المجموع : 5
ما ضاق دهرك إلا صدرك اتسعا
ما ضاق دهرك إلا صدرك اتسعا / فهل طربت لوقع الخطب مذ وقعا
تزداد بشراً إذا زادت نوائبه / كالبدر إن غشيته ظلمةً سطعا
وكلما عثرت رجل الزمان عمى / أخذت في يده رفقاً وقلت لعا
وكم رحمت الليالي وهي ظالمةٌ / وما شكوت لها فعلا وإن فضعا
وكيف تعظم في الأقدار حادثةً / على فتى ببني المختار قد فضعا
أيام أصبح شمل الشرك مجتمعاً / بعد الشتات وشمل الدين منصدعا
ساقت عدياً بنو تيم لظلمهم / أمامها وثنت حرباً لها تبعا
ما كان أوعر من يوم الحسين لهم / لولا لنهج الغصب قد شرعا
سلا ظبا الظلم من أغماد حقدهما / وناولاها يزيداً بئس ما صنعا
فقام ممتثلاً بالطف أمرهما / ببيض قضب هما قدماً لها طبعا
لا غرو إن هو قد ألفى أباه على / هذا الظلال إذا ما خلفه هرعا
وجحفل كالدبا جاء الدباب به / ومن ثنية هرشي نحوكم طلعا
يا ثابتاً في مقام لو حوادثه / عصفن في يذبل لأنهار مقتلعا
ومفرداً معلماً في ضنك ملحمةٍ / بها تعادي عليها الشرك واجتمعا
للَه أنت فكم وتر طلبت به / للجاهلية في أحشائها زرعا
قد كان غرساً خفياً في صدورهم / حتى إذا أمنوا نار الوغى فرعا
واطلعت بعد طول الخوف أرؤسها / مثل السلاحف فيما أضمرت طمعا
واستأصلت ثار بدر في بواطنها / وأظهرت ثار من في الدار قد صرعا
وتلكم شبهةٌ قامت بها عصب / على قلوبهم الشيطان قد طبعا
ومذ أجالوا بأرض الطف خيلهم / والنقع أظلم والهندي قد لمعا
لم يطلب الموت روحاً من جسومهم / إلا وصارمك الماضي له شفعا
حتى إذا بهم ضاق الفضا جعلت / سيوفكم لهم في الموت متسعا
وغص فيهم فم الغبرا وكان لهم / فم الردى بعد مضغ الحرب مبتلعا
ضربت بالسيف ضرباً لو تساعده / يد القضاء لزال الشرك وانقشعا
بل لو تشاء القضا أن لا يكون كما / قد كان غير الذي تهواه ما صنعا
لكنكم شئتم ما شاء بارؤكم / فحكمه ورضاكم يجريان معا
وما قهرتم بشيءٍ غير ما رغبت / له نفوسكم شوقاً وإن فضا
لا تشمتن رزاياكم عدوكم / فما أمات لكم وحياً ولا قطعا
تتبعوكم وراموا محو فضلكم / فخيب اللَه في ذلكم طمعا
أني وفي الصلوات الخمس ذكركم / لدى التشهد للتوحيد قد شفعا
فما أعابك قتلٌ كنت ترقبه / به لك اللَه جم الفضل قد جمعا
وما عليه هوان أن يشال على / المياد منك محيساً للدجى صدعا
كأن جسمك موسى مذ هوى صعقاً / وإن رأسك روح اللَه مذ رفعا
كفى بيومك حزناً أنه بكيت / له النبيون قدماً قبل أن يقعا
بكاك آدم حزناً يوم توبته / وكنت نوراً بساق العرش قد سطعا
ونوح أبكيته شجواً وقل بأن / يبكي بدمع حكى طوفانه دفعا
ونار فقدك في قلب الخليل بها / نيران نمرودٍ عنه اللَه قد دفعا
كلمت قلب كليم اللَه فانبجست / عيناه دمعاً دماً كالغيث منهمعا
ولو رآك بأرض الطف منفرداً / عيسى لما اختار أن ينجو ويرتفعا
ولا أحب حياة بعد فقدكم / وما أراد بغي الطف مضطجعا
يا راكباً شدقمياً في قوائمه / يطوي أديم الفيافي كلما ذرعا
يجتاب متقد الرمضاء مستعراً / لو جازه الطير في رمضائه وقعا
فرداً يكذب عينيه إذا نظرت / في القفر شخصاً وأذنيه إذا سمعا
عج بالمدينة واصرخ في شوارعها / بصرخةٍ تملأ الدنيا بها جزعا
ناد الذين إذا نادى الصريخ بهم / لبوه قبل صدى من صوته رجعا
يكاد ينفذ قبل القصد فعلهم / لنصر من لهم مستنجداً فزعا
من كل آخذٍ للهيجاء اهبتها / تلقاه معتقلاً بالرمح مدرعا
لا خيللاه عرفت يوماً مرابطها / ولا على الأرض ليلاً جنبه وضعا
يصغي إلى كل صوتٍ على مصطرخاً / للأخذ في حقه من ظالميه دعا
قل يا بني شيبة الحمد الذين بهم / قامت دعائم دين اللَه وارتفعا
قوموا فقد عصفت بالطف عاصفةً / مالت بأرجاء طود العز فانصدعا
لا أنت أنتم إن لم تقم لكم / شعواء مرهوبةً مرأى ومستمعا
نهارها أسودٌ بالنق معتكر / وليلها أبيض بالقضب قد نصعا
إن لم تسدوا الفضا نقعاً فلم تجدوا / إلى العلا لكم من منهج شرعا
فلتلطم الخيل خد الأرض عاديةً / فإن خد حسين للثرى ضرعا
ولتملأ الأرض نعياً في صوارمكم / فإن ناعي حسين في السماء نعى
ولتذهل اليوم منكم كل مرضعةٍ / فطفله من دما أوداجه رضعا
لئن ثوى جسمه في كربلاء لقى / فراسه لنساه في السباء رعى
نسيتم أو تناسيتم كرئمكم / بعد الكرام عليها الذل قل وقعا
أتهجعون وهم أسرى وجدهم / لعمه ليل بدر قط ما هجعا
فليت شعري من العباس أرقه / أنينه كيف لو أصواتها سمعا
وهادر الدم من هبار ساعةٍ إذ / بالرمح هودجٌ من تنمى له قرعا
ما كان يفعل مذ شيلت هوادجها / قسراً على كل صعب في السرى ظلعا
ما بين كل دعى لم يراع بها / من حرمة لا ولا حق النبي رعى
بني علي وأنت للنجا سببي / في يوم لا سبب إلا وقد قطعا
ويوم لا نسب يبقى سوى نسب / لجدكم وأبيكم راح مرتجعا
لو ما أنهنه وجدي في ولايتكم / قذفت قلبي لما قاسيته قطعا
من حاز من نعم الباري محبتكم / فلا يبالي بشيءٍ ضر أو نفعا
فإنها النعمة العظى التي رجحت / وزناً فلو وزنت بالدر لارتفعا
من لي بنفس على التقوى موطنةً / لا تحفلن بدهرٍ ضاق أو وسعا
وبيت شاد أهل البيت منه
وبيت شاد أهل البيت منه / بناء في ذرى العليا رفيعا
بليلة نصف شعبان رأينا / عديد النيرات به شموعا
ومن للنيرات بحيث تلقى / لها ما بين مركزها طلوعا
وينهل داخليه بعين ماء / يوعود حشى اللهيف به مريعا
وهبك شققت نهراً من عين / عليه الناس واردةً جموعا
نشدتك هل لديك جبال حزوى / استحالت سكراً فيه جميعا
إذا ما قال ذا سر أناسٍ / رآه أحمد شرفاً وسيعا
يرى الدنيا وما فيها جميعا / عطية من غدا فيها قنوعا
يضيع المال في حفظ المعالي / وما حفظ المعالي لن يضيعا
فوا لبيت الذي شرفا وعزاً / به الأملاك قد هبطت خشوعا
بناه الكاظم الحبر الذي قد / حوى أسرار والده جميعا
أخو علم لو أن الخضر أضحى / لديه صاحباً لن يستطيعا
هو الداعي إليه باحتجاج / فلم يدرك لدعوته سميعا
فلم أر مثل ذاك اليوم يماً / ولم أر مثله حقاً أضيعا
وتابع أثره شبلاً عرين / بعرعرة العلا أضحى منيعا
فمن حسن وأحمد كل فعلٍ / لنا نور النبي بدا لموعا
هداة ينتمون إلى هداةٍ / زكت أعراقهم وزكوا فروعا
ما فارق الأسماع صوت الناعي
ما فارق الأسماع صوت الناعي / حتى دعا بنعاء آخر داع
هتفاً بنا متتابعين فاججا / ناراً على نارٍ لدى الأضلاع
فتزاحمت بهما اللواعج في الحشى / كتزاحم الأصوات في الأسماع
للَه من نصل تعذر سبره / إلا بضرب الصارم القطاع
رزء تسرع أثر رزء بغتةً / فتواصل التفجاع بالتفجاع
ورمى العيون الساهرات بمسهرٍ / من قبل أن يهممن بالتهجاع
واسأل ثمة كل دمعٍ سائل / وأراع قمة كل قلبٍ مراع
ذهب النقي فيا وفود تشتتي / في كل ذات مهالك مضياع
واستشعري إلا الحياة فإنما / هلك الرعية في هلاك الراعي
ذهب الذي قد كنت من نعمائه / في ريف ذي كرم طويل الباع
فجعت به عليا قريض وإنما / فجعت ببدر فخارها اللماع
أودى به القدر المتاح وطالما / قد ان للأقدار جد مطاع
تبكيك لابسة السواد بأدمعٍ / حمر لبيض مناقبٍ ومساع
تبكي وكل موحد من حولها / يبيك بصوت العارض الهماع
أبكيك مرفوع السرير مشيعاً / بعصائب الأملاك والأشياع
حتى أتوا بك بقعةً قد زدتها / شرفاً وكانت قبل خير بقاع
لو لم تكن في العرش روحك لان / ثنت شهب السماء نود فضل القاع
أأبا الحسين ومن به آمن الهدى / من كل قاصدٍ ركنه بتداع
ألبسته حفظاً عليه ورأفةً / زغف السوابغ من نسيج يراع
حتى غدا فيها بأعظم منعةٍ / ليست ترى بسوابغ الأدراع
رلا زال فيك وفي بينك ممنعاً / من كيد كل مصانع سماع
القوم ما خلقوا لغير هدايةٍ / وحماية للخائف المرتاع
أبناء منجبةٍ تكاد طباعهم / توفي على شهب السما بشعاع
إنا صنائعهم وقد بلغت بهم / حد النهاية قدرة الصناع
لم أدر واللَه المهين قادر / أيجيء مثلهم كرام الصناع
هضب لدى الأهوال جد ثوابت / وإذا دعا المظلوم جد سراع
يؤون لو أن ابن نوح جاءهم / آوى إلى عالي الذرى مناع
ما ذاك من حل الفضلو وإنما / كان اقتضاء طبايع ومساع
أأبى من الآساد إلا إنهم / في الجود طوع أرادة الخداع
تسع الفضاء صدورهم حتى إذا / بليت بحقد فهي غير وساع
يسعون في طلب العلاء فإن سعى / واشٍ لهم ألغوا حديث الساعي
لا يبرحن الدهر طوع أكفهم / شروى الذلول التابع المطواع
يغري محبكم وإن نقم العدا / وافى براغم أنفها جداع
نعى فشجى قلب الشريعة إذا نعى
نعى فشجى قلب الشريعة إذا نعى / وعاد لديه أصبر الناس أجزعا
وضيع أهل الحزم قوة حزمهم / كما أن حسن الحلم أضحى مضيعا
ولم تر هذا الكون إلا بدهشةٍ / كأن الفنا في الناس نادى فاسمعا
لفقد سليل الأكرمين محمد / لقد كاد قلب الدين أن يتصدعا
فتى كان في ألفاظه ولحاظه / حسامان كانا من شبا الموت أقطعا
أبا حسن قد كنت للدهر بهجةً / فأوحش منها البين للدهر أربعا
وقد كنت عرنين الزمان الذي غدا / يزان به وجهاً فأصبح أجدعا
وكنت بعينيه الضياء فما الذي / أزال الضيا عنها وأبدل أدمعا
فما أظلم المحراب بعدك وحده / نعم مشرق الدنيا ومغربها معا
كأن ضياء الصبح قد حال لونه / أو الليل قد أرخى على الصبح برقعا
وما أنت من خص الأقارب رزؤه / ولكنه عم البرية أجمعا
ألم تر هذا الكون كالفلك إذ غدا / يعوم بموج كالجبال تدفعا
بنفسي طوداً ضعضع الكون ركنه / وما خلت ذاك الطود أن يتضعضعا
أبا جعفرٍ أنت المرجى لمحنةٍ / إذا أكشلت أضحى إلى الحق مشرعا
وأعلم خلق اللَه في كل موطن / وأرساهم في الخطب ركناً وأمنعا
كأنك أعطيت الجبال ثباتها / وأوصيتها في الخطب إلا تزعزعا
وما أنت إلا عيبة لمحمد / بها كل آيات النبوة أودعا
هو المحراب فأبك له جزوعاً
هو المحراب فأبك له جزوعاً / عشية فارق البدر الطلوعا