إن بان من تهوى وأنت مثبط
إن بان من تهوى وأنت مثبط / وصبرت لا تبكي فأنت مفرّط
فاحلل عقود الدمع في دار الهوى / فلها البكاء عليك حقاً يُشرط
طلّ الدموع على ثرى الأطلال في / شرع الغرام فريضةٌ لا تسقط
دار عكفت بها وفودك فاحمٌ / افتنتني عنها ورأسك اشمط
وإذا تمكنت الصبابة من فتىً / لم يلو عطفيه مزارٌ يشحط
كيف التسلي عن هوى قمر له / في القلب مني منزل متوسط
أرضي بما يختاره طوعاً / ولو أضحى بما أرضى به يتسخّط
لم أنسه يوم التقينا بأسما / والصدر بالأشجان مني ينحط
ففهمت من ذُلي لديه وعزّه / أن الجمال على القلوب مسلّط
والحسن جند لا يفكّ أسيره / وقتيله بدم الجوى متشحط
ومبكّر جدّت به عزماته / نحو العلى فاغذ لا يتثبط
ورفيقه الأدنى الموازر صعدةٌ / يرمه أو صارم يتأبط
يطوى به شعب السباسب جلعد / أجُدُ القرى عبل السنام عملّط
مرح يمور ويرتمى في سيره / مور السحاب مرعد متخمّط
يطفو به آل الضحى فكأنه / فلك على متن الخضمّ مجلفط
وإذ بدا عند الصباح لعينه / قصرٌ بذات النخل أبيض أعيط
ورأى القباب البيض دام سناؤها / وانحلّ عنه سيره المخروط
أرسى بطيبة للإقامة كلكلاً / فلنعم مرساه ونعم المربط
حلّت مطيته بأشرف منزل / منه المكارم والتقى يستنبط
فضل البقاع وشادها بمحمد / فضلاً كبيراً سامياً لا يضبط
هو أفضل الرسل الكرام وأنه / لخطيبهم وهو الإمام المقسط
هو خير مأمول وأكرم شافع / يوم القيامة جاره لا يهمط
نصبت عيون الشرك والطغيا به / وغدا به بحر الهدى يتغطمط
وافى وشيطان الغواية فاتح / باب الضلال لحزبه متخبط
يلقي زخارفه على أشياعه / ويلفق القول الهراء ويلغط
فكأنه ولفيفه في غيّهم / عشواء في غسق الدجنة تخبط
فمحا بنور الرشد ظلمة مكره ال / واهي فأدبر خاسيئاً يتلبط
وعلا بقهر النصر شامخ كيده / فهوى وذلّ فرينه المتحمط
كم قدّ بالبتار من قدوكم / شحطت بسهم نحو طاغ شوحط
فسما به الإيمان بعد خموله / حتى تسم ذروة لا تهبط
وحباه مرسله بأزكى أمة / اختارها النمط الأغر الأوسط
ما فيهم الأولى عارف / أو زاهد أو عالم مستنبط
وغداً يكون بحوضه فرطاً لهم / وشفيع عاص يعتدي ويفرط
وهم الشهود على عيوب سواهم / يوم المعاد وعرضهم لا يهبط
وهم غداً ثلثا صفوف الجنة ال / فيحاء في سند صحيح يُضبط
أزكى الورى نسباً وأكرم عنصراً / وأمد كفاً بالنوال وأبسط
وأنمّ حلماً لا يجازي من أتى / بالسوء عدل منصف لا يفرط
ولقد تعمّق في أذاه وكاده / بالسحر خبٌ من يهود عشنط
فأعيذ من كيد النوافث فأنثني / فكأنما هو من عقال ينشط
هذا ولم يعبس له وجهاً ولم / يُسمع له يوماً كلام يسخط
وأبثّ بعض المعجرات فنظمها / درٌّ ثمين بالمسامع يلقط
شرح الملائك صدره في أربع / يا حبذا ما ضم منه المخيط
وكذلك في عشر وفي معراجه / نقل الثلاثة حافظ لا يغلط
وانشق إكراماً له قمر الدجى / وجموع مكة بالبطاح تعطعط
بقعيقعان النصف منه ونصفه / بأبي قبيس لا محالة يسقط
ولقد شكا يوم الحديبية الصدى / جيش فتاه صريخهم لا يوهط
فسقاهم حتى رووا وتطهّروا / بالماء من بين الأصابع ينبط
وأتاه وفد فزارةٍ وبلادهم / بالجدب أضحت تقشعر وتقحط
فنفى قنوطهم بدعوته ومن / كان الرسول سفيره لا يقنط
ودعا فسحت ديمة حتى دعا / بالصحو فانجابت كثوب تكشط
وله الشفاعة في المعاد وحوضه ال / عذب الروا وله اللواء الأحوط
وله المقام الأكبر المحمود والز / لفى به يوم القيامة تغبط
هذا لعمر آلهك الفضل الذي لا / ريب فيه والثناء الأقسط
يا صفوة الرحمن من كل الورى / يا من به في الخطب جاشى يُربط
إني إلى رب العلى متوجه / بك عند كل ملمة تتمغط
بك أستجير ومن يلوذ من الورى / بعظيم جاهك قدره لا يُغمط
فسأل لأمتك الضعيفة نصرة / ورخاء عيش ثم أمناً يبسط