المجموع : 11
سَريرَةُ شَوقٍ في الهَوى من أَذاعَها
سَريرَةُ شَوقٍ في الهَوى من أَذاعَها / وَمهجةُ صبٍّ بالنَّوى من أَضاعَها
أَفي كُلِّ يَومٍ للبعادِ ملمَّةٌ / تُلمُّ بنا لا نَستَطيعُ دفاعَها
فَلِلَّه جمعٌ فرَّق البينُ شملَه / وإِلفةُ صَحبٍ قد أَباد اِجتماعَها
وَساعاتُ أُنسٍ كان لَهواً حديثُها / سَقى اللَه هاتيك اللَيالي وَساعَها
ولا مثلَ لَيلى إِن تبدَّت عشيَّةً / مددتُ لها كفّي أُريدُ وداعَها
وَقَد أَقبلَت تُذري الدموعَ تلهُّفاً / إِذا هتفَ الداعي إِلى البين راعَها
أَشاعَت بنا أَيدي الفراق فأَصبحت / تؤمُّ بنا شُمَّ الذُرى وَتلاعَها
نجوبُ قِفاراً ما وقفنا بقاعِها / وَنقطعُ بيداً ما حلَلنا بقاعها
تَميلُ بنا الأَكوارُ لَيلاً كأَنَّنا / نَشاوى سُلافٍ قد أَدَمنا اِرتضاعَها
إِذا نفحتنا نسمةٌ حاجريَّةٌ / أَجدَّت وَهاجَت للنُفوسِ اِلتياعَها
فَمِن مهجةٍ لا يتسقرُّ قرارُها / ومن كبدٍ نَخشى عليها اِنصداعَها
تجاذبُنا فضلَ الأَزمَّةِ ضُمَّرٌ / أَهاج نزاع البين وجداً نزاعَها
نَقيسُ بها طولَ الفلاة وَعَرضَها / عشيّاً إِذا مدَّت لخَطوٍ ذراعَها
يَقول أصَيحابي وقد جدَّت السُرى / وأوفتهم أَيدي الركائِب صاعَها
أَفيقوا فقد شطَّ المَرامُ ولا نَرى / سوى تَلَعاتٍ قد سَئِمنا اِفتراعَها
فَقُلتُ لهم سيروا سِراعاً وَقلقِلوا / عِرابَ المَطايا واِستحثّوا سِراعَها
لِنَحظى من الدُنيا بأَوفر حظِّها / وَنشهدَ أَوصافاً عَشِقنا اِستماعَها
وَننزلَ عن أَيدي الركاب نُريحها / وَنشكرَ فينا ما بقينا اِصطناعَها
بأَرحب أَرضٍ لا يُسامى عَلاؤُها / وَأَسمى ربوعٍ لا نَملُّ اِرتباعَها
بسوح نِظام الدين واِبن نظامِه / كَريمٌ به مدَّت يَدُ المجد باعَها
همام إِليه الدَهر أَلقى زمامَه / إِذا عُصي الأَقوامُ كان مُطاعَها
أَنارَت شُموسُ المَكرُمات بأفقه / فأَلقَت على كُلِّ الأَنام شُعاعَها
له يدُ فَضلٍ لا تُبارى سَماحةً / إِذا ما نَبا غيثٌ رجون اِندفاعَها
مواهبُ لا تنفكُّ تَحدو مَواهِباً / تَنالُ غمارُ البحر منّا اتِّساعَها
إِذا اِنقطَعت يَوماً شآبيبُ مزنةٍ / فأَيدي نَداه لا تخاف اِنقطاعَها
به أَينعَت روضُ المَكارِم والنَدى / وَشادَت مَباني كلِّ عِزٍّ رباعَها
أَعزّ ذَوي الإِفضال والبأس فضلُه / فقل للّيالي لا تغرَّ رَعاعَها
له أذعَنَت شمسُ العُداة مهابَةً / وَلَم يَخشَ لَو لَم تستذلَّ اِمتناعها
وَذَلَّت له الدُنيا فأَلقَت قيادَها / لطاعَتِهِ حتّى أَمِنّا خِداعَها
تباري النجومَ الزُهرَ زُهرُ نصالِه / إِذا راحَ يَحمي وقعَها وَقِراعَها
وَتهزأ بالخَطّيِّ أَقلامُ خطِّه / إِذا ما حَوَت يُمناه يَوماً يَراعها
أَربَّ النَدى وَالفضل والمجد والحجا / وَناظمَ أَشتاتِ العُلى وَجِماعَها
لأَنتَ الَّذي أَحرزتَ في الخَلق رتبةً / تودُّ الدراري لَو تَنال اِرتفاعَها
إِليك حَثَثنا كلَّ كَوماء بازلٍ / وَجُبنا القفار البيدَ نبسرُ قاعَها
فَلا غرو فالآمالُ أَنت محطُّها / وَنحوَكَ أَزجت عزمَها وزماعَها
وَفيك حكينا الدرَّ نظماً فهاكَها / خَريدةَ فكرٍ قد أَمطتُ قِناعَها
بمدحِك قد نضَّدتُ جوهر عِقدِها / وأَبدعتُ في فنِّ القريض اِبتداعَها
فمن لاِبنِ هاني لو يُهنّى بمثلها / وَهَيهات لَو أَن رامَها ما اِستَطاعَها
إذا ما حَدا الحادي بها قال قائِلٌ / أَلا فاِشكراها نَغمةً وَسَماعَها
سَلامٌ عَلى بَدرٍ له السَعدُ مطلعُ
سَلامٌ عَلى بَدرٍ له السَعدُ مطلعُ / وَشَمسٍ سَناها بالمناقب يَسطعُ
عَلى غرَّة العَليا عَلى هامَة العُلى / على من له المَجدُ المؤثَّل أَجمَعُ
عَلى من حَوى دَرَّ المكارم يافِعاً / عَلى من أَوى حجرَ العُلى وهو يَرضَعُ
سلامَ محبٍّ كلَّما عنَّ ذكرُهُ / تَكادُ حشاه بالأسى تتصدَّعُ
يذكِّره ضوءُ الصَباح جبينه / وَنشرُ الصبا ريّاه إِذ يتضوَّعُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل دَرى مِن وداده / له مهجَتي دونَ الأَحبَّة مربَعُ
بأَنّي عَلى عَهدي له الدَهرَ ثابِتٌ / وإِن راحَ صَبري بعده يتضَعضَعُ
أَمرُّ عَلى رَبع به كانَ نازِلاً / فيخطُر لي ذاكَ الجنابُ الممنَّعُ
إِذا اِكتحلت عيني بآثار رَبعه / تحدَّر منها أَربعونَ وأَربعُ
أَلا أَيُّها الندبُ الهمام السميدعُ ال / أَغرُّ التقيُّ الأَروع المتورِّعُ
لك اللَه إِنّي للأذمَّة حافِظٌ / فَلا ترَ أَنّي غادِرٌ أَو مضيِّعُ
لئن غِبتَ عَن عَيني فشخصُك حاضِرٌ / بِباليَ لم أَبرَح أَراك وأَسمَعُ
وإِن شبَّ في قَلبي الغَضا بعدك الفضا / فَبالمنحنى من أَضلعي لك موضعُ
أَتاني كتابٌ منك يُشرق نورُهُ / كأَنَّ عَلى أَعطافِهِ الشَمسُ تلمعُ
تنوّع من نظمٍ ونثرٍ كأَنَّه / رياضٌ غدت أَزهارُها تتنوَّعُ
فَفي كلِّ سَطرٍ منه وشي منمنمٌ / وفي كلِّ فصل منه عِقدٌ مرصَّعُ
طربت به لفظاً ومعنىً كأَنَّما / أديرَ عليَّ البابليُّ المشَعشَعُ
خَليليَّ هَل عَهدي بمكّةَ راجعُ
خَليليَّ هَل عَهدي بمكّةَ راجعُ / فَقَد قُليَت بالهند منّي المضاجعُ
وَهَل شربةٌ من ماء زَمزمَ تَرتَوي / بها كبِدٌ قد أَظمأتها الوقائعُ
وَهَل عامِرٌ ربعُ الهوى بسويقَةٍ / فَعَهدي بذاكَ الربع للشَمل جامعُ
وَهَل من صفا من سالف العيش بالصَفا / يَعودُ لنا يوماً فَتَصفو المشارِعُ
سَقى اللَه ما بينَ الحجون إِلى الصَفا / مرابعَ فيا للظِباء مراتِعُ
وَجادَ بأَجيادٍ منازل جيرَةٍ / بهنَّ حمامُ الأَبطَحين سواجعُ
وَحيّا الحَيا بالمأزمين معاهِداً / فَما عَهدُها عِندي مَدى الدَهر ضائعُ
مَن لِشَملي لو فاز منكم بجمع
مَن لِشَملي لو فاز منكم بجمع / في لَيالي منىً وأَيّام جمعِ
يا رَعى اللَه عَهدَنا بالمُصلّى / وَسَقى عصرَنا بكثبان سَلعِ
وَلَيالٍ خلت فعوِّضتُ عَنها / بليالٍ تمرُّ من غير نفعِ
يا عُريباً لَولاهم لم يَشقني / ذكرُ دارٍ ولا تذكّر ربعِ
وإِذا ما سمعت عنهم حَديثاً / حسدت مقلتي لذلك سمعي
ليت شِعري هل يسمح الدهر يوماً / بالتَداني وهل يَعود برجعِ
ضقت ذَرعاً بالبعد فيكم وَلَولا / حبُّكم لم يضق من البين ذرعي
أرجف العاذلون أَنّيَ سالٍ / وأَرادوا منكم بذلك قَطعي
كيفَ أَسلو وحبُّكم ليَ طَبعٌ / وسلوّي سجيَّة غير طَبعي
آدَ جهدي هواكمُ ونواكم / حمَّلتني من الجَوى غيرَ وسعي
قرِّبوا لا نأيتُمُ الدارَ منّي / واِسمَحوا بالعَطاءِ من بعد مَنعِ
وَمَتى شئتُمُ الغَضا ففؤادي / أَو أَردتُم سفحَ العَقيق فدمعي
يا دارَ ميَّة باللِّوى فالأجرعِ
يا دارَ ميَّة باللِّوى فالأجرعِ / حَيّاكِ منهلُّ الحَيا من أَدمعي
وَسرى نَسيمُ الرَوض يسحبُ ذيله / بمصيفِ أنسٍ في حماكِ ومَربَعِ
لَو لَم تَبيتي من أَنيسكِ بلقعاً / ما بتُّ أَندبُ كلَّ دارٍ بلقعِ
لَم أَنسَ عهدَك والأَحبَّة جيرةٌ / وَالعَيشُ صفوٌ في ثَراكِ المُمرعِ
أَيّامَ لا أصغي لِلَومة لائمٍ / سَمعاً وإِن ثُغر الصَبابة أَسمعِ
حيث الرُبى تَسري بريّاها الصبا / وَالرَوضُ زاهي النَور عذبُ المَشرعِ
تَحنو عليَّ عواطِفاً أَفنانُه / عندَ المبيت به حنوّ المُرضِعِ
والوُرقُ في عَذبِ الغُصون سواجعٌ / تشدُو بمرأىً من سُعادَ وَمَسمَعِ
كَم بتُّ فيه صَريعَ كأس مُدامةٍ / حِلفَ البَطالة لا أفيقُ ولا أَعي
أَصبو بِقَلبٍ لا يزال مُوَزَّعاً / في الحُبِّ بين معمَّمٍ ومقنَّعِ
مُستَهتِراً طوعَ الصَبابة في هَوى / قمَري جمالٍ مُسفِرٍ ومُبرقَعِ
ما ساءَني أن كنتُ أَوَّل مُغرمٍ / بجمال ربِّ رداً وَربَّة بُرقعِ
يَقتادُني زهوُ الشَباب وعِفَّتي / فيه عَفافَ الناسكِ المتورَّعِ
لِلَّه أَيّامي بمنعَرج اللِوى / حيث الهَوى طَوعي ومن أَهوى مَعي
لَم أَنسَه وَالبينُ ينعِقُ بينَنا / متصاعدَ الزَفرات وهو مُودِّعي
إِن شبَّ في قَلبي الغَضا بفراقِه / فَلَقَد ثَوى بالمُنحَنى من أَضلُعي
أَتجشَّم السُلوان عنه تكلُّفاً / وَالطَبعُ يغلبُ شيمةَ المتطبِّعِ
بِنَفسي من قد حازَ لونَ الدُجى فَرعا
بِنَفسي من قد حازَ لونَ الدُجى فَرعا / وَلَم يَكفِهِ حتّى تقمَّصَه درعا
بدا فكأَنَّ البدرَ في جُنح لَيلةٍ / أَو الشَمسَ وافت في ظَلام الدُجى تَسعى
نَمتهُ لنا عشرُ المحرَّم جهرةً / يطارحُ أَتراباً تكنَّفنهُ سَبعا
تبدّى على رُزء الحُسين مسوَّداً / وَما زالَ يولي في الهَوى كربَ لا منعا
وَقَد سَلَّ من جَفينه عَضباً مهنَّداً / كأَنَّ له في كُلِّ جارحةٍ وقعا
هناك رأَيتُ الموتَ تَندى صفاحُه / وَناعي الأَسى يَنعي وأَهل الهوى صرعا
دَعَت ريحانةُ الأدباءِ لُبّي
دَعَت ريحانةُ الأدباءِ لُبّي / فَلَبّى وهو ممتثلٌ مُطيعُ
وَقالَ وقد أَجاب بغير رَيثٍ / أَمِن ريحانة الداعي السَميعُ
من لحزينٍ كلِفٍ موجَعِ
من لحزينٍ كلِفٍ موجَعِ / قد شفَّه الشَوقُ إلى الأَربُعِ
ما لي وللأَربعُ ما لم تَكُن / ربوعَ سَلمى ربَّةِ البُرقُعِ
لَم أَنسَ عصراً قد تقضّى بها / وجمعنا إِذ هو لَم يُصدَعِ
بَكيتُ يومَ البَين وَجداً فَلَم / أبقِ لِذكرى الوَصلِ من أَدمُعي
فَهَل لِذاكَ الشَملِ من ناظمٍ / أَم هَل لِذاكَ العَصر من مرجعِ
اللَه لي من واعدٍ وعدُهُ
اللَه لي من واعدٍ وعدُهُ / كذبٌ وفي الإنجازِ من يَلمَعِ
يمنعُني العذبَ ولَمّا يَزل / يُنهلني بالآجنِ المُنقَعِ
مالَ مع الدهرِ على رَوعتي / وَلَم يَمل يوماً عليه مَعي
إِنَّ المكارمَ والفضائلَ وَالنَدى
إِنَّ المكارمَ والفضائلَ وَالنَدى / طَبعٌ جُبلتَ عليه غير تطبُّعِ
والمَجدُ والشرفُ المؤثَّل والعُلى / وقفٌ عليكَ وَلَيسَ بالمتسودَعِ
لَقَد ظَلمَتني واِستَطالَت يدُ النَوى
لَقَد ظَلمَتني واِستَطالَت يدُ النَوى / وقد طمعَت في جانبي أَيَّ مَطمَعِ
إِلى كَم أُقاسي فرقةً بعد فرقةٍ / وحتّى مَتى يا بينُ أَنتَ مَعي مَعي