المجموع : 5
أَسمعتَ أجراسَ الكنائس خُشعَّاً
أَسمعتَ أجراسَ الكنائس خُشعَّاً / ورأيتَ نور الحبِّ كيف تضوعا
اليومُ عيدٌ للبريَّةِ شاملٌ / كالنورِ هزَّ رياضَها والبلقعا
ما كانَ عن تقديره مُتخلفٌ / فهو الأبُ الحاني يُلبىّ من دعا
عيدُ السلام على البسيطةِ كلهَّا / ولو أنَّ فيها من جِراحٍ موُجِعا
عيدٌ به يُجنى الحصادُ مُكرراً / من غَرسِ من بَذرَ السلامَ فأبدعا
إن كانَ خُضِّبَ بالدماءِ فَربُّهُ / كان الشهيد لأجله فترفَعَّا
والسلمُ مثلُ الحِّق ليس مقدساً / إن لم يُصن ويَسد وَيَبقَ مُمنعَّا
يا عيدُ أهلاً بالبشيرِ وبالهدى / وجدا بيومكَ للتحررِ مطلعا
لم نَشقَ بالظُّلامِ إلاَّ ساقنا / لسناكَ من ترك الظلومُ مضعضعا
من كانَ مذودهُ الحقيرُ ولادةً / للنبلش من وهبَ الصليب وودعا
نلتف حولكَ في الرموزِ سواطعاً / مُثلاً تلمسَّها الجمالُ فوقعا
عيدَ الفداءِ هل الفداءُ سوى غنىً / أعيا النفوسَ تأملاً وتوسُّعا
عيد الفقيرِ هل الخصاصة نعمةٌ / فلقد جعلتَ الفقرَ أنساً ممرعَا
عيدَ الأخوة في المظاهر والنُّهىَ / مضت القرون ولا تزالُ الَمفزعا
عيدَ الُمكافحِ في الحياةِ بلاونىً / اليومُ ينعمَ بالسكينةِ مُولعا
عيدَ الحزَانى إن روحك ملجأٌ / لهمو ولو ذرفوا لرزءٍ مَدمعا
عيدَ الأسيرِ وقد يكون بأسرِهِ / شعبٌ تَمثَّل بالمسيحِ فأزمعا
عيدَ الطهارة فالأثيمُ بدمعهِ / غَسلَ الذنوب لديكَ حين تَضَّرعا
عيدَ الأمومةِ في أعزَّ جلالها / عيد الطفولة بهجة وتلعلعا
عيدَ الرجاءَ بحاضر وبمقبل / للحالم الواني ومُلهمَ من سعى
لكَ ايُّها العيدُ الحبيبُ تحيَّةً / جمعت قلوباً ليتها تبقى معا
مُقبِّل الراحةِ النكراءِ مزدهياً
مُقبِّل الراحةِ النكراءِ مزدهياً / من ذا تركت إذن في الناس يَقطعها
هل إرثُ سعدٍ خُنوعُ لا مثيلَ له / لمن أذلَّ بلاداً كنت ترفعها
حفَّ اللصوصُ به من كلِّ ناحيةٍ / والدَّاعرونَ فمن ذا اليوم يَنفعها
أنا أدخرناكَ للجَّلى فهل خُدعت / عقولنا أم بدأت اليوم تخدعُها
والهفتي في اغترابي اليومَ عن وطني / وكل بأسىِ دموعٌ لي أوزعها
تقاطرت كلظى البركانِ صارخةً / وأحرقت كلَّ غرسٍ وهو مَرتَعها
ولم تَجد من بقايا الأَمسِ صالحةً / كأنمَّا الأمس أسياف تُقطعِّها
عَلامَ مَدِحى وإِعزازِي وتضحيتي / ومصرُ تشقي وفيما قلتَ مَصرعُها
هل خابَ ظَنِّي فَيمن كنت أَعبدهُ / أم الضمائرُ كالثرواتِ تَصنعها
إنِّي أُطأطئُ راسي عانياً خَجلاً / أني ذكرت رزايا كنتَ تَمنعها
من ينقذُ الشعبَ والويلاتُ تَنكههُ / حينَ الزعاماُ تدعوها تمنعها
وحينما التاجُ في الأفواهِ سخريةٌ / وَمَن يَردَّ مآسينا ويردعَها
هيهات لم يبق إلاّ الشعبُ منتفضاً / متى المصائبُ هزَّ الشعبَ أَوجعها
هيا إلى السماء هيا
هيا إلى السماء هيا / وانشر جناحيك كالشراع
نافس الشمس في علاها / لم تهوي إلى البقاع
يا مليكا على الطيور / كيف مرقاك فوق غصن
ليس هذا الجثوم أهلا / لك في عزة وحسن
لم ترنو إلى الثرى / عابسا ساخط النظر
حينما فسحة السماء تدعو / راقيا عالم البشر
حينما نحن قابعون ذلا / في هشيم وبين عشب
فارتفع يا مليك وارحل / في معاليك بين سحب
عندها عندها سنزهى / يا صغار بعزتك
نمدح المجد فيك أنت / يا مليكا بصولتك
فاعطنا نحن عاشقيك / فرصة تطرد الوجل
من عيون لنا أهينت / مضها الخوف والخجل
وأجز تركنا حمانا / فهو مثوى لنا حقير
كي نسلى بنور شمس / بعد عيش لنا أسير
إنسنا زمرة الأداني / في تعاليك للسماء
فنرى المجد يا مليك أنت / ونغني لك الثناء
لا ترقبوا مني الدموع رخيصة
لا ترقبوا مني الدموع رخيصة / أغلى الدموع المحرقات دموعي
ليست على نفس تراق وإنما / هي بعض قرباني لغوث جموع
نثرت شواظا ليس يرحم ظالما / أو عابثا ويبر بالمفجوع
كالجحفل اللجب الذي تعنو له / أمم ويشخر بالظما والجوع
شعري دموعي وهو إنسانيّتي / وتحرقي لمواطني وخشوعي
ينساب في الغدران من ألحانه / ألق ويعبق ضاحكا لزروع
ويعود بالأمل المجانب راضيا / من بعد هجرته أعز شفيع
ويفيض كالبركان في حمم له / ويلا على المتجبر المفزوع
شخصيتان له توحدتا كما / يتوحد المنظور بالمسموع
أو كالصلابة أودعت في رقة / أو كالبطولة في إهاب وديع
هذي دموعي لا ميوعة عاجز / غرّ ولا بالك بكاء خليع
هذا قريضي ثورة لمواطني / في بؤسها وهداية المجموع
هو ثروة لي حينما هو ثروة / لمواطني ورسالتي ونزوعي
فاهزأ به ما شئت أو فانعم به / يا شعب فهو حشاشتي ودموعي
إن نالني السقم لم يبلغ بي الجزع
إن نالني السقم لم يبلغ بي الجزع / ما قد يعاب ولم يعبث بي الفزع
وما جزعت لنفسي مثلما جزعت / نفسي لغيري وقد هانوا وما جزعوا
كم للعروبة في نفسي مآثمها / والقاهرون لها جان ومنتفع
الحاكمون بلا دين ولا شرف / والغاصبون وأقصى نبلهم طمع
والهازلون بتهريج وقد خلقوا / منه البطولة ألوانا وكم خدعوا
يا لائمي من أدالوا عز أمتنا / خلوا النفاق فأنتم في الأذى شرع
لولاكمو ما استباح العلج عزتنا / ولا استبدت بنا الأوهام والبدع
وما نزال فكم من زمرة شقيت / دستورها الجهل أو دستورها الودع
يوحي لها القات والقناب غفلتها / فما تفيق وما يدنو لها الهلع
وحولها النار بالعدوان صارخة / كأنما ليس فيها اليوم مستمع
يا ليتني مستطيع أن أطهرها / وأن أهز نياما في الردى قبعوا
وأن أحكم سيفا في اصاغرها / الهادميها بما بثوا وما جمعوا
وأن أقطع أذنابا لها مرنوا / على الفجور وقالوا فجرهم ورع
وأن أثير جميع العرب قاطبة / كما يثار إذا ما هوجم السبع
إني لجد حزين حين أرقبها / يودي بها الذئب أو يودي بها الضبع
وحولها للثعالي في بطولتهم / ما لم يعد بعده للخبث متّسع
وكل حولي في شعر أجود به / كما أجود بأنفاسي لمن سمعوا