القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 18
بُورِك في بُرِّنا ومن زَرَعَهْ
بُورِك في بُرِّنا ومن زَرَعَهْ / والحمدُ والشكرُ للذي صَنَعَهْ
وَفَّره خِصْبُ عامِنا فيكا / دُ المرءُ يَحْوِى من قَمْحِه شِبَعَه
كأنما كلُّ حبةٍ منه / في الشكل واللون والجفا وَدَعَه
أَعزُّ الوَرَى من أفاد القُنوعا
أَعزُّ الوَرَى من أفاد القُنوعا / ولو مات للضُّرِّ هَزْلا وجوعا
وما الذلُّ إلا ركوبُ الفتى / مطامعَ تَجْنِى عليه الخضوعا
على بابِ ذي حِجْبةٍ وَعْدُه / غرورٌ على كونه مستطيعا
جلالُ العزِّ في مال القَناعَهْ
جلالُ العزِّ في مال القَناعَهْ / وذلُّ الهُونِ في فقر الطَّماعَهْ
فتلك مع القليل النَّزْر خِصْبٌ / وتلك مع الغِنى أبدا مَحاعه
وذا مالٌ مع الإنفاقِ يزكو / وهذا بالصيانةِ في إضاعه
هل المجدُ إلا دونَ ما أنت رافِعُ
هل المجدُ إلا دونَ ما أنت رافِعُ / أو الحمدُ إلا دونَ ما فيك ذائِعُ
إذا قيل أين الفضل أو كيف شخصه / أشارتْ بلا شكٍ إليك الأصابع
تحكَّمتَ فيما شئتَ حتى كأنما / لسيفِك أرواحُ الملوكِ وَدائع
وصُلْتَ على الأيام حتى جرى بما / أَمرَت به منها مُضِرٌّ ونافع
ولولاك تُغْلِى الشّعرَ لم يَغْلُ قَدْرُه / ولا نَفقتْ في الناس تلك البضائع
ومن عجبٍ أنْ ليس في الناس مُشترٍ / سواك ومَنْ فوقَ البَسيطةِ بائع
لأَنت سماءُ الفخرِ والناسُ تحتَها / نباتٌ له معروفُ كَفِّك زارع
فلا غيثَ إلا من يمينك هامرٌ / ولا نورَ إلا من جبينك ساطع
تَعمَّرتِ الدنيا بشكرِك والْتَهَى / به أهلُها حتى الحمام السَّواجع
فمدحُك ما يجري به كل مَنْطق / وحبُّك ما تُحْنَى عليه لأَ اضالع
سبقتَ بجَدْواك السؤالَ فإن بَدا / فلم يأت إلا وهْو لا شكَّ تابع
ومن عَجبٍ أنْ يلبسَ الحرَّ فاقةٌ / ونَيْلُك في الدنيا كنِيلك واسع
وهيهات أين النيل من كفك التي / أَبَرَّ عليها جودُك المتتابع
لقد أَخجَلتْه العامَ عند وَفائِه / وقد رام تشبيها بها وهْو طالع
فزاد أوانَ النقصِ يُخبِر أنه / بتعليمها فيما أفادته بارع
ولو جاد جَدْواها على الخَلْق لاغْتَدى / لتيارِه فوقَ النجوم مَرافع
ألستَ ابن من لَمّت روؤسُ رماحِه / تَفاريق شَمْل الملك وهْي شَواسِع
وثَبَّته بالرأي والحزم والقنا / وقد عَصَفتْ للمارقين زَعازِع
وشَمر عن ساق العزيمة وحدَه / ولم يبقَ إلا ناكثٌ أو مُخادع
أَذَمَّتْ على أقطار مصر سيوفُه / بضربٍ يقِرُّ المُتَّقِى وهْو وادع
وعَمَّرها بالأمن والناسُ قبله / وأموالُهم فيها قتيلٌ وضائع
وأظهر فيها العدل حتى مشى الظِّبا / على اللَّيث معْ طولِ الطّوى وهْو جائع
وأبقاك فيها بعدَه خيرَ وارثٍ / له في اختراعِ المَكْرُمات بَدائع
حَوَى غاية العَلياءِ بالإرْثِ فانثنى / بأفعاله من فَوْقِها وهْو رافع
يرى فخره عيبا إذا لم يكن بما / تُجدِّدُه عن راحتيْه الصَّنائع
إذا وهب الدنيا لسائِله غَدَا / له سائلا ألا يَعِى ذاك سامع
إذا قيل شاهِشاهُ خاف انتقامَه / سَمِيُّه لولا حلمُه والتواضع
فيا أَفضَل الأَملاكِ إنْ تُدْعَ أَفْضلا / فما قيل إلا بعض ما أنت صانع
لمن يستعد الجيشُ قد ملأ الفَضا / وضاقتْ على الجَوْزاءِ منه المَطالع
وتبنى الأساطيل التي قد تَضايقتْ / بها اللَّجُّ حتى طائر الماءِ جائع
وحتى كأنّ البحر من تلك جامد / وحتى كأن البر من ذاك مائع
وذِكْرُك قبلَ اللَّحْظِ واللفظِ مُهْلِكٌ / فقَتْلُك للأعداءِ بالسيف راتع
وما الموتُ إلا تابعٌ ما أمرتَه / على أنه من حَرِّ سيفك جازع
فإنك سيفُ اللهِ أَيُّ ضَريبةٍ / أشار إليها قَدَّها منك قاطع
ولولاك للإسلام أَضحكتِ العِدَا / كنائَسها مما بكتْه الجَوامع
أَرَحْتَ ملوكَ المسلمين بعَزْمةٍ / يجاهد كلٌّ حولَها وهْو وادِع
فلا ملكٌ إلا وجاءتْك رُسْلُه / يُدَارِي بها عن نفسِه ويُصانع
وما أَمَّلوا إلا الذي أنت أَهلُه / ولا قَصَدوا إلا الذي أنت شائع
سأُضحِك أحبابي بَجدْواك عائِدا / كما خَنَّقتْهم في المسير المَدامع
وهذا مقامي مُنشِدا وعيونُهم / طَوامحُ كي تَحْظَى بما أنا راجع
وقد عَمَّهم جَدْواك قبلُ وإنما / تميل إلى حب الجديد الطَّبائع
لَعَمْرى لقد فُقْتَ الأَنامَ بأَرْبعٍ / وما دونَها من بعد ذلك تابع
فجودُك مثبوث وعدلُك شامل / وحلمك موفور وبأسُكَ رائع
ليَهْنِك شهرُ الصوم وهْو مُبشِّر / بسعدٍ بدتْ منه إليك الطَّلائع
ففضُلك فينا فضُله في شهورِه / فكلٌّ لكلٍّ مُشْبِهٌ ومُضارِع
إذا صمتَ فَرْضا صام شكرا لأنه / رآك وروضُ الفضلِ عندك يانع
فلا زلتَ تَبقَى والزمانُ إذا ابتغَى / مُرادا سعى فيه لجاهِك شافع
وجَدُّك للتوفيق والعِزِّ ناظمٌ / ومُلْكُك للدنيا وللدين جامع
كم رام سَلْوَتَه العَذولُ فما وَعَى
كم رام سَلْوَتَه العَذولُ فما وَعَى / ورجَا إجابَته فلم يَرَ مَطْمَعا
مذ صار ذاك السرُّ في أسماعه / لم يُبْقِ فيه للمَلامِة موضعا
قد كان لي قلبٌ فصَيَّره الهوى / هَدَفا لألحاظِ الظِّبا فتَقطَّعا
مِن كلِّ من جَعل النَّقا كَفَلاله / والغُصن قَدّا والمَلاحة بُرْقُعا
رَياَّن من ماء النعيم فلو دَنا / من جسِمه الصَّخر الأَصمُّ لأَيْنَعا
كالبدر لما أَنْ بَدا كالَّظبْي لم / ا أنْ رَنا كالغُصْن لما أن سعى
حلو الحديث فما يَروقك منظرا / بِجماله إلا وراقك مَسْمَعا
يُبدي التبسمُ منه عند تَنهُّدي / دُرّا لطيفا في العقيقِ مُرصَّعا
تُنْبِيك نَكْهَتُه بأنّ رُضابَه / خمرٌ يَشوب المِسْكَ حين تَضوَّعا
قد كان يَعْذُب لي العذابُ وسِنُّه / عَشْرٌ وكيف وقد تَزايدَ أربعا
حين استتمَّ جمالُه وأضاء في / وَجَناتِه نورُ الشبابِ مشعشعا
ما بال حظى والزمانُ يَحُطُّه / باعا لأَسْفَلَ حين يرقَى إصبعا
أبداً يُقابلني بضِدِّ إرادتي / قَصْدا فلو أهوى المَشيب لأَقْشَعا
لما رأى قلبي بَوفْدَ صُروفِه / رَحْبا أصار لهن فيه مَرْبَعا
من كلِّ كالحةٍ إذا أَنْحَتْ على / رَضْوى بكَلْكَلها وَهَى وتَضَعْضَعا
أفنتْ كنانُته دروعَ تَصبُّرى / ورَمى فلم يتركْ لقوسٍ مَنْزَعا
حالي كممدودِ اسْمِها في هَمِّهِ / يستغرِق الثَّقَلَيْن في وقتٍ معا
نَزِّهْ لِحاظَك في غريب بَدائِعى
نَزِّهْ لِحاظَك في غريب بَدائِعى / وعجيبِ تشبيهي وحكمةِ صانِعِي
فكأنني كَفّا مُحِبٍّ شَبَّكَتْ / يومَ الفراقِ أَصابِعا بأَصابع
أأَحْبابَنا هل لي إلى ما عَهِدتُم
أأَحْبابَنا هل لي إلى ما عَهِدتُم / من العيش فيكم مثلَ ما كنتُ مَطْمَعُ
وأُبصر ذاك الثغر يُشرق نورُه / وتبدو القُصور البيض منه وتلمع
وهلْ لي إلى الرملِ المُنَدَّى نباتُه / فأختالُ في تلك الرياشِ وأَرْتَع
أبا حسنٍ إنْ فَرَّق الدهرُ بينَنا / فمِنْ طبعِه تَفْريقُ ما كان يجمع
ولكنني أَطوِى الضلوع على الأسى / ويغَلْبنى فيضُ الدموع فيَدْفَع
وقد كنتُ لا أَرضى سوى الوصل دائماً / فها أنا أَرْضَى بالخيال وأَقْنَع
أَرَبْعَ شبابي هلْ إليكَ رجوعُ
أَرَبْعَ شبابي هلْ إليكَ رجوعُ / فللهَمِّ في قلبي عليك صدوعُ
إذا هَيَّجتْ نارَ الأسى منك ذُكْرَةٌ / تَلاها زفيرٌ دائم ودموع
وقد كنتُ أبكى البينَ قبلَ وقوعه / فحَسْبُك لما حان منه وقوع
عسَى الريح تُهْدى نفحةً ظاهِرية / بها من شَميمِ الساحلَيْن رُدوع
تُحدِّثني هل رَوَّض القصرُ واعْتَلَى / على حاجِز البابِ القديم ربيع
وهل دَرَّجتْ ماءَ البُحَيرة شَمْأَلٌ / فلاحَتْ عليها للحَباب دُروع
ربوعٌ خَلا منها مكاني وما خَلَتْ / رسومٌ لها من خاطرِي ورُبوع
وبالجانبِ الشرقيِّ بالثَّغْرِ شادِنٌ / له من فؤادي نائب وشَفيع
إذا خَطرتْ في خاطرِي منه سَلْوةٌ / تَعرَّض شوقٌ دونها ووُلوع
يبيتُ خَليّا من غرامي بحُبِّه / وأُمْسِى كأني من هَواهُ لَسيع
كأن دموعي ضَرَّجت وَجَناتِه / إذا فاض منها للبكاء نَجيع
كأن ليالي الهجرِ طولا وظُلمةً / حَكتْهنَّ في الحالين منه فروع
وخَصْرٍ كصبري فوق رِدْفٍ كصَدِّه / فذا ظالعٌ واهٍ وذاك ضَليع
غَرير له ثَغْران مِثْلان واحدٌ / يُرَى فيه والثاني بِفيِه يَصوغ
شَريكانِ في قلبي بوصفٍ تَوافَقا / عليه فهذا مثلُ ذاك بَديع
نَسيما وَبْردا وابيضاضا وطِيبة / فهذاك ممنوع وذاك مَنيع
فياليتَ شِعْري هل لثغرى ونَاظري / إلى رَشْفِ ثَغْريه الغداةَ رجوع
لعل اعترافي باقْتِرافي شافعُ
لعل اعترافي باقْتِرافي شافعُ / وهَيْهات لكنّى بذلك طامِعُ
إذا آيَسَتْني كثرةُ الذَّنبِ رَدَّني / رجائي وعلمي أنّ صدرك واسع
وما الصفحُ مسدودٌ عليَّ سبيلُه / وفضُلك أسبابٌ له وذَرائِع
أُعاتب نفسي في ذنوبٍ جَنيتُها / فيستر وجهي للحياء بَراقع
ولي في سُوايدا قلبِك الرَّحْبِ فَضْلةٌ / من الودِّ تَبْقَى حين تَفْنَى الوَدائع
وثقتُ به حتى حَدانىَ لحظة / من الذنب فيها جَمْرُ عينيك لاذع
لك الحَسناتُ الغُرُّ عندي كأنها / جواهرُ في جِيد الزمان لوامع
على أنَّ لي عذرا إذا ما سَللتُه / فلي منه سيفٌ باتر الحَدِّ قاطِع
وفيَّ غُرام للأعادي وإنني / ذليلٌ على عَتْبِ الأخِلاّء خاضع
أنا المذنِب المستوجب العَتْب فاحتكم / بما شئتَ إني سامعٌ لك طائع
فلا تخشى مني عن ودادك نَبْوةً / فحبك أوْفَى ما حَوَتْه الأضالع
ولو حاد قلبي عنك مِثْقال ذَرّةٍ / لأَبْعَدَه عني من النَّخْرِ دافع
فإنْ لم يكن وصلٌ وقربٌ فأبِق لي / رِضاك فإني بالرضا منك قانع
فحْمدِي لما أوليتَ يا بنَ محمدٍ / مقيمٌ على طول المَدَى متتابِع
أبا الفضلِ أنت الفضلُ ذاتاً فإن تكن / معانيَ شتى فهْي منك طَبائع
إذا لم يُدارِكْني رضاك بلطفه / فإني لنفسي بالندامة باخِع
وإني لأَبكى سالفاتٍ تَصرَّمتْ / لنا مثلَ ما تبكي الحمام السَّواجع
أنوحُ كما ناحتْ ولكنْ مدامعي / تَفيض وما تَنْدَى لهن مَدامع
لياليَ قُربٍ والشبابُ بمائه / جديدٌ وذاك الثغرُ للشَّمْل جامع
وعيشي بكم مستقَبلٌ لا يَروعُه / من الشيبِ والبَيْنِ المُشتِّت رائع
وفي عَذَباتِ الرملِ دون هِرَقْلَةٍ / مَسارحُ نسعى بينها ومَراتع
رياضٌ إذا هبّ النسيمُ خِلالَها / سعى وهْو واهِي الخَطْوِ فيهن طالع
وفي الثغرِ بالإسكندرية للصِّبا / مَسالكُ للأَغْراض فيها مَشارع
ديارٌ يكادُ الشيخُ مثلي لِطيبِها / يعودُ له فيها شَبابٌ مُراجِع
ومَنْ لي بأنْ أَحْظَى لديها بزَوْرةٍ / ولكنْ عَدَتْنِي دونَهن الموانِع
ولي أملٌ في عودةٍ أَظنُّها / زَخارِفُ ظنٍّ والظنونُ خَوادع
ولا غَرْ وَقد تُقِصى المقَاديرُ من دَنا / وتُدْنى مع اليأسِ الفتى وهْو شاسع
ومن عاش في الدنيا طويلاً تَكررتْ / عليه مَسَراتٌ لها وفَجائع
لَعَمْرُك ما ساوَى البقاءُ أقلَّ ما / يكابِده فيها الفتى ويُصارع
حَلا فهْو مثلُ الشهدِ في فم زائقٍ / يَلَذُّ وفي اثنائه السمُّ ناقِع
يُسَرُّ امرؤ بالكسبِ وهْو محقِّقٌ / بأن الذي يَحْوِي مع الموتِ ضائع
ويحتال في دَفْعِ المَخوفِ وعمُره / تُمزِّقه ساعاتُه وهْو وادِع
ويأمنُ حَمَلاتِ المنايا وعنده / لآبائه من بَطْشِهنّ مصارع
تَغولُ الملوكَ الصِّيدَ قَسْرا ودونَها / عِتاقُ المَذاكي والرِّماحُ الشَّوارع
حياةُ الوَرَى سجنٌ فِسيّانِ مُطلَق / لديها ومن ضاقتْ عليه الجَوامع
وللنفسِ في تلك القناعةِ راحةٌ / وعز ولكنْ ليس في الناس قانع
ومن كانت الآمال أقواتَ نفسِه / تَطاوَل منها أَكْلُه وهْو جائع
لقد نطقتْ فينا الليالي فأَفْصحتْ / بوعظٍ لوَ أنّ الوعظَ للمرءِ نافع
ولكن إذا ما صَمَّ قلبٌ فقلَّما / تُفيد وإنْ طال الكلامُ المَسامِع
ومن نَكَدِ الأيامِ فرقةُ موطنٍ / نَأَى فنأى عنه الصديقُ المُطاوع
ولا سيما أرض كأرضي وأسرة / كقومي وعيش مثل عيش يافع
ثلاثٌ إذا عَدَّدْتُها لم يكن لها / على صحةِ التقسيم في الفضلِ رابع
سرورٌ ولذاتٌ صَفَتْ من كبائرٍ / نَهتْها النُّهى عن قرْبِنا والشَّرائع
خَلتْ هذه الآثارُ مني وما خلتْ / لها من جَناني في السُّوَيدا مواضع
فيا أهلَ وُدِّى هل لمن بانَ عنكمُ / إلى عودةٍ في مثلِ ما كان شافع
فلي بعدَكم شوقٌ أَثار تأسُّفنا / يُصغِّر عندي كلَّ ما أنا صانع
فما بكثيرٍ قَرْعُ سِنِّى لأجله / ولا بعظيمٍ أنْ تُعَضَّ الأصابع
عليكم سلامٌ تَقْتَفِيه سلامة / له تَبَعٌ أمثالَها وطَلائِع
سلامٌ كأنفاسِ الرِّياضِ تَفتَّحتْ / من النَّوْر في أَبرادِهِن وَشائع
لا تُشْبِهُ الحَمّامُ في وَضْعِها
لا تُشْبِهُ الحَمّامُ في وَضْعِها / إلا حُمَيّا الخمرِ في طَبْعِها
ففيهما منفعةٌ جَزْلةٌ / وإثْمُها أكبرُ من نَفْعها
فتلك هَتْكُ العقلِ في شُرْبِها / وتلك هتكُ الجسمِ في نَزْعِها
فإنّ في إدمانِها للفتى / مَضَرّةٌ يَعْجَز عن دفعِها
فوالِ عن كلتيهما توبةً / ينقطعُ الشيطانُ عن قَطْعِها
وحمّامٍ حَللتُ به لكَيْما
وحمّامٍ حَللتُ به لكَيْما / أفوزَ براحةٍ فيه ونَفْعِ
وكنتُ عَقيبَ هجرٍ من حبيبٍ / أَكَلَّ تَصَبُّري وأصَمَّ سمعي
فقلت لعلَّني أخلو فأبكي / بكاءً جهدَ مقدِرتي ووُسْعي
فلما أن حصلتُ به بَدا لي / مع المقدورِ جَمْعٌ أيُّ جمع
فظَلْتُ مفكرا في ضَعْف قَسْمي / من الحالَيْن في أصلٍ وفرع
وقد عُدِم الوقود وليس ماءٌ / فردّهما له نَفَسي ودَمْعِي
فظلّ الناس في رَغَدٍ وزادوا / فعادوا يسألون وَشيك رَجْعي
عَتبتَ ولكنني لم أعِ
عَتبتَ ولكنني لم أعِ / وأين مَلامُك من مِسْمَعي
وكم قَدْرُ لومِك حتى تُزي / لَ غراما تَمكَّن من أَضْلُعي
وما دام عَتْبُك إلا وأنت / تُفدِّر أن فؤادي معي
فؤاديَ في غيرِ ما أنت فيه / فُخذْ في مَلامِته أودَعِ
مَضى كي يودِّعَ سكانَه / غَداةَ الفراقِ فلم يَرْجع
لَعَمْرُك لو نظرتْ مُقْلتاك / فُتورَ العيون من البُرْقُع
وذاك الحديثَ العُذَيْبَ الذي / جَرَعتُ به الشهد في الأَجْرَع
وكيف يَصيد الغزالُ الهِزَبْرَ / ويَسْطو الضعيفُ على الأَرْوَع
وكيف تُكرِّر خوفَ الرَّقيب / وداعَ الإشارةِ بالإصبع
وأبصرتَ كيف تذوبُ النفوس / وتَنَهلُّ في صورة الأَدْمُع
لأَنْباك قلبُك أنّ المَلام / إذا استحكمَ الحبُّ لم ينفع
وألهاك عَذْلىَ عن أن تفوزَ / بنفسِك من ذلك المَصْرع
هو الحب إنْ كنت في أَسْرِه / فذِلَّ لأحكامِهِ واخْضَع
عَجِبتُ لطَيْفِ الكَرى إنني / قَنَعتُ به ثم لم يقنع
وما طَلبي منه إلا الحديث / اقول له هاتِ أو فاسْمَع
سرائرُ مكنونها لا يزال / إذا خَدَع السِّرُ لم تَخدعِ
وإني لعَاذِرُه في الجَفا / فكيف يزور ولم أَهجَع
أذُمُّ البوارحَ من بعدهم / وأدعو على الناعب الأَبْقَع
وما هي إلا سِراعُ المَطِيِّ / تَقيس المَهامه بالأَذرع
خفافٌ من الحمل لكنها / ثِقالٌ على الكلِف المُوجَع
وجُرْدٌ لها فِعْلُ فرسانِها / فإنْ سمعتْ صارخا تَمْزَع
عسى ما قَسا من زمانٍ يَلين / وهل أَرْتَعِى العيش من مَرْبَعِ
فأَلقَى لدى عَذَباتِ العُذَيبِ / سبيلا أو الأَرْبُع الأربَع
لرامةَ والرملِ من عالجٍ / وزمزمَ والسفِح من لَعْلَع
مَعاهدَ عهد الهوى بينهن / لدى مستقَرٍّ ومستودَع
وأيامُنا كهِباتِ الحُسي / ن في الطِّيبِ والحُسْن والمَوْقِع
سمعتُك والقلبُ لم يسمعِ / فكم ذا تقول ولم أسمع
تقول أما عنده إنني / بغير فؤادٍ ولا أَضُلع
أمَا مع هذا الفتى قلبُه / فقلتُ نعم يا فتى ما معي
وزاد السؤالُ وكان المِطال / فقلت أجيبيه يا أدمعي
أوجهُك أم قِبْلة فالغصو
أوجهُك أم قِبْلة فالغصو / نُ من ساجداتٍ ومن رُكَّع
كأنك آدمُ في جنة / وكم لك من ساجدٍ طَيِّع
ولما عَصتْ في السجود الغصونُ / فللنارِ عاقبةُ المرجع
ومن أصبحت نارُ وجدي به / تُؤَجِّجها في الحشا أدمعي
انظرْ إليّ ففيّ كلُّ غريبةٍ
انظرْ إليّ ففيّ كلُّ غريبةٍ / وعجيبةٍ نُتِجت عن الصُّنّاع
فلئنْ عجبتَ من اجتماع فضائلي / لما جمعتُ الحسنَ بالإجماع
فلقد بنت في الفخرِ همة مالكي / فخرا بطيبِ مآثرٍ ومساعِ
القائدُ ابنِ أبي شجاعٍ مَن جَلا / ه الفضلُ للأبصارِ والأسماع
غَرْس الأجلِّ الأفضلِ الملك الذي أس / تَرْعاهُ خِدْمَتَه ونِعْمَ الراعي
يا بدرَ تِمٍّ بالجمالِ تَبَرْقَعا
يا بدرَ تِمٍّ بالجمالِ تَبَرْقَعا / وقضيبَ بانٍ ماسَ لما أنْ سَعَى
مالي دعوتُك للوصالِ فلم تُجِبْ / ودعوتَني لهواك لَبَّيْتُ الدُّعا
أتُراك حُلْتَ عن المودةِ أم تُرَى / داعٍ علينا بالقَطيعِة قد دَعا
يا مُسقْنِي غُصَصَ الغرامِ بصَدِّه / لما تأهب للمسير وَودَّعا
ورميتني بسهامِ لحظِك قاصِدا / لو كان قلبي عارفاً لتَدرَّعا
لكنه غِرٌّ فَغرَّ به الهوى / والقلبُ مُغْرًى بالصَّبابة مولعا
ولقد أتيتُك سائلاً في حاجةٍ / حاشاك يا مولاي أنْ تَتَمنَّعا
وكتبتُ سائر حاجتي يا سيدي / وَقِّع فَديتُك واستمدَّ وَوقِّعا
وسَخا بما قد كان يُبْخِلُني به / كرما وجاد بنفسه وتبرعا
ومليحةِ النَّغَماتِ تحسب عودَها / طِفْلا وتحسبُها عليه مُرْضِعا
أبداً تَراهُ مُقمَّطا في حِجْرها / حاز المعالي قبل أنْ يَتَرَعْرعا
ولربما ضَربْته ضرباً موجِعا / فسمعتَه من ضربها مُتوجِّعا
غَنَّتْ فأغنتْ والغناءُ غناؤها / ثم انثنتْ كيما تقولَ فتُسْمِعا
فإذا تَغنَّى قلتُ ما قد قاله / في وصفِ مثلِك شاعرٌ قد نَوَّعا
نَشَرتْ ثلاثَ ذوائبٍ من شعرِها / في ليلةٍ فأَرتْ لياليَ أربعا
واستقبلتْ قمرَ السماءِ بوجهها / فأرتنَي القَمرين في وقتٍ معا
وقالوا يعود الماءُ للنهر بعد ما
وقالوا يعود الماءُ للنهر بعد ما / خَلتْ منه آبارٌ وجَفَّتْ مَشْارعُهْ
فقلنا إلى أنْ يرجعَ الماء عائداً / ويُنبتَ شَطّاهُ تموتُ ضفادعه
جاءنا بعد أَكِلنا فُقّاعْ
جاءنا بعد أَكِلنا فُقّاعْ / قد أجادتْ إحكامَه الصُّناع
فكأن الكيزان سودُ السّي / سانِ لكنْ جلودها أقماع
انظر لقرن الشمس بازغة
انظر لقرن الشمس بازغة / في الشرق تبدو ثم ترتفع
كسبيكة الزّجّاج ذائبة / حمراء ينفخها فتتسع

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025