ما بالُ وِتْرِ صلاتِكُم لا يُشْفَعُ
ما بالُ وِتْرِ صلاتِكُم لا يُشْفَعُ / وعلامَ فيكمُ مُفرَدي لا يُجمَعُ
وإلامَ أرجو قُربَكم وشُموسُكم / عن رَدِّهنّ إليّ يعجِزُ يوشَعُ
غِبْتُم وصيّرتُ الحَمائمَ بعدَكُم / إلْفاً ولكنّي أنوحُ وتَسجَعُ
وشقَقْتُ بعدَكمُ الجيوبَ ففصّلَتْ / منهنّ لي حُمرَ الثّنايا الأدمعُ
حتّام أطلبُ سَلسبيلَ وصالِكم / وأُرَدَّ عنهُ وعِلّتي لا تَقنَعُ
إنّي لأعجَبُ من حِفاظِ عُهودِكم / عندي وجِسمي في الرّسومِ مُضيّعُ
هجرَ الضّنى جَسَدي لوَصْلِكُمُ النّوى / إذ للضّنى لم يَبْقَ فيهِ مَوضِعُ
وتشارَكَتْ في قَتْلِ نَومي خمسةٌ / سهَرُ اللّيالي والدّموعُ الأربَعُ
للّهِ من رَشَقاتِ نَبْلِ جُفونِكُم / فلهُنّ وَقْعٌ في القلوبِ وموقِعُ
وبمُهجَتي نارٌ على وَجَناتِكُم / تُوري وماءُ الحُسنِ منها يَنبَعُ
باللّهِ يا لُعْسَ الشِّفاهِ لصَبِّكُم / أدّوا زكاةَ كُنوزِها لا تَمنَعوا
منطَقْتُمُ خَصْري بخاتَمِ خِنصري / حيثُ اِسْتَوى جِسمي بكُم والإصبَعُ
وإفاقةَ المُضنى بكُم ونِطاقُه / بنَفيسِ ياقوتِ الدُموعِ مرصَّعُ
جحدَتْ جُفونُكم دَمي وخُدودُكم / فيهنّ منهُ شُبهةٌ لا تُدفَعُ
وعذَلْتُموني إذ خلَعْتُ بحُبِّكُم / عُذري فعُذري عندَكُم لا يُسمَعُ
لو تَعزِمونَ بواسِعاتِ عُيونِكم / لعلِمتُموني أنّ عُذري أوسَعُ
كم يا سَراةَ الحيِّ فوقَ صُدورِكم / من حيّةٍ تَسعى لقَلبي تلسَعُ
ولكَمْ بكُم قمرٌ تبرْقَع بالسّنا / وجَبينُ شمسٍ بالظّلامِ مقنَّعُ
للّهِ كم بعيونِ عينِ كِناسِكمْ / من ضَيغَمٍ يسطو وآخرَ يصرَعُ
غَصَبَتْ غُصونَ قُدودِكُم دُوَلُ القَنا / فغدَتْ لعزّتها تَلينُ وتَضرَعُ
واِستخدَمَتْ أجفانُكُم بيضَ الظُّبا / فعصيُّهُنّ لها مُجيبٌ طيّعُ
كلُّ العَوارضِ دُونَكم يومَ النّوى / عند الوَداعِ تَزولُ إلّا البُرْقُعُ
يا لَيتَهُ أضحى لنَبْلِ لِحاظِهم / هدَفاً فخَرْقُ سِهامِها لا يُدفَعُ
كيف المَزارُ ودارُكم من دونِها / سُمرٌ مشرّعةٌ وبيضٌ تلمعُ
منعَ النّسيمُ بها عِناقَ غُصونِها / فيدُ الصَّبا لو صافحَتْها تُقطَعُ
يا جيرَةً جاروا عليّ فزلزَلوا / منّي الفؤادَ ورُكْنَ صَبري زَعْزَعوا
ما حِيلَتي بعدَ المَشيبِ لوصلِكُم / وصِبايَ عندَ حِسانِكُم لا يَنفَعُ
أشكو إلى زَمني جفاكُم وهْو من / إحدى نوائِبهِ ومنها أفظَعُ
يا قلبُ لا تَلقى ولا تَكُ واثِقاً / بالبِشْرِ منهُ فإنّه متصنّعُ
وببرّهِ لا تَسْتَعزَّ فإنّه / فخٌّ بحبّتِهِ يَكيدُ ويخدَعُ
كم في بَنيه ظالِمٍ متظلّمٍ / كالذئبِ يَقتَنِصُ الغَزالَ ويطلُعُ
لم يبقَ فيه كريمُ كُفؤٍ يُرتجى / إلّا عليٌّ والسّحابُ الهُمّعُ
نجْلُ الكِرامِ أخو الغَمامِ وصاحب ال / فَضلِ التّمامِ أخو الحُسينِ الأروَعُ
سمحٌ تفرّد بالنّوالِ وإنْ غَدا / وَكْفُ السّحابِ لكفّهِ يتتبّعُ
يَهمي وتَهمي المُعصِراتُ وإنّما / هذا لهُ طَبْعٌ وتِلكَ تطبُّعُ
للّهِ شُعلةُ بارِقٍ لا تَنطَفي / في راحتَيْهِ وديمةٌ لا تُقلِعُ
بحرٌ بيومِ السِّلْمِ يَعذُبُ وِرْدُه / ويعودُ يومَ الحرْبِ ناراً تسفَعُ
لو تَسْبَحُ الأقمارُ في فلَكٍ به / لم تستطعْ في العامِ يوماً تطلُعُ
ولوَ اِنَّ حوتَ الأفْقِ يَسْكُنُ لُجّةً / كادَتْ لعَنبرِهِ الدُّجُنّةُ تُقلِعُ
أنشا من العدمِ المكارمَ فاِغْتَدى / منها يصوّرُ ما يشاءُ ويُبدِعُ
فطِنٌ تنوّر قلبُه من ذِهنِه / فظِباؤُه بضَميرِه تتشعْشَعُ
فكأنّ عينَ الشمسِ كانت ضرّةً / تَسقيهِ من لبَنِ الصّباحِ وتُرضِعُ
راجي نَداهُ لَدَيْهِ يَعذُبُ بأسُهُ / فيكادُ في دُرِّ الكَواكِبِ يَطمَعُ
وجيادُه في الغَزْوِ يُعطِشُها السُّرى / فتكادُ في نَهْرِ المجرّةِ تَكرَعُ
فضلَ المُلوكَ وطينُهُ من طينِهم / ومنَ الحجارةِ جوهرٌ واليَرْمَعُ
يرنو إلى درَقِ الحَديد هوىً كما / يَرنو إلى ورَقِ اللُجَيْنِ المُدْقِعُ
ويَميلُ صبّاً للرّماحِ كأنّهُ / صبٌّ بقاماتِ المِلاحِ مولَّعُ
كالقلبِ في صدرِ الخَميسِ تظنّه / في جانِبَيْهِ من الصّوارِمِ أضلُعُ
يَسطو وأفواهُ الجِراحِ فواغِرٌ / تَشكو وألسِنةُ الأسنّةِ تلذَعُ
لم يرْوَ من ماءِ الفُراتِ حُسامُه / كالنّارِ من إضرامِها لا تَشبَعُ
لو أريَحيّتُه تهزُّ لدى النّدى / جَذْعاً لأوشَكَ باللآلئ يَطلُعُ
بثَناهُ يَلهَجُ كلُّ ذي روحٍ فلو / نطقَ الجَمادُ لكانَ فيه يصْدَعُ
تهوي لعزّتِه الرؤوسُ مَهابةً / ولوَجهِه تَعنو الوُجوهُ وتخضَعُ
يَبدو فكم من دَعوةٍ مشفوعةٍ / في حاجةٍ تُهدى إليه وتُرفَعُ
لمعادِنِ الأرزاقِ من أكْمامِه / طُرُقٌ وللبحرَيْنِ فيها مَجمَعُ
عجباً له يسَعُ القَميصَ وإنّه / لو كان شمساً لم تَسَعْهُ بَلْقَعُ
لا يَبلُغَنّ إليه سهمُ مُعانِدٍ / لو كان في قَوسِ الكَواكِبِ ينزِعُ
دانَتْ له الأيّامُ حتّى لو يشا / عَوْداً لماضِيها لكانتْ تَرجِعُ
نظرَ العُفاةُ نوالَهُ فاِستَبْشَروا / ورأى العُداةُ نِزالَهُ فاِستَرجَعوا
يا اِبْنَ المَيامِينِ الّذين على الوَرى / بالفَضْلِ قد أخذوا العُهودَ وبُويِعوا
حازوا العُلا إرْثاً ومن آبائِهم / عرفوا أصولَ المَكرُماتِ وفرّعوا
ما الحَوْزُ بعد نَداكَ إلّا مُقلةٌ / مطروفةٌ فدُموعُها لا تهجَعُ
لبِسَتْ مشارِقُها الظّلامَ فشَمْسُها / لا تنجَلي حتّى جَبينُك يَطلُعُ
أحيَيْتَها بالعَوْدِ بعد مَماتِها / وكذا بعَوْدِ الغَيثِ تحْيا الأربُعُ
فارَقْتَها فكَأُمِّ موسى قلبُها / يُبدي الصّبابةَ فارغاً يتوجّعُ
ورجَعْتَ مَسروراً فقرّتْ باللِّقا / عَيناً وقرّ فؤادُها المتفزّعُ
ناداكَ من نورٍ علَيْها دوحةٌ / صَفوٌ به أزكى الأصول وأينَعُ
فوطأْتَ أشرفَ بُقعةٍ قد قُدِّسَتْ / ولبِسْتَ خِلعةَ إنّ نعلَك يُخلَعُ
وخُصِصْتَ بالرّؤيا هناك وفُزْتَ في / شرفِ الخِطابِ ولذّ منكَ المسمَعُ
فليَهنِكَ الشّرفُ الممَجّدُ وليَفُزْ / في عودِك المَجدُ التليدُ الأرفعُ
مولايَ لم أُهْد القَريضَ إليكَ من / طمَعٍ ولا بي عن عَطاكَ ترفُّعُ
لكنّني قد خِفْتُ يسرِقُ دُرَّه ال / متشاعِرونَ وفي سِواكَ يضيَّعُ
وهواكَ ألجاني لذلك والهَوى / سحرٌ به يُنشا القريضُ ويُصْنَعُ
فاِستَجلِها بِكراً يقلّدُها الثّنا / بالدُرِّ منهُ وبالحَرير يلَفَّعُ
عذراءَ قد زُفَّتْ إليكَ وإنّما / منها الوصالُ على سِواكَ ممنّعُ
قد طرّزَتْ بسنيّ مدحِك بُرْدَها / فكأنّما هوَ بالحَرير مجزَّعُ
وتمسّكَتْ بذُيولكُم فتمسّكَتْ / أردانُها من طيبِكُم والأذرُعُ
محبوبةٌ سفرَتْ إليك ووجهُها / منّي بحُسنِ الإعتذارِ مبرقَعُ
خشيتْ مُشاركتي بذَنبِ تخلّفي / عنكم فكان لها لديكَ تسرُّعُ
سبقَتْ لتشفعَ لي إليك وإنّما الْ / وجهُ الجَميلُ لدى الكِرامِ يُشفَّعُ
زهراءُ مطلَعُها بأفْقِ ثنائِكُم / وخِتامُها مِسكٌ بكُم يتضوّعُ