المجموع : 16
قالت وقد نالها للبين أوجعُه
قالت وقد نالها للبين أوجعُه / والبين صعْب على الأحباب موقِعُه
اِجعلْ يديك على قلبي فقد ضَعُفَتْ / قُوَاه عن حَملِ ما فيه وأضلُعه
واعطِف عليّ المطايا ساعةً فعسى / مَنْ شتَّ شملَ الهوى بالوصلِ يجمعه
كأنني يوم ولَّت حسرةً واسىً / غريقُ بَحْرٍ يَرَى الشاطي ويُمْنَعُه
أُحِبُّ عدوّي فيك والكاشح الذي
أُحِبُّ عدوّي فيك والكاشح الذي / يَنُمُّ علينا والرقيبَ الذي يسعى
لأنهمُ من أجلِ حبِّك أصبحوا / معارفَ لي لا أستطيع لهم دفعا
ولولاك ما خادعت قلبي ومهجتي / وصيَّرتُ ضرّي فيك عند الورى نَفْعا
ولو لم أكن أُرْضيك إلا بناظري / لأعطيتك العينين والقلب والسمعا
وما غاب عن قلبي الرشادُ وطُرْقُه / ولكنْ حُسَامُ الحبِّ يَقْرَعُه قرعا
والله ما قلتُ بئس ما صنعا
والله ما قلتُ بئس ما صنعا / ولا قطعت الهوى ولو قطعا
وكيف يسطيع قلعَ مُقْلِته / مَنْ أوجعته لِيُذْهِب الوجعا
يا قمراً لم يجُدْ لِعاشِقه / ببعضِ ما يشتهِيهِ مذ طلعا
هاك حديثي فما انتفعت به / من حين فارقتَني ولا انتفعا
أحدّث النفس عنك خاليةً / بالوصل كيما أسّرها خدعا
وأُكثر السعي في البقاع إذا / هِمْتُ لعلِّي أراك مطَّلعا
وربما قد نقشت شِبْهك في / كفّي وقبلت وجهه طمعا
إذا رمتُ أن أثني بما أنت أهله
إذا رمتُ أن أثني بما أنت أهله / من المدح أعيتني خصائلُ أربع
نوالٌ إذا قلَّ النوالُ أفضتَه / ورأى كحدِّ السيفِ بل هو أقطع
وحِلم إذا قلَّت حلُوم ذوِي النُهَى / وطاشت حِجا الأقوام لا يتضعضع
وإِشراق أخلاقٍ صَفتْ في عذوبة / ورقَّت كما رقًَّ الشّراب المشعشع
وفي خصلةٍ من هذه يَغْرَقُ الحِجا / وتغدو القوافي وهي حَسْرَى وظلَّع
وحسبك أن الناس جادوا تصنّعا / وجُودُك طبعٌ ليس فيه تصنّع
وأنك للعلياءِ والمجدِ جامعٌ / وغيرك للورّاث واللؤمِ يجمع
وأنك تَدْنُو كُلَّ يومٍ تواضُعاً / وأنت من الجَوْزَاءِ أعلى وأرفعُ
أهنّيك بالعيدِ الذي أنت عِيدُه / ونورُ سنا إِقبالِهِ حين يَسْطع
إذا ما تأمَّلت الزمانَ وجدته / بكفّيك يُعْطِي من يشاء ويمنع
ولو لم تكن فيه لما لاح بدرُه / ولا أَشرقت شمسُ الضحى حين تطلع
فدونكها من مادحٍ لك ما جدٍ / بذِلّ له شُوس القوافِي وتخضع
له فِطنةٌ لم تَذْبُ يوماً سِهامُها / عن الغرضِ الأقصى ولا تتمنَّع
على انه أمسى وأبياتُ شِعرِه / جُمَانٌ على بُرْدَي علاك مرصَّعُ
ثناء كأن المسك من طِيبِ نَشْرِه / إذا رُدِّدتْ ألفاظُه يَتضوَّع
لو رمتُ قطع ودادي فيك ما انقطعا
لو رمتُ قطع ودادي فيك ما انقطعا / ولو رجعتُ فؤادِي عنك ما رجعا
إذا ذكرتك في سِرّ وفي عَلَنٍ / وجدتُ حبّك في قلبي قد انطبعا
هذا ولِي بعده حِفظٌ أُدِلّ به / ونسبةٌ تترك التفريقَ مجتمِعا
ما لي إذا شئتُ لم أُعطَ المرادَ وإِن / تطلبتُ منك قَبولاً عزّ وامتنعا
وإن شفعتُ لقِيتُ المنعَ منك وإن / أتاك غيري شفيعاً نال ما شَفَعا
والله ما ليَ ذنبٌ أَستحِقّ به / ذا المنعَ منك ولا ذا الردَّ والشَنَعا
ولو تذكّرتُ ذنباً لانثنيت به / حتى أقطِّع قلبي تحته قِطعا
يا أكرمَ الخلقِ أخلاقاً ومَحْمِيَةً / وأشرفَ الناسِ أفعالاً ومصطَنعا
لا تسمعِ البغيَ من واشٍ يُزَيِّنُه / فالبغيُ ليس بمحمودٍ إذا سُمِعا
إِني وأنت كما قُدَّ الشِرَاكُ فلا / تقبل من الحاسدِين الزُورَ والخدَعا
عهدُ المحبِّ المخلِص المتطوِّع
عهدُ المحبِّ المخلِص المتطوِّع / متجمِّع أبدا وإن لم يجمعِ
يُرجى الوفاءُ من المَلُول وإن نأَى / والحفظُ لا يرجى من المتصنّع
مالي عدِمتُ مكاتباتِك بُرْهَةً / لملالة ذا أم لخوف موجِعِ
إن كنتَ من تضييع سرِّك عندنا / تخشى فكيف تُضيع غيرَ مضيِّعِ
مكنونُ سرِّك في فؤادي ثابتٌ / بين الجوانِح والحشى والأضلُعِ
إني جعلت عليك أعدل شاهدٍ / يرعاك حسن ودادِك المتسرع
فاربَعْ مع الكرماءِ تحت وفائهم / حتى تقولَ لك العلا لا تربعِ
واصبِر لرَيْب الدهر صبر مجرّب / وادفع رزاياه بأحسنِ مَدْفعِ
فلعلّه يوماً يعود بعَطْفِهِ / يُحيي حُشاشات العطاشِ الجُوَّعِ
إن كنت تعلم أنني أهلٌ لما / تُسْدِي إليَّ من الوفاء فمَنْ معي
فَوَحقّ مَنْ أنا نجله مِن هاشم / قَسَماً يتمّ من الحسابِ لأربعِ
لأُمكِّنَنَّ البِيضَ من هامِ العِدَا / ولأقطعن أنامِلاً لم تقطعِ
ولأنزعن من التراقي غُصَّة / لم تنتزع بالبِيض إذْ لم تبلعِ
أبا عبد الإله ووجه ودِّي
أبا عبد الإله ووجه ودِّي / مزالٌ عن أسرَّته القِناع
علامَ أنت فيما صحَّ عندي / صديق ما لخُلَّته انصِداعُ
تأخَّرتِ الرسائلُ منك عنّي / وأبَطتْ عن تعهّدِيَ الرِقاعُ
أسهواً يا بنَ إبراهيم عنّي / فأسهو أم أعاتب أم أُراع
ومثلُكَ لا يبيع أخاً ببخسٍ / على حال ومثلي لا يباعُ
ولسنا نلتقي لُقْيَا اجتماع / فيُغنِينا عن الكتُبِ اجتماع
ولكنْ تُعرِب الأقلام عنّا / إذا افترقت بشَخْصَيْنا البِقاع
وأكثرُ حظِّنا في البعدِ أنّا / أمِنّا أن يروِّعنا الوَدَاع
بأيَّة حُجَّةٍ تحتجّ عندي / وليس لواضح الحقّ اندفاع
وأنت من الملال على انتهاء / شهدن به عليك لِيَ الطِباع
أبا عبد الإلهِ ووفدُ ودِّي / لديك ثَوى وليس له زَمَاع
فهاك حديثَ ما عندي بنصّ / إليك وليس كالخبر السماع
سأذكر إن نسيتَ قديمَ عهدي / وأُسهِل إن ألمَّ بك امتناع
وأَرْخُصُ إن غَلوتَ وكلُّ عِلْقٍ / إذا ما ضاع تاجره مضاع
لأني ليس في طبعي انقِلابٌ / يُذَمُّ وليس في ودّي خِداع
فدونَكها تَزيدُ الودّ صَفْوا / ويعلو بالوفاءِ لها شعاع
مزجتُ بها مزاجاً فيه ذِكرَى / بمن نَسِيَ المودّةَ وانتفاع
عدلتُ عن المقال إلى السماع
عدلتُ عن المقال إلى السماع / يضيق عن الجواب مَدَى ذِراعي
أمِيري ظلت في نِعَمٍ جِسامٍ / رِتاع أو شبيهاتِ الرِتاع
أعهدِي كالسراب لدى الموامِي / وقَطْرُ مودَّتي حِلْف انقشاع
إذَا أبتِ الليالِي أن تُريني / عدوّي نهب عادية الضباع
ولم أقل السباع لضنّ نفسي / عليه بالجريء من السباع
عتبتَ عليّ يا ترْبَ المعالي / لتأخِيري موالاةَ الرِقاعِ
وعادتُك التي سلفت إِلينا / ستُنسُبني إلى حُسْن الطِباع
ألست المبتدِي بالشعر عفواً / وأسْلك بعدُ في النَهْج الوَسَاع
لكُم فضلُ التقدّم فيه قبلي / ولي من بعدكم فضلُ اتّباع
وأين البحرُ حين يفيض فضلاً / عليَّ من الجداول والتِراع
أقول لِنفس من يَهْوَى ودادي / قَرِى وتيقَّني أن لن تراعي
يودِّع يَذْبُلٌ وحِراً ورَضْوَى / وعهدي لا يميل إلى الوداع
فكيف لسيِّد جلَّت لدينا / له نعمٌ كأمثال القلاع
عُلُوٌّ تحسِر الأبصارُ عنه / ونورٌ مثل تنوير الشعاع
وحقِّك لا رأت عيناك منّي / رهيناً بين أثواب الخداع
مغطَّى الرأس من كذب ومَيْن / بأَصْفقِ ما يكون من القِناع
يميل مع الرياحِ إذا تبارت / كما مال الضعيف من اليراعِ
ألا يا نسيم الريح عرِّج مسلِّماً
ألا يا نسيم الريح عرِّج مسلِّماً / على ذلك الشخص البعيد الموَدِّعِ
وهُبَّ على من شفَّ جِسمِي بِعادُه / سَمُوماً بما استمليتَ مِن نارِ أضلعِي
فإن قال ما هذا الحرَورُ فقل له / تنفُّسُ مشتاقٍ لوجهِك موجَعِ
بعثت إليك بنيلوفرٍ
بعثت إليك بنيلوفرٍ / يفوق مدى صفة البارع
بأحمرَ قانٍ وذي زُرقةٍ / واصفَر في لونه فاقعِ
تأنَّقتِ الأرضُ في نَبْتهِ / تأنُّقَ مقتدِرٍ صانع
فجاء كبردِ ثُغُور المَهَا / وفاح كعنبرها الرادعِ
وطاب كطِيبك يوم النّدى / ولفظِك في أذُن السامعِ
أأعذِر قلبي وهْوَ لي غير عاذِرٍ
أأعذِر قلبي وهْوَ لي غير عاذِرٍ / أم أعصِي غرامي وهو ما بين أضلعي
ومن لِي بصبرٍ أَستزيلُ به الجوى / وما جَلَدِي طوعِي ولا كبِدِي معِي
نَأَوْا والأسى عنَّي بهم غير مُنْتَأٍ / وودّعتهم والحبُّ غير مودّعِي
فأوّل شوقي كانَ آخِرَ سَلْوتي / وآخِرُ صَبْري كانَ أَولَ أَدْمُعِي
الراح أجمعُ للسرورِ وأنفعُ
الراح أجمعُ للسرورِ وأنفعُ / في مثلِ ذا اليومِ الذي يتلمَّع
صحوٌ وغَيم في سماءٍ أصبحت / وكأنّها بهما غراب أبقع
يوم كأنّ الريح في أرجائِهِ / لُحُفٌ مشقَّة تمرّ وترجِع
فاطرَبْ فذا وجهُ الرِّياضِ مرصَّعٌ / واشرب فذا ثوبُ السماءِ مجزّعِ
إذا خالفتْ إِبانَها كلُّ طُرْفةٍ
إذا خالفتْ إِبانَها كلُّ طُرْفةٍ / غدا حسَنا في كلّ نفسٍ وقوعُها
بعثت بخَوخ جاء في غيرِ وقتِهِ / وأعذبُ لذَّاتِ الأنام منيعها
وإن كنتُ لا أُهدِيه إلا لمن له / طرائِفُ أبكارِ العلا وبدِيعها
إذا جَمَدَتْ عَيْنُ السنين وأجدبت / فأنت أميرَ المؤمِنين ربيعها
الشوقُ يَستسقِي العيون الأدمعا
الشوقُ يَستسقِي العيون الأدمعا / والعَدْلُ يسقي القلب سمّا مُنقعا
فعرِفْن منْ لمتنَّ في عَبَراتِهِ / وارجِعن عن غايات شوقي ظُلَّعا
أمُريدَ سمعِي لومَه منَع الهوى / من كان مِثلي مُدْنَفا أن يسمعا
أأردتَ من قلِقِ الحشى أن يرعوِي / ومنَ المتيّم قلبُه أن يُقلِعا
والله لا عصتِ الجوى أحشاؤُه / أبدا ولا أضْحى لِلومِك طيِّعا
حتى تُفرِّجَ كربَ نفسٍ صبَّةٍ / في صدره وتُريحَ قلباً موجَعا
وإذا فشا سقم المحِبِّ ودمعه / مَنَعَا منِيع السرّ أن يتمنّعا
للهِ أيُّ دمٍ أرِيق وموقف / للبين ضَمَّ مودِّعا ومودَّعا
وَقفا على جمرِ الأسى يَصِفانه / مُتَعانِقَيْنِ كأنما خُلِقا معا
خَرِسا خلا دمعا يجول وأنفساً / مقبوضة وتنفُّساً متقطّعا
أَسْفَرْن عن مثلِ البدورِ طوالعاً / وضحِكن عن مثل البوارِقِ لمَّعا
وكشفن عن جَعْدٍ كأنّ فروعه / أمست مغِيبا للدّجى أو مطلعا
وَبَللْن كافورَ الخدودِ من البكا / فَبَدا بياقوتِ الدموعِ مرصَّعا
بانوا فبان لِبَيْنِهمْ طِيبُ الكَرى / وتقطّعوا فغدا الحشى متقطعا
أتبعتُهمْ من أدمعي ما لو غدا / مَطَراً لروَّى عِيسَهم والبلقعا
وَتَنفُّساً لو لم أُبرّدْ حَرَّهُ / بمدامِعي ودَمِي لقضَّ الأضلُعا
أصباً وقد ودّعتُ خُلاّنَ الصِّبا / ونهيت قرح جوانحي أن يَبجعا
لأخالِفنّ على الهوى من عَقَّنِي / وأذيقه ما قد أذاق وجرّعا
نحن الّذين بهم تَسامَتْ هاشمٌ / حتى حَوَتْ شَرَف المعالِي أَجْمَعا
رهطُ النّبِيّ وآلُه وبنوه مِن / دون البنين ونَبْتُه مُتَرَعْرِعا
والمُصْطَفَيْنَ المرتضين من الورى / والمفضلِين بما حَوَوْه تَسَرُّعا
والمطعِمين إذا الرياح تناوحت / شُعْثَ الأَرامِلِ واليتامَى الجُوّعا
والحازمين العازمين شهامةً / والقائلين الفاعلين تَبَرُّعا
والفاتِقين الرّاتقين سياسةً / والطاعِنين الضاربين تَشَجُّعا
والمصبِحين لكل عافٍ مَلْجَأً / والرائحين لكلّ عانٍ مَفْزَعا
والطالعين على البريّة أَنْجُماً / والكائنين لهم غُيوثاً هُمَّعا
والفاطِمِيّين الذين إذا انْتَمَوْا / حازُوا التُّقَى والْفَضْلَ أَجْمَعَ اَكْتَعا
لا ندَّعي ما ليس يَعْرِفه الورَى / منّا إذا كَذَبَ المُفاخرُ وادّعى
وإذا تصنَّع للعُلا مُتَصَنِّعٌ / لم نأْتِ أفعال الجميلِ تَصَنُّعا
شَرَفٌ بنته لنا البتولُ وبعلُها / وابناهما حتى رسا وتمنّعا
واستودَعوه بعدَهم أبناءَهمْ / فبنوا عليه وشيَّدوا المستودعا
نحن الذين بِنا الكتابُ مُنَزَّلُ / وبنا يُجِيبُ الله دعوةَ من دعَا
ولنا النَّدَى ولنا السَّدَى ولنا الهدى / ولنا الجَدَا ولنا الرَّدى يومَ الوعى
لم نُلْفَ إِلاَّ ماجداً أو راشِداً / أو رافِداً أو صاعِداً أو مِصْقَعا
ولَرُبَّ مُضْطَرٍّ دَعاني صَارِخاً / يرجُو نَدايَ ونُصْرَتي مُتَكَنِّعا
لَبَّيْتُه مُتَسَرِّعاً ومَطَرْته / مُتَدفِّعا ونصرته مُتَطَوّعَا
وطَروقِ ليلٍ فاتَه مُسْتَنبِحا / حتى يَخيل من العُواءِ سَمَعْمعا
أَوْقَدت ناري باليَفاع لعَيْنه / ودعوتُه وَهْناً إليّ فأوضعا
وقريته بِشْري فبات مُمَهّدا / وأَلَمَّ غرثانا فألفِي مُشْبَعا
وكتيبةٍ فرقتها وشدائدٍ / فَرَّجْتُهن ولم أبِتْ مُتَضَجّعا
أقبلتها بِيضَ السيوف عواريا / يوم الكريهة والعوالِي شُرّعا
أَبَني عَليّ إنْ نَكُنْ نُنْمَى إلى / حَسَب أنافَ بنا وَجَدٍّ أَرْوعا
فلقد علمتمْ أَنني أَغْشَى الوغَى / وأَنوب في الجُلَّى قَؤولا مُسْمِعا
ولقد علمتمْ أَنني رُضْتُ العُلا / يَفَعاً وحاولتُ المكارمَ مُرْضعاً
أَرمِي مُعادِيَكم وأَجْبُرُ صَدْعَكُمْ / وأَذُبُّ عن أَعراضِكم مُتَوَرّعا
فَدَعُوا لِيَ الشرفَ الذي شيَّدْتُه / إذ هِضْتُموه فانْكَفَا وتَضَعْضَعا
ضَيَّعتموهُ ولم يكنْ آباؤكُمْ / لِتُضِيعَه فحفِظتُ ما قدْ ضُيِّعا
والمرءُ لا يَحوِي العلا بجُدودِه / إذ لا ينالُ المرءُ إلا ما سعى
فإذا زكتْ أفعالُه وأُصولُه / كانت له قِممُ الكواكب مَرْبَعا
إني لتغزوني الخطوبُ مُغِيرةً / فيكم وبي صدق اللِقَاء سَميْدعا
لا أَستكين من الزمان ضراعةً / كلاّ ولا أَشكو وغاه تَوَجُّعا
وإذا وَعَدتُ وَفَيْت لا مُتَبَرِّماً / وإذا هَمَمْت فعلتُ لا مُتَوقِّعا
لا تُبْطِر السَّراءُ بي خُلُقاً ولا / أَغدو على ضَرّائِها مُتَخَشِّعا
لي في المشارق والمغارب جولةٌ / يَغْدُو بها قلبُ الزمانِ مُصَدَّعا
تَسْتَجْفِلُ الآسادَ عن أَجَماتها / وتُشَيِّبُ الطِّفْلَ الذي ما أَيْفعا
فادْفعْ بحدِّ السّيفِ كلَّ ظُلامةٍ / إن لم تَجِدْ يوماً سِواه مَدْفَعا
واركب رؤوسَ السَّمْهَريّة في العُلا / فالرمحُ ناهٍ للعُلا أَن تشسعا
فبذاك أَوصاني الوصِيّ ورَهْطُه / وعَلَيَّ فَرْضٌ أَنْ أُطيع وأَسمعا
فالفَرْعُ ليس يُخالفُ الأَصلَ الذي / منه ابْتَدا نَبْتاً وعنه تَفَرّعا
عجباً لمُفْتَخِرٍ بعبّاسِيَّة / يُزْجِي القوافي ضلَّةً وتَخَدُّعا
والله لا سَتَروا الضُّحَى بأَكفّهِم / أبدا ولا منعوا السَّنا أن يلمعا
هَوىً زادَ حتّى لم تُطِقْه الأَضالع
هَوىً زادَ حتّى لم تُطِقْه الأَضالع / وشوقٌ مُسَرٌّ في الجوانِح شائِع
إذا لم تَجِد إلا بكاءَكَ حيلةً / فَدَمْعُك منهوبٌ وسِرُّك ضائع
مُسْتَقْبَلٌ بالّذي يَهْوَى وإنْ كَثُرَتْ
مُسْتَقْبَلٌ بالّذي يَهْوَى وإنْ كَثُرَتْ / مِنه الذُّنوبُ ومَقْبُولٌ بما صَنَعا
في وجهِه شافِعٌ يَمْحو إساءَتَه / من القلوب وجِيهٌ أينما شَفَعا
كأَنما الشمسُ من أَثوابه برزَت / حُسْناً أو البدرُ من أَزرارِه طَلَعا