المجموع : 18
أصاخَ إِلى الواشي فلبّاهُ إذ دَعا
أصاخَ إِلى الواشي فلبّاهُ إذ دَعا / وقدْ لا يُرعي النّمائِمَ مَسْمَعا
وباتَ يُناجي ظنّهُ فيَّ بَعدَما / أباحَ الهَوى منِّي حِمى القَلْبِ أجمَعا
وأبْدى الرِّضى والعَتْبَ في أخرَياتِهِ / ومنْ بَيِّناتِ الغَدْرِ أن يُجمَعا مَعا
ومَنْ ناوَل الإخوانَ حبلاً مَشى البِلى / إِلى طَرَفَيْهِ هَمَّ أن يتقَطَّعا
فما غَرَّهُ مِنْ مُضْمِرِ الغِلِّ كاشِحٌ / إذا حَدَرَ الخَصْمُ اللِّثامَ تقَنَّعا
سَعى بي إليه لا هَدى اللهُ سَعيَهُ / ولو نالَ عندي ما ابْتغاهُ لَما سَعى
وحاوَلَ مني غِرَّةً حال دونَها / مَكائِدُ تأبى أنْ أُغَرَّ وأُخْدَعا
فأجْرَرْتُهُ حَبْلَ المُنى غيرَ أنّني / سَلَكْتُ بهِ نَهْجاً إِلى الغَيّ مَهْيَعا
ولمّا رأى أني تَبَيَّنْتُ غَدْرَهُ / وأدْرَكْتُ حَزْمَ الرّأيِ فيه وضَيّعا
أزارَ يَدَيْهِ ناجِذَيْهِ تَنَدُّماً / يُبَوِّئُهُ في باحَةِ المَوْتِ مَصْرَعا
لكَ اللهُ منْ غُصْنٍ يُلاعِبُ عِطفَهُ / وبَدْرٍ يُناغي جِيدُهُ الشُّهْبَ طُلَّعا
تَجلّى لَنا والبَيْنُ زُمَّتْ رِكابُهُ / فشَيَّعَهُ أرواحُنا حينَ ودّعا
وشِيبَ بُكاءٌ بابْتِسامٍ وأُدْمِيَتْ / مَسالِكُ أنفاسٍ يُقوِّمْنَ أضْلُعا
ولمّا تَعانَقْنا فَذابَتْ عُقودُهُ / بِحَرِّ الجَوى صارَتْ ثُغوراً وأْمُعا
ألا بِأبي أُسْدُ الحِمى وظِباؤُهُ / ومُنعَرَجُ الوادي مَصيفاً ومَرْبَعا
أَجُرُّ بهِ ذَيْلَ الشّبابِ وأرتَدي / بأسْحَمَ فَيْنانِ الذّوائِبِ أفْرَعا
مَعي كُلُّ فَضْفاضِ الرِّداءِ سَمَيْدَعٍ / أُصاحِبُ منهُ في الوَقائِعِ أرْوَعا
غَذَتْهُ رُبا نَجْدٍ فشَبَّ كأنّهُ / شَبا مَشْرَفيٍّ يَقيُرُ السُّمَّ مُنْقَعا
يُريقُ إذا ارْتَجَّ النّديُّ بمنْطِقٍ / كَلاماً كأنَّ الشِّيحَ منهُ تَضَوَّعا
ويُروي أنابيبَ الرِّماحِ بمأزِقٍ / يظلُّ غَداةَ الرَّوعِ بالدَّمِ مُتْرَعا
عَرَكْتُ ذُنوبَ الحادِثاتِ بِجَنْبِهِ / فَهَبَّ مُشيحاً لا يُلائِمُ مَضْجَعا
وما عَلِقَتْ حَربٌ تُلَقَّحُ للرَّدى / بأصْبَرَ منْهُ في اللِّقاءِ وأشجَعا
أهَبْتُ وصَرْفُ الدّهْرِ يَحرِقُ نابَهُ / بهِ آمِناً أنْ أسْتَقيمَ ويَظْلَعا
فأقبَلَ كابْنِ الغابِ عَبْلاً تَليلُهُ / ولمْ يَستَلِنْهُ القِرْنُ لِيتاً وأخْدَعا
يُريكَ الرُّبا للأعْوَجيَّةِ سُجَّداً / وهامَ العِدا للمَشْرَفيَّةِ رُكَّعا
فسَكَّنَ رَوعي والرِّماحُ تزَعْزَعَتْ / وخَفَّضَ جَأشي والعَجاجُ ترَفّعا
ولمّا رآني في تَميمٍ على شَفا / أُلاقي بَجَفْنَيَّ القَذى مُتَخَشِّعا
قَضى عَجَباً منّي ومنْهُمْ وبَيْنَنا / شَوافِعُ لا يَرْضى لَها المَجْدُ مَدْفَعا
وهُنَّ القَوافي تَذْرَعُ الأرضَ شُرَّداً / بِشِعْرٍ إذا ما أبْطأَ الرّيحُ أسرَعا
يَروحُ لها رَبُّ الفَصاحَةِ تابِعاً / ويَغْدو بها تِرْبُ السّماحَةِ مُولَعا
ولَم أستَفِدْ منْ نَظْمِها غيْرَ حاسِدٍ / إذا ما رَمى لم يُبْقِ في القَوْسِ مِنْزَعا
وما أنا ممّنْ يَملأُ الهَوْلُ صَدْرَهُ / وإنْ عَضَّهُ رَيْبُ الزّمانِ فأوْجَعا
إذا ما غَسَلْتُ العارَ عنّي لمْ أُبَلْ / نِداءَ زَعيمِ الحَيّ بَشَّرَ أو نَعى
لَعَزَّ على الأشْرافِ منْ آلِ غالِبٍ / خُدودُ غَطاريفٍ توسَّدْنَ أذْرُعا
نُنادي أميرَ المؤْمِنينَ ودونَهُ / أعادٍ يُزِجّونَ العَقارِبَ لُسَّعا
أيا خَيْرَ مَنْ لاذَ القَريضُ بسَيْبِهِ / وأعْنَقَ مَدحي في ذَراهُ وأوْضَعا
تُناطُ بكَ الآمالُ والخَطْبُ فاغِرٌ / وتُستَمطَرُ الجَدوى إذا المُزْنُ أقْلَعا
وتُغْضي لكَ الأبْصارُ رُعْباً وتَنثَني / إليكَ الهَوادي طائِعاتٍ وخُضَّعا
بحيْثُ رأيْنا العِزَّ تندىً ظِلالُهُ / ومَجدَكَ مُلتَفَّ الغَدائِرِ أتْلَعا
وأنتَ الإمامُ المُستَضاءُ بنُورِهِ / إذا الليلُ لمْ يَلفِظْ سَنا الصُّبْحِ أدْرَعا
أعِنّي على دهْرٍ تَكادُ خُطوبُهُ / تُبَلِّغُ مَنْ يَضْرَى بِنا ما تَوَقَّعا
فقَدْ هَدَّ رُكنَيَّ العَدُوُّ ولم يكُنْ / يُحاولُ فينا قَبْلَ ذلكَ مَطْمَعا
أفي الحَقِّ أن يَسْتَرقِعَ العِزُّ وَهْيَهُ / وأنْ أتَردّى بالهَوانِ وأضْرَعا
ويَرْتَعُ في عِرْضي ويُقْبَلُ قَولُهُ / ولَوْ رُدَّ عنْهُ لمْ يَجِدْ فيهِ مَرْتَعا
أما والمَطايا جائِلاتٍ نُسوغُها / منَ الضُّمْرِ حتّى خالَها الرَّكْبُ أنْسُعا
ضُرِبْنَ إِلى البَيْتِ العَتيقِ ولمْ تَقُلْ / لِناجِيةٍ منهُنَّ إذْ عَثَرَتْ لَعا
لقد طَرَقَتْني النّائِباتُ بِحادِثٍ / لَوَ انَّ الصَّفا يُرْمَى بهِ لتَصَدّعا
ولسْتُ وإنْ عضَّ الزّمانُ بِغارِبي / أُطيلُ على الضّرّاءِ مَبكًى ومَجْزَعا
إذا ما أغامَ الخَطْبُ لمْ أحتَفِلْ بهِ / وضاجَعْتُ فيهِ الصَّبْرَ حتى تَقَشّعا
أُراعُ ولمْ أُذْنِبْ وأُجْفى ولمْ أُخنْ / وقد صُدِّقَ الواشي فأخْنى وأقْذَعا
ومِنكُمْ عَهِدْنا الوِرْدَ زُرْقاً جُمامُهُ / رَحيبَ مندىً العيسِ والرّوضَ مُمْرِعا
فعَطْفاً علينا إنّ فينا لِماجِدٍ / يُراقِبُ أعْقابَ الأحاديثِ مَصْنَعا
تذكّرَ الوصْلَ فارْفَضّتْ مَدامِعُهُ
تذكّرَ الوصْلَ فارْفَضّتْ مَدامِعُهُ / واعْتادَهُ الشّوقُ فانْقَضّتْ أضالِعُهُ
وبَرْقَعَ الدّمعُ عينيهِ لِذي هَيَفٍ / نمّتْ على القمَرِ السّاري بَراقِعُهُ
فَباتَ يَرْقُبُهُ والليلُ يخْفِرُهُ / والقلبُ تَهفو إِلى حُزوى نَوازِعُهُ
ولاعِجُ الوَجْدِ يَطْويهِ وينشُرُهُ / حتى بَدا الصُّبْحُ مَوشِيّاً أكارِعُهُ
فزارَهُ زَوْرَةً تَعيى الأُسودُ بِها / أغَرُّ زُرَّتْ على خِشْفٍ مَدارِعُهُ
وراحَ ينْضَحُ حرَّ الوَجْدِ منْ نُغَبٍ / في مَشْرَبٍ خَصِرٍ طابَتْ مَشارِعُهُ
كأنّها ضَرَبٌ شِيبَتْ لِذائِقِها / بعاتِقٍ نَفَحَتْ مِسْكاً ذَوارِعُهُ
والليلُ مَدَّ رِواقاً منْ غَياهِبهِ / على فتًى كَرُمَتْ فيهِ مَضاجِعُهُ
ثمّ افتَرَقْنا وقد بَثَّ الصّباحُ سَناً / جابَتْ رِداءَ الدُّجى عنّا لوامِعُهُ
يجري منَ الدّمعِ ما يَرْضى المَشوقُ بهِ / ويرتَقي نَفَسٌ سُدَّتْ مَطالِعُهُ
هذا ورُبَّ فَلاةٍ لا يُجاوزُها / إلا النّعامُ بها تَخدي خَواضِعُهُ
قَرَيْتُها عَزَماتٍ منْ أخي ثِقَةٍ / تَفْتَرُّ عنْ أسَدٍ ضارٍ وقائِعُهُ
والأرْحَبيّةُ تَطْغى في أزِمّتِها / إذا السّرابُ ثَنى طَرْفي يُخادِعُهُ
واليومَ ألْقَتْ بهِ الشِّعْرَى كَلاكِلَها / وصوّحَتْ منْ رُبا فَلْجٍ مَراتِعِهُ
فظلّ للرّكْبِ والحِرْباءُ مُنتَصِبٌ / بَيْتٌ على مَفْرِقِ العَيّوقِ رافِعُهُ
تَلوي طَوارِفُهُ عنّا السَّمومُ كما / تُهدي النّسيمَ إِلى صَحْبي وشائِعُهُ
عِمادُهُ أسَلٌ تَرْوى إذا اضْطَرَمَتْ / نارُ الوغى منْ دَمِ الجاني شَوارِعُهُ
والريحُ والِهَةٌ حَيْرى تَلوذُ بهِ / حيثُ النّسيمُ يَروعُ التُّرْبَ وادِعُهُ
جَعَلْتَ أطْنابَهُ أرْسانَ عاديةٍ / يَشْجى بها مِنْ فَضاءِ الأرضِ واسِعُهُ
زارَتْ بِناصِرَ الدّينِ الذي نَهَجَتْ / إِلى العُلا طُرُقاً شتّى صَنائِعُهُ
حُلْوُ الشّمائِلِ مُرُّ البأسِ ذو حَسَبٍ / منْ مَجْدِهِ مُكْتَسٍ عارٍ أشاجِعهُ
والمَنُّ لا يَقْتَفي آثارَ نائِلِهِ / إذا تَقرّاهُ منْ عافٍ مَطامِعُهُ
أفْضى بهِ الأمَدُ الأقصى إِلى شرَفٍ / ضاحٍ لهُ منْ سَنامِ العِزِّ يافِعُهُ
لولاكَ يا بْنَ أبي عَدْنانَ ما عَرَضَتْ / شُوسُ القَوافي لِمَنْ بارَتْ بَضائِعُهُ
ألِفْتُ مَدْحَكَ والآمالُ تَهتِفُ بي / وراضَ جودُكَ أفكاراً تُطاوعُهُ
والشِّعْرُ لا يَزْدَهي مِثْلي وإن شَرَدَتْ / أمثالُهُ وثَنى الأسْماعَ رائِعِهُ
لكنّ مَدْحَكَ تُغْريني عُلاكَ بهِ / فالدّهْرُ مُنْشِدُهُ والمَجْدُ سامِعُهُ
ومُسْتَقِلٌّ به دونَ الأنامِ فتًى / تَضْفو على نَغَمِ الرّاوي بدائِعُهُ
أتاكَ والنّائِلُ المَرْجوُّ بُغْيَتُهُ / لدَيْكَ والأدَبُ المَجْفُوُّ شافِعُهُ
خِلٌّ كَريمٌ وشِعْرٌ سائِرٌ وهَوىً / ثَوى على مُنْحَنى الأضْلاعِ ناصِعُهُ
وكيفَ لا يَبْلُغُ الحاجاتِ طالِبُها / وهذه في مَباغيهِ ذَرائِعُهُ
فاجْذِبْ بضَبْعي ففي الأحرارِ مُصطَنَعٌ / وحِلْيَةُ السّيّدِ المَتْبوعِ تابِعُهُ
وَمَشْبوحِ الأَشاجِعِ ناشِريٍّ
وَمَشْبوحِ الأَشاجِعِ ناشِريٍّ / لَهُ في خِنْدِفَ الشَّرَفُ الرَّفيعُ
يُناغِي العِزَّ في يَدِهِ حُسامٌ / يَمُجُّ دَمَاً مَضارِبُهُ صَنيعُ
وَيَسْكُنُ جارُهُ وَالأُفْقُ كابٍ / بِحَيْثُ يَحُلُّ حَبْوَتَهُ الرَّبيعُ
زَجَرْتُ إليهِ نَاجِيَةً ذَمولاً / تُحاذِرُ أَنْ يُلِمَّ بِهِ القَطيعُ
إذا أَلْقَتْ كَلاكِلَها لَدَيْهِ / فَلا غَشَّى مَناسِمَها النَّجيعُ
عَرَضَتْ ناشِئَةُ المُزْنِ لَنا
عَرَضَتْ ناشِئَةُ المُزْنِ لَنا / فَاسْتَهَلَّتْ مِنْ أُصَيْحابِي دُموعُ
هَزَّهُمْ بِالمَرْجِ ذِكْرى بابِلٍ / أنَّها مَرْمىً على العِيسِ شَسُوعُ
فَتَجاذَبْنا على أَكْوارِها / ذِكَراً تَنْقَدُّ مِنْهُنَّ الضُّلُوعُ
وَسَرى الطَّيْفُ فَلَمْ تَشْعُرْ بِهِ / مُقَلٌ لَمْ يَسْرِ فيهنَّ الهُجوعُ
يَسْتَعِيرُ المَاء مِنْ أَجْفانِها / عَارِضٌ دَاني الرَّبَابَيْنِ هَمُوعُ
وَمِنَ النّارِ التي تُضْمِرُها / أَضْلُعِي يَقْتَبِسُ البَرْقُ اللَّمُوعُ
لا سُقِيتُنَّ الحَيا مِنْ إِبلٍ / تَذْرَعُ الأرْضَ بِصَحْبي وَتَبوعُ
فَارَقَتْ بَغْداذَ وَالقَلْبُ بِها / كَلِفٌ لا فَارَقَتْهُنَّ النُّسوعُ
وَبِنا شَوْقٌ إِلَيْها وَبِها / مِثْلُهُ لا أَجْدَبَتْ مِنْها الرُّبوعُ
وَغَدَتْ تَمْري بِها أَخْلافَها / سُحُبٌ تَشْرَقُ مِنْهُنَّ الضُّروعُ
وَلَئِنْ غِبْنا فَكَمْ مِنْ ظَاعِنٍ / وَلَهُ بَعْدَ تَنائِيهِ رُجوعُ
إنّما نَحنُ بُدورٌ وَكَذا / شِيمَةُ البَدْرِ مَغِيبٌ وَطُلوعُ
مجْدٌ على هامَةِ العَيُّوقِ مَرْفوعُ
مجْدٌ على هامَةِ العَيُّوقِ مَرْفوعُ / راقَ الوَرى مِنْهُ مَرْئِيٌ وَمَسْمُوعُ
وَسُؤْدَدٌ لم يَجُبَّ الدَّهْرُ غارِبَهُ / وَغَيْرُهُ في نَدِيِّ الحَيِّ مَدْفوعُ
طَرْفُ الحَسودِ غَضيضٌ دونَ غَايَتِه / وَسِنُّهُ بِبنان العَجْز مَقْروعُ
وَقَدْ وَرِثْناهُما غُرّاً جَحا جِحةً / أَريبُهُمْ في الندى بِالحمْدِ مَخْدوعُ
لكنَّنا في زَمانٍ لَيْتَ دابِرَهُ / بِما يَشُقُّ على الأَوْغادِ مَقْطوعُ
غَاضَ الكرامُ كما فاضَ اللِّئامُ بِهِ / فَالخَيْرُ مُجْتَنَبٌ وَالشَّرُّ مَتْبوعُ
وَما لَهُمْ نَسَبٌ لكنْ لَهم نَشَبٌ / وَكُلُّ لُؤْمٍ بِهِ في النّاسِ مَرْقوعُ
وَهَلْ يَضُرُّهُمُ أَنْ ليسَ عَمَّهُمُ / عَمرُو العُلا هاشِمٌ وَالخَالَ يَرْبوعُ
وَهُمْ شِباعٌ رِواءٌ في الغِنى وَلَنا / أَحْسابُ آلِ أَبي سُفيَانَ وَالْجوعُ
أَلا بِأَبي بِلادُكِ يا سُلَيْمى
أَلا بِأَبي بِلادُكِ يا سُلَيْمى / وَما ضَمَّ العُذَيْبُ مِنَ الرُّبوعِ
وَلي نَفَسٌ إِذا هَيَّجْنَ وَجْدِي / يَكادُ يُقيمُ مُعْوَجَّ الضُّلوعِ
فَلَمْ أُزِرِ الدِّيارَ الطَّرْفَ حَتّى / نَفَضْتُ بِهِنَّ أَوْعِيَةَ الدُّموعِ
أَرِقْنا وَأسْرابُ النُّجومِ هُجوعُ
أَرِقْنا وَأسْرابُ النُّجومِ هُجوعُ / نُعالِجُ هَمّاً أَضْمَرَتْهُ ضُلوعُ
وَنُعْرِضُ عَنْ بِيضٍ تُديرُ وَراءَنا / عُيونَ مَهاً فيها دَمٌ وَدُموعُ
وَنَنْهَضُ لِلْعَلْياءِ وَالجَدُّ عاثِرٌ / وَنَحْنُ بِمُسْتَنِّ الهَوانِ وُقوعُ
وَهَلْ تَرْفَعُ الأَيامُ إِلّا عِصابَةً / عَفَتْ بِهِمُ لِلْمَكْرُماتِ رُبوعُ
لَهُمْ ثَرْوَةٌ يَمْتَدُّ في اللُّؤْمِ باعُها / حَواهَا نَعامٌ في النَّعيمِ رَتُوعُ
إِذَا شَبِعوا باتُوا نِياماً وَجَارُهُمْ / يُصارِمُ جَفْنَيْهِ الكَرَى وَيَجُوعُ
شَكَتْ عُقَبَ المَسْرَى مَطَايَا تَؤُمُّهُمْ / وَتَذْرَعُ أَجْوازَ الفَلا وَتَبوعُ
فَلا زِلْنَ حَسْرَى لِمْ حَمَلْنَ إِلَيْهِمُ / فَتىً لا يُناغِي نَاظِرَيْهِ خُشوعُ
وَهُمْ نَفَضُ الآفاقِ قَدْ خَبُثَتْ لَهُمْ / أُصُولٌ فَما طَابَتْ لَهُنَّ فُروعُ
إِذَا زَارَ مَغْناهُمْ كَريمٌ فَما لَهُ / إِليْهَمْ إِذَا حُمَّ الفِرَاقُ رُجوعُ
أَبا خالدٍ طالَ المُقامُ على الأذى
أَبا خالدٍ طالَ المُقامُ على الأذى / وَضاقَ بِما تَسْمو لَهُ هِمَمي باعي
فَحُلَّ عِقالَ الأَرْحَبِيِّ وَلا تُقِمْ / بِحيثُ تُناجي الذُّلَّ صاحَ بِكَ النّاعي
يا رَبَّةَ البُرْقُعِ كَمْ غُلَّةٍ
يا رَبَّةَ البُرْقُعِ كَمْ غُلَّةٍ / حَامَتْ عَلى ما ضَمَّهُ البُرْقُعُ
وَفَوَّقَتْ عَيْنُكِ لي أَسْهماً / لَمْ تَمتَنِعْ مِنْ وَقْعِها الأَدْرُعُ
هَبِي المَطايَا فَرَّقَتْ بَيْنَنَا / لا فَارَقَتْها أَبَداً أَنْسُعُ
وَنَمَّ ما تُظْهِرُهُ أَعْيُنٌ / مِنَّا بِما تُضْمِرُهُ أَضْلُعُ
فَلِمْ قَسا قَلْبُكِ في مَوْقفٍ / رَقَّتْ بِهِ الأَلْفاظُ وَالأَدْمُعُ
وَمَنزِلٍ بِرداءِ العِزَّ مُتَّشِحٍ
وَمَنزِلٍ بِرداءِ العِزَّ مُتَّشِحٍ / وَقَد رَضيناهُ مُصطافاً وَمُرتَبَعا
تَكسو عُلوميَ عِرنينَ التُقى شَمَماً / في حافَتَيهِ وَأَجيادَ العُلا تَلَعا
لَمّا تَسَنَّمَ أَعلاهُ هَوى بِفَتىً / يُطَبِّقُ الأَرضَ تيهاً وَالسَّماءَ مَعا
وَكَيفَ يَحمِلُ سَقفٌ مِثلُهُ هِمَماً / لَم يَستَطِع حَملَها السَّقفُ الَّذي رُفِعا
وَاللَهُ دافَعَ عَنِّي إِذْ رَأَى شَرَفاً / لَو لَم أُطِل باعَهُ بالفَضلِ لا تَّضَعا
وَلَو قَضى بِالَّذي نادَى الأَنامُ بِهِ / لَم يُلْفَ بَعديَ شَملُ المَجدِ مُجتَمِعا
فاللَهَ أَسأَلُ عُمراً كُلَّما بَلَغَتْ / مَدى القُروحِ سِنوهُ فُرَّ لي جَذَعا
هاتَيكَ نَيسابورُ أَشرَفُ خُطَّةٍ
هاتَيكَ نَيسابورُ أَشرَفُ خُطَّةٍ / بُنيتْ بِمُعتَلِجِ الفَضاءِ الواسِعِ
لَكِن بِها بَردانِ بَردُ شِتائِها / إِمّا شَتَوتَ وَبَردُ شِعر البارِعِ
نأَت أُمُّ عَمروٍ قَرَّبَ اللَهُ دارَها
نأَت أُمُّ عَمروٍ قَرَّبَ اللَهُ دارَها / وَأَظهَرَ دَمعي ما تُجنُّ الأَضالِعُ
فَواللَهِ لا أَكرَهتُ جَنبيَ بَعدَها / عَلى السِرِّ حَتّى تُستَشارَ المَدامِعُ
فؤادٌ بِبَينِ الظاعِنينَ مُرَوَّعُ
فؤادٌ بِبَينِ الظاعِنينَ مُرَوَّعُ / وَعَينٌ عَلى إِثر الأَحِبَّةِ تَدمَعُ
وَكَيفَ أُواري عَبرَةً سَمَحَتْ بِها / وَإِن حَضَرَ الواشي وَسَلمى تُوَدِّعُ
فَيا دَهرُ رِفقاً إِنَّ بَينَ جوانِحي / حُشاشَةَ نَفسٍ مِن أَسىً تَتَقَطَّعُ
فَما كُلَّ يَومٍ لي فؤادٌ تَروعُهُ / وَلا كَبِدٌ مِمّا بِهِ تَتَصَدَّعُ
أَيُجمَعُ شَملٌ أَو تُراحُ مَطيَّةٌ / وَأَنتَ بِتَفريقِ الأَحِبَّةِ مُولَعُ
وَلَمّا تَجَلَّتْ لِلوَداعِ وَأَشرَقَتْ / وجوهٌ كَأَنَّ الشَّمسَ مِنهُنَّ تَطلُعُ
وَقَفنا بِوادي ذي الأَراكَةِ وَالحَشى / يَذوبُ وَما لِلصَبرِ في القَلبِ مَوضِعُ
وَلَيسَ بِهِ إِلّا حَبيبٌ مُوَدِّعٌ / عَلى وَجَلٍ يَتلوهُ دَمعٌ مُشَيِّعُ
وَقَد كادَ أَجفانٌ شَرِقنَ بِأَدمُعٍ / يُنَشِّرنَ أَسراراً طَوَتهُنَّ أَضلُعُ
فَلَيتَ جِمالَ المالكيَّةِ إِذ نأت / أَقامَت بِنَجدٍ وَهيَ حَسرى وَظُلَّعُ
فَلِمْ حَمَلَتها وَهيَ كارِهَةُ النَوى / إِلى حَيثُ لا يَستَوقِفُ العيسَ مَرتَعُ
وَهَذا مَصِيفٌ بِالحِمى لا تَمَلُّهُ / وَفيهِ لِمَن يَهوى البَداوَةَ مَربَعُ
وَعارِضَةٍ وَصلاً تَصامَمتُ إِذ دَعَتْ / وَأُختُ بَنِي وَرقاءَ تَدعو فَأَسمَعُ
وَذو الغَدرِ لا يَرعى تَليدَ مَوَدَّةٍ / وَيَقتادُهُ الوُدُّ الطَّريفُ فَيَتبَعُ
وَلَو سأَلَتْنِي غَيرَهُ لَرَجَعتُها / بِهِ فالهَوى لِلمالِكيَّةِ أَجمَعُ
لاحَ بُرَيقٌ يَلمَعُ
لاحَ بُرَيقٌ يَلمَعُ / لِمُغرَمٍ لا يَهجَعُ
وَهاجَ وَجداً لَم يَزَلْ / تُطوى عَلَيهِ الأَضلُعُ
وَقَد تَوالَتْ مِن سَنا / هُ لَمَعاتٌ تَخدَعُ
فَحالَ بَينَ ناظِري / وَبَينَهُنَّ الأَدمُعُ
وَكَيفَ يُخلي العَينَ مِن / دَمعٍ فؤادٌ مَوجَعُ
صَبا إِلى نَجدٍ وَقَد / سُدَّ إِليهِ المَطلَعُ
وَقُلتُ إِذْ حَنَّ أَبو ال / مِغوارِ وَهْوَ أَروَعُ
وَلَم يَكُن مِن صَدَما / تِ النَّائِباتِ يَجزَعُ
إِن خارَ مِنها عودُهُ / فالمَشرَفِيُّ يُطبَعُ
لَيسَ إِلى وادي الغَضى / فيما أَظُنُّ مَرجِعُ
وَالعِيسُ قَد أَخطأَها / عَلى النُّقَيْبِ مَرتَعُ
فَما بِهِ ماءٌ روىً / وَلا مَرادٌ مُمرِعُ
وَهُنَّ تَحتَ أَنسُعٍ / كَأَنَّهُنَّ أَنسُعُ
صَبراً فَقَد أَرَّقَني / حَنينُكِ المُرَجَّعُ
يا حَبَّذا نَجدٌ وَرَيَّا / وَالحِمى وَالأَجرَعُ
وَظِلُّهُ الأَلمى حَوَا / لَيهِ غَديرٌ مُترِعُ
رَيّا الَّتي اُختيرَ لَها / بِذي الأَراكِ مَربَعُ
غَرثَى الوِشاحَينِ وَل / كِنَّ السِوارَ مُشبَعُ
أَشتاقُها وَالقَلبُ مِنِّ / ي لِلغَرامِ أَجمَعُ
وَبَينَنا بيدٌ بِأَي / دى الناجياتِ تُذرَعُ
فَما لِسَمعِي بِالمَلا / مِ إِن حَنَنتُ يُقرَعُ
والإِبِلُ الهُوجُ إِلى / أُلاَّفِهِنَّ تَنْزَعُ
إِذا نَشَرَ الحَيا حُلَلَ الرَبيعِ
إِذا نَشَرَ الحَيا حُلَلَ الرَبيعِ / فَوَشَّعَ نَورُهُ كَنَفَيْ وَشيعِ
وَقَفتُ بِهِ فَذَكَّرَني سُلَيمَى / وَعادَ بِنَشرِها أَرَجُ الرَّبيعِ
بِها سُفْعٌ تَبُزُّ شؤونَ عَيني / خَبيئَةَ ماذَخَرْنَ مِنَ الدُّموعِ
فَناحَ حَمامُها وَحكَتهُ حَتَّى / وَجَدتُ الطَّرفَ يَسبَحُ في النَّجيعِ
أَيابْنَةَ عامِرٍ ماذا لَقِينا / بِرَبعِكِ مِن حَماماتٍ وُقوعِ
لَبِستُ بِهِ الشَّبابَ فَقَدَّ شَيبِي / مَجاسِدَ لَيلِهِ بيَدِ الصَّديعِ
وَكانَت أَيكَةُ الدُّنيا لَدَينا / عَلى النُّعمى مُهَدَّلَةَ الفُروعِ
تُرى أَطنابُنا مُتشابِكاتٍ / كَأَنَّ بُيوتَنا حَلَقُ الدُّروعِ
فَقَد نَضَبَتْ بَشاشَةُ كُلِّ عَيشٍ / غَزيرٍ دَرُّهُ شَرِقِ الضُروعِ
وَكادَ الدَّهرُ يَقطُرُ مُجتَلاهُ / عَلى الأَثلاتِ بِالسُمِّ النَّقيعِ
رأت أُمُّ عَمروٍ يَومَ سارَت مَدامِعي
رأت أُمُّ عَمروٍ يَومَ سارَت مَدامِعي / تَنُمُّ بِسرِّي في الهَوى وَتُذيعُهُ
فَقالَتْ أَهَذا دأبُ عَينِكَ إِنَّني / أَراها إِذا اِستُودِعْتَ سِرّاً تُضيعُهُ
وَكَيفَ أَرُدُّ الدَّمعَ وَالوَجدُ هاتِفٌ / بِهِ وَعلى الإِنسانِ ما يَستَطيعُهُ
بَدا لي عَلى الكَثيبِ
بَدا لي عَلى الكَثيبِ / بِنَعمانَ ما يَروعُ
رَعابيبُ مِن نُمَيرٍ / جَلابيبُها تَضوعُ
وَوَهبينُ في رُباها / لأَسرابِها رُبوعُ
مَعاطيرُ مِن مَهاها / بِأَرجائِها الفُروعُ
أَرِقتُ لشوقٍ أَضمرَتْهُ الأَضالعُ
أَرِقتُ لشوقٍ أَضمرَتْهُ الأَضالعُ / بِلَيلٍ يداني الخَطْوَ والنَّجمُ ظالِعُ
وَلو نِمْتُ زارَتني الَّتي ما ذكرْتُها / فَتَشرَقَ إِلّا بالنَجيعِ المدامِعُ
يقرُّ بعيني أَن أَرى أُمَّ سالِمٍ / إِذا ما اطمأَنَّتْ بالجنوبِ المضاجعُ
وَأَرضى بطَيفٍ وهيَ تأبى طروقَهُ / أُغازِلُهُ والعاذلاتُ هواجِعُ
أَنافِعَةٌ لي زورةٌ مِن خيالِها / أَجَلْ كُلُّ شيءٍ من أُمَيمَةَ نافِعُ
وإِنّي بما قَرّتْ بِهِ العَينُ مَرَّةً / وإنْ لم يَكُن يُجدي عليَّ لَقانعُ