المجموع : 12
لا الصبر ينفعه ولا الجزع
لا الصبر ينفعه ولا الجزع / قلب يكاد شجاه يطلع
يا ليل هذا ساهر قلق / يرعى النجوم وقومه هجعوا
هل فيك ذو شجن يشاركني / أشكو له ما بي فيستمع
سرت الهموم فقمت أدفعها / وإذا هموم ليس تندفع
من بات تدمع عنيه أسفاً / فأنا فؤادي بات يدمع
أشفقت من دهري على أملي / واليوم أنظر كيف ينقطع
ويلي عليه وهو يخدعني / أدري حقيقته وأنخدع
يا شرق لج بك العداة هوى / يا شرق أغراهم بك الطمع
وبنوك قد طبعوا على خلق / وعلى سواه الناس قد طبعوا
عاشوا يؤلف بينهم وطن / فتفرقوا فيه وهم شيع
يتفرقون على مذاهبهم / وعلى الأخاء الناس تجتمع
جهلوا فأخضعهم تعصبهم / والله لو علموا لما خضعوا
أنذرتهم يوماً صوادعه / لو مست الأفلاك تنصدع
وأريتهم زمناً ألم بهم / يبري السهام لهم وينتزع
هنأتهم بالأمس إذ نهضوا / واليوم أرثيهم وقد وقعوا
أهديتهم ردي فما قبلوا / أخلصتهم نصحي فما اتبعوا
والشيء يرخص حين تبذله / والشيء يغلو حين يمتنع
ماذا على الأقدار لو نزعت / عن حربها فعداتها نزعوا
واسترجعت عهد الصفاء لهم / وإذا غشاء فذاك يرتجع
قد أجهدتهم وهي عارمة / وأظنها يوماً سترتدع
أبني بلادي قد مضت أمم / هذا طريقهم الذي اشترعوا
أنا حللنا في منازلهم / وقد انتجعنا حيثما انتجعوا
وإذا بطرنا مثلما بطروا / فلسوف نصرع مثلما صرعوا
إن تصبروا فلطالما صبروا / أو تجزعوا فلشد ما جزعوا
لم تعدنا حال لهم عرضت / فحياتهم وحياتنا شرع
أبداً نعيش على مغالبة / الدهر يخفضنا ونرتفع
ونراه يبتدع الخطوب لنا / حتى تفانت عنده البدع
لم ننتفع بتجارب سلفت / وإحال لسنا بعد ننتفع
أشياخنا يمشي بهم كلف / وشبابنا يجري بهم ولع
يتحاربون على فؤادهم / والحرب تأخذ ضعف ما تدع
ماذا لهم لله درهمو / الناس قد عفوا وهم جشعوا
إن القصور بهن مقتعد / مثل القبور بهن مضطجع
أبني المسيح وأحمد انتبهوا / ودعوا رجالاً منكم هجعوا
جاؤا الورى والأمر ملتئم / ثم انثنوا والأمر منصدع
لم يرض أحمد والمسيح بما / صنعوا فلا ترضوا بما صنعوا
أرواحكم من بعضها قطع / وجسومكم من بعضها بضع
لا تحسبن خلافكم ورعا / إن ائتلافكم هو الورع
الملك تعليه مدارسه / تلك المساجد فيه والبيع
ويحب تموز لعاشره / لا تذكر الآحاد والجمع
لمن الطلول كأن عرصتها / للموت منحرث ومزدرع
آياتها ورسومها درست / وخلابها مشتى ومرتبع
سكانها عن محلها نزعوا / ولطالما في خصبها رتعوا
أسلافهم في غابها أمنوا / وبنوهم في سوحها فزعوا
شمخ الزمان بهم وقد شمخوا / واليوم يخشع إذ هم خشعوا
قد زال عنها الصفو أجمعه / وانتاب فيها الأزلم الجذع
كم عاش في آجامها بطل / كالليث لا وان ولا ظلع
ثبت تجرد من مدارعه / يلفي الدجى درعاً فيدرع
يلقى الردى والبيض مصلتة / وأسنة الخطي تشترع
والخيل غضبي في أغتها / والنقع منطبق ومنقشع
تمشي اللواحظ منه في ملك / يسمو الجلال له فيتضع
حتام هذا الجهل مطرد / والى م ذا الجهل متبع
تمضي الجدود بنا فيدركها / من خلفها عجز فترتجع
وكأن ريب الدهر في يده / سيف على الأعناق يلتمع
ما يرتجي الأحرار من زمن / يزداد تيهاً كلما ضرعوا
أوفى على المضمار مرتقباً / يتسابقون به ويقترع
إن بلغوا غاياتهم هنئوا / أو قصروا من دونها فجعوا
هل تحت هذا الأفق من أمم / جرعت كؤوسهم التي جرعوا
أحشاؤهم حرى فما ابتردوا / وكبودهم ظمأى فما انتقعوا
إ نا لأقوام لنا همم / للمجد تدفعنا فنندفع
العمر أهون أن يضيق بنا / والموت للأحرار متسع
وداعاً منك يا وطني وداعاً
وداعاً منك يا وطني وداعاً / أرى من بعده أن لا اجتماعا
زماع عنك ليس لفقد حظ / ولكن حكمة قضت الزماعا
فيا ويح العيون وفيك قرت / إذا ادّمعت لفرقتك ادّماعا
ويا لهفي على ليلات أنس / وايام مضت عني سراعا
سأبكي الأفق ما حيّيتُ أفقاً / وأبكي القاع ما استشرفت قاعا
لحا الله النوا كم راع قبلي / رجالاً ثم وافاني فراعا
نهزتُ له من المغنى ركابا / وجبت على سواهمه البقاعا
تصدع شعبنا بفروق دهراً / الأشعب قد انصدع انصداعا
فيا وطني نداء في رحيل / وإن لمن يناديك استماعا
ستجري في سبيلك سابقات / نسميها مسامحة رقاعا
فتخرس عنك أفواه الأعادي / وتُنطق في محاسنك اليراعا
ويخلد لليالي فيك حبي / وإخلاصي الذي في الناس شاعا
يا وطني حييت من موطن
يا وطني حييت من موطن / تحيتي إليه سكب الدموعْ
أسرّ لي من نيل ما اشتهي / أن يقسم الدهر إليك الرجوعْ
أقسمت لو تفتحت وردة / فيك غدا عندي شذاها يضوع
تطلع أقمارك في أوجها / يا ليت عندي كان ذاك الطلوع
خذ من ضلوعي ما يشاء الهوى / أولا فخذ إن شئت معهُ الضلوع
شوق جوى وجد ضنى حسرةٌ / شجوٌ حنين خفقان ولوع
فيك ربوع أهّلت بالصبا / يا ليت شعري كيف تلك الربوع
نزعت عنك كارهاً فرقة / لكن أراد الله هذا النزوع
يعلو بها الحسن ما يعلو وأتضع
يعلو بها الحسن ما يعلو وأتضع / قد ذل اهل الهوى يا رب ما صنعوا
اسعى لأرضيها والسعي يغضبها / فشرعة الهجر في الحالين لي شرع
حب سأتضي له بالدمع واجبه / هيهات لو كنت عيناً فيه أدمع
يا نازعين ووجدي غير منتزع / بالله عودوا فقد جار الألى نزعوا
لا تستذلوا عزيزاً من بني يكن / آباؤه أخضعوا الدنيا وما خضعوا
لم ينقطع في الهوى عني البكاء لكم / ليس البكاء عن الولهان ينقطع
أظل أنشد للأفلاك مظلمتي / والدهر يرثى لها والله يستمع
إني اخترعت المعاني في محاسنكم / كذاك أهل الهوى من قبلي اخترعوا
فلا سكت على عجز كمن سكتوا / ولا سجعت بمطروق كمن سجعوا
وهذه من بقايا الفكر واحدة / أظل أتبعها نوحي فيتبع
ما زلت أتبع قلبي في رضائكم / حتى استحال وقد أودى به الطمع
كذاك يصدع قلباً يأيه أسفاً / إن القلوب بطول اليأس تنصدع
نظرات كأنها تتحرى
نظرات كأنها تتحرى / منفذاً للفؤاد بين الضلوع
نافذات إليه مثل رصاص ال / حرب لاقى مستحدثات الدروع
قد تأبت على مواضع فيه / ثم قرت في مستقر الخشوع
فهو دام ولا يمج نجيعاً / وكسير وما به من صدوع
كلما نزعها عاد كفي / بقليل من بعضه منزوع
هل يعقل الدهر وهل يسمع
هل يعقل الدهر وهل يسمع / فما الذي يشكو له الموجع
تجري صروف لا على نية / نخالها تبطئ إذ تسرع
وكلنا شاك وباك على / تكاد لا تمسكها الأضلع
وصاحب النعمة لاه بها / وحامل النقمة لا يهجع
رحماك يا خالق هذا الورى / إرث لبلواه إذا يضرع
صعب علينا بعض ما قد جرى / أما إذا شئت فما نصنع
أطلت تدللاً واطلت صبراً
أطلت تدللاً واطلت صبراً / كلانا باذل ما يستطيع
لقد أودعت قلبك ما بقلبي / فضاع وكنت أحسب لا يضيع
رددت تضرعي ورددت دمعي / فليس يجاب عندك لي شفيع
فيا ويلاه من قلب عصي / يذوب بحبه قلب مطيع
ويا لهفي على أمل مباح / يدافع دونه بأس منيع
ويا حزني على هذي الأغاني / أرددها وليس لها سميع
اسيدتي الرفيعة إن روحي / يقربها إليك هوى رفيع
وأيام الصفاء وإن توانت / يطارد ركبها نأي سريع
أذا ذهب الربيع ولم أمتع / بنضرته فلا عاد الربيع
ترحّل جوجو فلا يرجعُ
ترحّل جوجو فلا يرجعُ / وعزّ العزاء فما نصنعُ
سأبكلي عليه إلى أن تجفّ / بعيني من سكبها الأدمع
إذا جزع الناس من حادثٍ / فمن فقده كلنا نجزعُ
فياشعر جوجو فداك الحرير / ويا نابه دونك المبضعُ
ويا عينه ما حكاك الشهاب / ويا صوته مثلك المدفع
عليك سلام فقبلك أودى / صديقي بوبي الذي ضيّعوا
ركب الفراق متى يكون المرجع
ركب الفراق متى يكون المرجع / هذا الوداع فمن يطيق يودع
صبّان قد بلغ الهوى بهما المدى / لا الردع عاقهما ولا من يردع
وقفا بموقف جازع لو شامه / صرف الزمان لكان منه يجزع
يتعللان سويعة يدوي بها / صوت العناصر والطبيعة تسمع
لما تباسطت الفدافد في السرى / للذراعين وسار ركب يذرع
نزعوا بقلب قد تشبث بالأسى / وجفا السلو فليتهم لم ينزعوا
ما زلت أنقع غلتي من بعدهم / بصبا الحمى واذا بها لا تنفع
ما هذه العير التي في أثرهم / سارت أآلت حلفة لاتقلع
هم أودعوا القلب الكريم محبة / كرمت فليس يضيع ما هم أودعوا
هيهات ما راجي الغواية نائل / إرباً ولا داعي الغواية مسمع
عهدي بذاك الروض وهو مكلل / حسنا وذاك الجو وهو مرصع
ما للسواجع في الاراكة مالها / دأب لها يوم التفرق تسجع
قد أدمعت هذي الجفون بنوحها / وجفونها جفت فليست تدمع
والله لولا أن يؤاخذني العلا / ويقول قوم بالجآذر مولع
لرميت ثغرة بينها ببوادر / وربعت حيث لها يطيب المربع
اليوم يقطع كل حبل بيننا / بيد الفراق وعزماً قد يقطع
إلفان ألف يسجع
إلفان ألف يسجع / طرباً وألف يسمع
قلباهما متوافقا / ن فذا بذلك مولع
هو مثلها في حاله / فكلاهما متوجع
نادوا بألسنة الرثاء فأسمعوا
نادوا بألسنة الرثاء فأسمعوا / جهد الحزين تذكر وتوجع
يا ساهراً والليل يعثر بالكرى / عجباً هجعت وما عهدتك تهجع
بين المحابر والدفاتر مجلس / هو للمعارف والمعالي موضع
خسف الهلال به عشية تمه / من بعد ما قد كان منه يطلع
هو ضجعة ما أعقبتها نهضة / فقضى الضجيع كما أقض المضجع
لو أمهلتك لكي تودع معشراً / سبقت قلوبهم إليك تودع
إستودعوك مثابة مأمونة / لم يحسبوا فيها النفيس يضيع
وتطلبوك غداً فقابل جمعهم / هول الردى والمنزل المتخشع
ثم انثنوا واليأس ملء قلوبهم / هيهات من يمضي مضيك يرجع
زيدان فضلك ليس يحجبه الثرى / الفضل من تحت الجنادل يسطع
كالرديم الوهاج ألا إنه / أمضى شعاعاً في العيون وأبدع
ولك المآثر خالدات كلها / ذكراك من اثنائها تتضوع
كنت تضمنت الزمان وشرحه / فيها فصول كالوجود وأوسع
قصص وآداب وجمع معارف / وفعت بلادك للسهى وسترفع
أحييت ذكر السالفين أولي النهى / إن الكريم لمثله يتشيع
ليدم سليل شمائل حرة / يقتص إثرك للعلاء فيتبع
هو سلوة للثاكلين ومطمع / للآملين يدوم ذاك المطمع
إنا نسباً جله الدموع تحسراً / حتى تجف من العيون الأدمع
وتظل في الأكباد منا غلة / بالصبر ننقعها وليست تنقع
والله يا ملعون قد غظتني
والله يا ملعون قد غظتني / فلست أدري ما الذي أصنع
أهجوك إن الهجو لي مأثم / وقدرك الأدنى به يرفع