القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ قَلاقِس الكل
المجموع : 22
يا من تَكَفَّلَ في النَّقُوعِ تكلُّفاً
يا من تَكَفَّلَ في النَّقُوعِ تكلُّفاً / ليسَ النقوعُ لِعلَّةٍ بنَفُوع
ما كُنْتُ تفرَحُ حيثُ كَنْتُ مُحَلِّقاً / فَأَقُولَ أَحْزَنَهُ عَلَيَّ وقُوعي
أَلهاكَ صاحِبُكَ الجديدُ ورُبَّما / تُرِكَ القديمُ لِعِلَّةِ المَرْقُوع
يا أَيُّها الثِّقَةُ الذي وَثِقَتْ بِهِ
يا أَيُّها الثِّقَةُ الذي وَثِقَتْ بِهِ / هِمَمِي وخُلْقُ الدهر خُلْقُ مُخَادِعِ
ما بالُ ليثِ الدّولةِ القَرْمِ اغتدى / عني على استيقاظهِ كالهاجعِ
هذا ولي وَعْدٌ عليه مُقَدَّمٌ / يقضي النَّدَى أَنْ ليسَ منه بِراجع
والوعدُ مِثْلُ البرقِ يُدْعَى خُلَّباً / ما لم يتابعْ بالسَّحابِ الهامِعِ
وطمِعْتُ يَوْمَ الأَربعاءِ بقَبْضِهِ / فَصَبَرْتُ بعد الأَربعاءِ الرابع
ومَتَى تباعَدَ مُسْتَقىً في مورِدٍ / طَلَبَ الرِّشاءَ إِليه كَفُّ النَّازعِ
وإِذا امُرُؤٌ أّسْدَى إِليكَ بشافِعٍ / خيراً فذاكَ الخَيْرُ خَيْرُ الشَّافِع
فَاهزُزْهُ إِنَّ الْهَزَّ فيه سريرةٌ / هَزُّوا لها مَتْنَ الحُسَامِ القاطِعِ
واسعَدْ وأَسعَدْ صاحباً لم تُخْلِهِ / والدَّهر أَخْرَقُ من صَنيعَةِ صانِعِ
يا طائِرَ النِّسْرَيْنِ هل من عَطْفَةٍ / تبدو على عِطْفَيْ أَخيكِ الواقع
يَرُوعُ الذئبُ حيثُ سِواكَ راعِ
يَرُوعُ الذئبُ حيثُ سِواكَ راعِ / ويُثْلَمُ غَيْرُ نَصْلِكَ بالقِراعِ
ويُخْدِعُ بالمُنَى من بات يرجو / تناوُلَ شَأْوِ عِزِّكَ بالخِداعِ
وما المغرورُ إِلاَّ مَنْ تَعَاطَى / مداكَ وما مداكَ بمُسْتَطاعِ
يحاول نُهْزَةَ الإِطراقِ عنه / وللوَثَبَاتِ إِطراقَ الشُّجَاعِ
فساقَ إِليكَ كُلَّ أَسيرِ حَتْفٍ / دَعَتْهُ إِلى مَتَالِفِهِ الدَّواعي
وقام السَّعْدُ يُنْشِدُ رُبَّ أَمرٍ / أُتِيح لقاعدٍ بِمَسيرِ ساعِ
فَقَلَّصَتِ الرَّعارِعُ جانبَيْها / مُنّزَّهَةَ المَقَامِ عَنِ الرِّعاعِ
وما الحَشَرَاتُ مَعْ نَزْوَاتِ كَيْدٍ / بجاهلةٍ مُنَاجَزَةَ السِّباعِ
فأَينَ متونُ مُشْرَعَةِ العوالى / وأَينَ بطونُ عالية الشِّراعِ
رأت ذاتَ القلوعِ لك احْتِفالاً / أَرَتْهُمْ مثلَهُ ذاتَ القِلاعِ
وكايلَتِ المواضِيَ بالمَوَاضِي / مكايَلَةَ الرِّضا صاعاً بِصاعِ
وإِن ذَمُّوا المِصاع لِحَرِّ بأْسٍ / فقد حمدوكَ في ذَمِّ المصاعِ
وكم حفِظَتْ سيوفُكَ من دماءٍ / أُضيعَتْ عند أَبناءِ الضِّياعِ
رعيتَ اللَّه والإِسلامَ فيهِمْ / وكنتَ لِذَا وذلك خَيْرَ راعِ
وربَّت فارسٍ أَمْسَى مَرُوعاً / وإِنْ أَضْحَى على خِصْبِ المَرَاعي
طَرَحْتَ عنانَهُ لِيَدَيْهِ فيها / وليسَ يخيبُ عندك ذو انتجاعِ
فإِن أَشبعته وخلاكَ ذَمٌّ / فكَمْ أَشْبَعْتَ من أُمَمِ جِياعِ
ولمَّا اسْتَرْفَدُوكَ جَرَيْتَ فيهم / على المحمودِ من كرم الطباعِ
رضعتَ الجودَ في سلْمٍ وحربٍ / وحرَّمت الفِطامَ على الرَّضاعِ
وصُنْتَ بوارق الأُمراءِ عن أَنْ / تَمُدَّ لها الخطوبُ طويلَ باعِ
رفعتَ لهم سماءَ المَجْدِ حتى / سَكَبْتَ المجد دعوى الارتفاعِ
وسُمْتَ مقامَ داعِي الدِّينِ فيهمْ / فكلٌّ للَّذِي أَوْلَيْتَ داعِ
ولو أَدركْتَ تُبَّعَ مالَ فخراً / إِلى التَّقديمَ عندَكَ باتِّباعِ
يضيقُ بك الزمانُ الرّحبُ ذَرْعاً / وعزمُكَ فيه مُتَّسِعُ الذِّراعِ
وكم وَطِئَتْ مساعِيكَ السَّوامي / بأَخْمَصِها على لِمَمِ المساعي
تَبِعْتَ أَباكَ في جودٍ وبأْسٍ / وزِدْتَ على اتِّباعِ بابْتِداعِ
بني شرفَ الفخارِ على يَفَاعٍ / فكنتَ النارَ في شَرَف اليَفَاعِ
ومثلُكَ بالوزارةِ ذو اضطلاعٍ / على من جاد فيها ذو اطلاعِ
بِنهضتِكَ ارتجعتَ لها بلالاً / أَباكَ وليس يَوْمَ الإِرْتِجاعِ
فما نلقَى به إِلاَّ بشيراً / كأَنَّ المَيْتَ لم يندُبْهُ ناعي
وحقَّ لنا بياسرٍ ارْتِياحٌ / عزيزٌ أَنْ يُعَارَضَ بِارْتياعِ
سمعنا عن عُلاهُ وقد رأَينا / سما قدرُ العِيانِ على السَّماعِ
وصارَعْنَا الخطوبَ إِلى حماهُ / فكانَ لنا به غَلَبُ الصِّراعِ
وفارَقْنَا إِليه الأَهلَ علماً / بأَنَّ به دوامَ الإِجْتِماعِ
بَدَأْنا بالتدَّاعي للتَّدانِي / فأَسرعْنَا التَّداني بالتَّداعي
فأَوْرَدَنَا نَدَاهُ البَحْرَ شُدَّتْ / قُرَاهُ بالمَذَانِبِ والتِّلاعِ
وَمَلَّكَنا ربوعَ المجدِ حتَّى / نَظَمْنَاهُنَّ في تلك الرِّباعِ
وأَقْطَعَنَا اقْتِراحاتِ الأَماني / وما الإِقطاعُ منهُ بذِي انْقِطاعِ
فأَصبحَ باسْمِهِ ديوانُ شِعْرِي / على التَّحرِير عالي الإِرْتِفاعِ
وكانت دَوْلَةُ الإِقتار عندي / فقامَ لنا نداهُ باخْتِلاعِ
وصارَتْ رُقْعَةُ الدنيا بكفِّي / بما أَولاهُ من مِنَنِ الرِّقاعِ
ولولا من حَطَطْتُ قِناعَ خدِّي / لعِلَّةِ صَوْنِهِ تَحْتَ القِناعِ
وذكرَى عاوَدَتْ كَبِدِي فعادَتْ / وليْسَ سِوى شَعاعٍ في شَعَاعِ
ضَرَبْتُ بِظِلِّهِ أَوتادَ رَحْلِي / وقُلْتُ أَمِنْتُ عادِيَةَ اقْتِلاعِ
سلامٌ أَيها الملكُ المُعَلَّى / بلفظٍ يستقيلُ من الوداعِ
سلامٌ كالنسيمِ الرَّطْبِ ساعٍ / بخَطْوٍ من تَأَرُّجِهِ وَسَاعِ
فإِنْ ضاعَفْتَ في حقِّي اصطِناعاً / فقَدْ ألْفَيْتَ أَهلَ الإِصْطِناعِ
وإِن وفَّرْتَ فِيَّ الجودَ إِني / لأَرحلُ عنكَ بالشكرِ المُشَاعِ
ثناءٌ تَعْيَقٌ الأَقطارُ منه / وتُخْضَبُ منه ما حِلَةُ البقاعِ
متى غنَّتْ به نَغَمُ الوَافِي / هَفَتْ طرباً لها نَغَمُ السَّماعِ
إِذا ما المجدُ لم يُضْبَطْ بشعرٍ / فقد أَضحى بِمَدْرَجَةِ الضِّياع
قِفا فاسأَلا مِنِّي زفيراً وأَدْمُعا
قِفا فاسأَلا مِنِّي زفيراً وأَدْمُعا / أَكانا لهم إِلاَّ مَصِيفاً ومَرْبَعَا
ولا تطلبا إِن هُمْ دَنَوْا أَوْ هُمُ نَأَوْا / بأَخبارِهِمْ إِلاَّ جُفوناً وأَضْلُعا
هُمُ عَمَروا قَلْبِي وطَرْفِي وغادَرُوا / منازِلَهُمْ فيما تَظُنَّان بَلْقَعا
وما البينُ من شكوى المحبِّينَ في الهوى / ولكنْ دَعَا من ضلَّ في الحب فادَّعى
فيا عاشقاً أوْلَى به غَيْرُ عاشِقٍ / أَقَمْتَ وسارُوا كيف لمْ تَرْفَعَا معا
يقول أَناسٌ بَطْنُ لَعْلَعَ هاجَهُ / أَكُلُّ مكانٍ عندَهُمْ بَطْنُ لعلعا
نَعَمْ أَنا أَهْوَى بَعْدَهُمْ كُلَّ موضعٍ / فذكرِي لهُمْ لم يُخْلِ في الأَرضِ مَوْضِعا
رعَى الله من لم يَرْعَ لي حْرْمَةَ الهوى / فَيَتْرُكَني أَشْدُو رَعَى اللُّه مَنْ رَعَى
غزالٌ وَشَى عنه تَضَوُّعُ نَشْرِهِ / ومن ذا يصُدُّ المِسْكَ أَن يَتَضَوَّعا
ترعرعَ في بُرْدَيْهِ غُصْنُ أَراكَةٍ / ذَوَي الغُصْنُ مِنِّي والتوى مذ تَرَعْرَعَا
خَدَعْتُ النَّوَى عنه غَدَاةَ فراقِهِ / إِلى أَن أَمالَتْ منه لِيتاً وأَخْدَعا
وقضّيتُ بالتَّقبيلِ فَرْضَ وَدَاعِهِ / فقالَ الهوى لا بُدَّ أَنْ تَتَطَوَّعا
فكم شَعْشَعَتْ خَدَّاهُ لي من مُدامةٍ / أَدَرْت عليها البابِلِيَّ المُشَعْشَعَا
أَأَقْلَعَ عن عَيْنِي وعندِي صبابَةٌ / نهاها النُّهَي أَنْ تستقِلَّ فتُقْلِعا
وقد مَلَكَتْ مِنِّي الثلاثِينَ عن يدٍ / محاسِنَ بدرٍ تَمَّ عَشْراً وأَربعا
ولى في البديعِ الحُسْنِ كلُّ بديعةٍ / ولولا البديعُ الحسنِ ما كنتُ مُبْدِعا
كلانا له الإِحسانُ أَمَّا جَمالُه / فَمَرْأَى وأَمَّا الشعرُ فيه فمَسْمَعا
ولولا صفاتُ المالِكِ العُلَى / تَنَوَّعْتُ في أَوصافِهِ ما تَنَوَّعا
أَفاضَ أَبو الفَيَّاضِ فيَّ نوالَهُ / ووسَّعْتُ مولىً في نَدَاهُ فَوَسَّعا
دَعا خاطري بالمكرُماتِ وإِنما / دعا خاطري بالمكرمات فأَسمعا
وقابلَ منِّي بارعاً في مقالِةِ / بمَنْ لَمْ يَزَلْ في فِعْلِهِ مُتَبَرِّعا
ركِبتُ إِليه زاخِرَ الموجِ طامِياً / وعاصِفَةَ الهَبَّابِ نَكْبَاءَ زَعْزَعا
وظامِئَةً تحتَ الشراعِ وإِن أَبَى / لها ممتطيها أَن تفارِقَ مَشْرَعا
تشقِّق شَيْبَ الماءِ أَبيضَ ناصِعاً / بمثلِ الشَّبابِ الغَضِّ أَسْوَدَ أَسْفَعا
وصُغْتُ له تاجَ المديحِ ولم أَكُنْ / لأَترُكَه حتى يكونَ مُرَصَّعا
فإِنْ قُلْتُ زرنا أَكرمَ النَاسِ راعنا / بفتكته حتى نقولَ وأَشْجَعا
سَمَاحٌ يُرَوِّي الإِلْفَ لا مُتَهَجِّماً / وباْسٌ يُردُّ الأَلْفَ لا مُتَدرِّعا
تَصَدَّى لصَخْرِ المَنْجَنِيقِ بعزمةٍ / زجاجِيَّةٍ لا غَرْوَ أَنْ تَتَصَدَّعا
وجَمَّع مَنْ فرَّقْت بالسَّعْدِ جَمْعَهُ / وما جَمَّع المغرورُ إِلا ليُجْمَعا
فلم يُبْقِ في عينَيْهِ نحوَكَ مَطْمَحاً / ولم تُبْقِ في جَنْبَيْهِ عندَكَ مَطْمَعَا
رأَى لك عزماً محتويا نَعَى له / أَباهُ فَوَلَّى مُدْبِراً عندما نَعَى
ونَهْضَةَ مَنْ راعَ الأَعادِيَ ناشِئاً / بفتكاته مِنْ قبلِ أَن يَتَرَعْرَعَا
مُصِيبٍ سِهامَ الظَّنِّ في كُلِّ مَنْزِعٍ / إِصابَةَ مَنْ لم يُبْقِ في القَوْسِ مَنْزِعا
فكم وَقَفَ العافِي فقالَ له هَلاَ / وكم عَثَرَ الجانِي فقالَ له لَعَا
سَجِيَّةُ ميمونِ النَّقيبةِ ماجدٍ / أَعادَ وأَبْدَى في المعالِي فأَبْدَعا
خَدَمْتُ بأَشعارِي محاسِنَ مَجْدِهِ / وأَخْدَمَنِي الدَّهْرَ الأَبِيَّ المُمَنَّعا
وأَصْفَى مياهَ الفِكْرِ مِنِّي فصفَّقَتْ / وأَرْوَى نباتَ الشُّكْرِ منِّي فأَمْرَعا
وقابَلَني بالأَهْلِ والمالِ عِنْدَما / تركتُ إِليهِ الأَهْلَ والمالَ أَجمعا
وخصَّص مني بالصّنيعةِ أَهْلَها / على شيمةٍ لم يأْتِها مُتَصَنِّعا
وما زلتُ زَوَّارَ الملوكِ الملوكِ مُبَجَّلاً / لديها عزيزاً عندها مُتَرَفِّعا
يَمُجُّ لها شُهْدَ المدائِحِ مَنْطِقِي / وتَنْفُثُ في أَعدائِها السُّمَّ مُنْقَعا
بكُلِّ بديعِ الطُّرَّتَيْنِ مُرَصَّعاً / بدُرِّ الكلامِ المُنْتَقَى ومُصَرَّعا
تشابَهَ أُولاهُ وأُخْراهُ بهجةً / فَوَشَّحَ في اللَّفظِ الرّقيقِ ووَشَّعا
فإِن راقَ أَسماعَ المصيخِينَ مطلعاً / فقد راقَ أسماعَ المُصِيخِينَ مَقْطَعَا
كما فاح عَرْفُ الوردِ في الزَّهْرِ قادماً / وفي الماءِ من بَعْدِ القُدومِ مُوَدِّعا
يا حافظًا علِقَتْ بذي
يا حافظًا علِقَتْ بذي / لِ نداهُ راحاتُ المطامِعْ
والمُجْتَنَى من دَوْحِه / ثَمرُ الندى والفضلِ يانِعْ
ما زالَ روضُ ثَنَاك في / أَنفاسِ ريحِ الشكرِ ضائِعْ
لا زلْتَ بدراً نورُه / في ظلمةِ الأَحداثِ ساطعْ
يا أَولاً أَنا للضَّنَى / والفقرِ والأَشجانِ رابعْ
صالت عليَّ يدُ الزما / نِ بحَدِّ أَسيافٍ قواطعْ
ولقد صبرتُ لصرفِه / ظنًّا بأَنَّ الصَّبْرَ نافِعْ
فرأَيتُ أَمري لا يزا / لُ إِليك في الحاجاتِ راجعْ
وعلمتُ أَنك حافظٌ / ما في ذَراهُ قطُّ ضائعْ
لكنْ مَنْ في منزلي / أَمسى كما أَمسَيْتُ جائعْ
وعدمت موضِعَ دِرْهَمٍ / أَمْرِي به دِرَ المنافعْ
واشفَعْ لعبدِكَ عند صر / فِ زمانِهِ يا خَيْرَ شافعْ
واسلَمْ متى ما قُرِّطَتْ / بمدائحي فيك المسَامعْ
يا أيها الحَبرُ الإما
يا أيها الحَبرُ الإما / مُ ومن به فخرُ اليراعْ
الصّبرُ عن رؤياكَ يا / خيرَ الورى لا يُستطاعْ
أو كيف يصبِرُ عن فتًى / هو أوحدُ الدنيا المُطاعْ
داني النّدى عالي المدى / فلهُ انخفاضٌ وارتفاعْ
كالشمسِ تبعُدُ موضِعاً / ويعمُّنا منها الشُعاعْ
ومعترَكٍ يضمُّ الموتُ فيه
ومعترَكٍ يضمُّ الموتُ فيه / جوانحَهُ على قلب المَروعِ
تهيّبك الزّمانُ به فأبقَتْ / إليكَ يداهُ ناصيةَ المُطيعِ
وجرّدْتَ الحُسامَ فأغْمَدَتْهُ / يَمينُك في طُلى الخطْبِ الصّريعِ
وقد كحلَتْ بأميالِ العوالي / أُساةُ الحربِ أحداقَ الدروعِ
وشبّ البأسُ نيرانَ المواضي / وأسبلَ غيثَ أمواهِ النجيعِ
فللفرسانِ من محْلٍ ووحْلٍ / حديثٌ عن مَصيفٍ في ربيعِ
سيّدُنا الحَبْرُ كفُّه أبداً
سيّدُنا الحَبْرُ كفُّه أبداً / تفيضُ فيضَ الحيا لمنتجعِهْ
عمّ الرُبى فالوهادَ نائلُه / الى أعالي الوادي الى جزَعِهْ
مجتمَعُ الفضل نفسُه أبدا / وأعظمُ السيلِ عند مجتمَعِهْ
ترى الأعادي تخافُ سطوتَه / ومن رأى الغيلَ خافَ من سبُعِهْ
قد قلتُ لما رأيتُه جذِلاً / نال المرجّي ما كان في طمعِهْ
وملبسٍ قد شريْتُه لدِفا / عِ الحرِّ رحْبِ التفصيلِ متّسعِهْ
جعلْتُه للزمانِ يصلُحُ للص / يفِ ويحكي أيامَ مرتَبَعِهْ
كالآلِ في النّعْتِ كالضّياءِ كسح / ا البَيْضِ يبدو كالبرقِ في لُمَعِهْ
تُروّعُ الريحُ منه قعقعةً / تُذلِّهُ دائماً لمُدّرِعِهْ
ألبسُه ما حَييتُ مفتخراً / أيامَ أعيادِه وفي جُمعِهْ
إن لم تُعنّي على الفكاكِ فما / أصنَعُه في تسهيلِ ممتَنِعِهْ
عجّلْ بجدوى يديكَ مجتهداً / فإنّ خير العطاءِ في سرَعِهْ
ولا تكِلْني الى سواكَ فمَنْ / سواكَ عدّ الطعامَ من سِلَعِهْ
تراهُ مثل السّرابِ يظهرُ في / تخييلِه دائماً وفي خُدَعِه
لا يقصدُ المرءُ عند حاجتِه / إلا كريماً قد باتَ من شِيَعِهْ
وسوف أكسو عُلاكَ من خِلع ال / قريضِ أغلى ما حيكَ من خِلَعِهْ
تحبّ ما قد كسوْتَني أعيُنُ الر / ائي وهذا أوانُ مُستَمِعِهْ
ماذا أقولُ وقد حُبيتُ بفطنةٍ
ماذا أقولُ وقد حُبيتُ بفطنةٍ / يُبدي لها صلفُ العلوم خشوعَهُ
في صاحب قد غرني مرئيُّهُ / فطرحتُ عنّي جاهلاً مسمُوعَهُ
أنا لا أزالُ إذا جَنى مرزوقَهُ / فإذا أتى وقت الجنى ممنوعَهُ
نشَر الودادَ على اللسانِ وقلبُهُ / طاوٍ على غيرِ الودادِ ضلوعَهُ
هذا وقد جعلَ السَقامُ جوارحي / رسْماً أطالَ بعَرْصَتَيْهِ ربوعَهُ
ما زارني يوماً يطيلُ أنينَهُ / أسفاً عليّ ولا يُسيلُ دموعَهُ
فغفرتُ ذاكَ وقلتُ ربّتَ ذاهبٍ / صابرتُهُ حتى رُزِقْتُ رجوعَهُ
وقنعتُ منه بزورةٍ مُزْوَرّةٍ / قد سدّ عنها شوقه ينبوعَه
كتبَ التكلُّفَ لي على جبَهاتِها / زِدْ في النِزاعِ فقد أرادُ نزوعَهُ
وجعلتُ أرقُبُه لوقتِ مجيئه / مثل الهلالِ إذا رقَبْتَ طُلوعَه
فازورّ من تلك الزيارةِ جانبٌ / أبدى تطبعُهُ بها مطبوعَهُ
وأثارَ نقْعَ جفائه لكنّهُ / لم يجْفُني حتى استنابَ نُقوعَهُ
مهلاً فإن المُهْلَ أعذبُ مَشْرَباً / من سلسبيلِكَ أصلَهُ وفروعَهُ
فاقطعْهُ عني واقتطعْها خِطّةً / شادت بها أيدي البعادِ ربوعَهُ
أنا لا أحبُّ الخلَّ يدنو ساعةً / مني ويبعُدُ بعدَها أسبوعَهُ
أبا الحسَنِ احفظْ ودادي فقد
أبا الحسَنِ احفظْ ودادي فقد / أسفتُ على مثلِه أن يُضاعا
وجدْ بالذِراعِ كما قد وعَدْتَ / ولو كان ذاك الذراعُ الذِراعا
ولا يَغْرُرَنّك لينُ العتابِ / فإنّ العتابَ إذا راقَ راعا
عندي فؤادٌ يكادُ الشوقُ ينزعُه
عندي فؤادٌ يكادُ الشوقُ ينزعُه / وليس يَدْري بما تُخْفيه أضلُعُهُ
يظلّ ظمآنَ مطوياً على حُرَقِ / إن باتَ يُبصِرُ ماءً وهو يمنعُهُ
ما شئت يا ليلُ فامدُدْ من دجاكَ فقد / لاحتْ تباشيرُ صُبْحٍ حان مطلعُهُ
يا أيها البدرُ كم يرعاكَ ذو سهَرٍ / ما زلتَ بالبعدِ في قربٍ تُروّعَهُ
لله درُّكَ كم يدعوكَ ذو كلَفٍ / بانٍ تُجيبُ دعاهُ حين يَسمَعُهُ
بينا يَرى قدرَهُ نَزْراً فيؤنِسُه / حتى يرى وُدَّهُ جمّاً فيُطْمِعهُ
فهل سبيلٌ على حِفظِ الزّمانِ لهُ / الى المُثولِ بنادٍ منكَ يرفَعُهُ
يا مُغْرماً بنفيسِ الدرِّ يجمعُهُ
يا مُغْرماً بنفيسِ الدرِّ يجمعُهُ / ومولعاً بجميلِ البرِّ يصنعُهُ
أضحى ينافسُني في قُربِه زمَني / فما يجودُ به إلا ويمنعُهُ
ولا أقولُ دنتْ مني منازلُهُ / إلا غَدا وكبُعْدِ النجمِ موضعُهُ
كذلك الدرّ في الأصدافِ مُحتجِبٌ / حيناً وحيناً على تاجٍ يرصّعُهُ
إن غابَ بدرُ سماءِ الفضلِ عن بصَري / ففي فؤاديَ أفقٌ منك مطلعُه
وإنّ فيما أرى من أمرِه عجَباً / يكادُ يُنكِرُهُ مَنْ ظلّ يسمعُهُ
يذوبُ قلبيَ من وجدٍ ومن أسفٍ / شوقاً إليه وقد حازَتْهُ أضلُعُه
طلَعْتِ ربيعاً من ربيع وأربُعِ
طلَعْتِ ربيعاً من ربيع وأربُعِ / وطالعتِ أهلاً من مَصيفٍ ومَرْبَعِ
منازلُ أستسقي السماءَ لأهلِها / وإن كنّ يستسقينَ للأرضِ أدمُعي
على أنّ ما ضمتْ هوادجُهُم سوى / فؤادي لا ضمّتْ سوى عوْجِ أضلُعي
وما خدَعوني باللِوى غيرَ أنهُم / لوَوْا نحو المطامعِ أخدَعي
وقاسَمني في أن يقاسِمَني النّوى / رشا معهُ قلبي وأشواقُه مَعي
دعاهُ غَرامي للوصالِ فلم يُجِبْ / نداءَ مَشوقٍ قد أجابَ وما دُعي
وفي كبدي أستغفرُ الله لوعةٌ / الى مولعٍ عنّي بما هو مولَعُ
يناصبُني في الحبِّ والحبُّ حاكمٌ / يجوّزُ لي في الناصِبيّ تشيُّعي
ومنتصر في منع مقلوبِ عقرب / بما تحتَه من لَسْعِ مقلوبِ بُرْقُعِ
أبت شمسُه إلا الغروبَ وقد سَما / لها مُكلِفي من كلّ عضو بيُوشَعِ
ولي من نَدى من لا يَدي أمرَ مُهجٍ / من لم يوقع بها قلت أوقعِ
وليل نزعْنا منهُ عن متجهّمٍ / أغمِّ القَفا والوجهُ ليس بأنزَعِ
تأبّى ذراعُ الليثِ أن يعتَلي به / لنا ذنَبُ السرْحانِ مقدارَ إصبَعِ
فلما ارتمَتْ كفُّ الصَديعِ بأنجمٍ / قواريرُها قد أوذِنَتْ بالتصدّع
دعاني السَرى أتعبتَ طِرْفَكَ فاسترحْ / وقال الكَرى أسهرتَ طَرْفَكَ فاهْجَعِ
وإني وإيضاعي وإشرافَ همّتي / لأعلمُ عند الأشرفِ النَدْبِ موضِعي
أنالُ به ما شئتُ غيرَ مُمانعٍ / على أنني ما شئتُ غيرُ ممنّعِ
ويطمعُ في شأوي أناسٌ تنافَسوا / على مَطعِمٍ في راحتيْهِ ومُطْمِعِ
سكنتُ فقد ظنوا احتقاريَ شأنَهُمُ / سكونُ تخشٍّ منهمُ أو تخشّعِ
أيُلْحِدُ في فضلي امرؤ لو أمتُّهُ / لأويسَ بالإلحادِ مرجوّ مَرْجِعِ
إليكَ قطعتُ البحرَ أطوي سجلَّهُ / فيا بحرُ أسْجِلْ لي بحظي وأقْطِعِ
وما بي الى الأوطانِ هجرة مِقْلَعِ / ولا لي عن الأوطارِ هجرةُ مُقلِعِ
ولولاك لم أبرح قصيّاً ولم أجد / قصيّاً فأدعو فضلَهُ بمُجمّعِ
نطقت بإعرابِ المقاديرِ مُفصِحاً / فيا سيبويهِ اخْفِضْ بلفظِكَ وارفعِ
نصبت لما شادتْ تميمٌ بناءَهُ / من المجدِ ركنَ السؤدد المترفِّعِ
فضائلُ دعْ حصناً فما زالَ حابسٌ / يفوقُ بها مِرْداسَ في كل مَجْمَعِ
وأنتَ تتبعتَ الألى بمآثرٍ / تُثيرُ عجاجَ السّبْقِ في وجهِ تُبّعِ
فإحكامُ أحْكامٍ تقولُ مُبادراً / لها مشرعُ الخطّيّ ما شئتَ فاشْرِعِ
وعدلُ قضاءِ لا يميلُ به الهوى / لإرضاءِ سنيٍّ ولا مُتشيِّعِ
وفضلُ خطابٍ مُعجزٍ وخطابُه / روى كلُّ صِقْعٍ عنهما فضلَ مصْقع
وظنّ كأنّ السّمعَ والعينَ شاهَدا / ومن أجلِ هذا قيلَ ذا ظنُّ ألْمَعي
فيا حَسَناً قد أصبحَ الإسمُ وصْفَهُ / فأصبحَ من وجهينِ أحسنَ من دُعي
تنزهتُ في دينه عن دنيّةٍ / وشمّرتُ في دُرّاعهِ عن مدرّعِ
فلحظُك للديوانِ أيقِظْهُ يحترسْ / ولفظك للإيوان جرِّدهُ يقطعِ
وطالعْ محيّا النحْر منك بمنظرٍ / أدامَ إليهِ طرفَهُ بالتطلّع
كذا البيتُ قد لبّيتُ والهَدْيُ واجبٌ / عليّ لأني قائلٌ بالتمتّعِ
ولم أقتنعْ بالفرْضِ فالفضلُ إنّما / يكونُ إذا حققتَهُ للتّطوّعِ
لسانيَ لا يعْيا وغيرُك سمعُهُ / لغفلتِه يُعْيي اللسانَ ولا يَعي
تدانيتَ داراً والوصولُ شُسوعُ
تدانيتَ داراً والوصولُ شُسوعُ / فخِلُّك ذو الود الوَصولُ قَطوعُ
وإنكَ والقلبُ الذي قد ملأتَهُ / لكالقلبِ قد ضمّتْ عليهِ ضلوعُ
حُجِبْتُ ولم تُحْجَبْ محاسنُك التي / تأنّقَ منها يا إمامُ رَبيعُ
وضيعت في صونٍ فضعت وهكذا / يُضاعُ فتيتُ المِسْكِ وهو يَضوعُ
وما أنتَ إلا العضْبُ لازم جَفْنَهُ / ليُنْضي بكفٍ إذا يروقُ يروعُ
وحتْمٌ على البدر السرارُ وبُعدُه / بُزوغٌ على عاداتِه ونُزوعُ
وما الدُرُّ في أصدافِه بغريبةٍ / إذا انحطّ عنه التاجُ وهو رَفيعُ
يُقيمُ سُلافَ الكرْمِ بالدنّ حقبةً / ويخلَعُ عن فيها الختامَ خليعُ
ستُفْتَقُ عن زهرٍ بديعٍ كمامُهُ / فما ذاك من صُنعِ الإلهِ بديعُ
وتُسْفِرُ عن صبحٍ شريقٍ دجُنّةُ / ولا سيّما قد حانَ منهُ طُلوعُ
كأنّي بها يا بنَ الكرامِ مُغيرةٌ / لها فوقَ هاتيكَ الربوعِ رُتوعُ
بحيثُ يريكَ البرّ كالبحرِ ذُبَّلٌ / وبيضٌ وبيضٌ أشرقتْ ودُروعُ
وفرسانُ حرب لا البعيدُ عليهمُ / بعيدٌ ولا العالي الرفيعُ رَفيعُ
بذلكَ لا تعجَبْ فإني قائلٌ / وإنكَ في الشهرِ الأصمّ سميعُ
جَفى مقلةَ الصبِّ الكئيبِ هجوعُها
جَفى مقلةَ الصبِّ الكئيبِ هجوعُها / وكلّفها أشياءَ لا تستطيعُها
غَداةَ رأى ركبَ الخليطِ وقد نأى / بهيفاءَ إن ولّتْ بطيءٌ رُجوعُها
أعاذلهُ رفقاً فبينَ ضلوعِه / صبابةُ قلب لا يُطاقُ نُزوعُها
رأى دَمَنا يشكو معالِمَها / شكَتْ كبِدٌ قد أوهنَتْها صُدوعُها
ولما التقينا يومَ منعرجٍ اللِوى / وفاضَتْ دموعي حيرة ودموعُها
عقدنا مواثيقَ المودّةِ بيننا / سواءٌ وظني أنها لا تُضيعُها
وما راعني إلا فراقُ مشبَّبٍ / فيا ليتَ شعري هل تراهُ يَروعُها
عجبتُ وفي الأيامِ كلُّ عجيبةٍ / لأسماءَ يَعصيني الهوى وأُطيعُها
وما ذاكَ إلا أنني ذو صبابةٍ / تحكّمَ في قلبي فجارَ وُلوعُها
علائقُ تُخْفيها الأضالعُ جُهدَها / مخافةَ واشٍ والدموعُ تُذيعُها
وأطمعَني في وصلها أن طيفها / يُوافي إذا الظلماءُ وافى هزيعُها
تخيّل لي أني إذا زار مضجعي / وإن نزّحَتْ منا الديارَ ضجيعُها
إذا بوّأتنا العيسُ من أحمدَ الرضى / فِناهُ فلا شُدَّت عليها نُسوعُها
وكيف وقد حلّتْ بنا في جِنابِ من / له غرةٌ يَنفي الظلامَ صديعُها
يُعيدُ ويُبْدي شيمةً بعد شيمةٍ / كمثل رياضِ الحُزْنِ جادَ ربيعُها
سما للعُلى فرداً فجمّع شملَها / لديهِ ولولاهُ لشتَّ جميعُها
إذا عذلْتُه في المكارمِ عصبةٌ / عصتْها أياديهِ فليستْ تُطيعُها
لقد حسُنَتْ منه الصنائع شيمةً / وطبعاً إذا الأعداءُ سيءَ صنيعُها
حليفُ النّدى شهّادُ أنديةِ العُلى / به عمِرَتْ بعدَ العَفاءِ ربوعُها
حميتَ بفضلِ الجودِ أعراضَك العدى / فقد علموا أن لن يُنالَ منيعُها
رأى العيدَ لما أن رآه عجائباً / يحدِّث عنها دائماً ويُشيعُها
غماماً وأصباحاً وطَوْداً ومُرْهَفاً / وبحراً وشمساً ما يغِبُّ طلوعُها
ولو أنني وقّرتُ شعري وَقارَهُ
ولو أنني وقّرتُ شعري وَقارَهُ / ولم أترفّعْ عن مكاني وموْضعي
لأكبرتُ أن أومي إليك بنظرةٍ / لعُظْمِكَ عندي أو أشيرَ بأصبَعي
أصابتْ سهامُ البأسِ قلبَ المطامعِ
أصابتْ سهامُ البأسِ قلبَ المطامعِ / وصابَتْ بغَيثِ البأس سحبُ الفجائعِ
وما أرْسِلِ الناعي به يوم موتِه / سوى صممٍ أصمى صَميمِ المَسامِعِ
وقد خلّفتْ فينا أياديهِ روضة / سَقاها سحابُ العوجدِ غيث المدامع
فكم لبيوتِ الشِعْرِ من دوحةٍ بها / وكم للقوافي من حَمامٍ سواجِعِ
وكم جَفْنِ ضيفِ سائلِ الدمعِ ساهرٍ / وكم جفنِ سيفٍ جامدِ الدمِ هاجعِ
وكانت منياتُ الظُبى بيمينِه / فقد أمِنَتْ من جَوْرِها المتتابع
وأحسبُ أن الموتَ وافاهُ سائلاً / فبلّغَهُ ما رامَهُ غيرُ مانِعِ
وما كنتُ أخشى غيرَهُ وقد انقضى / فكل مصاب بعدَهُ غيرَ فاجعِ
وأقسمُ لو ماتَ امرؤ قبلَ وقتِه / لكنتُ على الأعقابِ أولَ تابعِ
عجبتُ لقبرٍ باتَ بينَ ضُلوعِه / يقال له سُقيتَ غيثَ الهوامِعِ
وهل تنفعُ الأنواء في سَقْي تُرْبِهِ / بفيض يمين اللُجّةِ المُتدافِعِ
كاد الكمالُ يعودُ ربعاً بلقعا
كاد الكمالُ يعودُ ربعاً بلقعا / حتى رفعتَ منارَهُ فترفّعا
ما كنت إلا البدرَ حجّبَ ضوءَهُ / سِتْرُ الغَمام ومن قريبٍ أقْشعا
شكراً لدهرٍ زاد عنك صروفَهُ / فثَناكَ محروسَ المحلِّ مرفّعا
يغدو من العارِ المدنّسِ عارياً / ويروحُ بالمجدِ الأثيلِ ملفّعا
أوضحتَ من سُبُلِ المكارمِ ما عَفا / وشددتَ من أركانِها ما ضُعْضِعا
وبنيتَ وجهَ العلمِ أبيضَ ناصعاً / وتركتَ وجهَ الجهلِ أسودَ أسْفَعا
ونزعتَ ثوبَ توعّكٍ لا ينثَني / ولبسْتَ خلعةَ صحةٍ لن تُخْلَعا
من بعدِ أن قال الحواسدُ إنها / نُزِعَتْ وظنّوا أنها لن تُرْجَعا
فكأنما كانتْ وقد عادت له / شمساً وكان لها هنالك يُشَعا
إن خفّ دوحٌ للمكارمِ أو ذَوى / فالآنَ أورقَ إذ شُفيتَ وأيْنَعا
عش للموالي والمعادي دائماً / تَهمي يداكَ ندىً وُسماً مُنقَعا
والى الذي والى نعيماً سرُّهُ / وغدا الى الأعداءِ بؤساً أوجَعا
الله أكرمُ أن يضيّعَ ما جدا / لولاه أبصرت الكمالَ مُضيّعا
إن جادَ للعافي أجادَ وإن سعى / في ضيقِ طُرْقٍ للسماحةِ أوسعا
عن نَشْرِه فاحَ النسيمُ معطّراً / وبشكرِه غنّى الحمامُ مرَجّعا
من مُبلغُ الأعداءَ عني أنني / بمديحِه نلتُ المحلَّ الأرفَعا
ولبستُ من حَلْيِ المفاخِرِ فائقاً / وسلكتُ من طُرْقِ المحامدِ مِهْيَعا
وأمِنْتُ من جورِ الزمان بمعْقِلٍ / ما قال حُظُّ لعاثرٍ إلا لَعا
يجري الزمانُ بما تشاءُ صروفُه / فيُبينُ من أردى ويرعى من رَعى
يا أحمدُ بنَ محمدٍ دعْوى امرئ / سقّيتَه ماءَ الندى فترعرعا
شتّتَ شملَ المالِ أيَّ تشتُّتٍ / لما رأيتَ الفضلَ منك تجمّعا
وأبحتَهُ لما علمتَ بأنه / بِدْعُ على شرعِ الندى لن يُمنَعا
حلّتْ مناقِبُك الحسانُ عُقودَها / من لَبّةِ العلياءِ جيداً أتْلَعا
لا تعدَمُ الأيامُ منكَ ولا الورى / يا بنَ الأكارمِ بارعاً متبرّعا
كم معركٍ للقولِ غادرَ جمعَهُ / إذ شامَ فضلَك صارماً متصدِّعا
وأسيرِ عُسْرٍ يُسْرَكَ بارقاً / فسقاهُ هاطلُ دَيْمةٍ تُقْلِعا
وغليلِ ظامٍ للعلومِ أباحَهُ / من علمِه الوضّاحِ بحراً مترَعا
إن طال بالغَ في المعالي وانتهى / أو قال أعجزَ في الكلامِ وأبدَعا
أما مدائحهُ عليّ فإنّها / فرضٌ إذا كان المديحُ تطوّعا
عادت إليه فلاحقتْه سعادةٌ / باتتْ تُقِضُّ من الحسودِ الأضلُعا
أروقُ كما أروعُ فإنْ تَصِفْني
أروقُ كما أروعُ فإنْ تَصِفْني / فإني رائقُ الصفحاتِ رائعْ
تدافع بي خطوبُ الدهرِ حتى / نقلتُ الى بلالٍ عن مُدافِعْ
أنا في الكريهةِ كالشهابِ الساطعِ
أنا في الكريهةِ كالشهابِ الساطعِ / من صفحةٍ تبدو وحدٍّ قاطعِ
فكأنّما استمليتُ تلكَ وهذه / من وصفِ كفِّ بلالِ بنِ مُدافعِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025