الا العنا والفجائع
أحال على أنفاسه البر والتقى / فللبر والتقوى عليها طوابع
على الأرض منكور ويعرف في السما / له مخبر بين الملائك شايع
تراه متى ما الليل عمد بيته / عمودا على محرابه وهو راكع
يشعشع بالقرآن أنوار قلبه / فعنهن شقت للعيون المدارع
يرجع في الديجور رنة ثاكل / نحيبا كما ناح الحمام السواجع
يناوحه همان هم مخافة / وهم رجاء والبرايا هواجع
بأمثال هذا يرحم الله خلقه / وان عظمت أحداثهم والشنائع
بأمثال هذا تحفل الشاة ضرعها / ويسمن مهزول ويقطف يانع
بأمثال هذا يخصب الله أرضه / ويشرب عطشان ويشبع جائع
بأمثال هذا تنزل السحب رجعها / وينضر صدع الأرض وهي بلاقع
بأمثال هذا يدفع الله سخطه / وليس لسخط الله في الأرض دافع
لهم منزل في القرب للخلق نافع / وحدّث وأطلق كيف تلك الموانع
أولئك أبرار الأباضية الألى / على نهر حرقوص وزيد كوارع
هم القوم أحرار الوجود سمت بهم / الى الله من حظ سواه المنازع
محبتهم ديني بها أبتغي الرضا / الى الله والزلفى وهم لي ذرائع
ودعوتهم لي سنة وجماعة / أجهاد في احيائها وأقارع
واني وان يتركني السيف قعددا / فذلك للأمر الذي لا أدافع
قضى الله أن أحيا من العجز قابعا / وما أنا في همي الى الله قابع
اذ لمت نفسي أقنعتني قيودها / وما أنا دون النصر لله قانع
وما نصرتي بالقول والقول تشتفي / من الغيظ لولا دون عزمي موانع
الى الله أشكو حائلا صد همتي / فعشت كما عاش الجبان الموادع
أأحيا كسير النفس والسيف عانيا / وسيف الأباضيين في الخصم شارع
على أنني إن هدني الحزن هدة / ونهنهني مما قضى الله قادع
ليعلم قصدي عالم الجهر والخفا / وللعبد ما ينوي وان سد مانع
لعل ختام القصد نيل موفق / يهيئه حول من الله واسع
فأضحى بتهليل السيوف مهلالا / متى حيعلت نحو الجهاد الوقائع
ويرضى الهي في مواطن حربه / قيامي اليه والرماح كوارع
لعلمي ان لاقيت حتفي مجاهدا / فذلك فوز عشت فيه أنازع
وان وقوع الموت للمرء موضع / وليس لموت كالجهاد مواضع
وما مات من ألقى الى الله نفسه / وان حولت وسط اللحود المضاجع
وأي رجاء بعد ستين حجة / لعيش وهل ماض من العمر راجع
فهلا انقطاع العمر لله لحظة / أحق به والعمر يبليه قاطع
ولم يبق منه غير فضلة ساغب / سيخطفها من طائر الموت واقع
وأمنيتي في بيعها من إلهها / بسوق جهاد حيث تزكو البضائع
على الله احسان الخواتم انه / اذا شاء بين العبد والخير جامع