المجموع : 9
رمَيْن فؤادي من عيون الوصاوصِ
رمَيْن فؤادي من عيون الوصاوصِ / بلحظٍ له وقعٌ كوقع المشاقِصِ
وما اسْتَكْتَمت تلك الوصاوصُ أَوجُهاً / قِباحاً ولا ألوانَ سودٍ عَنافِص
بل اسْتُودعت ألوانَ بيضٍ هجائنٍ / ذوات نجار صادق العِتق خالص
يصنَّ وجوهاً كالبدورِ وضاءةً / لهن ضياءٌ من وراء الوصاوص
قرى ماءَهُ فيهنَّ عشرين حِجةً / نعيمٌ مقيمٌ ظِلُّه غيرُ قالص
كأن عيون الناظرين توسَّمتْ / بهن شموساً من وراء نشائص
بريئات ساحاتِ المحاسن مُلسُها / كبيض الأداحي لا كبيض الأفاحص
ثقيلات أردافٍ نبيلات أسْوُقٍ / وما شئتَ من قُبِّ البطونِ خَمائص
من اللائي عمَّتها المحاسنُ لا الأُلى / محاسِنُها من خلقها في خَصائص
غرائرُ إلا أنهن نوائرٌ / من الوحْش لا يصطادها نبلُ قانِص
يُلاعبن أشباهاً لهن من المها / ذوات سخالٍ بينهنَّ هوابص
ويجْنينَ نُوَّار الأقاحي تعالياً / عن الجانيات الكمْءَ بين القصائص
بموليةٍ يأوي القطا في جنابها / إلى كالئِ المرعى دميثِ المفاحص
بني مُصعب فزتمْ بكل فضيلةٍ / وآثرتمُ حُسادكم بالنقائص
إذا عُدَّ قبصُ المجد أضعف قبصكم / على كل قبص في يدَي كل قابص
بكم حِيصَ فُتقُ الملك بعد اتساعه / ولولاكُمُ أعيا على كل حائص
تدارك ذاتَ البين إصلاحُ طاهرٍ / وكانت على ظهرٍ من الشر قامص
إذا نظرتْ زُرق الرماح إلى الكُلى / كما نظرتْ زرق العيون الشواخص
فما حَدُّكم عند اللقاء بناكلٍ / ولا خيلكم عن غمرة بنواكص
بوطئكُمُ ذَلَّ العُتاةُ وأصبحت / خدودُ الأعادي وهي تحت الأخامص
ولمْ لا وفيكم كل فارس بُهمة / يغادر فرسانَ الوغى بالمداحص
ترى خيلُهُ علكَ الشكائم في الوغى / أجمَّ لها من رعيها في الفصافص
بصيرُ سِنان الرمح يرمي أمامه / بطرفٍ له نحوَ المقاتل شاخص
فما يتقيه العيرُ إلا بفأله / إذا اعتامه للطعن دون النحائِص
أشد من السيل الغَشَمْشَم حملةً / وأثبتُ من بعض الأسود الرهائص
يُسدِّي وجوهَ الكرِّ في كل مأزق / إذا بعضهم سدّى وجوه المحائص
كأن جيوب الدرع منه مجوبةٌ / على قمرٍ بدرٍ وليثٍ فُصافص
تظل الأسود الموعِداتُ ببأسها / إذا ما رأته تتَّقي بالبصابص
يخافُ مُعاديه ويأمنُ جارُهُ / كأمن حمام البيت ذاتِ القرامص
مفلَّلُ حدِّ السيف من طول ضربه / قوانس بَيضِ الدّارعين الدَّلامص
على أنه يُمضيهِ ليس بحدِّه / ولكن بعرقٍ مُصْعبيٍّ مُصامص
بأمثاله تَمضي السيوف مضاءَها / وتنفذ أطرافُ الرماح العوارص
وقدما مضتْ أسيافكم ورماحكم / بأعراقكم دون الظُبا والمخارص
وفيكم يجورُ الجود قدما فنحوكُم / تُعاج صدورُ اليَعْمَلاتِ الرواقص
إذا كان أبوابُ الملوكِ مجازنا / فأبوابُكم مُلْقى رِحال القلائص
تُناخُ إليكم كل دام أظلُّها / فتحْذَى أظُلّاً للحصى جدّ واهص
وفيكم دعاميصُ الهدايَة كلما / ضللنا وحاشاكمْ صغار الدَعَامص
تغوصُ على الرأي العويص عقولكم / على حين لا يُرجَى له غوص غائص
إذا كان قومٌ في أمورٍ كثيرةٍ / رُماة الشَوى كنتمْ رماة الفرائص
كمُلتمْ فمهما أسأل اللَهَ فيكمُ / من الأمر لا أسأله تكميلَ ناقص
ومنكم عبيدُ اللَه فُتُّم بسعيه / ذوي السعي فوتاً بائصاً أيَّ بائِص
فتى يُلحِم الطير الغِراثَ بسيفه / ويطعم في الأعوام ذاتِ المخامص
يدرُّ لقاح البأس طوراً وتَارةً / يدرُّ لقاح الجودِ غيرَ شصائص
جبانٌ من السوءات عنهنَّ ناكصٌ / ويلقى المنايا مُقدماً غير ناكص
شفيق على الأعراض يعلمُ أنها / إذا دُنِّسَتْ لم يُنقِها موصُ مائص
جسورٌ على الأهوال يحسر للقنا / ويدّرعُ المعروف دون القوارص
يظل معاديه وطالبُ رفده / على شَرفيْ رفدٍ وموتٍ مُغافص
أبا أحمدٍ أصبحتَ لم تَبقَ رُتبةٌ / من المجد إلا فُتَها بمُراهص
فلو فاخرتك الشمسُ أضحت ضئيلةً / لفخرِك مثلَ الكوكب المتخاوص
أرى كل معلوم فبالفحص عِلمُهُ / وفضلُك معلوم بلا فحص فاحص
فإن لم ير الحسّادُ من ذاك ما أرى / فلا نظروا إلا بعُورٍ بخائص
على أنه لولا دواعي مودّتي / رحلتُ ركابي عنك رحلةَ شاخص
فقد أوسعتْ خسفاً وهزلاً وإنما / يُناوصُ نيلَ الخير كل مُناوص
وإن كان رفدُ الناس غيرك إنما / يَحلُّ إذا حلَّت لحومُ الوقائص
أتنقُصُ بي معروفك الصّمَّ بعدما / برئتُ منَ الأفعال ذاتِ المناقص
أُنيلَت أكفُّ السائليكَ ولم أنلْ / بنيل ولا خيصٍ من النيل خائص
فما شفني من ذاك إلا تخوُّفي / عليك بما أوْليتني غمصَ غامص
وفيك بما أوْليتني يا ابن طاهرٍ / مقالٌ لعمري للعدو المُقارص
أثبتَنِيَ الحرمان ثم قذفْتَ بي / جُفاءً من الربّان أو ذي عوالص
بنظمي لك الدرّ الثمين قلائداً / وغوصي عليه في عميق المغاوص
وإن رجائي فيك خيَّب نعمتي / فأضحتْ كإحدى الفاركاتِ النواشِص
وكم نشصتْ من نِعمةٍ فعطفْتها / على بَعلها حتى غدتْ غير ناشص
أشار بإطلاقي يدي فأطعتُه / وما خِفتُ غِشّاً من صديق مُخالص
فأصبح سِربالي من العيش ضيّقاً / كهيئة سربالٍ بغير دخارص
وباللَهِ إنّي ما تخامصتُ بادناً / بطيناً وكم من بادنٍ متخامص
فلا أكن المُهريقَ فضلة مائهِ / غُرورا برقراقٍ من الآل وابص
ولا تبخسنِّي حقَّ مَدحي فإنني / أرى باخسي سيَّانَ عندي وباخصي
أيظلمني من ليس في الأرض غيره / إذا نيصَ من ظُلمٍ مَناصٌ لنائص
هل للقلوب من العيونِ خلاصُ
هل للقلوب من العيونِ خلاصُ / أم لا فإن عزاءها معتاصُ
حرصتْ نفوسُ ذوي الهوى منها على / ما ليس يُدرَكُ والنفوس حِراصُ
كيف السبيلُ إلى اقتناص غرائرٍ / يدمى بأسهم لحظها القُنَّاص
بيضُ السوالف عذبة أفواهُها / ريّا الروادف والبطونُ خمِاص
يجْرحْنَنَا بنواظرٍ ما إن لنا / منهن عند جراحهنّ قصاص
قلصتْ بمن لا صبر دون لقائه / نوقٌ تراهَقُ في البُرى وقِلاص
وحدا ينُصُّ رِكابه وجهَ الضحى / يأْبى الكرى لمطيّه نصَّاص
خرقٌ لأهوال الدجى مُتدرِّعٌ / في بحر كلِّ هجيرةٍ غوّاص
فعِراصُ قلبك بالصِبى معمورةٌ / لما خلتْ ممن تُحبُّ عراص
يا ابنَ بوران لاتَ حينَ مناصِ
يا ابنَ بوران لاتَ حينَ مناصِ / فاصبِر الآن أو فخذ في القماصِ
سُمتني السلم والهجاءُ خليعٌ / جامحُ الغرب والقوافي عواصِي
ضلَّ ما أطمعتْكَ نفسك فيه / من أماني شيطانها النكَّاص
فاجعل الموتَ مُستراحَك مني / فرجُ الموت دون رَوح الخلاص
أي نفسٍ تطيبُ عن ترك غُنمٍ / حاصلٍ وقتَ نُهزةٍ وافتراص
أُشهِدُ اللَّه إن تركتُكَ أني / لم أجرب حلاوة الإقتناص
شهوة منك إن وطئتَ حريمي / خِلتني شيخَك الدميثَ العراص
يا ابن بوران يا نتيج الزواني / دعوة مثل دعوةِ الإخلاص
خِلتني نُهزةً لباغي قنيصٍ / وأنا الليثُ قانصُ القُنّاص
ساء تقديرُ مستثيرِ الأفاعي / ومُريغ الأسود في الأعياص
ثم لا يحتمي بركنٍ من العزْ / زِ ولا مَحرمٍ مخوفِ القصاص
تتأنَّى المحيض حتى إذا ما / أسعدتْها به العُروقُ العواصي
باتت الليل في المحاريب تزْني / ليكون ابنها ابنَ شرِّ مَعاصي
بلاغة ابن فراسٍ
بلاغة ابن فراسٍ / كجسمه من رُهُوصِ
يُسيءُ طوراً وطوراً / تلقاه لصّ اللصوصِ
لا مُخطئاً سرقاتٍ / ولا مُصيب فُصوص
نُبِّئتُ أن نساءً / له ذوات خُصوص
يُصطَدْنَ صيد الشبابي / طِ جَهرةً بالشُّصوص
أجاعَهُنَّ فأعْمل / ن حيلةً في الخلوص
حتى إذا هي أعيتْ / ركبنَ كل قَمُوص
كم ذاتِ طرفٍ ربوخٍ / وذاتِ ساق رقوص
تُنَصُّ كلُّ فتاةٍ / مِنهن نصّ القَلُوص
تُناك بالقوتِ في بي / ت زائدٍ منقوص
زيادة من قرونٍ / على عَضُوضٍ مصوص
إلى مناقصَ مُستأ / ثرٍ بها مخصوص
وما تأوّلتُ شتْماً / فيه سوى المنصوص
ولا اقتصصْتُ حديثاً / عنه خلا مقصوص
العقلُ مِعشار عقل / والشخص مثل شُخوص
ما بالُ بخلك يا مِس / حلَ الحمارِ النَّحُوص
لم يُبْنَ عقلك بنيا / نَ جِسمك المرصوص
رخصْت معاملتي على رجلٍ
رخصْت معاملتي على رجلٍ / وليغلُوَنّ عليه ما رَخُصا
ولأحرصنَّ على قطيعتِهِ / وبعاده أضعافَ ما حرصا
ولأشربنَّ على تنقُّصِهِ / حتى كأني لستُ منتقِصا
إذ لا أرى في عيشتي شَرَقاً / بفراقِهِ كلا ولا غصصا
ما في فِراق مفارقٍ نَغَصٌ / حسبي بذكري حُقرتي نغصا
من كان أشخصَ قلبَهُ سأمٌ / عني فقلبي عنه قد شخصا
ولقد بدا لكن محايدةً / ولقد جرى لكنه نكصا
ولقد يعود السيف مِقدحةً / ويُبدَّلُ الغصنُ الرطيبُ عصا
إذا ما حلف النَّغْلُ
إذا ما حلف النَّغْلُ / ففي أيمانه رُخصَهْ
أنهضهُ في أوانِ إنهاضِهِ
أنهضهُ في أوانِ إنهاضِهِ / غيثٌ دعا طرفَهُ بإيماضِهِ
أبْرقَ برقاً كأن لائحَهُ / من أُفقِ الخير نار حُرَّاضِهِ
فشدّ أنقاضه بأرحُلها / إلى غزيرِ النّوال فيّاضِهِ
مشتركُ الحوض في الجميع إذا / ذادت عن الحوض كفُّ مُحتاضه
ينزلُ أضيافُهُ بذي كرم / مُبصبِص الكلب غير عضّاضه
يظلُّ يبكيهمْ إذا رحلُوا / بُكاءَ غَيْلان بنت فضَّاضه
سمحٌ ببذل القِرى سماحَ فتىً / سَلَّمَ عِرض القرى لعرَّاضه
لا يُشفق المستعيدُ نائله / من وشك إملاله وإعراضه
يفرضُ ما اطوَّع الجواد وما / مطوِّعو الجود مثلَ فُرَّاضه
لا يبذلُ الرّفد حين يبذُله / كمشتري الجودِ أو كمقتاضه
بل يفعلُ العُرفَ حين يفعلُه / لجوهر العرفِ لا لأعراضِه
يفديه قومٌ يتاجرون به / أغراضهُمْ فيه غيرُ أغراضه
في وعده من نواله عِوضٌ / أملأُ شيء لكفّ معتاضه
مُقلِّمُ الدهر ما بدا ظُفرٌ / للدهر إلا انبرى بِمقراضِهِ
إذا دعا الشِّعرَ مادحوه له / أقبل مُعتاصُه كمرتاضه
أيسرُ ما يشكرُ القريضُ له / تسهيلهُ قرضَهُ لقرَّاضه
يممه بالمديح شاعرُهُ / طريدَ إملاقه وإنفاضه
يرجُو لديه غِنىً يحطُّ به / رِحاله عن ظُهورِ أنقاضِه
كُفِّي من الدمع يا مثبِّطتي / عن زمّ سامي التَليل نهّاضِه
قد يقعِد المرءَ طولُ رحلتِه / ويُصمتُ الرَّحل طولُ إنقاضه
كم تقنع النفس بالكفافِ وكم / تترك خوضَ الغِنَى لخُوَّاضه
لي هِمة لم يكن ليرويها / إلا من البحرِ بعضُ أحواضه
حان رحيلي إلى أبي حسنٍ / مُبرم إقليمه ونقّاضه
حكيمه المقتدى بحكمته / طبيبه المرتَجى لأمراضه
سائس تدبيره ورائِضه / كخير سُوَّاسه وروَّاضه
حُوَّلِهِ في الخطوب قُلَّبِهِ / حيّتِهِ في الدهاء نَضْنَاضه
صاحِبِ شورى الملوك مفْزعهم / إليه في الخطب عند إرْماضِهِ
إذا استشاروه جاءَ من كَثبٍ / بزُبدة الرأي دون مخَّاضه
تكلؤُهم منه في مضاجِعهم / عينا رُواع الفؤاد نبّاضه
يرعى عليهمْ أمورَ مملكةٍ / قامتْ بإخَلاله وإحماضه
يُلطفُ كيد العدى ويُغْمضُهُ / طَبّاً بإلطافه وإغماضه
لو فتكتْ مرّةً مكائِدُهُ / بالدهر أنستْه فتك برَّاضه
مكائدٌ لو رمى بها جبلاً / صارت جلامِيدُه كرضراضه
مِدره أهل الصلاة كم دُحِضتْ / للكفر من حجةٍ بإدحاضه
يُردي بِمِرْدى من الحِجاج له / دمّاغ رأس الضلالِ هضّاضه
حسبُ أخي جُنَّةٍ بكيَّته / وحسبُ ذي عُرّة بخضخاضه
يُثني عليه بذاك حاسده / على مُعاداته وإبغاضه
سابق مضمار كلّ مكرمةٍ / أعيتْ على راكضٍ وتركاضِه
يدرك ما تُوفض السعاةُ له / من المعالي بدون إيفاضه
أصبح كالكُلِّ من جلالته / وسائرُ الخلق مثلُ أبعاضِه
إن لم يعبهُ بذاك عائبُه / فما له عائبٌ ولا عاضه
لولا عليُّ العُلا ومِنّتُهُ / غادرني الدهرُ بعض أحراضه
أنهضني بعدما رزَحْتُ وكمْ / من رازحٍ ناهضٍ بإنهاضه
يا حاسدي لا خلوتَ من حسدٍ / حظكَ منه أليمُ إمضاضهِ
أعتبني الدهر بعد معتِبهِ / فغاضِبِ الدهر فيَّ أو راضِه
زرتُ ابن يحيى الذي يؤمِّلُه / كلُّ أجبِّ السَّنام مُنتاضِه
فردّني مُثرياً وفضفض لي / عيشي وقد كنتُ غيرَ فضفاضِه
ومهّدت مضجعي يداهُ فقد / لاءمَ جنبيّ بعد إقضاضه
وماصَ عِرضي فردّهُ يققاً / كالثوب أنقتهُ كفُّ رحّاضه
لمَا بدا لي بشيرُ غُرَّته / وراع دهري نذيرُ إنباضه
أقبلَ حظي عليَّ مبتسماً / من بعد تعبيسِهِ وإعراضه
وظل دهري له مُلاوِذَهُ / من خوف سهم الردى ومقراضه
لا تعدم الدهرَ يا أبا حسنٍ / جبرَ كسير الجناح منهاضِه
كفُلتَ هذا الأنام تُقرضُهُم / عُرفاً إلى الله شكرَ إقراضه
حتى كفلتَ الفِراخ كامنةً / في البيض قبل انقياض مُنقاضه
تكدحُ للناس كدحَ مجتهدٍ / ركّاب ظهرِ الدُؤوب ركّاضه
خَفَضْت فيهمْ جناح مَرحمةٍ / قد قَلَّ جدّاً عديد خُفّاضه
مواهبُ وهَّابٍ وقَى بعضُها بعضا
مواهبُ وهَّابٍ وقَى بعضُها بعضا / تُثيبك من مرزُوئها الأجر أو ترضى
ذكورٌ حباك اَللَهُ منهُم بعصبةٍ / فأعفى شبيه الكل واخْتَرمَ البعضا
طوى واحداً منهم وبقّى ثلاثةً / أعاركهُمْ مَن أَحسَنَ البسط والقبضا
وأعطاك ما تهواهُ من كل صالحٍ / وزادك طَولاً يملأ الطول والعرضا
ولا زلتَ في الأعمار خالفَ معشرٍ / وسابقهم في كلّ مكرمةٍ ركْضا
يعدُّك أهل الفضل أفضلهم حجىً / وأهونَهُم مالاً وأكرمهم عِرضا
تُنيل فتعتدُّ الثناء نوافلاً / تنفّلُها والفضل تبذُله فرْضا
ولا انفك ما تختاره وتحبُّه / يُطابقُه حتمُ القضاء الذي يُقضى
تعزّ عن الماضي وِإن هصرتْ به / يدُ الدهر غصناً من غصونِكم غضّا
وكن ماجداً لم يُغض عند هضيمةٍ / فلما أحبّ اللّه إغضاءَهُ أغضى
وعُدَّ الذي أضحى الزمانُ استردَّه / لدى الله كنزاً لا يضيّع أو قرضا
فإن الذي يُمضي الأمور مملَّكٌ / على جِلَّة الأملاك إمضاءُ ما أمضى
وقد بلتِ الدنيا المخابرَ منكمُ / فلم تبلُ إلا الصبر والكرمَ المحضا
وكنتُمْ بني وهبٍ حَيَانا ونورُنا / فكُونُوا سماءً وليكن غيركم أرضا
وإن كنت قد حرَّمتني وحرمْتَني / فأوسعتني منعاً وأوجعتني رفضا
لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ
لئن كنتُ في حفظي لما أنا مودعٌ / من الخيرِ والشرِّ انتحيتُ على عرضِي
فما عِبتني إلا بما ليس عائبي / وكم جاهلٍ يُزري على خُلُقٍ محضِ
وما الحقدُ إلا توأم الشكر في الفتى / وبعضُ السجايا ينتسبنَ إلى بعضِ
فحيثُ ترى حقداً على ذي إساءةٍ / فثمَّ ترى شُكراً على حَسنِ القرض
إذا الأرض أدّتْ ريع ما أنت زارع / من البذر فيها فهي ناهيك من أرض
ولا عيبَ أن تُجزَى القروضُ بمثلها / بل العيبُ أن تَدّان ديناً فلا تَقْضي
وخيرُ سجيات الرجال سجيّةٌ / توفِّيك ما تُسدي من القرض بالقرض
ولولا الحقودُ المستكنّاتُ لم يكن / لينقضَ وتراً آخر الدهر ذو نقض
أميِّزُ أخلاق الكرام فأصطفي / كرائمها والزبد يُنْزع بالمخضِ
وأتركُ أخلاقَ اللئام لأهلها / وأرفضها مذمومةً أيما رفض
وأُبقي على عِرضي من الطَّيخ إنه / إذا طيخت الأعراض لم تَنقَ بالرحض
وإني لبر بالأقارب واصلٌ / على حسدٍ في جُلِّهم وعلى بُغض
ولم أقطع الأدنى مخافةَ شينه / ومني سَماراً كان أو غيره رُضِّي
وإني لذو حلمٍ وجهلٍ وراءه / فمن كان مُختلاً رضيتُ له حمضي
ولولا عُرامٌ في الفتى فُلَّ حدُّهُ / ولولا ذُباحٌ في المهند لم يَمض