المجموع : 10
يا أَنفَ عيسى جَزاكَ اللَّهُ صالِحَةً
يا أَنفَ عيسى جَزاكَ اللَّهُ صالِحَةً / وَزادَكَ اللَّهُ إِشراقاً وَمُتَّسَعا
نَعَم وَلا زِلتَ تَجري فيكَ أَودِيَةٌ / مِنَ المُخاطِ رواء يطرِدنَ مَعا
حِصنٌ حَصينٌ وَعِزٌّ لَو تَناوَلَهُ / كِسرى المُلوكِ أَنو شروانَ لامتَنَعا
تَرَكتُ عيسى فَما عِندي مُخاطبَةٌ / لَهُ وَخاطبتُ أَنفاً طالَ وَاِرتَفَعا
عيسى غُلامٌ وَلكِن أَنفُهُ رَجُلٌ / وَالقَرنُ يَحسُن مِنهُ كُلّ ما صَنَعا
رَأَيتُ أَنفاً وَلَم أَعلَم بِصاحِبِهِ / فَقُلتُ مَن صاحِبُ الأَنفِ الَّذي طَلَعا
قالوا فَتىً غابَ فيهِ قُلتُ وَاعَجَبي / ما إِن رَأى مِثلَ ذا راء وَلا سَمِعا
يا وَيلَكُم أَخرِجوهُ قالَ ناطِقُهُم / هَيهاتَ ما إِن نَرى في نَيلِهِ طَمَعا
الجبُّ أَبعَدُ غوراً حينَ تَطلُبُهُ / مِن أَن تَنالَ حِبالَ القَومِ مَن ضَرعا
فَلَو تَراني عَلى أَنفٍ أَنوحُ بِهِ / عَلى فَتىً زَلَّ في خَيشومِهِ قِطَعا
بَينا كَذلِكَ إِذ جالَت غَوارِبُهُ / بِمَخطِهِ فَإِذا عَيسونُ قَد رَجَعا
فَقُلتُ خَيرٌ فَقَد عايَنتَ ما رَجِعَت / عَنهُ العُيونُ وَقَد أَبعَدتَ مُنتَجَعا
فَقال ما زِلتُ في لَيل وَفي لَثَقِ / وَفي أُمورٍ أَذاقَتني الرَّدى جُرَعا
فَقُلتُ يا أَهلَ عيسى إِنَّني رَجُلٌ / أَبدى النَّصيحَةَ إِنّي مُشبَعٌ وَرَعا
لا يَبرَحَنَّ لَكُم حَبلٌ يُشَدُّ بِهِ / وَسط الغُلامِ قَريباً كانَ أَو شَسَعا
لِتَجذِبوهُ بِهِ مِن جَوفِ مَنخِرِهِ / فَتُخرِجوهُ بِهِ يَوماً إِذا وَقَعا
قولا لِأَنفٍ وَقُزعَه
قولا لِأَنفٍ وَقُزعَه / أَخطاكُما وَزنُ سَبعَهْ
ما شابَ رَأسي ولا لي / وَالحَمدُ لِلَّهِ صَلعَهْ
لكِن جَبينَي رَحبٌ / وَمَقدَمي فيهِ نَزعَهْ
وَالشِّعرُ مِنى جَعدٌ / لكِنَّ لي فيهِ صَنعَهْ
وَحَبَّذا القَولُ وَالطّو / لُ فَاِعلَموا فيهِ شُنعَهْ
وَلَستُ أَيضاً قَصيراً / لكِن مِنَ القَومِ رَبعَهْ
وَلا جَفاني حَبيبُ / أَرادَ عَنّي نُجْعَهْ
يا قَدرَ إِسحقَ وَاللَ / هِ لا نَسِيتُك جُمعَهْ
فَأَنتَ مِسكٌ وَلكِن / أَحبابَنا مِنكَ قِطعَهْ
شارَكتُ فيكَ رِجالاً / قَد جاوَزوا البَرقَ سرعَهْ
لَم يَترُكوا مِنكَ عَظماً / ولا مِنَ المرقِ جُرعَهْ
إِسحقَ مِنهُم وَإِسح / قَ ما عَلِمناهُ سِلعَهْ
أَمّا النَّبيذُ فَشَيءٌ / لَم نَعتَرِف عَنكَ مَنعَهْ
وَليسَ بذلُكَ إِيّا / هُ باباً مِنَ الخَمرِ بِدعَهْ
فَزادَكَ اللَّهُ فَضلاً / عَلى المُلوكِ وَرفعَهْ
وَصَيَّرَ الأَنفَ حَتّى / أَراهُ قَد صارَ قُطعَهْ
ذوقوا حَلاوَةَ فَقدِها وَتَعَلَّموا
ذوقوا حَلاوَةَ فَقدِها وَتَعَلَّموا / أَنَّ الأَسِنَّةَ بَعدَ ذلِكَ شُرَّعُ
فَإِذا وَفيتُم فَهيَ خَيرُ بِلادِكُم / وَإِذا غَدَرتُم فَهيَ سمٌّ مُنقَعُ
إِذا أَحبَبتُ لَم أَسلُ
إِذا أَحبَبتُ لَم أَسلُ / وَإِن واصَلتُ لَم أَقطَع
وَإِن عَنَّفَني النَّاسُ / تَصامَمتُ وَلَم أَسمَع
وَقَد جَرَّبتُ ما ضَرَّ / وَقَد جَرَّبتُ ما يَنفَع
فَلا مِثلُ الهَوى أَن / هَكُ لِلجِسمِ وَلا أَضرَع
وَلا كَالهَجرِ لا أَوحى / إِلى المَوتِ وَلا أَشرَع
وَقَد أَوجَعَني العَذلُ / وَلكِنَّ الهَوى أَوجَع
وَكانَت قُوَّتي في الحُب / بِ قَبل الفِعلِ فَاِستَجمَع
فَلَمَّا رُمتُ أَن أَسلُ / وَ عَن حُبّيكَ صارَت مَع
وَهذا عدمُ العَقلِ / فَما أَسطيع أَن أَصنَع
فَلا وَاللَّهِ ما عِندي / لما قَد حَلَّ بي مَدفَع
وَلا لي عِندَكُم مغدى / وَلا لي دونَكُم مَرجِع
وَلا فِيَّ لِهجرانِ / كِ لَولا ظُلمُكُم مَوضِع
وَهَل لي ناصِرٌ مِنكِ / إِذا جَدَّ بِيَ المَفزَع
أَلا لي جَسَدٌ يَبلى / وَلا لي مُقلَةٌ تَدمَع
لَم يَزِدني العَذلُ إِلَّا وَلَعا
لَم يَزِدني العَذلُ إِلَّا وَلَعا / ضَرني أَكثَرُ مِمّا نَفَعا
ذَهَبَت بِالقَلبِ عَينٌ نَظَرَت / لَيتَها كانَت وَإِيّاهُ مَعا
أَو بَراها الشَّوقُ حَتّى لا تَرى / حَتفَها يالَيتَ قَلبي رَجَعا
كُلّ يَومٍ لِيَ مِنهُ آفَةٌ / تَرَكَتني لِلهَوى مُتَّبِعا
أَبكى الفَتى بَعدَ الخَليطِ مَربَعُه
أَبكى الفَتى بَعدَ الخَليطِ مَربَعُه / وَكادَ وَجدُ القَلبِ مِنهُ يَصرَعُه
حَتَّى جَرى جَريَ الجُمانِ أَدمُعُه / وَالحُبُّ داءٌ عاجِلاً سَيَصرَعُه
طالَ البُكا لَو أَنَّ ذاكَ يَنفَعُه / مِن حُبِّ مَن يقنعها وَتقنِعُهُ
أَولَعَها اللَّهُ بِهِ وَأَولَعَه / فَلَيسَ يَجفوها وَلَيسَت تَقطَعُه
لَيسَت كَمَن يَخدَعُها وَتَخدَعُه / يُطمِعُها بِباطِلٍ وَتطمِعُه
لكِن لَها مِنهُ الوِصالُ أَجمَعُه / فَمَضجَع مَضجَعها وَمَضجَعُه
يَرفَعُها طوراً وَطوراً تَرفَعُه / يَحشُرُها اللَّهُ إِذا ماتَت مَعُه
أتيحَ مِنَ الحينِ المُتاحِ لِقَلبِهِ
أتيحَ مِنَ الحينِ المُتاحِ لِقَلبِهِ / ثَلاثَةُ أَنواعٍ وَآخرَ رابِعُ
فِراقٌ وَهجرانٌ وَلَيلٌ كَأَنَّما / تُجاذِبُهُ الإِصباحَ أَيدٍ نَوازِعُ
وَإِنِّي مَتى أَنظُر إِلى مَن أُحِبُّهُ / أَشارَت من الأَعداء نَحوي الأَصابِعُ
فَلا البَينُ مَأمونٌ وَلا الهَجرُ مُبعَدٌ / وَلا يَفتُرُ الواشي وَلا الصُّبحُ ساطِعُ
كانَ اِبتِدايَ بِحُبِّهِ وَلَعا
كانَ اِبتِدايَ بِحُبِّهِ وَلَعا / حَتَّى صَنع بي هَواهُ ما صَنَعا
أَطمَعَني فيكَ حُسنُ ظَنِّكَ بي / لا خَيَّبَ اللَّهُ ذلِكَ الطَّمَعا
وَكُلّ مَن في فُؤادِهِ وَجَعٌ / يَطلُب شَيئاً يسكّن الوَجَعا
يا قابِلا فِيَّ كُلَّ ما سَمِعا / لَم يَدَعِ اليَأس فيكَ لي طَمَعا
أعمل في الطرقِ طَرفَ والِهَة / لَعَلَّ طَرفي عَلَيكَ أَن يَقَعا
رَأَيتُكَ سَمحَ البَيعِ وَالعِلقِ إِنَّما
رَأَيتُكَ سَمحَ البَيعِ وَالعِلقِ إِنَّما / يُغالى بِهِ إِن ضَنَّ بِالعِلقِ بايِعُه
وَأَحرَ بِمَن هانَت بَضائِعَ مالهُ / لَدى البَيعَ يَوماً أَن تَبورَ بَضائِعُه
هُوَ الماءُ إِن أَجمَمتَهُ طابَ ورده / وَيُفسِدُهُ أَن تُستَباحَ شَرائِعُه
أَمَّا شَبابي فَلَم أَذمُم صَحابَتَهُ
أَمَّا شَبابي فَلَم أَذمُم صَحابَتَهُ / وَالشَّيبُ حينَ عَلاني زادَني وَرَعا
أَصبَحتُ بَينَ الفَتى وَالشَّيخ مُرتَدِياً / ثَوبَ الشَّبابِ بِثَوبِ الشَّيبِ مُقتَنِعا
في الشَّيبِ عافِيَة ما لَم يَكُن صَلَعٌ / فَإِنَّ ذاكَ وَذا عارٌ إِذا اِجتَمَعا
لَونُ المَشيبِ إِذا ما شِبتُ يَستُرُه / لَونُ الخضابِ فَما ذا يَستُرُ الصَّلَعا