القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 15
قَلبٌ يَذوبُ ومهجةٌ تَتَقطَّع
قَلبٌ يَذوبُ ومهجةٌ تَتَقطَّع / وجوًى يهيجُ به الفؤاد المولَعُ
لي بعد مَن سكن الغضا نار الغضا / تطوى على الزفرات منها الأضلع
ما زِلتُ تُصْبيني الصّبا بهبوبها / سَحراً وتبكيني البروق اللُّمَّعُ
وتهيجني الورقاء ما إنْ أصْبَحَتْ / تشدو على فنن الأراك وتسجع
تُملي عليَّ حديث فرط شجونها / في الشجوِ وفي صُحفِ الغرام فأطمعُ
وقضى ادِّكار الظاعنين بأنَّه / لا يستقرُّ لمستهامٍ مضجعُ
أرأيتَ أنَّ المزمعين على النوى / عزَموا على أخذ القلوب وأزمعوا
لو كنتَ يومَ البين حاضرَ لوعتي / لرأيت كيف تصوب تلك الأدمعُ
أشكو إليك وأنت أبصر بالهوى / ما أودعوا يا سعد ساعة ودّعوا
هم أهرقوا دمعي المصونَ وأوقدوا / في القلب غُلَّةَ وامقٍ لا تنقعُ
ولقد رعيتُ لهم هناك وما رَعوا / وحَفِظْتُ وُدَّهم القديم وضيَّعوا
وأخذت أذكرهم وبينَ جوانحي / كبدٌ تكادُ لما بها تتصدَّعُ
حُيِّيت يا دار الأحبَّة في اللوى / بحياً يصوبك في العشيِّ ويقلعُ
حتَّى يراقَ على ثراك فترتوي / بعد الظما تلك الطلول الخشع
كانت منازلنا تروقُ بأوجهٍ / غَرَبَتْ فأينَ تقول منها المطلعُ
يا عهدنا الماضي وليسَ براجعٍ / أفترجعنَّ بما مضيت فترجعُ
واهاً لعيشك يا نديم بمثلها / والكأسُ من حدق الأوانس تترعُ
حيث الصبا غضٌّ وأعلاق الهوى / ممَّا تُغَرُّ بها الملاح وتخدعُ
نجد الهوى رطْبَ المَجَسِّ فواصلٌ / لا ينثني وملايمٌ ومُمَنَّعُ
ونروض باللّذّات كلَّ أبيَّةٍ / منها لنا فيها القياد الأطوعُ
نكصَتْ على أعقابها أسرابها / وخلا من الظبيات ذاك المربعُ
ويحَ المتيّم من فراقِ أحبَّةٍ / عفَتِ المنازلُ بعدهم والأربعُ
يتجرَّع المرَّ الزعاف وإنَّما / كأس الصدود أقلُّ ما تتجرع
ولربما احتمل السلوَّ لوَ انَّه / يصغي إلى قول العذول ويسمع
لي في المنازل حيثُ رامة وقفةٌ / فيها لمن عانى الصبابة مصرعُ
إنَّ الأحبَّةَ في زرود ولعلعٍ / سُقي الغمامَ بهم زرودُ ولَعْلَعُ
هتفَ النوى بهم ضحًى فتبادروا / فيه إلى تلف المشوق وأسرعوا
يا هَلْ تراهم يألفون وهل ترى / يَهَبُ الزمان لأهله ما ينزع
يشتاقهم أبداً على شحط النوى / قلبٌ به حُرَقٌ وعينٌ تدمعُ
أنفكُّ أستشفي بطيب حديثهم / أو يشتفي هذا الفؤاد المُوجعُ
لا تسألنِّي كيف أنتَ فإنَّني / جَلدٌ على الأيام لا أتضعضعُ
صفعتْ قذال المطمعات أبوَّتي / وقفا الدنيَّةِ بالأُبوَّة يُصفعُ
أنا من جميل أبي جميل لم أزلْ / أُدعى إلى المجد الأثيل فأتبع
عنه المكارم في الوجود تنوعت / أجناسها والجنس قد يتنوّع
أفْنَتْ عطاياه الحطامَ وإنَّه / لله أو لسبيله ما يَجْمَعُ
لولاه ما عرف الجميل ولا زها / في غيره للفضل روضٌ ممرعُ
متهلّلٌ بجمال أبهج طلعةٍ / ممَّن تشير إلى علاهُ الإصبعُ
ترجى المنافع من لَدُنه وإنَّما / نالَ المعالي من يضرّ وينفعُ
أينَ الضياغمُ من علاه إذا سطا / هو لا مراء من الضياغم أشجعُ
في موقف ترد النفوس من الردى / والهامُ تسجدُ والصوارمُ تركعُ
والحرّ يطرب حيث صادية الظبا / تروى وساغبة القشاعم تشبع
ذو رأفة في العالمين وشدَّةٍ / تومي لعاتية الأُمور فتخضعُ
قطعت أراجيف الرجاء لأهلها / وكذلك العضب المهنَّد يقطعُ
لله درّك لو وزنت بك الورى / لرجحت حينئذٍ وقدرك أرفعُ
يا من رأيت به المديح فريضة / ومن المدايح واجب وتطوّع
فإذا رضيت فما الشهاد المجتنى / وإذا غضبت فما السمام المنقع
شكراً لسالفة الصنايع منك لي / حيث المكارم والمكان الأَرفعُ
بلَّغتني نعماً خطبت بشكرها / فأنا البليغ إذا خطبت المصقعُ
ونشرتُ بعد الطيّ فيك قصائدي / طيب الثناء عليك فيها يسطعُ
لولا مدايحك الكريمة لم تكن / تصغي له أذنٌ ويطرب مسمعُ
أكبتّ حسَّادي بنعمتك التي / أمستْ تذلّ لها الخطوب وتخضع
أتنالني أيدي الزمان بحادثٍ / يوماً وجانبك الأغرّ الأمنع
قسماً بمن رفع السماء فأصبحت / زهر النجوم بنظم مدحك تطمع
إنَّ الأُبوَّة والرياسة والعُلى / من غير وجهك شمسها لا تطلعُ
في كلِّ يومٍ من علاك صنيعة / أنت المجيد لها وأنت المبدعُ
والناس إلاَّ أنت في كبّارها / صمٌّ عن الفعل الجميل إذا دُعوا
تالله إنَّك واحدٌ في أهلها / ولأنت أنت المشتكى والمفْزَعُ
ما ضلَّ عن نيل الغِنى ذو حاجة / وإلى مكارمك الطريق المهيعُ
ترجو نَداك وتتَّقي منك العِدى / فالبأس بأسُكَ والسَّماحة أجمعُ
تعطي وتمنع نائلاً وأبوَّة / لا كانَ من يعطي سواك ويمنعُ
الله يعلم والعوالم كلُّها / إنِّي لغيرِ نَداك لا أتوقعُ
لا زالَ لي من بحرِ جودك مورد / عذب ووبل سحابة لا تقلعُ
فلئن طمعتُ فلي بجودك مطمعٌ / ولئن قنعتُ فلي بجودك مقنعُ
بوادي الغضا للمالكية أرْبُعُ
بوادي الغضا للمالكية أرْبُعُ / سقتها الحيا منَّا جفونٌ وأدْمُعُ
ومرتبع قد كانَ للريم ملعباً / على أنَّه للضيغم الوَردِ مصرع
يقطّع فيها مهجة الصب شوقاً / وما الشَّوق إلاَّ مهجة تتقطَّع
حَبَسْتُ بها صَحْباً كأَنَّ قلوبهم / من الشَّوق في تلك المنازل تُخْلَعُ
على مثل معوج الحنيَّة ضُمَّر / نبوع بها البيد القفار ونذرع
تحنُّ إلى أعلام سلعٍ ولعلع / لقد فتكت بالحبّ سلع ولعلع
كأنْ فُصِدَتْ من أخدعيها وما جرى / لها بدمٍ قان هنالك أخدع
وما هي إلاَّ عبرة دمويَّة / يجودُ بها في ذلك الربع مدمع
فحيَّت رسوم الدَّار وهي دوارس / جفون بما تسقى بها الدَّار تترع
كأَنَّ مطيَّ الركب في الشعب أصبحتْ / لها عند ذاك الشعب قلب مضيَّع
نريك بها من شدَّة الوجد ما بنا / فكلٌّ له منَّا فؤاد مُروَّع
ولما نزلنا ليلة الخيف بالنقا / وفاضت على أطلال رامة أدمع
بحيث الهوى يستنزف العين ماءها / ويستهتر الصبر الذي لا يرقّع
ذكرنا بها أيَّان لهو كأَنَّها / عقيلة مال المرء بل هي أنفع
وبتنا وأسياف من الشهب في الدجى / تُسَلُّ وزنجيّ الظلام يجدع
تحرّك ذات الطوق وجدي وطالما / تبيت على فينانة البان تسجع
تردد والأَشجان ملءُ حديثها / قديم الهوى من أهله وترجع
وما ساءها بالبين ركبٌ مقوَّضٌ / ولا راعها يوماً خليطٌ مودع
فهل أنت مثلي قد أضرَّ بك الهوى / وهل لك قلب لا أبالك موجع
لئن نشرت طيّ الغرام الذي لها / فقد طُوِيَتْ منِّي على الوجدِ أضلع
بنفسي من الجانبين بالطرف جانباً / له شافع من حسنه ومشفع
يجرِّعني ما لم أذقه من النوى / إلاَّ من حميّا الوجد ما أتجرَّع
بذلت له من أدمع كنت صنتها / ذخائرها وهو الحبيب الممتع
ويا ربَّما أدميت طرفي بوامضٍ / من البرق في الظلماء يخفى ويلمعُ
وقلتُ لسعد حين أنكر لوعتي / عداك الهوى إنِّي بظمياء مولعُ
تولَّت لنا أيام جمع وأقلعت / فلم يبقَ في اللَّذَّات يا سعد مطمع
وأصبح بالحيِّ العراقي ناعباً / غرابٌ بصرف البين للبين أبقع
وغابت بدور الظاعنين عشيَّةً / بأنضاء أسفارٍ تخبّ وتوضع
أراني مقيماً بالعراق على ظما / ولا منهل للظامئين ومرتع
وكيف بورد الماء والماء آجن / يُبَلُّ به هذا الغليل وينقع
لعلَّ وما تجدي لعلَّ ورُبَّما / غمائم غمّ أطبقت تتقشع
يعود زمان مرَّ حلوُ مذاقه / وشمل أحبَّائي كما كانَ يجمع
فقد كنتُ لا أعطي الحوادث مقودي / وإنِّي لريب الدهر لا أتوجَّع
كأنِّي صفاةٌ زادها الدهر قسوةً / من الصم لا تبلى ولا تتصدَّعُ
فسالمتُ حرب النائبات فلم تزلْ / تقودُ زمامي حيث شاءت فأتبع
وكنت إذا طاشت سهام قسيّها / وقتني الردى من صنع داوود أدرع
فمن جوده إنِّي رُبِيتُ بجوده / وزير له الإِحسان والجود أجمعُ
وَرَدَّ شموس الفضل بعد غروبها / كما ردَّها من قبل ذلك يوشع
وقام له في كلِّ منبر مدحة / خطيب من الأَقلام بالفضل مصقع
ومستودع علم النبيِّين صدره / ولله سرٌّ في معاليه مودعُ
كأَنَّ ضياء الشمس فوقَ جبينه / على وجهه النور الإِلهي يسطعُ
وزير ومر الحادثات يزيده / ثباتاً وحلماً فهو إذا ذاك أروع
إذا ضعضعَ الخطب الجبال فاًنَّه / هو الجبل الطود الذي لا يضعضعُ
عرانينه قد تشمخر إلى العُلى / أشمُّ إلى الأَعلام في المجد أفرعُ
أمدَّ على قطر العراقين ظلّه / إذا عصفت في الملك نكباء زعزعُ
ويُقْدِمُ حيث الأسد تحجم رهبةً / ويسطو وأطراف المنيَّة شرع
يمدُّ يداً طولى إلى ما يرومه / فتقصر أبواعٌ طوالٌ وأذرعُ
إذا ذَكَرَ الجبَّارُ شدَّةَ بأسِه / يلين لمن يلقاه منه ويخضعُ
لقد سارَ من لا زال ينهل قطره / سحاب عن الزوراء بالجود مقلع
فما سالَ يوماً بعد جدواه أبطحٌ / بسيب ولن تسقى من الغيث أجرعُ
ولا مرَّ فيها غير طيب ثنائه / أريج شذًى من طيِّب المسك أضوعُ
ولا عمرت في غير أنواع مدحه / بيوت على أيدي الفضائل ترفعُ
أبا حسن هل أوبةٌ بعد غيبةٍ / فللبدر في الدُّنيا مغيب ومطلعُ
لئن خَلِيَتْ منك البلاد التي خلت / فلم يخل من ذكرى جميلك موضعُ
ففي كلِّ أرض من أياديك ديمة / وروض إذا ما أجدى الناس ممرعُ
يفيض الندى من راحتيك وإنَّها / حياضٌ بنو الآمال منهنَّ تكرعُ
وإنِّي على خصب الزمان وجدبه / إليك وإن شطَّ المزار لأهرعُ
ولو أنَّني وُفِّقتُ للخير أصبحت / نياقي بأرض الروم تخدي وتسرع
إلى مالكٍ ما عن مكارمه غنًى / وغير ندى كفَّيه لا أتوقَّعُ
فألثم أقدام الوزير التي لها / إلى غاية الغايات ممشًى ومهيع
وأُثني عليه بالَّذي هو أهله / وأُنْشِدُهُ ما قلتُ فيه ويسمعُ
إلى إحسان مولانا الرفاعي
إلى إحسان مولانا الرفاعي / بكشكول الرَّجاء مددت باعي
هو القطب الذي لا قطب يدعى / سواه في الأنام بلا نزاع
عريض الجاه ذو قدر كريمٍ / طويل الباع بل رحب الذراع
تَولَّدَ من رسول الله شبلٌ / به دانت له كلُّ السباع
وقبّل كفَّ والده جهاراً / غدت بالنور بادية الشعاع
وشاهدنا الثقات وكل فرد / رآها بانفراد واجتماع
فتلك فريّة لم يخط فيها / سواه من مطيع أو مطاع
عشقت طريق حضرته عياناً / وأما الغير يعشق بالسماع
بذكر جلاله وعلاه نمشي / رويداً فوق أنياب الأفاعي
فماء زلاله يروي غليلي / وروضي إن تنكرت المراعي
ولم أعبأ بجعجعة وطحن / فذاك الصخر خرّ من اليفاع
مجيري إن تعاقبت الرزايا / وغوثي إن تكاثرت الدواعي
إذا ما الدهر جلَّلَنا بخطب / وأورث صدعه سوء الصداع
بهمته العليّة إن توالت / نكيل خطوبه صاعاً بصاع
أبا العلمين سيِّدنا المفدى / على وجل أتيتُ إليك ساعي
أتيتك زائراً أبغي قبولاً / ففيك توصلي ولك انقطاعي
أتيت إليك أشكو من ذنوب / تولدها بنا قبح الطباع
فما كذبت بما أرجو ظنوني / ولا خابت بنا تلك المساعي
لقد عصرتنيَ الأيام حتَّى / جرى من مقلتي لبن الرضاع
لك الهمم التي شهد المعادي / بها إذ لا سبيل إلى الدفاع
إذا خفقت رياح العزم منها / أمِنَّا في حماه من الضياع
وليس سواه في حزم وعزم / يبين لنا المضيع من المضاع
فهذا ملجأ من حلَّ فيه / يَعُدْ من غير خوف وارتياع
أُمَرِّغُ حُرَّ وجهي في ترابٍ / به التمريغ للجنَّات داعي
وقفنا والجفون لها مسيل / بهاتيك الأماكن والبقاع
فكم من مقلة للشوق أذرت / وأجرت دمعها دون امتناع
فيا بن الأكرمين جعلت مدحي / بكم خير ارتداء وادّراع
إذا ما رمت أنّ أحصي ثناكم / طلبت بذاك غير المستطاع
ألا إنَّ الذنوب لقد توالت / وجاءت وهي حاسرة القناع
فقد أصبتنيَ الدنيا إليها / وغرَّتني بأنواع الخداع
فخذ بيدي بأرض الحشر يوماً / يساوي بالجبان وبالشجاع
وأدركني ومن نفسي أجرني / وأنعم في قبولك باصطناعي
فقد ناجيتها لما أتينا / رويدك وابشري أن لا تراعي
وإنِّي عُدتّ في نفسي وجسمي / مليئاً بالهدى والانتقاع
بلى روحي لديك لقد أقامت / تشاهدُ نقطة السر المذاع
أُوَدِّعُ حضرة ملئت جلالاً / وليس لنا سواها اليوم راعي
كريم بالسلام لدى حضوري / ولكني بخيل بالوداع
أتنْكِرُ منكَ ما تطوي الضُّلوعُ
أتنْكِرُ منكَ ما تطوي الضُّلوعُ / وقد شَهِدَتْ عليكَ بهِ الدُّموعُ
ولولا أنَّ قَلْبكَ مستهامٌ / لما أودى بك البرق اللموع
ولا هاجَتْ شجونك هاتفات / تُكَتَّم ما تكابد أو تذيع
تُشَوِّقُكَ الرّبوع وكلُّ صَبِّ / تُشوِّقُه المنازلُ والرُّبوع
ليالٍ بالتواصل ماضيات / بحيث الشمل مُلْتَئِمٌ جميعُ
وأقمارٌ غَرُبْنَ فَلَيْتَ شعري / ألا بعد الغروب لها طلوع
أمرْتُ القلبَ أنْ يسلو هواها / على مضضٍ ولكن لا يطيع
وما أشكو الهوى لو أنَّ قلبي / تَحَمَّلَ بالهوى ما يستطيع
في الأَربِعاء لخمسٍ كُنَّ من صَفَرٍ
في الأَربِعاء لخمسٍ كُنَّ من صَفَرٍ / بَدْرُ المَسَرَّةِ شاهَدْنا مطالِعَهُ
أَرَّخْتُ طالِعَ داودٍ بمولِدِه / وكانتِ الشَّمسُ بالجوزاء طالِعَهُ
أتَذْكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
أتَذْكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا / ولعْت بها والصّبّ لا زال مولعا
تُعاورها صرف الزَّمان فأصبَحتْ / معالمها بعد الأَوانس بلقعا
تخالُ قولب العاشقين بأَرضها / طيوراً على نهلٍ من الماءِ وقَّعا
معالم تستقي السَّحاب رسومها / فتسقى حيا وَبْلَين قطراً وأدمعا
منازلنا من دار سلع ولعلع / سقى الله صوب المُزن سلعاً ولعلعا
لئنْ كنت قد أصبحْت مبكًى ومجزعاً / فقد كنت باللّذّات مرأى ومسمعا
تذكَّرت أيَّامي بمنعرج اللّوى / وقولي هات الكأس يا سعد مترعا
تدور الغواني بيننا بمدامةٍ / تخيَّلتها في الكأس نوراً مشعشعا
لقد أقلعت أيَّامنا بعد رامة / كما أجفل الغيث المُلِثُّ وأقلعا
وما أخْلَفَتْ إلاَّ فؤاداً ولوعةً / هما أسقما هذا الفؤاد وأوجعا
وذا عبرةٍ موصولةٍ وحشاشةٍ / تكادُ من الأَشواق أن تتقطَّعا
رعى الله من لم يرعَ عهداً لمغرمٍ / رعيت له الودّ القديم كما رعى
تناءى فشيعت اصطباراً ومهجة / ولولا النَّوى تنأى به ما تشيَّعا
ولم ترَ من صبٍّ فؤاداً مودَّعاً / إلى أن ترى يوماً حبيباً مودَّعا
خليليَّ إنْ لم تُسعداني فهاتيا / ملامَكُما لي في الصَّبابة أو دعا
بعثتُم إلى جسمي الضَّنى يوم بنتم / وزدتُم إلى قلبي حنيناً مرجَّعا
وفَتَّشْتُ قلبي في هواكم فلم أجدْ / لغير هواكم في الحشاشة موضعا
وكنتُ أُداري بعدكم جائر الأَسى / ولكنَّني لم أُبقِ في القوس منزعا
متى تنظر العينان من بعد فقدها / بذات الغضا ذاك الغزال المقنَّعا
فيا ليتَ شعري في الأُبيرِقِ بارقٌ / فأغدو به والعيش صفواً ممتّعا
ويا ليت من أهواه في الحبِّ حافظٌ / من العهدِ ما قد بالأَمسِ ضيَّعا
إلى كم أُعاني دمع جفنٍ مقرحٍ / وقلباً بأعباء الهموم مروَّعا
وأصبرُ في اللأواء حتَّى كأَنَّني / وَجَدْتُ اصطِباري في الحوادث أنفعا
رُميت بأرزاء من الدَّهر تسوؤني / مخافة يا لمياءُ أن يتوجَّعا
ومن مضض الأَيَّام مدحي عصابة / بذلت يداً فيهم وما نلتُ إصبعا
كأَنّي إذا أدعوهمُ لملمَّةٍ / أُخاطب موتى راقدين وهجَّعا
وهل تسمع الصّمُّ الدُّعاء وتُرتجى / موارد لا تفنى من الآل لُمَّعا
وحسبي شهاب الدِّين وهو أبو الثَّنا / ملاذاً إذا ناب الزَّمان ومرجعا
متى ما دعا الدَّاعي معاليه للنَّدى / أجاب إلى الحسنى بداراً وأسرعا
وأبلجَ وضَّاح الدبين تخاله / تَبَلُّجَ صُبحٍ أو بصبحٍ تبرقعا
ولمَّا بدا نور النَّبيِّ بوجهه / رأيتُ به سرّ النُّبوَّة مودعا
له الكلمات الجامعات تخالها / نجوماً بآفاق البلاغة طُلَّعا
وإنْ كَتَبَتْ أقلامه فحمائم / ثبُتَ إلى السَّمع الكلام المسجَّعا
وكتبٌ لدين الله أضحتْ مطالعاً / كما كانت الأَفلاك للشَّمس مطلعا
وإذا ضَلَّتِ الأَفهام عن فهم مشكلٍ / هدى وعليه في الحقيقة أطلعا
وإنْ قال قولاً فهو لا شكَّ فاعل / قؤول من الأَمجاد إنْ قال أبدعا
كلام ترى الأَقلام في الطَّرس سجَّداً / له وترى أهل الفصاحة رُكَّعا
يحيّر ألباب الرِّجال كأَنَّما / أتانا بإعجازٍ من القول مصقعا
سعى طالباً بالعلم أبعد مطلبٍ / وفي الله مسعاه ولله ما سعى
دعا فأتى ولو أنَّ غيره / دعاهُ اليم مرَّةً لتمنَّعا
وأدرعَ لم ينفذ فيه سهم قادحٍ / كأَنَّ عليه سابغاتٍ وأدْرُعا
إذا باحث الخصم الألدَّ أَعادَه / بعرنين مخذول من الذُّلِّ أجدعا
وذي همم تفري الخطوب كأَنَّما / يُجرِّدها بيضاً على الخطب قطَّعا
حريص على أن يقتنيها محامداً / أحاديثُها تبقى حساناً لمن وعى
سبقتْ جميع الطَّالبين إلى الَّتي / غدتْ دونها الآمال حَسرى وظلّعا
لقد ملأُ الأَقطار فضلُك كلَّها / ونادى إليه المادحين فأَسمعا
ومهما ادَّعى ذو النقد أنَّك واحدٌ / فما أنتَ إلاَّ في الأَنام كما ادَّعى
وإنْ مُدَّت الأَبواع في طلب العُلى / مَدَدْتَ إلى العلياء بوعاً وأَذرُعا
فإنَّك في هذا الطَّريق الَّذي به / سَلكت طريقاً أعجز النَّاس مسبعا
أرى مدحك العالي عليَّ فريضةً / وغيرك لم أمدحه إلاَّ تطوّعا
عليَّ لك الفضل الَّذي هو شاملي / وإنَّك قد حُزْتَ الفضائل أَجمعا
وما ظَفرتْ كفُّ اللَّيالي من الورى / بأرغب منِّي في نداك وأطمعا
وإنِّي إذا ضاقَ الخناق لحادثٍ / تَرَفَّعْتَ إلاَّ عن نداك ترفُّعا
ولم أرَ أندى منك في النَّاس راحةً / وأمرى نوالاً من يديك وأمرعا
حائزَ الفضلِ والكمال جميعه
حائزَ الفضلِ والكمال جميعه / أَنْتَ رأسُ العُلى وصدرُ الشَّريعه
أنا أهوى غرائِب القول طبعاً / فأَعرْني يوماً كتاب الطبيعه
إذا كانَ خصمي حاكمي كيفَ أصْنَعُ
إذا كانَ خصمي حاكمي كيفَ أصْنَعُ / لمن أشتكي حالي لمن أتَوَجَّعُ
غرامي غريمي وهو لا شك قاتلي / وكم ذَلَّ من يهوى غراماً ويخضع
أباحَ دمي بين الورى من أحِبُّه / فَقُلْتُ وقلبي بالهوى يتقطع
دموعي شهودٌ أنَّ قلبي يحبّه / وحقّ الهوى عن حبّه لست أرجع
وراموا سُلُوّي في هواه عواذلي / وحقّ هواه لست أصغي وأسمع
أنا المغرم المُضنى المقيم على الهوى / وفي حُبِّه نمُّوا الوشاة وشنَّعوا
وقالوا الفتى في الحبِّ لا شك هالك / فَقُلتُ دعوه كيفما شاءَ يصنع
ولو عَلموا ما بي من الوجد والأسى / لرقُّوا لحالي في الهوى وتوجَّعوا
سقاني سُحَيراً من حميَّا شرابه / فَطِبْتُ وكأسي بالمدامة مترع
ومن نَشْوَتي باحت من الوجد عبرتي / بما في فؤادي والحشا متولع
وأصْبَحْتُ كالمجنون في حيّ عامرٍ / بلَيْلى ومن وجدي أهيم وأولع
فلو زارني بالنَّوْم طيف خياله / لكنتُ بطيفٍ منه أرضى وأقنع
وَقَفْنا برَبْع المالكيَّة وَقْفَةً
وَقَفْنا برَبْع المالكيَّة وَقْفَةً / تَهيجُ بنا في الرَّبعِ ما حَلَّ بالرَّبْعِ
تُثير أسى قلب وأدمعَ ناظرٍ / فمن لاعجٍ وترٍ ومن مدمعٍ شفع
ولك يكف هذا الوجد حتَّى استفزَّني / ونحنُ بسلع لهف نفسي على سلع
غرامٌ بجمع يا هذيم وصبوة / ومجتمع الأَهوال ى زال في جمع
وشوقٍ أَضرَّ القلب لا صبر عنده / ويَعْلَم أنَّ الصَّبرَ أجلبُ للنفع
يذكِّرني أيَّام ظمياءَ نَوَّلَتْ / قليلاً وبعد النيل مالت إلى المنع
ولم أَنْسَ إذ زارت بليلٍ تَبَوَّأَتْ / وشاةُ الهوى منه مقاعد للسمع
وحاكى دجاه فرعها فتطلَّعَتْ / بمثلِ محيَّا البدر في داجن الفرع
تعيدُ على سمعي أحاديث عتبها / كساجعة ورقاء تطرب بالسّجع
تدقُّ معانيها كدقَّةِ خصرها / برقَّةِ ألفاظٍ تَضَمَّنها دمعي
وإنَّ رضاباً قد سَقَتْنيه مرَّةً / على غفلة الواشين في أيمن الجزع
فإنَّ بقايا طَعْمِه بَعدُ في فمي / ولذَّة هاتيك الأَحاديث في سمعي
وما ذاك إلاَّ قبل أَن نشهد النوى / ومن قبل أنْ نُرمى من البين بالصّدع
لستُ أنسى الرَّكب بنا
لستُ أنسى الرَّكب بنا / بَعد وادي المُنحنى في لَعْلَعِ
وعلى أَرسُم ربعٍ دارسٍ / نفَّسَ الوجدُ وعاءَ الأَدمع
أَربُعٌ للَّهو كانت ملعباً / ثمَّ كانت بعد حينٍ مصرعي
كانَ للعين بقايا أَدْمُعٍ / فأَراقَتْها بتلك الأَربُع
أترى عيشاً لنا في رامةٍ / راجعاً يوماً وهل من مرجع
كانَ من ريق الحميَّا موردي / وبأَزهار الغواني مرتعي
وبأحباب مضى عهدي بهم / وبهم وَجْدي وفيهم ولعي
ولقد أَصْبَحْتُ من بعدهمُ / قانعاً منهم بما لم أَقنع
كلَّما أَذكرهم لي أَنَّةٌ / عن فؤادٍ مستهامٍ موجع
يستريب الواشي منه عبرة / أَظْهَرَتْ ما أَضْمَرَتْهُ أضلعي
وادَّعى أنِّي شجٍ مستغرمٍ / صَدَق الواشون فيما تدَّعي
هاجَتِ الوَرقاءُ وجداً كامناً / في فؤادي وأثارت جزعي
ليت في عينيك ما في أعيني / ورأت عيناك فيض الأَدمع
إنْ بكيتُ الإِلْف أثناه النوى / فابكي يا أيّتها الوُرق معي
ألا يا فؤاداً قد أضَرَّ به النوى
ألا يا فؤاداً قد أضَرَّ به النوى / وأشجاه بَرقٌ للحَبيب لَموعُ
إذا ما دعاك الصَّبرُ يوماً عَصَيْتَه / وأَنْتَ لما يقضي الغرام مطيع
كتَمتَ الهوى دهراً فباحث بِسِرّه / عُيونٌ وأفْشَتْ ما كتَمْتَ دموع
ويا منزلاً للّهو أبْعَده النَّوى / أللمدنفِ النائي إليكَ رجوع
تذكَّرتُ فيكَ العيشَ والغصنَ يافع / وَريقٌ وشملُ الظاعنين جميع
فأظْهَرْتَ ممَّا أضمَرَتْهُ أضالع / ولله وَجْدٌ أضْمَرَتْه ضلوع
ولولا الهوى ما أبكتِ العينَ أنَّةُ / ولا شاق قلبي أرسمٌ وربوع
ذا مسجدٌ سُرَّ أربابُ السُّجود بهِ
ذا مسجدٌ سُرَّ أربابُ السُّجود بهِ / وجامعٌ جامعٌ للساجدِ الراكعْ
بناه الله منشيه وواضعه / وللقواعد من أركانه رافع
يرجو من الله في العقبى مثوبَته / فيا له بثواب الله من طامع
دعا إلى صالح الأعمال حينئذٍ / من كانَ لله فيه خاضعاً خاشع
فالله يجزيه عما كانَ أنشأه / خيراً وأكرمه من فضله الواسع
إنَّ العِمارة قد زانت عمارتها / أرِّخْ بتعمير عبد القادر الجامع
على أيّ وَجدٍ طَوَيْتَ الضلوعا
على أيّ وَجدٍ طَوَيْتَ الضلوعا / وأجْرَيْتَ ممَّا وَجَدْتَ الدُّموعا
ومن أيّ حال الهوى تشتكي / فؤاداً مروعاً وشوقاً مُريعا
تذكّرْتُ أيامنا بالحمى / وقد زانت الغيد تلك الربوعا
ولم أدر حين ذكرت الألى / دموعاً أرقتَ لها أمْ نجيعا
وقال عذولُك لما رآك / وما كنتَ للوجد يوماً مذيعا
لأمرٍ تُصَبّبُ هذي الدموع / إذا شمتَ في الجزع برقاً لموعا
ولما فَقَدْتَ حبيبَ الفؤاد / غداة الغميم فقدت الهجوعا
وكنتَ غداة دعاك الهوى / لحمل الغرام سميعاً مطيعا
وإنِّي نصحتُك من قبلها / وزِدْتُك لَوماً فَزِدْتَ ولوعا
ولما رغبتَ بحمل الغرام / حَمَلْتَ الغرامَ فَلَن تستطيعا
وأصْبَحْتَ تبكي بدوراً غَرَبْنَ / زَماناً على الحيّ كانت طلوعا
وأيّامُنا في زمان الصّبا / وإنْ لم تكنْ قافلاتٍ رجوعا
فإن تبكِهمْ أسَفاً يا هذيمُ / فخُذني إليك لنبكي جميعا
عَلّموا يا سَعدُ جيرانَ الغضا
عَلّموا يا سَعدُ جيرانَ الغضا / أنَّ نيرانَ الغَضا تَحتَ ضُلوعي
يَوْمَ راحوا يشتكيهم حُرَقاً / خِضل الأجفان تَحتَ ضُلوعي
دَنِفٌ إنْ أهرقَ الدَّمع فمن / كَبِدٍ حرّى ومن قلبٍ مروع
شَرِبَ الحبَّ بم صرفاً فما / يمزج الأدمعَ إلاَّ بنجيع
لا رعاكِ الله نوقاً أرقَلَتْ / بشموسٍ غَرُبَتْ بعد طلوع
تركتني في نزاعٍ بَعدَما / أزْمَعَتْ يوم التنائي لنزوع
وقع الهجر وما كانَ لكم / ذلك الهجران مأمونَ الوقوع
أوَما يكفيكم من دَنِفٍ / ما رأيتم من غَرامي وولوعي
يشتكيكم في الهوى مستغرم / ما شكا إلاَّ إلى غير سميع
يتشافى بعدكم في زعمِهِ / بالصَّبا النجديّ والبرق اللموع
هذه غاية صبري عنكم / إنَّها يا سَعْدُ جهدُ المستطيع
سَقى الله جيراناً بأكنافِ حاجرٍ
سَقى الله جيراناً بأكنافِ حاجرٍ / وَرُوّى على بعد المزار رُبوعَها
فما هي إلاَّ للأُسودِ مصارعٌ / وإنِّي لأهوى أنْ أكونَ صريعها
وآنسةٍ كالشمس حسناً وبهجة / تَرَقَّبَتُ من بين السجوف طلوعها
تميط خماراً عن سنا قمر الدجى / وترخي على مثل الصباح فروعها
تَذَكْرتُها والدّمع يَنْحَلُّ عِقْدُه / وقد أهرقَتْ عيناي منها نجيعها
وقُلتُ لسَعْدٍ لا تلُمني على البكا / وخَلِّ صَبابات الهوى ونزوعَها
فهَلْ أجّجَتْ أحشاي إلاَّ زفيرها / وأجْرَتْ عيونُ الصَّبِّ إلاَّ دموعها
فما ذكرَتْ نفسي على سفح رامةٍ / من الجزع إلاَّ ما يزيد ولوعها
فاذْكر من عَهد الغُوَير ليالياً / تمنَّيْتُ لو يجدي التمنّي رجوعها
ليالي أعطيتُ الأزمة للهوى / وأعْطَيت لذاتي التصابي جميعها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025