المجموع : 39
وفتيان صدق من تميم تنَاثلوا
وفتيان صدق من تميم تنَاثلوا / دروعهمُ والليل ضافي الوشائعِ
وقِيذينَ من عرقِ السري وقلوبهم / شدادٌ على مرِّ الخطوب الصَوادع
يقودون جُرْداً مضمراتٍ كأنها / كواسرُ عقبانِ الشُريفِ الأباقعِ
تجارى إلى شعواء إلا السيف عندها / بصادٍ ولا ظامي الرجال بناقِع
ضمنتُ لهم مُلك العراق فأوسعوا / ضِرابَ الطُّلى بالمرهفات القواطعِ
وكنتُ إذا ما ساورتني كريهةٌ / برزتُ لها في جحفلٍ من مجاشعِ
فلم أستكن من صرف دهرٍ لحادثٍ / ولا ارتعتُ من وقع الخطوب لرائع
قدعك ما اسْطَعْتِ الغداةَ فإِنها / صبابةُ مجدٍ لا هوىَ بالبراقِعِ
سَلي غانيات الحيِّ عن مُتخَمِّطٍ / إذا السجف ميطت عن ظباء الأجارع
وكم زوْرة قابلتُّها بتجنُّبٍ / ومبذولِ وصلٍ رعتُه بالقطائعِ
وسَكرى من الوجد الدخيل أبحتها / عَفافَ تقيٍّ لا عفاف مُخادعِ
إذا المرءُ لم يعتدَّ إلا لصَبْوةٍ / أتاهُ الردى ما بين ناءٍ وقاطعِ
وإنْ هو لم يجهدْ إلى العزِّ نفسه / تحمَّل أَوْقَ الذلِّ في زيِّ وادعِ
أبي اللهُ إلا وثْبةً مُضريَّةً / تُبيحُ المواضي من دماءِ الأخادعِ
تعمُّ الفضا من أدْكن البُرْد قاتمٍ / وتكسو الثَّرى من أحمر اللون ناصع
فلا تاجَ إلا وهو في رُسْغ سابحٍ / ولا رأس إلا وهو في كفِّ قاطعِ
إذا ما حَموا أرواحهم بدروعِهم / أبحْنا حِماها بالرماح الشَّوارعِ
وإنْ ناجَزونا بالطِّعان سفاهةً / أبحْنا حِماها بالرماح الشَّوارعِ
وإنْ ناجَزونا بالطَّعان سفاهةً / أعدناهم بالرق بعض البضائع
إِلامَ أذودُ النفس عما تَرومهُ / ذيادَ المطايا عن عِذابِ المشارعِ
فإنْ أنا لم أَخبطْ لها الوعرَ عاسفاً / بإكراهها بين السُّرى والوقائعِ
فهمي من فرط الكآبة قاتلي / وعزمي من حرِّ البسالة باخعي
بدا لأصحابي غمامٌ كما بدتْ / أعيَلامُ رضْوى للمُجدِّ المتابِع
تعرَّضَ نجدياً كأنَّ وميضَهُ / سيوفٌ جلاها صاقلٌ غِبَّ طابعِ
كأنَّ العِشارَ المُثْقلات أجاءَها / مخاضٌ فجاءت بين موفٍ وواضع
فما زعزعتهُ الريحُ حتى تصادمت / على الأكم أعناقُ السيولِ الدوافع
فآضتْ له البيداءُ يَمّاً وبُدِّلتْ / يرابيعُ ذاك المُنحنى بالضفَّادعِ
فلا موضعٌ إلا مُخيضُ ركابهِ / ولا واضعٌ إلا فُويْقَ المناقِعِ
فقال خبيرُ القوم عامٌ بغبطةٍ / نديُّ الثرى والجوِّ غضُّ المراتعِ
فقلتُ لأنْدى منه لو تعلمونَهُ / أناملُ نوشَرْوان تهمي لقانعِ
سحائبُ تَمْريها العُفاةُ فيَغتدي / على القوم منها هامعٌ إِثرَ هامعٍ
صدوقُ الحيا للشَّائمينَ الْتماعهُ / إذا كذبتْ غرُّ البروق اللَّوامعِ
يُضيءُ بها الَّلأواء أَبْلَجُ دأبُهُ / بناءُ المعالي واصطناع المصانعِ
فتى الحيِّ أما دارهُ فَلِلاجيءٍ / شريدٍ وأمَّا زادهُ فَلجائعِ
سليمُ دواعي الصدر مستهطل الندى / قشيبُ رداءِ الحلم عَفُّ المسامعِ
ينالُ خطيرَ المجد في زيِّ خاملٍ / ويعلو العُلى في حِلْيةِ المُتواضعِ
يَخيلُ بمْراقٍ من البشرِ كلما / ألاحَ أَضاءَتْ مظلماتُ المطامعِ
ويحتقرُ الوفْرَ الجزيلَ وأنَّهُ / لبَاذِلهُ والعامُ يَبْسُ المَراتعِ
إذا احتبت الغلب الرقاب وجاذبت / رادءَ العُلى والمجد أيدي المجامعِ
أُقِرَّ لهُ بالسبقِ غيرَ مُنازعٍ / وأُلْقِي عنانُ الفخرِ غير مُنازعِ
كأَنَّ على أخلاقه من بَنانهِ / ندىً حملتهُ من بساطِ الأشاجعِ
يُغيرُ عليه الحلمُ غير مُخذَّل / ويمضي به الإِقِدامُ غيرَ مُراجعِ
ويهتزُّ للمعروف عندَ انْتدائه / تأَوُّدَ غُصنِ البانَة المُتتابعِ
له حليةُ الشَّهم الزميعِ مع العدى / وفي الله كاسٍ ثوبَ خَشْيان خاشع
ودودٌ لو أنَّ الهجرَ زادٌ لساغبٍ / لألْفيتهُ مُستهتراً بالمجاوعِ
طوى شرف الدين السًّرى لمحلقٍ / من المجدِ مردٍ بالسُّرى والنزائع
فغادر طُلاب المعالي رذيَّةً / لإِدراكهِ ما بني مُعْيٍ وظالعِ
هنيئاً لك النَّجْلُ الكريم فإنُه / ضياءُ شهابٍ نوَّر الأفْقَ ساطعِ
عبدتَ وحاولت المزيدَ من التُّقى / فجئتَ بعبدٍ مُسلمِ الدين طائعِ
فأما التي أنْ نلْتها كنت رافِعاً / لها وسَناها منك ليسَ برافعِ
فتهنئتي للناسِ فيها لأنَّهم / بك اعتصموا من مُردياتِ المصارع
تمنى مقامي والمطالعُ ضلَّةٌ
تمنى مقامي والمطالعُ ضلَّةٌ / إذا رُحتُ أجتابُ الرواق الممنَّعا
لدى كل خفاق اللواء مُتوجٍ / يُهابُ إذا ما كرَّ لحظاً فأتْبعا
بمضطرب يُخشى الردى من كسوره / ويَخشى به قلبُ الردى أن يُروعا
أناس أجموا أنفساً عن كريهةٍ / وصانوا رخيِّاً بالوهينة مُودعا
وذادوا عن الأنفاس كل رويَّةٍ / يروح لها القلب الذكي موزعا
أمجداً بال سعيٍ لقد كذبتكمُ / نفوس ثناها الذلُّ أن تترفَّعا
سلوا صهوات الخيل عني فإنني / جعلت ظهور اللاحقيَّاتِ مضْجعا
وناموا على لين الحشايا فإنني / حببت مُناخاً يبلغ المجد جعجعا
وقصُّوا على الزوراء أني ابن جرَّة / صبرت فما أبقيت في القوس منزعا
وفيت لقَيْلٍ من ذؤابة خندفٍ / إذا ما أضاع القوم حق امرئٍ رعى
هو ابن الذي جازى مناول سوطه / فأغنى وأقنى حين أعطى فأوسعا
جعلت هواه في القوافي تُغزُّلي / غراماً فلم أنعتْ طلولاً وأربُعا
وأعدى ركابي حبه فهي رُزَّمٌ / تُجنُّ كما أجننتُ قلباً مُفجَّعا
إذا ما كررت الشعر من شعفٍ به / طفقن يُعالين الحنين المرَّجعا
أغرُّ تدل السفر غرةُ وجههِ / على السَّمت حتى يرجع الوعر مهيعا
ترفع أن يعطي الندى بوسيلةٍ / فما يبذلُ المعروف إلا تبرُّعا
تقابل منه والحوادث جمَّةٌ / إذا أخرس الخطب الألد المشيَّعا
جناناً كعادي الجبال ومِقْولاً / جرياً وقلباً في الخفيَّات أصْمعا
وذا مِرَّةٍ لا تستفز أناتهُ / مجيباً إذا داعي المكارم أسمعا
إذا ذل بأس الجيش عن قتل ناكث / أتاح له من صائب الرأي مصرعا
تغيب شموس الصبح من نقع خيله / وتغدو نجوم الليل بالصبح طُلَّعا
تخال سقاط السمر والدم إن غزا / غشاءً وسيلاً من يَفاعٍ تدفَّعا
وذي رهجٍ جم الغماغم مجلبٍ / غدا غرضه من واسع الخرق أوسعا
طويل القنا تخشى النجومُ طعانه / بأمثالها ما لم تر السمر شُرَّعا
إذا استشبح الظمآن فارط خيله / يظن الغدير السابري المرَفَّعا
خلا عِدُّه عن تابع غير محربٍ / فلست ترى إلا الكميَّ المُقنَّعا
تُخيرت الأبطال والخيلُ عنده / فلم تر إلا سابقاً وسَمَيْدعا
وطالت به عند التجاوب ألسُنٌ / فأحمدت منه ذا صهيلٍ ومِصْقعا
كأن على أقطاره من وجيفهِ / غضىً نبَّهته حرجفٌ فتجعجعا
طردت رخي البال من سورة الردى / كما جفَّل المُصطاد سِرباً مذعذعا
فغاردته من عادة البذل للقرى / يقوتُ عُقاباً كاسراً وسَمعمعا
وكنت من استمطرت بيضَك والقنا / دماءَ الأعادي في الوغى هطلاً معا
وكم جل جرم فاحش فمنحته / رقيق الحواشي بالأناة موسَّعا
صفحت ولم تُرض الصفائح ضلة / ويا رُبَّ حلمٍ كان منهن أوجعا
وما الأَخضر الطامي يعب عُبابهُ / بأكرم من كفيك في الجدب منجعا
ولا أنُف من روضة ذات بهجةٍ / سقتها الصَّبا كأساً من الغيث مترعا
أقام بها الشرب الكرام عشيَّةً / وقد هجم الليلُ البهيمُ فأمتعا
إذا أمسك الغيثُ المُلثُّ بأرضه / سقوها عن الأيدي عُقاراً مشعشعا
وإن دارت الصهباءُ فيهم تجاذبوا / أحاديث مجدٍ تجعل النَّكسَ أروعا
فما الهجر مسموعاً لهم عند سكرة / وما الحلم منهم بالسرور مُضيَّعا
بأطيب من ذكرى دبيس بن مزيد / إذا ردد الساري ثناءً ورجَّعا
توالت عليه الفادحاتُ ولم يحدْ / عن الصبر حتى أدرك المجد أجمعا
وما زال يرخي للنوى من قياده / إلى أن أفاد الحي شملاً مُجمَّعا
ولم لم تكن لله فيه سريرةٌ / لما راح م نجور الرزايا ممنَّعا
ولا زال الموت الزؤام بنفسه / فكان بقاءً مونقَ العيش مُمرِعا
وقد خذل الأيام رأياً وفطنةً / كما خذل الأبطال حرباً وروعا
سرى من نواحي نَقْجوان وجنْزه / أشد من الهوجاء سيراً وأسْرعا
فحكَّ على أرض العراق سنابك ال / جياد وقد غودرن بالسَّير ظُلَّعا
وما نفضتْ عنها ثمائل رعيها / من الروض حتى كان بابلُ مرتعا
كما اندفعت ممشوقةٌ فارسيةٌ / رماها صَناعٌ للمرامي فأبْدعا
وصبَّح أبناء العراق فُجاءَةً / فظنوه حُلماً قد تراأوهُ هُجَّعا
ولو أَضعف المسرى البعيدُ جيادهُ / لأوجف بالعزم الجريِّ وأوسعا
يزيد على ضوء الصَّباح نجارهُ / ضياءً إذا النَّسَّاب أبدى وفرَّعا
من القاتلين المحْلَ بالجود والندى / إذا الغيمُ عن لُوحِ السماء تقشَّعا
شآبيب غيثٍ للفقير فإن سطوا / رأيت سِماماً في الحناجر مُنْقعا
ترى كل فضفاض الرداءُ مُسوَّدٍ / مهيبٍ طليق الوجه يُبلي إذا ادعا
صبيح الروا سهل الوداد مقاربٍ / يجيءُ ذراعاً كلما جئت إصبعا
تلاقيه طوداً في الحوادث أيهماً / وتُلفيه زولاً في الهياج سرعرعا
يجود على خصب الزمان وجدْبه / ويلقى الأعادي حاسراً ومُدرَّعا
تضوع رحاب القوم طيباً إذا انتدوا / وأعراضهُم تُربي عليها تَضوُّعا
نموْك فأكرمت المساعي ففُضِّلتْ / على ما سعى الآباءُ قدراً وموضعا
فأصبحت في الهيجاء أقتل سطوةً / وأقرى إذا ما هبّت الريحُ زعزعا
ظفرت فأوف الله شكراً فإنه / يزدك علاءً أن تزدهُ تضرُّعا
وصفحاً عن الجاني فكل خليقةٍ / تقل عن الغفْران والحلم موضعا
وما بات يرضي ربه مثلُ قادرٍ / تجاوز عن جُرمٍ جليلٍ تورُّعا
بسيري على مَرْوٍ وللعام رِهْمةٌ / تسد على السَّارين سمتاً ومطْلعا
وللقر ما بين الشناخيب سورةٌ / تغادر ربَّ المارن البسط أجْدعا
وطول اصطبارٍ في التغرب عاسفاً / أعد جديب العيش أخضر مُمْرعا
وخوضي للأهوال غير محاذرٍ / أعاصي مرادي ثمَّ ألقاكَ طَيِّعاَ
وتركي للأوطان وهي أنسةٌ / بها أبوا خيرٍ يَسُحَّانِ مدمعا
أجزني العُلى قبل الغنى لا مُقنعي / ومن كنت ملْفاهُ فلن يَتَقَنَّعا
بقيت ولا زلَّت بك النعل في العُلى / فإن زلَّ نعلٌ قال ربُّ العُلى لَعا
حلفتُ بما شادت تميمٌ من العُلى
حلفتُ بما شادت تميمٌ من العُلى / أولو الفضل في يوم النَّدى والوقائعِ
يمينَ صَدوقِ القول من غير حلفةٍ / كريمِ المساعي والثَّنا والمطامع
لئن لم تلُذْ بالود من بعد نَبْذهِ / ملاذَ الأراوى بالجبالِ الفوارع
ليعتلجنْ بي البيوتِ مع الضُّحى / مقالٌ كأطرافِ الرماح الشَّوارع
ألا منْ مُبلغٌ عني هُماماً
ألا منْ مُبلغٌ عني هُماماً / أشمَّ كذِروةِ الطَّودٍ الرفيعِ
يُباري بالنَّدى والبأس سِحَّ ال / غَمام وهِبَّةَ السيفِ القَطُوعِ
إذا ما حلَّ أرضاً ذاتَ مَحْلٍ / أعادَ المَحْل أخصَبَ من ربيعِ
ألوكةَ صادقِ الدعْوى أمينٍ / بريءٍ من نفاقٍ في خُضوعِ
بأني مُغرمٌ بهواكَ أطْوي / على البُرَحاءِ أحْناءَ الضُّلوعِ
أحنُّ حنينَ رزاحةٍ فقيدٍ / تُراوحُ في الأزِمَّةِ والنُّسوعِ
إلى الوجه الطَّليق لمُعتَفيهِ / على العِلاَّتِ والكف النَّفوعِ
وما غالتْ هواي نوىً شَطونٌ / ولكن زادَ بُعْدي في ولوعي
ولو مُكنت من عطفِ المَطايا / لكانَ إلى أبي نَصْرٍ رجوعي
جُعلت من الحدثان أحصن أدرع
جُعلت من الحدثان أحصن أدرع / فلقد سُننَّ على الكريم الأرْوعِ
شرفت على شرف اللبوس فغودرت / فلكاً لشمس عُلاً حميدِ المَطْلعِ
زُرَّتْ على طود الأناة وضُمنت / بحر النَّدى وحوت شراس الأدرع
حسد اللباسُ العبقري مقامها / من ماجدٍ في نُسكهِ مُتورِّعِ
نضرِ النعيم يكاد ساحبُ ذيلهِ / يخضرُّ منه ثَرى الجديب المُدقعِ
يختال في شرفين شأو علاهُما / لبني المناقبِ سامقٌ لم يُفْرعِ
نجْرٌ كمنبلج الصَّباح يزينهُ / مسعىً كعرف الروضةِ المُتضوعِ
ما بين إرثٍ لم يكن بمقلَّدٍ / محضٍ وكسبٍ لم يكن بتضرُّعِ
حِيز الكمالُ لراجحٍ من هاشمٍ / غَمْرٍ خلائقهُ كريمِ المرْضعِ
ليمين دولة هاشمٍ تسطو به / في الحادثات إذا الظُّبى لم تقطعِ
جمُّ البسالةِ والنَّوالِ مبيتهُ / ما بين حامٍ للطَّريد ومشبعِ
يسْتاف مادحُ فضيضَ لطيمةٍ / من مدحه لكنها بالمَسْمعِ
عدِمَ المعاب فلو تمحَّل كاشِحٌ / فيه لناداهُ الكمالُ ألا أربع
يلقى العواذلَ في الندى وعُفاتهُ / ما بينَ عاصٍ عند ذاكَ وطيِّعِ
يغدو لذي الحاجات أسمع منصتٍ / ويروحُ للاحي كأنْ لم يسمعِ
فاللائمُ المِنْطيقُ أعجمُ قائلٍ / والمصرْمُ السِكِّيتُ أفصحُ مُسْمعِ
خِرقٌ يعيبُ عطيَّةً بوسيلةٍ / فندى يديه ونصْره بتبرُّعِ
أنسَ الجُناةُ بحلمهِ فملاهُمُ / من خوف قدرته بأمنٍ مُفزعِ
بينا ترى أقصاهُم مستشفعاً / بُسطتْ له الآمالُ قرب مُشفَّعِ
خشيان من ذي العرش لو خاضت به / ساعاتُه بين القنا لم يجْزعِ
يُغنيه فعلُ اللهِ في أعدائه / عن رأي مُختَتِلٍ وفتك مُشيَّعِ
فأسنةُ المقدور أطعنُ فيهم / دونَ الوزير من الرماحِ الشُّرَّعِ
رغبت به ألْطاف محسن خلْقه / عن أن يبيت لهم مُقضَّ المضجعِ
وسقاهمُ كيدَ الخطوب صفاؤه / للهِ في خلواته والمَجْمعِ
وإذا جرت هوجُ الرياح عشيَّةً / ما بين نكْباءِ الهُبوبِ وزعزع
فرَطاً لمُؤتلفٍ كأنَّ رُكامَهُ / في جمِّهِ عَقِداتُ رملِ الأجرعِ
أو موقراتٌ من ركائبَ بُزَّلٍ / ترْغو بمعتلجِ المُناخِ الجعجعِ
فاقْتدْنَ منه كل أكحلَ داجنٍ / هوْلِ التصاخب بالمكان البلْقعِ
دانٍ يكاد الوحش يكرعُ وسطه / وتَمسُّهُ كفُّ الوليدِ المُرضَعِ
مُتَتابعٍ جَمٍّ كأنَّ سَحابهُ / كبَّاتُ قيصَر أو سرايا تُبَّعِ
زجلِ الرُّعود يكاد يخْدج عنده / شاءُ المَلا ويموتُ سخْلُ المُرضِعِ
فَهمي فألقى بالعراءِ بَعاعَهُ / سحّاً كمندفع الآتيِّ المُتْرعِ
فتساوتِ الأقطارُ من أمْواهِهِ / فالقارةُ العلْياءُ مثلُ المَدفعِ
وغدا سراب القاع بحر حقيقةٍ / فكأنه لتيقُّنٍ لم يخْدَعِ
مُتغطمطاً غصب الوحوش مكانها / تيَّارهُ فالضبُّ جارُ الضِّفْدعِ
فضل الوزيرُ الزينبيُّ بجوده / ذاكَ النَّدى حقاً بغير توسُّعِ
يغذو على حدِّ الخصاصة جودهُ / وتُصيبُ أنْعمهُ كريمَ المَوقعِ
تلقاهُ في خُلُقين لم يتنكَّبا / عدْلاً ولا وضَعاً لغير الموضعِ
إنْ جَدَّ لم يُهجن محاور جِدِّه / أو أحمضتْ عبثاتُه لم يُقْذعِ
ظلُّ الطَّريد تخاذلتْ أنصارهُ / وغنى الفقير ونجدةُ المُستفزعِ
ومُسهَّدين على الرحالِ يميزُهم / شرفُ الرجاء عن النفوس الهُجَّعِ
شُعْثٌ كأن على الركائب منهُمُ / غولاً تجارى بالنَّعام الأجْدعِ
نحلوا على شعب الرحال فأشْبهت / أعوادها منهم عَريقَ الأضلعِ
وتفاضلوا شحباً فأبْعدُ هِمَّةٍ / أوْفاهُمُ وصبَاً وإنْ لم يوجعِ
خفَقوا بهامِهُمُ على أكْوارها / خفْقَ السُّجودِ من الصلاةِ الركَّعِ
وطغتْ بأنجاد النعاسِ أزِمَّةٌ / فخلعن طاعةَ راحةٍ أو إصْبعِ
كَتَمَ الدُّجى والقاعُ سرَّ سُراهمُ / فأباحه صُبحُ المكان المُتْلِعِ
ونحتْ عزائمهم نفوس مطيِّهم / فأشدها بُطءً فُوَيْقَ المُسرِعِ
ونزحن بالدهناء عن جَدَد السُّرى / فوطئن في يربوعها المتقصِّعِ
يبغون مُشْكي المُجدبات وماجداً / تُغني رغائبه غناء الهُمَّعِ
ناداهُمُ كرمُ الوزير فأنْزِلوا / بعد التَّماحل بالخصيب المُمرعِ
بموسِّع المعروف غيرِ مُضَيِّقٍ / ومُضيق الأعْذار غير مُوسِّعِ
طودٌ إذا ضوضاء خطبٍ أجلبتْ / رأسٍ وضرٌ في الهياج سرعرعِ
خبرَ الإمامُ الفضلُ فضل مقامه / فأحلَّه شرف العَلاء الأرفعِ
سنَّتْ له الأقدارُ شيمْ بنيَّةٍ / فغدت به الأفكارُ نحو المهيعِ
وجلا بما أبْدا فِرِنْدَ مُهنَّدٍ / والسيفُ لولا قَيْنُهُ لم يقطع
فحباه منه بصارمٍ ذي روْنقٍ / ماضي المضارب في الضرائب مِقْصَعِ
مُستوحشٍ في الغمدِ لكن أُنسه / باللِّيتِ من بطل الوغى والأخْدعِ
مُتبسمٌ قبل الضِّرابِ وإنه / من بعد فتكته غزيرُ الأدمُعِ
بَرْقٌ أضيفَ إلى سحابِ أناملٍ / والبرق لولا سُحبهُ لم يلمعِ
بل جدولٌ في رعن طوْدِ أْهمٍ / حوليه بحرُ أناملٍ مُتدفِّعِ
عدم النُبُوِّ غِرارهُ فكأنهُ / من غير حِدَّةِ عزمه لم يُطبعِ
وعلَتْ به نُعْماهُ صهوةَ سابحٍ / نهدٍ مراكلُه عَلَنْدى جُرْشُعِ
سامي التَّليل كأنّ أعلى رَوْقِهِ / يبغي مناطاً بالنجوم الطُّلَّعِ
فيه إذا تَبْلو قَراهُ وشدَّهُ / شَبَهان من ضِرغامةٍ وسمعْمعِ
رحْبُ اللَّبانِ كأنَّ لونَ إِهابهِ / شفقٌ تجلَّل قشْع غيمٍ مُقْلِع
يتلو علياً في الوجيفِ إلى العُلى / فيفوتُ شدَّ السابق المُتوسعِ
وشريفة الأبوينِ بين مُضِرَّةٍ / تُخشى بوادرها وبين مُنَفِّعِ
كانت لأسمرها سِناناً فاغْتدَتْ / للأبيض الأنساب مأوى الشُرَّعِ
نحمتْ فلما ألجِمَتْ حوت العلى / واليأسُ للمحظوظِ أكرم مطمعِ
وثوتْ فكان حياتُها في موتها / ومفاخر الأشراف بعد المَصْرعِ
فالنشأةُ الأخرى لها أبدتْ لنا / كُفْرَ الكفور وسوء رأي المُبدعِ
وكأنها وبِساطَها وحُلِيَّها / للمستبين أخي الفؤادِ الأصْمعِ
نورٌ على غسقٍ تخلَّفَ عندهُ / باقي شُعاع عشيرةٍ لم يُقلعِ
يا ابن الجحاجح من ذؤابة هاشمٍ / أهلِ النَّدى المسؤول والمُتبرَّعِ
والخائضين غِمارَ كل كريهةٍ / روْعاء تفْهقُ بالحِمام الأشجعِ
والجاعلينَ شغوفهمْ كدروعهم / يوم النزال فحاسرٌ كمُقنَّعِ
يتغطرفونَ على الحِمامِ ويَتَّقِي / سطواتهم دُفَعُ السِّمام المُنْقعِ
من كل مُسمع ناصفاتِ ضيوفه / إِنْ أبْطأتْ بجفانها لم تُسرعِ
غمر الثَّرى من فاضلاتِ جِفانهِ / تختالُ في أرجِ الثَّناء الأضْوعِ
بادي الغِنى لا يستسرُّ ثَراؤُهُ / عند الشتاء لِشوْله لم يكْسعِ
إنْ أنْهَد الحي الجِفانَ لَقيتَهُ / للضيف بين مُسغْسِغٍ ومُدعْدِعِ
شغفي بحبكَ سنَّ فيك بلاغتي / والوُرْقُ لولا وجدها لم تسْجعِ
وتدرُّ بي بالمدحِ فيك أعادني / أُدعى بمفلقِ عصره والمِصْقعِ
ولئن جذِلتُ لفرط جودِكَ أنني / بسواهُ حاملُ خاطرٍ مُتوزِّعِ
عمَّ النَّوالُ ورحتُ منه كشائمٍ / صادٍ بأعْقار الحياض مُدفَّعِ
وسما إلى الرُّتب الدنيُّ بشافعٍ / فاجذب بضبع أخي الفضائل واشجعِ
ما أقنعتني في ولائك غايةٌ / فبدونِ تبليغي العُلى لا تُقْنِعِ
ألا حبَّذا مسعى تميم بن خنْدفٍ
ألا حبَّذا مسعى تميم بن خنْدفٍ / وما شادهُ صيفيُّها ومُجاشعُ
وهُمُ صفوةُ المجد الأثيلِ وفيهُمُ / كرامُ الأيادي والنُّهى والصَّنائعُ
وسورة حربٍ قد أشاطت مُطاعها / ذوابلُنا والمُرهفاتُ القواطعُ
وثغرٍ مخوفٍ قد سددنا بسُبَّقٍ / إليه إذا جَدَّ الصَّريخُ نُسارعُ
ترى الجار فينا مطمئناً فؤادهُ / ولو أسلمتهُ للحِمامِ الربايعُ
إذا قيل حيٌّ من تميمٍ فلا القِرى / بطيءٌ ولا صرفُ الحوادثِ رايعُ
وما زال فينا سيدٌ يُهتدى به / إلى المجد مرفوعُ اللواء ورافعُ
نموني صؤولاً والرماحُ شوارعٌ / قؤولاً إذا التفَّتْ عليَّ المجامعُ
أعُزُّ وآرابُ النفوسِ مُذِلَّةٌ / وأبْسمُ عزماً والعيونُ دوامعُ
وأشهرُ قولي قبل سيفي وأنني / بحدَّيْهما عند الكريهةِ قاطعُ
ولا أطرقُ الحي اللئام بمدْحةٍ / ولو عرَّقتني في الشداد المجاوعُ
ورُبَّ مُطاعٍ يملأُ هيبةً / تخافُ سُطاه المُشرعاتُ اللَّوامع
تناهبُ أفواهُ المُلوكِ صعيدةُ / وتُلوى إليه بالسلام الأخادعُ
أراد انتقاصي فانبعثتُ برافعٍ / من القول تخشاهُ النُّهى والمسامع
وشاوسته طرْفاً فلا القول خاشعٌ / لفرط تلافيه ولا الخدُّ ضارعُ
سرى ذكر فضلي حيث لا الريح تهتدي / طريقاً ولا الطيرُ المُحلقُ واقعُ
وإني وإنْ أمسيت سيد دارمٍ / أناضِلُ عن أحسابهم وأقارعُ
لمثنٍ على الجاوانِ من أهل عنترٍ / ثناءً إذا كتمتهُ فهو ذائع
فتى الحي أما عُذرهُ فهو ضيقٌ / لِعافٍ وأما جُوده فهو واسعُ
مريرُ القوى نيطتْ حمائل سيفه / إلى باسلٍ تُثْني عليه الوقائعُ
تغطرف حتى حاذر الجيش حربهُ / ولانَ ندىً حتى حوتْهُ الخدائعُ
حسام إذا جردته فهو قاصلٌ / وغيثٌ إذا استهميتهُ فهو هامعُِ
وأغْبر معروقِ المطيَّةِ مُسْنِتٍ / عوى لسُراه الأغْبرُ المتتايعُ
خبوطٍ بأخفافِ الركاب تشابهتْ / مخارمهُ من جوره والمهايعُ
تدافعَ غرْثانَ المطيَّةِ والحَشا / فروق الأعادي فهو خشيانُ جائعُ
تُرنِّحَ عِطْفيه زعازعُ قَرَّةٌ / وما بين جنبيه هُمومٌ زعازعُ
كأنَّ دُجاهُ خِضْرِمٌ وكأنه / من العزم نونٌ نازعتها الشَّرايعُ
إذا آنس البرق العراقيَّ خالَهُ / سَنا لهبٍ فاستنهضتهُ المطامعُ
هدتهُ لفخر الدين نارُ مكارمٍ / لها لهبٌ فوق المجرَّةِ ساطعُ
يؤججها نشوان من طربِ العُلى / طليقُ المُحيَّا والعيونُ دوامعُ
وشيكُ قِرى الضِّيفان جمٌّ رماده / وَهوبٌ إذا ما ساورته الموانعُ
فأخصب بعد الجدب عيشاً وأومِنَتْ / مخافتهُ حيثُ النفوس جوازعُ
لدى حرمٍ صفو النَّعيمِ يحُلُّهُ / على حادث الأيام جانٍ وقانع
لسامي العُلى من آل ورّام الأُلى / هُمُ في سماء المجد زُهْرٌ طوالعُ
من القوم يكسون الضحى غيهبيةً / من النَّقْعِ حتى تدلَهِمُّ المطالعُ
إذا ما اسمهرَّ البأس جادوا بأنفسٍ / لها الصَّبْرُ حامٍ والثَّناءُ مُشايع
لهم حَسَبٌ ضخم ومجد محلِّقٌ / وأيدٍ طِوالٌ بالأيادي نَوافعُ
كأنَّ رياض الحزن ذكرُ ثنائهمْ / تشابهَ مُستافٌ هناكَ وسامعُ
وأنك سيف المُلْك أعلى مَحَلَّةً / إذا اقْتُسمت يوم الفخار المواضع
وما كان قولي فيك عن غير خِبْرة / ولكن برهاني على القول صادعُ
وفيك وفاءٌ لو يُقسَّمُ بعضهُ / على الدهر لم تجر الخطوب الصوادعُ
قُلْ للمجاهد قولاً عن أخي ثقةٍ
قُلْ للمجاهد قولاً عن أخي ثقةٍ / ما في مودته شَوْبٌ ولا طبعُ
أصبحتَ اشرفَ هذا الناس كُلِّهم / نفساً ولي حُجَّةٌ غرَّاء تُستَمعُ
فيك الوفاء وصدق القول يشفعهُ / وحيث كنت فلا ظُلْمٌ ولا جَزعُ
كأنما جاركَ الممنوعُ جانبهُ / في نيقِ أورق يُعيي ناظراً صدعُ
ولو نزلْتَ سِباخاً أصبحت أُنُفاً / من الرياض بها رِيٌّ ومُرتبَعُ
وما ثناك عن الحقِّ الخفيِّ هَوىً / ولا أطَّباكَ إلى مذمومةٍ طمعُ
فعشت مُشتملاً بالعزِّ مُدَّرِعاً / يُطاعُ أمرك إذْ يُزجى ويُتَّبع
صحا القلب من ودِّ الغواني وودُّها
صحا القلب من ودِّ الغواني وودُّها / من السورةِ العلياء ليس براجعِ
وفرَّق جيش الجهل شيْبٌ بوجهه / حصينُ الحِمى لا يُدَّرى بالروادعِ
مُنعَّمةٌ لا الصَّبْرُ عنها بناصِرٍ / مُجيرٍ ولا العذلُ الطويلُ بنافعِ
يذود الكرى عن مقلة الصب صدها / ويسخر عند الوصل من نفس هاجع
أُسِرُّ هواها غَيْرةً فتُذيعُهُ / حرارةُ أنفاسِ وفيضُ مدامع
وأُظْهرُ سِلواني لها ووراءهُ / غرامٌ كضرب المُرهفاتِ القواطِعِ
فلما استراح العذل من بعد شِدَّةٍ / إلى بارقٍ في مفرق الرأس لامِعِ
تضاعفَ شيطانُ الهوى فكأنما / أطاف بغمْرٍ في الخلاعةِ يافعِ
لئنْ ضاق حقي عند عوف بن خندف
لئنْ ضاق حقي عند عوف بن خندف / فعند ابن نوشروان غيرُ مُضاعِ
ثنوا أملاً عني وقلبي صابرٌ / على الضَّيْم ذو وجدٍ بهم ونِزاعِ
فإنْ شاعَ بخسٌ في القبائل منهمُ / فعَتْبي لذاكَ البخْس غيرُ مُشاعِ
وليس يراني الحزْمُ جادعَ أنفه / على عرضٍ من ذاهبٍ ومَتاعِ
ولي من جلال الدين نُعمى وعزةٌ / تواتُرُ إحسانٍ وجَذْبةُ باعِ
جميعٌ عن العار المُدنَّس عِرضه / وأموالهُ بالجودِ أيُّ شَعاعِ
يجيبُ نداه قبل أنْ تستغيثه / وخيرُ النّدى ما لم يكن بِدَواعِ
فتىً أحرز العلياء وهو شواردٌ / نوارٌ بِنَجْرٍ فاخِرٍ ومساعِ
يُضيءُ ابْتهاجاً بالعُفاةِ كأنما / مُحيَّاهُ في الجدوى ظهيرةُ قاعِ
يُرى عن جليل الجرم بالحلم معرضاً / وعند دقيقِ القول أحسنَ واعِ
بِطاءٌ سجاياه عن الشرِّ والأذى / جَلالاً وفي المعروفِ أيُّ سِراعِ
حوى من أبيه لُطفهُ غير أنه / أخو مُنَّةٍ لا يُتَّقى بِمصاعِ
فأصبح مرهوباً مُرَجىً إلى العُلى / بيومِ نوالٍ أو بيومِ قِراعِ
أظنُّ القوافي ساورتها صبابةٌ
أظنُّ القوافي ساورتها صبابةٌ / بمجدك والشوقُ المُبرِّحُ نازعُ
فلان لي الصعب الشديد وأصحب ال / حَرونُ وواتاني العصيُّ الممجانع
فأصبحت اِما قلت فيك فصيحةً / جلتْها بأفواهِ الرواةِ المجامعُ
فوجهك وضاحٌ وكفُّك هاطلٌ / وبأسك مرهوبٌ وصدرك واسعُ
حويت حلال المجد طراً فلم تدع / مساعيك اِلا ما اقتْفاه المُتابعُ
تهاب سُطاكَ المشرفيَّةُ والقَنا / وتحسدُ كفيَّك الغيوثُ الهوامعُ
صدوقُ الحَيا للشائمين ومُغدقٌ / إذا كذب الشَّيْم البروقُ اللوامع
وكم خلَّةٍ من بائس ذي خصاصةٍ / سددتَ وقد أكْدتْ عليه المطامعُ
ولهفانَ مكروب الفؤاد أجَرتْهُ / بنصرٍ وقد سُدَّتْ عليه المطالعُ
وجرمٍ جليل قد غفرتَ خطيرَهُ / وقد ضاق حلمٌ واستُريبتْ مفازع
فأنت لطول العمرأهلٌ وللعُلى / وللمجد ما حلَّ الأراكَةَ ساجعُ
يجلُّ غياث الدين عن وصف مادحِ / فكل مديح دون عَلياهُ واقِعُ
فتى كالحسام العضب أما فِرنْدهُ / فصافٍ وأما حدُّه فهو قاطِعُ
سليم نواحي الصدر من صور الأذى / يرى شرَّ عارٍ ما حوتهُ الخدائعُ
نقيٌّ إذا غشَّ الولاةُ رعيَّةً / عطوفٌ اذا يقسو القدير مُطاوعُ
يجاذبهُ الطفلُ الوليدُ بسلمهِ / ويفرق منه الجيش وهو مُماصِعُ
وخيلٍ كسيدانِ الموامي يحثُّها / إِلى الطعن غُرَّان الوجوه الموانعُ
تغادر نجد الأرض غوراً ويجعل ال / هواءَ خَباراً وطْؤها المُتتابعُ
كأن نِهاءَ القاعِ بعد ورودها / أخاديدُ كثبانِ الصَّريمِ اللَّوامع
اذا احتبست خلت الرياح جرت ضحى / على قصب الآجامِ وهي زعازعُ
عليها الكماة الحُمس صيداً كأنهم / مصاعبُ نيبٍ تطبَّيها المقارعُ
اذا بسموا للحرب من طربٍ بها / أعادوا رماحَ الخطِّ وهي دوامعُ
يُجيفون ضغناً لو يمرُّ برهْمةٍ / لساورها من قيظ سيرافَ سافِعُ
تقنَّصها السلطانُ منه بحملةٍ / أعادت مجال القوم وهو مَصارعُ
تقنَّصها الحامي حقيقة صحْبهِ / اذا صافحت بركَ الرجال البراقِع
فأوسع ضرباً وانثنى بعد نصرهِ / وهوباً لديه رِقَّةٌ وتواضُعُ
فنعمَ ملاذُ الحيِّ والمحْل عارق / ونِعمَ ملاذُ الحيِّ والشرُّ رائعُ
أبا الفتح دُمْ للمجد ما ذرَّ شارق / وما غرَّدتْ فوق الأراكِ السواجع
وما اتخذت غُبرَ الأداحيّ بالنَّقا / نعامُ المّلا فيها طليقٌ وراتِعُ
دُعاء وليٍّ خالص الود مخلصٍ / اذا نمَّقَ الودَّ الكذوبُ المخادِع
صِنْوَ النبي رأيتُ قافيتي
صِنْوَ النبي رأيتُ قافيتي / أوصافَ ما أُوتيتَ لا تسعُ
فجعلت مدحي الصمت عن شرفٍ / كلُّ المَدائح دونهُ تقعُ
ماذا أقولُ وكلُّ مُقْتَسمٍ / بين الأفاضل فيك مجتمعُ
تعجَّبَ الناسُ راويهمْ وعالمهُمْ
تعجَّبَ الناسُ راويهمْ وعالمهُمْ / لما تكرَّرَ في العاداتِ والبِدَعِ
من جائعٍ في شباطٍ لا حراكَ به / طاوٍ يُحالُ على نيسانَ بالشِّبَع
فقلتُ سهوةُ خرقٍ عن عوائدهِ / لا بُخلُ كزٍّ عن المعروف ممتنع
ثمَّ انثنيتُ إِلى همِّي أحاربهُ / بودِّكم وهو ثبتٌ غيرُ مُندفعِ
بقيتَ بهاء الدينِ ما وضح الضحى
بقيتَ بهاء الدينِ ما وضح الضحى / وما غردت فوق الغصون السواجعُ
وما أنشأت ريحُ الجنوب سحابةً / ومدَّ أتيٌّ بالمذانبِ دافِعُ
لثروةِ مِعْدامٍ ونُصْرة خائفٍ / وزيْنِ نديٍّ أتْمكَتْهُ المجامعُ
فنِعم مُناخُ الطَّارقينَ عشيَّةً / اذا أخمدتْ نار اليَفاع الزعازعُ
يوَدُّ الكثيفُ الجونُ جاد مسفُّه / نداكَ ولم تُنْصبْ اليه الذرائعُ
وتخشى الخفاف البيض بأسك والقنا / اِذ الذمر نِكس والمشيَّعُ كانِعُ
أراك أبا الفضلين لا الفَضلِ وحده / فعلمك فيَّاضٌ وجودكَ واسعُ
هزيمان منك الفقرُ والجبر حجةً / وجوداً فسهْلٌ مستريحٌ وناصعُ
فلا الجودُ اِلا والتبرُّعُ جلُّهُ / ولا قطْعَ اِلا والمُجادلُ بارعُ
يُقرِّبُ منه عزمهُ كلَّ نازحٍ / فتدنو له الآرابُ وهي شواسِعُ
اذا شطَّ مأثور الأماني وأصبحتْ / شماليلُهُ في الأمرِ وهي طوالعُ
نَضا للمباغي صارماً من نَفاذهِ / تودُّ مضاهُ المُرهفاتُ القواطِعُ
فهُنِّئَتِ الأعياد منه بمثلها / مواسمهُ في الخير عوجٌ رَواجعُ
يودُّ المُسفُّ الجون تحمله الصبا
يودُّ المُسفُّ الجون تحمله الصبا / سرى موهِناً والليلُ كالبحر ماتع
نشاصُ الثُّريَّا ديمةٌ بعد ديمةٍ / يُعيد ويبدي فهو ما شئتَ هامعُ
له زجلٌ من رعْده فكأنَّهُ / طُبولُ ملوكٍ أعلنتها الوقائعُ
نوالَ بهاءِ الدين في كل أزْمَةٍ / اذا غاربٌ أخوى وأخلفَ طالعُ
فتى الخير أمَّا مالُه فهو باذلٌ / وَهوبٌ وأما جارهُ فهو مانعُ
سبوقٌ إِلى الغايات في كل مفخرٍ / يلينُ له وَعْرٌ ويقربُ شاسعُ
اذا مِرجَمُ العلياءِ حاول شوطهُ / غدا وهو موهونٌ من البُهر ظالعُ
منيفٌ من الأطواد في حال سلمه / وفي الحرب مصقول الغرارين قاطع
نماهُ إِلى عليائه كلُّ راجِحٍ / مُشارٍ اذا التفَّتْ عليه المجامعُ
فجاء أَبو الفضلِ المُبرَّز فارعاً / قِنانَ معالي قومهِ وهو يافعُ
يفِرُّ ظلامُ الليل من قسماتهِ / وتخشى ظُباهُ الذابلات الشوارعُ
ويفضُلُ آمالَ العُفاةِ كهاطِلٍ / تضيقُ الفَلا عن صوبه وهو واسعُ
فلا زلْتم آل المُظفَّرِ للنَّدى / وللبأس ما حَلَّ الأراكةَ ساجعُ
تُطيعكمُ الأيامُ وهي عَصيَّةٌ / وتَعْدوكم أحداثُهنَّ الروائعُ
لقد علمَ الأحياءُ دانٍ ونازحٌ
لقد علمَ الأحياءُ دانٍ ونازحٌ / اذا ما المساعي أعربتها المجامعُ
بأنَّ المعالي بين سعدٍ ومالكٍ / مُحصَّنةٌ لا تَدَّريها المَطامعُ
وأنَّ محل المجد من فرع خندفٍ / تقاصَرُ عنه الشامخاتُ الفوارعُ
وأنَّ قصيَّاتِ الأماني من العُلى / حواها فأنْهى دارمٌ ومُجاشِعُ
سوابق مجدٍ أحرزت كل غايةٍ / فلا الوعر نكَّابٌ ولا البُهر قاطعُ
وما برحوا مُسترعفينَ بسيدٍ / تدين له الأحياءُ والدَّهرُ طائعُ
وما اِن دجا ليل الخطوب وأظلمت / مشارقُ من عليائهمْ ومَطالعُ
بدت جونةٌ من أفْقهمْ مستبرَّةٌ / لها اللّهُ مُبْدٍ والخليفةُ رافِعُ
فأُرشدَ سارٍ بعد طول مضلَّةٍ / وأُنجِدَ مخذولٌ وأُيسرَ قانعُ
بأبيضَ وضَّاحٍ يزيدُ طَلاقَةً / اذا ما اكفهرت للرجالِ الوقائعُ
وزيرٌ تحاماهُ الكُفاةُ وتَتَّقي / بديهةَ فتواهُ النفوسُ البوارعُ
ويرهبُ أحْبارُ الدواوين لمْحهُ / اذا نوزع الحكمَ القؤولُ المماصعُ
فيُصبح متبوعَ المقالِ كأنما / شرائطهُ بين الكُفاةِ شرائعُ
تواضَعَ لمَّا ازْداد مجداً ورفْعةً / فلله ذاكَ الماجِدُ المُتواضِعُ
وجاد على العافين من غير ثرْوةٍ / ولكنَّه صدرٌ من المجدِ واسعُ
وفرَّقَ من آرائهِ البيضَ والقَنا / وللجيش اِطْلالٌ بدجلةَ رائعُ
وردَّ على أعقابهِ كل داغِرٍ / وما سُلَّ هِنْديٌّ وما هُزَّ شارع
هو المرءُ أما حلمهُ فهو راسِخٌ / رزينٌ وأما عزمهُ فهو قاطِعُ
يودُّ المُنيفُ المُشمخرُّ أناتهُ / وتحسدُهُ عند المضاء الزَّعازعُ
دعاهُ أمير المؤمنين رَضِيَّهُ / كما رضيَ العضب الكميُّ المقارعُ
ولَقَّبهُ غَرْسَ الخِلافةِ حينما / رأى الغرس منه وهو بالنُّصح يانعُ
وما قاتلٌ بالزأرِ من غير وثْبَةٍ / فان شدَّ يوماً فهو للقرنِ صارعُ
سواءٌ عليه حرب جيش و واحدٍ / اذا راح عن أشْبالِه وهو جائعُ
يهونُ عليه الدارعونَ كأنما / سوابغهم عند اللقاءِ موادعُ
وتضعفُ عنه المرهفاتُ كأنما ال / صَوارم في الأيدي الشداد وشائعُ
ويهتزُّ ضالُ القاعِ عند مرورهِ / وتقلقُ بالريفِ النَّخيلُ الكوارعُ
بأشجعَ من تاجِ المُلوكِ اذا دَجا / الصباح وغابت في النحور الشوارعُ
فهُنِّي بالشهر الحرامِ وغيرهِ / سجيس الليالي ما علا الغصن ساجعُ
واني لراجٍ عود خضبي برأيهِ / ونُعْماهُ والأيامُ عوجٌ رواجِعُ
بقيت وشمس الدين للمجد والعلى
بقيت وشمس الدين للمجد والعلى / عزيزين ما حَلَّ الأراكةَ ساجِعُ
فما مات منْ أبقاكما ونماكُما / تغمَّدهُ عفوٌ من اللهِ واسعُ
سحابٌ هَمي غيثاً مُقيماً نعيمهُ / فما زال اِذ جلَّتهُ عنَّا القواشِعُ
وموقفُ نجم الدين من كل مفخرٍ / شهيرٌ به تُثْني الوغي والمَجامعُ
فانْ يصطبرْ فالصبر منه سجيَّةٌ / اذا انحطمت في الدارعين الشوارع
سقى اللّهُ المًهيمنُ قبْرَ ثاوٍ
سقى اللّهُ المًهيمنُ قبْرَ ثاوٍ / بيثرب صوب غاديةٍ هَموعِ
فلو شاهدتُ مثواهُ لجادتْ / له عيني بصوْبٍ من دُموعي
دَعوْهُ أبا سعاداتٍ وكانت / له فألاً لى الحَظِِّ الرَّفيع
فجاور سيد الثَّقَلَينْ حَيّاً / ومات فحلَّ في شرفِ البقيعِ
وتُغنيه الشفاعةُ يومَ حَشْرٍ / اذا افتقر المُسيء إِلى شفيعِ
قضى وطَراً من الدنيا بريئاً / من التَّبعاتِ في يومِ الرُّجوعِ
وصانَ النفس عن خُدع المساعي / وعطَّلها عن العمل الخدوع
فصبراً يا زعيم الدين صبراً / فانك رابطُ الشَّمْلِ الجميع
تُساوركَ الخُطوبُ مُكَلِّماتٍ / فتُهْزمُ منك بالشَّهْمِ الزَّميعِ
وقد شهِدتْ لك الأيامُ طُرّاً / بأنْ لم تخلُ يوماً من صنيع
واِما ضِقْتَ ذرعاً بالرَّزايا / فهُنَّ بشائرُ الأجْرِ الوسيع
فقدتُك فقد الشمس عند مَضِلَّةٍ
فقدتُك فقد الشمس عند مَضِلَّةٍ / فلا المُكثُ مأمونٌ ولا السير نافعُ
وأمَّلْتُ عود الصبح منك بلقْيةٍ / وصبحك قد سُدَّتْ عليه المطالعُ
رعى اللّه مجداً في لُؤيِّ بن غالبٍ
رعى اللّه مجداً في لُؤيِّ بن غالبٍ / تطاولَ حتى ما تُنالُ فوارعُهْ
تَفَرَّق في الصِّيد الكِرام شتيتُه / ولابن طِرادٍ كُلُّهُ وجَوامعهْ
أغرُّ رحيبُ الصَّدْر أما ملامُهُ / فعاصٍ وأما جودُه فهو طائعهْ
تُضيءُ ظلام الليل غُرَّةُ وجههِ / وتُظْلمُ منه بالطِّرادِ وقائعهْ
وتمري نداهُ الجائحاتُ كأنما / تشايعُه في المكْرُماتِ موانعهْ
ومن كالوزير الزَّينبيِّ اذا القَنا / تحطَّمُ ما بين النُّحورِ شَوارعهْ
فتىً هامُ أبناء المعالي صِلاتُه / قديماً وأطْواقُ الرِّقابِ صنائعُهْ
عَليمٌ بأسْرارِ القلوبِ كأنما / رَويَّتُهُ في الخافياتِ طلائعهْ
تُناطُ حُباهُ في النَّديِّ بماجِدٍ / رِشاقٌ معانيهِ ضِخامٌ دَسائِعُهْ
سَمامٌ على الأعداءِ مُرٌّ مَذاقُهُ / وبرْدٌ لدى العافين عذْبٌ شرائعه
له هِزَّةٌ لو لا تُقاهُ ونُسْكُه
له هِزَّةٌ لو لا تُقاهُ ونُسْكُه / لقلتُ أصابَ البابِليَّ المُشعْشَعا
اذا ذكر المسعى الحميدُ وعُدِّدت / سَراةُ المعالي أرْوعاً ثمَّ أرْوعا
يُعيرُ مقالَ الهُجْر منه تَصامُماً / ويُرْعي العُلى والمجد قولاً ومسمعا
يُفَلِّلُ بالعزْم الذَّوابَ والظُّبي / ويصرعُ بالرأي الكميَّ المُقَنَّعا
يكونُ اذا ما صرحَّ الشرُّ مِسْعراً / واِنْ أشكل القول المُنازع مصقَعا
مُعَرَّسُ خصبٍ للمُسالم آمِنٌ / فان أحفظته حالةٌ كان جَمْجعا
يجودُ لراجيهِ وسائلِ رِفْدهِ / فان هو لم يُسْألْ نداهُ تبرَّعا
سعى شرف الدين الهُمامُ فلم يزلْ / وَصُولَ الخُطى حتى حوى المجد أجمعا
كأنَّ مِجَنَّ الشمس غُرَّة وجهه / يكون له أفْقُ القميصين مطْلعا