هبطت إليك من المحلّ الأرفع
هبطت إليك من المحلّ الأرفع / ورقاء ذات تعزّز وتمنّع
محجوبة عن كلّ مقلة عارف / وهي التي سفرت ولم تتبرقع
وصلت على كرهِ اليك وربما / كرهت فراقك وهي ذات تفجع
أنفت وما أنست فلما واصلت / ألفت مجاورة الخراب البلقع
وأظنّها نسيت عهوداً بالحمى / ومنازلا بفراقها لم تقنع
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها / في ميم مركزها بذات الأجرع
علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت / بين المعالم والطلول الخضّع
تبكي إذا ذكرت جواراً بالحمى / بمدامع تهمى ولمّا تقطع
وتظل ساجمة على المن التي / درست بتكرار الرياح الأربع
إذ عاقها الشرك الكثيف وصدّها / قفص عن الأوج الفسيح الأربع
حتى إذا قرب المسير من الحمى / ودنا الرحيل إِلى الفضاء الأوسع
وعذت مفارقة لكلّ مخلّف / عنها حليف الترب غير مشيّع
سجعت وقد كشف الغطاء فابصرت / ما ليس يدرك بالعيون الهجّع
وغدت تغرد فوق ذروة شاهق / سام إِلى قعر الحضيض الأوضع
إن كان أرسلها الإله لحكمة / طويت عن الفذ اللبيب الأروع
فهبوطها إن كان ضربة لازب / لتكون سامعة لما لم تسمع
وتعود عالمة بكل خفية / في العالمين فخرقها لم يرقع
وهي التي قطع الزمان طريقها / حتى لقد غربت بعين المطلع
وكأنها برق تألق بالحمى / ثم انطوى فكأنّه لم يلمع