المجموع : 3
قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ضُباعا
قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ضُباعا / ولا يَكُ مَوقِفٌ مِنك الوَداعا
قفي فادي أسيرَكِ إنَّ قَومي / وَقَومَك لا أرى لهُمُ اجتماعا
وكيف تجامُعٌ مَعَ ما استحلاَّ / مِن الحُرَمِ العِظامِ وما أضاعا
ألم يَحزُنكِ أنَّ حبالَ قَيسٍ / وَتغلِبَ قد تبايَنَت انقطاعا
يُطيعونَ الغُواةَ وكان شَرّاً / لمُؤتَمِرِ الغُوايةِ أن يُطاعا
ألم يُحزنكِ أنَّ ابني نِزارٍ / أسالا من دمائهما التَّلاعا
وصارا ما تَغُبُّهما أمورٌ / تزيدُ سنى حريقهما ارتفاعا
كما العَظمُ الكسيرُ يُهاضُ حتى / يُبَتَّ وانما بَدَأَ انصداعا
فأَصبَحَ سيلُ ذلك قد تَرَقّى / إِلى مَن كان مَنزِلُهُ ياقفا
وكنت أظنُّ أنَّ لذاك يَوماً / يَبُرُّ عن المخبّأةِ القِناعا
وَيَومَ تلاقَتِ الفِئتانِ ضَرباً / وطَعناً يَبطَحُ البَطَلَ الشُّجاعا
ترى منه صُدورَ الخيلِ زُوَراً / كأنَّ به نُحازاً أو دُكاعا
وَظَلَّت تَعبِطُ الايدي كلوماً / تَمُجُّ عُروقُها عَلَقاً متاعا
قوارِشَ بالرماحِ كأنَّ فيها / شواطِنَ يُنتَزَعنَ بها انتزِاعا
كأنَّ الناسَ كلَّهم لأُمٍّ / ونحن لعِلَّةٍ عَلت ارتفاعا
فهم يتبيَّنون سنى سيوفٍ / شَهَرنَاهُنَّ أياماً تباعا
فكلُّ قبيلةٍ نظروا إلينا / وَحَلّوا بيننا كرِهوا الوقاعا
ثبتنا ما من الحيّينِ إِلا / يَظَلُّ يرى لكوكبهِ شعاعا
وكنا كالحريقِ أصابَ غاباً / فيخبو ساعةً وَيَهُبُّ ساعا
فلا تبعد دماءُ ابني نِزارٍ / ولا تقرر عيونُك يا قُضاعا
أمورٌ لو تدبرها حليمٌ / إذَن لنهى وهيَّبَ ما استطاعا
ولكنَّ الأديمَ إذا تفرَّى / بِلىً وتَعيُّناً غَلَبَ الصَّناعا
ومَعصيةُ الشفيقِ عليك مما / يَزيدُك مَرَّةً منه استماعا
وَخيرُ الأمرِ ما استقبلتَ منه / وليس بأن تَتَبعَهُ اتِّباعا
كذاكَ وما رأيت النَّاسَ إِلاَّ / إِلىما جَرَّ غاوِيَهم سِراعا
تراهُم يغمِزون مَن استركّوا / ويجتنبونَ مَن صَدَقَ المصاعا
وأما يومَ قلتُ لعبدِ قيسٍ / كلاماً ما أريدُ له خِداعا
تَعَلَّم أنَّ الغَيَّ رُشداً / وأنَّ لهذهِ الغُمَمِ انقِشاعا
ولو يُستخبرُ العلماءُ عَنَّا / وَمَن شَهِدَ الملاحِمَ والوَقاعا
بتغلِبَ في الحروبِ ألَم يكونوا / أشَدَّ قبائِلَ العَرَبِ امتناعا
زمانَ الجاهليةِ كُلُّ حيٍّ / أبَرنا من فصيلتِهِ لِماعا
أليسوا بالالى قَسَطوا قديماً / على النُعمانِ وابتَدروا السِطاعا
وَهم وَرَدوا الكلابَ على تميمٍ / بجيشٍ يَبلَعُ الناسَ ابتلاعا
فما جبنوا ولكنَّا أُناسٌ / نُقيمُ لَمن يُقارِعُنا القِراعا
فأما طيِّءٌ فإذا أتاها / نذائِرُ جيشنا ولجوا القِلاعا
وأما الحيُّ من كَلبٍ فإنّا / نُحلُّهم السواحِلَ والتِلاعا
ومن يكُن استلامَ إِلى ثَويِّ / فقد اكرمتَ يا زُفَرُ المتاعا
أكُفرَاً بعد رَدِّ المَوتِ عني / وبَعدَ عَطائِكَ المائةَ الرِّتاعا
فلو بيدي سواك غَداةَ زَلَّت / بيَ القدمانِ لم أرجُ اطِّلاعا
إذَن لَهَلَكتُ لو كانت صغاراً / من الاخلاقِ تُبتَدَعُ ابتداعا
فلم أرَ منعمينَ أقلَّ منا / واكرمَ عندما اصطنعوا اصطناعا
من البيضِ الوجوهِ بني نُفَيل / أَبَت أخلاقُهم إِلاَّ اتساعا
بني القَرمِ الذي علِمَت مَعَدٍّ / تَفَضَّل فوقها سعةً وباعا
وظهرِ تنوفةٍ حدباءَ تَمشي / بها الركبانُ خائفةً سِراعا
قِذافٍ بذاتِ الواحٍ تراها / ولا يرجو بها القومُ اضطجاعا
قطعت بذاتِ الواحٍ تراها / أمامَ القومِ تَندَرِعُ اندراعا
وكانت ضربةً من شدقميٍّ / إذا ما استَنَّت الابلُ استناعا
ومن عَيرانةٍ عَقَدَت عليها / لِقاحاً ثم ما كسرت رجاعا
لأولِ قَرعةٍ سَبَقت اليها / من الذَودِ المرابيعَ الضباعا
فلما رَدَّها في الشَّولِ شالت / بذيَّالٍ يكونُ لها لِفاعا
فَتَمَّ الحَولُ ثمَّتَ اتبعتها / ولمّا ينتج الناسُ الرِباعا
فصافَت في بناتِ مَخاضِ شَولٍ / يَخَلنَ أمامَها قرعاً نِزاعا
وصافَ غلامُنا رجلاً عليها / إرادةَ أن يفوّقَها ارتضاعا
فلما أَن مَضَت سنتانِ عنها / وصارَت حِقَّةً تعلو الجذاعا
عرفنا ما يرى البُصَراءُ منها / فآلينا عليها أن تُباعا
وقُلنا مهِّلوا لثنِيَّتَيهَا / لكي تزدادَ للسَّفرِ اضطلاعا
فلما أن جَرى سِمَنٌ عليها / كما بطّنت بالفَدَنِ السياعا
أمَرتُ بها الرجالَ ليأخذوها / ونحن نظن أن لن تُستطاعا
إذا التيّازُ ذو العضلاتِ قلنا / إليكَ اليكَ ضاق بها ذراعا
فلأياً بعد لأيِ أَدرَكوها / على ما كانَ إذ طَرَحوا الرقاعا
فما انقلبَت من الروّاضِ حتى / اعارَته الاخادعَ والنخاعا
وسارت سيرةً نُرضيكض منها / يكادُ وسيجُها يُشفي الصُّداعا
كأنَّ نُسوعَ رحلي حين ضمَّت / حوالِبَ غُرَّزاً وَمِعاً جياعا
على وَحشيةٍ خَذَلَت خَلوجٍ / وكان لها طلا طِفلٌ فضاعا
فكرَّت عند فيقتها اليه / فألفَت عندَ مَربضهِ السباعا
لَعِبنَ به فلم يترُكنَ إِلاَّ / إهاباً قد تَمَزَّقَ أو كراعا
فَسافَتهُ قليلاً ثمَّ وَلَّت / لها لَهَبٌ تثيرُ به النقاعا
أَجَدَّ بها النجاءُ فأصحبتها / قوائمُ قلمَّا اشتكت الظُلاعا
كأنَّ سبيبةً من سابريٍّ / أُعِيرَتها رِداءً أو قناعا
وما غَرَّ الغواةُ بعنبسيٍّ / يُشرِّدُ عن فرائسِهِ السَّباعا
إذ رأسٌ رأيتَ به طِماحاً / شدوت له الغمائِمَ والصِّقاعا
أرى البأسَ أدنى للرشاد وإنَّما
أرى البأسَ أدنى للرشاد وإنَّما / دنا العيُّ للإنسان من حيثُ يَطمَعُ
فَدَع أكثرَ الاطماعِ عنك فإنَّها / تضرُّ وإن اليأسَ لا زالَ يَنفَعُ
لعمرُ بني شِهابٍ ما اقاموا
لعمرُ بني شِهابٍ ما اقاموا / صدورَ الخيلِ والاسلَ النياعا