المجموع : 11
مرتْ لياليها ولما ترجعِ
مرتْ لياليها ولما ترجعِ / فالعينُ إن هجعَ السُّها لم تهجعِ
أيامَ تهتفُ بي المهى ويغرنَ إن / ذكروا حنيني للغزال الأتلع
وأرى تحيتهنَّ في جيب الصِّبا / وسلامهنَّ مع البروق اللمَّعِ
زمنٌ به كان الزمانُ يهابني / وحوادثُ الأيامِ ترهبُ موضعي
ينظرن مني قيصراً في قصره / ويخفنَ من همي عزيمةَ تبَّعِ
في حين لا العبرات تكلُم أعيني / حزناً ولا النيرانَ تكوي أضلعي
يجري الهوى طرباً على آثارها / مشيَ الجآذرِ للغدير المترعِ
ظمآن لا ترويه إلا عبرةٌ / أو مهجة هطلت بجنبي مولعِ
حسبوهُ غصناً في الثيابِ وزهرةً / تحت القميصِ ووردةً في البرقعِ
أمسيت من آماله في ليلةٍ / ضلَّ الصباحُ بها طريقَ المطلعِ
تشكو نجوم الليلِ أني رعتُها / ومتى تروعُ أنة المتوجعِ
وكأنها إذ أحدقتْ في جانبي / حسبتْ هلال سمائِها في مضجعي
غرٌ كمحمود السريرةِ إن دعا / زهراً كغرتهِ المضيئةِ إن دعِي
لو أنصفوها لاستبانوا أنها / حباتُ ذياكَ القريضِ المبدعِ
عرفوا بهِ شعرَ الفحولِ وأهلهُ / وسجيةُ المطبوعِ والمتطبعِ
فلو أن عَمْراً أسمعوهُ حماسةً / لحما بهِ الصمصامُ إن لم يقطعِ
أو أنشدوا المجنون بعضَ نسيبهِ / لنسي بهِ ليلى فلمْ يتفجعِ
لم أتلُ يوماً آيةً من آية / إلا حسبتُ الكون يتلوها معي
وأراهُ أحيا للبلاغةِ دولةً / مات ابن بردٍ دونها والأصمعي
وأبيكَ لولا مكرمات بيانهِ / ما كانَ في إحيائها من مطمعِ
لكَ أن تشا وعليَّ أن لا أجزعا
لكَ أن تشا وعليَّ أن لا أجزعا / وليَ الهوى وعليكَ أن تتمنعا
ما الحبُّ إلا أن تكونَ مملكاً / ونذلُ يا ملكَ القلوبِ ونخضعا
زعم الوشاةُ بأني لك صارمٌ / أوما رأيتَ لكل واشٍ مصرعا
ولو أن حبلَ هوايَ كان مقطعاً / ما باتَ قلبي في هواكَ مقطعا
غادرت عيني لو يفرقُ سهدُها / في الناسِ ما باتَ العواذلُ هُجَّعا
وأمنت أن هوى سواك فرعتني / حتى أمنت عليكَ أن تتوجعا
لا تمضِ في هذا الدلالِ فانما / أهوى دلالك أن يكونَ تصنعا
إني ليقتلني الصدودُ فكيفَ بي / وأرى صدودكَ والنوى اجتمعا معا
فسل الدجى عنيَ تنبئكَ الدجى / واسأل عن العينين هذي الأدمعا
وأصخ لشعري إن رحمتَ فلم يزلْ / شعري يحنُّ إليكَ حتى تسمعا
أمسى بحسنكَ مولعاً وخُلقتَ لا / تهوى الذي يمسي بحسنك مولعا
لو لم أزنهُ بمدحِ عبدِ المحسن / المولى لما باهى الدراري لمعا
ملكَ البيانَ ومن غدا في أهلهِ / فذُّ المشارقِ والمغاربِ أجمعا
نثروا على تاجِ الزمانِ قريضهُ / فغدا به تاجُ الزمانِ مرصَّعا
ولو أنَّ للعربِ الكرامِ عقودَهُ / ما عطلوا في البيتِ منها موضعا
يا كوكب الفلكِ الذي آياتهُ / تأبى على كل امرئ أن يطمعا
عدوا أكاسرة القريضِ ثلاثةً / ولقد أراهم أصبحوا بك أربعا
سلْ ذلكَ الغطريفَ ماذا يدعي / لو أدركتهُ مروِّعاتُكَ ما ادعى
أو ما تركتَ السابقينَ إذا جروا / ومشيتَ هوناً دونَ شأوكَ ظُلَّعا
ولقد أطاعتكَ الكواكبُ مثلما / كانت ذكاءُ وقد أطاعتْ يوشعا
وسطا على الشعرِ الزمانُ وغالهُ / فحفظتَ ما غالَ الزمانُ وضيعا
وأريتنا من سحرِ بابلَ أعيناً / تجري علينا البابلي مشعشعا
تركتُ فؤادَ الدهرِ يخفقُ صبوةً / وحنينُ أهلِ الخافقينِ مرجَّعا
فإذا تلوها أصغتِ الدنيا لها / حتى كأن لكل شيءٍ مسمعا
وسجعتَ في مصرٍ وملكُ الشعرِ في / مصرٍ إذا اشتقت العراقَ لتسجعا
ما زلتَ تذكرها الفراتَ ودجلةً / حتى بكى النيلُ السعيدُ وما وعى
فاجعلْ لمدحي من قبولكَ موضعاً / واجعل لشعري في بيانكَ منزعا
إني إذا أرهفتُ حدَّ يراعتي / لم تلقَ في الشعراءِ غيريَ مبدعا
دُموعُ الفجرِ هذي أم دموعي
دُموعُ الفجرِ هذي أم دموعي / ترقرقُ بينَ أجفانِ الربيعِ
مصفقةً كصافيةٍ جلالها / باكؤسِهِ الخليلُ على الخليعِ
وهُنَّ من الأزاهرِ في شفاه / كما تحلو اللمى بعدَ الهجوعِ
وثديُ الروض درَّ على جناهُ / درورَ المرضعاتِ على الرضيعِ
ومدَّ الليلُ أنفاساً عِذاباً / كأنفاسِ المليحةِ للضجيعِ
ولاحَ الصبحُ يسفرُ عن جبينٍ / عليهِ الشمسُ حالية السطوعِ
وقد بكرتْ لتملأ جرتيها / فتاةُ الريفِ كالرشاء المروعِ
فورَّدتِ الطبيعة وجنتيها / ونضَّرَ وجهَها الحسن الطبيعي
تروحُ وتغتدي والزهرُ يرنو / إليها في الذهاب وفي الرجوعِ
وثغرُ النهرِ يبسِمُ عن لُماها / وإن لم تشفِ ريقتهُ ولوعي
وتخبرنا النسائمُ عن شذاها / كما تروي الهواجرُ عن ضلوعي
مكحلةٌ ولا كحلٌ ولكن / سلِ الظبيَّاتِِ عن ذاك الصنيعِ
وقد مدَّت حواجبها شراكاً / وطيرُ الروحِ دانيةُ الوقوعِ
أراها أن تكنفها حسانٌ / كنورِ الكهرباءةِ في الشموعِ
وتحجبُ حينَ تُخفى الشمس لكنْ / تسابق أختها عند الطلوعِ
فيا قلبُ اعصِ كلَّ هوىً سواها / ويا نفسي سواها لا تطيعي
فذاكَ الحسنُ لا ما تشتريهِ / ضرائرها من الحسنِ المبيعِ
وما تحوي المدائنُ غيرَ بدعٍ / وإن حسبوا التبدعَ كالبديعِ
فقد حسِنتْ هناكَ كلُّ أنثى / كأنَّ الحسنَ قُسِّمَ في الجميعِ
يُدَمِّمنَ الخدودَ وأيُّ عينٍ / تُحِبُ الخدَّ يصبغُ بالنجيعِ
وكم شفعن ذاكَ الحسنَ لكنْ / متى احتاجَ الغواني للشفيعِ
وهل تقفُ القلوبُ على قوامٍ / كأنَّ ذيولهُ قِطَعُ القلوعِ
فما لي والمدائنُ ما تراها / مدافنُ ما بهنَّ سوى صريعِ
وهل كان التمدنُ في بنيهِ / سوى ما يفعلونَ من الفظيعِ
وهل أبصرتَ بينَ القومِ طرّاً / سوى رجلٍ مضاعٍ أو مُضيعِ
فهذا باتَ في شبعٍ وريٍّ / وذلكَ مات من ظمإٍ وجوعِ
وأحلى من أولئكَ في عيوني / بأرياف القرى نظرُ القطيعِ
وإنَّ الأمرَ تمضيهِ فتاةٌ / لخيرٌ من فتىً غيرُ جزوعِ
وما شظفُ المعيشةِ في هناءٍ / تقرُّ بهِ سوى العيش المريعِ
فلو مزجوا ببعض الهمِّ ماءً / لصارَ الماءُ كالسمِّ النقيعِ
ولو أن الرواسيَ كنَّ تبراً / لما كان الغنى غيرُ القنوعِ
أرى ذا الليلَ قدْ خفقت حشاهُ / وبيَّضَ عينهُ نزفُ الدموعِ
أكبَ يرى لهُ كبداً تنزى / زجاجتها منوعةُ الصدوعِ
وأبصرَ بعدَ ذلكَ من قريبٍ / جيوشَ الصبحِ تمرحُ في الربوعِ
فخلَّى ما تملَّكَهُ وولَّى / كما فرقَ الجبانُ من الجموعِ
وكنتُ مخبأً في جانبيهِ / فيا شمسسُ اكتميني أو أذيعي
أناديكَ يا قلبُ مذ ودعوا
أناديكَ يا قلبُ مذ ودعوا / فما لي أنادي ولا تسمعُ
أما أنتَ أخضعتني للهوى / وما كنتُ لولا الهوى أخضعُ
أما قد أطعتكَ في حبهِ / وكنتُ لهُ العبدُ بل أطوعُ
ألم ائتمنكَ على أضلعي / وكانتْ مغانيكَ الأضلعُ
أما أنتَ بيتُ حياتي وهلْ / لنفسي من بعدها مطمعُ
وكنتُ أظنكَ لي راجعاً / فما لكَ يا قلبُ لا ترجعُ
أما والذي في يدهِ القلوبُ / فأنى ذكرتُ اسمهُ تدمعُ
ويسرعُ في خاطري ذكرهُ / ودمعيَ من ذكرهِ أسرعُ
وقد غادرتْني النوى بعدهُ / إذا وصفوا لي النوى أجزعُ
نحيل كأنيَ من خصرهِ / ولكنني دونهُ الموجعُ
وقد حسبوني طيفَ الخيالِ / لولا الوسادةُ والمضجعُ
فيا ظبيُ كيفَ أسلتَ الحشا / وكنتَ بوادي الحشااترتعُ
ويا بدرُ كيفَ صعدتَ الفؤاد / وكنتَ بآفاقهِ تطلعُ
أقامَ بموضعِ قلبي الأسى / فلو عادَ لم يسعِ الموضعُ
أنتَ غرستَ الحبَّ في اضلعي
أنتَ غرستَ الحبَّ في اضلعي / فكيفَ لا أسقيهِ من أدمعي
لو شئتَ يا حلوَ اللمى لم تبتْ / غلةَ هذا القلبِ لم تنقعِ
ولم أبتْ ليلةَ جافيتني / من مضجعٍ جافٍ إلى مضجعِ
إذا دعاني السهدُ لبيتهُ / وإن دعوتُ النومَ لم يسمعِ
أسألُ ليليَ ما لهُ لم يغبْ / وما لنجمِ الصبحِ لم يطلعِ
وأحسبُ الطيرَ إذا رجعتْ / حنتْ لمن أهوى فناحتْ معي
ذو هيفٍ يقنعني طيفهُ / وهو بغيرِ الروحِ لم يقنعِ
لم ألقَ ممن نظروا وجههُ / الا فتىً يعشقُ أويدعي
يا هاجراً أسقمني طرفهُ / كلُ دواءٍ فيَّ لم ينجع
كم حرقةٍ قد ضاقَ صدري بها / ولوعةٍ كاتمتها اضلعي
وحسرةٍ في النفسِ ما غادرتْ / قلب الفتى العذريِّ حتى نُعي
أخلفها بعدي لأهلِ الهوى / من موجعِ القلبِ إلى موجعِ
تستنزلُ المالكَ عن عرشهِ / بينَ يدي عرشِ الهوى الأرفعِ
وتبعث الروعة يوم الوغى / إلى فؤاد البطل الأورعِ
فابعث لقلبي منكَ تسليمةً / أبثها في ذلكَ الموضعِ
تسترجع النومَ إلى أعيني / فقد مضى النومُ ولم يرجعِ
كم أمرَ الحبُّ وكم قد نهى / فبتُّ باكي العينِ لم أهجعِ
ومن يكنْ قائُدُهُ حُبُّهُ / يقدهُ بالرغمِ إلى المصرعِ
هم الناس حى يروي الأرض مدمعُ
هم الناس حى يروي الأرض مدمعُ / وتاللهِ يروي آكلٌ ليسَ يشبعُ
ظُماءَةُ جوفٍ أجَّ شوقاً إلى الورى / وبعضَ الظما قد يلتظي حينَ ينقعُ
ومسغبَةٌ لا يبلغُ الخلقُ دفعها / وإن بطنَ الأحياءَ في الأرضِ أجمعُ
فيا بارئ الدنيا حنانيكَ إنما / طغى الناسُ جهلاً بالذي كنتَ تشرعُ
لكلٍّ فؤادٌ غيرَ أن طبيعةً / من الشرِّ بينَ القلبِ والقلبِ تقطعُ
وكلٌّ جرى فيهِ دمٌ غيرَ أنني / أرى الحرص طفلاً من دمِ الناسِ يرضعُ
وبينَ المنى والنفسِ للشرِّ موقفٌ / فإن لم تزعهُ النفسُ أقبلَ يسرعُ
وكل ضعيفَ الرأي منفتلُ الهوى / عن الحزمِ يمنى بالهوانِ فيخضعُ
وتاللهِ إن الذنبَ للمرءِ أهلُهُ / ففي أي شكلٍ تطبعُ الطينَ يطبعُ
وأعجبُ ما في الناسِ أن يتألموا / إذا أوجعتهم نكبةٌٌ ثم يوجعوا
وأن يخدعَ الإنسانُ غيرَ مجاملٍ / ويجزعُ إن أمسى كذلكَ يخدعُ
وفي الناسِ حقٌ ما يزالُ وباطلٌ / ولكنهم للحقِّ بالباطلِ ادعوا
لحى اللهُ دهراً شدَّ بالقوةِ الهوى / فكلُّ قويٍّ شاءَ ما شاءَ يتبعُ
وهبْ أن هذا الظلمَ كانَ سياسةً / فمن قال ان الظلمَ في الظلمِ يشفعُ
لعمركَ لو تبني السياسةُ حجرةً / بغيرِ قلوبِ الناسِ باتتْ تزعزعُ
ولو رفعوها فوقَ غيرِ ضِعافِهم / لما وجدوها آخرَ الدهرِ ترفعُ
إذا لم يكن للضعفِ حولٌ فمن إذاً / بتلكَ القوى غيرُ الضعيفِ يُفجَّعُ
حنانيكَ يا ربُّ الضعافِ فهم كما / تحملُ قيدَ الأرجلِ الضخمِ أصبعُ
وويلاهُ ما هذهِ الحروبُ ومن أرى / فقِدْماً عهدنا الوحشَ في الوحشِ يطمعُ
معايبُ إلا أن كم من فظيعةٍ / لها مصدرٌ إن ينكشفْ لكَ أفظعُ
فويجَ الورى همْ سعرُّوها وبعضهم / لها حطبٌ والبعضُ فيها موقعُ
ونقعٍ دجوجيٍّ ترى السُّحبَ فوقَهُ / لما راعها من برقهِ تتقطعُ
إذا انفرجتْ للريحِ فيهِ طريقةٌ / نجتْ وبها حَمَّى تئزُّ وتسطعُ
وإن طالعتْهُ الشمسُ تذهلُ فلا ترى / أمغربها في النقعِ أم ذاكَ مطلعُ
وقد كشفتْ تلكَ العجوزُ نقابها / وقالتْ لأهليها قفوا ثمَّ ودعوا
وألقى الردى صيحاتهِ دافعاً بها / لذاكَ فمُ الموتِ اسمهُ اليومَ مِدفعُ
على عصبةٍِ لم يظلموا غيرَ أنهم / مفاتيحُ أمَّا قيلَ أغلق موضعُ
تعاطوا كؤوسَ الموتِ في حومةِ الوغى / وذاكَ رنينُ الكأسِ بالكأسِ تقرعُ
وللهِ ما اشهى الردى بعدَ ضيقةٍ / تكونُ طريقاً للتي هي أوسعُ
كأنهم والموتُ حانَ نزولهُ / سجودٌ يخافونَ العذابَ ورُكَّعُ
كأنَّ ثيابَ الموتِ كنَّ بواليا / عليهِ وبالأرواحِ أمستْ تُرَقَّعُ
كأن الردى إذ حجلَ الجندُ حولهُ / وقد عطشوا حوضٌ من الماءِ مترعُ
كأنَّ فمَ الميدانِ أصعدَ زفرةً / من الجيفِ لملقاةِ للهِ تَضْرعُ
زلازلُ ويلٍ ما تني الأرضُ تحتها / تهزهزُ حتى أوشكتْ تتصدَّعُ
إذا نفعتْ ضرتْ وما خيرُ نعمةٍ / تضرُّ الورى أضعافَ ما هي تنفعُ
كذاكَ أرى الدنيا فتاةً شنيعةً / فإن ولدتْ جاءتْ بما هو أشنعُ
كأني بهذي الأرضِ قلباً معلقاً / وما ملكٌ إلا لهُ الحرصُ أضلعُ
كأنْ قدْ غدا الإنسانُ وحشاً فلا أرى / يعززُ إلا المرءِ واديهِ مسبعُ
وإن يأمرِ الملكِ الذي ليسَ تحتهُ / سريرٌ من القتلى يسمعُ
ولن تصبحَ الدنيا سلاماً ورحمةً / على أهلها ما دامَ في الناسِ مطمعُ
أبيتُ وجنبي ليسَ يحويهِ مضجعُ
أبيتُ وجنبي ليسَ يحويهِ مضجعُ / وبعضُ الذي ألقى من النومِ يُمنعُ
تقلبني الأشواقُ وخزاً كأنني / بكفِّ الهوى ثوبٌ رديمٌ يُرقَّعُ
ولي حاجةٌ في السهدِ والسهدُ قاتلي / بدمعي وبعضُ الموتِ في الماءِ ينقعُ
فيا أيها النُّوَّامُ ما لذةُ الكرى / أما لكم مثلي فؤادٌ وأضلعُ
وكيفِ تنامُ العينُ والقلبُ موجعٌ / وأنّى يصحُّ القلبُ والحسُّ يوجعُ
كأنَّ الهوى نورٌ كأنَّ بني الهوى / كواكبٌ إمَّا جنَّها الليلُ تلمعُ
وما انفكَّ نورُ الحبِّ في كلِّ كائنٍ / ولكن لأمرٍ بعضهُ ليسَ يسطعُ
وما كلُّ مصباحٍ بذي كرباءةٍ / ولا كلُّ إنسانٍ يرى الشمسَ يُوشعُ
ويا شدَّ ما ألقى من الحبِّ وحدهُ / فكيفَ وفي طبعِ الحبيبِ التمنعُ
هل الحبُّ إلا ما ترى من فضيحةٍ / وما المسكُ لولا أنهُ يتضوَّعُ
كأنَّ فؤادي شعلةٌ قد تعلقتْ / بجسمي وطبعُ النارِ في العودِ تسرعُ
وما أنا وحدي من يقولونَ عاشقٌ / ولكنني وحدي الذي يتوجَّعُ
وفي كلِّ عينٍ أدمعٌ غيرَ أنني / لعينيَّ من دونِ المساكينِ أدمعُ
أعينيَ ما دمعي عليَّ بهيِّنٍ / فكم ذا وكم ذا تجزعينَ وأجزعُ
كأنكِ في كلِّ القلوبِ فمن بكى / بكيتِ لهُ والحرُّ بالناسِ يُخدَعُ
أحاطتْ بيَ الأرزاءُ من كلِّ جانبٍ / كأنَّ الرزايا تحتَ جنبيَّ مصرعُ
كأنيَ في الآمالِ زورقُ لجَّةٍ / إذا احتملتهُ كانَ للخفضِ يرفعُ
وما كلُّ من تحنو على الطفلِ أمهُ / ولا كلُّ من تدنيهِ من للثديِ مُرضعُ
فهل ترجعِ الدنيا كما قد عهدتُها / وهل ما مضى من سالفِ العمرِ يرجعُ
ولي في الهوى شمسٌ إذا هيَ اشرقتْ / رأيتُ بها سحبَ الأسى كيفَ تُقشعُ
ولكنْ لحظي أنَّ حظيَ ليلها / ومن ذا يخالُ الشمسَ في الليلِ تطلعُ
كلانا بهِ وجدٌ ولكنهُ الهوى / دلالٌ وهجرانٌ ويأس ومطمعُ
فإن أستبنْ ما أصنعُ اليومَ يأتني / غدٌ بالذي لم أستبنْ كيفَ أصنعُ
سنَّ الزمانُ شريعةَ البؤ
سنَّ الزمانُ شريعةَ البؤ / سِ فدانَ الخلقَ اجمعْ
لكنني مع من أحبُّ خر / جتُ عما باتَ يشرعْ
وقضيتُ أياماً رأيتُ الش / ملَ فيها كيفَ يجمعْ
وعرفتُ لذاتِ الوصا / لِ وعرفتُ كيفَ أن الحبُّ يصرعْ
فتنبهَ الدهرُ الخؤو / نُ وغاظهُ ما كنتُ أصنعْ
وقضى علينا ثمَّ شت / تَ ذلكَ الوصلَ وقطَّعْ
وأشدَّ ما يلقى الفتى / إذا كانَ بعدَ العزِّ يخضعْ
آه لو أسطيع أن أخرجها
آه لو أسطيع أن أخرجها / من زماني إنني لا أستطيع
آه لو أسطيع أن أدخلها / في حياتي إنني لا أستطيع
قدرت قدرتها في فلا / أستطيع قدرة لا أستطيع
كل من يكذب في الحب قدر / إن أطاق الحب واللَه غدر
وصحيح الحب حبه هدر / كل ما يسطع أن لا يستطيع
لهفي لأشجار المحب
لهفي لأشجار المحب / بة من فصل ربيعها
جد الهوى في عرسها / ليجد في تقطيعها
كل الفتوق لها الرقاع / ترم من تصديعها
وإذا تمزقت المحبة / حرت في ترقيعها
يا ظلة الموج يطغى البحر منتفضاً
يا ظلة الموج يطغى البحر منتفضاً / بها كأن جبل في البحر يقتلع
تظن زلزلة في الماء قد جلست / أو لا فزوبعة في الماء تضطجع
تقلقلت فاستطارت فانثنت فهوت / فأطبقت فارتمت كالرعب تندفع
على غريق بحبل الماء معتصم / والحبل في لمسات الكف ينقطع
له بقية روح في أصابعه / ينازع الموت فيها وهي تنتزع
بين الحياة وبين الموت مرتكس / يقيئه البحر أطواراً ويبتلع
أذاك أعظم هولاً في فجيعته / أم المحبون في أحبابهم فجعوا
يا لطف نفسي للعشاق تحسبهم / يوم النوى نزعت من قلبهم قطع
الحب قاتلهم بالصبر إن صبروا / والحب قاتلهم بالهم إن جزعوا
إن ودعوا ذاهباً لم تلق حزنهمو / من أنه سار بل من أنهم رجعوا
ربي متى تهب الأحزان مخترعاً / في هذه الأرض للنسيان يخترع