بَكَتْ فَقَدْ أكديشي خيولُ المرابطِ
بَكَتْ فَقَدْ أكديشي خيولُ المرابطِ / وناحَ عَلَيهِ كلُّ غازٍ مُرابطِ
لقد كانَ شيخاً ما يزالُ محنّكاً / بِتَجربةٍ ذا فِطْنة بشَرائطِ
وكانَ إذا ما راثَ أجمعُ رَوْثَهُ / بكفِّي وأحويهِ لهُ في الخرائطِ
وما كانَ من فرطِ الشّجا قطُّ وارداً / سوى ما أسقيهِ لهُ بالمَساعِطِ
وَكُنْتُ عليهِ راكباً مثل راجلٍ / لِحُقْرَتِهِ أو صاعداً مثلَ هابطِ
تمرُّ بِنا الأَبطالُ وَهْوَ مكانَهُ / كأنِّي منهُ راكِبٌ فوقَ حائطِ
وما سُقتُه في السُّوقِ إلاَّ تغامزَتْ / على أخذهِ منِّي كلابُ المَسافِطِ
قَضى فربوعُ الزِّبلِ منهُ دَوارسٌ / وقد نَسَفتها ريحُ تلكَ المضارطِ
وما ساءني إلاّ بنو الضّوءِ عندما / بَدَوا بينَّ سلاّخٍ لجلدٍ وكاشطِ
وكم قالَ لي إذْ كانَ يأكلُ زِبلَهُ / أتمنَعُني لِلْجوعِ مِنْ أكلِ غائِطي
فَقُلتُ لهُ يكفيكَ زِبلُكَ بُلغَةً / إذا عزَّ ما تقتاتُهُ كالمغالِطِ
فَهَمْلَجَ من غَيظٍ عَلَى بَرِفَسة / وقد كانَ لولا غَيظهُ غَيرَ ناشطِ
وَضَرَّطَ في وجهي ثمانينَ ضَرْطةً / فَتَبّاً لأَشياخ الخُيولِ الضّوارطِ
وقالَ لحاكَ الله منْ مُتَصنعٍ / يُصَوَقُني بالمَسحِ مثلَ المواِشط
وَبَطْنيَ خالٍ مثلَ راسك فارغٌ / على أَنّهُ من حُرقةٍ مثل شائطِ
فأغلقتُ للأصطَبلِ باباً مُوَثّقاً / وغادرتُه في زبْلهِ أيَّ خابط
فأصبَح مرفوعَ القوائمِ داعِياً / عَلَيَّ ولم أَقْدَرْ على رد فاقطِ
وعاينتُه كالطّبلِ مُنْتَفخاً وَقَدْ / أُضيفَ إلى موتي الخيولِ السّواقطِ
وجاءَتْ كلابُ السُّوقِ ما بينَ لاهثٍ / طماعِيَةً فيه وما بينَ لاعطِ
فأعلَيتُ صوتي بالبكاءِ لفَقْدِهِ / فآهاً عليه من أنيس مُخالط