المجموع : 11
يا ريم حسبك مهجتي مرعى
يا ريم حسبك مهجتي مرعى / لا شيح كاظمة ولا الجرعا
وكفاك عن وردٍ تلم به / عين تفيض غروبها دمعا
فارحم جوانح قد حللت بها / دون الحمى وسكنتها ربعا
ترمي لحاظك والسهام رميت به / فأصاب لا غرباً ولا نبعا
كانت حواجبك القسي له / وبغمزهنة نزعته نزعا
ريشته بالهدب مرتميا / فتركت آساد الشرى صرعى
يرعاك من لم ترع ذمته / ولكم رعيت لغير من يرعى
كم ليلة أرسلت غيهبها / لك بردة فنشرته فرعا
فإذا طلعت طلعت شمس ضحى / وإذا انثنيت فبانة الجرعا
فبأضلعي وبما تضم رشا / كابدت في كبدي له صدعا
أرخى الجعود لردفه فغدت / فوق الكثيب أراقما تسعى
وبعقربي صدغيه وجنته / شاكت مقبل وردها لسعا
من لي بأغيد راح محترب / بالعقرب الحجناء والأفعى
أحمامة الوادي عداك جوى / لو حل فرعك أحرق الفرعا
إني اتخذتك لي منامة / ولقد شربت فغردي سجعا
يا ربع أين الساكنون فقد / أضحت خدودك بعدهم سفعا
فلقد بكيت لبينهم بدم / حتى صبغت ملابسي ردعا
لو صح للمشتاق مرتجع / لربوعهم لرأي بها الرجعى
وأقام خمساً من فرائضه / ولطاف حول حماهم سبعا
إن يقطعوا فهواي متصل / لم يلف منصرماً ولا قطعا
إن أهوهم فتطبع وأرى / لمحمد الحسن الهوى طبعا
قرم كأن السيف في يده / برق أضاء بمزنة لمعا
وعلى المجرة قد جرت خببا / أفراسه فأثرنها نقعا
لو سابقته الشمس ما لحقت / ولأدركت بسباقه الضلعا
ومتوج بالفخر ترمقه / شمس النهار إذا الضحى شعا
يخشاه حتى السيف في يده / فيكاد يقطع حده قطعا
يا من أبحت له الفؤاد هوى / وحجبته عن غيره منعا
وإذا نظرت وجدته بصرا / وإذا وعيت وجدته سمعا
ما راجحتك الراسيات حجى / يا من يخف على الصبا طبعا
قسماً بشعث قد حدا بهم / حادي الحجيج ويمموا جمعا
بمجو شنات قد قطعن بهم / شقق الفلا جزعا يلي جزعا
ومعطفات كالقسي سرت / رمي السهام تفلتت نزعا
حتى أجزن بذي الأراك ضحى / وعلى المطاف حبسن والمسعى
لقد انقلبت لبينكم بجوى / وضنى اضيق بوصفه ذرعا
إني اتخذت هواكم حسباً / أعزى إليه وحبكم شرعا
حسبي من الدنيا هواك وما / نولت إن ضراً وإن نفعا
وإليك ما وشت إليك يدي / ما ليس تصنع مثله صنعا
بأنامل لم تقض حقكم / ولو أنني أعلقتها شمعا
كم يجتديني الغيث غيث الأدمع
كم يجتديني الغيث غيث الأدمع / وتشب نار البين بين الأضلع
وأبيت لا يحظى المنام بناظري / إلا كما يحظى الملام بمسمعي
كيف المنام ودون من أنا صبه / خرط القتاد وشوقه في مضجعي
وأعود يوحشني الأنيس كأنني / وحدي وإن مارست حاشد مجمعي
يا نازحاً بعدك شرعة منسوخة / والوجد بعدك شرعة المتشرع
لو كنت بعد البين شاهد موقفي / موسى لما شاهدت إلا مصرعي
تنحت فأقصت من رباعي رباعها
تنحت فأقصت من رباعي رباعها / وصدت فقل فقد الشبيبة راعها
مهاة لها بالقلب مرعى وملعب / وإن نزلت من أرض نجد تلاعها
لها الأمر ما بين الملا فلو أنها / دعت للتصابي ناسكاً لأطاعها
أجن صبابات بها لو أقلها / برضوى لدب النمل يبغي اقتلاعها
ولو أن ثهلاناً تصدى لحملها / وساعدنه هضب الفلا ما استطاعها
فما بالها تجفو وفي القلب ما به / وتسدل واوجداه عني قناعها
لحى اللَه واشيها الزنيم فإنه / تتبع أسرار لنا فأذاعها
هي الشمس مرآها بعيد وإن تكن / تخيلت الأيدي تنول شعاعها
خليلي من قحطان ما حيلتي بها / وهذي النوى مدت إلى الحي باعها
فما ديمة هطلاء العرى / تروي بتسكاب الدموع بقاعها
بأغزر من عيني دمعاً وقد سرت / ركائبهم تطوي الفلا ورباعها
سلام على الدنيا فإني فقدتها / لفقدانها إذ حيث كانت متاعها
فلا تنكرا إعجالي العيس بالسرى / أناحي بها ضيق الفلا واتساعها
إذا انتجعت ليلى بلاداً رأيتني / وإن شحطوا أهلي أزور انتجاعها
أمر تجعاتٌ بالحمى غدواته / فإن ديون الحب أهوى ارتجاعها
خليلي مالي لا أري اليوم جيرتي / إذا ما بدت في الأرض كانت طلاعها
بخديك معنى للجمال بديع
بخديك معنى للجمال بديع / ومرعى لعين المستهام مربع
فكل مكان فيه شخصك جنة / وكل زمان أنت فيه ربيع
بثثتك شكوى لو سمعت وإنني / إليك وإن لم تشك لي لسميع
تبدد شمل الصبر عنك وقد غدا / لبعدك شمل الشوق وهو جميع
بجفنيك سيف صلت فيه صبابة / على أنه ماضي الشباة قطيع
ويا رشأ بالخيف أصبح ربعه / لك اليوم في وسطالفؤاد ربوع
مشى بالسرى خطو البطي وقد مشى / بقلبي أوار الحب وهو سريع
ما لنفسي ذابت وطارت شعاعاً
ما لنفسي ذابت وطارت شعاعاً / ولقلبي إثر الأحبة ضاعا
ليس عهد الحياة إلا كزرع / قد ذوى حين أعجب الزراعا
من يسر الزمان سيء وكل / كايلته الأيام صاعاً فصاعا
ريعت الأرض واقشعرت بقاعا / لسحاب أوفى فكف انقشاعا
حسن أين حسن ذاك المحيا / أم إلى النيران أهدى الشعاعا
عقدت تاجها عليك المعالي / وارتضتك الملوك ملكاً مطاعا
أهل ودي ومن رأى أهل ودي / هام وجداً يثقف الأضلاعا
فاجأتنا ظعونكم بالتنائي / قبل أن تعلن الحداة الوداعا
لو تباع الحياة منكم شرينا / ها بكل ومن لنا أن تباعا
كنت للخائفين معقل أمن / فيه تطغى على الخطوب امتناعا
هل درى حاملوك أن ثبيرا / فوق أكتافهم أجد زماعا
يا عماد الدين الحنيفي أني / لك أفضت كف المنايا انتزاعا
ما عجبنا للدهر أن رام صعبا / بل عجبنا للدهر كيف استطاعا
هل لذا الدهر من مساعيك حظ / رام فيه إلى علاك اطلاعا
هو لم لم ينل بعزك عزاً / وتعاطاك كان أقصر باعا
قد أرانا أشد مما استفدنا / فهو ينشي خلق الرزايا ابتداعا
سوف يبكي عليك ثغر مخوف / لثناياه لم تزل طلاعا
سوف يبكي عليك ليل بهيم / لم تزل في دجاه تبكي انخشاعا
إن أهدى الأنام من تتبعه / تقتف سنة الهداة اتباعا
صرفت كفه اليراعة والسمر / سواء فراش فيها وراعا
إن قرم الرجال يخشى ويرجى / ما بكفيه هزةً وانتفاعا
وازن الراسيات حلماً وعزماً / وكطبع النسيم خف طباعا
صاح قرب بكر السرى وابتعده / شدقمياً ينصاع فيك انصياعا
خف يفري نحر الفلا بخف / ذرع الأرض بالوجيف وباعا
إن يسابقه بارق ضاق ذرعا / وهو يشؤ البرق اللموع ذراعا
جبعاً يممن وعرج ملماً / بعلي أندى الأنام رباعا
لست أدري أذكره فاح طيباً / أم عبير الطلق ضاعا
ثم عز محمداً بأخيه / من أساغا در المعالي رضاعا
حيه واقرأ السلام عليه / وادعه بالذي يروق سماعا
أنت سكنت روعة المجد يا من / هو لولاك لم يزل مرتاعا
لا ينل من جنابك الحزن روعا / واحم عنه جوانباً لن تراعا
يقطع السيف بالضريبة لكن / بالصفا الصلد لم يكن قطاعا
سدع الدهر من صفاتك فاجبر / صدعها أنت لا لقيت انصداعا
جمعت في العلي نفس حسين / وهي لولا العلي طارت شعاعا
يا بني الحر إنما الدهر عبد / لكم كان إن عصى أو أطاعا
إنما بينهم على ما عراه / بيت عز شأى البيوت ارتفاعا
كالسما تعقب البدور بدوراً / والزبى تعقب السباع سباع
أنتما فرقداً سماء المعالي / لا تجازان رفعة واجتماعا
فاسلما للعلى بكل مرام / يا خليلي ساعداً وذراعا
وسقى ربنا زكي تراب / طاب بالمجتبي الزكي بقاعا
سحب عفو يسوقها روح لطف / واصطيافاً تروده وارتباعا
تضعضع جانب الحرم انصداعا
تضعضع جانب الحرم انصداعا / أحقاً ركن كعبته تداعى
وخر السمك فانثل انثلالا / وماد البيت فانهزع انهزاعا
وعم المشعرين شعار حزن / أشاع ببطن مكة ما أشاعا
وقام بحجر إسماعيل روعاً / بلى ومقام إبراهيم راعا
هو الرزء الجليل فلا تعده / على سمع يضيق له استماعاً
أسد مسامعي بيد وأخرى / أسد بها فم الناعي ارتياعا
إلى أن أرعشت كفى رزايا / تساقط ساعداي لها انخلاعا
تسف رواسي الأرض انقلابا / وتنسف شامخ الهضب انقلاعا
ألا يا صاح من صاح استهلي / مدامنا انهمالاً وانعماعا
ألا من صاح يا أعلام زولي / فإن ركينك الراسي تداعى
ومن عزم النوى ومن المسجى / تزوده أحبته الوداعا
ومن حملوا على الأعواد صبحا / تحف به الملائكة اتباعا
سريرك قد تضمن سر قدس / ولم أغل ولم أقل ابتداعا
جناجن أحمد وحشا علي / وجملة ما أسرا أو أذاعا
لقد فجعت بصالحها قريش / وأوسعها إذا نزلت رباعا
وأقصرها لدى النسب انتسابا / وأطولها غداة الطول باعا
تفنن في الرزايا الدهر حتى / أراناها ابتكاراً واختراعا
نزلت إلى الردى فطواك أم قد / رقى كرقيك الحتف اطلاعا
ولم أعجب له أن رام صعبا / ولكن كيف لا كيف استطاعا
وكيف أطعت جائرة الليالي / ألست نعدك الملك المطاعا
سريت فضاق رحب الأرض لما / عزمت سراك واغبرت بقاعا
فإنك كنت فارشها ابتهاجاً / وإنك كنت باسطها اتساعا
فرب عويصة تبكيك شوقاً / لتكشف عن محياها القناعا
ورب مؤمل جدواك أضحى / يخرم أنفه الحزن اجتداعا
فمن للناس من خاشٍ وراجٍ / يراقب منه خيراً وانتفاعا
زهدت فلم تجد ديناك شيئاً / له ثمن فيشري أو يباعا
ولم تغررك أن أبدت سرابا / بقيعتها تخادعنا انخداعا
فليس متاعها إلا قليلاً / وليس قليلها متاعا
احبتنا الذين قد استقلوا / رويدكم التحمل والزماعا
فإخوة يوسف خلصوا نجيباً / وقد صحبوا فؤادي لا الصواعا
فلو عاجوا علي لكان عندي / لهم شأن إذا اعتنقوا وداعا
إذا أغرقت عيسهم بدمع / طغى لججاً فما أخطأت قاعا
ولو فرشت بقربهم العوالي / هدأت على أسنتها اضطجاعا
أحبتنا وأوقات التلاقي / نراها لا توافقنا اجتماعا
فنسبقها إذا جاءت بطاءً / وتسبقنا إذا جاءت سراعا
أمرتجع لنا ما فات منها / ومن يرجو لما فات ارتجاعا
أبا الهادي وأي هدى لسارٍ / إذا لم تبد غرتك التماعا
نحاول منك قرباً واتصالاً / فنلقى منك بعداً وانقطاعا
تكلفني السول وذاك مر / أحاوله فيجهدني امتناعا
فليت هوى الأحبة كان عدلاً / فحمل كل قلب ما استطاعا
أراك بكل نيرة جليسا / كأنك قد رسمت بها انطباعا
فشخصك ليس يبرح نصب عيني / لدى الست الجهات شأى وشاعا
ومن يرنو بنيك يراك فيهم / وشبل الليث يشبهه لباعا
دعوتك يا ابن زمزم والمصلى / ومن لي أن تصيخ لي استماعا
تمام الحج أن تقف المطايا / على مثواك تلثمه بقاعا
أرى لقياك حجاً واعتمارا / ولم يك ذاك حجا مستطاعا
فصبراً يا محمد خير درع /
تولى فارج الكربات سودا / ومتعس جد عاديها ارتداعا
بأمن لم يدع نهجاً مخوفا / وحفظ لم يدع حقاً مضاعا
وأبقى منك للحدثان عضباً / رهيف الحد ما مل القراعا
وقمت اعوجاج قناك لما / خشيت على اسنتها انتزاعا
سما اليوم مثل سماء أمس / وما نقصت سموا وارتفاعا
وليس بضائر المسك استتارا / إذا ما عرفه الداري ضاعا
وما غب البطاح السيل إلا / مذ أخضرت بمجراه بقاعا
وحسبك بالحسين شقيق فضل / محاسن فضله سفرت قناعا
إذا الفضلاء قد بحثوا وردوا / إليه نزاعهم قطع النزاعا
إذا أوحى لنا علماً شككنا / ولم نر فيه للوحي انقطاعا
ولو قد قسته بسواه فضلا / لقست بأصبع الكف الذراعا
ولو أن الكواكب طاولته / لحطت منه خفضا واتضاعا
أضاف على أهلتها هلالا / وزاد على أشعتها شعاعا
ومن كمحمد مرتاد حمد / يمت إليه بالعرف اصطناعا
بكف كاليراع ترى قناها / وتبلغ في يراعتها القراعا
كأن يراعها كانت قناة / وأن قناتها أضحت يراعا
كأن بنانها أخلاف ضرع / يديم فم الغمام لها ارتضاعا
إذا نزل القبائل بطن واد / تخيت الظواهر واليفاعا
فإن أبطحت زنت لهم بطاحا / وإن أتلعت زنت لهم تلاعا
بني الزهراء فيكم صغت شعري / فكان التبر سبكاً وانطباعا
شرعتكم شرعة الجود ابتكارا / فجاد الناس بعدكم ابتداعا
وحزتم دونهم قصبات سبق / ترد عراب خيلهم ابتداعا
فأولهم لأولكم تولى / وآخرهم لآخركم أطاعا
ولا برحت لصالح صالحات / من الأعمال تألفه اضطجاعا
ولا برحت جفون من غواد / تباكره اصطيافاً وارتباعا
أراع من الأقدار من لا تريعه
أراع من الأقدار من لا تريعه / ومن ردعه لو شئت لا تستطيعه
وناشك ناب من أفاعي منية / بغير التسالي لا يداوي لسعه
وأني وعنك اليوم بأن أخو النهى / وأضحى العلى منه قفاراً ربوعه
ربيع الثرى أن أجدب العام ممحلا / فأصبح قلباً في حشاه ربيعه
أناخت حمى العلياء فيك ملمة / فأضحى مباحاً للمنايا منيعه
فما هو إلا الغيث أو غوث صارخ / أخو الخلق المرضي راق صنيعه
فما هو مشكور لديه صنيعه / إذا ما سقت زهر البطاح ضروعه
فصبري وسلواني عليك محرم / وما زال طرفي لليالي هجوعه
فهل أنت ألا سر مجد أذاعه / زمان وأمسى كاتماً لا يذيعه
إلا عجباً للحد كيف يضمه / وقد كان دهراً لم يسعه وسيعه
وتصبح رهن الترب تحت رخامة / ودونك نجم الأفق بات رفيعه
فمن راجع لا يستطاع ذهابه / ومن ذاهب لا يستطاع رجوعه
سقى بقعة ضمتك بين صخورها / ملث سكوب القطر تهمي ضروعه
زجل لأكليل السما وقعا
زجل لأكليل السما وقعا / أم صاح باسمك صائح ونعى
قصفت بمثل الرعد صرختك / حتى استشاط له الفضا فزعا
هل رجت الأرضون فانتثرت / أعلامها وتجاورت قطعا
خفقت بمشرقها ومغربها / سوداء تكسو الخافقين معا
ما بال وجه ضحاك ما نصعا / أم حال لون الصبح إذ طلعا
أم هذه النكبات إذ ثقلت / شدت بخيط الفجر فانقطعا
وأرى دراري الأفق خاوية / أهي الأقاح بها الردى رتعا
ما كنت أخشى وقعه وقعا / فليصنعن الدهر ما صنعا
لا بدع في حكم الردى ولقد / يردي الردى فتخاله ابتدعا
متخمطاً قسوته / كالسيف لا يرثي لما قطعا
ماخلت أن الحتف يدرك من / قد جاوز الأفلاك مطلعا
أو يستزل الدهر رجل فتى / فيها مساعي المجد حين سعى
عودت جسمك أن تحطمه / سقطات دهر باسمك ارتفعا
عثر الزمان وفيك عثرته / فلعاً لذياك الزمان لعا
أن تمض منخلع المثالب يا / قلب الوجود فقلبه انخلعا
لم ينصدع تاللَه جانبه / إذ خر منعفراً ولا اتضعا
ذابت حشاك تقى فما انصدعت / أرأيت جسماً ذاب فانصدعا
غشيتك للأنوار غاشية / شقت حجاب القلب فانخشعا
قد خر موسى قبل ذا صعقا / وهو الكلمي وطوره انخشعا
ودعيت من واديه دعوته / فأجبت داعي الحق حين دعا
إن كان يومك شمسه غربت / فهلال عاشور به طلعا
فالحزن يقفو الحزن متصلا / والدمع يقفو الدمع متبعا
اليوم أوعدني بكاء غد / واعبرتا للمأتمين معا
حنت لصومك كل هاجرة / لم تعطها رياً ولا شبعا
وحنت إليك محارب ذكرت / منك الركوع فسقفها ركعا
يا رافعي نعش الحسين لقد / رفعت قباب المجد إذ رفعا
لو كوشفت عين تشيعه / رأت الملائك خلفه تبعا
فجعت بجامع شملها مضر / فتقرقت من بعده شيعا
فجعت بمفعمها الخضم فلم / تملك بغير أجوانه جرعا
فجعت بسيدها وسؤددها / وبدافع الجلي إذ دفعا
فجعت بمسمعها وناظرها / وكبيرها مرأى ومستمعا
يا خير من عفت شبيبته / حتى بلغت الشيب والصلعا
فت الكرام وكنت سابقهم / ولقد يفوت القارح الجذعا
إن لم يكن ثانيك واحدهم / فبهم تفرق ما بك اجتمعا
علماً على حزماً حجى شرفا / هدياً هدى فضلاً تقى ورعا
خلفتها هملاً مسرحة / أبدا تعاني اليأس والطمعا
وشببت مصطاف الجوى شعلا / وأسلت سيل الدمع مرتبعا
وبمحسن بعد الحسين حمى / لجازع الباكي فلا جزعا
حجب الحسين وذي محاسنه / لم تحتجب مرأى ومستمعا
علم تفيأت العلوم به / ورعى عهود قديمه ورعا
في كل لفظ صدق لهجته / وبكل معنى حسنه انطبعا
وكفاك إبراهيم فهو فتى / إن قال أصغى الدهر واستمعا
جوالة في المجد سبقته / إن ضاق ميدان لها اتسعا
متيقظ للعز ناظره / يخشى ويرجى ضر أو نفعا
بيت العلى فيه قواعده / رفعت ولولاه لما رفعا
ومحمد جلت محامده / عن حصرها فتلوتها لمعا
برق تألق بالثوية لامعا
برق تألق بالثوية لامعا / فانهل دمعي هاملاً أو هامعا
بالغور حيث الغور منزل جيرة / نزلوا هناك أباطحاً وأجارعا
فترى الغوير بهم سماء محاسن / وتراهم فيه البدور طوالعا
فلهم حننت متى حننت صبابة / ولهم أرقت متى أرقت مدامعا
أسفي على زمن مضى في قربهم / لو عاد منه ما تقضي راجعا
بكيت فلا بكت ورقاء فرع
بكيت فلا بكت ورقاء فرع / لتسعدني على دمع بدمع
وليلة شاقني سكان جمع /
أرقت فهل لنائحة بسلع / هجوع فوق مشتبك الغصون
مولهة طواها الوجد طيا / تؤرق في مناحتها الشجيا
عداها الغمض كم طفقت عشيا /
تردد بالنياحة والثريا / بافق الجو ترقبها عيوني
تؤم لألفها نجداً وغورا / ولم تر من ذوات الطوق زورا
فها هي إذ رماها البين جورا /
تنوح لألفها طوراً وطوراً / لأكناف المحصب والحجون
أنوح كنوحها طرفي ظلام / وما وجدت كوجدي من غرامي
لقد ناح الحمام على حمام /
ونحت لمعشر غرٍّ كرام / سروا بالقلب عن شبح قطين
جنت في إلفها مر التجني / فما أغنت فتيلاً إذ تغني
على أفنانها في كل فن /
تطارحني الهديل وبيد أني / مذاب حشاشتي رعفت جفوني
تنوح ومدمعي طوفان نوح / ولي كبد تضج من الجروح
لئن علمت الحان الصدوح /
فيا بنت الأراكة لا تنوحي / فلي كبد تقطع بالحنين
ليس للطرس أن ينال ربيعاً
ليس للطرس أن ينال ربيعاً / قبل أن ينسق البيان البديعا
أو زهر الربى كزهر معان / وشع الدهر حسنها توشيعا
يمرع الروض ثم يذوي وهذي / لم تزل في الطروس روضاً مريعا
كان سر البيان قبلي مصونا / فتوليت هتكه فأذيعا
أيها المطلع المعاني شموسا / ما حيات من الظلام الهزيعا
ما الدراري من بحر فضلك إلا / درر زانت السما ترصيعا
أنت من نظم الدراري قواف / رخص المشتري لديها مبيعا
جعلت بيت حاسديك كبيت / للعروضي سامه تقطيعا
نخلة المسك عبقت بأريج / ضاع بالمسك نشرها كي يضيعا
سجعت ورقها بأحلى نشيد / علم ابن الأراكة التسجيعا
لو رأت غيره يفوه برجز / لأرته التوبيخ والتقريعا
والأديب المدعو صريع الغواني / لو رآها لغادرته صريعا
وبديع الزمان لو قد رآها / قال بدعاً أني أسمى البديعا
راق إملاؤها بغير عناء / فحسبنا أملاءها ترجيعا
ظل يشتارها محبك شهدا / إذا سقت حاسديك سما نقيعا
فهي تسقي من سلسبيل ولكن / كوثراً تارة وأخرى ضريعا
جمعت باقتران شطر كشطر / كلما طيبا ومعنى بديعا
فهي عون الألفاظ بكر المعاني / حسنت صنعة وراقت صنيعا
قد تعجبت والعجيب يراع / أشبع الطرس ريقه فأجيعا
مفحم بالمقال وهو فطيم / ويقول القول الفصيح رضيعا
ينتشي بالمدام حتى إذا ما / جف منه اللسان خر صريعا
هو صل والصل يلسع لكن / راق عند الرقى وراق لسيعا
أرضعته در المحابر كف / سقت السم من عداه نقيعا
معجز من محمد الحسن الندب / حمى الركب من حمى الركب ريعا
من حباه الإله معجز فصل / من خطاب فلو تنبا أطيعا
شرع الفضل للورى فاقتفوه / ورأوا فضل غيره تشريعا
ما أجال اليراع في الطرس إلا / خلت ذا ناطقاً وهذا سميعا
يتلقى السر المصون بصدر / لا يخاف الإهما والتصنيعا
يا أخا كل سؤدد وفخار / من يرم ما تروم لن يستطيعا
قد رووا عن علاك أصلاً جميلا / وعلى الأصل فرعوا تفريعا
سرت العيس من نداك ببحر / فهي فيه تشق ريعا فريعا
عابرات لها مجادف أيد / نزعت دانيا وأدنت نزيعا
كم فرت بالسرى نحور الفيافي / بيدٍ تخضب الصعيد نجيعا
جاورت أرض مكة ورباها / والمصلى ويثربا والبقيعا
أربعٌ زرتها بجدواك لكن / زرتها أربعاً فعادت ربيعا
ما رفعت القباب عنهن حتى / سمكت من علاك بيتاً رفيعا
ثم ودعت ما تودع منها / لك ذكراً لا يعرف التوديعا