القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 9
رمَيْن فؤادي من عيون الوصاوصِ
رمَيْن فؤادي من عيون الوصاوصِ / بلحظٍ له وقعٌ كوقع المشاقِصِ
وما اسْتَكْتَمت تلك الوصاوصُ أَوجُهاً / قِباحاً ولا ألوانَ سودٍ عَنافِص
بل اسْتُودعت ألوانَ بيضٍ هجائنٍ / ذوات نجار صادق العِتق خالص
يصنَّ وجوهاً كالبدورِ وضاءةً / لهن ضياءٌ من وراء الوصاوص
قرى ماءَهُ فيهنَّ عشرين حِجةً / نعيمٌ مقيمٌ ظِلُّه غيرُ قالص
كأن عيون الناظرين توسَّمتْ / بهن شموساً من وراء نشائص
بريئات ساحاتِ المحاسن مُلسُها / كبيض الأداحي لا كبيض الأفاحص
ثقيلات أردافٍ نبيلات أسْوُقٍ / وما شئتَ من قُبِّ البطونِ خَمائص
من اللائي عمَّتها المحاسنُ لا الأُلى / محاسِنُها من خلقها في خَصائص
غرائرُ إلا أنهن نوائرٌ / من الوحْش لا يصطادها نبلُ قانِص
يُلاعبن أشباهاً لهن من المها / ذوات سخالٍ بينهنَّ هوابص
ويجْنينَ نُوَّار الأقاحي تعالياً / عن الجانيات الكمْءَ بين القصائص
بموليةٍ يأوي القطا في جنابها / إلى كالئِ المرعى دميثِ المفاحص
بني مُصعب فزتمْ بكل فضيلةٍ / وآثرتمُ حُسادكم بالنقائص
إذا عُدَّ قبصُ المجد أضعف قبصكم / على كل قبص في يدَي كل قابص
بكم حِيصَ فُتقُ الملك بعد اتساعه / ولولاكُمُ أعيا على كل حائص
تدارك ذاتَ البين إصلاحُ طاهرٍ / وكانت على ظهرٍ من الشر قامص
إذا نظرتْ زُرق الرماح إلى الكُلى / كما نظرتْ زرق العيون الشواخص
فما حَدُّكم عند اللقاء بناكلٍ / ولا خيلكم عن غمرة بنواكص
بوطئكُمُ ذَلَّ العُتاةُ وأصبحت / خدودُ الأعادي وهي تحت الأخامص
ولمْ لا وفيكم كل فارس بُهمة / يغادر فرسانَ الوغى بالمداحص
ترى خيلُهُ علكَ الشكائم في الوغى / أجمَّ لها من رعيها في الفصافص
بصيرُ سِنان الرمح يرمي أمامه / بطرفٍ له نحوَ المقاتل شاخص
فما يتقيه العيرُ إلا بفأله / إذا اعتامه للطعن دون النحائِص
أشد من السيل الغَشَمْشَم حملةً / وأثبتُ من بعض الأسود الرهائص
يُسدِّي وجوهَ الكرِّ في كل مأزق / إذا بعضهم سدّى وجوه المحائص
كأن جيوب الدرع منه مجوبةٌ / على قمرٍ بدرٍ وليثٍ فُصافص
تظل الأسود الموعِداتُ ببأسها / إذا ما رأته تتَّقي بالبصابص
يخافُ مُعاديه ويأمنُ جارُهُ / كأمن حمام البيت ذاتِ القرامص
مفلَّلُ حدِّ السيف من طول ضربه / قوانس بَيضِ الدّارعين الدَّلامص
على أنه يُمضيهِ ليس بحدِّه / ولكن بعرقٍ مُصْعبيٍّ مُصامص
بأمثاله تَمضي السيوف مضاءَها / وتنفذ أطرافُ الرماح العوارص
وقدما مضتْ أسيافكم ورماحكم / بأعراقكم دون الظُبا والمخارص
وفيكم يجورُ الجود قدما فنحوكُم / تُعاج صدورُ اليَعْمَلاتِ الرواقص
إذا كان أبوابُ الملوكِ مجازنا / فأبوابُكم مُلْقى رِحال القلائص
تُناخُ إليكم كل دام أظلُّها / فتحْذَى أظُلّاً للحصى جدّ واهص
وفيكم دعاميصُ الهدايَة كلما / ضللنا وحاشاكمْ صغار الدَعَامص
تغوصُ على الرأي العويص عقولكم / على حين لا يُرجَى له غوص غائص
إذا كان قومٌ في أمورٍ كثيرةٍ / رُماة الشَوى كنتمْ رماة الفرائص
كمُلتمْ فمهما أسأل اللَهَ فيكمُ / من الأمر لا أسأله تكميلَ ناقص
ومنكم عبيدُ اللَه فُتُّم بسعيه / ذوي السعي فوتاً بائصاً أيَّ بائِص
فتى يُلحِم الطير الغِراثَ بسيفه / ويطعم في الأعوام ذاتِ المخامص
يدرُّ لقاح البأس طوراً وتَارةً / يدرُّ لقاح الجودِ غيرَ شصائص
جبانٌ من السوءات عنهنَّ ناكصٌ / ويلقى المنايا مُقدماً غير ناكص
شفيق على الأعراض يعلمُ أنها / إذا دُنِّسَتْ لم يُنقِها موصُ مائص
جسورٌ على الأهوال يحسر للقنا / ويدّرعُ المعروف دون القوارص
يظل معاديه وطالبُ رفده / على شَرفيْ رفدٍ وموتٍ مُغافص
أبا أحمدٍ أصبحتَ لم تَبقَ رُتبةٌ / من المجد إلا فُتَها بمُراهص
فلو فاخرتك الشمسُ أضحت ضئيلةً / لفخرِك مثلَ الكوكب المتخاوص
أرى كل معلوم فبالفحص عِلمُهُ / وفضلُك معلوم بلا فحص فاحص
فإن لم ير الحسّادُ من ذاك ما أرى / فلا نظروا إلا بعُورٍ بخائص
على أنه لولا دواعي مودّتي / رحلتُ ركابي عنك رحلةَ شاخص
فقد أوسعتْ خسفاً وهزلاً وإنما / يُناوصُ نيلَ الخير كل مُناوص
وإن كان رفدُ الناس غيرك إنما / يَحلُّ إذا حلَّت لحومُ الوقائص
أتنقُصُ بي معروفك الصّمَّ بعدما / برئتُ منَ الأفعال ذاتِ المناقص
أُنيلَت أكفُّ السائليكَ ولم أنلْ / بنيل ولا خيصٍ من النيل خائص
فما شفني من ذاك إلا تخوُّفي / عليك بما أوْليتني غمصَ غامص
وفيك بما أوْليتني يا ابن طاهرٍ / مقالٌ لعمري للعدو المُقارص
أثبتَنِيَ الحرمان ثم قذفْتَ بي / جُفاءً من الربّان أو ذي عوالص
بنظمي لك الدرّ الثمين قلائداً / وغوصي عليه في عميق المغاوص
وإن رجائي فيك خيَّب نعمتي / فأضحتْ كإحدى الفاركاتِ النواشِص
وكم نشصتْ من نِعمةٍ فعطفْتها / على بَعلها حتى غدتْ غير ناشص
أشار بإطلاقي يدي فأطعتُه / وما خِفتُ غِشّاً من صديق مُخالص
فأصبح سِربالي من العيش ضيّقاً / كهيئة سربالٍ بغير دخارص
وباللَهِ إنّي ما تخامصتُ بادناً / بطيناً وكم من بادنٍ متخامص
فلا أكن المُهريقَ فضلة مائهِ / غُرورا برقراقٍ من الآل وابص
ولا تبخسنِّي حقَّ مَدحي فإنني / أرى باخسي سيَّانَ عندي وباخصي
أيظلمني من ليس في الأرض غيره / إذا نيصَ من ظُلمٍ مَناصٌ لنائص
هل للقلوب من العيونِ خلاصُ
هل للقلوب من العيونِ خلاصُ / أم لا فإن عزاءها معتاصُ
حرصتْ نفوسُ ذوي الهوى منها على / ما ليس يُدرَكُ والنفوس حِراصُ
كيف السبيلُ إلى اقتناص غرائرٍ / يدمى بأسهم لحظها القُنَّاص
بيضُ السوالف عذبة أفواهُها / ريّا الروادف والبطونُ خمِاص
يجْرحْنَنَا بنواظرٍ ما إن لنا / منهن عند جراحهنّ قصاص
قلصتْ بمن لا صبر دون لقائه / نوقٌ تراهَقُ في البُرى وقِلاص
وحدا ينُصُّ رِكابه وجهَ الضحى / يأْبى الكرى لمطيّه نصَّاص
خرقٌ لأهوال الدجى مُتدرِّعٌ / في بحر كلِّ هجيرةٍ غوّاص
فعِراصُ قلبك بالصِبى معمورةٌ / لما خلتْ ممن تُحبُّ عراص
يا ابنَ بوران لاتَ حينَ مناصِ
يا ابنَ بوران لاتَ حينَ مناصِ / فاصبِر الآن أو فخذ في القماصِ
سُمتني السلم والهجاءُ خليعٌ / جامحُ الغرب والقوافي عواصِي
ضلَّ ما أطمعتْكَ نفسك فيه / من أماني شيطانها النكَّاص
فاجعل الموتَ مُستراحَك مني / فرجُ الموت دون رَوح الخلاص
أي نفسٍ تطيبُ عن ترك غُنمٍ / حاصلٍ وقتَ نُهزةٍ وافتراص
أُشهِدُ اللَّه إن تركتُكَ أني / لم أجرب حلاوة الإقتناص
شهوة منك إن وطئتَ حريمي / خِلتني شيخَك الدميثَ العراص
يا ابن بوران يا نتيج الزواني / دعوة مثل دعوةِ الإخلاص
خِلتني نُهزةً لباغي قنيصٍ / وأنا الليثُ قانصُ القُنّاص
ساء تقديرُ مستثيرِ الأفاعي / ومُريغ الأسود في الأعياص
ثم لا يحتمي بركنٍ من العزْ / زِ ولا مَحرمٍ مخوفِ القصاص
تتأنَّى المحيض حتى إذا ما / أسعدتْها به العُروقُ العواصي
باتت الليل في المحاريب تزْني / ليكون ابنها ابنَ شرِّ مَعاصي
بلاغة ابن فراسٍ
بلاغة ابن فراسٍ / كجسمه من رُهُوصِ
يُسيءُ طوراً وطوراً / تلقاه لصّ اللصوصِ
لا مُخطئاً سرقاتٍ / ولا مُصيب فُصوص
نُبِّئتُ أن نساءً / له ذوات خُصوص
يُصطَدْنَ صيد الشبابي / طِ جَهرةً بالشُّصوص
أجاعَهُنَّ فأعْمل / ن حيلةً في الخلوص
حتى إذا هي أعيتْ / ركبنَ كل قَمُوص
كم ذاتِ طرفٍ ربوخٍ / وذاتِ ساق رقوص
تُنَصُّ كلُّ فتاةٍ / مِنهن نصّ القَلُوص
تُناك بالقوتِ في بي / ت زائدٍ منقوص
زيادة من قرونٍ / على عَضُوضٍ مصوص
إلى مناقصَ مُستأ / ثرٍ بها مخصوص
وما تأوّلتُ شتْماً / فيه سوى المنصوص
ولا اقتصصْتُ حديثاً / عنه خلا مقصوص
العقلُ مِعشار عقل / والشخص مثل شُخوص
ما بالُ بخلك يا مِس / حلَ الحمارِ النَّحُوص
لم يُبْنَ عقلك بنيا / نَ جِسمك المرصوص
رخصْت معاملتي على رجلٍ
رخصْت معاملتي على رجلٍ / وليغلُوَنّ عليه ما رَخُصا
ولأحرصنَّ على قطيعتِهِ / وبعاده أضعافَ ما حرصا
ولأشربنَّ على تنقُّصِهِ / حتى كأني لستُ منتقِصا
إذ لا أرى في عيشتي شَرَقاً / بفراقِهِ كلا ولا غصصا
ما في فِراق مفارقٍ نَغَصٌ / حسبي بذكري حُقرتي نغصا
من كان أشخصَ قلبَهُ سأمٌ / عني فقلبي عنه قد شخصا
ولقد بدا لكن محايدةً / ولقد جرى لكنه نكصا
ولقد يعود السيف مِقدحةً / ويُبدَّلُ الغصنُ الرطيبُ عصا
إذا ما حلف النَّغْلُ
إذا ما حلف النَّغْلُ / ففي أيمانه رُخصَهْ
أنهضهُ في أوانِ إنهاضِهِ
أنهضهُ في أوانِ إنهاضِهِ / غيثٌ دعا طرفَهُ بإيماضِهِ
أبْرقَ برقاً كأن لائحَهُ / من أُفقِ الخير نار حُرَّاضِهِ
فشدّ أنقاضه بأرحُلها / إلى غزيرِ النّوال فيّاضِهِ
مشتركُ الحوض في الجميع إذا / ذادت عن الحوض كفُّ مُحتاضه
ينزلُ أضيافُهُ بذي كرم / مُبصبِص الكلب غير عضّاضه
يظلُّ يبكيهمْ إذا رحلُوا / بُكاءَ غَيْلان بنت فضَّاضه
سمحٌ ببذل القِرى سماحَ فتىً / سَلَّمَ عِرض القرى لعرَّاضه
لا يُشفق المستعيدُ نائله / من وشك إملاله وإعراضه
يفرضُ ما اطوَّع الجواد وما / مطوِّعو الجود مثلَ فُرَّاضه
لا يبذلُ الرّفد حين يبذُله / كمشتري الجودِ أو كمقتاضه
بل يفعلُ العُرفَ حين يفعلُه / لجوهر العرفِ لا لأعراضِه
يفديه قومٌ يتاجرون به / أغراضهُمْ فيه غيرُ أغراضه
في وعده من نواله عِوضٌ / أملأُ شيء لكفّ معتاضه
مُقلِّمُ الدهر ما بدا ظُفرٌ / للدهر إلا انبرى بِمقراضِهِ
إذا دعا الشِّعرَ مادحوه له / أقبل مُعتاصُه كمرتاضه
أيسرُ ما يشكرُ القريضُ له / تسهيلهُ قرضَهُ لقرَّاضه
يممه بالمديح شاعرُهُ / طريدَ إملاقه وإنفاضه
يرجُو لديه غِنىً يحطُّ به / رِحاله عن ظُهورِ أنقاضِه
كُفِّي من الدمع يا مثبِّطتي / عن زمّ سامي التَليل نهّاضِه
قد يقعِد المرءَ طولُ رحلتِه / ويُصمتُ الرَّحل طولُ إنقاضه
كم تقنع النفس بالكفافِ وكم / تترك خوضَ الغِنَى لخُوَّاضه
لي هِمة لم يكن ليرويها / إلا من البحرِ بعضُ أحواضه
حان رحيلي إلى أبي حسنٍ / مُبرم إقليمه ونقّاضه
حكيمه المقتدى بحكمته / طبيبه المرتَجى لأمراضه
سائس تدبيره ورائِضه / كخير سُوَّاسه وروَّاضه
حُوَّلِهِ في الخطوب قُلَّبِهِ / حيّتِهِ في الدهاء نَضْنَاضه
صاحِبِ شورى الملوك مفْزعهم / إليه في الخطب عند إرْماضِهِ
إذا استشاروه جاءَ من كَثبٍ / بزُبدة الرأي دون مخَّاضه
تكلؤُهم منه في مضاجِعهم / عينا رُواع الفؤاد نبّاضه
يرعى عليهمْ أمورَ مملكةٍ / قامتْ بإخَلاله وإحماضه
يُلطفُ كيد العدى ويُغْمضُهُ / طَبّاً بإلطافه وإغماضه
لو فتكتْ مرّةً مكائِدُهُ / بالدهر أنستْه فتك برَّاضه
مكائدٌ لو رمى بها جبلاً / صارت جلامِيدُه كرضراضه
مِدره أهل الصلاة كم دُحِضتْ / للكفر من حجةٍ بإدحاضه
يُردي بِمِرْدى من الحِجاج له / دمّاغ رأس الضلالِ هضّاضه
حسبُ أخي جُنَّةٍ بكيَّته / وحسبُ ذي عُرّة بخضخاضه
يُثني عليه بذاك حاسده / على مُعاداته وإبغاضه
سابق مضمار كلّ مكرمةٍ / أعيتْ على راكضٍ وتركاضِه
يدرك ما تُوفض السعاةُ له / من المعالي بدون إيفاضه
أصبح كالكُلِّ من جلالته / وسائرُ الخلق مثلُ أبعاضِه
إن لم يعبهُ بذاك عائبُه / فما له عائبٌ ولا عاضه
لولا عليُّ العُلا ومِنّتُهُ / غادرني الدهرُ بعض أحراضه
أنهضني بعدما رزَحْتُ وكمْ / من رازحٍ ناهضٍ بإنهاضه
يا حاسدي لا خلوتَ من حسدٍ / حظكَ منه أليمُ إمضاضهِ
أعتبني الدهر بعد معتِبهِ / فغاضِبِ الدهر فيَّ أو راضِه
زرتُ ابن يحيى الذي يؤمِّلُه / كلُّ أجبِّ السَّنام مُنتاضِه
فردّني مُثرياً وفضفض لي / عيشي وقد كنتُ غيرَ فضفاضِه
ومهّدت مضجعي يداهُ فقد / لاءمَ جنبيّ بعد إقضاضه
وماصَ عِرضي فردّهُ يققاً / كالثوب أنقتهُ كفُّ رحّاضه
لمَا بدا لي بشيرُ غُرَّته / وراع دهري نذيرُ إنباضه
أقبلَ حظي عليَّ مبتسماً / من بعد تعبيسِهِ وإعراضه
وظل دهري له مُلاوِذَهُ / من خوف سهم الردى ومقراضه
لا تعدم الدهرَ يا أبا حسنٍ / جبرَ كسير الجناح منهاضِه
كفُلتَ هذا الأنام تُقرضُهُم / عُرفاً إلى الله شكرَ إقراضه
حتى كفلتَ الفِراخ كامنةً / في البيض قبل انقياض مُنقاضه
تكدحُ للناس كدحَ مجتهدٍ / ركّاب ظهرِ الدُؤوب ركّاضه
خَفَضْت فيهمْ جناح مَرحمةٍ / قد قَلَّ جدّاً عديد خُفّاضه
مواهبُ وهَّابٍ وقَى بعضُها بعضا
مواهبُ وهَّابٍ وقَى بعضُها بعضا / تُثيبك من مرزُوئها الأجر أو ترضى
ذكورٌ حباك اَللَهُ منهُم بعصبةٍ / فأعفى شبيه الكل واخْتَرمَ البعضا
طوى واحداً منهم وبقّى ثلاثةً / أعاركهُمْ مَن أَحسَنَ البسط والقبضا
وأعطاك ما تهواهُ من كل صالحٍ / وزادك طَولاً يملأ الطول والعرضا
ولا زلتَ في الأعمار خالفَ معشرٍ / وسابقهم في كلّ مكرمةٍ ركْضا
يعدُّك أهل الفضل أفضلهم حجىً / وأهونَهُم مالاً وأكرمهم عِرضا
تُنيل فتعتدُّ الثناء نوافلاً / تنفّلُها والفضل تبذُله فرْضا
ولا انفك ما تختاره وتحبُّه / يُطابقُه حتمُ القضاء الذي يُقضى
تعزّ عن الماضي وِإن هصرتْ به / يدُ الدهر غصناً من غصونِكم غضّا
وكن ماجداً لم يُغض عند هضيمةٍ / فلما أحبّ اللّه إغضاءَهُ أغضى
وعُدَّ الذي أضحى الزمانُ استردَّه / لدى الله كنزاً لا يضيّع أو قرضا
فإن الذي يُمضي الأمور مملَّكٌ / على جِلَّة الأملاك إمضاءُ ما أمضى
وقد بلتِ الدنيا المخابرَ منكمُ / فلم تبلُ إلا الصبر والكرمَ المحضا
وكنتُمْ بني وهبٍ حَيَانا ونورُنا / فكُونُوا سماءً وليكن غيركم أرضا
وإن كنت قد حرَّمتني وحرمْتَني / فأوسعتني منعاً وأوجعتني رفضا
لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ
لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ / من الخيرِ والشرِّ انتحيتُ على عرضِي
فما عِبتني إلا بما ليس عائبي / وكم جاهلٍ يُزري على خُلُقٍ محضِ
وما الحقدُ إلا توأم الشكر في الفتى / وبعضُ السجايا ينتسبنَ إلى بعضِ
فحيثُ ترى حقداً على ذي إساءةٍ / فثمَّ ترى شُكراً على حَسنِ القرض
إذا الأرض أدّتْ ريع ما أنت زارع / من البذر فيها فهي ناهيك من أرض
ولا عيبَ أن تُجزَى القروضُ بمثلها / بل العيبُ أن تَدّان ديناً فلا تَقْضي
وخيرُ سجيات الرجال سجيّةٌ / توفِّيك ما تُسدي من القرض بالقرض
ولولا الحقودُ المستكنّاتُ لم يكن / لينقضَ وتراً آخر الدهر ذو نقض
أميِّزُ أخلاق الكرام فأصطفي / كرائمها والزبد يُنْزع بالمخضِ
وأتركُ أخلاقَ اللئام لأهلها / وأرفضها مذمومةً أيما رفض
وأُبقي على عِرضي من الطَّيخ إنه / إذا طيخت الأعراض لم تَنقَ بالرحض
وإني لبر بالأقارب واصلٌ / على حسدٍ في جُلِّهم وعلى بُغض
ولم أقطع الأدنى مخافةَ شينه / ومني سَماراً كان أو غيره رُضِّي
وإني لذو حلمٍ وجهلٍ وراءه / فمن كان مُختلاً رضيتُ له حمضي
ولولا عُرامٌ في الفتى فُلَّ حدُّهُ / ولولا ذُباحٌ في المهند لم يَمض

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025