وَيَوْمٍ أَخَذْنا بِهِ فُرْصَةً
وَيَوْمٍ أَخَذْنا بِهِ فُرْصَةً / مِنَ الْعَيْشِ وَالْعَيْشُ مُسْتَفْرَصُ
رَكَضْنا مَعَ اللَّهْوِ فِيْهِ الصِّبى / وَأَفْراسُهُ مَرَحاً تَقْمِصُ
إِلى جَنَّةٍ لا مَدى عَرْضِها / يَضِيقُ وَلا ظِلُّها يَقْلِصُ
أَعَزُّ الْمَآرِبِ فِيها يَهُونُ / وَأَغْلى السُّرُورِ بِها يَرْخُصُ
وَشَرْبٍ تَعاطُوا كُؤُوسَ الْحَياةِ / فَما كَدَّرُوها وَلا نَغَّضُوا
سَدَدْنا بِها طُرُقاتِ الْهُمُومِ / فَعادَتْ عَلى عَقْبِها تَنْكُصُ
فَلَوْ هَمَّ هَمٌّ بِنا لَمْ يَجْدْ / طَرِيقاً إِلَيْنا بِها يَخْلُصُ
ظَلِلْنا كَجَيْشَيْ كِفاحٍ تَكُرُّ / عَلى الْعُرْبِ أَتْراكُهُ الْخُلَّصُ
لَدى بِرْكَةٍ حُرِّكَتْ راؤُها / فَلَيْسَتْ تَقِلُّ وَلا تَنْقُصُ
تَغَنى لَنا طَرَباً ماؤُها / وَقامَتْ أَنابِيبُها تَرْقُصُ
يُرِيكَ الْجَواهِرَ تَقْبِيبُها / وَهُنَّ طَوافٍ بِها غُوَّصُ
وَمُسْتَضْحِكٍ ذَهَبِيِّ الشِّفاهِ / بِما جَزَّعُوا مِنْهُ أَوْ فَصَّصُوا
مُنِيفٍ يَخِرُّ بِذَوْبِ اللُّجِيْنِ / عَلى ذَهَبٍ سَبْكُهُ الْمُخْلَصُ
تَرى الطَّيْرَ وَالْوَحْشَ مِنْ جانِبَي / هِ يَشْكُو الْبَطِينَ بِها الأَخْمَصُ
دَوانٍ رَوانٍ فَلا هذِهِ / تُراعُ وَلا هذِهِ تُقْنَصُ
تَرى آمِناً فِيهِ سِرْبَ الظِّبا / ءِ وَالذِئْبُ ما بَيْنَها يَرْعَصُ
وَفوَّارَةٍ ما بَغى وَصْفَها / جَرِيرٌ وَلا رامَهُ الأَحْوَصُ
كَأَنَّ لَها مَطْلَباً فِي السَّما / ءِ فَهْيَ عَلى نَيْلِهِ تَحْرِصُ
إِذا ما وَفى قَدُّها بِالسُّمُوِّ / أَخْلَفَها عُنُقٌ يَوْقَصُ
وَتَوَّجَها الشَّرْبُ نارَنْجَةً / فَخِلْتُ الْمِذَبَّةَ تَسْتَخْوِصُ
مُشَجَّرَةَ الْماءِ نَخْلِيَّةٍ / كَجُمَّةِ شَمْطاءَ لا تُعْقَصُ
وَدَوْحٍ أَغانِيُّ قُرِيِّهِ / يَهُزُّ اللَّبِيبَ وَيَسْتَرْقِصُ
يَشُوقُ وَبَيِّنُهُ مُشْكِلٌ / وَيَشْجُو وَمُسْهِلُهُ أَعْوَصُ
وَرَوْضٍ جَلا النَّوْرَ خَشْخاشُهُ / تَحارُ لَهُ الْعَيْنُ أَوْ تَشْخَصُ
كَأَنَّ بِهِ مَعْشَراً وُقَّفاً / بِزِينَةِ عِيدٍ لَهُ أَخْلَصُوا
تَخالَفُ فِي الشّكْلِ تِيجانُهُمْ / وَتَحْكِي غَلائِلَها الأَقْمُصُ
فَمِنْ أَبْيَضٍ يَقَقٍ لَوْنُهُ / يَرُوقُكَ كافورُهُ الأَخْلَصُ
وَمِنْ أَحْمَرٍ شابَهُ زُرْقَةٌ / حَكى الْوَجَناتِ إِذا تُقْرَصُ
وَحِلْفَيْنِ مِثْلُهُما يُصْطَفى / لِيَوْمِ الْمُدامِ وَيُسْتَخْلَصُ
رَسِيلَيْنِ مَعْناهُما في الْغِناءِ / أَدَقُّ وَلَفْظُهُما أَلْخَصُ
يَظلُّ الْحَلِيمُ إِذا غَنَّيا / كَأَنَّ فَرائِصَهُ تُفْرصُ
وَبَيْنَ السُّقاةِ مَرِيضُ الْجُفُونِ / يَسُومُ الْقُلُوبَ فَيَسْتَرْخِصُ
غَنِيٌّ بِأَلْحاظِهِ لَوْ يَشاءُ / عَنِ الكَأْسِ لكِنَّهُ أَحْرَصُ
فَدُونَكُمُ فَاسْأَلُوا طَرْفَهُ / وَعَنْ خَبَرِي فِيهِ لا تَفْحَصُوا
إِذا ما غَدَوْنا عَلَى لَذَةٍ / فَحَظُّ مُفارِقَنا الأَنْقَصُ
مَحاسِنُ فِي حَسَناتِ الأَمِي / رِ تَصْغُرُ قَدْراً وَتُسْتَنْقَصُ
سَقى اللهُ مَنْ لَمْ يَزَلْ جُودُه / يَعُمُّ إِذا مَعْشَرٌ خَصَّصُوا
فَكائِنْ مَحا بِنَداهُ الْعُفاةُ / ذُنُوبَ الزَّمانِ وَكَمْ مَحَّصُوا
وَكُنْتُ إِذا عَنَّ بَحْرُ الْقَرِيضِ / فَإِنِّي عَلى دُرّهِ أَغْوَصُ
لَنا أَسَدٌ وَرْدٌ سَبانا بِهِ الْهَوى / وَما كانَ يُهْوى قَبْلَهُ الأَسَدُ الوَرْدُ
يُحَبَّبُ لِي مِنْ أَجْلِهِ كُلُّ ضَيْغَمٍ / هَصُورٍ وَتُصْبينِي إِلى قُرْبِها الأُسْدُ
لَهُ وَرْدَةٌ حَمْراءُ فِي فِيهِ غَضَّةٌ / يُرى عادِياً مِنْها وَإِنْ كانَ لا يَعْدُوا
كَلَيْثٍ قَرِيبٍ بِالْفَرِيسَةِ عَهْدُهُ / فَباقِي دَمِ الْمَفْرُوسِ فِي فَمِهِ يَبْدُو
لِلهِ نَيْلُ مَسَرَّةٍ ضَمِنَ الْهَوى / فَوَفى عَلى رَغْمِ النَّوى بِضَمانِهِ
سَمَحَ الزَّمانُ بِصَفْوِهِ وَجَرى بِنا / فِيهِ السُّرُورُ يَمُدُّ فِي مَيْدانِهِ
بِمُقَرْطَقٍ يَمْحُو إِساءَةَ صَدِّهِ / فَالْحِبُّ إِنَّ الْحُسْنَ مِنْ إِحْسانِهِ
الْوَرْدُ فِي وَجَناتِهِ وَالْخِمْرُ فِي / رَشَفاتِهِ وَالسِّحْرُ فِي أَجْفانِهِ
فَكَأَنَّما الرَّوْضُ اسْتَعارَ مَحاسِناً / مِنْ حُسْنِ صَنْعَتِهِ وَمَفْخَرِ شَانِهِ
فَلِثَغْرِهِ الْمَرْشُوفِ رِقَّةُ نَوْرِهِ / وَلِقَدِّهِ الْمَهْزُوزِ نَشْوَةُ بانِهِ
تَأَمَّلْ بَدائِعَ ما يَصْطَفِيكَ / بِهِ الرَّوْضُ مِنْ كُلِّ فَنٍّ عَجِيبِ
فَفِي نَظْمِ مَنْثُورِهِ قُرَّةُ ال / عُيُونِ وَفِيهِ حَياةُ الْقُلُوبِ
تَبِدَّتْ غَرائِبُ أَنْوارِهِ / تُلاقِي بِها كُلَّ حُسْنٍ وطِيبِ
فَمِنْ أَحْمَرٍ ضَمَّهُ أَصْفَرٌ / كَلَوْنِ الْمُحِبِّ وَلَوْنِ الْحَبِيبِ
تُلاصَقَ خَدَّاهُما لِلْعِناقِ / وَقَدْ وَجَدا غَفْلَةً مِنْ رَقِيبِ
لَيْسَ الْبُكاءُ وَإِنْ أطِيلَ بِمُقْنِعِي / الْخَطْبُ أَعْظَمُ قِيمَةً مِنْ أَدْمُعِي
أَوَكلَّما أَوْدى الزَّمانُ بِمُنْفِسٍ / مِنِّي جَعَلْتُ إِلى الْمَدامِعِ مَفْزَعي
هَلاّ شَجانِي أَنَّ نَفْسِيَ لَمْ تَفِظْ / أَسَفاً وَأَنَّ حَشايَ لَمْ تَتَقطَّعِ
ما كان هذا الْقَلْبُ أَوَّلَ صَخْرَةٍ / مَلْمُومَةٍ قُرِعَتْ فَلَمْ تَتَصَدَّعِ
أَلْقى السِّلامَ عَلَى أَبَرَّ مُؤَمَّلٍ / وَحَثا التُّرابَ عَلَى أَغَرَّ سَمَيْدَعِ
يا لَلرِّجالِ لِنازِلٍ لَمْ يُحْتَسَبْ / وَلِحادِثٍ ما كانَ بِالْمُتَوَقَّعِ
ما خِلْتُنِي أَلْجا إِلى صَبْرٍ عَلَى / زَمَنٍ بِتَفْريقِ الأَحِبَّةِ مُولَعِ
تاللهِ ما جارَ الزَّمانُ وَلا اعْتَدى / بِأَشَدَّ مِنْ هذا الْمُصابِ وَأَوجَعِ
خَطْبٌ يُبَرِّحُ بِالْخُطُوبِ وَفادِحٌ / مَنْ لَمْ يَمُتْ جَزَعاً لَهُ لَمْ يَجْزَعِ
لا أَسْمَعَ النّاعِي فَأَيْسَرُ ما جَنى / صَدْعُ الْفُؤادِ بِهِ وَوَقْرُ الْمَسْمَعِ
يا قُولُ قَوْلَةَ مُكْمَدٍ مُسْتَنْزِرٍ / ماءَ الشُّؤُونِ لَهُ وَنارَ الأَضْلُعِ
شاكِي النَّهارِ إِذا تَأوَّبَ لَيْلُهُ / هَجَعَ السَّلِيمُ وَطَرْفُهُ لَمْ يَهْجَعِ
مَلآنَ مِنْ حُزْنٍ فَلَيْسَ لِتَرْحَةٍ / أَوْ فَرْحَةٍ بِفُؤادِهِ مِنْ مَوَِضعِ
يَبْكِي لَهُ مَنْ لَيسَ يَبْكِي مِنْ أَسىً / وَجْداً وَيُصْدَعُ قَلْبُ مَنْ لَمْ يُصْدَعِ
أَشْكُو إِلى الأَيّامِ فِيكَ رَزِيَّتِي / لَوْ تَسْمَعُ الأَيّامُ شَكْوى مُوجَعِ
وَأَبِيتُ مَمْنُوعَ الْقَرارِ كَأَنَّنِي / ما راعَنِي الْحَدَثانُ قَطُّ بأَرْوَعِ
وَرَنِينِ مَفْجُوعٍ لَدَيْكَ وَصَلْتُهُ / بَحَنِينِ باكِيَةٍ عَلَيكَ مُرَجَّعِ
غَلَبَ الأَسى فِيكَ الأُساةَ فَلا أَرى / مَنْ لا يُكاثِرُ عَبْرَتِي وَتَفَجُّعِي
فَإِذا صَبَرْتُ فقَدْتُ مِثْلِيَ صابِراً / وإِذا بَكَيْتُ وَجَدْتُ مَنْ يَبْكي مَعي
قَدْ غَضَّ يَوْمُكَ ناظِرِي بَلْ فَضَّ فَقْ / دُكَ أَضْلُعِي وَأَقَضَّ بُعْدُكَ مَضْجَعِي
أَخْضَعْتَنِي لِلنَّائِباتِ وَمَنْ يُصَبْ / يَوْماً بِمِثْلِكَ يَسْتَذِلَّ وَيَخْضَعِ
وَأهانَ خَطْبُكَ ما بِقَلْبِ مِنْ جَوىً / كَالسَّيْلِ طَمَّ عَلَى الغَدِيرِ الْمُتْرَعِ
يا قُولُ ما خانَ الْبَقاءُ وَإِنَّما / صُرِعَ الزَّمانُ غَداةَ ذاكَ المَصْرَعِ
ما كنْتُ خائِفَها عَلَيْكَ جِنايَةً / لَوْ كانَ هذا الدَّهْرُ يَعْقِلُ أَوْ يَعي
صُلْ بَعْدَها يا دَهْرُ أَوْ فَاكْفُفْ وَخُذْ / مَنْ شِئْتَ يا صَرْفَ المَنِيَّةِ أَوْدَعِ
قَدْ بانَ بِالْمَعْرُوفِ أَشْجى بائِنٍ / وَنَعى إِلَيْنا الجُودُ أَعْلى مَنْ نُعي
غاضَ الْحِمامُ بِزاخِرٍ مُتَدَفِّقٍ / وَهَوى الْحُسامُ بِباذِخٍ مُتَمَنِّعِ
منْ دَوْحَةِ الْحَسَبِ الْعَلِيِّ الْمُنْتَمى / وَسُلالَةِ الْكَرَمِ الْغَزِيرِ الْمَنْبَعِ
إِنْ أَظْلَمَتْ تِلْكَ السَّماءُ فَقَدْ خَلا / مِنْ بَدْرِها الأَبْهى مكانُ الْمَطْلَعِ
أَوْ أَجْدَبَتْ تِلْكَ الرِّباعُ فَبَعْدَما / وَدَّعْتَ تَوْدِيعَ الْغَمامِ الْمُقْلِعِ
أَعْزِزْ عَلَيَّ بِمِثْلِ فَقْدِكَ هالِكاً / خَلَعَ الشَّبابَ وَبُرْدَهُ لَمْ يَخْلَعِ
لَوْ أُمْهِلَتْ تِلْكَ الشَّمائِلُ لَمْ تَفَزْ / يَوْماً بِأَغْرَبَ مِنْ عُلاكَ وَأَبْدَعِ
قُلْ لِي لأَي فَضِيلَةٍ لَمْ تُبْكِنِي / إِنْ كانَ قَلْبِي ما بَكاكَ وَمَدْمَعِي
لِجَمالِكَ الْمَشْهُورِ أَمْ لِكَمالِكَ الْ / مَذْكورِ أَمْ لِنَوالِكَ الْمُتَبَرِّعِ
ما خالَفَ الإِجْماعَ فِيكَ مَقالَتِي / فَأُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ما أَدَّعِي
أَيُضَيِّعُ الْفِتْيانُ عَهْدَكَ إِنَّهُ / ما كنَ عِنْدَكَ عَهْدُهُمْ بِمُضَيَّعِ
قَدْ كُنْتَ أَمْرَعَهمْ لِمُرْتادِ النَّدى / كَفاً وَأَسْرَعَهُمْ إِلى الْمُسْتَفْزِعِ
حَلِيَتْ مَجالِسُهُمْ بِذِكْرِكَ وَحْدَهُ / وَعَطَلْنَ مِنْ ذاكَ الأَبِيِّ الأَرْوَعِ
وَالدَّهْرُ يَقْطَعُ بَعْدَ طُولِ تَواصُلٍ / وَيُشِتُّ بَعْدَ تَلاؤُمٍ وَتَجَمُّعِ
قُبْحاً لِعادِيَةٍ رَمَتْكَ فَإِنَّها / عَدَتِ الذَلِيلَ إِلى الأَعَزِّ الأَمْنَعِ
ما كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ ضَيْماً واصِلٌ / بِيَدِ الدَّنِيَّ إِلى الشَّرِيفِ الأَرْفَعِ
قَدَرٌ تَرَفَّعَ يَوْمَ رُزْثِكَ هَمُّهُ / فَرَمى إِلى الْغَرَضِ الْبَعِيدِ الْمَنْزَعِ
كَيْفَ الْغِلابُ وَكَيْفَ بَطْشُكَ واحِداً / فَرْداً وَأَنْتَ مِنَ الْعِدى فِي مَجْمَعِ
عَزَّ الدِّفاعُ وَما عَدِمْتَ مُدافِعاً / لَوْلا مَقادِرُ ما لَها مِنْ مَدْفَعِ
وَلَقَدْ لَقِيتَ الْمَوْتَ يَوْمَ لَقِيتَهُ / كَرَماً بِأَنْجَدَ مِنْهُ ثَمَّ وَأَشْجَعِ
عِفْتَ الدَّنِيَّةَ وَالْمَنِيَّةُ دُونَها / فَشَرعْتَ فِي حَدِّ الرِّماحِ الشُّرَّعِ
وَلَو أنَّكَ اخْتَرتَ الأَمانَ وَجَدْتَهُ / أَنى وَخَدُّ اللَّيْثِ لَيْسَ بِأَضْرَعِ
مَنْ كانَ مِثْلَكَ لَمْ يَمُتْ إِلاّ لقىً / بَيْنَ الصَّوارِمِ وَالْقَنا الْمُتَقَطِّعِ
جادَتْكَ وَاكِفَةُ الدُّمُوعِ وَلَمْ تَكُنْ / لَولاكَ مُخْجِلَةَ الْغُيُومِ الْهُمَّعِ
وَبَكاكَ مَنْهَلُّ الْغَمامِ فَإِنَّهُ / ما كانَ مِنْكَ إِلى السَّماحِ بِأَسْرَعِ
وتَعَهَّدَتْ مَغْناكَ سارِيَةٌ مَتى / تَذْهَبْ تَعُدْ وَمَتى تُفارِقْ تَرْجِعِ
تَغْشاكَ تائِقَةً تَزُورُ وَتَنْثَنِي / بِمُسَلِّمٍ مِنْ مُزْنِها وَمُوَدِّعِ
تَحْبُوكَ مَوْشِيَّ الرِّياضِ وَإِنَّما / تهْدِي الرَّبيعَ إِلى الرّبِيعِ الْمُمْرِعِ
لا يُطمِعِ الأَعداءَ يَوْمٌ سَرَّهُمْ / إِنَّ الرَّدى فِي طَيِّ ذاكَ الْمَطْمَعِ
الثَّأْرُ مَضْمُونٌ وَفِي أَيْمانِنا / بِيضٌ كخاطِفَةِ الْبُرُوقِ اللُّمَّعِ
وَذَوابِلٌ تَهْوِي إِلى ثُغَرِ الْعِدى / تَوْقَ الْعِطاشِ إِلى صَفاءِ الْمَشْرَعِ
قَدْ آنَ لِلدَّهْرِ الْمُضِلِّ سَبيلَهُ / أَنْ يَسْتَقِيمَ عَلى الطَّرِيقِ الْمَهْيَعِ
مُسْتَدْرِكاً غَلَطَ اللَّيالِي فِيكُمُ / مُتَنَصِّلاً مِنْ جُرْمِها الْمُسْتَفْظَعِ
أَفَغَرَّكُمْ أَنَّ الزَّمانَ أَجَرَّكُمْ / طِوَلاً بِغَيِّكُمُ الْوَخِيمِ الْمَرْتَعِ
هَلاّ وَمَجْدُ الدِّينِ قَدْ عَصَفَتْ بِكُمْ / عَزَماتُهُ بِالْغَوْرِ عَصْفَ الزَّعْزَعِ
وَغَداةَ عَلْعالَ الَّتِي رَوّتْكُمُ / بِالْبِيضِ مِنْ سَمِّ الضِّرابِ الْمُنْقَعِ
لا تَأْمَنُنَّ صَرِيمَةً عَضْبِيَّةً / مِنْ أَنْ تُقِيمَ الْحَقَّ عِنْدَ الْمَقْطَعِ
بِقَناً لِغَيْرِ رِداكُمُ لَمْ تُعْتَقَلْ / وَظُبىً لِغَيْرِ بَوارِكُمْ لَمْ تُطْبَعِ
يا خَيْرَ مَنْ سُمِّي وَأَكْرَمَ مَنْ رُجِي / وَأَبَرَّ مَنْ نُودِي وَأَشْرَفَ مَنْ دُعِي
إِنّا وَإِنْ عَظُمَ الْمُصابُ فَلا الأَسى / فِيهِ الْعَصِيُّ ولا السَّلُّوُ بِطَيِّعِ
لَنَرى بَقاءَكَ نِعْمَةً مَحْقُوقَةً / بِالشُّكْرِ ما سُقِيَ الأَنامُ وما رُعِي
ولَقَدْ عَلِمْتَ وَلَمْ تَكُنْ بِمُعَلَّمٍ / أَنَّ الأَسى وَالْوَجْدَ لَيْسَ بِمُنْجِعِ
هَيْهاتَ غَيْرُكَ مَنْ يَضِيقُ بِحادِثٍ / وَسِواكَ مَنْ يَعْيى بِحَمْلِ الْمُضْلِعِ
دانتْ لَكَ الدُّنْيا كَأَحْسَنِ رَوْضَةٍ / شُعِفَ النَّسِيمُ بِنَشْرِها الْمُتَضَوِّعِ
لا زالَ رَبْعُ عُلاكَ غَيْرَ مُعَطَّلٍ / أَبَداً وَسِرْبُ حِماكَ غَيْرَ مُرَوَّعِ
ما تاقَ ذُو شَجَنٍ إِلى سَكَنٍ وَما / وَجَدَ الْمُقِيمُ عَلاقَةً بِالْمُزْمِعِ