المجموع : 4
أخذتُ النهدَ من درعٍ دلاصِ
أخذتُ النهدَ من درعٍ دلاصِ / وكان الرّدفُ أثقلَ من رصاصِ
وحلَّت أنملي شعراً طويلاً / ففاحَ الطيبُ من تلك العقاص
وما زلنا على الديباجِ نلهو / ونحنُ على اعتنِاقٍ وامتِصاص
إلى أن ذابتِ الروحانِ شوقاً / وقد شابت من الليلِ النواصي
ولمّا أن دَرَى الخَبثاءُ قالوا / إلى الرحمنِ تُب يا شرَّ عاص
فقلتُ افرَنقِعوا عنِّي فإنّي / خليعٌ لا يُبالي بالخلاص
ملاكُ حراستي قد فرَّ مِني / وإبليسٌ يُعلِّمُني المعاصي
حياةُ الناسِ تقتيرٌ وحرصُ
حياةُ الناسِ تقتيرٌ وحرصُ / لعمرُ الحقِّ إن العيشَ نغصُ
فهذا مُتخمٌ شرَهاً وهذا / خميصُ البطنِ يهربُ منه قرص
بشربِ الخمرِ يهنأُ ذو يسارٍ / وبالماءِ الفقيرُ غدا يغص
خُلاصةُ عَيشِنا أكلٌ وشربٌ / وللجوعانِ والشبعانِ مَغص
ورزقُ الوحشِ والأطيارِ يأتي / بلا كدٍّ ورزقُ المرءِ قَنص
فلا كان الوجودُ لمثلِ هذا / وللأعراضِ والآدابِ رخص
فهل للخلقِ عدلٌ أو كمالٌ / وفي تكوينهِ ظلمٌ ونقص
وفي الوكرِ الرفيع يبيتُ نسرٌ / وفي النَّفقِ الوضيع يغيبُ درص
وما هذا الوجودُ سوى التِباسٍ / وهذا اللبسُ لا يجلوهُ محص
يهارشُ بعضنا بعضاً لشيءٍ / حقيرٍ والقبورُ بنا ترصُّ
وعندَ المهدِ تعزيةٌ ودمعٌ / وفوقَ اللحدِ تهنئةٌ ورقص
فقل ما أحقر الإنسانَ خَلقاً / وخُلقاً والوَرَى كَلَبٌ وحرص
ولولا الضعفُ لم يظفر قويٌّ / يُغذِّيهِ من الضعفاءِ مصٌّ
فأولُ ما يكونُ السيلُ قطرٌ / وأولُ ما تكونُ النارُ بصُّ
وقدرُ المرءِ عندَ ضياعِ مالٍ / كقيمةِ حاتمٍ إن ضاعَ فَصُّ
وما الحرمانُ إلا مِن حفاظٍ / على شرفٍ وأغنى الناسِ لصُّ
فكم كلبٍ ينامُ على الحَشايا / وكم أسدٍ له ربطٌ وقفص
فهذا الكونُ ظاهرُهُ صلاحٌ / وباطنهُ فسادٌ لا يُقَصُّ
فأشبه دميةً ظهرت رخاماً / لمن يَرنو إليها وهي جصُّ
فلا يخدَعكَ لينٌ أو جمالٌ / فإن اللطفَ والتجميلَ شِصُّ
أُحاولُ عزلةً لأعيشَ وَحدي / وكيفَ العيشُ والدنيا مقصُّ
حِماها دَونَهُ الأسَدُ الرهيصُ
حِماها دَونَهُ الأسَدُ الرهيصُ / ومثلي ليسَ يُقنِعهُ الرخيصُ
ونفسي شاقها خِدرٌ حصينٌ / كما قد شاقها مَعنى عويص
فلمَّا أعرَضت ومشَت رويداً / وقالت دُوننا رجلٌ حريص
رَدَدت يَدي ولم آخذ بثأرٍ / لمن في مصرَ قُدَّ لهُ قميص
يا ابن الوليدِ أفِق ويا ابنَ العاصِ
يا ابن الوليدِ أفِق ويا ابنَ العاصِ / هل فتكةٌ أو حيلةٌ لخلاصِ
الرومُ قد ملكوا الثغورَ وهيّأوا / أغوالَ فولاذٍ لشعبٍ عاص
سحقت قذائفُها القلوبَ ومزَّقت / تاجَ العروسِ ودرَّةَ الغوّاص
بَرَدى ودجلةُ والفراتُ مياهُنا / وكذلك الأردنُّ ثم العاصي
لكن بنو التاميزَ والسانَ ادَّعوا / حقّاً ونحنُ طرائدُ القنَّاص
واحسرةَ الغرباءِ في أوطانِهم / أن يُصبحوا كالطيرِ في الأقفاص
داءُ الشعوبِ تباغضٌ وتخاذلٌ / وشفاؤها بالحبِّ والإخلاص