المجموع : 3
تواضع لرب العرش علّك تُرفع
تواضع لرب العرش علّك تُرفع / لقد فاز عبد للمهيمن يخضع
وداو بذكر الله قلبك إنه / لأعلى دواء للقلوب وأنفع
وخذ من تقى الرحمن أمناً وعُدّةً / ليوم به غير التقى مروّع
وبالسنة المثلى فكن متمسكاً / فتلك طريق للسلامة مهيع
هي العروة الوثقى وحجة مقتد / نبُّت بها أسباب من هو مبدع
رأيت رسول الله أنصح مرشد / وأنجح ذي جاه كريم يشفع
وأصدق رؤيا المرء رؤياه إنها / لمن شبه الشيطان تُحمى وتمنع
فقبّلت فاه العذب تقبيل شيّق / وما كنت في تقبيل ممشاه أطمع
وقلت له هذا الفم الصادق الذي / بوحي آله العرش كان يمتّع
فبشّرني خير الأنام بميتتي / على سنة بيضاء بالحق تشرع
فها أنا تصديقاً لبشراه ثابت / عليها بحمد الله لا أتتعتع
بمعتقد الثبت الإمام ابن حنبل / أدين فهو الناقل المتورع
لئن لم أتابع زهده وتقاءه / فإني له في صحة العقد اتبع
أمرّ أحاديث الصفات كما أتت / على رغم غمر يعتدى ويشنع
فلا يلج التعطيل قلبي ولا إلى / زخارف ذي التأويل ما عشت أرجع
أقرّ بأن الله جلّ ثناؤه آله / قديم قاهر مترفع
سميع بصير ما له في صفاته / شبيه يرى من فوق سبع ويسمع
وخُلق الطباق السبع والأرض واسعٌ / وكرسيّه منهن في الخلق أوسع
قضى خلقه ثم استوى فوق عرشه / ومن علمه لم يخل في الأرض موضع
ومن قال إن الله جلّ بذاته / بكل مكانٍ جاهلٌ متسرع
إليه الكلام الطيب الصدق صاعدٌ / وأعمال كل الخلق تُحصى وترفع
فما لم يشاه الله ليس بكائن / وما شاءه في خلقه ليس يدفع
يُضلُّ ويهدي والقضاء بأمره / مضى نافذاً فيما يضرّ وينفع
وللشر والخير المهيمن خالق / وإبليس من أن يخلق الشرّ أوضع
ولكنه للشر أخبثُ محدث / بوسواسه في موبق الإثم يُوقع
علا عن مُعين ربُنا ومظاهر / على الملك أو كفوا على الغيب يُطلع
لقد برأ الخلق ابتداء من الثرى / بلا مسعد فيما يسوّى ويصنع
وقال لهم ذرّاً ألست بربكم / فقال بلى منهم عصىً وطيع
وسوف يناديهم جميعاً إذا أتوا / حفاةً عراةً في المعاد فيسمعوا
ويسمع سكان السموات وحيه / فهم لسماع القول صرعى وخضّع
وكلم موسى والكلام حقيقة / بتوكيده بالمصدر الخصم يقطع
ومعتقدي أن القرآن كلامه / قديم كريم في المصاحف مودع
وقد سبق الوعد المصدّقُ أنه / إذا جاءت الأشراط منها سيرفع
وأودع حفظاً في الصدور وإنه / لبالعين مرئٌ وبالأذن يُسمع
بالسنة القراء يُتلى وإنه / بحرف وصوت ضلّ من يتنطع
هو السور الهادي إلى الحق نورها / وآيات صدق للمنيبين تنفع
به نزل الروح الأمين مصدقاً / على قلب عبد كان بالحق يصدع
وليس بمخلوق ومن قال عكس ما / ذكرتُ له في الناس بالكفر يقطع
ولا محدث قد جاء عن سيد الورى / حديث لمعناه أسوق وأوضع
لقد قرأ الرحمن طه جميعها / ويس أيضاً والملائك تسمع
ولم يخلق السبع الطباق ولا الثرى / وهذا دليل ما لهم عنه مدفع
وقولهم خلق فظيع وقول من / يشير إليه بالعبارة أفظع
ومن كان فيه واقفياً محيراً / فذلك واللفظي كل مبدّع
وفي كتب الله القديمة كلها / أقول بهذا القول لا أتفزّع
ومعتقدي أن الحروف قديمة / وإن حار في قولي غويٌّ متعتع
تبارك ربي ذو الجلال صفاته / تجلّ عن التأويل إن كنت تتبع
يداه هما مبسوطتان تعالياً / عن المثل يعطى من يشاء ويمنع
وألواح موسى خطّها بيمينه / مواعظ تشفى من ينيب ويخشع
وكلتا يديه جلّ عن مشبه له / يمين إلى خير البرية يرفع
وينزل في الأسحار في كل ليلة / كما جاء في الأخبار والناس هجّع
ينادي أولي الحاجات والتوب طالباً / فهل راهب أو راغب متضرع
ومن قال إثبات الصفات شناعة / فجرأته إذ عارض النصّ أشنع
وينظره الأبرار يوم معادهم / ويحجب عنه من إلى النار يوزع
كما ينظرون الشمس لا غيم دونها / لقد خاب محجوب هناك ممنّع
ولم يرفى الدنيا من الناس ربّه / بعينيه إلا الهاشمي المشّفع
محمد المخصوص بالرؤية التي / غدا الطور إجلالاً لها يتقطّع
وإن نعيم القبر ثم عذابه / لحق فمسرور به ومروّع
يخالف ضيقاً بين أضلع من طغى / ويفسح فيه للتقى ويوسع
ويسأل فيه الميت الملكان عن / هداه فمرحوم وآخر يُقمع
ويعرف من في القبر من زاره وإن / يُسلم على الأموات في القبر يسمعوا
ومن يقرأ القرآن للميت مهدياً / يصله وبالإطعام والبر يُنفع
وقد يسأل الأموات من مات بعدهم / عن الأهل من منهم مقيم ومقلع
وربي أحصى خلقهم ويميتهم / ويبعثهم بعد الممات ويجمع
وينفخ إسرافيل في الصور نفخةً / فكل من الأجداث للحشر مُهطع
وتدعى البرايا للحساب جميعهم / فلا ظلم والميزان للعدل يوضع
وذلك يوم فيه نور نبينا / برفع لواء الحمد يعلو ويسطع
ويظهر فيه جاهه بشفاعة / إليها لكرب الموقف الخلق يهرع
وينقذ في يوم القيامة من لظى / من الأمة العاصين إذ هو يشفع
وينصب فيه حوضه كاشف الصدى / وذلك حوض بالروا العذب مُترع
وإن له فيه مقاماً مقرباً / ومقعد صدق نوره يتشعشع
ويسبق كل العالمين مبادراً / لحلقة باب المنزل الرحب يقرع
فيدخل والشعث الخماص كأنما / وجوههم شمس الضحى حين تطلع
وينزله الله الوسيلة رتبةً / له ليس فيها للخلائق مطمع
وقد خلق الله الجنان معدة / لأربابها فيها ظلال ومرتع
وحور حسان ناعمات كواعب / بها كل أوّابٍ حفيظ ممتع
وقد خلق الله الجحيم لأهلها / لبأس أذاها عنهم ليس ينزع
لهم ظلل منها عليهم وتحتهم / لأمعائهم شرب الحميم يقطع
وبعد التقاضي يّبح الموت بينهم / فمستبشر زاض وآخر يجزع
وأعتقد الإيمان قولاً مسدداً / وأعمال صدق في الصحائف تودع
يزيد بفعل الخير من كل مؤمن / وينقص بالعصيان فهو ممزع
وإيماننا بضع وسبعون شعبةً / حديث صحيح النقل لا يتضعضع
وإني إذا ما قلت إني مؤمن / ولا شك عندي بالمشيئة اتبع
وليس كبير الذنب مخلد مؤمن / بنار بلى فيه النبي مشفع
ولست أرى رأي الخوارج بل إذا / رعى أمرنا والٍ أطيع وأسمع
وإن جهاد المسلمين عدوهم / لفرض وقرن الشمس في الغرب يطلع
وأمسح فوق الخفّ والمسحُ سنة / إلى مدة معلومة ثم اخلع
وللسحر تأثير ولا باس بالرقى / بأم الكتاب أو دعاء يرفع
ولست لميت المسلمين بشاهد / أيُسقى رحيقاً أم حميماً يُجرع
بلى أرتجي للمحسنين سلامة / وأخشى على من يعتدي أو يضيّع
ولا ريب عندي في ثبوت كرامة ال / ولي ولي ولواضحي على الماء يُسرع
وبالحمد لله افتتاح صلاتنا / لما صح من نقل المحقين اتبع
ولا أر في الفجر القنوت ولا أرى / عليّ إذا أذنتُ أني أرجّع
وإن مرّ في شعبان عشرون ليلة / وتسع وغُمّ البرج بالصوم أقطع
ومذهبنا الوسطى هي العصر فاستفد / مسائل خمساً من فروع تفرّع
ولست لمن فيها يخالف مانعاً / ولكن خلاف في الأصول ممنّع
وما شاع فيه من خلاف لمسلم / فإني لمن يُفتى به لا أبدّع
وأشهد أن الأنبياء جميعهم / ومعجزهم حقٌ وذلك يُقنع
وأن رسول الله أحمد خيرهم / وأفصحهم عند البلاغ وأبرع
على عرشه خطّ اسمه ولقد عفا / لآدم إذا أضحى به يتضرع
وكان صفي الله آدم طينة / وفيه لأقمار النبوة مطلع
وأودعت التوراة غرّ صفاته / فمن نعته الأحبار آمن تبع
وأودعت الرهبان سلمان وصفه / فكان إلى أخباره يتطلع
فأبصر برهان العلامات عنده / فأضحي بجلبات الهدى يتلفع
وقد كان حملاً والجباه منيرةٌ / به وسمت أنواره وهو مرضع
تنكّست الأصنام عند ولاده / كما نكّستها منه في الفتح إصبع
وشبّ شباباً للنواظر ناضراً / وفيه لسر المجد مرأىً ومسمع
لقد شرحت منه الملائك صدره / وكان له من أبرك العمر أربع
وكان ابن خمس والغمام تظله / وفي العشر نور الشرح في الصدر يلمع
وفي الخمس والعشرين سافر تاجراً / بمال رزان للمفاوز يقطع
رأه بحيرا والغمامة فوقه / ومسيرةٌ والحرّ للوجه يسفع
وأبصرت الكبرى فتاة خويلد / ومن فوقه ظلل الغمام مرفع
إلى أن أرته الأربعون أشدّه / فأضحى بسربال الهدى يتدرّع
ولما تحلّى بالنبوة وانتهى / إلى مستوٍ عنه الملائك توزع
أتى وعلى عطفيه أفخر حلة / وتاجٌ بدرّ المكرمات مرصّع
رأى ليلة المعراج أمراً محققاً / ومنكر هذا الأمر يخفى ويردع
وفيها قُبيل الرفع أكمل صدره / بشرح منير نشره متضوّع
به أظهر الله المهيمن دينه / فأصبح وجه الدين لا يتبرقع
وأحكامه في الأمر والنهي والشرى / وفي البيع تبقى والجبال تصدّع
ومعجزة القرآن ظلت لحسنه / وترتيله في نخلة الجن تخضع
وللقمر المنشق نصفين معجزٌ / عزيز على من رامه متمنع
ونادى فلبته بمكة دوحةٌ / تخد إليه الأرض خداً وتسرع
ولما دنا منه سراقةُ طالباً / على فرس كادت له الأرض تبلع
فعاذ به مستأمناً فأجاره / وأطلقها حتى غدت تتقلع
وحنّ إليه الجذع عند فراقه / كما حنّ مسلوب القرين مفجع
وخرّ له الناب المهدّدُ ساجداً / وأجفانه خوفاً من النحر تدمع
فأطلقه من أهله فبجاهه / نجا من اليم الذبح هذا الجلنقع
فكيف بنا إذ نحن عذنا بجاهه / من الحادث المغرى بنا فهو مرجع
وخرّ له ساني الأباعر ساجداً / وكان شروداً فانثنى وهو طيّع
وعاذت به ريمٌ فقّك إسارها / فمرت على الخشفين تحنو وتُرضع
ومدّ يديه والرّبى مقشعرّة / فما رام إلا والسحائب تهمع
فدام الحيا سبعاً فمدّ لكشفها / يداً غمرت جوداً فظلت تقشّع
ودرّت له في الجدب عجفاء حائلٌ / وبكل على نزل الفحول تمنع
وقد كان من مدّ من التمر أو من الش / عير بجوع الجحفل الجم يشبع
ومن لبن في القعب أشبع كل من / حوت صُفة الإسلام والقوم جوّع
وآض أبو هرٍ وقد كان آيساً / من الرّي وهو الشارب المتضلع
ولما اشتكوا يوم الحديبية الصدى / غدا الماء من بين الأصابع ينبع
وقد أصبح الماء الأجاج بريقه / يروي غليل الظامئين وينقع
وساحت به بئر ومقلة حيدر / شفاها فلم يرمد لها الدهر مدمع
وكلّمة الصم الصوامت مثلما / يكلمه بادي الفصاحة مصقع
وكان على شهر له الرعب ناصر / وريح الصبا للنصر هو جاء زعزع
وإن رُمت من أخلاقه ذكر بعضها / فتلك من المسك المعنبر أضوع
اتته مقالي الكنوز فردّها / وقال أجوع اليوم والغد أشبع
فصحّ له الزهد الصريح بقدرة / وعلم فمن ذا منه أغنى وأقنع
وفي الحلم ما جاز مسيئاً بفعله / ألم يعف عمن للسّمام تُجرع
وعن ساحر جزيان رام بكيده / أذاه فلم يجزه بما كان يصنع
فقال لقوم عند دركلة لهم / رؤوه ففروا آل أرفدة أرجعوا
ليعلم أعداء الهدى أن ديننا / هو الحق فيه الأمر سهل موسع
ويستنشد الأشعار مستحسناً لها / وقد كان من حسّان للمدح يسمع
ولابن أبي سُلمى أجاز وقد دعا / على المدح للعباس نعم المشرع
وكان له حسن التواضع شيمةً / حباه به الرحمن لا يتصنع
ففي بيته قد كان يخصف نعله / وكان إذا ما انهج الثوب يرقع
ويجلس فوق الأرض لا فرش تحته / ومطعمه أيضاً على الأرض يُوضع
دعاه يهوديٌّ أجاب دعاءه / وعن دعوة الملوك لا يتمنّع
وفي الجود فاسئل عن خباء يمينه / أئمة أهل النقل يا متتبع
ألم يهب الشاء الكثيرة عدادها / لعافٍ أتاه يعتريه ويقنع
أما فضّها سبعين ألفاً بمجلس / فلم يبق منها درهم يتوقع
وفي البأس فاسأل عنه يوم هوزان / أما انهزموا وهو الكمّى السميدع
وما التقت الأقران يوم كريهة / على الطعن إلا وهو أقوى وأشجع
لهم منه يوم السلم شرع وسنة / وفي الحرب نصر والأسنة تشرع
وأمته خير القرون وخيرهم / صحابته أزكى الأنام وأورع
وخيرهم الصدّيق إذ هو منهم / إلى السبق في الإسلام والبرّ أسرع
وفي ليلة الغار افتداه بنفسه / حذاراً عليه من أراقم تلسع
وقاه من الرقش العوادي برجله / فبات يعاني السم والطرف تدمع
واتحفه بالبكر عائشة التي / براءتها في سور النور تُسمع
وكان له صهراً وصلّى وراءه ال / نبي صلاة الصبح والصحب أجمع
وردّ فريق الردّة الزائغ الذي / لفرض زكاة المال أصبح يمنع
إلى أن أقام الدين بعد اعوجاجه / وأضحى حمى التقوى به وهو ممرع
رضينا به بعد النبي خليفة / على عقده كل الصحابة أجمعوا
ومن بعده الفاروق مظهر ديننا / بإسلامه والأمر خافٍ مبرقع
هو العدويّ العبقريّ المفهّم / المبصر والباب الحديد الممنع
خلافته صحت بعقد خليفة / على فضله حزب الصحابة مجمع
ورؤيا النبي المصطفى أنه على / قليب غزير الماء بالغرب ينزع
وتأويل هذا ما سمعت فتوحه / وعدل له بين الأنام موزع
له العلم والحكم السديد وصحة / التوكل وصف والتقى والتورّع
وعن زهده فاسأل خبيراً ألم يقم / خطيباً عليهم والأزار مرقّع
ومن بعده عثمان من كان في الدجى / يرتّل آيات الكتاب ويركع
يرتله في ركعة وهو الذي / له كان في رقّ المصاحف يجمع
وزوجه الهادي ابنتيه كرامةً / ولو كنّ عشراً لم يكن بعد يمنع
وأعطاه سهماً يوم بدر ولم يكن / وبايع عنه نائباً حين بُويعوا
وسبّل بئراً ماؤها ينقع الصدى / وجهّز جيشاً وهو بالعسر مدقع
وقمّصه الرحمن ثوب خلافة / بوعد النبي المصطفى ليس يخلع
ومن بعده الهادي علي بقوله / السديد إذا ما أشكل الأمر يقطع
إذا ذكر الراوون صحب محمد / يكون له فيهم خصائص أربع
إخاءٌ مع المختار وهو ابن عمه / وسبطاه والزهراء فضل منوّع
وأعطاه خير الناس أشرف رأية / وكان له بالفتح والنصر مرجع
ولو شاء أن يرقى السموات إذ له / على كتف الهادي البشير ترفع
أمام بطين في العوم وإنه / من الشك والشرك الخفي لأنزع
ومن بعدهم خير الصحابة ستة / لهم بالجنان المصطفى كان يقطع
فذكرك منهم طلحة الخير شائع / وقولك فيه طلحة الجود أشيع
ويعرف بالفياض إذ جود كفه / أعمّ من البحر الخضم وأنفع
فكم مائتي ألف على الناس فضّها / عليهم بها في الضائقات يوسّع
ويمناه شلت يوم أحد لدفعه / بها عن نبي الله لا يتزعزع
وإن الزبير الفاتك الشهم منهم / أشد رجال الحرب بأساً وأمنع
وفارس بدر وابن عمة سيد ال / ورى والجواد المنفق المتطوّع
حواريّه وهو الذي باختياره / لرأيته العلياء في الفتح يرفع
ومنهم أمير الحرب سعد بن مالك / وأفضل من رامٍ عن القوس ينزع
وثلث أرباب الهدى ودعاؤه / إليه من الله الإجابة تسرع
وكان له خالاً وأول من رمى / بسهم له في عصبة الشرك موقع
ومنهم سعيد خصّه سيد الورى / وآخّره عذر عن الغزو يمنع
بسهمٍ وأجرٍ يوم بدر وقد غدا / كمن هو في بدر كمتىٌ مدرّع
وإن ابن عوف منهم المنفق الذي / بأنفس مال لم يزل يتبرع
ومنهم أمين الأمة الثبت عامر / فيا لفتىً فيه غناء ومقنع
وأبطال بدر فضلهم غير منكر / بأفخر ثوب في الجهاد تدرّعوا
وفي بيعة الرضوان فضل لأهلها / وتفضيل أهل البيت ما ليس يُدفع
وأزواجه في جنة الخلد عنده / بهن مع الحور الحسان يمتع
وللفضل أيضاً في معاوية أعتقد / ردافته تفضيلها لا يضيع
هو الكاتب الوحي الحليم وأخته / مع المصطفى في جنة الخلد ترتع
وكل صحابي رآه ففضله / على غيره في نيله ليس يُطمع
ولا أبتغي التفتيش في ذكر ما جرى / لأصحابه خاب الغوى المشنع
فيا طالباً أرض الحجاز إذا انطوى / له أجرعٌ منها تعرّض أجرع
يحاول أسباب العلى في طلابه / فيوجف في البيد الركاب ويوضع
إذا بلغت سلعاً مطاياك غدوةً / ولاح لها من أرض طيبة مرتع
فذلك مأوى العلم والحلم والهدى / وفيه لمكنون الحقائق منبع
لأن به خير الأنام محمداً / له كل الفضائل تجمع
فقل يا رسول الله أنت نصيرنا / على فتن في وقتنا تتقرع
بك السنة المثلى عرفنا وأنكرت / قلوب عليها بالغباوة يطبع
بتسليمنا فيها وعينا وفرقة ال / هوى قلّدوا فيها العقول فلم يعوا
فسل ربك الرحمن أن لا يزيلنا / عن السنة المثلى وأنت مشفع
عليك سلام الله ما أعقب الدجى / صباح وما لاحت بوارق تلمع
بين العقيق وبين سلع مربع
بين العقيق وبين سلع مربع / للقلب فيه وللنوظر مرتع
عطر الثرى أرج كأن لطيمة / من مسك دارين به تتضوع
بدر السعادة كامل بسمائه / وببرجه شمس الحقائق تطلع
حلو الجنى عذب الموارد عنده / من كل شرب معنوي منبع
يا منزلا فيه لأرباب الهوى / مرأى يروق من الجمال ومسمع
ما بال وردك ماؤه يشفي الصدى / وأنا المحب وغلتي لا تنقع
لي فيك عهد هوى قديم ليس لل / عذال في الاقلاع عنه مطمع
لك أن تزيد على المدى يا جنتي / عزاً ولي أني أذل واخضع
لولا اذكارك لم يهز معاطفي / برق على شعب الأبارق يلمع
ولما أرقت وهاج شوقي في الضحى / ورقاء في فنن الأراكة تسجع
وكذاك لولا سر قصدك لم أكن / ألتاع إن ذكر الغوير ولعلع
ويعرض الحادي بجرعاء الحمى / والسفح من وادي الأراك فأجزع
كلفي ببانات العقيق وإنما / وجه اشتياقي بالحجاز مبرقع
عجبا لجسم بالعراق مخلف / وفؤاده مغرى بطيبة مولع
ولكيف لا تجف الأضالع نحوها / شوقا وتذرف في هواها الأدمع
وبها رسول الله خير مؤمل / تخدي الركاب إلى حماه وتوضع
أزكى البرية عنصرا وأعزهم / بيتا وأولى بالفخار وأجمع
وأمد كفا بالندى وأتمهم / حلما وأصدق في المقل وأسرع
وأشدهم بأسا إذا التظت الوغى / والسمهرية بالأسنة تشرع
جمعت له غر المناقب فهي كال / عقد النظيم لديه لا تتوزع
هو صفوة ارحم وهو حبيبه / وله المقامات التي لا تدفع
حلاه من أنواره وكساه من / أسنى المواهب حلة لا تنزع
وجلاه في ملكوته وأباحه / ما كان يطلبه سواه فيمنع
يا خير من برأ المهيمن وارتضى / لبلاغ حجته التي لا تقطع
أشكو إليك وأنت تعلم فتنة / كادت لها الصم الصلاب تصدع
فبمن أعزك واصطفاك فأجزل ال / نعمى عليك فحوض فضلك مترع
سل جبر أمتك الكسيرة إنه / لم يبق في قوس التجلد منزع
محقت طغاة الترك أطراف القرى / فالمال نهب والمنازل بلقع
واشفع إلى الرحمن في غفران ما / هذي عقوبته فأنت مشفع
سقى الله ارض الحمى وابلاً
سقى الله ارض الحمى وابلاً / إذا حل في جوها أمرعا
فصم لنا بين أكنافه / حبيب أأهملنا أم رعى
وحيا بساحة وادي العقيق / جناباً خصيب الربى أوسعا
نعمنا به زمنا لم نبل / بمن هم كيدا بنا أو سعى
فلله سر به مودع / كساه الجلالة من أودعا
هناك المآرب مقضية / لمن رامها صامتا أو دعا
فهل لي إلى ربعه عودة / أجوب الفلا أجرعا أجرعا
فأجرع من مائه نهلة / رواء ومن لي أن أجرعا
مواطن تجبر قلب الكسير / وترفع ذا خفية أوضعا
فطوبى لمن نص في قصدها / الركائب أو نحوها أوضعا