وقفت على البسفور والريح عاصف
وقفت على البسفور والريح عاصف / وللدَوح ظلّ دونه متقلّص
وفي البحر تجري موجة أثر موجةٍ / كجري طموح الخيل إذ يتوقّص
ويزبد أعلى الموج حتى كأنه / هضاب إلى أطرافها الثلج يخلص
كأن رياح الجوّ عند هبوبها / تغنّي وهذا الموج في البحر يرقص
كذا حادثات الدهر تمضي رواقصاً / بها العيش يصفو أو به يتنغّص
وفي كل يوم للزمان عجائب / بها الناس تغلوا أو بها الناس ترخص
وأعجب ما في الدهر أنّ هبانه / تزيد لمن فيه المروءة تنقص
وربّ أفيك جاء يمذق ودّه / ويظهر أخلاصاً وما هو مخلص
ولكنّه في وده الثعلب الذي / يروغ أو الكلب الذي يتبصبص
تعالَيت عن تبكيته إذ رأيته / جهولاً على علاّته يتعنفص
وفلت له لا تَدن مني فإنني / بغيض إليّ الكاذب المتخرّص
وإنك عارٍ من سوى العار فإبتعد / فإني بأثواب العلا متقّمص
حرصت على تكريم محضر صاحبي / وإني على ذا في المغيب لأحرص
وما غرّني ذو ظاهر متودّد / إذا كان فيه باطن متلصّص
ويا رب وجه لم يرُقني بياضه / فلمّا دنا مني إذا هو أبرص
فيا شعراء القوم كفّوا وغاكم / فشرح العلا في بعض شعري مُلخص
دعوا كشف مكنون الصدور لفطتني / فإني بذا من دونكم متخصص
ذكاء لو اجتزت الجدار بنوره / لشفّ لعينيّ الجدار المجصّص
ولست على الأعقاب في الرأي ناكصاً / إذا كان للمستضعف الرأي مَنكص
على أن لي في معرض الشك ربصةً / وربّ يقين ناله المتربّص
إذا أنا لم أنكر على الدهر جَوره / فلا وطئت بي موطىء العزّ أخمص