قَد فارق الجِسم يَسمو بعدما هبطا
قَد فارق الجِسم يَسمو بعدما هبطا / روح به كان قبل الموت مرتبطا
لَقَد عَلا الروح بعد الجسم مرتقياً / وَقَد هَوى الجسم بعد الروح منهبطا
قَد كانَ يضبطه إِبّان قوته / حَتّى إذا دبّ فيه الوهن ما ضبطا
احبس دموعك أَو أرسل بوادرها / فَلَيسَ يَرجع شيءٌ بعد ما فرطا
يا راكباً باطل الآمال عَن شطط / إني أعيذك من أن تركب الشططا
ماذا الَّذي أحفظ العمال فاِعتصبوا / أني لأسمع عن بعد لهم لغطا
قَد اِهتَدى من له علم بغايته / أما الَّذي هو ذو جهل فقد خبطا
ودَّ الَّذي جهل الأشياء لَو وصلت / منه اليدان النجومَ الزهر فالتقطا
قد أفرط القوم إفراطاً أضر بهم / وقبل ذلك كانوا أُمة وسطا
ورب ناس رأوا في الوقت متسعاً / وَفي المَكان الَّذي هم فيه منبسطا
ثاروا عَلى العلم باسم الدين واِحتقروا / من ليس في زمرة الثوار منخرطا
وَلا أعاتب مضطراً له ربطوا / كَما أعاتب حراً نفسه ربطا
كَم أسخطت جاهِلاً في مجلس كلمى / وَلَو توسع منه العقل ما سخطا
ما كنت يوماً بَبغداد أخا دعةٍ / ولا بِعَيشي في بَغداد مغتبطا
كالعَندَليب شدا للناس في قفص / بحيث يحيا بحبات لها التقطا
ما زلت في كل يوم ذرَّ شارقه / مكرراً عملاً لي طالما حبطا
إن القنوط من الأعمال مهلكة / ويل لمن هو من أَعماله قنطا
تغيرت فوق وجه الأرض أنظمة / حَتىّ اِلتَوى الأمر بين الناس واختلطا
ألفى الحَياة بهم تَجري بلا خطط / قوم لَها وضعوا من نفسهم خططا
بين الشعوب كفاحٌ ثار ثائره / وَلَيسَ خوف عَلى الشعب الَّذي نشطا
وَلَيسَ بين الفَتى يوماً وَحاجته / إن كان ذا هِمَّة قعساء غير خطى
رأى القويّ ضعافاً فهو يغمطهم / وَلَو رأى الأقوياء الغلب ما غمطا
ما شمر اللَيل عَن ساقيه منهزماً / حتىّ رأى الصبح مثل السيف مخترطا
لَقَد وجدت حياة الذل فاشية / وَالناس منقبضاً منها وَمنبسطا
وَللمعيشة أنماطٌ قد اِختلفت / وكل قطر يراعى أهلُه نمطا