القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حسن الطّويراني الكل
المجموع : 41
أَرِقْتُ فرَّقَتْ لي البُدورُ الطَوالعُ
أَرِقْتُ فرَّقَتْ لي البُدورُ الطَوالعُ / وَنَحت فَناحَت لي الطُيور السَواجعُ
وَأَسكرني مَسرى الصَبا عَن أَحبَتي / فَملت فَمالَت بي الغُصون اليَوانع
فَبت وَلَيلي لَيل يَأس وَوحدة / وَقَد شغلت عَني العُيون الهَواجع
أُردّدُ لِلأَعقاب رَأياً وَفكرةً / لَها بَين غارات الأَماني مَصارع
أُناجي ضَميري ذكر خل وَصاحب / وَقَد ذَهبت تَتَرى العُيون الهَوامع
فَشُكراً لِأَفكار الكِرام وَوَحدتي / لَقَد وَاصلاني وَالأَحبا قَواطع
فَللهمِّ عِندي أَيُّ أَيدٍ كَريمةٍ / أَقلّ وَفاها أنَّها لا توادع
وَيَعجب قَوم أنَّني لا أَذمها / وَتِلكَ الَّتي عَني الفَراغ تُمانع
نعم إِنَّها وَفّت وَقَد خانَ غَيرُها / فَأَمسَت لَها دُون السُرور الصَنائع
وَحَمداً لِدَمعٍ ردّ نارَ حشاشتي / وَإِن فَضحت أَهلَ الهُموم المَدامع
أَلا مَرحباً بِالهمِّ وَالوَقتُ وَقتُه / وَأَهلاً بِهِ قَد زارَ وَالغَير خاشع
وَبئساً لِأَوقات المَسرات إِنَّها / سَحابة صَيفٍ أَو بُروقٌ لَوامع
تُسيء إِذا وَلت بِتذكار أُنسها / وَإِن أَقبلت كانَت غُروراً تخادع
يَقولون لي إِن الشَدائد محنةٌ / فَقُلت وَلَكن الرَخاء مَصانع
بَلى إِنَّها تَهدي التَجارب لِلفَتى / فَتُعرَفُ أَخلاقٌ وَتصفو طَبائع
وَإِني أُوفّيها الصَحابةَ حَقَّها / وَآمل في الأَعقاب ما اللَه صانع
وَحَسبيَ ركناً في المَصاعب أَنَّني / لِأَعتاب سُلطان النبوّة راجع
فَهَل أَتّقي الدُنيا وَمَولاي قادرٌ / وَخَير البَرايا سَيد الخَلق شافع
ليقدم صَرفُ الدَهر ما شاء وَلْيُرِعْ / فَلي منهما رُكن شَديد مَدافع
أَثمت إِذاً إن لَم أُجابِهْ خَطوبَه / بِعَزمٍ يَردّ البَأس وَالبَأس خاضع
فَذاكَ حمى اللاجي العَزيز جواره / وَمَن يَرتجي مَغناه عاصٍ وَطائع
فَكَيفَ يَروع الخَطبُ مَن في أَمانِه / وَهَل تَخفض الدُنيا مِن اللَه رافع
أَما وَجلال اللَه لَيسَت تَروعني / خُطوب اللَيالي وَالصُروف الفَواجع
يَثبّتني أنَّ المهيمن مالك / وَأن الَّذي قَد شاءَ لا رَيب واقع
وَيقنعني أَني رَجَوت محمداً / نَبيَّ الهُدى وَالجار لا شَكَ مانع
أَنخت بِمَغناه رحالَ مَقاصدي / فَوطنت نَفسي وَاطمأنت مَضاجع
وَوَجهت آمالي لِمَولى يُنيلها / وَإِني بِما تَرضاه عَلياه قانع
فَلا يا رَسول اللَه إِنيَ مُقبلٌ / عَلَيكَ وَمستجدٍ نداك وَضارع
مَددتُ إِلى عَلياك كَفاً وَطالما / مَنحتَ الَّذي يَرجوك ما هوَ طامع
وَلَست أَراني آيباً أَوبَ خَيبةٍ / وَجاهك مَرجوّ وَفضلك واسع
عَلَيكَ صَلاة اللَه ما قُلت مُنشداً / أَرِقْتُ فَرَقَّتْ لي البُدورُ الطَوالع
عَسى الَّذي فرّقنا يَجمعُ
عَسى الَّذي فرّقنا يَجمعُ / أَو أنَّ دَهراً قَد مَضى يَرجعُ
يا أَيَّها البَدر المُنير اتّئد / وَاشرق فهذا المنزل المطلع
وَإِن تَغب يا شمس أَو تحتجب / إِن الليالي وَالمُنى يوشع
بِاللَه يا ظبيَ الحمى عُد لنا / ففي فؤادي ذلك المرتع
وَلا تُطل بُعداً فَإِني فَتىً / كَما تَراه لِلنَوى يَجزع
وَإِن تَكن تَخشى لَهيبَ الحَشا / فَإِنَّهُ تُخمده الأَدمُع
أَو لا فَمُر طيفَ الكَرى علَّه / يَعتادني لَو أَنني أَهجع
وَالحَق يا مَولاي مذ بنتمُ / ما طاب لي سُهدٌ وَلا مضجع
كَم ذا احتملنا الصَبرَ نُخفي الهَوى / وَقَد علمت الصَبر لا يَنفع
سَعوا بِنا حَتّى اِنقَضى بَيننا / يا لَيتهم لما سعوا ما سعوا
وَما جَرى إلا عَلى مهجتي / ما قَد جَرى وَالحَتم لا يُدفَع
قَد بتَّ مِن بَعدي بما تشتهي / وَبتُّ لا يأسٌ وَلا مطمع
فَليت أَياماً مضت وَانقضت / ما وَدّعت إِذ أَهلُها وَدّعوا
أَو ليتَها عادت وَلو لمحةً / فَأشتكي منها وَهَل تسمع
أَو أن أَرى بَعد النَوى عَودةً / فَإِنَّني مِنها بِهِ أَقنع
فَهوَ الحَكيم المجتبَى وَالعلي / م المرتضى وَالماجد الأَرفع
أَفضاله تفضح شمسَ الضُحى / أَخلاقه كَالروض بل أَينَع
أَقواله لم تخل من حكمة / كَأَنَّها بَين الوَرى تشرع
فَسل نَسيم الزَهر ما لطفُه / وَسل ركام الغَيث ما يهمع
وَكيفَ مثلي أَن يَفي بِالثَنا / وَأَنتَ أَوفَى ذي الوَفا ما رَعوا
وَإِنَّما شَوقي إِلَيك اشتكى / إِذ صار همّ الفكر لا يَمنع
فَلا أَطال اللَه هَذا النَوى / وَلا شَفى الحسادَ ما أَجمعوا
وَدم كَما تَبغي وَيا صاحبي / عَسى الَّذي فرّقنا يَجمع
رويد الليالي كَم تَجور وَتمنعُ
رويد الليالي كَم تَجور وَتمنعُ / وَكَم ذا تَردّى بِالأَماني وَتردعُ
وَحسب زَماني في الأُمور مذمَّةً / تَفرُّقُ شملٍ أَو محبٌّ يروّعُ
فَلو ذاقَ مرّاً قَد سَقاه لَما سَقى / وَلا سرّ مغرور بما لَيسَ يَدفع
وَلو أَن لي بِالغَيب في الدَهر قُدرةً / كشفت قناع الستر عما يُطمِّع
فَباعدت بَين الفرقدين وَلم أَدع / سُهيلاً تنائيه الثريّا فيجزع
وَخالفت قانون الزَمان بحكمة / تَرى كُلَّ نَفس تجتليها فتقنع
وَباينت ما بين الدَواعي بهمة / تُفرِّقُ ضداً أَو أليفاً تُجمِّع
فَلم تَبك عَينٌ قَد جفت أنسَ نومِها / وَلم يَشكٌ مِن صبٍّ زَفيرٌ وَأَدمع
وَلم يَنفصل وَصلٌ وَلم تبق فرقةٌ / وَلم يَهو دريّ وَلم يَخو مطلع
وَلكنّ آمالي ابن آدم عادة / يحوّلها ربٌّ يضر وَيَنفع
فَيا صاحبي دَعني أَعلّل مهجتي / بكذبِ مُنىً علَّ الليالي ستشفع
فتصدق آمالي وَتُزجَى رَكائبي / إِلى مَعهد أَقوى فَيدنو مودّع
وَيبزغ في أُفق المُنى كَوكَبُ الهَنا / وَيَروي الصَفا كَأسَ الوَفا فَيشعشع
وَأَبصر طودَ المَجد يَزهى ركانةً / وَفي أَوجهٍ شمسٌ من البِشر تطلع
فَيا واحداً في العصر وَالمصر مجده / وَمَن شأوُهُ السامي على النجم يرفع
وَيا من إِلى سُحبانَ يُنسَبُ نطقُه / وَيا من له أَهلُ البلاغة خُشَّع
وَيا من يكون الدرّ من بعض نثره / وَيا من له في النظم سحرٌ منوّع
لعل شموس القرب يشرق نورُها / وَإِن فاتنا مما رَجوناه يوشع
عَليك سَلام اللَه ما قلت مُنشئاً / رويد الليالي كم تجور وَتمنع
أَشمس تبدّت في سعود المطالعِ
أَشمس تبدّت في سعود المطالعِ / وَإِلا وجوهٌ أَسفرت في بَراقعِ
وَفي الرَوضة الغَناء صاحَت بَلابلٌ / فَغنّت فهِمنا بَين شادٍ وَساجع
تَميل غُصون البان وَالنَهر قَد صَفا / فَتحسب صبّاً غارقاً في مَدامع
وَللورد وَجناتٌ وَللطلّ أَدمعٌ / يَكفكفها مَنثورها بِالأَصابع
وَريح الصَّبا وَافت فَأَسكرني الشَذا / فَيا طيب بردٍ فَوق حرّ الأَضالع
وَلليل أستار من الندّ مَدَّها / عَلينا رواقاً فَوقَ أَطناب يانع
فَقُم هاتها الصَهباء حَمراء تَلتَظي / عَلَيها حَباب كَالدُموع الهَوامع
فَقد راقَ لي دَهري وَوافت مسرّتي / وَصافى الَّذي أَهوى وَأَزهَر طالعي
فَلا زَمَنٌ إِلا بِصَفو قضيته / أَتَتك اللَيالي فيهِ وَفق المَطامع
وَلا مدحة إِلا لخضرم ماجدٍ / مَجيدٍ لِأَعلام الفَصاحة رافع
هوَ المصطَفى العلويُّ من ساد دَهره / بفضل سَما أَوج المَكارم شائع
همام تَرى الأَحرار دونَ مَنالها / لِمَن رامَها كَدحٌ جَليل المصارع
سلالة أَمجاد كِرام أَماثل / وَأَنكى مضرٍّ بل وَأَعظَم نافع
لَهُ الطَول وَالحول الشَديد ظَهيرُه / ظَهير بَني العليا طهور المَراضع
أَخا المَجد عُذري في مَديحك ظاهرٌ / وَلكن سَجاياك الكَريمة شافعي
قُلتُ وافى الشَتاءُ يا خلّ زرني
قُلتُ وافى الشَتاءُ يا خلّ زرني / فَعَسى يَشتَفي فُؤادي الصَديعْ
حلّت الشَمسُ آخرَ القوسِ فَاللَي / لُ بسهم العَنا جريحٌ جزيعْ
جاءَنا دالفاً فَلما أَصابت / هُ دُموعي وَأَحرقته ضُلوع
خرَّ مُلقىً فَما يَروم حِراكاً / لغواني النجوم مثلَ الصَريع
قال بَل فانتظر لَيالي رَبيعٍ / إِنَّما الوَرد في زَمان الرَبيع
كرّر حديثَك عن قِباً وَطويلعِ
كرّر حديثَك عن قِباً وَطويلعِ / وَاذكر لنا عهدَ البدور الطُلَّعِ
فعساك إِن ذُكرت صبابتُنا بها / أَبكي فترحمني أَو أن تبكي معي
قف ساعةً وَعَساك ذاكرُني لهم / حَيثُ اللقاء وَناظراً ما مصرعي
وَزُرِ الربوعَ تحيّةً عني لَها / وَاستبكِ لي رَسمَ العفيِّ البلقع
هَل يذكرنْ لي وَقفةً أَودعتُها / طيبَ الحَياةِ لِما أَشار مُودّعي
أَو يَحفظنْ لي صَبوةً وغوايةً / وَالشملُ مجتمعٌ بهِ لم يُصدَع
وَالكأسُ في راح الحَبيبِ كَأَنَّها / نهدُ الفَتاة تَطوفُ بَينَ الرُضَّع
نلهو وَنطرب في تَهانٍ أَضحكت / ثغرَ السُرور بِها لِعَينِ المطمع
حدّث وَلا تَقصُر حديثَك إِنَّما / هو عيشتي فامهل عَليَّ أَو اسرع
وَإِذا بلغت نهايةً فارفق وَزو / ودني بعينٍ تبغي بعضَ الأَربُع
أَرقت عَلى ذكر الحَبيب المودّعِ
أَرقت عَلى ذكر الحَبيب المودّعِ / بجفنٍ شكا دَمعاً وَقلبٍ مروَّعِ
وَأَطربَني مَسرى النَسيمِ كَأَنَّما / سُقيتُ من الزرجون من كفِّ مُترَع
وَماذا عَلى صبٍّ إِذا ما بَكى الحِمى / وَعَهداً أَبَى رجعاً لمغنىً وَمَربَع
وَما كانَ ممن قد يذلّ عَزيزُه / وَلكنَّ من يَهوى مع الحُبِّ يُخدَعِ
يَقول عذولي وَهوَ أَدرى بلوعتي / أَما لك سَلوى عن حَبيبٍ مُمنَّع
عَلى أَنَّني ما زلتُ أَلعب بِالهَوى / إِلى أَن غَدا بي لاعباً في تورُّعي
وَكُنتُ أَرى مِنهُ العصابَ ذَليلةً / وَأَحسبُ أَن القَلب إِن رمتُهُ معي
وَلَكن أَبي سلطانُ حبي سِوى الَّذي / أَذلّ بِهِ أَو لا فَيقضي بمصرعي
أَيُّها البَدرُ البَعيدُ المطلعِ
أَيُّها البَدرُ البَعيدُ المطلعِ / هَل تُرى يُدنيكَ مني مطمعي
إِنّ ليلاً غبتَ عَني جنحُهُ / قام عندي في مَقامِ البرقع
لَم تُمِط عن محيَّاك المُنى / لا وَلو أُوتيت معنى يوشع
كلّما هاج الهَوى نحوَ اللقا / مهجتي أَشغلتُها بالأدمع
وَإِذا أَشكو النَوى أَو أَرتجي / عَودَتي يَوماً لتلك الأَربُع
هالني بُعدُ المَدى ما بَيننا / وَأَقاصي مَهمَهٍ أَو بلقع
فَتَراني دونَ هذا يائِساً / وَتَراني آملاً أَو لا أَعي
طَيفُكُم إِنسانُ عَيني مؤنسي / وَمنادي قربكم في مسمعي
وَعَلى هَذا وَذاك إِنَّما / مرجعُ الشكوى لربِّ المجمع
فَعَسى يَوماً بِهِ تَشقى العِدا / وَبِهِ يَشفى فؤادي الموجَع
وَأَقول بعد ما ودّعتُهم / قرّي يا عَينُ بِيَوم المرجع
أَشَجَتكَ أَطيارُ الأَراكةِ تَسجعُ
أَشَجَتكَ أَطيارُ الأَراكةِ تَسجعُ / أَم راقَ أَعينَك السحائبُ تَهمعُ
فشدوتَ حَتّى صرتَ من وُرقِ الحِمى / مترنّماً وَغَدَت جُفونك تَدمع
وَعَلامَ تَرعى الأَنجُمَ العليا فهل / ما بَينها يرجَى لحبِّك مطلع
وَأَراك تَصبو للأراك فَهَل تَرى / لقَوامِ من تهوى نَظيراً يرفع
فَإِلامَ تَبكي دَمعُ عَينيك اِنقَضى / فَارفق بِهِ لَن تُسقَى تِلكَ الأَربُع
إِن الَّذي بِهمُ غدوتَ مُدلَّهاً / خانوا الودادَ فمن ترومُ وَتطمع
وَنسوك حتّى لَو ذُكرتَ لديهمُ / أَنفوا وَقلّ وَفا تراهم شنّعوا
دَع ما مَضى من غرّةٍ وَصبابةٍ / فَاليَومَ عزٌّ عندهم وَتمنُّع
قل إِن ما ولَّى خَيالٌ كاذبٌ / وَالصدق أَولَى إِن هجرك أَزمعوا
أَترى لعهدك أَن يَفي من شَأنه / أَن لا يَفي وَالودّ مِنهُ تَطبُّع
يا هاجرين أَنا بما أَمضيتُهُ / بقديم حبّي فيكمُ أَتشفَّع
إِن اللَيالي قَد أَبادَتني جوىً / وَالطَيفُ يمنعني بِهِ أَتمتع
إِن لَم يَكُن حُبي لديكم شافعي / فبودّكم فيما مَضى أَتضرّع
جار النَوى لما عدلتُم بِالهَوى / عَني فهل عدلٌ أَقولُ فتسمعوا
أَتُنكرُ وَجدي وَانتحابي وَأَدمعي
أَتُنكرُ وَجدي وَانتحابي وَأَدمعي / وَقَد عاينت عَيناكَ في الحُبِّ مصرعي
أَما يبعث الأَحزان مَرأى معاهدٍ / مِن الأنس قَد أَمسَت كَبيداء بلقع
رَعى اللَه من راعوا فؤادي وَأَجمعوا / عَلى طُول هجري وَاِرتضوا لي تفجُّعي
أَقاموا غرامي وَاستجادوا تهتُّكي / وَلذَّ لهم ذلّي وَعافوا تولُّعي
وَما ساءَني إِلا عُهودٌ تقدّمت / أَضاعوا وَما لي في الهَوى لَم أُضيِّع
فَيا رُبَّ يَومٍ لي وَيا رُبَ لَيلةٍ / قضيتُ بهم زاه اللقا وَالتجمُّع
أَروح بهم لاهٍ وَأَغدو مُهَلِّلاً / بما نال طَرفي أَو بما سَرّ مسمعي
فَلا غَدوةٌ إِلا إِليهم غدوتُها / وَلا روحةٌ إِلا أَروحُ وَهم معي
تعشّقتُ ظبياً بين رَبربهم طَلاً / فطبَّعتُه حتى نأى عن تطبُّعي
أَلا لا يَلوم اللائمون صبابَتي / وَإِلا فَإِن لاموا فها أَنا لا أَعي
أَلا لا يسرّ الشامتون فربما / يَعودُ التَداني بَعد هَذا التمنّع
يَقولون لا تجزع وَمَن يَحمل النَوى / فَيا قَلب ذُب وَجداً وَيا عَينُ فاهمعي
فَقلت أَخا النصح اتّئد في نصيحتي / أَتُنكرُ وَجدي وَانتحابي وَأَدمعي
أَدر المُدامَ وَشَعشعِ
أَدر المُدامَ وَشَعشعِ / وَاشرب عَلى طَربٍ معي
وَامزج بريقِك صرفَها / وَبها وَخدِّكَ فاشفع
وَامنح محبَّك سؤلَهُ / وَأَجب وَجُد لا تمنع
وَامنع تكاليفَ الحَيا / عَنّا وَدعه وَمتِّع
وَاخلع عذارَك في الهَوى / وَذرِ الوَقارَ وَوَدِّع
وَاغنم بنا مشمولةً / حَتّى تَراني لا أَعي
في جَنَّةٍ قَد أَزلفت / فَصفت لعينِ المطمع
إِن ملت ملن غصونها / من سُجَّدٍ أَو رُكَّع
أَو ضاعَ رشدٌ رَدَّهُ / طيبُ الشَذا بِتَضوُّع
فَانظُر إِلى أَنهارِها / تجري فتحكي أَدمعي
وَالزَهر فيها شاخصٌ / يَرنو بعينِ تَطَلُّع
هات اسقني حَتّى تَرى / مِن راحِ ثَغرِك مصرعي
وَإِذا فنيتُ صَبابةً / فَأَطِل غناءَك وَاسجَع
وَإِذا أَموتُ فَنادني / يا نَفسُ رَجعي أَرجع
ما الذَوق إِلا هَكَذا / فَليدّعي مَن يَدّعي
بِاللَه رفقاً بِالفُؤاد تَمهّلوا
بِاللَه رفقاً بِالفُؤاد تَمهّلوا / وَاستمهلوا الركبَ المجدَّ وودّعوا
وَاللَهِ ما ودّعتُكم لَكنني / وَدّعتُ صَبراً كانَ بي يتصنّع
لا تعذلوني واعذروا جفناً بكَى / فَالغَيمُ ما تغب الغَزالة يَهمَع
رُوحي الفدا يا سادَتي من بعدكم / جفني يجودُ وَمهجتي تتصدّع
ولَقَد أَقول لصاحبي من بعدما / صنعَ الفراقُ بمهجتي ما يَصنع
قف بي عَلى آثارِهم أَشكو النَوى / وَيُجيبني صَوتُ الصَدى إِذ يَخدع
قف نبكِهم إِنّ البكا مستحسنٌ / يَومَ التفرّق إِنما لا ينفع
لم أَنسَ لَو أَنسَ الحَقائقَ يَومَهم
لم أَنسَ لَو أَنسَ الحَقائقَ يَومَهم / وَوقوفَنا في ضحوةِ التَوديعِ
وَالقوم بَين مُدثَّرٍ بزفيرِه / حُزناً وَبَين مُزمَّلٍ بدموع
لِلّه ذاكَ اليَومُ لَو لَم يُبكِنا / خطبُ التَفرّقِ بعدَ حُسنِ جموع
وَداعاً وَداعاً وَدِّعي مصر وَدّعي
وَداعاً وَداعاً وَدِّعي مصر وَدّعي / سَقتكِ الغَوادي من مَغانٍ وَأَربُعِ
ديارٌ بِها وَلّى غُرورُ الهَوى وَقَد / أُروَّعُ عَنها اليَومَ من بَعد أَربع
سُرورٌ وإخوانٌ وَخلٌّ وَصاحبٌ / وَكُلٌّ عَلى ما شئتَه وَفق مطمعي
وَأَمسيتُ بي من حيرةٍ أَيُّ لَوعةٍ / عَلى أَسفٍ يُجري العُيونَ بِأَدمُع
إِذا ذكرت نَفسي حَبيباً أَلفتُه / بَكيتُ عَلى التَفريق بَعد التجمُّع
وَهمتُ وَلا أَشكو لغيرِ تَأمّلي / وَلَيسَ سِواه بعدَهم يا أَخي معي
وَلم أَدرِ ما أَبكي أَعهداً وَقَد مَضى / وَمَغنىً وَقَد أَمسى كَبيداءِ بلقع
وَكَأسَ مدامٍ أَو ندامى عَلى صَفا / وَرَوضاً أَريضاً من أَمانٍ وَمَطمع
أَسيرُ وَأَثني الطَرفَ نَظرةَ باهتٍ / فَلا أَملٌ يُغري وَلا البَأس مقنعي
وَيا رُبَّ يَومٍ لي بمصرَ وَلَيلةٍ / نَهبتُ الصفا بالبابليِّ المُشعشَع
مدامٌ تريك الدَهرَ عَبداً إِذا سعَت / إِلَيك بها ذاتُ البَها وَالتمنُّع
يُذيبُ لكَ الياقوتَ في الكأسِ خدُّها / وَتُنشدُكَ الأَزمانُ خُذ وَتَمتِّع
وَإِن بَدرَت وَالبَدرُ في ليلِ تَمِّهِ / تحيّرتَ وَجداً بينَ أُفقٍ وَبُرقُع
فَيا نَفسُ صَبراً وَاحتساباً لفرقةٍ / يَطولُ مداها بعد طُولِ التجمُّع
وَيا صاحبي رَدّد ليَ الدَمع قائِلاً / وداعاً وداعاً وَدّعي مصرُ وَدّعي
يا حبيباً باعدَت ما بيننا
يا حبيباً باعدَت ما بيننا / هذهِ الدُنيا ببَينٍ فاجعِ
إِن يَطُل بُعدٌ فكم من وصلةٍ / واقترابٍ بعد يَأسٍ قاطع
لست أَخشى الدَهرَ في تفريقنا / حيث عقبانا ليوم جامع
أَراقبُ بدراً بين هذي المطالعِ
أَراقبُ بدراً بين هذي المطالعِ / وَيؤنسي تضلالُ تيك المطامعِ
وَآمُلُ في الدُنيا لقاهم وَقربَهم / وَبيني وبين القَوم جوبُ الشَواسع
أَأَحبابَنا إن يَبعُدِ الدَهرُ بيننا / وَتُمسي النَوادي بعدَنا كَالبلاقع
فما زالَ بي وَجدٌ وَعندي تجلدٌ / أَصادم ريبَ الدَهر وهوَ منازعي
وَما غَيَّر التَفريق مني سجيةً / وَما كان عندي ما حفظتم بضائع
ولي كلما مرّت بفكري صبابةٌ / شُجونٌ أُواريها بسترِ المدامع
فَيا لَيتَ شعري هَل لهذا النَوى انقضا / وَهل من تدانٍ بعدَ ذاكَ التَقاطع
وَيبسمُ لي ثغرٌ من الدَهر أَو أَرى / لَدى مالكي منهُ الحزامة شافعي
خليليَّ لَو يَدري النَوى كَيفَ حالَتي / لأجدى لديهِ ما يَرى من صنائعي
وَلا بت ذا قَلبٍ حزينٍ مُروّعٍ / وَجفنٍ حليفِ السهد شتى المدامع
ولكنما الأَيام فيها عجائبٌ / وَأَبناؤها مِن هَولها في مصارع
تُروّعُ محبوباً وَتُردي أَعزةً / وَتدهى خليّ البال منها بفاجع
وَما دام جمعٌ بين خلٍّ وَصاحبٍ / وَلا اعتزَّ ذو بطش بجار ومانع
فما أَذكر اللقيا التباعد للنهى / وَما أَدنى تفريق لتذكار جامع
عَلى أَنني منهُ بِأَيسر ما يَرى / قَنوعٌ وَقيل العَيشُ يَصفو لقانع
فَهل من كَفيل لي بحسن الَّذي بقي / فَأَسلو الَّذي وَلَّى وَلَيسَ براجع
فَلا بت يا نُور العُيون مفكراً / جفاك وَعَهدي فيك حفظُ الوَدائع
وَردّ شُموسَ القُرب يوشعُ حظِّنا / فَما زالَت الآمالُ تَزهو لطامع
سَلام عَلى أَرض الأَحبة كلَّما
سَلام عَلى أَرض الأَحبة كلَّما / ذكرتُ التَلاقي فاستهلتْ مدامعي
سَلام عَلى بدر مع اللَيل زاهر / وَوَجد عَلى غُصن مع التيه يانع
وَشوق إِلى تلك الدِيار وَأَهلها / جِنان وَحور من ظبى في مراتع
وَحُزن لِمَن وَدّعتُها وَدموعها / تَجود وَقَد باتَت بمهجة جازع
تَقول وَقد حَقّ النَوى وَاِنقَضى اللقا / وَلم تَبقَ إِلا وَقفةٌ للتوادع
فَديتُك يا مَن أَعجل البعدَ صابراً / ستوصلنا الأَيام بَعدَ التَقاطع
وَمثلي مَن لا يَقتضي الحُبُّ صَبره / عَلى ذلةٍ يَمشي بمشية خاضع
دَعيني فإمّا آيبٌ تَتّقي العِدا / وَإِلا فميْتٌ غَير راجٍ وَخاشع
وَإِني وَإِن شطت بِنا غربةُ النَوى / لَفي الواهب الدَيان تَزهو مَطامعي
فَيا لَيتَ شعري هَل تزجّ رَواحلي / إِلى مَوطن الأَحباب وَالدَهر شافعي
وَهَل تذكر الأَيام عهداً تَفي بِهِ / وَأَبصر للعادين يَومَ مصارع
وَيقبل دَهر أَدبرت بي صروفه / فَأَسعى عَلى رَغم العِدا وَالعلا معي
وَإِلا فَإني رزق دوّ وفدفد / أَدافع حتى يسبق الدَهر مانعي
وَلما نَأى بَيني وَبينك مَنزلٌ
وَلما نَأى بَيني وَبينك مَنزلٌ / وَأَقفر مغناه وَبادت جُموعُهُ
وَقالوا لقاءٌ لا يَنالُ وَمَعهدٌ / تَجافاه أَصحاب وَأَقوت ربوعُهُ
وَعز مسير المرسلين وَلم ترد / رواة الهَوى عَما يرجَّى صَريعه
رَوى القَلب عن نار الغَضا ما أَكنّه / وَجفني رَوَت عَهد العَقيق دُموعه
شَوق تَمادى وَوَصل عزَّ فامتنعا
شَوق تَمادى وَوَصل عزَّ فامتنعا / فليكتَفي الدَهرُ منا بِالَّذي صَنعا
وَليأسف القَلب وَلتبك العُيونُ عَلى / أَنسٍ تَخلّى وَصَفوٍ شين إِذ برعا
كَيفَ اصطباري وَلم يُبقِ النَوى جلداً / أَم كَيفَ حزمٌ إِذا داعي الهُموم دَعا
وَما الَّذي اشتكى مما جرى وَلمن / أَشكو إِلَيهِ وَمَن أَرجو وَما نفعا
وَلَيسَ تسطيع ردّ الغابرات يدٌ / ولَيسَ يُدرَكُ دَفع الأَمر إِن وَقعا
سَقياً لقلب بِهِ نحوَ اللقا أَملٌ / رَعياً لطرف عَلى ما فاته همعا
همُ الَّذين أَضاعوا ما حفظتُ لهم / وَروّعوا من دَرى حَقَّ الوَفا فرعى
وَزاد ما كُنتُ أَخشى من تباعدنا / غدرُ الشَباب وَشملٌ قلّ ما اجتمعا
فَيا نديمَيْ عَلى كَأس الهَوى ادّكرا / ذكرَ التَنادم مثلي أَو خذا وَدعا
غدرَ الَّذين رَأَوا نواك وَأَجمعوا
غدرَ الَّذين رَأَوا نواك وَأَجمعوا / ماذا عليهم إذ نأوا لو ودّعوا
تَركوا فؤادك لا يقرّ قراره / وَمضوا وَجفنُك هامعٌ متطلع
يا صاحبي إِن جئتهم في حيهم / خبِّرهمُ عمن جفوه وَروّعوا
ما كُنت أَحسب أَن يَعود ودادهم / هذا البِعاد وَكَم يغرّك مطمع
أَشكو النَوى وَأَحبتي أَصل النَوى / يا رَب كم ظلم وَكَم لا أَمنع
أِين اللَيالي وَهِيَ تجمع شملنا / عادَت تفرّقنا وَقَد لا تجمع
يا خافضين لذكر من يهواكم / أَنتُم مواليه وَأَنتُم أَرفع
آها عَلى نسيانكم وَتذكري / هلا ذكرتم أَو نسيت فننزع
هيهات قد ملك الهَوى مني النُهى / عمن أَصدّ وَمُهجتي لك تتبع
يا أَيُّها الأَعداء بعد محبة / قَد رعتمُ مني الحشاشة فاقنعوا
يا أَيُّها الأَعدا وفي قلبي لكم / أَعلا مَقام لا يَنال وَمَوقع
أَعداءنا إِني لأَحمد مهجتي / إذ خنتم ودّي وَفيها ترتعوا
كُونوا كما شاء النَوى فَأَنا الَّذي / أَبدا عَلى حُكم الصَبابة أَخضع
إِني لأَحفظ ما أَضعتم حقه / ما ضرّ من حفظ الوَفا من ضيعوا
كيفَ الوَفا أَرجوه منكم وَالعدا / أَحبابكم وَلهم مقال يَسمع
فتحكموا إِنّ الهَوى سلطانه / يقوي وَيضعف وَالعَواقب تردع
فَإِذا أَتاكُم مصرعي أَو سلوتي / من بعد ما فعل النَوى لا تجزعوا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025