المجموع : 8
عادَ الهُمومُ وَما يَدري الخَلِيُّ بِها
عادَ الهُمومُ وَما يَدري الخَلِيُّ بِها / وَاِستَورَدَتني كَما يُستَورَدُ الشَرَعُ
فَبِتُّ أَنجو بِها نَفساً تُكَلِّفُني / ما لا يَهُمُّ بِهِ الجَثّامَةُ الوَرَعُ
وَلَومِ عاذِلَةٍ باتَت تُؤَرِّقُني / حَزّى المَلامَةِ ما تُبقي وَما تَدَعُ
لَمّا رَأَتنِيَ أَقرَرتُ اللِسانَ لَها / قالَت أَطِعنِيَ وَالمَتبوعُ مُتَّبَعُ
أَخشى عَلَيكِ حِبالَ المَوتِ راصِدَةً / بِكُلِّ مَورِدَةٍ يُرجى بِها الطَمَعُ
فَقُلتُ لَن يُعجِلَ المِقدارُ عُدَّتَهُ / وَلَن يُباعِدَهُ الإِشفاقُ وَالهَلَعُ
فَهَل عَلِمتِ مِنَ الأَقوامِ مِن أَحَدٍ / عَلى الحَديثِ الَّذي بِالغَيبِ يَطَّلِعُ
وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ تُقَرُّبُها / كَما تَقَرَّبَ لِلوَحشِيَّةِ الذُرُعُ
وَقَد أَرى صَفحَةَ الوَحشِيِّ يُخطِئُها / نَبلُ الرُماةِ فَيَنجو الآبِدُ الصَدَعُ
وَقَد تَذَكَّرَ قَلبي بَعدَ هَجعَتِهِ / أَيَّ البِلادِ وَأَيَّ الناسِ أَنتَجِعُ
فَقُلتُ بِالشامِ إِخوانٌ ذَوُو ثِقَةٍ / ما إِن لَنا دونَهُم رَيٌّ وَلا شَبَعُ
قَومٌ هُمُ الذِروَةُ العُليا وَكاهِلُها / وَمَن سِواهُم هُمُ الأَظلافُ وَالزَمَعُ
فَإِن يَجودوا فَقَد حاوَلتُ جودَهُمُ / وَإِن يَضَنّوا فَلا لَومٌ وَلا قَذَعُ
وَكَم قَطَعتُ إِلَيكُم مِن مُوَدَّأَةٍ / كَأَنَّ أَعلامَها في آلِها القَزَعُ
غَبراءَ يَهماءَ يَخشى المُدلِجونَ بِها / زيغَ الهُداةِ بِأَرضٍ أَهلُها شِيَعُ
كَأَنَّ أَينُقَنا جونِيَّ مَورِدَةٍ / مُلسُ المَناكِبِ في أَعناقِها هَنَعُ
قَوارِبَ الماءِ قَد قَدَّ الرَواحُ بِها / فَهُنَّ تَفرَقُ أَحياناً وَتَجتَمِعُ
صُفرُ الحَناجِرِ لَغواها مُبَيَّنَةٌ / في لُجَّةِ اللَيلِ لَمّا راعَها الفَزَعُ
يَسقينَ أَولادَ أَبساطٍ مُجَدَّدَةٍ / أَردى بِها القَيظُ حَتّى كَلَّها ضَرَعُ
صَيفِيَّةٌ حَمَكٌ حُمرٌ حَواصِلُها / فَما تَكادُ إِلى النَقناقِ تَرتَفِعُ
يَسقينَهُنَّ مُجاجاتٍ يَجِئنَ بِها / مِن آجِنِ الماءِ مَحفوفاً بِهِ الشِرَعُ
باكَرنَهُ وَفُضولُ الريحِ تَنسُجُهُ / مُعانِقاً ساقَ رَيّا ساقُها خَرِعُ
كَطُرَّةِ البُردِ يَروى الصادِياتُ بِهِ / مِنَ الأَجارِعِ لا مِلحٌ وَلا نَزَعُ
لَمّا نَزَلنَ بِجَنبَيهِ دَلَفنَ لَهُ / جَوادِفَ المَشيِ مِنها البُطءُ وَالسَرَعُ
حَتّى إِذا ما اِرتَوَت مِن مائِهِ قُطُفٌ / تَسقي الحَواقِنَ أَحياناً وَتَجتَرِعُ
وَلَّت حِثاثاً تُواليها وَأَتبَعَها / مِن لابَةٍ أَسفَعُ الخَدَّينِ مُختَضِعُ
يَسبِقنَ بِالقَصدِ وَالإيغالِ كَرَّتَهُ / إِذا تَفَرَّقنَ عَنهُ وَهوَ مُندَفِعُ
مُلَملَمٌ كَمُدُقِّ الهَضبِ مُنصَلِتٌ / ما إِن يَكادُ إِذا ما لَجَّ يُرتَجَعُ
حَتّى اِنتَهى الصَقرُ عَن حُمٍّ قَوادِمُها / تَدنو مِنَ الأَرضِ أَحياناً وَما تَقَعُ
وَظَلَّ بِالأُكمِ ما يَصري أَرانِبَها / مِن حَدِّ أَظفارِهِ الجُحرانُ وَالقَلَعُ
بَل ما تَذَكَّرُ مِن هِندٍ إِذا اِحتَجَبَت / بِاِبنَي عُوارٍ وَأَمسى دونَها بُلَعُ
وَجاوَرَت عَشَمِيّاتٍ بِمَحنِيَةٍ / يَنأى بِهِنَّ أَخو داوِيَّةٍ مَرِعُ
قاصي المَحَلِّ طَباهُ عَن عَشيرَتِهِ / جُرءٌ وَبَينونَةُ الجَرداءِ أَو كَرَعُ
بِحَيثُ تَلحَسُ عَن زُهرٍ مُلَمَّعَةٍ / عَينٌ مَراتِعُها الصَحراءُ وَالجَرَعُ
إِذا أَقبَلَ المالُ السَوامُ وَغَيرَهُ
إِذا أَقبَلَ المالُ السَوامُ وَغَيرَهُ / فَتَثميرُهُ مِن لَحظَةِ العَينِ أَسرَعُ
وَإِن هُوَ وَلّى مُدبِراً فَفَناؤُهُ / وَشيكاً مِنَ التَثميرِ أَرجى وَأَنجَعُ
وَيُدني ذِراعَيهِ إِذا ما تَبادَرا
وَيُدني ذِراعَيهِ إِذا ما تَبادَرا / إِلى رَأسِ صِلٍّ قائِمِ العَينِ أَسفَعُ
ضَعيفُ العَصا بادي العُروقِ تَرى لَهُ
ضَعيفُ العَصا بادي العُروقِ تَرى لَهُ / عَلَيها إِذا ما أَجدَبَ الناسُ إِصبَعا
حِذا إِبِلٍ إِن تَتبَعِ الريحَ مَرَّةً / يَدَعها وَيُخفِ الصَوتَ حَتّى تَرَيَّعا
لَها أَمرُها حَتّى إِذا ما تَبَوَّأَت / بِأَخفافِها مَأوىً تَبَوَّأَ مَضجَعا
إِذا أَخلَفَت صَوبَ الرَبيعِ وَصى لَها / عَرادٌ وَحاذٌ أَلبَسا كُلَّ أَجرَعا
وَغَملى نَصِيٍّ بِالمِتانِ كَأَنَّها / ثَعالِبُ مَوتى جِلدُها قَد تَزَلَّعا
بَني وابِشِيٍّ قَد هَوَينا جِوارَكُم / وَما جَمَعَتنا نِيَّةٌ قَبلَها مَعا
خَليطَينِ مِن شَعبَينِ شَتّى تَجاوَرا / قَديماً وَكانا بِالتَفَرُّقِ أَمتَعا
أَرى أَهلَ لَيلى لا يُبالي أَميرُهُم / عَلى حالَةِ المَحزونِ أَن يَتَصَدَّعا
أَقولُ وَقَد زالَ الحُمولُ صَبابَةً / وَشَوقاً وَلَم أَطمَع بِذَلِكَ مَطمَعا
فَلَو أَنَّ حَقُّ اليَومَ مِنكُم إِقامَةٌ / وَإِن كانَ سَرحٌ قَد مَضى فَتَسَرَّعا
فَأَبصَرتُهُم حَتّى تَوارَت حُمولُهُم / بِأَنقاءِ يَحمومٍ وَوَرَكنَ أَضرُعا
يَحُثُّ بِهِنَّ الحادِيانِ كَأَنَّما / يَحُثّانِ جَبّاراً بِعَينَينِ مُكرَعا
فَلَمّا صَراهُنَّ التُرابُ لَقيتُهُ / عَلى البيدِ أَذرى عَبرَةً وَتَقَنَّعا
فَدَع عَنكَ هِنداً وَالمِنى إِنَّما المُنى / وَلوعٌ وَهَل يَنهى لَكَ الزَجرُ مولَعا
رَأى ما أَرَتهُ يَومَ دارَةِ رَفرَفٍ / لِتَصرَعَهُ يَوماً هُنَيدَةُ مَصرَعا
مَتى نَفتَرِش يَوماً عُلَيماً بِغارَةٍ / يَكونوا كَعَوصٍ أَو أَذَلَّ وَأَضرَعا
وَحَيَّ الجُلاحِ قَد تَرَكنا بِدارِهِم / سَواعِدَ مُلقاةً وَهاماً مُصَرَّعا
وَنَحنُ جَدَعنا أَنفَ كَلبٍ وَلَم نَدَع / لِبَهراءَ في ذِكرٍ مِنَ الناسِ مَسمَعا
قَتَلنا لَوَ اِنَّ القَتلَ يَشفي صُدورَنا / بِتَدمُرَ أَلفاً مِن قُضاعَةَ فَأَفرَعا
فَلا تَصرِمي حَبلَ الدُهَيمِ جَريرَةً / بِتَركِ مَواليها الأَدانينَ ضُيَّعا
يُسَوِّقُها تَرعِيَّةٌ ذو عَباءَةٍ / بِما بَينَ نَقبٍ فَالحَبيسِ فَأَقرَعا
هِدانٌ أَخو وَطبٍ وَصاحِبُ عُلبَةٍ / يَرى المَجدَ أَن يَلقى خَلاءً وَأَمرُعا
تَرى وَجهَهُ قَد شابَ في غَيرِ لِحيَةٍ / وَذا لُبَدٍ تَحتَ العِصابَةِ أَنزَعا
تَرى كَعبَهُ قَد كانَ كَعبَينِ مَرَّةً / وَتَحسَبُهُ قَد عاشَ حَولاً مُكَنَّعا
إِذا سَرَحَت مِن مَنزِلٍ نامَ خَلفَها / بِمَيثاءَ مِبطانُ الضُحى غَيرَ أَروَعا
وَإِن بَرَكَت مِنها عَجاساءُ جِلَّةٌ / بِمَحنِيَةٍ أَشلى العِفاسَ وَبَروَعا
إِذا بِتُّمُ بَينَ الأُدَيّاتِ لَيلَةً / وَأَخنَستُمُ مِن عالِجٍ كُلَّ أَجرَعا
عُمَيرِيَّةٌ حَلَّت بِرَملِ كُهَيلَةٍ / فَبَينونَةٍ تَلقى لَها الدَهرَ مَربَعا
كَأَنّي بِصَحراءِ السُبَيعَينِ لَم أَكُن / بِأَمثالِ هِندٍ قَبلَ هِندٍ مُفَجَّعا
كَأَنَّ عَلى أَعجازِها كُلَّما رَأَت / سَماوَتَهُ فَيئاً مِنَ الطَيرِ وُقَّعا
فَقودوا الجِيادِ المُسنِفاتِ وَأَحقِبوا / عَلى الأَرحَبِيّاتِ الحَديدَ المُقَطَّعا
إِذا لَم تَرُح أَدّى إِلَيها مُعَجِّلٌ / شَعيبَ أَديمٍ ذا فِراغَينِ مُترَعا
يُطِفنَ بِجَونٍ ذي عَثانينَ لَم تَدَع / أَشاقيصُ فيهِ وَالبَدِيّانِ مَصنَعا
وَمِن فارِسٍ لَم يَحرِمِ السَيفَ حَظَّهُ / إِذا رُمحُهُ في الدارِعينَ تَجَزَّعا
فَأَلقى عَصا طَلحٍ وَنَعلاً كَأَنَّها / جَناحُ السُمانى رَأسُهُ قَد تَصَوَّعا
أُسِفَّ جَسيدَ الحاذِ حَتّى كَأَنَّما / تَرَدّى صَبيغاً باتَ في الوَرسِ مُنقَعا
هَمَمتَ الغَداةَ هِمَّةً أَن تُراجِعا
هَمَمتَ الغَداةَ هِمَّةً أَن تُراجِعا / صِباكَ وَقَد أَمسى بِكَ الشَيبُ شائِعا
وَشاقَتكَ بِالعَبسَينِ دارٌ تَنَكَّرَت / مَعارِفُها إِلّا البِلادَ البَلاقِعا
بِمَيثاءَ سالَت مِن عَسيبٍ فَخالَطَت / بِبَطنِ الرِكاءِ بُرقَةً وَأَجارِعا
كَما لاحَ وَشمٌ في يَدَي حارِثِيَّةٍ / بِنَجرانَ أَدمَت لِلنِؤورِ الأَشاجِعا
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ / تَجاوَزنَ مَلحوباً فَقُلنَ مُتالِعا
جَواعِلُ أَرماماً يَميناً وَصارَةً / شِمالاً وَقَطَّعنَ الوِهاطَ الدَوافِعا
دَعاهُنَّ داعٍ لِلخَريفِ وَلَم تَكُن / لَهُنَّ بِلاداً فِاِنتَجَعنَ رَوافِعا
تَمَهَّدنَ ديباجاً وَعالَينَ عَقمَةً / وَأَنزَلنَ رَقماً قَد أَجَنَّ الأَكارِعا
خِدالَ الشَوى غيدِ السَوالِفِ بِالضُحى / عِراضَ القَطا لا يَتَّخِذنَ الرَفائِعا
تَضيقُ الخُدورُ وَالجِمالُ مُناخَةٌ / بِأَعجازِها حَتّى يَلُحنَ خَواضِعا
فَلَمّا اِستَقَلَّت بِالهَوادِجِ أَقبَلَت / بِأَعيُنِ آرامٍ كُسينَ البَراقِعا
كَأَنَّ دَوِيَّ الحَليِ تَحتَ ثِيابِها / حَصادُ السَنا لاقى الرِياحَ الزَعازِعا
جُماناً وَياقوتاً كَأَنَّ فُصوصَهُ / وَقودُ الغَضا سَدَّ الجُيوبَ الرَوادِعا
لَهُنَّ حَديثٌ فاتِنٌ يَترُكُ الفَتى / خَفيفَ الحَشا مُستَهلِكَ القَلبِ طامِعا
وَلَيسَ بِأَدنى مِن غَمامٍ يُضيئُهُ / سَنا البَرقِ يَجلو المُشرِفاتِ اللَوامِعا
بَناتُ نَقاً يَنظُرنَ مِن كُلِّ كورَةٍ / مِنَ الأَرضِ مَحبُوّاً كَريماً وَتابِعا
وَلَيسَ مِنَ اللائي يَبيعُ مُخارِقٌ / بِحَجرٍ وَلا اللائي خَضَرنَ المَدارِعا
وَما زِلنَ إِلّا أَن يَقِلنَ مَقيلَةً / يُسامينَ أَعداءً وَيَهدينَ تابِعا
فَشَرَّدنَ يَربوعاً وَبَكرَ بنَ وائِلٍ / وَأَلحَقنَ عَبساً بِالمَلا وَمُجاشِعا
وَلَو أَنَّها أَرضُ بنُ كوزٍ تَصَيَّفَت / بِفَيحانَ ما أَحمى عَلَيها المَراتِعا
وَلَكِنَّها لاقَت رِجالاً كَأَنَّهُم / عَلى قُربِهِم لا يَعلَمينَ الجَوامِعا
وَلاقَينَ مِن أَولادِ عُقدَةَ عُصبَةً / عَلى الماءِ يَنثونَ الذُحولَ المَوانِعا
فَقُلنا لَهُم إِن تَمنَعونا بِلادَكُم / نَجِد مَذهَباً في سائِرِ الأَرضِ واسِعا
وَيَمنَعُكُم مُستَنُّ كُلِّ سَحابَةٍ / مُصابَ الرَبيعِ يَترُكُ الماءَ ناقِعا
وَبَردَ النَدى وَالجُزءَ حَتّى يُغيرَكُم / خَريفٌ إِذا ما النَسرُ أَصبَحَ واقِعا
وَأَمّا مُصابُ الغادِياتِ فَإِنَّنا / عَلى الهَولِ نَرعاهُ وَلَو أَن نُقارِعا
بِحَيٍّ نُمَيرِيٍّ عَلَيهِ مَهابَةٌ / جَميعٍ إِذا كانَ اللِئامُ جَنادِعا
هَمَمتُ بِهِم لَولا الجَلالَةُ وَالتُقى / وَلَم تَرَ مِثلَ الحِلمِ لِلجَهلِ وازِعا
وَكُنّا أُناساً تَعتَرينا حَفيظَةٌ / فَنَحمي إِذا ما أَصبَحَ الثَغرُ ضائِعا
أَكَلنا الشَوى حَتّى إِذا لَم نَجِد شَوىً
أَكَلنا الشَوى حَتّى إِذا لَم نَجِد شَوىً / أَشَرنا إِلى خَيراتِها بِالأَصابِعِ
يَسُنُّها آبِلٌ ما إِن يُجَزِّئُها
يَسُنُّها آبِلٌ ما إِن يُجَزِّئُها / جَزأً شَديداً وَما إِن تَرتَوي كَرَعا
فَما بَرِحَت سَجواءَ حَتّى كَأَنَّما
فَما بَرِحَت سَجواءَ حَتّى كَأَنَّما / تُغادِرُ بِالزيزاءِ بُرساً مُقَطَّعا