بلادك إنها خير البقاع
بلادك إنها خير البقاع / فقم ثبت بها قدم الدفاع
بلادك أرضعتك العز فاحفظ / لها حق الأمومة والرضاع
بلادك أصبحت لحماً غريضاً / تمطق فيه اشداق السباع
فقل للضاريات ألا اقذفيه / ففي أوصاله سم الأفاعي
أرى ضرماً وليس له لهيب / وهل نار تكون بلا شعاع
وأسنمة يسيل السمن منها / توزع بين أفواه جياع
وقطعاناً تلاوذ وهي سغب / وتمنع عن مداناة المراعي
فما زالت على فزع ورعب / تفر من الذئاب إلى الضباع
غزانا الغرب في جيش لهام / تجهزه السياسة بالخداع
رمى الشرق الجميع بنبل مكر / ففرق شمله بعد اجتماع
وحمل أهله عبئاً ثقيلاً / وكلفهم بغير المستطاع
يجذ الكف وهو يريد منها / أو ان القطع فعل يد صناع
ويثقل بالحديد الساق ظلماً / ويرجو أن تخف إلى المساعي
أطار الفكر من دهش شعاعاً / وقال احمل قواك على اختراع
وضيعها حقوقاً ناصعات / فيا لِلّه والحق المضاع
يرى ضعة الكراع فيصطفيه / ويعرض عن مجاملة الذراع
نظرنا في السياسة فاجتهدنا / وخضنا في القياس وفي السماع
فألفينا بحيرتها سراباً / يحوم الوهم منه على التماع
إذا كالت فقيراط بصاع / أو اكتالت فقنطار بصاع
أبت أن تستقر على ثبات / بواعثها الكثيرة والدواعي
وما عقدت بخنصرها حساباً / لأمر لا يجيئ له بباع
تصافيها النفوس ولا تصافي / وترعاها العيون ولا تراعي
تصارع أمة بيمين أخرى / وليس لغيرها غلب الصراع
أما في هذه الدنيا مطيع / يراقب بطشة الملك المطاع
ونفس في زجاجتها انشعاب / ويوشك أن تؤول إلى انصداع
تنفس في سجنجلها غبار / يخفف وزن عالية التلاع
وأوردها المنية وهو يشدو / ردي مرّ الحتوف ولا تراعي
دعوت الحي يغمرهم كراهم / وهل ميت يجيب نداء داع
وقلت لناشد في الشهب مأوى / أضعت العمر في طلب الضياع
يراقب من أمانيه بشيراً / فيسبقه القضاء لها بناع
ألم يرهقه معترك الليالي / وحد السيف يرهف بالقراع
ومن لم يتسع صدراً لضيق / يضق فيه فضا الخطط الوساع
ومن قدّ العدو له قناة / أعدّ لوخزه قط اليراع
سنان أم لسان فيه يقضى / على الخصم الألد لدى الدفاع
يكتبها كتائب من حروف / ولكن المواقف من رقاع
له أما القلوع مع المنايا / وأما فتح مغلقة القلاع
فإن لم تنحسم فيه القضايا / فبيض الهند حاسمة النزاع
أمير الريف اسرجه احتجاجاً / ليلجم فيه جامحة الطباع
أنار المبهمات وقد تجلى / كمصباح توقد في يفاع
ولما أعميت عنه عيون / صحيحات وارتج سمع واع
أقام السيف يخترق التراقي / وينكت فالقاً وكر الصداع
ولولا فصله اتصلت عراها / حوادث تستمر بلا انقطاع