يَا رَسمُ لا رَسَمتكَ ريح زَعزَع
يَا رَسمُ لا رَسَمتكَ ريح زَعزَع / وَسرَت بليل في عراصكَ خروعُ
لم أُلفِ صدري من فؤادي بلقعا / إلا وأنتَ منَ الأحبَّةِ بلقَعُ
جارى الغمام مدامِعي بكَ فَانثنت / جون السحائبِ فهيَ حَسرى ظلَّعُ
لا يَمحُكَ الهتنُ المُلِثُّ فقد مَحا / صَبري دُثوركَ مُذ مَحتكَ الأدمعُ
ما تمَّ يومُك وهو أسعدُ أيمنٌ / حتى تبدَّل فهو أنكدُ أشنعُ
شروَى الزَّمان يضيء صُبحٌ مُسفرٌ / فيه فَيشفعهُ ظلام أسفعُ
للَّه درُّك والضلالُ يقودني / بيدِ الهوى فأنا الحرون فأتبعُ
يقتادني سكرُ الصبابةِ والصبا / ويصيحُ بي داعي الغرام فأسمعُ
دَهراً تقوَّضَ رَاحلاً ما عيب من / عُقباهُ إلا أنه لا يَرجعُ
يَا أيها الوادي أجلُّكَ وادياً / وأعزُّ إلا في حماكَ فأخضعُ
وأسوف تُربَكَ صاغراً وأذلُّ في / تلكَ الرُّبى وَأنا الجليدُ فأخنعُ
أَسَفي عَلى مغناكَ إذ هوَ غابةٌ / وعلى سبيلك وهي لحب مهيعُ
أَيَّام أنجم قضعبٍ درّية / في غير أوجه مطلع لا تطلعُ
والبيضُ تُوردُ في الوَريدِ فترتوي / والسُّمر تشرعُ في الوتين فتشرعُ
والسَّابقاتُ اللاحِقاتُ كأنَّها / العقبان تردى في الشكيم وتمزعُ
والرَّبع أنورُ بالنسيم مُضمخٌ / والجوُّ أزهر بالعبيرِ مردَّعُ
ذاكَ الزّمانُ هو الزَّمانُ كأنما / قيظُ الخطوبِ بهِ رَبيعٌ ممرِعُ
وكأنَّما هوَ رَوضةٌ ممطورةٌ / أو مُزنَة في عَارضٍ لاتقلعُ
قَد قُلتُ للبرقِ الذي شَقَّ الدُّجى / فَكأنَّ زنجيّاً هُناكَ يجدَّعُ
يا بَرقُ إن جئتَ الغريَّ فقل له / أَترَاكَ تَعلمُ من بأرضِك مودعُ
فيكَ ابن عُمرَانَ الكليم وَبعدهُ / عيسى يُقفِّيهِ وأحمدُ يَتبعُ
بَل فيكَ جبريلٌ وميكالٌ وإس / رافيل والملأُ المقدَّس أجمعُ
بَل فِيكَ نُورُ اللَّه جَلَّ جَلالُه / لِذوي البَصائر يَستشفُّ ويَلمعُ
فيكَ الإمامُ المرتَضى فيكَ الوَصي / ي المجتبى فيك البطينُ الأنزعُ
الضَّارِبُ الهام المقَنَّع في الوَغى / بالخوفِ للبهم الكماةِ يُقنّعُ
والسَّمهَرِيَّة تَستقيمُ وَتَنحني / فَكأنها بينَ الأضالعِ أضلعُ
والمترعُ الحوضِ المدَعدعِ حَيثُ لا / وادٍ يفيضُ ولا قليبٌ يترعُ
ومبدِّدُ الأبطال حيث تألَّبوا / ومفرق الأحزاب حيث تَجمّعوا
والحبر يَصدع بالمواعظ خاشعاً / حتى تكاد لها القلوب تصدَّعُ
حتى إذا استعر الوغى متلظِّياً / شرب الدماء بغلَّةٍ لا تُنقعُ
متجلبباً ثَوباً من الدّم قَانِياً / يَعلوه من نَقع الملاحم برقعُ
زُهدُ المسيح وفتكةُ الدَّهرِ الذي / أودى بِهِ كسرى وَفوَّزَ تُبَّعُ
هذا ضَميرُ العالم الموجُود عَن / عَدَمٍ وسرُّ وُجوده المستودعُ
هذي الأمانَةُ لا يَقومُ بحملها / خَلقاءُ هَابطةٌ وأَطلسُ أرفَعُ
تأبى الجبالُ الشمُّ عن تَقليدها / وتَضجُّ تَيهاءٌ وتشفق برقعُ
هذا هُوَ النُّورُ الذي عَذَباته / كانَت بِجَبهَةِ آدَمٍ تَتَطَلَّعُ
وَشِهَابُ موسى حيثُ أظلم ليله / رَفعت لهُ لألاؤه تتشعشعُ
يَا من لهُ ردت ذكاءُ ولم يَفز / بِنظيرها من قَبل إلا يوشَعُ
يَا هازِم الأحزَابِ لا يثنيهِ عَن / خَوضِ الحِمام مدَججٌ ومدَرَّعُ
يا قَالعَ البابِ الذي عن هَزَّها / عَجَزَت أكفٌّ أربَعونَ وأربعُ
لولا حُدوثُك قُلتُ إِنك جَاعل / الأَرواح في الأشباح والمتنزّعُ
لولا مَماتُكَ قلت إنكَ باسطُ ال / أرزاقِ تَقدِرُ في العطا وتوسِّعُ
ما العالَمُ العلويّ إلا تُربَةٌ / فيها لجثَّتِكَ الشريفةِ مضجعُ
مَا الدَّهرُ إلا عَبدُكَ القِنُّ الذي / بنفوذِ أمرك في البريَّةِ مولعُ
أنا في مَديحكَ أَلكنٌ لا أَهتَدي / وأنا الخَطيب الهبرزيُّ المصقعُ
أأقولُ فيكَ سُمَيدَعٌ كلا وَلا / حاشا لمثلِكَ أن يقال سُميدعُ
بَل أنتَ في يَوم القيامةِ حَاكمٌ / في العالمينَ وشَافِعٌ وَمُشَفَّعُ
وَلقد جَهلتُ وكنتُ أحذَق عالمٍ / أغرَارُ عَزمِكَ أم حسامُك أقطعُ
وَفقدتُ معرفَتي فَلستُ بعارفٍ / هَل فَضلُ عِلمِكَ أم جَنابُكَ أوسَعُ
لي فيكَ مُعتقدٌ سَأكشفُ سِرَّهُ / فَليصغِ أربَابُ النُّهى وليسمعوا
هيَ نَفثةُ المصدُور يطفئ بَردَها / حَرُّ الصبابَةِ فاعذِلوني أو دَعوا
واللَّه لولا حَيدَرٌ ما كانَتِ الد / دُنيا ولا جَمعَ البريَّة مجمعُ
من أجله خُلقَ الزَّمان وضوّئت / شُهبٌ كنسنَ وَجنَّ لَيلٌ أدرعُ
علم الغيوبِ إليهِ غير مُدَافع / والصبح أبيض مُسفر لا يدفعُ
وإليهِ في يَوم المعادِ حِسابنا / وهو الملاذ لنا غدا والمفزعُ
هذا اعتقادِي قَد كشفتُ غِطاءه / سَيضرُّ مُعتقداً لهُ أو يَنفعُ
يا مَن لهُ في أَرض قَلبي مَنزلٌ / نِعمَ المراد الرَّحب والمستربَعُ
أَهوَاكَ حتى في حَشاشَة مُهجتي / نارٌ تَشبُّ على هَواكَ وتلذعُ
وتَكادُ نَفسي أَن تَذوب صَبابَةً / خُلقاً وطبعاً لا كمن يَتطبعُ
ورأيتُ دينَ الإعتزَال وإِنني / أهوَى لأجلكَ كلَّ من يَتشيَّعُ
وَلقد عَلمتُ بأنَّهُ لا بُدَّ من / مهديِّكم وليومهِ أتوَقَّعُ
يَحميهِ مِن جُندِ الإله كتائبٌ / كاليمِّ أقبلَ زاخِراً يَتدفَّعُ
فيها لآل أبي الحديد صَوارم / مَشهورَةٌ ورِماحُ خَط شُرَّعُ
ورجَال مَوتٍ مقدِمونَ كَأنَّهم / أُسدُ العَرينِ الرّبد لا تتكعكعُ
تلك المنى إمَّا أغب عَنها فلي / نفسٌ تُنازِعُني وشَوقٌ ينزعُ
ولَقد بَكيتُ لقتلِ آل محمد / بالطفِّ حتى كل عضو مدمعُ
عُقرت بنات الأعوجية هل درت / ما يُستباح بها وماذا يصنعُ
وحَريمُ آل مُحمد بَينَ العدا / نَهبٌ تَقاسَمهُ اللئام الرُّضَّعُ
تلك الضغائن كالإماء متى تسق / يعنف بهن وبالسياط تقنّعُ
من فوق أقطاب الجمال يشلُّها / لكع على حنق وعبدٌ أكوعُ
مثل السبايا بل أذل يشق من / هنَّ الخمار ويستباح البرقعُ
فمصفَّدٌ في قَيده لا يُفتدى / وكريمة تسبى وقرط يُنزعُ
تاللَّه لا أنسى الحسين وشلوه / تحت السنابك بالعراء موزعُ
مُتلفعاً حُمرَ الثياب وفي غدٍ / بالخضر من فِردوسه يَتلفَّعُ
تَطأ السنابك صدره وَجبينه / والأرض ترجف خيفةً وتضعضعُ
والشمس ناشِرة الذوائب ثاكل / والدهر مشقوق الرداء مقنَّعُ
لَهفي عَلى تِلكَ الدِّماء تراقُ في / أيدي أُمَيَّةَ عنوة وَتضيَّعُ
بأبي أَبو العبَّاسِ أحمدَ إنَّه / خَيرُ الورى من أن يُطلَّ ويُمنعُ
فَهوَ الوليُّ لِثارِها وهُوَ الحمو / ل لِعبئها إذ كلّ عَودٌ يَظلعُ
الدَّهرُ طَوعٌ والشبيبةُ غَضةٌ / وَالسيفُ عَضب وَالفؤاد مشيّعُ